اليزيدية
عقائد اليزيدية:
يعتقد اليزيديون أن الكون وجد من قوّتين متباينتين هما: قوة الخير وقوة الشر، نظير ما يعتقد به الزرادشتيون والمانويون من وجود إلهي متنافرين، هما: إله الخير _ ويسمونه هرمزد _ وإله الشر _ ويسمونه آهيرمان , الا ان اليزيديين يرون ان قوة الخير – وهي الله – تغلبت على قوة الشر – وهي الشيطان _ فطردته من سلطان الملكوت، ولهذا كانت عبادتهم للرحمن تختلف عن عبادتهم للشيطان اختلافا كبيرا. فهم يقولون إن الله الذي لا حد لجوده وكرمه لا يفعل بالخلائق شراً لأنه صالح ومحب للخير، أما الشيطان فهو منقاد بطبعه إلى عمل الشر، لانه مسبب الشر وموجده، وعليه فالفطنة تعضي على من يريد سعادة الحياة الدنيا أن يهمل عبادة الرحمن، ويسعى وراء ولاء الشيطان، وقد مثلوه على هيأة طير يشبه الطاووس، ذي منقار صغير، وسمّوه ((طاووس ملك((. وقد بلغ الخوف باليزيدية من الشيطان حداً جعلهم يتحاشون ذكر اسمه، ويتجنبون النطق بأية كلمة يكون فيها حرف من حروفه مثل كلمات: السرطان، والحيطان، والقبطان، والشط، والنط، والبط، ويعدون الاجنبي الذي ينطق بها آثماً يستحق القتل إذا مكنتهم الظروف من ذلك. أما من اضطر إلى ذلك غير باغٍ،
فان اليزيديين يغمضون أعينهم للدلالة على استنكارهم لوقوع هذا الحادث. كذلك هم يتحاشون النطق بلفظ ((لعن)) وما اشتق منها أو قاربها بالمبني لما فيها من معنى الاهانة والتحقير.
والواقع أن التعصب لإبليس لم يقتصر على هذا الفريق من البشر. فقد روى ابن أبي الحديد عبد الحميد المعتزلي المتوفى عام 655 هـ. (1257) في شرحه على نهج البلاغة:
((كان أبو الفتوح أحمد بن محمد الغزالي الواعظ، أخو أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الفقيه الشافعي قاصاً لطيفاً وواعظاً مفّوهاً وهو من خراسان من مدينة طوس، وقدم إلى بغداد ووعظ بها وسلك في وعظه مسلكا منكراً لأنه كان يتعصب لإبليس ويقول أنه سيد الموحدين، وقال يوماً على المنبر من لم يتعلم التوحيد من أبليس فهو زنديق أُمِرَ أن يسجد لغير سيده فأبى))
ولليزيدية اعتقاد خاص في الطوفان، لا يخلو من غرابة وطرافة. فهم يقولون أنه قد حصل طوفانان في العالم. كان أولهما من ((عين سفني)) قرية مشايخ
اليزيدية في قضاء الشيخان بلواء الموصل. وفيه سارت السفينة حتى وصلت فوق جبل سنجار، فاصطدمت بجحرٍ ناتيء، فانشقت، فخرجت من الحجر حية، وقالت لنوح: ((اشبعني من دم الانسان وأنا أنقذكم من الغرق)) فلما عاهدها على ذلك، كوّرت نفسها وسدت ثقب السفينة واستمرت في سيرها حتى استوت على جبل جودى، وكان ماكان. ولما كثر نسل الحية _ بعد الطوفان _ أخذها نوح وأحرقها بالنار وذّر رمادها في الهواء، فكانت منه البراغيث. أما الطوفان الثاني فهو الذي حدث بعد الطوفان الاول بمدة، وقد استهدف إغراق المعتدين على
اليزيدية من جميع الخلائق. فأبو
اليزيدية في الطوفان الاول هو نوح وحده، والناس من أولاد حام بن نوح. أما أبوهم في الطوفان الثاني فهو الملك الكريم ((ميوان)).
ويقولون إن الله جل شأنه أمر الشيخ عدي بن مسافر الاموي فانتقل من قرية ((بيت فار)) بجوار بعلبك من أرض الشام إلى الجبل النوراني ((لالش)) في الشيخان من أرض العراق، ليبشر بالديانة اليزيدية، ويهدي الناس إلى الايمان بها.
ويتناقل اليزيديون أسطورة غريبة عن ((المجّرة)) ويسمونها ((درب التبّان)) أو ((طريق الكبش)) خلاصتها أن رب العباد أولم ذات يوم وليمة كبرى في سمائه، دعا اليها الشيخ عدي بن مسافر ومريديه، فسارع هؤلاء على ظهور الجياد إلى تلبية هذه الدعوة، ولما لم يكن لدى الباري تعالى ما تأكله هذه الحيونات، أمر الشيخ عدي أحد مريديه فنزل إلى الارض، وأخذ من مزرعته مايكفيه من التبن لعلف الخيل، فلما عاد المريد إلى السماء، منفذاً أمر وليّه، تناثر التبن على الطريق، وبقى أثره إلى الآن وقد سمّوه درب التبّان أو طريق الكبش.
وهنالك اعتقادات أخرى أضربنا عن ذكرها صفحاً، لاسيما وان معظمها لا يصدقه عقل سليم
كتب اليزيدية:
يزعم اليزيديون أن لديهم كتابين مقدسين يدعون أحدهما ((كتاب الجلوة)) ويسمون الثاني: ((مصحف روش)) و ((روش)) كلمة كردية أو فارسية معناها: الشمس فيكون اسم هذا الكتاب: ((كتاب الشمس)) وفي كلا الكتابين من التلفيق والخبط والخلط ما فيهما.
لا يعرف على وجه التحقيق مصدر هذين الكتابين، ولا التاريخ الذي وضعا فيه، إلا أن اليزيديين يزعمون أن كتاب الجلوة موجود قبل كل الخلائق عند طاووس ملك)) كما هو مدون في ديباجة الكتاب نفسه، وأنه يتضمن خطاب الله لعباده، وما جاء عنه من وعدٍ ووعيد لهم، كما أنه يبحث عن تناسخ الارواح، وعن أن حيوانات البر، وطيور السماء، وأسماك البحر، كلها تحت ضبطه، وأن كنوز الارض ودفائنها كلها تحت أمره يتصرف بها تصرف المالك بملكه،
فينقلها من واحد إلى واحد ممن يريدهم هو. وأخيراً أنه يحث اليريديين على إكرام شخصه، وتقديس صورته، والمحافظة على سننه وشرائعه.
أما الكتاب الثاني ((مصحف روش)) فيبحث عن خلق السموات والارضين واختلاف الليل والنهار، وعن البحار والاشجار، والجبال والملائكة، وعن كيفية إرسال الشيخ عدي بن مسافر الاموي من ارض الشام إلى ارض العراق، وكيفية نزول طاووس ملك إلى الارض وإقامته ملوك اليزيدية. ويرى هذا الكتاب أيضاً ((أن رئيس آلهة
اليزيدية الذين نزلوا إلى الارض وشرعوا الشرائع في ضمن السبعة آلاف سنة هو طاووس ملك، وأن الجميع يخضعون لإله أعظم، واحد قهار، فاعل مختار، فتبدأ مراتب الآلهة بالإلهة الاعظم المسيطر على الآلهة، ورئيس رئيس الآلهة وهو طاووس ملك)) ثم يتدرجون إلى يزيد الذي يرونه إلهاً، وهو يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان الاموي دون شك.
ولعل أغرب ما يقرؤة القاريء في كتاب ((مصحف روش)) الاقصوصة التالية: ((ومن الطوفان إلى الآن سبعة آلاف سنة وبكل ألف سنة ينزل إله واحد من السبعة آلهة يضع لنا آيات وقوانين وشرائع ثم يصعد إلى مكانه. نزوله يصير عندنا لأن جميع المكانات المقدسة هي عندنا، وفي هذا الزمان نزل الله عندنا أكثر من الزمان الماضي، وثبت لنا الاولياء، وكان يكلمنا بلسان الكردي وانحنى على محمد بن الاسماعيليين، وكان عند محمد خادم اسمه معاوية فنظر الله إلى محمد أنه لا يسلك مستقيما أمامهة فأوجع رأسه، فقال محمد لمعاوية: تعال احلق رأسي لأنه كان يعرف يحلق، فأتى معاوية وحلقه بخفةٍ وصعوبةٍ حتى جرحه وأجرى منه دماً، فلما نظر معاوية ذلك لسَحَ الدم بلسانه خوفا لئلا يقع على الارض، فقال له محمد: ماذا صنعت يا معاوية؟ أجاب: لسحته بلساني خوفي لئلا يقع دمك على الأرض. فقال له محمد: أخطيت بذلك يا معاوية إنك ستجلب أمة واحدة وراك وتلقب لأمتي، فقال معاوية: الا أدخل العالم وأتزوج أبداً. فبعد زمان سلط الله على معاوية عقارب فلدغته ورش سمهم بوجه فجزموا
الأطباء أن يتزوج وإلا فيموت، فلما سمع ذلك رضى بالزواج فجاءوا له بامرأة عجوز عمرها ثمانون سنه لكي لا تحبل فعرفها، وفي الغد ظهرت ابنة خمسة وعشرين سنة، وذلك بقوة الإله الأكبر فحبلت وولدت إلهنا الذي يدعى يزيد، أما الامم الغريبة الذين ما يعرفون هذا يجدفون عليه فقد غلطوا بذلك وضلوا. أما عندنا نحن طائفة
اليزيدية لا تقبل ذلك لاننا نعرفه أن هو واحد من السعة الآلهة المذكورة، ونحن نعرف صورة شخصه وتمثاله، وهي صورة الديك الذي عندنا، ولا يجوز لأحد منا أن يلفظ اسمه أو يشابه اسمه كالشيطان وقيطان، وشر وشط ولا يشابه ذلك، ولا لفظة ملعون أو لعنة أو نعل وما يشابه ذلك جميعا حرام علينا أولا، ثم احتراما له، انتهى المقصود.
ولقد نشر البروفسور براون أول ترجمة لهذين الكتابين باللغة الانجليزية في سنة 1890م. ثم نشر غيره من المستشرقين، وغيرهم، نصوصاً وترجمات أخرى لهما في أوقات مختلفة، فحمل الخبط والخلط والاضطراب فيهما الاستاذ باجرد على القول: ((وأشك كل الشك في وجود كتاب مقدس لهم. وكيفما يكون فليس بين
اليزيدية من يفهم المقالات العربية المدونة، بل أن زعيمهم الديني يكاد لا يفقه حرفا هجائياً، ورئيس كتابه يقرأ ويكتب باللغة العامية فقط)).
تحباتي