قامت من مقعدها, نظرت إليه بعينيها الحانقتان, زفرت زفرة قوية, كادت تصهر بها وجهي, ومن ثم ألتفتت وحركت ساقها, لتخطو أول خطوة بعيداً عني, لكن هيهات... هيهات, كيف أجعلكِ تخرجين هكذا من حياتي, بعد أن حصلت عليكِ بعد جهد جهيد, لن أترككِ, سوف أتشبث بكِ, حتى آخر نفس في حياتي, مددت يدي, وطوقت بها معصمها, لتتوقف مجبرة عن المضي بعيداً عن ناظري المتعطش لرأياها, ألتفتت ناحيتي وعينيها تشتعلان ناراً, ووجهها أحمر كالدم, وزمجرت بي قائلة:منتدى ليلاس الثقافي
(( أبعد يدك عني ))
لم أعر لكلامها بالاً, فأنا كنت أسبح في قسمات وجهها الطفولي, عندما لم يردها شيء مني, سحبت يدها من قبضة يدي, وعادت تصرخ بي قائلة:
(( أنتها كل شيء, فلتتركني وحالي أكمل حياتي بدونك ))
كيف أترككِ تكملي حياتكِ بدون, في حين أن روحي متمسكة بكِ, و تأبى الرحيل عنكِ, كيف أجيبيني, كيف؟؟؟؟
عادت لتقول, لكن بصوت أقل حدت:
(( أسمع, لقد أفهمتك ومن أول يوم موقفي, أنا لم أخدعك, وأنت لم تعترض, لهذا أنا ذاهبة, وأنت أسرع في معاملة الطلاق, ولنوقف هذه المهزلة ))
نعم كعادتكِ, لا تكترثين بمشاعر من حولكِ, لا تستطيعين رؤية الألم الذي يعصف بقلوبهم, أنتِ حكمتِ, وأنتِ نفذتِ, أما أنا فما كان أمامي إلا الرضوخ لحكمكِ الجائر مجبراً, فهو الوسيلة الوحيدة لكي تصبحي ملكي, نعم ملكِ وحدي.
سحبة ورقة وقلماً من جيب قميص, ومن ثم بدأت أكتب بدمعي ما في قلبي النازف....
ما إن انتهيت من نزفي, حتى صوبة الورقة ناحية عينيها السوداويين الواسعتين اللتين غرقت في بحرهما منذ أول مرة رأيتها بها, و لا زلت, أخذت تقرأ ما في الورقة, زادت عينيها اتساعاً, ومن ثم لم تلبث إلا وقد طأطأت رأسها ناحية الأرض, ضلت هكذا لدقائق, و أنا على الجمر المتقد أنتظر ردت فعلها, فهذه أول مرة أتجرأ و أبح لها عما في قلبي.
طال صمتها, وطال عذابي معه, أرجوكِ تكلمي, قول ِ شيئاً يطفئ نار الانتظار التي تنهش بجسدي, أخيراً .... أخيراً رفعت رأسها, لتكشف عن شيء لم أره فيها من قبل, أنه الدمع, نعم دموعها الغالية تنسكب من عينيها الواسعتان, لتشوههما, و تفتك بقلبي الولهان,بسرعة البرق وضعت راحت يديه الاثنتان على خديها, فأنا لم أعد أقوى على رؤية دموعها الغالية على قلبي, تسيل من عينيها أكثر من ذلك, حاولت قدر المستطاع أن أوقف دمعها, لكن محاولاتِ باءت بالفشل, لكني لم استسلم ضللت أمسح وأمسح إلى أن استوقفتني شحنة كهربائية سرت في كلى يديه, كان مصدرها يديها الناعمتان اللتين لامستا يديه, لتشلان حركتهما, ويجعلاني عاجزاً عن التفكير, أخذت أحدق بها, وهي كذلك, تشابكت عينينا لأول مرة في حياتنا, هنا لا أعرف كيف أصف ما خالجن من مشاعر بالكلمات, فهذه المشاعر الدافئة لا توصف بكلمات قليلة , دام تحديقنا لبعضنا البعض لدقائق لذيذة على قلبي, أخيراً دبت الحياة في ذلك المكان, بعد سكون طال لدقائق, كانت هي التي تحركت, وأبعدت يدي عن وجهها, ونطقت قائلة بصوت به رعشة من الحزن:
(( لماذا ... لماذا تصعب المهمة عليه ؟ ... أرجوك أفهم... أفهم بأني لا أستطيع أن أعيش معك... ))
قاطعتها بحركة يديه....
هزت رأسها بلا على فورها ...وقالت:
(( كلا .. ليس لأنك أخرس وأنت تعلم ذلك جيداً... أنا لا أستطيع العيش معك... لأن...لأن....قلبي ليس ملكن لك.. أنه ملك لشخص آخر))
مـــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟؟؟؟؟؟؟!!!! شخص آخر .... شخص آخــــــــــــــــــــــــر .....!!!!! لو أنكِ قتلتني لكن خيراً لي من أن أسمع هذا الكلام....
(( أرجوك ... أرجوك لا تنظر إليه بهذه الطريقة ... فأنت تزيد من صعوبة الموقف عليه ... أرجوك ...))
و أنتِ... وأنتِ بكلامكِ هذا ... ألا تعذبيني ... تأخذي روحي مني ببطء .... آآآآآآآآآآآآآآآآه ....آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه وألف آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... كنت أأمل بأنكِ مع العشرة سوف تحبيني .... وبأن الكلام الذي قلته لي قبل الزواج ... سوف تنسينه مع مرور الوقت ....لكن ... لكن .... يا الله ...لا أعلم ماذا أقول ... أو ماذا أفعل ... فقلبي يؤلمني ... يؤلمني .... فهو ينزف حزناً بنفس السهم الذي أرداه قتيلاً بحبك ... ها هو يغرس من جديد ... ليرديه قتيلا بخيانتك ِ ...
أنهرت ... نعم أنهرت على أقرب كرسي ... فساقيه لم يعودان يقويان على حملي... لم يعودان يقويان ...
رفعت رأسي لبره ... لأجدها تتفوه بشيء ... لكني ... لكني لم أستوعبه ... لم أفهم ما الذي هي تقوله .... كأنها هي الأخرى لم تعد قادرة على الكلام.... أو أن العطب وصل أيضاً إلى مسمعي .....
كل هذا لا يهم... لا يهم ... المهم بأنكِ لا تحبيني ... وتحبي .... وتحبي .... آآآآآآآآآآه حتى أني لا أستطيع أن أقولها ... لا أستطيع ... لا أستطيع ....
أنزلت رأسي أرضاً ... فأنا لا أقوى على رأيتها أكثر من ذلك ...
شعرت بشيء ناعم يلامس ذقني... ويجبر رأسي على الارتفاع .... لأجدها هي واقفة أمامي مباشرة ....
باغتتني بقبلة طبعتها على جبيني.... أذابت كل حواسي.. و قالت و الدمع قد زاد انهماره من عينيها اللتين اكتستا باللون الأحمر:
(( سامحني أرجوك ))
وركضت ناحية الباب ... تاركة إياي أغرق ببطء في عالم الأحزان....
منتدى ليلاس الثقافي
تمـــــــــــــــت...