المنتدى :
الخواطر والكلام العذب
لحن الحياة أين ذهبتي يا فتاة الكوخ ؟
نظر خيالي إلى تلك اللوحة الزيتية الجميلة المعلقة على حائط غرفتي ...
كانت لوحة ملئية بالحياة ، ومن رسمها روحه مقبلة على الحياة ،
وتبعث الحياة لمن أهلكهم العيش مع الجثث مثلما أهلكتني تلك الجثة ..!!
حيث مكثت سنوات مع جثة أنستني طعم الحياة ولونها ... أجبرتني على الموت وأنا لا زلت أتنفس ، أصبحت تمثالاً ولكني كنت أرى .. وأرى عمري يضيع و أنا لازلت واقف هناك ...
في غياهب الظلام الدامس ... يالك من عاطفي يا أنا ...!!
عموماُ لنبتعد عن تلك الصورة السوداء ، و نرجع للوحتنا الجميلة ، ولنغوص في خيال تلك اللوحة وقصتها ،
نعم قصتها التي أعادت لي الحياة من جديد ! تلك اللوحة رسمها أروع الراسمين كان أقدر من بيكاسو ...
نسج القصة وحكاية اللوحة يقول : كان هناك كوخ صغير ، وسط الغابة بل قريب من طرفها ، وكان بجانب الكوخ نهر صغير صافي ، أزرق اللون ماؤه ، والهدوء يعم المكان خلا بعض أصوات العصافير ، و كان الصبح مشرق ، وأشعة الشمس تخترق أغصان الأشجار وتغوص في أورقها لتضي المكان بنور لؤلؤي يريح الناظرين ، أما صاحب ذلك الكوخ فهو رجل يعيش فيه منذ فترة ليست بالقصيرة لوحده ، وذات بوم وهو يتجول حول مملكته الصغيرة ، وفجأة ... ! وجدها ... وجد فتاة ملقاة على النهر !! .. تلبك ... لم يعرف ماذا يفعل ؟ هل يحملها إلى الكوخ ؟ أم يتركها وشأنها ؟ خصوصاً و أنه تعود أن يكون وحيداً ّ!! .. وكان سعيداً في وحدته ، وإن كان ينتابه بعض الحزن أحياناًلكن سرعان مايتبدد حزنه لأن حياته ودنياه كانت هي كوخه الصغير ... ولكنه فكر ... ثم قرر ... إن تركها ... فإن الذئاب قد تأتي ... إذا أسدل الليل ظلامه ، فحملها .. ولم يشعر بثقل جسدها ، بل كانت أخف من زهرة برية ورائحتها زكية ، وكأنه لم يشم خزامى قبلها ! وتمنى لو طال الطريق ! ولكن قلقه جعله يسارع الخطى وعناد هواه وحكم عقله .. ونوجه إلى الكوخ و جاء بها لسريره فوضعها وهي مغمضة عيناها ، هل يترئها ماتت !! كلا بل كأنها تحلم ، وإن كام مغمى عليها ، جمالها يخفي التعب على وجهها !! ولا تكاد تصدق أن جسمها حملها لعبور تلك الصعاب في تلك الغابة .. فأخذ الرجل ينظر إلى وحهها ويتأمل تلك العينان المغمضتان ، وذلك النور الذي يشع في محياها ، وكانت حبات العرق على جبينها تتللى وتلمع و كأنها ماء الورد ، وختى تفيق جائها بالعسل البري و وضع الشهد في فيها فلما أنتهى لعق تلك الملعقة وكانت أحلى من مصفى عسله ...!!! وأخيراً فتحت عيناه ورمقته وتبسمت قليلاً وكأنه تريد شكره على صنيعه ، ثم عادت للنوم ، وسهر بجانبها إلى أن أخذته سنة فراح يغط في نومه قلما أفاق لم يجدها !! ، فخرج مسرعاً يترقبها لكنها أختفت دون رجعة ، فظل طول عمره يتحسر عليها ..!!! وعاش بقية عمره حزين على فراقها !! فليته لم يرأها !! فسعادة ساعة كلفته شقاء عمر ...!
فأين ذهبتي يا فتاة الكوخ ؟
|