لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


518 - اغنية الفجر ـ سارة كريفن ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )

الملخص " إنك تخفين شيئا في أعماقك ,يا مارغريت " لو أن جيروم مونتكورت يدرك مدى خداعها ! فهو لايعلم شيئا .. حتى الاسم الذى ذكرته

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-09, 09:01 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Jded 518 - اغنية الفجر ـ سارة كريفن ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )

 

الملخص
" إنك تخفين شيئا في أعماقك ,يا مارغريت "


لو أن جيروم مونتكورت يدرك مدى خداعها ! فهو لايعلم


شيئا .. حتى الاسم الذى ذكرته له , لم يكن اسمها . منتدى ليلاس


ولكن ميغ وجدت ان ذلك الرجل الفرنسى الجذاب كانت له أسراره


هو أيضا .. ليس أقلها ماهية شعوره الحقيقى نحوها .





الفصل الأول
إنه حل مناسب تماما . يمكنك أن تذهبى لتأخذى مكانى . "
ولكن قول مارغوت ترانت المرح هذا , قوبل بصمت عميق . وتمتمت ميغ لانغترى : " دعينى أستوضح الأمر تماما . إنك تريدين منى أن أسافر إلى جنوب فرنسا , فى الشهر القادم , وأمكث مع خالتك فى قصرها , منتحلى شخصيتك " وسكتت وهي تلقى على أختها غير الشقيقة نظرة طويلة متأملة , لتتابع بعدها قائلة : " هل هذه هى العناصر الأساسية فى التمثيليلة ؟ "
سألتها مارغوت : " وما الخطأ فى هذا ؟ إن تلك العجوز تريد من يمكث معها لمدة أربع أسابيع لكى تتمكن مرافقتها المستعبدة تلك أن تأخذ فرصة ترتاح فيها , فما هى المشكلة فى ما لو ادعت فتاة بأنها مارغوت ترانت ؟ "
فردت عليها ميغ بسخرية بالغة : " ليس ثمة مشكلة طبعا . حتى عدم الشبه بيننا , ليس له أهمية على الإطلاق "
فهزت مارغوت كتفيها قائلة : " إننى شقراء ., وأنت سمراء . " وألقت نظرة استخفاف على شعر ميغ البني المسترسل البسيط الطراز , وهى تتابع : " وهذا يمكن تعديله بسهولة . أما بالنسبة للأشياء الأخرى , فهى عمياء تقريبا وهذا هو السبب فى حاجتها إلى مرافقة دائمة , فهى لن تتمكن من رؤيتك بوضوح ."
تمتمت ميغ : " هذه هى نهاية طموحى "
مالت مارغوت إلى الأمام قائلة بحدة : " هيا يا ميغ , يمكنك القيام بذلك بكل سهولة , ذلك أنه ليس ثمة وظيفة لك تقلقين بشأنها ما دامت المكتبة التى تعملين فيها ستقفل أبوابها فى نهاية الأسبوع . يجب ان تدركى هذا . "
قالت ميغ معترضة : " ولم لا ؟ إن البرلمان يمنح لاعضائه إجازة فى الصيف . من المؤكد أن ستيفن سيعطيك اجازة . "
اجابت مارغوت وقد ظهر على وجهها الجميل انفعال مفاجئ : " ربما سيفعل إذا أنا طلبت منه ذلك , ولكنه على وشك طلب أن يطلب الطلاق من زوجته , وأنا لا أريد أن أتركه فى هذا الوقت بالذات . "
تمتمت ميغ بجفاء : " لقد فهمت " ذلك أنه , مهما كان رأيها فى هذا العمل المقيت , فقد كانت أختها بسبيله منذ وجدت عملا كسكرتيرة عند ستيفن كيرتيس عضو البرلمان الشاب الذى كان مرشحا لرتبة وزارية فى الحكومة المقبلة .
قالت مارغوت باستياء : " ثم أنه ليس لديه الحق فى استدعائي بهذا الشكل المفاجئ , إننى لم أرها منذ كنت فى التاسعة من عمرى . "
قالت : " إننى أعجب لعدم سماعى بها حتى الآن . "
هزت مارغوت كتفيها قائلة : " إنها فى الواقع , عمة أبى , وكانت تحبه كثيرا . وقد أطلق علي اسمها . وهكذا , نحن الثلاثة , بنفس الاسم . أليس هذا شيئا جميلا ؟ "
أجابت ميغ وهى تهز رأسها : " هذا غريب , ولكنه خارج عن موضوعنا الآن , ألا يمكنك أن تكتبى إليها لتخبريها بعدم تمكنك من الذهاب إليها . " منتدى ليلاس
أجابت مارغوت بحدة : " كلا , إن هذا فى منتهى الغباء . ذلك أن ليس لها أولاد ولا أقرباء حسب ما أعرف . وإرث مثل قصر في لانغيدوك هو شئ لا يمكن الاستهانة به . وهكذا ترين أن من الضرورى أن أكون بجانبها " ونظرت إلى ميغ بابتسامة متوسلة وهى تستطرد : " أو تقومين أنت بذلك باسمى . "
عضت ميغ شفتيها قائلة : " لا سبيل إلى ذلك . لأننا لن نستطيع الافلات من سوء النتيجة , هذا عدا عن الاعتبارات الأخلاقية . "

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 15-04-09, 09:02 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

أجابتها مارغوت : " ليس ثمة ضرر فى ذلك . الأمر هو أن مارغوت ترانت قد استدعيت . ومن المفروض أن هذه ستصل فى الوقت المعين . وأنت مناسبة , أكثر منى للعناية بعجوز كئيبة . اجعليها راضية لأجلى , وسأكون شاكرة لك إلى الأبد . "
قالت ميغ وهى تدفع شعرها إلى الخلف : " أهذا إذن , هو الحافز الذى يدفعنى للقبول ؟ إنك حقا , عديمة التفكير يا مارغوت . وعليك أن تقومى بعملك القذر هذا بنفسك ."
قالت مارغوت وهى تنظر إلى أظافرها : " هل أنت ذاهبة ؟ كنت أظن أن المكتبة تقفل أبوابها يوم الأربعاء . "
أجابت ميغ : " هذا صحيح . وأنا أمضى هذا النهار مع مربيتي تيرتر كالعادة ."
قالت مارغوت : " طبعا فى كوخها الجميل , أم على أن أقول كوخنا ؟ "
ضاقت عينا ميغ لتقول بعد برهة : " إن كوخ بريدونس هو لإقامة المربية طوال حياتها . لقد أوضح أبى ذلك بعد موته . "
قالت مارغوت : " نعم , ولكنه لم يقرر ذلك كتابة , يا حبيبتى , وليس هناك وثيقة قانونية بذلك . ومنذ أيام قامت أمى بزيارة خاطفة إليه . ذلك أن أصدقاءها , آل نيستور , يبحثون عن مكان يمضون فيه عطلة نهاية الأسبوع . ويبدو أن هذا المكان ملائم جدا ."
حدقت ميغ فيها قائلة : " إنك , طبعا , غير جادة بذلك . إن المربية مولعة جدا بالكوخ ."
أجابت مارغوت بجفاء : " طبعا لابد أنها كذلك , فهو مكان مرغوب جدا ."
قالت ميغ : " ولكن , ليس ثمة مكان آخر لتذهب إليه ."
فأجابت مارغوت والحقد يكسو ملامحها : " هنالك ملجأ العجزة . إن لأمى أصدقاء في جمعية الخدمات الاجتماعية وأنا واثقة من أنهم سيساعدونها فى ذلك ."
ارتجفت ميغ وهى تتنفس بصعوبة قائلة : " إن هذا سيقتلها , والإقامة فى ملجأ يرعبها . وهى بإمكانها أن تخدم نفسها بنفسها ."
قالت مارغوت ببرود : " إن الأمر , فى هذا , بيدك أنت , ذلك أنه إذا قبلت بالذهاب إلى لانغيدوك فسأقنع أمى بأن طرد المربية من الكوخ سيكون خيانة لذكرى أبيك ."
سألتها ميغ بخيبة أمل : " وهل هذا يغير من الأمر شيئا ؟ "
أجابت مارغوت : " بالطبع , فقد كانت مولعة بأبيك جدا , رغم أنها لم تكن تحب المربية وطريقتها فى السيطرة , هذا إلى جانب أن كلمتى الآن مسموعة عندها , فأنا أوجهها أينما وكيفما شئت , ذلك لأنها مستميتة كي يكون لها صهر فى البرلمان ."
فكرت ميغ عابسة , إن معنى هذا أن تذهب زوجته كيرين وأولاده إلى الجحيم .
تابعت مارغوت بدهاء : " حتى ان فى استطاعتى أن اجعلها تكتب شيئا باسم المربية , هذا إذا ذهبت أنت للمكوث مع خالتى لمدة شهر . إننى بحاجة إلى معونتك , يا ميغ , إذ على أن أبقى هنا لكى استمر بالضغط على ستيفن ."
قالت ميغ ببرود : " إن قمت أنا بهذا الأمر , فلأجل المربية وليس لأساعدك فى الحصول على هذا الرجل المتزوج ."
تمطت مارغوت بسرور وهى تقول : " دعى عنك هذا الغرور . فأنت ستذهبين إلى فرنسا لمدة شهر كامل وكل التكاليف مدفوعة . ماذا تريدين غير ذلك ؟ " وابتسمت راضية وهي تتابع : " كذلك سأعيرك سيارتي لكي تذهبي بها إلى فرنسا . وعليك أن تبدأى بالتمرين على القيادة منذ الآن ."
أطبقت ميغ أسنانها بشدة وهى تقول : " إننى لم أقل بعد إننى سأذهب ."
فارتسمت على شفتى مارغوت ابتسامة الثعلب وهى تقول : " ولكنك ستذهبين , وإلا فإن المربية العجوز المسكينة ستصبح دون مأوى, فالخيار فى ذلك يعود إليك ."

وبعد ذلك بأسبوعين . كانت ميغ فى طريقها مرغمة إلى جنوب فرنسا .
لم تكن تريد أن ترضخ لهذا , ولكن نظرة منها إلى مربيتها وهى تجول فى أنحاء الكوخ سعيدة نشيطة , غافلة عما ينتظرها من أصدقاء السيدة لانغتري , جعلتها تغير رأيها .
والسيدة ايريس لانغتري , نفسها ., لم تكن مسرورة بهذه المساومة , ولكنها قبلت بالأمر مرغمة , هى الأخرى .
وتنهدت وهى تقول : " إن مارغوت تستحق السعادة . كما أن ستيفن هو رجل رائع بينما زوجته امرأة لا تعرف سوى الخدمة في بيتها . انه بحاجة إلى امرأة تقف بجانبه وتدفعه إلى الأمام فى مهنته السياسية هذه ."
وفكرت ميغ متهكمة فى أنه لا عجب إذا كانت البلاد فى مثل هذا التدهور , إذا كانت نظرة ستيفن إلى مارغوت تحوى هذا الرجاء . أما بالنسبة لأعمال البيت , فليس ثمة من يمكنه القول إنها تصلح لشئ ماعدا غلى الماء على الأرجح .
تلقت من ايريس لانغترى بعض الملابس الجديدة التى أصرت هذه على دفع ثمنها قائلة تسكتها عن الاحتجاج :
" من المفروض أنك بمثابة ابنتى ولهذا , فلا يمكنك أن تسافري بمثل هذه الملابس ."
كذلك كان لون شعرها الجديد ناجحا بشكل غير متوقع , فقد أصبح أشقر داكنا . ولم تجد الوقت لكي تبكي على عملها فى المكتبة والذى زاولته طيلة الثمانية عشر شهرا الماضية , بعد تقاعد صاحب المكتبة . أو تقلق , أثناء انتظارها أن تمر هذه المغامرة الفرنسية بسلام , ذلك أن مشكلاتها الحالية تكفيها .
ودهشت وهى ترى مخدومها , السيد أوتواي يؤمي برأسه وهي تخبره بوجهة سفرها , راضيا وهويقول : " آه , لانغيدوك أرض إانى التبروبادو الشاعرية , والكاثار ."
سألته ميغ : " وما الكاثار ؟ "
فأجاب : " إنها طائفة دينية باقية من العصور الوسطي , وهي تعتقد أن الحياة بأجمعها آثمة , ولابد من الاستمرار في البحث عن النور . إن كل مقاطعات اللانغيدوك كانت غنية ومستقلة عن ملك فرنسا الذى كان يكره رايموند أوف تولرز أكبر أسياد الجنوب ويحسده على ثرائه وجمال وحضارة حياته فى الجنوب , فكان أن فكر فى اتخاذ الكاثار ذريعة لغزوه ومحاربته وسلبه أملاكه . ولكنك ستعشقين تلك المنطقة . فهى بلاد شاعرية مليئة بالمتناقضات , فترين فيها الضحكات السعيدة الدافئة إلى جانب الدموع . الحب الصادق إلى جانب الكراهية والحقد الذى لا يعرف التسامح . الشمس اللاهبة والعواصف الثائرة عندما تفلت الطبيعة من عقالها ."
وابتسم بخبث وهو يرى الخوف يكسو ملامح ميغ واستطرد بعنف : " ربما فى إمكان كل هذا أن ينفض عنك قليلا هذا الجمود الذى يحيط حياتك رغم صغر سنك ."
قالت باحتجاج : " ولكننى سعيدة بذلك ."
قال : " كلا , إنك راضية فقط .. وهذا شئ مختلف تماما . ولكننى متأكد , يا طفلتى , من أنك لن تكونى نفس الفتاة عند عودتك من لانغيدوك ." وأطلق ضحكة جافة وهو يتابع : " كلا , ليس نفس الفتاة مطلقا . " وربت على كتفها : " إننى أتنبأ بأنك لن تعودى إلى مجرد قناعتك تلك فى حياتك . وستتمتعين بدفء الجنوب كاملا ."

ولكن ذلك الحر اللاهب , والعرق الذى كان ينضح به جلد ميغ فى زحمة السير خارج قطار تولوز , لم يكن لينطبق عليه كلمة , دفء , التى وصف بها مخدومها ذاك , هذه المنطقة الجنوبية , فقد كانت السيارة التى أستاجرتها , أشبه بالفرن بينما كانت ما تزال فى مستهل رحلتها إلى هاوت أرينياك , فقد وصلت إلى فرنسا مبكرة يومين عن موعدها , وذلك لكى تمضى بعض الوقت فى التفرج قبل أن تستقربين آل دي بريسو كمرافقة للسيدة .
كذلك , كانت هذه الفترة تساعدها على تمرين لغتها الفرنسية . فقد كانت متفوقة فى هذه اللغة بين تلميذات صفها فى المدرسة . كما كانت تحضر دروسا ليلية للتقدم بها .ولكن لم يكن أمامها فرصة لاختبار مهارتها فى تلك اللغة , فى قصر هاوت أرينياك , حيث أن السيدة مارغريت دي بريسو قد أبغت أثناء المراسلة , أن مارغوت لا تتكلم الفرنسية . وعندما احتجت ميغ على هذا القرار التعسفى بالإدعاء بأنها لا تحسن الفرنسية . قالت لها مارغوت ببساطة : " هذا شئ سيفيدك تماما إذ بإمكانك الادعاء بعدم الفهم إزاء أى سؤال لايعجبك ."
فقالت ميغ بمرارة : " لا أريد الإدعاء بأى شئ ." فقد كانت تشعر بالذنب إلى درجة بالغة إزاء هذه اللعبة التي تقوم بها . ذلك أنها فى سبيلها إلى خداع امرأة مسنة شبه عمياء , وذلك لكي تساعد أختها فى العمل على هدم زواج حبيبها , وبالتالى تشريد امرأة غافلة بريئة مع أولادها .
حتى ادراكها بأن هذا العمل سيعود بالفائدة على المربية إذ ستمتلك الكوخ , هذا الادراك لم يبعث العزاء فى نفسها أو يقلل من مبلغ الخسة التى تتنابها في عملها ذاك .
كانت هذه الافكار تراودها وهي تنقر بأصبعها على عجلة القيادة فى انتظار الضوء الأخضر الذى لم يلبث أن ظهر لتتابع سيرها . كانت تتقدم بحذر بالغ أولا , لكى تعود نفسها على قوانين السير فى هذا البلد الغريب . وثانيا لكي تتعود على قيادة هذه السيارة التى وضعت تحت تصرفها .
ولكنها سرعان ما أدركت أنها تسير فى طرقات جيدة اقل ازدحاما مما اعتادته فى انكلترا , ليبعث هذا فى نفسها الشعور بالارتياح .
كانت السماء زرقاء صافية , ولكنها , وهي تسير نحو الشرق , لم تليث أن لمحت فى الأفق البعيد سحبا تتركام بصورة تنذر بالخطر . وفى الوقت الذى توقفت فيه لتبتاع طعاما للغداء , كانت تلك السحب قد حجبت السماء . وألقت نظرة قلقة على الجو المدلهم , وهى تقفل راجعة إلى سيارتها تحمل بعض السندويتشات وزجاجتى مياه معدنية .
كانت قد صممت على أن تقوم بنزهة فى بقعة هادئة , واختارت , لذلك طريقا بعيدا عن الشوارع العامة لتتمكن من قيادة السيارة على مهل ولكى تتعرف إلى فرنسا الحقيقية .
وبدا لها الآن , وكأنها على وشك أن تتعرف إلى جو فرنسا الحقيقى أيضا . إذ أنه , مع أن الحرارة كانت ماتزال مرتفعة , فقد كانت السحب تنذر بجو عاصف , ولكن , ما أن ابتدأت قطرات المطر تصفع زجاج السيارة الأمامى , حتى تخلت , مكرهة , عن قرارها فى تناول طعامها فى الهواء الطلق , لتركز اهتمامها على إيجاد مكان تمضى فيه ليلتها .
وقد التقت فى آخر مدينة مرت بها , بفتاة رقيقة الشعور أرشدتها إلى فندق صغير يدعى الأوبيرج يقوم فى نهاية طريق جورج دي بيرون مشيرة إليه بعلامة على الخارطة التى كانت ميغ تحملها .
وجدت نفسها تسير فى طريق متعرج تحف به صخور شاهقة . وما لبث أن الطريق أن أصبح فى محاذاة نهر غير عميق يتدفق فوق الحصى , لتعرف أنها قد وصلت الآن إلى الطريق المقصود الذى يقع الفندق فى نهايته .

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 15-04-09, 09:04 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وعندما اشتد هطول المطر . فكرت فزعة بأن خير البر عاجله , فقد ابتدأ الرعد والبرق الآن فى التناوب , وأطلقت ميغ بعض الشتائم وهى تدير المساحة على الزجاج أمامها والتى لم تجد لها فائدة ملموسة أمام تدفق المطر الذى كانت الريح تصفع به الزجاج , مما جعلها لا تجرؤ على متابعة القيادة فى ذلك الطريق غير المستقيم . وهكذا , اتجهت بالسيارة إلى الجانب الصخرى من الطريق حيث أوقفتها هناك محتمية به .
من ذا الذى كان يتوقع مثل هذا التغير السريع فى الجو . مع أن السيد أوتواي كان قد حذرها من تقلبات الجو السريعة هذه , منبها إياها إلى أن أفضل ما فى إمكانها أن تفعله فى هذه الحال , هو البقاء فى السيارة بدلا من تعريض نفسها إلى صاعقة البرق .
وشعرت فجأة بالبرد , فتناولت سترتها من المقعد الخلفى تشدها على كتفيها . وألقت نظرة على النهر شعرت معها بقشعريرة باردة . كانت حرارة الجو فى انخفاض مطرد . وكانت مياه النهر فى ارتفاع حتى أصبحت متدفقة على ضفتيه .
شعرت . بشئ من الفزع , وبأن هذا المكان غير مناسب للوقوف . ولكن , لابد لها من البقاء حيث هى إلى أن يخف هطول الأمطار على الأقل . ذلك أن العاصفة قد أصبحت الآن فوقها تماما . كما كان الرعد والبرق متزامنين معها تقريبا .
وشعرت ميغ وكانها تحدق فى جدار من الماء . ربما كان من الأفضل لها لو أنها وصلت فى نفس يوم الموعد , فتجد من يستقبلها فى المطار كما كانت السيدة دي بريسو قد اقترحت . إذ أن هذا هو الطريق السوي الذى اعتادت هى أن تتبعه أكثر حياتها .
خاطبت نفسها قائلة , لماذا أنت ضجرة إلى هذا الحد , وأين روح المغامرة فيك ؟ وتأرجحت السيارة فجأة أثر زوبعة مفاجئة , وارتجفت ميغ بالرغم عنها , لتصرخ رعبا وهي ترى الباب إلى جانبها يفتح بعنف لتمتلئ السيارة بالهواء البارد الرطب .
وظنت للوهلة الأولى , بأن هذا من فعل العاصفة لترى شبحا قاتما متدثرا بمعطف فضفاض , يقف بالباب يحدق فيها ., فانكمشت فى مقعدها , وهمت بالصراخ مرة أخرى لولا أن الرعب قد أخفى صوتها
وجاءها صوته يقول بهدوء يخفى انفعالا حادا : " لعلك مجنونة تماما . هل تريدين أن تموتى ؟ هيا ابتعدى بهذه السيارة الآن , فى هذه اللحظة ."
لم يكن هذا الذى يتكلم , شبحا صورته لها العاصفة , ولكنه كان رجلا غاضبا . وقد تكلم بالفرنسية واجأبته هى بنفس اللقة بصورة آلية , وقد أخذ قلبها يخفق بمزيج من الراحة والحذر , وهى تقول : " وما الذى أعطاك الحق فى أن توجه إلى الأوامر ؟ "
فرد عليها بحدة : " إنه حق شخص يعرف هذه البلاد أكثر منك . ذلك أن الوقوف بالسيارة تحت هذه الصخور الشاهقة فى حالة طقس كهذا , ينطوى على خطر شديد أيتها الحمقاء الصغيرة . إذ إنه كثيرا ما تحدث انهيارات أرضية , وفى هذه الحال تدفنين أنت وسيارتك , هيا . تحركى بسرعة ."
ومهما كان مقدار الخشونة فى حديثه ذاك إليها , فانه كان يبدو منطقيا فى حديثه . ويعرف تماما ما يقول . وشعرت ميغ بشئ من الضيق , بأن من الأفضل لها أن تمتثل لنصيحته تلك
سألته ببرود : " وأين تقترح , إذن , أن أوقف السيارة ؟"
فرد عليها عابسا : " ثمة مكان أكثر أمانا على بعد مئتى متر ., فاتبعينى وسأريك إياه . هيا بسرعة "
واختفى بعد أن صفق الباب وراءه , وبعد لحظة رأت ميغ سيارة قاتمة تتجاوز سيارتها بمسافة قريبة . أدارت مفاتح المحرك , وقد انتابها الفزع , ولكن بدلا من أن يدور المحرك كالمعتاد . ساد صمت عميق ينذر بالسوء .

حاولت ميغ مرة ثانية وثالثة وقد أحست بالذعر ولكن المحرك بقى على عناده .
ومن جانبها جاءها صوت ذلك المتلفح بالمعطف يسألها :" ماذا حدث ؟ "
فقالت بالانكليزية بصوت منخفض تبدو الخشونة فى نبراته : " ما الذى تراه أمامك أيها الثرثار , إن محرك السيارة لا يدور ." واخذت تفتش فى ذاكرتها عن كلمات فرنسية أكثر رقة .
فقال : " إنك إذن انكليزية . كان يجب أن أتكهن بذلك ."
وبدت فى لهجته نبرة ازدراء , وتصلب جسد ميغ غيظا , إنه إذن . يعرف لغتين . وتوردت وجنتيها وهى تتذكر لهجتها الفظة التى تشبه لهجة تلميذات المدارس .
وسألها : " ماهى مشكلة السيارة الآن ؟ هل من عادتها أن تسبب لك مضايقات ؟ "
فأجابت بضجر : " لقد أستاجرتها هذا النهار فقط , ولكن , ها هو ذا المحرك يبدو كالميت . ربما دخلت المياه فى المحرك ."
تمت بكلمات لم تشأ ميغ ان تسمعها , ثم قال بلهجة آمرة : " أتركيها . إذن , هنا , وتعالى معى ."
قالت محتجة : " ولكننى لايمكننى أن أتركها هنا , فهى ليست ملكى , ثم اننى .." وترددت برهة , ثم تابعت تقول :"
إننى لا أعرف أنى نوع من أبناء آدم أنت ! "
قال بلهجة لاذعة : " حسنا , أمكثى هنا يا آنسة , فبقاؤك هنا فيه ما يخيف , أكثر مما لو قبلت ما أقدمه إليك من مساعدة . والآن , أخرجى من السيارة قبل أن يغرقنا المطر نحن الاثنين . "
أطاعته ميغ مكرهة وقد جفلت للمطر الذى بلل حذاءها وجوربها تماما . وكان الوصول إلى سيارته أشبه ما يكون بعبور نهر ضحل . لابد أن يبللها المطر تماما قبل أن تجتاز مسافة مترين فقط . وفكرت باكتئاب فى ما عسى أن تكون ردة الفعل عند السيدة دي بريسو فى ما لو وصلت مرافقتها الجديدة وهي مصابة بالتهاب رئوى .
وسمعت بجانبها آهة تدل على نفاد صبر , لترى نفسها وقد لفها معه بالمعطف الذى يرتديه , ليقودها بعد ذلك , وكأنه يحملها حملا إلى سيارته , وأفعمت أنفها رائحة عطره الأخاذة التى تفوح منه .
وعندما دغعها بخشونة إلى المقعد الأمامى فى سيارته , شهقت وهي تقول ساخرة : " شكرا ."
قال وهو يجلس إلى عجلة القيادة : " لنبتعد من هنا . فهذا المكان معروف بخطورته ."
وما إن أتم كلامه , حتى سمعت صوتا أشبه بأنة عميقة تبعتها ضجة غريبة . ادارت رأسها إلى الخلف تنظر إلى حيث كانت واقفة , لترى , غير مصدقة عينيها وقد تملكها الرعب , شجرة ساقطة من الأعالى وقد اجتثت من جذورها , لتستقر على سيارتها الرينو محدثة ضجة مفزعة سرعان ما تبعها سيل من التراب والحجارة إنهى على السيارة ليرتد بعدها قافزا إلى الطريق ممثلا نموذجا مصغرا لسلسلة من الانفجارات . ووصلت بعض تلك الأحجار إلى السيارة الثانية التى جلسا فيا مصعوقين دون حراك .
تبع ذلك صمت عميق حيث أن المطر قد توقف الآن وكأنه قد اكتفى تماما بما حدث .




الفصل الثانى
كان مرافق ميغ هو الذى اخترق هذا الصمت قائلا بهدوء وهو يهز كتفيه : " هكذا إذن
تنفست ميغ وهى تقول : " شكرا .... شكرا لك "
وكان الدمار فى سيارتها ينحصر أكثره فى ناحية السائق . فقد كان السقف المحطم قد التصق بالمقعد كما تهشمت الواجهة الزجاجية بفرع كبير من تلك الشجرة .
وفى ذلك المكان بالذات ، كانت هى منذ لحظة واحدة ، جالسة شاعرة بالأمان التام . ولو لم يأت هو ، فى تلك اللحظة ، ليرغمها على ترك مكانها ذاك ... ولم يستطع عقلها ، الذى أذهلته الصدمة ، متابعة التفكير فى ما كان سيحدث لو تمسكت بعنادها ولم تطعه فى ذلك ، وحاولت أن تتكلم .... أن تشكره بصورة صحيحة هذه المرة ، ولكن ، بدلا من ذلك ، وجدت نفسها تنخرط فى البكاء .
وهمهم هو بشئ ما ، بعدما جلس قربها ، راميا بالمعطف إلى المقعد الخلفى ، وهو يتناول زجاجة تحوى شرابا منعشا ، فتحها ثم قدمها إليها قائلا : " هاك اشربى هذا "
ثم تناول علبة المناديل الورقية يقدمها إليها ، لتتناول منها واحدة تغطى بها عينيها وهى تنشج قائلة : " سيارتى ، سيارتى ..."
حاول أن يهدأ من روعها ، فقال :" عندما أستأجرت السيارة ، أخذت بها بطاقة تأمين مما يخول لك أخذ بديل لها ، الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى حياتك "
قالت وهى تقاوم دموعها وقد ابتدأت تتمالك نفسها : " معك حق "
وعندما هدأت تماما ، واستطاعت أن تتكلم قالت : " إن كل أشيائى كانت فى صندوق السيارة . إننى أعرف أن من الحماقة أن أقول هذا ...."
فقال وهو يأخذ مفاتيح سيارتها من يدها المتهالكة :
" سأحضرها إليك
تعلقت بذراعه قائلة : " كلا ، لا تجازف .... دعها "
قال وقد تحولت لهجته إلى الرقة : " لا بأس ، أنظرى إلى صندوق السيارة فهو سالم تقريبا
قالت : " ولكن ربما يحدث انهيار آخر للأرض "
ذلك أن البرق والرعد كانا لا يزالان يتناوبان فى السماء فتهتز تلك الأنحاء . وتخيلت ميغ انهيارا صخريا آخر ينهال على هذا الرجل كما حدث بالسيارة .
ولأول مرة ، وجدت نفسها تحدق فيه للمرة الأولى ، فى الضوء المنبعث من السيارة . كانت تدرك أنه طويل وقد سبق وأخذت فكرة عن مبلغ قوته أثناء اندفاعها السريع ذاك من سيارتها. ولكنها ترى الآن أنه كان شابا فتيا فى بداية الثلاثينات من عمره ، رغم أنها لم تكن خبيرة بمثل هذا التقدير .
ورأت شعرا كثيفا أسود منظما ، ووجها نحيلا ذا خطوط حول الفم والأنف والذقن توحى بالقوة والكبرياء . هذا إلى عينين قاتمتين عميقتين تحت جفنين ثقيلين .
هز كتفيه مرة أخرى وهو يقول : " أظن أن الأسوء فى ما يمكن أن يحدث قد مر وانتهى "
وارتسمت على شفتيه ابتسامة جانبية وهو يتابع : " هذا إلى أننى أحمل طلاسم سحرية "
ربما كان هذا صحيحا . وجلست لا تجرؤ على النظر خلفها ، متوقعة بين لحظة وأخرى ، أن تسمع صرخة ألم .ولكن ، لم يكن هناك سوى اندفاع الماء إلى النهر المتدفق المتعاظم شيئا فشيئا . وفى ناحية قريبة ، تعالت زقزقة طير تعلن انتهاء العاصفة .
وتخيلت أنه غاب أكثر مما ينبغى ، فأدارت رأسها لتراه واقفا عند مؤخرة سيارتها الرينو وقد تصلب جسده وكأنه استحال إلى صخرة هو الآخر. وفكرت فى أنه ربما كان صندوق السيارة من التهشم بحيث لم يستطع فتحه ، ولكنها كانت مخطئة ، إذ أنه توجه إلى سيارته الستروان ، وقد حمل حقيبتى سفر فى كلتا يديه . لتسمع بعد ذلك صوت ارتطامهما وهو يضعهما فى صندوق سيارته .

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 15-04-09, 09:06 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وعندما عاد إليها ، بدا مقطبا حاجبيه مستغرقا فى التفكير . وانتابها شعور بأنه ربما كان غاضبا من شئ ما يحاول إخفاءه .
ربما أدرك الآن أن شهامته هذه شكلت عليه عبئا مؤقتا بالنسبة إلى مسافر غير مرغوب فيه ، على الأقل .
وانتابها الأسف ، فهى لم تكن تلومه لامتعاضه الذى أصبح من واجبها ، الآن ، التسرية عنه .
قالت بحذر : " لقد كنت معى فى منتهى الشهامة ، وأنا أكره أن أثقل عليك أكثر من هذا . ولكننى فى حاجة إلى أن أصل إلى فندق الأوبرج دى سورس دى بيرون بامكانى الحصول على غرفة هناك ، وسوف أتدبر أمر السيارة "
كان يبدو مستغرقا فى التفكير ، ولكنه ، عندما سمع كلامها هذا ، أدار رأسه إليها ليقول بشئ من الدهشة : " هل سبق وحجزت غرفة فى الأوبرج ؟ "
فقالت : " حسنا ، فى الحقيقة كلا ، ولكن إنه المكان الذى كنت ذاهبة إليه قبل حدوث العاصفة تلك . فقد أرشدونى إليه "
قال : " إنه مكان محبوب عند السواح . وكان من الأفضل لو كنت حجزت غرفة مقدما " وازداد تقطيب جبينه وهو يستطرد : " أليس عندك خطة بديلة لهذه ؟ "
أجابت : " ليس ثمة ما هو مؤكد ." وسكتت . فلم يكن فى استطاعتها أن تطلب منه أن يأخذها كل ذلك الطريق إلى هاوت أرينياك . لقد كان هذا الذى حدث لها , نكسة قوية أفشلت مخططها , ولكنها كانت تشعر بالخوف من أن تصل إلى القصر مبكرة عن الموعد دقيقة واحدة . واستطردت وقد بدت على شفتيها شبح ابتسامة : " على أن أجازف لاحتمال أن أجد غرفة خالية ."
ألقى عليها نظرة أخرى طويلة , ثم قال بلطف : " ليس من الحكمة دوما , يا آنسة , أن تجازفى , خاصة حين تكونين بعيدة عن موطنك ."
كان فى صوته نبرة غريبة تتضمن نوعا من التحذير الذى يقرب من الوعيد , كما تراءى لها , جعل رعشة تشمل جسدها بأكمله , أم لعلها مجرد تصورات نتيجة للصدمة التى أصابتها ؟
لا بد أن الأمر كان كذلك , لأنه ابتسم لها فجأة , وكانت ابتسامة فاتنة خففت من صلابة فمه المتكبر ذاك .
لم يكن وسيما بكل معنى الكلمة , كما بدا لميغ , ولكنه كان ذا جاذبية مخيفة . كان نوعا من الرجال لم تحلم بمقابلته من قبل . انها تتمنى لو وصلت بسرعة إلى الفندق كى لاتراه بعد ذلك أبدا , ذلك لأنها , بالرغم من روح المغامرة التى تشعربها , شعرت أن هذا الرجل يمثل خطرا أكبر من أى خطر يمثله أى انهيار أرضى أو صخرى .
التوت ابتسامته قليلا, وكأنما شعربما يدور فى خلدها , مما أشعره بالسخرية , ليقول بعد ذلك وهو يدير المحرك : " هيا بنا نذهب ."
ولم تكن الرحلة سارة مع أن المطر قد توقف , وابتعدت العاصفة إلى حيث كانت تدمدم من بعيد , لتسمح للشمس الباهتة أن تتقدم , بظهورها , بالاعتذار لما حدث .
كان مرافقها هادئا قليل الكلام , ولكن ربما كان ذلك كما تصورت ميغ , لتركيزه على القيادة فى هذا الطريق الصعب الذى كان ممتلئا بالحطام , فقد كان يضطران إلى التوقف مرارا لكى يزيحا من الطريق ما يكون هناك من أحجار وأغصان أشجار تعترضهما .
قالت له أثناء عودته إلى السيارة , وهو يمسح يديه ببنطاله الجينز : " هل الطريق بهذا السوء على الدوام ؟ "
فأجابها وهويلقى إليها بنظرة جانبية , بينما كان يدير محرك السيارة :" لقد شاهدت طرقا أسوأ من هذه . لقد كان هذا ترحيبا بأولى زياراتك إلى فرنسا ."
قالت عابسة : " وكيف علمت بأنها أولى زياراتى لفرنسا ؟ أذلك من رداءة لغتى الفرنسية ؟"
أجاب وهو يهز كتفيه : " ليس لدي أية فكرة وانما خمنت ذلك . كما أن لغتك الفرنسية ممتازة . وهذا غريب ." ونطق الجملة الأخيرة بجفاء
سألته : " لماذا تقول ذلك ؟ "
أجاب بعد صمت قصير : " لأن الكثير من رجال بلدك لا يهتمون بتعلم لغتنا . أنهم يظنون أنهم إذا هم رفعوا صوتهم قليلا , وأبطأوا بالكلام فسنفهم ما يقولون ."
أومأت ميغ برأسها أسفة , إذ سبق وسمعت نفس القول من المعلمة التى كانت تدرسهم اللغة الفرنسية فى المعهد الليلى . وهى سيدة فرنسية متزوجة من انكليزى .
وقالت : " أظن أن السبب فى ذلك يعود لشعورهم بأنهم سكان جزر , فهم لا يشعرون بأنفسهم جزءا من القارة الأوروبية . وقد تتغير نظرتهم هذه إذا ما تم إنشاء نفق القنال فى بحر المانش ."
أجاب : " ربما ."
تبع ذلك صمت آخر . كان يقود السيارة بمهارة فائقة , كما لاحظت ميغ , وكانت يداه الرشيقتان تديران عجلة القيادة دون أى مجهود .
كانت ملابسه بسيطة , وبنطاله الجينز ذات قصة جيدة , وكانت أكمام قميصه الأبيض مثنية تبرز عضلات ساعديه . والشئ الوحيد الذى كان يتزين به هو ساعة ذهبية .
لم تستطع ميغ , وهى تتأمله من تحت أهدابها , أن تخمن الفئة التى ينتمى اليها , مهنية كانت أم اجتماعية , ولكنها ما لبثت أن تذكرت قلة خبرتها فى ذلك وأنها , فى ما يختص بالرجال , كانت عديمة الخبرة تماما , ما عدا السيد أوتواي صاحب المكتبة , وتيم هانزبي الذى كان يجمع كتب التاريخ العسكري , والذى دعاها , ذات مرة , للذهاب معه إلى لندن فى زيارة إلى المتحف العسكري الأمبراطوري .
وقد استمتعت ميغ بزيارة ذلك المتحف أكثر مما توقعت . ولكن تيم , حيث أنه كان وحيد والدته الأرملة المتعلقة به , لم يكن ليصلح أكثر من مجرد صديق عادى . فقد كان ما يزال يعيش مع والدته . وقد شعرت ميغ , حينذاك , بالشفقة على الفتاة التى تقع في حبه , ذلك أن والدته كانت مصممة على أن تحتفظ بحياتها تلك معه كما هى دون تغيير . ومع ان مرافقها الآن لم يكن يبدو عليه أنه مرتبط بأية امرأة , الا أن ميغ اعتبرت أن المظاهر قد تكون خداعة , فقد يكون مرتبطا بامرأة سليطة اللسان وفوج من الأطفال , وسيخبرهم هذه الليلة , بعد العشاء , كيف انقذ سائحة انكليزية وحيدة من العاصفة , جاعلا مما حدث مجرد قصة مسلية .
وعندما تنفرد به زوجته , فى ما بعد , ستسأله , كيف تراها تبدو تلك الفتاة الانكليزية ؟ وسيبتسم وهو يقول : انها مجرد فتاة عادية , فأنا لم أكد ألحظها ..
عندما نظر إليها , أدركت ميغ ان آهة خفيفة كانت قد أفلتت منها , فأسرعت تقول : " هل مازالت الطريق أمامنا طويلة إلى الأوبرج ."
أجاب : " حوالى الكيلو متر الواحد . هل تجدين الرحلة مملة ؟ "
أسرعت تقول : "آه . كلا ,. ولكننى أخشى ان يكون لديك عمل تود القيام به . اننى اشعر بنفسى مزعجة ."
أجاب :" انت مخطئة , فأنا مسرور بتقديم هذه الخدمة لك . لأن هذا هو طريقي , فأنا سأمر بالاوبرج على كل حال , وهكذا , الفائدة تعود علينا نحن الاثنين . ان اسمى هو جيروم مونتكورت . هل يمكننى أن أعرف اسمك أنت أيضا ؟"
فتحت فاها لتقول ميغ لانغتري , ولكنها عادت فترددت , ولم تقل شيئا . فقد جاءت إلى هنا لتكون مارغوت . وساورها الشعور بالذنب اذ وجدت نفسها تكاد تنسى ذلك . ولكن , بما أن الخداع لابد أن يبدأ على كل حال , فماذا لا تبدأ به مع هذا الغريب ما دامت لن تراه مرة أخرى ؟ ولكنها , فى نفس الوقت , ادركها الرعب من أن تدلى بتلك الكذبة المحضة . وفكرت , وهى تطلق آهة , انها ليست من النوع الذى يجيد حبك المؤامرات .
واخيرا , قالت بابتسامة مصطنعة : " دعنا نقل مارغريت فقط ." وفكرت فى أن هذه نصف الحقيقة على كل حال , وقد لاتحتاج علاقتها معه إلى أكثر من هذا .
قال بلطف : " إنه إسم زهرة , وهو أيضا اسم ملكة فرنسية مشهورة . ربما قد سمعت باسم الملكة مارغوت واسمها الحقيقى مارغريت دي فالوا والتى تزوجت من هنرى أوف نافار ؟ وكانت من أجمل نساء عصرها . ويسمونها السيدة المغامرة ."
تحركت ميغ بقلق وهى تسمع الاسم , ثم سألته : " مامعنى هذا اللقب ؟"
هز كتفيه قائلا : " معناه أنها كانت تحب المغامرات العاطفية , خصوصا مع رجال غير زوجها . لقد اكتسبت سمعة سيئة جدا ."
قالت : " لا أظنها كانت سعيدة مع زوجها هنري اوف نافار إذن ؟ "
فضحك وهو يجيب : " آه , ولكنه هو أيضا لم يكن خاليا من العيوب . وربما كان هذا هو السبب فى أن فرنسا ما زالت تذكره باعجاب وتسميه الرجل الشجاع ."
قالت ميغ متسائلة : " وطبعا . كان الزواج فى تلك الأيام , يقوم على المصلحة فقط . ولهذا . أظن أن الأزواج كانت لهم عذرهم فى ذلك ما داموا قد ارتبطوا بغير حب ."
قال بسخرية : " وما رأيك بالنسبة للزوج إذا كان مرتبطا بهذا الذى نسميه حبا ؟ "
قالت بحزم : " إذن فلا عذر أبدا للأزواج فى الخروج على الرابطة الزوجية ."
قال : " إن كلامك هذا يدهشنى ."
أجفلت قليلا وسألته : " لماذا ؟ "
فتردد جيروم لحظة , ثم قال وهو يرفع كتفه : " لأن هذا قد أصبح رأيا قديما ضد المفهوم الحديث . أما مفهوم العصر فو , زواج سهل يتبعه طلاق سهل ."
هزت ميغ رأسها قائلة : " لا أصدق هذا , فالطلاق ليس سهلا أبدا . ذلك أن أحد الزوجين سيصيبه الضرر البالغ , وخصوصا إذا كان هناك أولاد ."
ألقى عليها نظرة سريعة وقال : " لم أتوقع أن التقى بفتاة مثالية . "
قالت برزانة : " إنك , إذن , لم تتوقع التعرف إلى أبدا . "
ابتسم مرة أخرى , فشعرت بجاذبيته تتغلغل فى نفسها برقة فائفة مع ابتسامته تلك . وقال : " ألا تظنين أن القدر , وليس العاصفة , هو ما جمع بيننا ؟"
أطلقت ميغ ضحكة قصيرة , شاعرة برجفة خفيفة فى صدرها , وهى تقول : " إننا فى انكلترا , يا سيدى , اعتدنا على توجيه اللوم إلى الأحوال الجوية فى كل شئ . "
ضحك هو أيضا , وقال : " وفى فرنسا , يا آنستى , زهرة المارغريت تميل دوما نحو الشمس . تذكرى هذا ." وسكت لحظة ثم عاد يقول :" هو ذاك فندق الأوبرج أصبح امامنا ."
وفجأة , شعرت بشئ من الخيبة تكتنفها . ماذا جرى لعقلها لتدع رجلا غريبا يؤثر عليها بهذا الشكل ؟ حقا أنه انقذها وأنها ستبقى مدينة له بهذا الجميل على الدوام , ولكنها لم تكن متأكدة من أنه أعجبها . فقد كان شخصا لا يمكن التنبؤ بسلوكه . ألا يكفيها ماهى فيه من مشكلات , حتى تضيف إليها هذا أيضا ؟

ربما كان من طبعه العبث ومغازلة أى فتاة يصادفها فى طريقه . وهى غير معتادة على هذا النوع من الرجال .
كان فندق الأوبرج دي سورس دي بيرون مبني مريحا متشعب البناء . وربما كان سابقا منزلا فى مزرعة وقد قام فى خلفية باحة محاطة بسور .
دخل جيروم فى ممر مسقوف إلى حيث الباحة تلك ثم توقف . واستقامت ميغ فى جلستها , ثم مدت اليه يدها باسمة وهى تقول : " حسنا , وداعا , مع شكري الجزيل ."
قال وقد بانت السخرية على شفتيه : " أراك متلهفة إلى التخلص منى ."
أسرعت تقول : " آه , كلا , ليس الأمر هكذا . ولكننى أخذت من وقتك الكثير . "
قال وهو يترك السيارة : " يجب أن تسمحى لى بتقدير ذلك بنفسى ." ودار حول السيارة يفتح لها الباب يساعدها على النزول , وهو يتابع : " اذهبى وأسأليهم إذا كان ثمة غرفة خالية , وسأحضر لك أمتعتك ."
ومن خلال باب زجاجى , دخلت إلى قاعة الاستقبال مسقوفة بالقرميد , لتستقبلها الموظفة المسؤولة بغاية الترحيب , قائلة إن ثمة غرفة فعلا , وسيكون من دواعى سرورها أن تريها للآنسة , ولكن ثمة أمر مزعج جدا وهو أن العاصفة قد تسببت فى قطع التيار الكهربائي , وإلى أن يصلح هذا الخلل , فان هنالك الشموع والقناديل . أما بالنسبة إلى غرفة الطعام ..
وأشارت الموظفة المسؤولة بيدها بيأس .
وقال جيروم مونتكورت من فوق كتف ميغ : " هذا لايهم . ان الآنسة ستتناول العشاء معي
وشعرت ميغ بوجنتيها تتوهجان وهى ترى المرأة ترفع حاجبيها وهى تظهر موافقة ماكرة على هذا الحل , بوجه عام , وعلى شخصية جيروم بوجه خاص . ثم تطلب راجية من السيد أن يتكرم بنقل أمتعة الآنسة إلى الغرفة حيث أن المكلف بذلك مشغول تماما بنقل القناديل , وهى لن تنسى هذا الجميل منه إلى الأبد .
ابتسم لها جيروم قائلا : " بكل سرور . ولكننى أحب أن أعرف أولا ما إذا كانت العاصفة لم تضر بالأسلاك الهاتفية , إذ يجب أن نبلغ عن الحادث ."
ولما أجابت بأن الهاتف غير معطل , رفع جيروم حاجبه مخاطبا ميغ : " اترضين بأن اتصل بالمسؤولين لابلاغهم عن الحادث وأنهى الاجراءات الرسمية بالنسبة للسيارة ؟ إن هذا سيسهل الأمور بالنسبة اليك مهما كانت لغتك الفرنسية جيدة و .. "
شكرته ميغ بخجل , ثم صعدت مع الموظفة عبر سلم خشبي عريض يقود إلى خلف المبنى حيث غرفتها .
كان السقف منخفضا والأرض غير مستوية ولكن الأثاث كان ملمعا بالدهان . والسرير الواسع مفروشا بملاءات ناصعة البياض .
وفى زاوية الغرفة ,يقوم باب يقود إلى حمام لا يكبر كثيرا عن خزانة الثياب . وكانت النافذة المربعة الصغيرة تبدو عميقة فى الجدار الحجرى السميك , وكانت مفتوحة لتسمح للشمس بالدخول . وكان الهواء ما يزال باردا مشبعا برائحة زهور الخزامي . وبينما أخذت ميغ تتنفس بعمق , أومأت الموظفة برأسها راضية وهى تتلفت حولها , ثم خرجت عائدة إلى عملها بعد ما أغلقت الباب خلفها .
وقفت ميغ أمام النافذة . لقد كان يوما حافلا وإن يكن لم ينته بعد .. إلا إذا شاءت هي , طبعا ذلك . ولكنها لم تكن متأكدة من مشاعرها بالنسبة لهذا الأمر .
وفكرت فى شئ من الارتباك , بأن أشياء كهذه لا تحدث , فى العادة , لها , وأن طبيعة شعورها قد تغيرت . إن من المفروض انها مارغوت فهل ترها أخذت حياتها كما أخذت اسمها ؟ وتساءلت , هل بمقدروها ان تسلبها ذلك ؟
وسمعت صوت الباب يفتح , وجيروم يدخل بأمتعتها . وابتدأ قلبها يخفق , وجف فمها.

قال وهو يرفع الحقيبتين ليضعهما فوق الحامل الخشبي المخصص لذلك :" سترسل الشركة إليك سيارة ثانية صباح الغد . انما سيكون عليك أن تضعى تقريرا بالحادث , وأنا سأكون شاهدا على الحادث , وبهذا تنتفى أية صعوبة ."
وبقيت مولية ظهرها اليه ثم قالت : " اننى .. اننى شاكرة جدا . "
فقال : " هل أنت شاكرة إلى درجة تقبلين معها دعوتى إلى العشاء هذه الليلة ؟ " كان واقفا خلفها مباشرة .
كانت تحدق فى المنظر الخارجي وكأنما كانت تريد ان تحفره فى ذاكرتها . كانت الأرض خلف سور حديقة الفندق الصغيرة . تعلو بصخورها مما يشكل منظرا بريا مثيرا , تنتشر فى أنحائه مجموعات من الأشجار . وكان ثمة جدول ينساب بين مجموعتين من الصخور لكي ينحدر , بعد ذلك , بشكل شلال صغير , وكانت على جانبيه تقوم نباتات داكنة الخضرة .
قال جيروم من فوق كتفيها : " انه نبع بيرون " أومأت برأسها وهى ترتجف . وعاد يقول بعد فترة صمت : " أنك بالطبع , غير مجبرة على أن تقبلى دعوتى للعشاء ."
وكانت هى تعرف ذلك . تعرف أيضا أن رفض هذه الدعوة بادب وابتهاج ظاهرين , انما هو أفضل واكثر امانا .
ولكن , بينما كانت تستدير لكى تجيبه , لمحت انعكاس صورته فى زجاج مصراع النافذة , كان وجهه قاتما حذرا وفمه مطبقا بحزم , شهقت وأدرات رأسها بحدة . ولكن , لابد أن ما بدا على وجهه كان من تأثير الأضواء , لأنه كان ينظر إليها ببساطة وابتسامة شبه ساخرة
قال بلطف : " امنحينى هذا السرور , يا مارغريت . هل يمكننى أن أعود اليك حوالى الساعة الثامنة ؟ "
أجابت : " نعم , إننى أود ذلك ."
وعندما أصبحت وحدها فى الغرفة , أخذت تتساءل عما إذا كان ما قالته صحيحا حقا .

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 15-04-09, 09:07 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثالث
استمتعت ميغ بدوش طويل دافئ , لتمضى بعد ذلك وقتا لا بأس به فى اختيار ثوب تلبسه لهذا المساء , وفى النهاية , استقر رأيها على ثوب بسيط عسلى اللون ذو تنورة واسعة . ووضعت فى أذنيها قرطين ذهبيين , ثم نثرت على جسدها عطرها المفضل من روائح نينا ريتشي
وقفت تتأمل مظهرها فى المرآة . مقطبة الجبين , ابتداء من شعرها المنسدل على كتفيها وعينيها العسليتين الواسعتين , إلى قدميها الرشيقتين فى النعل الخفيف ذى الأربطة , والبرونزى اللون , ثم هزت رأسها وهى تفكر فى أنها تبدو غريبة عن ذاتها .. وأنها أشبه ما تكون بالمرأة العجوز المذكورة فى أغانى الأطفال . منتدى ليلاس
شعرت بالإحباط وهى تفكر فى أن جيروم مونتكورت لو كان قد جاء إلى المكتبة حيث كانت تعمل طوال ثمانية عشر شهرا الماضية , ربما ما كان ليوليها أى اهتمام , إنها ما زالت لا تعرف لماذا قبلت دعوته هذه إلى العشاء , فهذه لا تبدو لها خطوة حكيمة مطلقا . ذلك أنها لا تعلم عنه شيئا ما عدا اسمه الذى قد يكون مزيفا , على كل حال .
انتابها الضجر , أخيرا , من كل هذه الوساوس , ألا يمكن أن تكون مخاوفها , تلك من أن يكون مخادعا , ناشئة عن أنها هى نفسها تقوم بدور مخادع ؟ إنها لاتنكر حماسه الفائق فى تقديم المساعدة لها , ولكن ألا يمكن أن تكون هذه ناحية من شخصيته ؟ وتذكرت ذلك التعبير الجامد المخيف الذى سبق ولمحته على وجهه المنعكس فى زجاج النافذة , وقبل ذلك فى السيارة حين شعرت للحظة وكأن غضبه يمتد إليها كشئ حقيقى تماما .
ربما كان من أولئك الأشخاص الذين يتبدل مزاجهم بسرعة .. وربما , وهذا أكثر احتمالا , كان هذا كله مجرد تخيلات منها , وفكرت وهى تتحول عن المرآة , فى انها لم تعد تعرف شيئا , ولكن هذه الدعوة قد حصلت بحضور الموظفة المسؤولة , وهذا يجعلها فوق مستوى أية شبهة , وبعد , أنها على الأقل , لن تتعشى وحدها فى أول ليلة لها هنا فى اللانغيدوك . وتملكها , لذلك شعور بالبهجة .
حملت حقيبتها اليدوية وكتابا عن الكاثار كان السيد اوتواي قد قدمه إليها عندما ودعته , ثم نزلت إلى الطابق الأسفل لتنتظره . وفى قاعة الاستقبال , كانت الموظفة مستغرقة فى جدل حام فى الهاتف مع واحد سيئ الحظ من ممثلى شركة الكهرباء . ولكنها ابتسمت لميغ مشيرة إليها بأن تذهب إلى باحة الفندق .
كانت الشمس قد عادت , بكل قوتها وتألقها , لتغرق الكائنات بفيض أشعتها الذهبية . وجلست ميغ إلى أحدى تلك الطاولات الحديدية المزخرفة المنتشرة فى الباحة ترشف كوبا من العصير وتقرأ فى الكتاب .
لم يكن من السهل , فى هذه الأمسية الرائعة , أن تركز ذهنها فى ما تقرأه , كما انه مما يدعو للاكتئاب أيضا , أن الكاثار كانوا يعتقدون أن الجنس البشرى وكل شئ أخر هو مكون فى جوهره , من الإثم . ولكى يتجبنوا اللعنة اتبعوا نظاما صارما من الصلاة والصوم والامتناع عن الكحول بما فى ذلك الامتناع عن أكل اللحوم . كما كان يدعون أيضا إلى العزوبية دون الزواج .

وفكرت ميغ فى أنه لابد أن الغالبية من أتباع هذا الدين لا يتبعون أوامر دينهم تماما , وإلا لانقطع نسلهم منذ أجيال , ومن وجهة نظر العصر , يبدو دينهم غريبا أكثر منه خطرا , وبعد فإن الجيوش قد أرسلت لتمحوهم عن وجه الأرض , تماما كما تضرب الذباب بمطرقة ثقيلة .
أدركت أن جيروم قد وصل حتى قبل أن يسقط ظله على صفحة الكتاب التى كانت تقرأها . فقد انتبهت إلى حركة حول الطاولات المجاورة , ورفع النساء لحواجبهن وتمتماتهن وهن يدرن رؤوسهن لكي ينظرن إليه أثناء عبوره الباحة .
قال لها بالفرنسية :" مساء الخير " وكان يرتدي بنطالا عاجى اللون وقميصا كستنائيا مفتوحا عند العنق . وكانت غرته السوداء الكثيفة العاصية فوق جبينه قد نظمت نوعا ما .
وعندما ردت عليه التحية , خطر لها ان غرته المتمردة تلك قد تكون هي مفتاح اللغز فى شخصيته . وأن تحت هذه الملابس الغالية , والسلوك المتمدن , تكمن نزعة إلى العنف تنتظر لحظة الانفجار . وتساءلت عما إذا كان فنانا , فلابد أنه ناجح جدا . إذ أن ساعته وسيارته , وكل شئ يتعلق به يدل على الثراء .
ولم يبد عليه أنه لاحظ شيئا من الاهتمام الذى أثاره قدومه , وهو يجذب كرسيا ليجلس عليه , مشيرا إلى النادل لكى يحضر له الشراب واعجبها منه عدم انتباهه إلى مقدار جاذبيته , فقد اعترفت ميغ . بينها وبين نفسها , أنها لأول مرة فى حياتها , تواجه رجلا تطغى الجاذبية المتدفقة منه على أية وسامة أو جمال مظهر . ولم تعرف كيف تتعامل مع ذلك .
قال : "إنك تبدين فى منتهى الجد , أرجو أن لا تكون ثمة صدمة ما زالت فى نفسك مما سبق وحدث . "
فهزت رأسها نفيا وهى تقول باشمئزاز : " كلا , وإنما أفكر فى ظلم الإنسان للإنسان ."
فألقى نظرة على الكتاب الذى فى يدها وهو يقول : " انها أفكار حزينة بالنسبة لأمسية مثل هذه . " ورفع حاجبيه وهو يقرأ عنوان الكتاب : " بلاد الكاثار . هل تهتمين بقراءة مثل هذه المواضيع ؟ "
فقالت وهى ترفع ذقنها متحدية : " ولم لا ؟ " وتساءلت باستياء , أتراه يظنها غبية لمجرد تركها لقضية سيارتها تحت سلطته ؟
وأخذ يتأملها فترة طويلة وعلى وجهه تعبير غامض . ومالبث أن هز كتفيه قائلا : " حسب قولك . لم لا ؟ إنك مخلوقة مليئة بالمفاجآت , يا مارغريت ."
فقالت : " ليس أنا فقط . إن كلانا منا لا يعرف شيئا عن الآخر ."
قال برقة : " هذه الليلة , إذن , ستكون رحلة استكشافية ."
ربما كان يسيطر على السيد مونتكورت فكرة تأثيره على النساء , فأصبح مطمئنا إلى قدرته على إغرائها بسهولة ؟ وربما يعتبر ذلك ثمنا لمساعدته تلك لها . حسنا , ليس عليه ان يتوقع شيئا .. كانت عابسة وهى تفكر فى ذلك بصمت .
وفكرت ميغ فى أن مارغوت كانت , بلا شك , ستستمتع بهذه اللعبة جدا لو كانت مكانها , فتتقدم وتتأخر , وتقدم وعودا كاذبة وفى النهاية , إما أن تبتعد نهائيا وإما أن تبقى .. حسبما تشاء .
وربما لايتنج أى ضرر فى ما لو زاولت هى هذه اللعبة لهذه الليلة فقط , أوربما تتعلم بعض قواعدها . وفكرت فى أنه ربما هذه هى فرصتها لكى تتعلم كيف تعيش ضمن الخطر !

وفرغ جيروم مونتكورت من احتساء شرابه ., ثم نظر إلى كأسها الفارغ وسألها : " هل نذهب , أرجو أن تكون مغامراتك هذه النهار قد منحتك شيئا من الشهية ."
أشرق وجهها بالابتسام وقالت وهى تدفع كرسيها إلى الخلف ثم تقف منتصبة :" إنها أولى تجاربي مع الطعام الفرنسي , ولا يمكننى الانتظار أكثر من ذلك ."
كانت الشمس قد مالت إلى المغيب , بلونها القرمزى الأخاذ , عندما قاد السيارة خارجين من الوادي .
ومالت ميغ برأسها نحو الشمس وهى تهتف : " ما أروع هذا ., سيكون نهار غد رائعا . "
ابتسم وقال يغيظها :" هل ستحدث عواصف أخرى ؟"
هزت كتفيها قائلة : " أرجو أن لا يحدث ذلك ."
قال : " لقد كان حظك سيئا . ذلك أن العواصف ,. عادة تحدث فى الليالى , وأحيانا أثناء قيادتك للسيارة , ترين البرق بتلاعب حول التلال مشبها أضواء مسرح صامت . وفجأة تقتلع شجرة من جذورها ليجن بعد ذلك الكون كما سبق ورأيت بنفسك ."
قالت بأسى : " لقد رأيت . أليس عندك شئ أفضل من ذلك يمكن للسائح أن يراه ؟"
أجاب : " ربما سيناسبك الفجر أكثر , حيث ذلك الخط من الضوء النقى فى السماء الذى يفرق النجوم , قبل أن ترتفع الشمس فوق الأفق . "
فألقت عليه نظرة جانبية وهى تقول : " إنك تتكلم كشاعر . هل أنت كذلك ؟ "
فضحك قائلا : " كلا مع الأسف , إن عملى بعيد عن الشاعرية , مع ان والدى كان يهتم كثيرا بأشعار هذه المنطقة .. أغانى التروبادور وما يليها ."
سألته : " هل كان يكتبها بنفسه ؟ "
فهز رأسه نفيا وهى يقول : " كان أبى يعيش فى أرض تعود إلى عائلته , يغرس كرومه بنفسه . كان يعشق الحياة البسيطة ."
قالت : " هذه الحياة تتراءي لى جميلة حقا "
قال : " أظنها كانت قاسية , فى إحدى الفترات , ذلك أن الحياة البسيطة تصبح معقدة أحيانا , وفى النهاية , عاد أبى إلى باريس ."
سألته : " وهل تعيش أنت أيضا تلك الحياة البسيطة ؟"
أجاب باسما : " حسب استطاعتى , ولكننى مهندس فى أغلب الأحيان . وقد اعتدت العمل فى باريس , ولكن أعمالنا تمتد وتتشعب فى أنحاء البلاد , وأنا حاليا مستقر فى تولوز ."
قالت : " أى أنك عدت إلى جذورك ؟"
أجاب : " تماما . وأنا أعمل بصورة رئيسية , مستشارا فى حفظ وترميم المبانى القديمة . أى البيوت التى كانت قد أهملت فى غمرة الانجراف الكاسح من الأرياف إلى المدن . والتى عادت الآن مطلوبة .
قالت مفكرة : " أظن أن إصلاح نسج التاريخ هذا فيه من الشاعرية والخيال بقدر ما فى الشعر نفسه "
فازدادت ابتسامته اتساعا وهو يقول : "إننى فى الواقع . أتفق معك فى هذا , ولكننى لا أقول ذلك لعملائى وإلا فهم يتوقعون منى أن أعمل لأجل الحب وليس لأجل النقود ."
سألته : " هل تعمل حاليا , فى مشروع ما .؟ "
أجاب : " تقريبا , وأنا الأن فى إجازة رسمية " ولما لم يبد عليه رغبة فى التحدث فى هذا الموضوع . سكتت .
وسألته بعد برهة : " هل تفتقد الحياة فى باريس ؟ "
هزرأسه نفيا وهويقول : " إننى لا أفتقد أية مدينة . لقد اختارت أسرتي الحياة هناك ما عداي ."

فعادت تسأله : " هل أسرتك أصلا , من المنطقة من البلاد ؟"

أجاب : " نعم . إن جذورنا دوما كانت هنا , وفى الواقع , كان جدي هو أول من انتقل من هنا كليا ."

سألته : " ألم تخطرله العودة قط ؟"

هز كتفيه قائلا : "لقد كانت جدتى باريسية لا تحب الحياة فى الريف ."

قالت : " ولكنك أنت عدت "

اجاب :" نعم , عدت إلى حيث أنتمى ويسعد قلبى ."

فكرت ميغ بشئ من الكآبة فى أنه لم يحدث قط أن كانت هى متأكدة ,. يوما مما تريد , كما يبدو عليه هو . فهى ما زالت تعيش فى آخر منزل لأبيها ولكنه قد تحول كليا حسب ذوقة زوجة أبيها ايريس مما جعل ميغ تشعر , فى أغلب الأحيان وكأنها غريبة , وهى قد أصبحت الآن دون عمل تعول به نفسها , وهكذا شعرت بنفسها هائمة فى العالم ,. وربما حان الوقت لكي تجد لنفسها مستقرا تمد فيه جذورها .

وابتدأت الان تتساءل عن المكان الذى كانا ذاهبين إليه . فقد كانت تظن أنه سيأخذها إلى مطعم محلى لاتكون فيه الكهرباء مقطوعة . ولكن سيارته الستروان كانت تسير فى سرعة فائقة , وتمنت لو كانت لاحظت إشارات السير , لترى على الخارطة التى تحملها معها فى حقيبتها , وجهة سيرهما هذه .

وكأنما لاحظ شرودها . فسألها : " أتحبين أن تسمعى شيئا من الموسيقى ؟ "

أجابته بسرعة : " كلا . إننى أفضل متابعة المناظر والحديث , ولكن إذا رأيتنى أكثر عليك بالأسئلة . نبهنى إلى ذلك ."

فرمقها بنظرة سريعة , ثم عاد ينظر إلى الطريق وهويقول : " لا أظنك توجهين إلى اسئلة لا أحب الإجابة عنها . هل الأمر كذلك بالنسبة إلى يا مارغريت ؟ "

أجابت : " طبعا . فليس لدي ما أخفيه ."

قال هازلا : " امرأة دون أسرار ؟ ذلك شئ غير معقول . "

فضحكت وهى تقول : " كلا , إن حياتى غير معقدة , بل ومملة أيضا . " وفكرت فى أن حياتها كانت كذلك فى الحقيقة .

قال : " ومع ذلك , أراك تسافرين بمفردك , وتهتمين بهذه المنطقة أكثر مما يفعل السياح عادة , وهذا لايدل على انعدام فى النشاط . أظنك تخفين شيئا فى أعماقك , يا مارغريت ."

كان فى صوته نبرة جعلت قلبها يقفز من موضعه وأجابت بشئ من الإنفعال : " إن ذلك يقال عن كل شخص يولي إجازته اهتماما غير عادي ."

سألها بعد صمت قصير : " أخبريني . لماذا تلكأت بالجواب حين سألتك أن تتعشى معى ؟ هل هنالك صديق فى انكلترا , قد يعقد الأمور ؟ "

وفكرت ميغ ساخرة فى تيم هانزبي , ثم قالت :" لا يوجد أحد ."

فقال بلهجة يبدو فيها الشك : "لا أصدق أنه لا يوجد ثمة شخص تهتمين به ."

هزت كتفيها وقد منعها الكبرياء من الاعتراف بأنها حتى الآن , ما زالت تحتل مكانا غير ملحوظ على الرف . وان هنالك شخصين فقط يهمانها حقا , هما صاحب المكتبة الذى تقاعد الآن , وامرأة مسنة كانت لها بمثابة الأم ومنحتها من الحنان والعزاء ما عجز أبوها إزاء حيرته وألمه لفقد زوجته الشابة , عن تقديمه إليها , وأنها هنا الآن , بسبب هذين الشخصين .

وازدرت ريقها . ليس لديها الكثير لتتحدث عنه , فى سنيها العشرين هذه , ثم ان هذا ليس الوقت المناسب للشعور بالحزن لأجل نفسها , ولكن . ما شأنه هو بذلك فى ما لو لم تشأ هى أن تكون صريحة ؟ ثم لماذا هي تسعى لأن تبدو مثيرة للاهتمام فى الوقت الذى عندها فيه ما تخفيه ؟

قالت متحدية : " وهل هذا يغير من الأمر شيئا ؟ إن دعوة إلى العشاء لا تستلزم موعظة فى الوفاء . " والتقطت أنفاسها وهى تتابع : " ثم انك أيضا قد تكون متزوجا."

فرد عليها قائلا : " وهل لكونى متزوجا أية أهمية ؟ "

شعرت بانه يراوغ فى كلامه , مما جعل قلبها ينتفض هلعا بشكل غير معقول .

أجابته : " اظن الأمر مهما جدا بالنسبة إلى زوجتك ."

قال : " من حسن الحظ إذن , ان لا زوجة لي بعد . " كانت لهجته , وهويقول ذلك , مزيجا من السخرية وشيئا غامضا لم تدرك كنهه .

فغمغمت تقول : " هذا من حسن حظها هي , على كل حال ."
وشعرت , وهى تقول ذلك , بالاشمئزاز من نفسها لهذا الشعور بالارتياح الذى اكتنفها والذى جعلها سيئة الخلق لتقول شيئا كهذا .

فقال بلهجة تحوى شيئا من اللوم : " ليس هذا من اللطف فى شئ , ألا تظنين أننى ساكون زوجا جيدا ؟ "

فأجابت باقتضاب : "لايمكننى إعطاء رأى صحيح فى هذه المدة القصيرة من تعارفنا . " كانت تعلم أنه يضحك منها رغم الجد الذى يبدو على ملامحه والذى يقرب من العبوس .

فقال : " ولكن لا شك أن عندك مثلا أعلى فى خيالك , ماهى الصفات التى تريدينها فيه ؟ هل تتطلبين فيه الأمانة الزوجية ؟"

أجابت ميغ وهى تعبث بشريط حقيبة يدها : " أريده أن يحبنى , ويحبنى أنا فقط , كما أحبه , وأظن هذا يسهل أمورا كثيرة . "
سادت فترة صمت قال بعدها : " هذا يكتسح كل شئ بالتأكيد . ولكن إذا حدث , بالرغم من هذا الحب , وتدخلت امرأة أخرى تريد أن تسلبك مثلك الأعلى هذا , ما الذى ستفعلينه , عند ذاك ؟ هل تضحين بنفسك ؟ هل تطلقين سبيله ليذهب إليها ؟ "

فأجابت بعنف : " كلا . سأكافح للاحتفاظ به بكل ما أملك . "

فقال بصوت منخفض : " هل ستكونين عديمة الرحمة ؟ هل ستستعملين السلاح ؟ "

فأجابت مترددة : " طبعا , ولكن لماذا توجه إلى كل هذه الأسئلة ؟"

فقال بلطف : " لأننى أريد أن أعرف يا صغيرتي , فهذه المعرفة هى جزء من رحلة الاكتشاف التى تحدثت عنها , وقد وجدت أنك ستدافعين عن حبك كالنمرة ."

ومرة أخرى , ظهرت تلك النبرة الغامضة فى صوته . ووجدت ميغ نفسها ترتجف . فلاحظ هو ذلك وسألها : " هل تشعرين بالبرد ؟"

فقالت وهى تتصنع ابتسامة :" أوه , كلا . ربما أنا جائعة ."
وذهب بها التفكير , وهى تقول هذا إلى الغداء الذى سبق واشترته للنزهة تلك , وسحق مع السيارة .

فقال : " لقد صبرت وقتا كافيا وآن لك أن تأكلى ."

واستدار بالسيارة فجأة خارجا من الطريق العام ليدخل فى طريق يقود إلى أسفل التل . واستندت ميغ بيديها عندما تأرجحت السيارة ثم قفزت فوق الأحجار والأخاديد العميقة.

وشهقت قائلة : " هل يوجد ثمة مطعم فى هذا المكان ؟ أرجو أن يكن هناك طريق آخر نخرج منه ؟"

فأجاب : " انه ليس مطعما . " كان أمامهما مجموعة من مبان سابحة فى الشفق الوردى للشمس الغاربة . وكان ثمة دخان ينبعث من مدخنى من إحدى تلك المبانى , ليعلو متلويا بكسل فى الهواء الساكن . منتدى ليلاس

قالت : " أين نحن إذن ؟ " لقد بدا وكأنهما فى متاهة . وشعرت بالعزلة تكتنفهما إذ لم تر أية سيارات هناك . لا شك ان هذا المكان غير مأهول .

قال وقد عادت السخرية إلى صوته : " هذا هو منزلى . منزل العائلة الذى حدثتك عنه . "

سكت برهة ثم عاد يقول : " لقد صممت يا جميلتى , على تناول الطعام فى منزلى هذه الليلة , مستمتعين باستكشافنا المتبادل وحدنا , وآمل أن يوافقك هذا . "

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اغنية الفجر, dawn song, دار النحاس, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, سارة كريفن, sara craven, عبير, قلوب عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:15 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية