المنتدى :
الموضة والازياء
حملات الترويج للموضة .. تعدت كونها مجرد أعلانات لتصبح أفلاما سينمائية
حملات الترويج للموضة .. تعدت كونها مجرد أعلانات لتصبح أفلاما سينمائية
كانت الملكة ماري انطوانيت أول من أبرز أهمية الشهرة والنجومية في الترويج لأي منتج، فهي من فتحت أعين عالم الموضة على هذه الحقيقة، وهي أيضا من فتحت شهيتهم عليها. فماري انطوانيت التي يذكرها التاريخ، إلى جانب مصرعها المأساوي وحياتها الباذخة، كعاشقة للموضة وأيقونة من أيقوناتها، هي التي جعلت اسم روز بيرتان، الخياطة التي أبدعت لها مجموعة من فساتينها الرائعة، يدخل سجلات كتب الموضة ويخلده إلى يومنا هذا.
لهذا لم يكن صعبا على أي مصمم أو بيت من بيوت الأزياء أن يدرك هذه الحقيقة ويتعلم منها دروسا في الترويج والتسويق.
فوجوه المشاهير كانت ولا تزال عملة رابحة في بيع أي شيء وكل شيء، وما علينا إلا أن نتذكر علاقة هيبار غيفنشي بأودري هيبورن، وكريستيان ديور بغريس كيلي، ومادونا بجون بول جوتييه، وهلم جرا.
ومع الوقت زادت قيمة هذه العملة وارتفعت أسهمها، لكن قبل أن تُستهلك وتبدو محروقة، انتبهت بيوت الأزياء إلى أنه لا بد من حقنة فنية جديدة تعطيها بعدا جديدا أكثر جاذبية وذكاء، وربما أيضا أكثر احتراما لعقل المستهلك وقدرة على اختراق حواسه ومن ثم جيبه.
والعملية اعتمدت على حسبة بسيطة، وهي أنه بما أن جانب الدعايات والإعلانات، مثله مثل الموضة، يخضع للتغيير الموسمي الذي تفرضه إيقاعات الحياة، فإن الاعتماد على وجه نجمة لوحدها لم يعد يكفي، مهما كانت شهرتها ونجاحها، بل أصبح يلزمها أيضا مخرج معروف وحبكة مثيرة حتى يكتسب المنتج أهمية أكبر ويثير انتباه الرجل ويحرك وجدان المرأة على حد سواء.
فالمتابع للحملات الترويجية التي تطلقها بيوت الأزياء العالمية منذ فترة، لا بد أن يلاحظ أنها تعدت الصور في المجلات أو الدعايات التلفزيونية البسيطة التي تستغرق بضع ثوان أو دقيقة، إلى ما يشبه الأشرطة السينمائية، التي تتوفر فيها كل العناصر المهمة، بدءا من الإخراج والحبكة والتشويق والإثارة إلى الأبطال ومسرح الأحداث.
فقد رأينا تعاون دار «تودز» الإيطالية مع النجمة جوينيث بالترو والمخرج المعروف دينيس هوبر في فيلم قصير بطلته حقيبة «باشمي»، ودار شانيل مع النجمة نيكول كيدمان والمخرج باز لوهرمان للترويج لعطرها الذي لا يحتاج إلى ترويج «شانيل نمبر 5».
وها هي دار «كريستيان ديور» بدورها تقدم، وفي إطار هيتشكوكي محض، فيلما قصيرا بطلته «ليدي دي» وهي حقيبة يد كلاسيكية اشتهرت على يد الأميرة الراحلة ديانا منذ أكثر من عقد من الزمن، وتسجل عودة قوية هذا الموسم بعد أن نفحها المصمم جون جاليانو بلمسات عصرية خفيفة ورائعة.
أما البطلة الثانية إن صح القول، بعد الحقيبة، فهي ماريون كوتيار، الممثلة الحائزة على جائزة الأوسكار عن دورها في فيلم أسطورة الأغنية الفرنسية، إديث بياف، والتي تجسد هنا دور امرأة تحمل حقيبة «ليدي دي» في فيلم قصير بعنوان «قضية الليدي دي» يستغرق ست دقائق ونصف الدقيقة من إخراج أوليفييه داهان، مخرج فيلم «لافي أون روز» (الحياة بالوردي) .
وتجدر الإشارة إلى أن الفيلم لفتة جميلة للمؤسس، كريستيان ديور الذي سبق له التعاون مع المخرج ألفريد هيتشكوك في الستينات في فيلم «ستايج فرايت» STAGE FRIGHT، ومنه أخذ أوليفييه داهان، عناصر التشويق والإثارة في فيلمه الحالي.
تجسد كوتيار في الفيلم دور امرأة أنيقة للغاية، تلبس أزياء بتوقيع دار كريستيان ديور من رأسها إلى أخمص قدميها، لكن حقيبتها هي التي تثير الأنظار وأيضا الشكوك حولها.
فالكل يريد أن يعرف ماذا تحتويه وما بداخلها، لتجد البطلة نفسها وسط تحقيقٍ وعملية خطف وعصابة ومكالمات هاتفية مبهمة، طبعا تستخدم كوتيار فيها هاتف ديور الجديد، ثم متابعة تقودها الشرطة، وتنقلها من شوارع باريس إلى أعالي برج إيفل.
يتكون الفيلم من أربعة أجزاء، أو بالأحرى، قصص قصيرة، تظهر فيها كوتيار في كل مرة في مدينة مختلفة. المحطة الأولى هي باريس التي تظهر فيها كوتيار، بجاكيت مفصل وفستان ناعم من تحتها وحذاء بكعب عالٍ وفني، وهي تجري في شوارعها، تتلفت يمنة ويسارا، حاملة في كل الأوقات حقيبتها السوداء، ولسان حالها يقول إنها ستفديها بروحها.
ولأن الفيلم «هيتشكوكي» الروح فإن النهاية تبقى مشرَعةً أمام المشاهد ولا تشفي الغليل بقدر ما تفتح أبواب التكهن والتأويلات والأهم من هذا الرغبة في الحصول على حقيبة «ليدي دي» وهذه هي الفكرة من الفيلم أساسا.
الفيلم تم بثه على مواقع الإنترنت في العشرين من هذا الشهر، وستليه قصة أخرى بعنوان «قضية الليدي روج» ستبث في نهاية العام، بينما لم يرس الاختيار على عنواني القصتين الأخيرتين اللتين ينتظر طرحهما في 2010.
|