لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء


زهرة الآلام ..

طاواس زهرة الآلام تيسير مشارقة (1)العمارة الزرقاء وقع المحظور. مثل الحلم. هكذا دون طقوس احتفالية. دون زوبعة أو ضجة. بمخملية غير مصدقة.

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-09, 03:06 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي زهرة الآلام ..

 


طاواس


زهرة الآلام

تيسير مشارقة
(1)العمارة الزرقاء
وقع المحظور. مثل الحلم. هكذا دون طقوس احتفالية. دون زوبعة أو ضجة. بمخملية غير مصدقة. جاء الآذن إلى غرفة الصف يدعوني إليهم. هو الوحيد المسموح له بإخراج الطلبة أثناء الدوام في الدراسة. لو وقف غيره كشجرة بلوط لما امتلك مثل هذا الحق. سلمني إليهم باليد، كما يقال.
طلب الآذن من مدرس الإنجليزية أن يسمح لي بالخروج لمقابلة أقاربي الذين جاءوا لزيارتي في المدرسة.
أي أقارب يودون زيارتي؟! شيء مثير فعلاً. أمي وأبي لم يزوراني في المدرسة أبداً. فكيف يقوم أقاربي بزيارتي.
شعرت بأن شيئاً ما سيحصل. رتبت أوراقي وأدخلتها في الحقيبة، ووضعت الحقيبة فوق طاولتي. تهيأت تماماً. سألت:
ـ هل آخذ حقيبتي؟
ـ لا.. (أجاب الآذن، وكأنه متيقن من عودتي)
هناك ، في غرفة المدير ، جلس ثلاثة من"أقاربي المموّهين". تمتمت في سري "إنهم من الجن والعفاريت وليسوا من أقاربي". صافحتهم بحذر.
قلت للمدير:
ـ إنني لا أعرفهم.
لم يتكلموا طويلاً.
قال أحدهم:
ـ نحن نريده.
امسك بي أحدهم من معصمي وأحكم قبضته.
أُسقط في يدي المدير، فلم يستطع أن يفعل شيئاً.
ـ إذن أنتم لستم من أقربائه؟! (سأل المدير بخيبة ).
وخرجوا بي.
شعرت للحظة بأن المدير تآمر معهم، وأنه هو الذي أوقعني في المصيدة.
وقفت أمام المدرسة ثلاث ناقلات محملة بالجنود والهراوات والأسلحة الخفيفة. طبّل أحد المقتحمين، من البوليس السري، على ظهر إحدى الحافلات، فنهض الجنود من رقادهم. قال كبيرهم:
ـ هيا...
أركبوني حافلة الجنود الوسطى، وسارت القافلة كأنني في موكب ملكي.
ـ إلى أين ستأخذونني؟ (سألت ببراءة).
ـ إلى العمارة الزرقاء، هل تعرفها؟ (قال أحد الجنود بتهكم).
ـ لا، لا أعرفها.
ـ وهل تعرف الجن الأزرق؟
ـ سمعت فقط بالذباب الأزرق.
ضحك الجنود وكأنهم في نزهة. امتعضت. عرفت مصيري ولم أقاوم. وعندما اقتربنا من العمارة الزرقاء، سأل السائق عبر "التوكي ووكي":
ـ أين نملأ السيارة بالبنزين.
ـ اذهب إلى العنبر الخامس عشر. (جاء الصوت عبر الجهاز)
تلك شيفرة من رموزهم وطقوسهم. هكذا خيّل إليّ للوهلة الأولى. ولكن الأمر لم يتجاوز معانيه العادية. فهؤلاء الجنود يقومون بواجب يومي روتيني.
امتدت ذاكرتي إلى حفنة من الشعر عندما شاهدت النوافذ المغلقة للعمارة الزرقاء:

"من الزنزانات الرطبة
تمتد الأيدي
تلوّح للمطر الرائع
للوطن الساطع
..."

لم أتكلم. أنزلوني من الناقلة وأخذني أحد الجنود إلى غرفة صغيرة فارغة إلا من طاولة وكرسي. رجل أنيق رحّب بي. جلست أمامه على الكرسي الخشبي. أخرج مسطرة من درج الطاولة، وبدأ يلوّح بها في الهواء. سألني عن اسمي وعمري واسم أمي و...
قلت له إنني لا أفهم شيئاً..
طرح أسئلة عادية جداً.
وجرى بيننا الحوار التالي:
ـ ستكون في ضيافتنا إن شاء الله يا رفيق. كنا نبحث عنك لفترة طويلة. يا للمصادفة الجميلة. حضرت إلى هنا وحدك. نحن الآن نجهز لك غرفة لتنام في فندقنا.
ـ شكراً! (همست)
ـ قبل أن تنزل إلى هناك، قلْ لي ما أخبار الحزب؟
ضربني المحقق على يدي ووجهي بحافة المسطرة كأنه يمازحني.
ـ أي حزب تعني؟(سألت)
ـ الحزب. ألا تعرف ماذا يعني الحزب؟!
لم أجب.
قفزت إلى ذاكرتي آية من سورة فاطر: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير".(الآية رقم 6).
أردت الابتسام. شر البلية ما يضحك. طالما أن الأمر بهذه البساطة وهذه الليونة فإنني لا أعرف شيئاً وإنني من قوم (صم بكم لا يفقهون). ادّعيت البلاهة والحماقة. أنا أحمق .ها ها ها.









 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس

قديم 07-04-09, 03:08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي

 

(2) طرق وقرع


لو قال المحقق لي إن الأواني تلد لوافقته، ولصدّقت تكاثر الأواني بالمعاشرة. لكن أن يتحدث لي عن بيانات ومناشير وصحف سرية وأحزاب، فهذا لم يدخل عقلي أبداً.
اخرج ورقة مستطيلة وبدأ يقرأ:
ـ استقبلوا ياسر عرفات. وقرأ نصف الورقة. أتعرف من كتب هذا.
ـ لا أعرف. أجبت
ـ كم بياناً وزعت. قل لي.
ـ لم أوزع شيئاً.
ضغط المحقق جرساً فحضر رجل قصير القامة طلب منه أن يوصلني إلى تحت. في الطريق إلى الزنازين ذات الأبواب الحديدية المغلقة كان ينتظرنا مصوّر في يده آلة تصوير ضخمة الحجم. وقفت أمامه. ظل ظهري إلى لحائط. التقط ثلاث صور من الأمام ومن اليسار واليمين. لم تنبس تقاطيع وجهي بأية علامة، وكأن الأمر أكثر من عادي. كنت كمن يُقاد إلى المشنقة. سرت بلا انفعال.
استقر بي الحال في زنزانة يقطنها رجلان. أحدهما قال لي إنه شيوعي والثاني قال لي إنه من فتح. أما أنا فلم أقل إلى أي حزب أنتمي. تابعت بلاهتي وحماقتي وادعيت أن خطأً قد وقع، وأنني بريء. ربما أكون منتمياً دون معرفتي. ربما يريدون أحداً آخر يشبهني. كأن الأحداث في عالم آخر خال من الصدق. أهو الحلم..؟!
ـ أنا ( نافز) من الجامعة الأردنية.اعتقلوني قبل عشرة أيام. قلت لهم إنني شيوعي وليبلطوا البحر.
هكذا وبصراحة عرّف الشاب ذو الملامح البيضاء عن نفسه. ومدّ يده لي مصافحاً.
ـ أنا (جعفر)، أمسكوا بي وأنا ذاهب إلى فلسطين المحتلة. أمسكوا بالدورية كاملة، فاعترفنا بانتمائنا إلى (فتح). وأهلاً وسهلاً فلا تخف منّي.
ـ أأنت ( نافز شمّر ) الكاتب المعروف في صحيفة "المنبر " ؟! سألت المعتقل الأول.
ـ نعم أنا هو. كيف عرفتني؟
ـ سمعت باعتقالك.
ابتسم ( نافز ) غبطة. لعله عرف أن الناس في الخارج لم ينسوه، وأنهم مهتمون بقضيته وبحرية الرأي هناك، وانتقل لبحث مسألتي:
ـ ماذا قلت لهم؟ سألني
ـ لم أقل لهم شيئاً. قالوا لي إنني أنتمي إلى "الحزب التقدمي الديمقراطي" فأنكرت.
ـ لا تتراجع عن كلامك. إذا أردت السلامة.
كبر هذا الرجل في قلبي وعقلي. كنت أقرأ له المقالات النقدية الساخنة واللاذعة. والآن هو يسكن معي في زنزانة واحدة. كنت أتمنى أن أصادق كاتباً مثله. والآن يتحقق الحلم.
بدأت أتعلم على يديه دروساً في النقد والشعر والصمود. علمني (ألف باء) الاعتقال. لم أتخيّل أن بإمكانه أن يتحدث بمثل هذه الصراحة وهذا الوضوح. كنت أتخيل أن الحيطان لها آذان، وأن الكون يتنصت علينا.
جاء الحارس في المساء. فتح الباب وأخذني جندي قصير القامة من يدي. رافقني حتى باب غرفة نسيت رقمها. غرفة أنيقة مليئة بالأثاث ورجل يجلس خلف طاولة وثيرة، له سمات وقار. طلب مني الاعتراف بالانتماء للحزب ومغادرة المكان فوراً. ابتعدت بأفكاري عنه وعن وقاره، ولكن لماذا أخرج؟! فالمكان يناسبني. إنه مريح جداً. ووجدت فيه صديقا تمنيت معرفته. والله لو طردتموني لتشبثت بالمكان. لقد عدت إلى الواقع بعيداً عن أحلامي وبعيدا عن الأحلام والشياطين. تحالف الشياطين الزرق ضدي كان من صالحي. وإذا كان المحققون من الشياطين والعفاريت، فسيكون بمقدوري التعايش معهم. سأحتمل النخز والوخز واللطم والضرب. سأتعود على ذلك.
خرج الرجل الوقور عن وقاره. صفعني على خدي وطلب مني أن أعترف وأن أذهب إلى بيتي فوراً. لكن بماذا أعترف؟ هل أعترف بأنني من حزب الشياطين ـ مثلاً ـ وأنا لست كذلك؟ ! هل أقول له إنني أكره السبانخ؟ هل أقول له إنني أحب الشعر ويستهويني السحر؟ بماذا أعترف؟ وهل أنا في حضرة ربي كي أعترف؟ ضحكت.
سحب المحقق عصا من الخيزران من سلة جانبية، وبدأ يضربني ويضربني. شعرت بأن الوقور قد جن أو ركبته العفاريت. وتحوّل إلى ساديٍّ من الدرجة الأولى.
تركني بعد جلسة طويلة من التعذيب، فعدت إلى زنزانتي متهالكاً. استقبلني (نافز) و(جعفر) مرّة أخرى. طلبا مني أن أتجول في الزنزانة وأن أتنفس برتابة. ولما عرفا بضربي ضرباً مبرحاً، قالا لي:
ـ هذا بسيط جداً،وعليك أن تحتمل قليلاً.
وتكررت جلسات التحقيق (التعذيب) مرة كل يومين، إلى أن صار الأمر روتينياً.
أخبرني (نافز) ذات يوم، أن معتقلاً اسمه(عارف)، أعتقل بتهمة الشيوعية، موجود في زنزانة مجاورة. عرفت بعد ذلك أنه صديقي ورفيقي (عارف). وعندما قال لي (نافز) إن هناك إمكانية لمخاطبته(!) ضحكت من هذه الفكرة الشيطانية. كيف والحيطان الإسمنتية تعزل بيننا؟ وظهر لي أن الأمر بسيط جداً لا يعرفه إلا المخضرمون من زوار الزنازين. قال نافز :
ـ بالطرق والقرع، كالذي يناجي الأرواح.
ـ بالقرع والطرق؟! رددت ما قاله (نافز شمّر) غير مصدق وكأنني أهذي .ثم غرقت في نوم عميق بعد ذلك النهار العصيب . لكن صديقي (عارف) المهذار جاءني كالموت ،كالموسى النازل في قالب الزبدة .لم تفارقني صورته،ولا أحاديثه المريبة.

(3) ازهار واشواك صديقي عارف

جاء عارف إلى بيتنا ،هكذا،كصاعقة ،مثل لمح البصر.كأنه على عجل من أمره أو يخبئ في صدره شيئاً ما. لم يعرف عارف من أين يبدأ .تململ وكأنه يريد شيئاً أو ينقل خبراً.ظهر كدجاجة تحمل بيضة وتود أن تبيضها .
بدأ صديقي المريب (عارف)سرد حكاياته، هكذا:
ظل (فوّاز المدني) يهز ساقه اليمنى بانتظام. لاحظت ذلك وانشغلت بالمشهد. كان يجلس في الصف الأول بجوار (زياد الأسود). لم أنتبه للأستاذ (الشيخ أمين) الذي يشرح لنا عن انفراج السماء وحدوث البريق الفضائي الذي يُنزل كل ما هو خير على من يضيء الكون عليه. إنها ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها.
انشغلت بالمشهد ـ تابع عارف ـ لم أفهم شيئاً. فركت يدي وشبـّـكت أصابعي. اهتزت ساق (فواز) بانتظام ورتابة أكثر فأكثر. كان يلبس بنطلوناً قصيراً أحمر. اللون الأحمر صعق (زياد) كثور. اقترب منه حتى تلامست فخذاهما. فتصبب العرق من وجهه.
شعرت بأن زياد مصاب بحمى أو تكهرب. ارتفعت قدمه مع كل هزة لقدم فواز. وصار لا يهدأ ولا يقعد أبداً. فخذ فواز الممتلئة أخرجته عن طوره. فقد وعيه. أمسكها بيده وغرس أظافره في اللحم الطري. ارتعش فواز وعض شفتيه من الألم. أطلق صيحة مكتومة. تأوه غنجاً.
كان (الشيخ أمين) يتلو آية "والجان خلقناه من قبل من نار السموم " (الحجر: 2) هل مس (زياد) جان خلق من مارج من نار؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
احتراق زياد البطيء لم يـُحدثه سوى ارتفاع وانخفاض فخذ فواز صاحب الوجه المدوّر والمقمّر. خداه محمران من بيت أهله. ربما تفركهما له أمه قبل أن يخرج من البيت كل صباح حتى يقال إنه مبسوط وتظهر عليه النعمة. هناك اعتقاد آخر بأنه مـُتورّد هكذا من عند الله.
غطّى صوت (الشيخ أمين)على الصرخة المتأذية، التي لم تخرج من الحلق فولَجَت إلى الداخل. هذا الأمر أمتع زياد أكثر، فارتعش، وفرّت حبات عرق من وجهه. أغمض عينيه، وارتخى، كمن أغمي عليه. نظرت إليه، وإذا به يتراخى ويلقي برأسه الحليق إلى الخلف. قلت: "مات زياد" ! رفعت إصبعي مستأذناً طالباً فعل شيء.
أهمل الأستاذ طلبي، أشرتُ بإصبعي إلى زياد الذي بدأ يرتعش في مقعده وقد تبلل تماماً. هزّه الشيخ أمين من كتفه. تعوّذ وبسمل .وطلب مني أن أحضر كوب ماء. أحضرت. رشق الشيخ وجه زياد بالماء وصبه على رأسه، فازداد بللاً. استيقظ الولد الشقي. ارتاح قليلاً وعدّل من جلسته.
طلب الشيخ منا أن نعود إلى بيوتنا. كان الجو قائظاً في منتصف النهار. قمنا بمرافقة زياد إلى بيته. ظهر مُصفَرَّ الوجه وقد هزل تماماً.
في اليوم التالي غاب زياد عن المدرسة. ولاحظت أربعة جروح محفورة على فخذ فواز.
لم أقترب من فواز، لكن (عُكّة الطبري) صاحب الوجه المربّع والملامح الخشنة، حاول الاقتراب منه. فرك مؤخرته بمقعده أكثر من مرة وانتقل إلى الأمام ليجاوره. رمقه فواز بعينين واسعتين كعيني المها وابتسم له ابتسامة عريضة. تصادقا فيما بعد.
تعبت من متابعة أقوال (عارف)، فحكايته أرهقـتـني. توترت أعصابي وارتخت. استرخيت. انتابني نعاس شديد ، كأنني أود التراجع عن متابعة قصته.
أوعز إليّ أن أواصل الاستماع، لأن ما هو قادم أعظم وأبلغ.
قال لي: ما هو قادم أجمل. أكثر غرابة وطرافة.
خفّضت رأسي بين موافق ومكذب .
وواصل (عارف) حكايته.

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 07-04-09, 03:10 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي

 

(4) عفريت من الجن


عفريتا من الجن كان (زياد). عاد بعد أيام قليلة إلى المدرسة. احتل مكانه السابق إلى جانب (فواز). تراجع (عكّة) ممتعضاً. تغيرت ملامح وجه زياد كأنه نضج. احتراقه السابق جعل منه ذكراً على هيئة رجل. أبيَضَّ قليلاً . لمعت عيناه وصار فيهما بريق غامض. خضع فواز له. صار مطيعاً كإمعة ويبتسم له بين الفينة والفينة كفرض صلاة.
لم يقنعني حديث (عارف)، وحاولت التوقف عن الاستماع، لكنه نهرني لأني غير مصّدق. وحدثني عن (أبي هريرة) الذي قال، إن الرسول ص قال: "ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخاً من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه" وأنني أنا أيضاً ـ تابع صديقي موجهاً كلامه لي ـ عرضة لوخزة أو نخسة أو خنسة أو خطمة. فاستعذت في الحال من الشيطان الرجيم.
وتابع صديقي: "وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" (آل عمران: 63).
توقفت عن الاستماع وتلفتُّ حولي غير مصدق. وتساءلت في حيرة: "إذن كلنا مستهدفون! ستغزونا جحافل من الأبالسة والجان، وسيكون لكل واحد من الإنس إبليسه. ألم يشر القرآن إلى أن لكل إنسان قرينا. من يصد الجن عنا ويمنع أثر وسوستهم فينا؟ من يبعد عنا خطر الاختراق؟ الله أعلم. إذن زياد مخترق أو ممسوس"ً.
تجاهل صديقي تساؤلاتي البلهاء وتابع حديثه:
"صرت أراقب (زياد) عن كثب كأنه منهم. هو يلاحق (فواز) وأنا ألاحقه. صار زياد يلاحق فواز حتى باب الدار وأنا ألاحق زياد حتى باب داره".
وقال: كنت أشاهد (زياد) يجري وراء (فواز) لينزل معه إلى السهل ويصعد معه الجبل. يلهثان. يقتربان ويبتعدان.ويتلاصقان. يلمسه زياد مرة ويلاطفه مرة أخرى وكأنه يريده. كنا وبقية التلاميذ نشاهدهما من على سفح الجبل. كأنه ذيله. يتعلق بطرف بنطلونه الأحمر القصير ويجن جنونه. ويبطحه مرة ويداعبه مرة أخرى. يخاطبه بغنج ويقول له: "تعال نصنع نجمة، تعال نصنع نجمة"، كأنه لغز عفريتي. تعويذة أو حجاب يفك به طلاسم الآخر. وعندما يعود زياد أدراجه. نصادفه في الطريق. يبتسم وكأنه قضى وطره منه. يخرج عضوه الممسوس ويطلق بوله نحو السماء عالياً. يفتح فمه ليصب البول مرة ثانية في حلقه. ويظل يبول طويلاً طويلاً، كأنه بذلك يطفئ ناره أو يحرق إيمانه. نملّ من أفعاله. نتخيله نافورة متواصلة من البول. نستغفر الله ونبتعد عنه وعن وساخته. وعندها يكف عن التبول . يلحقنا ونسير جميعاً كقبيلة من العفاريت الصغار نملأ الدنيا فوضى وصراخاً. وفي الليل أقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختتم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم).

(5) يروننا ولانراهم

يسيرون معنا، نركض ويركضون، نستعجل فيستعجلون. ألم تقل لنا أمهاتنا يوماً "العجلة من الشيطان" أو "اعمل ببطء ". العفاريت مقترنة بالعجلة. يدخل الجن الأنس أحياناً، بعد أن يضجر من مرافقتهم. "انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم" (الأعراف 48) إنه الشيطان الجني قبيل إبليس. ألم يقل الله في كتابه "إلا إبليس كان من الجن" (الكهف 50). لا يراهم أحد، إلا أن يكون من الأنبياء عليهم السلام. تساءلت: وهل زياد من الجن؟ لكن كيف كنت تراه؟ دخلت الوسوسة قلبي. ألهذا الحد للشيطان سطوة؟! وهل للجن قدرة على اختراق أبداننا؟ سألت عن ذلك مرتجفاً.
هدّأ عارف من روعي، ونفى أن تكون للجن مثل هذه القدرة. وقال إنه يمتثل لما اعتقد المعتزلة. فهو يرى أن جسم الإنسان كثيف، ولا يمكن لشيء أن يتخلله، وأن ما ورد في نصوص القرآن يراد به "الوسوسة".
ابتسم عارف مشيحاً بوجهه بعيداً عن ناظري. زاد هذا التصرف من شكّي وهز من يقيني. فأنا أعرف أن السلفيين يعتقدون بدخول الجن الإنس، وبأنه يغير صوته ولونه، ومن ينكر ذلك فهو فاسق وكافر.
طلب عارف مني أن استمع إلى حكاية أخرى حدثت معه في بيته قال لي: إن أمه من الصالحات الورعات ومن أتباع الأولياء الصالحين. شربت من لعابهم وتتلمذت على أيديهم. وإن هذا ما علمه من أمه وخالته منذ صغره. وبقي يؤمن بذلك إلى أن حدث ما حدث أمام عينه..

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 07-04-09, 03:14 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي

 

(6) ماذا حدث

أصابت أحد الأولاد لوثة. واللوث نوع من الحمق. وهو أيضاً مس الجنون. جاءت به أمه إلى أمي. فقالت أمي: "أنه ممسوس أو مصاب بالعين". سألته سؤالاً فجاوبها هذراً ومذراً. بكت أمه وقالت: "يا أم المؤمنين" أما أمي فقالت: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أنا لا أفعل هذا إلا بإذنه تعالى وبإرادته". وتابعت أم الملووث: "قال الناس إن يدك طاهرة تداوين الجراح بالبصاق. لعابك برهم وصلواتك بلسم". ردت أمي بطمأنينة ووقار: "قولي إن شاء الله".
واصل صديقي قائلاً: أخرجت أمي الأولاد والبنات من الحجرة المظلمة. وفي غفلة منهم اختفيت خلف الستارة الثقيلة. أغلقت النافذة الصغيرة وانزلق مزلاق الباب. أجلست أمي المريض. قرأت سورة الفاتحة والإخلاص. جلس المريض وأنا أنظر إليه متلصصاً من خلف الستارة. طلبت أمي إحضار وعاء وإبريق ماء. عتّمت الدنيا فجأة. راقبت عينيّ أمي. جحظتا متسعتين. اقتربت من الصبي المرتبك. طلبت من أمه أن تصب الماء على يديها. صبت. طلبت من الولد أن يدلع لسانه. مده. أمسكته بيدها أو حاولت. تمتمت. أدارته. وبحذائها ضربته على ظهره ضرباً موجعاً. تدفق الدم من فمه. ملأ الوعاء حتى طفح. رشت وجه الصبي بالماء وصبت قليلاً منه على رأسه، فنطق بكلام معافى. وتهلل وجه أمه وأشرق وجه أمي. وطلبت فتح النافذة وإزاحة الستارة. دخل الضوء الغرفة. وجه أمي كان مختلفاً تماماً بدخول الضوء. أخذ وجهها يعود إلى أصله بعد أن كان مختفياً قبل لحظات قليلة. ظهرت أنا من خلف الستارة. فعلتها في بنطلوني ولم تكن المرة الأولى. انطلقت عدواً للخارج لأتنفس الصعداء.
سألت صديقي في الحال: هل تقصد أن الفتى عاد إلى وضعه الطبيعي.
أجاب: لا أعرف. ماذا تقصد بالوضع الطبيعي؟ لقد فارقه اللوث. ولما انفتح الباب اختفى الدم وكأن شيئاً لم يحدث.
وهل يجوز ضرب المصروع؟ سمعت أن فتاة بكراً فضت بكارتها من الضرب، ومات ولد من يد الضارب. ليس معروفاً ما الذي دخل في الولد، هل هو من الجن أو غيره. لا أحد يعرف، إلا رسول الله ص.
الرسول ص فعل ذلك من قبل. ضرب صبياً خطم الشيطان (على) قلبه. ضربه بشفقة ورحمة حتى شفي.

(7) موت العنكبوت

اعتذرت من صديقي. خرجت للتبول. بيت المراح معتم ومخيف. أكرهه. حملت الفانوس. ارتجفت يدي. فوق سطح المرحاض المعدني سقط حجر وماء قط. لوح الزينكو مثبت على خشبتين عريضتين. تدلى من واحدة عنكبوت على خيط. دفعته بعيداً عني. سقط. دسته بقدمي خوفاً منه. كان ذلك دفاعاً عن النفس. لا أعرف إن كانت قرصته مؤلمة أم لا. فعلت ذلك. اقترفت جريمتي بحركة لا إرادية. ربما أردت أن أبعد المؤذيات عني. عدت مسرعاً أرتجف من الخوف. نظرت مرتين إلى الخلف. المرحاض ركن منزو ومعتم وقذر وواطئ ومرعب في آن.
ـ قتلت عنكبوتاً.
ـ كيف تفعل ذلك يا مجنون. (أنبني صديقي).
ـ دسته بقدمي. لا تقل "مجنون" أرجوك.
ـ لا أصدق ذلك وأنت الوديع. ألا تعرف أن العناكب حمت الرسول ص من الموت في غار حراء؟ العنكبوت يرمز للسكينة والهدوء.
ـ أي هدوء. إننا نعيش هنا في مقبرة أو أسوأ..
سكت صديقي قليلاً ولمعت عيناه. رغبت في دعوته إلى لانصراف. ولم أرغب في البقاء وحدي في غرفتي السفلية. أمي وأبي وأخي الصغير ينامون في إحدى الغرفتين العلويتين. في الغرفة الجانبية تنام أختي. أما في الغرفة السفلية فأنام أنا.
ورثت الغرفة السفلية الواطئة عن أخي الأكبر. وأخي الأكبر ورثها عن أكبر أخوتنا. مقابل غرفتي توجد غرفة من "الزينكو". نغتسل فيها ونخفي أمتعتنا القديمة والحاجيات المهملة. هناك تنام الفئران والعناكب. هناك أيضاً برميل الطحين. ذلك المخبأ الرائع، في زاوية تلك الغرفة. فيه أخفيت أوراقي وأشياء أخرى. خجلت من نفسي لأني كبرت وأخاف. كنت أود لو أن صديقي يستطيع أن ينام أيضاً.

(8) اذا جنح الليل

تنحنح صديقي وكأنه يود الانصراف. نهض ونظر عبر النافذة ثم بدأ الحديث مجدداً."إذا جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً."
وصمت قليلاً ثم واصل:
ـ هذا حديث للنبي ص، رواه أحمد والنسائي وأبو داود والبيهقي. وورد هذا الحديث في صحيح مسلم وافياً كالتالي: "إذا جنح الليل، أو أمسيتم، فكفوا صبيانكم، فإن الشيطان ينتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقا، وأوكئوا قربكم واذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم. واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليهم شيئاً وأطفئوا مصابيحكم" واقترب صديقي أكثر من النافذة، وقال: أطفئ النور فضوء القمر يكفي.
وددت لو يختفي هذا الولد اللعين. حينئذٍ أغلق الباب والنافذة وأطفئ النور على عجل، وأنام القرفصاء حتى يجيء الصباح. كدت أصرفه. هذه الليلة تكفي. ولكنه نهرني بقوله:
ـ ألا تعرف ماذا يعني الرسول ص "أوكئوا قربكم"، أي أوثقوا بإحكام إغلاق ذلك الوعاء الذي يحوي الماء أو اللبن أو نحوهما. أما "خمروا آنيتكم" فتعني إغلاق أواني الطعام وغيره. وصمتنا معاً.
أصغيت وأصغى. الماء ينقط من حنفية برميل الماء المحاذي لغرفتي. دار صديقي حول نفسه دورة كاملة وتناول إبريق الماء. كان فارغاً يصفر فيه المرء. نحن نشرب من إبريق البلاستيك في المخيم 1975، فلم تصل بعد حضارة أكواب الزجاج.
يا للأشياء. إنها شريرة أحياناً من غير أن نحتسب. كنت دائماً أملأه قبل النوم. هذه المرة نسيت. لا أدري لماذا؟! لن أطلب من صديقي أن يملأه. فلا يجوز تشغيل الضيوف. عرفت أنه يرغب في الماء. لماذا لا ينصرف ويشرب في بيته؟! صرت أشعر بالضيق. خجلت من نفسي. أخذت الإبريق ومددت يدي لالتقاط المصباح.
ـ أنت خائف، لا تنس إغلاق الحنفية جيداً.
لم أجب. تركت (مصباح الكاز) معلقاً على مسمار الحائط. فتحت الباب على مصراعيه لكي يتسرب الضوء من الغرفة إلى الخارج. فتحت الحنفية على وسعها وملأت الإبريق بسرعة البرق. أحكمت إغلاق الحنفية بشدة، ولم أطرق هذه المرة على البرميل لكي أعرف مستوى الماء. انطلقت عدواً إلى الغرفة وأغلقت الباب خلفي مسرعاً على الرغم من أن حرارة الجو في الغرفة كانت مرتفعة نسبياً. تصنعت الهدوء وتحركت في الغرفة باتزان حتى لا ينتبه صديقي لخوفي وارتباكي.
اختطف الإبريق من يدي وفتح فمه واسعاً ورفعه عالياً جداً وصب الماء في حلقه فدلق الماء في فمه وعلى رقبته.
ـ الماء ساخن. (قال)
وأوقف الإبريق بين قضيبي الحديد المثبتين في الشباك. ربما أراد بذلك أن يبرد الماء. المنظر غير مريح، ومخيف في أجواء مثيرة كهذه، ولكن ماذا أقول لهذا الشيطان؟! لم أطلب منه أن ينزله إلى الأرض. تحاشيته، وقلت له:
ـ أتعرف يا صديقي، لن يصدق أحد أنك شيوعي وتعرف كل هذه الأشياء عن الشيطان والجن وإبليس وغيره. ومن يصدق أنك غير مؤمن وتحفظ هذا الكم من الآيات الـقرآنية والأحاديث النبوية؟
لم يجب صديقي وظل وجهه جامداً.
رغب في الانصراف. تمسكت به بحركة لا إرادية وطلبت منه البقاء. بقي. ولم أطلب منه نزع الإبريق من النافذة وإغلاقها، فالجو خانق، وإبليس لا يفتح الأبواب. من يعرف، ربما يدخل من النافذة! تنهدت واقتربت من النافذة. سحبت الإبريق وشربت جرعة ماء ساخن. صوت محرك سيارة جاء من بعيد. دخلت معه نسمة هواء ساخنة.
سأخبرك كيف صرت شيوعياً! قال صديقي. " ربما تكون هذه الحكاية أفضل من حكايات العفاريت والشياطين "، قلت لنفسي، فأصغيت إليه.
أحب أن أخبرك بصدق أنني لم أكن ولست شيوعياً أو كافراً. إنني أقرأ وأفكر وأربط الأشياء بعضها بعضاً بشكل جدلي. أحلل وأقرأ بشكل نقدي ـ جدلي. هذا كل ما في الأمر. ما يقوله بعضهم عني زوراً وبهتاناً باطل. ببساطة بدأت أقرأ الكتب الفلسفية مبكراً. تعرفت على ولد اسمه (راجح). كان يقرأ بنهم وله ذاكرة عجيبة. يحفظ مقاطع طويلة لفلاسفة ومفكرين كبار. لماركس وانجلز ولوكاس ونيتشه وسارتر وغيرهم. تصادقنا. تبادلنا الكتب والمعلومات. صرنا ننزل الشارع نتجادل ونتأبط الكتب.
ذات مرة جاءني طالبان من مدرستي. أحدهما ملتح والآخر حليق. أرادا أن يدعواني إلى التوحيد والذهاب معهما للصلاة. وقالا إنهما من رجال "الدعوة".
ـ لماذا أنا؟ تساءلت.
ـ سمعنا أنك ملحدً. قال أحدهما.
كانا لطيفين معي لدرجة أنني توجست شراً. وتابع الآخر:
ـ أتريد أن تجيء معنا إلى الجامع كي تتوضأ وتصلي ركعتين لوجهه تعالى؟
ـ بصراحة أنا لا أحب جماعتكم، أما الصلاة، فسأقوم بها في جامعنا.
قلت لهم ذلك بجرأة. تنبه الأول لجرأتي، وأراد إنهاء الحديث بسرعة، فقال:
ـ انتبه يا كافر لنفسك، وكف عن نشر الأفكار الشيوعية، وإلا سنعاقبك.
خفق قلبي وارتجف. أردت أن أنطق بشيء دفاعاً عن نفسي، لكنهما ابتعدا بسرعة. رفع الثاني سبابته نحو السماء ولوح بها. لا أدري إن كان يشير إلي بالتحذير أو يشير إلى الله بأنه واحد أحد أو يشير إلي بالشهادتين "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله".
لم أرتد. ولم أكف عن قراءة الكتب الفلسفية، ووجدت في (راجح) ملاذاً. صرت أصعد الجبل يومياً كي أقابله هناك. في سفح الجبل حفرة على شكل أريكة تطل على المخيم. وعندما يخرج من بيته القريب مهرولاً نحو السفح، أراه، فأخرج من البيت على عجل. أقطع الوادي الآسن. أصعد بسرعة إليه في المكان المعهود. لم أره قط دون كتاب. كان يفتح إحدى الصفحات ويقول: سمّع لي. من هنا. ويقرأ غيباً. ذات مرة قال لي عن الشخصية السوية وغير السوية من كتاب بعنوان "قضايا فلسفية"ً:
الحديث عن الشخصية السوية يقتضي الحديث عن الشخصية غير السوية. فكلمة غير سوي، تعني بصفة عامة، ومن الناحية اللغوية، الشذوذ أو الانحراف عن القاعدة أو المعيار. الشخصية غير السوية إذن شخصية مغايرة، شخصية تخرج عن المعيار. وبهذا يكون الشخص السوي من كان سلوكه يتطابق وهذا المعيار."
ـ أي معيار تعني؟! تساءلت مستغرباً.
ضحك صديقي من اهتمامي وتابع مستفسراً عن رغبتي في مواصلة الاستماع، فأشرت له بالإيجاب، قال:
ـ الحديث سيطول، ألا تريد النوم؟
ـ كلا. وألححت على صديقي أن يكمل محاضرته، فواصل



 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 07-04-09, 03:16 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي

 

مجرد تداعيات
مجرد تداعيات فقط
فجأة أطلت أمي عليّ من كوة في الحائط من الخلف ونادت فجأة:
ـ يا ولد لماذا لا ترقد وتنام؟ الفجر قرّب.الشمس ستطلع. مالك منفوشاً مثل القرود والدخان يملأ الغرفة. افتح النافذة قليلاً، تنفس.
ارتعدت فرائضي. لم أسمع جيداً ماذا تريد أمي. دق قلبي خوفاً. شعرت بأن هيأتي غير مريحة، وأن وجه أمي قناع. عيون جاحظة. تدلت خصلة بيضاء على وجهها وتغير صوتها تماماً، ربما لأنها كانت دون طقم أسنان، فهي تخلعه يومياً وتضعه في كأس مليء بالماء والملح. من أيقظها في مثل هذه الساعة؟ لعلها سمعت صوت خروج صديقي، أو ربما لأنها تشعر بالأرق ككل النساء المسنات. لم أشك بأمي أبداً. لم أظن أبداً أن لها علاقة بالجن أو بالشياطين. لكن إطلالتها من كوة الحائط أدخلت الرعب في قلبي. لم أقدر على الصراخ. احتبس كل شيء بداخلي. كتم صوت في حلقي. لم أطفئ المصباح، وأبقيت على شعلة صغيرة فيه، وقلت للوالدة:
ـ تصبحين على خير.
رقدت في السرير الذي صرّ واهتز واهتزت معه شعلة المصباح الصغيرة، فامتدت قليلاً إلى الأعلى وعادت. ولما تذكرت الآية القرآنية الكريمة "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" (الحجر 27) قمت مسرعاً وسحبت المصباح من الحائط وفتحت النافذة، نفخت فأطفأت تلك النار اللعينة. انتظرت قليلاً وتلفتُ إلى الكوة. شاهدت وجه أمي يختفي. بقيت رائحة في الغرفة ودخان.
ولأن رؤية الجن من المعجزات. فالجن أجسام رقاق صافية هوائية لا ألوان لهم وعنصرهم النار كما أن عنصرنا التراب، شعرت بأن إطفاء المصباح لن يغير من الحال شيئاً. ولكن ذلك سيحول بكل تأكيد دون نشوب حريق.
لم تختف الرائحة في الحال، وظلت تجوب الغرفة. نحن خلقنا من ماء على الأصح. تركت التفكير بذلك. قال الله إننا من تراب. الله خلق آدم من تراب أما نحن فهل نحن كذلك؟ استغفر الله العظيم. وإذا كنا فعلا من الماء. فكلا العنصرين الماء والنار لا ألوان لهما. بسملت وحوقلت. وإنما يحدث اللون في النار المشتعلة، لامتزاجها برطوبة ما، تشتعل فيه الزيوت والكاز والكتان وغير ذلك. ولو كانت للجن ألوان لرأيناهم بحاسة البصر. ولو لم يكونوا أجساماً صافية رقاقاً هوائية لأدركناهم بحاسة اللمس.
أردت الكف عن التفكير في هذا الأمر، فصحيح أنهم يوسوسون في صدور الناس. وأن الشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم في العروق والشرايين، وإذا لم يستطع الشيطان اختراق الإنسان فالله جعل له قوة يتمكن بها من قذف ما يوسوس به في النفوس عن بعد. ذلك يذكرنا بـ "الروموت كنترول" الذي يوجه أجهزة التلفزة الحديثة.
الرسول محمد ص رأى جنياً، وهذه معجزة من معجزاته. ويقول علماء الدين الأتقياء، ولا سبيل إلى وجود خبر يصح برؤية جني بعد موت رسول الله ص.
سأستحلف صديقي عندما أراه قريباً إن كان قد شاهد جنياً أم لا. حاولت النوم. لم أستطع. انتابني قلق. قرأت آية الكرسي من أولها وختمتها بـ "الله لا إله إلى هو الحي القيوم"، ولكني لم أنم، وبقيت مبحلقاً في السقف. أغمضت عيني. ضحكت من نفسي الهزيلة. التحديق في الفراغ والابتسامة المفاجئة والاعتقاد بأن كل الناس من الشياطين علامات مرَضية. ولكني أحس بسلامتي. هل هذا يكفي؟ هذا ما تولده المعرفة المتبحرة. ولو وصلت إلى العلم كله لن أصير نبياً. وأنا بالفعل لا أود أن أصل إلى العلم كله. ولا أريد رؤية الجان أو غيره. أريد فقط أن أنام. توجهت بالدعاء إلى الله أن ينقذني من هذه الهلوسة اللعينة.

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مشارقة, الآلام), تيسير, تيسير مشارقة, زهرة الآلام, طاواس, طاواس(زهرة, قصه طاواس زهره الالام للكاتب تيسير مشارقه
facebook




جديد مواضيع قسم القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:14 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية