المنتدى :
طب الاعشاب واسرارها
فوضي العلاج بالأعشاب ..الأسرار.. الأسباب ..الحلول
في السنوات الماضية - ولأسباب قد يبدو بعضها موضوعيا ً إلا أن التعاطي معها غير موضوعي – اهتمت وسائل الإعلام العربية الرسمية بقضية التداوي بالطب البديل والتكميلي والعلاج بالقراّن الكريم والأعشاب الطبية إلي أخر تلك القائمة التي بالفعل تحولت إلي ظاهرة ملفتة للنظر ، لكن السؤال الملح بالفعل هو لماذا أخذت تلك القضية هذا المنحي في بلادنا ؟؟؟ ، في حين أن كل دول العالم تقريبا تتعامل مع الأعشاب الطبية دون حدوث تلك المشاكل ، أتكلم هنا عن كل الدول سواء الأكثر غنيً وتقدماً كألمانيا أكثر دول العالم استهلاكاً للأعشاب الطبية في العالم ، كما الولايات المتحدة كما اليابان ، كما فرنسا وانجلترا الخ ، أيضا في الدول الفقيرة الهند , البرازيل , جنوب إفريقيا الخ ، ففي جميع هذه الدول – كما عندنا بالضبط – الأعشاب الطبية ثقافة إنسانية ، مثلها مثل العادات والتقاليد ولا أبالغ إن قلت مثلها مثل الدين
الأعشاب الطبية ثقافة إنسانية فلماذا عندنا ليست كذلك ؟؟؟
كما في كل مناحي حياتنا تقريبا يقوم التعصب بدوره علي أكمل وجه ، طفت القضية علي السطح ولأسباب سأفصلها بعد قليل ، فانقسمنا إلي جمهورين كبيرين ، جمهور لم يكتف بمهاجمة العلاج بالأعشاب والسلبيات التي نجمت عن ممارسات غير مسئولة لبعض المتعاملين في هذا المجال ، بل التزموا بمهاجمة الأعشاب الطبية ذاتها !!! متجاهلا ما للأعشاب الطبية من تاريخ إنساني عظيم في كل المراجع الطبية ، بينما فعل الطرف الأخر الخطأ نفسه وهاجم الطب التقليدي متجاهلا الانجازات الملموسة التي لا يمكن سوي لجاهل نكرانها ، وكما لفق الجمهور الأول بعض التهم للأعشاب الطبية ، لفق الطرف الآخر تهماً للطب التقليدي بداية من أخطاء الجراحين مروراً بشركات الأدوية وفوضي المستشفيات والمشافي الحكومية ..
الأسباب الجوهرية .. بهدوء دعونا نفهم
قد يفاجأ بالبعض حين أقول أن هناك أسباب العلاقة لها بالطب من قريب أو بعيد في القضية ، الفساد علي سبيل المثال له دور كبير ، السياسة أيضا ، بل والأيدلوجي ، كيف ذلك ؟؟
.. في دولة عربية كما في كل دول العالم هناك صناعة قوية هي صناعة الدواجن ، هذه الصناعة هي من أهم دعائم الاقتصاد القومي ، ولكن يظل الفساد وأوكاره متربصين بكل نجاح ، دافعهم الطمع والجشع ، فيلجأ هؤلاء إلي الغش في تغذية الدواجن علي هرمونات جنسية معينة لتسريع نمو الدجاجة ومن ثم سرعة جني الأرباح ، ولعلك لن تستغرب إن قلت لك بأن أكثر مستهلكي حبوب منع الحمل في تلك الدولة ليست النساء وإنما تلك الفئة الغشاشة ، التي علي قلتها تسيء إلي صناعة عظيمة هي صناعة الدواجن ..
ويبقي السؤال هل كل من يعملون في صناعة الدواجن يفعلون ذلك ؟؟؟ ، بالطبع لا . . ولا نصفهم ؟؟ .. ولا نصفهم ؟؟ .. ولا ربعهم ؟؟.. هي فئة فاسدة قليلة ، وأقل من القليلة تسيء إلي تلك الصناعة ، تماما كما يسيء الأدعياء والجالون والقصابون الذين يملأ ون الفضائيات العربية صراخاً إلي قيمة عظيمة في حياتنا هي قيمة الأعشاب الطبية ، هؤلاء الفاسدون الذين يبحثون عن أي مجال للربح سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة هم من يسيئون بجلهم عن الأعشاب وطمعهم في الكسب غير المشروع إلي الأعشاب الطبية تلك الثقافة العظيمة التي أضع نفسي كواحد من عشاقها ، هؤلاء العشاق الذين منهم قامات عالية مثل الدكتور جابر القحطاني ، والمرحوم الدكتور أمين رويحة .. المدهش في الأمر أن تلك الفئة الضالة - وبغباء يمكن لطفل اكتشافه – يفضحهم جهلهم ، وشعاراتهم المضحكة ( علاج قاطع لمرض السكر الوراثي !!!!!! العسل الجبلي لعلاج مرضي السكري !!!!! الخ تلك الشعارات المضحكة التي وللأسف الشديد تجد آذان مصغية ) ..
الأيدلوجي ..حكاية أخري
لأن الطرح يفتقد أساساً لروح البحث عن حل كان الهجوم عشوائيا يفتقد إلي الحكمة ، كان المبرر علي الدوام هو الخوف علي الناس ، أودعنا نكون محددين ونقول احتكار الخوف علي الناس ، أي ناس هؤلاء ، لا أحد يعلم !!! ، هل هؤلاء الذين يتكدسون أمام المشافي والمصحات التي لا تستقبلهم وتتأفف من مجرد النظر إليهم وهم يحتشدون في انتظار ولو كلمة رحيمة تخفف عنهم ، أم هؤلاء الذين راحوا ضحايا العبوات الفاسدة ، أم هؤلاء الذين تحتفظ أجسادهم ببصمات أخطاء العمليات الجراحية ، أم هؤلاء الذين فقدوا أعضاء مهمة من أجسادهم لصالح مافيا تجارة الأعضاء ، أم هؤلاء الذين دفعوا ثمناً فادحاً لما سربته شركات الأدوية العملاقة إلي بلدانهم بعدما صادرت الرقابة الصارمة في تلك البلدان أطنان من هذا الدواء بعد اكتشاف خطورته ، وبدلا من إلقاءه في البحر رمت به إلي أسواق تلك البلدان !!!!!!
( الأعشاب سامة وخطرة !!! ) نفس الخطأ تقريبا الذي يرتكبه الكثيرون من المنادون بالعلاج بالأعشاب ، التعميم ..التعميم ، أحدهم كان يصف عشبة كذا لكذا وكذا لكذا ، دون أدني التفات لاختلاف طبيعة كل حالة عن الأخرى وأن مايصلح لسين أوص من الناس لا يصلح لغيره ، أيضا الذين يرفعون شعار الأعشاب سامة وخطرة يفعلون الأمر نفسه !!!! ، فليست كل الأعشاب سامة ، بل أن الحقيقة هي أن السمية ليست هي الفيصل في الحكم علي الدواء فهم يعرفون تماما أن الكثير من الأدوية المعروفة عالميا هي سموم ( الكولشيسين colchicin هو من أهم أدوية النقرس علي الإطلاق وهو في ذات الوقت من السموم الفتاكة والفيصل هنا هو الجرعة مع اعتبار أن هذا الدواء يستخرج من نبات عشبي معروف هو حافر المهر أو السورنجان ويعرفه العشابون باسم خميرة العرب – الكورتيزون أيضا هذا الساحر له مخاطر جمة علي الكلي ويعتبر سم لها .. والأمثلة لا حصر لها راجعوا الآثار الجانبية للأدوية ..
إذن افتقد الهجوم إلي الحكمة ، وبدلا من تصحيح الأوضاع والرد علي هلي هذه التصرفات الغير مسئولة للبعض
كان منطق "شمشون" ( عليّ وعلي أعدائي ) جاهزاً لينقلب جدران المعبد علي من فيها ويخسر الجميع ..
نئائج غير مبهرة .. توقعات أكثر إيلاما
سبق وأن قلت بأن الأعشاب الطبية هي في الأساس ثقافة إنسانية ، وما أؤكده هنا هو أن الشعوب لا يمكن أن تتخلي عن ثقافتها تحت أية ضغوط ، هل من الممكن أن نتخيل خلو المدن العربية من محلات العطارة مثلاً !!!!!! ، كيف سيكون المشهد ، لا أستطيع أن أجزم بما يمكن أن يكون هذا ولكن أحد السيناريوهات التي أرشحها هي أن يتمسك الناس أكثر بالأعشاب وتتحول إلي سوق أكثر بريقا وأسرع للثراء الفاحش كسوق سوداء غير شرعية فما الحل إذن
الحل أبسط مما نتخيل
في أحد البرامج في التلفزيون الرسمي لدولة عربية تساءلت المذيعة المثقفة عن الطرق المشروعة التي من الممكن أن يسلكها شخص محترم يتعامل في الأعشاب الطبية مثلما يحدث في دول العالم الراقي ، وحدثته عن مصطلح متعارف في العالم كله هو ( herbalist ) أي المعالج بالأعشاب ، ففاجأها بقوله نحن أساساً لا نعترف بالأعشاب والعلاج بها !!! فاستطردت المذيعة وهل هناك أقسام مختصة في الكليات والجامعات فأجاب بالنفي ، وهنا مربط الفرس والبداية التي أعتبرها مفتاح الحل من وجهة نظري ، وهو حل يضمن للحكومات الإشراف الكامل والرعاية في الوقت ذاته ..
ويتلخص هذا الحل في أن تقوم المؤسسات الرسمية – كما يحدث في جميع أنحاء العالم – برعاية هؤلاء الراغبين في طريق شرعي للعلاج بالأعشاب وعمل دورات تثقيفية لهم هذا بالطبع عندما تتوفر لهم دراية عميقة وصلبة عن الأعشاب الطبية سواء عن طريق الخبرة المتوارثة كما في حالة العطارين أو العشابين أو عن طريق الدراسة ، وبذا تضمن تلك المؤسسات الرسمية الإشراف علي الموضوع برمته وفي ذات الوقت تستطيع تقنين الموضوع ومحاسبة من يخرج عن شرعيته ..
|