لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


لا تقولي لا -فلورا كيد

ابغى انزلكم رواية ان شاء الله تنال اعجابكم وهادا الملخص لا تقولي لا فلورا كيد ليس خاتم الزواج بداية ولا نهاية. بل اشارة إلى بدء مرحلة جديدة من

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-03-09, 03:53 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
افتراضي لا تقولي لا -فلورا كيد

 

ابغى انزلكم رواية ان شاء الله تنال اعجابكم
وهادا الملخص

لا تقولي لا
فلورا كيد
ليس خاتم الزواج بداية ولا نهاية. بل اشارة إلى بدء مرحلة جديدة من مراحل الحياة. والمفروض أن يسقط الرجل كل مغامراته السابقة وأن تنسى المرأة أحلامها المفقودة, كي تبدأ الشريكان رحلة الحياة المنسجمة في وضوح وحب يكبر يوما بعد يوم.. إلا أن غلطة صغيرة وقعت.. سوء تفاهم تفاهم تافه.. مما أدى إلى انفصال ديانا عن جايسون. وعندما شاءت الظروف أن يلتقيا من جديد . وجد الاثنان صعوبات كبيرة في التغلب على الماضي. فوحده الحب يستطيع أن ينقذهما.. لكن هل يحبان بعضهما بعضا أم هناك قصة حب أخرى لدى كل من هما تمنع عودتهما إلى الحياة الزوجية؟


انا دورت وما لقيتها ياريت تبلغوني اذا كانت موجودة

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333  

قديم 26-03-09, 03:56 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

السحابه والبركان
كان الفندق كبيراً، حديثاً وانيقاً، ويقع على الطريق التي تصل المطار بقلب المدينة، وهو مؤلف من بنايتين متلاصقتين: الاولى من خمسة طوابق، والثانيه من ثلاثة طوابق. واجمل الغرف هي التي تطل على المدينة، حيث المنظر رائع جداً، اذ تقع المدينة وسك الوادي الذي تحيط به سلسلة من الجبال الشاهقه.
من نافذة غرفتها، وقفت ديانا كلارك تستعرض المناظر الجميلة، تدهشها الاضواء المتلألئة التي تضفي بريقها على كيتو عاصمة الاكوادور. غابت الشمس كالعادة في الساعه السادسه والربع. وفي لحظة واحدة، ارتدت قمم الجبال الواناً مختلفة مروراً بالاخضر والوردي ثم الاحمر الداكن.
وفجأة انطفأت انوار المدينة وظهرت في الفضاء غيمة، بدت شاحبه شفافة، من التلة التي يقوم عليها الفندق.
خيّل الى ديانا في تلك اللحظة انها انتقلت الى عالم ساحر خلاّب. كأنها على قمة برج تابع لأحد القصور التي تتحدث عنها الاساطير، وهي تحلق في السحب. رفعت عينيها ورأت شمس المغيب تضيء القمم الثلجية فوق بركان منتصب تحت سماء مرصعة بالنجوم. وقالت ديانا لنفسها حالمة- هنا، يستتب الأمر من الآن فصا عداً، سأكون انسانة سعيدة.
ما لبث البركان ان غرق في الظلمة وذاب في العتمة، وتبعثرت الغيمة قبل ان تختفي، ولاحظت ديانا ان غرفتها غارقة في العتمة. تنفست الصعداء وغادرت الشرفة ودخلت الى غرفتها واشعلت النور.
وفي الحال تلونت الغرفة الفاخره باللون الوردي اضائت ديانا المصباح الكهربائي قرب السرير ونظرت الى المرآة شاهدت امرأة شابة، ممشوقة، ونحيفة، لها شعر كستنائي ذو بريق ذهبي، وجهها بارز ذو تقاطيع ناعمة و وجنتين نافرتين، وعينين عنبريتين، تعكسان بعض الخجل، وشقتين ناعمتين ممتلئتين تظهران حرارتها وسخائها.
وبالفعل فأن الذين يتعرفون الى ديانا كلارك للمرَة الاولى يدهشهم هذا المزيج الغريب في شخصيتها حيث الخجل والرغبه متفقان بانسجام.
وصلت ديانا الى كيتو منذ ستة ايام، مع والدها، كريستوفر فارلي، المدير العام للشركة النفطية التي تصنع الآليات لبناء ابراج الحفر والتنقيب. وقد سبق لهما وقاما معاً بزيارة لعدة بلدان ف اميركا الجنوبية. وهما الآن في الاكوادور يلبيان دعوة السينيورسانشو سواريز الذي يملك اسهماً كثيرة في احدى ناقلات البترول العالمية التي تقوم بالتنقيب عن البترول في البلاد.
رافقت ديانا والدها رغبة منها بالتغيير. كانت مضظرة الى اتخاذ قرار مهم يتعلق بزواجها. وشعرت بحاجة الى ان تبتعد عن جو البيت في لندن كي تكتشف حقيقة عواطفها تجاه جايسون كلارك زوجها الذي افترقت عنه.
جلست امام مكتب صغير وراحت تبحث في جواريره عن ورق لتكتب رسالة الى عمتها. كان والدها يقوم بجولة استكشاف في الادغال، حيث آبار النفط وهي تنتظره لكنه تأخر اكثر من اربع ساعات، فراحت تكتب الى عمتها جرترود . لعل الكتابة تخفف من القل الذي يكاد يخنقها من جراء تأخر والدها.
اخبرتها كل ما جرى لها منذ وصولها الى كيتو، قبل اسلوع. لقد احبت المدينة التي تبدو في ربيع دائم بسبب مناخها المعتدل برغم موقعها العالي.
الاحياء القديمة، والشوارع الضيقة والشرفات المعلقة، تحمل الطابع الاسباني. فالبيوت مؤلفة من طابقين، جدرانها مطلية بالكلس الابيض وسقوفها من القرميد المخضر بمرور الزمن. تلتصق على بعضها البعض على جهتي الطرقات الصغيرة المنحدرة. وفي ساحة الاستقلال، ما زالت الكاتدرائية وقصر الحكومة يحملان آثار الثورة. لكن المرتفعات المزهرة والاشجار الملتفة، كلها تدعو الى النزهات والى التسكع.
وبرقفة ماريا، زوجة سانشو سواريز الرائعة، ورامون ابنها البالغ من العمر تسع عشر عاماً، زارت ديانا مبنى خط الاستواء، الذي يبعد بعض الكيلومترات عن العاصمة كيتو. هناك تصورت ديانا جزئا منها في نصف كرة الارض الشمالي والجزء الثاني في النصف الآخر الجنوبي. كما زارت معهما الكومبانا، كنيسة كيتو المشهورة كان الدليل عجوزا هنديا ذا وجه داكن وبارد يحمل شمعة مزخرفة. وعندما شاهدت ديانا الكنيسة في الداخل اصابتها الدهشه: التماثيل والمنبر والكرسي واطارات اللوحات، كل شي، حتى السقوف العالية، تبدو كأنها مطلية بالذهب السائل...
وضعت ديانا يديها لحظة على المكتب تدعك اصابعها لتنشطها، لم تكن تضع في اصابعها سوى خاتم ضخم من الذهب الثقيل.
وعاودت الكتابة، واذا بها تسمع نقرة خفيفة على الباب. التفتت بانتباه واصغاء، سمعت طرقة من جديد، لا يمكن ان يكون الطارق والدها، لأنه عادة يعلن قدومه بعزم وقوة، ولأنه يدخل غرفته، ثم يدخل غرفتها من باب الاتصال الذي يصل الغرفتين.
نهضت ديانا ببطء وتوجهت نحو الباب، صحيح انها معجبة باهالي الاكوادور لكنها ليست مستعدة لأن تفتح الباب لأنسان مجهول. اذا كان الزائر واحدا من معارفها، لأبلغوها عن ذلك في مكتب الاستقبال.
سمعت ديانا طرقة ثالثة عندما كانت يدها ما زالت على مسكة الباب. ففتحته ببطء وكان الطارق فيليكس اصغر حجّاب الفندق، فقال بتهذيب وبلغته الاسبانية: - مساء الخير، سيدة كلارك
- مساء الخير، فيليكس
كانت تود الاّ يتابع حديثة باللغة الاسبانية، كي تستطيع ان تفهمه. ويبدو انه ادرك ما يدور في ذهنها، تابع فيليكس حديصة بلغة انكليزية مترددة التقطها من السواح الاميركيين:
- في قاعة الاستقبال شخص يريد ان يراك
- ما اسمه ؟
-لم يقل اسمه بل سأل مكتب الاستقبال عن رقم غرفتك، لكم الموضف هناك رفض ان يعطيه الرقم الا اذا عرّف الشخص عن حاله. لكنه اصر الا يعطي اسمه. ولما رآني طلب مني ان اطلب منك موافاته في المقهى وانه سيدفع لي بعض المال تذت قمت بذلك. هل ستأتين يا سيدتي؟ ارجوك ان تأتي حتى يدفع لي المال
احنى رأسه متوسلاّ. ترددت ديانا. هل من الحكمه ان تذهب لرؤية هذا الرجلالذي رفض الموظف ان يدله الى غرفتها؟
توسل اليها فيليكس:- اذا لم تأت سيدتي، سيغضب علي هذا الرجل. ولا احب ان اكون عندما يغضب. فهو طويل القامة وقوي، ارجوك يا سيدتي ان تذهبي اليه.
اجابته مبتسمة : -اني آتية، انتظرني
تألق وجه ديانا وراح فيليكس يبتسم لها مظهراَ اسنانه العريضة البيضاء.
اخذت ديانا حقيبة يدها وتأكدت من وجود مفاتيح الغرفة داخلها. ولم تنس ان تلقي نظرة الى المرآة لتتأكد من ان فستانها الاخضر لا عيب فيه. ثم خرجت واقفلت الباب ورائها وتبعت فيليكس حتى المصعد.
كان المقهى مضاء بنور خافت. ومع ذلك كان في وسعها ان تلاحظ الوجوه وراء الطاولات الصغيرة المستديرة، القائمة حول منصة، حيث مجموعة من الموسيقيين يعزفون الموسيقى الاميركية-اللاتينية.
سلك فيليكس ممراً يؤدي الى مؤخرة القاعة وتبعته ديانا. وكادت ان تختنق لدى رؤيتها ظهر الرجل. له كتفان عريضان وشعر قصير. توقفت جامدة وراح قلبها يخفق بسرعة كأنما تركض مسافة طويلة.
لا يمكن ان يكون هذا جايسون؟ ربما واحد يشبهه...
كان فيليكس يشرح له بسرعة ماداّ يده نحوه فالتفت الرجل، ورأت ديانا ملامحه وشعرت بحدة عينيه الزرقاوين.
واذا بجايسون يضع يده في جيبه ويخرج قبضة مليئة بالنقود ويضعها في يد فيليكس الممدودة نحوه. وشكره فيليكس وانصرف.
كان الرجل يدير ظهره وكانه غير مبال انها انضمت اليه. غالباً ما كانت تتخيل هذا اللقاء مع زوجها جايسون، الذي افترق عنها منذ سنة تقريباً، تاركاً شقتها في لندن، متهما اياها بعدم ثقتها به. لكنها لم تتصور ابدا ولو في الاحلام انها ستلتقيه في بلد آخر، وغي قارة اخرى، وفي هذه المدينة الساحرة بالذات.
كانت قدماها ترتجفان، وهي تسأله في صوت مبحوح:- ماذا تفعل هنا؟
وضع كاسه الفارغة ورفع عينيه ببطء نحوها وابتسم قائلاً:- اني انتظرك، لماذا لا تجلسين؟
سقطت ديانا في الكرسي وقالت: - انت آخر انسان انتظر ان اراه هنا
- الم يقل لك كريستوفر اني اعمل هنا
- كلا ، فهو لو قال...
-توقفت فجاة عن الكلام. لماذا لم يخبرها والدها بوجود جايسون في الاكوادور؟ هل كان يخشى ان ترفض مرافقته؟
ادرك جايسون ما يجول في خاطرها فقال: -لو عرفت لما اتيت معه.عظيم، لقد فهمت.
-كلا. لا،.. لم اكن اريد ان اقول ذلك لكن، ربما ظن والدي ذلك.
اطلق جايسون ابتسامة ساخرة:-ما زلت لا تعرفين كيف تتصرفين؟ في كل حال لننسى الامر. ماذا تحبين ان تشربي ؟
-ماذا تشرب انت ؟
-اشرب عصير الحامض بالنعناع، انه منعش ولذيذ الطعم، ما رأيك بكأس منه؟
وجدت ديانا من جديد اهتمامه المالوف وشعرت انها مجردة من اي حقد عليه. لكنها استدركت الامر، فيجب الا تستسلم لسحره.
قالت بنبرة هادئة:- اخذ زجاجة كوكاكولا.
بعد ان جاء المشروب واحتست منه جرعة، سألته وهي تنظر اليه يشعل سيكارة وهي لم تره يدخن من قبل.
- لماذا تنتظرني ؟
حدق جايسون بها في نظرة غير مباشرة وهمس قائلاً:-لأطلعك على امر لن يعجبك.
-انه يتعلق بوالدي، اليس كذلك؟ فقد تأخر في العودة، ماذا جرى؟
ومن جديد، نظر اليها ليتأكد من قدرتها على سماع الخبر. هل هي قادرة ان تتحمل صدمة اخرى؟
وسألته بألحاح:- قل لي، يا جايسون. واعدك الا اتصرف تصرفا احمق. لا اغماء ولا نوبة عصبية. ارجوك.لا تجعلني انتظر اكثر.
-تحطمت الطائرة التي كانت تنقل والدك الى بوتو على مدرج الخبوط وهو الآن جريح. فقد اصيب بكسور في اضلاعه وفي ذراعه اليسرى.
-اين هو الآن؟ يجب ان اذهب اليه حالاً.
انتفضت ديانا وراحت ترتجف بقوة وتخيّلت والدها الجريح وحيداً في احد المستشفيات الممتلئة ذباباً ساماً. نهض جايسون واخذها ب-ارجوك ان تتسلحي بالهدوء! فوالدك بين ايدي اطباء وممرضين يعتنون به كل الاعتناء في المستشفى الذي تديره المؤسسة العالمية للصحة. وانا جئت لأخبرك ما حدث، لآن والدك طلب ان يقوم بهذه المهمة احد افراد العائلة.
احد افراد العائلة؟ لقد لفظ هذه العبارة بطريقة تهكمية. نظرت ديانا اليه. كان يحتسي كأسه الثانية. وبدورها احست بالضمأ وجرعت كأسها حتى افرغته، وشعرت بالشراب المثلج يرطب حلقها فارتاحت. سألته:-هل يمكنني ان التحق بوالدي في بوتو؟
كان جايسون ينظر الى الراقصه التي دخلت لتوها الى حلبة الرقص، وهي فتاة جميلة، ذات بشرة سمراء وترتدي فستاناً طويلاً، ابيض اللون، يظهر خطوط جسمها المثير.
اجاب جايسون بلهجة غير مبالية:-اذا كنت تريدين ذلك.
-متى؟
عادت عيناه الزرقاوان تحدقان في وجه ديانا وتتأملان شعرها اللماع. شعرت انه غير مبال بما حدث لعمه، فكان يبدو منشغلا براحته الخاصة، وقال بعد صمت طويل: -سآخذك اليه غداً، بعد ان انام هذه الليلة، لأنني متعب للغاية.
راحت ديانا تنظر اليه عن كثب. لقد نحف جسمه عما كان عليه منذ سنة تقريبا. ويشرة جلده لوحتها الشمس كما زادت زرقة عينيه، وشعره الكستنائي يتموج بخصلات ذهبية تشبه القش الاصفر. وكعادته، كان يرتدي ثيابه باهمال: قميص كحلية، وسروال بني فاتح وربطة عنق معقودة بسرعة ومن دون اتقان، وسترة بيضاء ارخاها على مسند المقعد.
قالت ديانا بلطف زائد:-اشكر لك مجيئك الى هنا.
شعرت برغبة مفاجئة لآن تلمس بأصابعها يده السمراء، لكنها سرعان ما عدلت عن ذلك.
هزّ كتفيه ونادى خادم المطعم الذي اخذ الكاس الفارغة. وفي هذا الوقت كانت المغنية تؤدي اغنية مأساوية بصوتها الرنان.
سألته ديانا وهي تعي جيداً التوتر الشديد الذي حل بينهما،- هل انت في الاكوادور منذ مدة؟
لم يكن جايسون ذلك الانسان الذي يحب الثرثرة. كان يعبر عن افكاره واحاسيسه بأختصار، واحياناً بشراسة. وكان يرد على الأسئلة باقتضاب.
اجابها ببساطة:-منذ بدأ التنقيب عن النفط.
-يعني منذ متى؟
وتكلم جايسون بلهجة فظة فتراجعت الى الوراء، كما لو كان يصفعها قائلاً:-اهذا يهمك فعلا، او انك تتكلمين فقط على سبيل الحديث؟
-ان ذلك يهمني فعلاً، عندما تركتني وذهبت وبقيت من دون اي خبر منك.
كتبت اليك لأني كنت حريصة على تتبع اخبارك ولأنني كنت في حاجة الى صحبتك.
لاحظت ارتفاع حاجبيه استفهاماً، واضافت استمداداً للدفاع عن نفسها:-انني زوجتك، ولذلك كنت اعتقد ان من واجبي ان اعرف اين كنت وماذا تفعل.
لم يرد فقد عاد الخادم حاملاً كأساً ثانية مليئة بعصير الحامض المثلج والمحلى. دفع له واشعل سيكارة اخرى واحتسى جرعة من شرابه وعاد يحدق بكاسه. شعرت ديانا بالغضب يجتاحها تدريجياً. انه ما زال يرفض الخوض في اي حديث من هذا النوع، وستضطر الى طرح اسئلة اخرى وهي تعرف انه يكره ذلك. واخيرا قالت:-كنت انتظر جوابا منك على رسالتي وتسائلت مرات عديدة ما اذا كنت قد تسلمتها.
-نعم. تسلمتها.
-اذن، لماذا لم ترد علي؟
-هل تريديت حقا معرفة السبب؟
رفع كأسه وافرغها دفعة واحدة.
اجابت ديانا والغصة في حلقها:-نعم، ولا شك ان هناك سبباً وجيهاً جعلك تفضل الصمت كل هذه المدة.
كأن شيئا لم يتغير انه ما زال ذلك الرجل المجهول، الذي احبته او تخيلت انها احبته. والذي تزوجته والذي عاشت معه ايماً حلوة مليئة بالحب المتبادل.
اجاب وهو يقلد لهجة ديانا:-سبب وجيه، نعم، بكل تأكيد، من وجهة نظري انا، على الاقل. لم ارد على الرسالة، لأنني اكره ان اعرف انك ستسامحينني على غلطة ارتكبتها.
في كلمات قليلة ، اعاد الزمن الى الوراء كأنهما من جديد وجهاً لوجه في شقتها اللندنية. فقد تغير الاطار، لكن موقف جايسون ما زال هو اياه وكانت ردة ديانا نفسها ايضاً.
-غلطة لم ترتكبها؟
قالت ذلك بصوت عال وكررت العبارة مرات عديدة، فراح الجميع ينظرون اليها متسائلين ومتفاجئين. لكنها، خوفاً من ان يعتبر الموجودون ان شيئا ما حدث ويتقدمون للمساعدة، اقتربت منه وقالت بصوت منخفض:-انت وقح للغاية. لقد ذهبت الى باريس تلبية لدعوة امرأة. وكنت معها كل الوقت.
سقط في كرسيه وراح يحدق فيها بنظرات ثاقبة وساخرة.
-كيف عرفت انني كنت مدعواً الى باريس. لا اعتقد ان صديقتك العزيزة اونيس هي التي اخبرتك ذلك.
-اني...
خانتها الكلمات. كانت تعتقد انها قادرة ان تخبره عن الرسالة التي وجدتها في ملابسه، وكانت بتوقيع كارول، لكن، كانت تنقصها الشجاعه. اجابت بحدة ومن دون اقتناع: -هذا لا يهم. اعرف انك كذبت علي، وانك خدعتني واضعت ثقتي فيك.
اخذ يضحك من اعماقه وقال: -انت تجهلين كل شيء عن الثقة. كنت كلما جئتك متأخراً يوماً او يومين، تنهالين علي بالاسئلة، تريدين ان تعرفي اين كنت، وماذا فعلت، ومع اية امراة كنت...
-لم اسألك ابدا ذلك. وارجوك ان تخفض صوتك: فالجميع ينظرون الينا.
-اني لا اهتم لذلك.
اشعل سيكارة اخرى. سألته ديانا: -لم تكن تدخن عندما عرفتك. ما الذي جعلك تدخن الآن؟
-كي اجد الشجاعة لأقول كل ما جرى لوالدك.
-لااعتقد...
قاطعها بغضب وقال: -انها عادتك الا تصدقي ما اقول. اليس كذلك؟ لقد صدقت اونيس و وثقت بها، لكن، من اجلي، لا شيء من هذا. هي ، صديقتك الحميمة. اما انا فلم اكن سوى المسكين الذي اوقعته في حبالك كي يتزوجك...
-لم يحدث ذلك اطلاقاً!
اجابها بسخرية مرة: -لا؟
كانت عيناه المتعبتان تعكسان خيبة الأمل. نهضت ديانا فجأة وهمست قائلة: -لم اعد اتحمل ما يحصل.
وكالعمياء خرجت من المطعم، من دون الانتباه الى الناس الذين ترتطم بهم وهي سائرة. وفي باحة الفندق. تبعت مجموعة من السياح الاميركيين ودخلت معهم المصعد الكهربائي. وعندما راحت تقول لأحدهم ان يكبس الزر الخامس، لاحظت وجود جايسون معها في المصعد. كان ينظر اليها بعينيه الساحرتين.
توقف المصعد في الطابق الخامس وخرجت ديانا متجة نحو غرفتها وكان جايسون يتبعها. فاستدارت صوبه غاضبة وقالت: -لماذا لحقت بي؟
كان ضوء الممر خفيفاً، فبدا وجه جايسون نحاسياً وشعره كشعلة صفراء.
اجابها بهدوء: -انت ترغبين بالذهاب الى بوتو وانا وعدتك بأن آخذك لتزوري والدك في المستشفى هناك. لذلك اعتقد انه من حقي ان اتبعك حتى غرفتك حيث يمكننا الاستعداد للسفر غدا.
مشت ديانا نحو غرفتها، فتبعها بخطواته غير المكترثة. ولما وصلت امام بابا غرفتها، حاولت ادخال المفتاح في القفل لكنها لم تنجح. سحب جايسون يدها وقام مكانها بفتح الباب.
دخلت ديانا ورمت بحقيبة يدها على السرير والتفتت صوب جايسون. وشعرت بانفاسه تتقطع. كان قد اقفل الباب واسند ظهره عليه. كان شاحب الوجه، واغمض عينيه من الالم. اقتربت ديانامنه وانتشلت من يده مفتاح الغرفه وسألته: - جايسون، ما بك ؟
رفع حاجبيه وقال: -اني اشعر باعياء شديد، اين غرفة الحمام؟
-من هنا ، من هنا .
فتحت باب الحمام وانارت الغرفة. فاندفع جايسون الي هذه الغرفة الصغيرة وصفق الباب ورائه.
وجدت ديانا نفسها واقفة امام النافذة التي تطل على منظر رائع للمدينة. كانت بين الضحك والبكاء. لاشك وهي تتحمل عواقب المفاجأة، اولاً عند رؤية جايسون وثانياً عندما علمت بحادث والدها. وفجأة انقلبت الحياة رأساً على عقب. وهي لا تعرف كيف تعيد التوازن الى مكانه.
ولم تعرف ديانا كم من الوقت مضى وهي امام النافذة تحلم في اليقظة. ولم تعد الى الواقع الا عند سمعها صوت باب الحمام ينفتح. وببطء ابتعدت عن النافذة وعادت الى وسط الغرفة.
كان جايسون شاحب اللون، وشعره منفوش يحمل سترته على ذراعه، ورماها على المقعد القريب منه، وحلّ عقدة ربطة عنقه وخلع قميصه. فوجئت ديانا بتصرفه وشعرت بجفاف في حلقها. وسألته: -هل تشعر بتحسن؟
قال ويداه تشدان على زردة زناره: -ما هذا الاهتمام المفاجئ ... هل تذكرت اننا متزوجان؟
-هل انت بحاجة الى اي شئ ؟
- كلا شكراً. ستتحسن احوالي عندما انام.
جلس جايسون على السرير. وضع رأسه بين يديه وراح يصرخ من الالم. ثم انحنى ليفك ربطة حذائه ففهمت للحال ما ينوي فعله وقالت :-جايسون، لا يمكنك ان تمضي الليل هنا.
-لماذا؟ هل تنتظرين احداً؟
إحمر وجه ديانا وأجابت: -كلا. لكن ماذا سيفكر العاملون في الفندق اذا اكتشفو انك امضيت الليلة في غرفتي، من دون ان تسجل اسمك في سجل الفندق؟انا اعرف ان الموظف في مكتب الاستقبال رفض ان يدعك تصعد الى غرفتي.
سالها جايسون:-اهذا كل ما يهمك؟
فجأة راح يتثائب ويؤرجح قدميه الطويلتين على السرير. وكانت عيناه الزرقاوان الثقيلتان تتفرسان في وجه ديانا.
-في امكانك ان تقولي لهم الحقيقة: وصل زوجك بصورة مفاجئة. سيفهمون جيداً، لا تخافي وشوف يسرون ان يقبضوا منك اضعاف المبلغ. اما بالنسبة الي فأني سعيد ان انام. فالسرير واسع اكثر من اللزوم ويتسع لنا تماماً.
تنهد جايسون مطولاً، وادار ظهره ونام.
راحت ديانا تنظر اليه وفي داخلها تتصارع احاسيس مختلفة تتراوح بين الغضب والضحك. ما الذي حصل لها الآن. شئ عادي في هذا البلد المجنون. هنا تعتبر الحوادث الغريبة كانها طبيعية وعادية جداً. وقبل ساعة كانت ديانا تجهل تماماً وجود جايسون في الاكوادور، وهو الآن ينام في السرير نفسه الذي امضت فيه الليالي الست الفائتة وحدها.
ان شكل جسمه المألوف، وطريقة تساقط شعره على جبينه، والابتسامة على فمه وهو نائم، كل هذا ايقض في داخلها ذكريات كانت تعتبرها دفينه الى الأبد. اقتربت من السرير ومدت يدهل لتزيح عن جبينه خصلة شعره المتمرده. لكن سرعان ما لجمت رغبتها وعادت الى الوراء بقوة.
كلا، لن تستسلم بهذه الطريقة. عندما يكون جايسون نائماً، فأنه يبدو ناعماً لكن عليها ان تنسى انه مستمر في الدفاع عن نفسه ضد كل ضعف وذلك بعنفوان صامت وشرس. وليس هذا التعبير العاطفي الملئ بالحنان الذي يظهره في نومه سوى تعبير سطحي.
عليها اذن ان تكون اكثر واقعية. قامت بخلع حذائه وجواربه، وفكرت بان تخلع له سرواله الضيق لينام مرتاحاً.لكنها ادركت ان مثل هذه الحركة ستوقظه.
ولاحظت ان في ظهره آثار جروح تمتد من اسفل اضلاعه الى اعلى ظهره، كما لو ان الجلد انفلع شطرين ثم اعيد لأمه، وهي ما زالت حمراء.
لم تكن هذه الجروح هناك قبل سنة. هل اصابه حادث ما ؟ لاشك انه تألم وهي لم تعرف بذلك ولم تكن بجانبه لمساعدته والاعتناء به.
وفي تأوه اقتربت من الخزانة. وفي احد الادراج اخذت بطانية هندية الصنع، من الصوف الناعم، مزينه برسوم هندسية، و وضعتها على جسم جايسون. وكما لو انه شعر بحرارة ناعمة، تنهد بعد الشئ واستدار على جنبه. وتسألت ديانا،العمل هو الوسيله الوحدية للأبتعاد عن الذكريات. ودخلت غرفة الحمام ولاحظت ان جايسون مظف كل شئ بعد الحمام. راحت تغسل وجهها وتنظف اسنانها وتمشط شعرها. ثم عادت الى الغرفة.
كانت الرسالة التي بدأت تكتبها لعمتها جرترود، مازالت في المكتب الصغير. جلست ورائه وبسرعة اخبرت عمتها عن الحادث الذي تعرض له والدها واضافت تقول انها ستوافيها بتفصايل اخرى، فيما بعد. وضعت الرساله في مغلف والصقت عليه الطوابع.
لم يبق امام ديانا سوى الاخلاد الى النوم. فتوجهت نحو السرير، لكنها شعرت انها غير قادرة ان تنام قربه وبينهما امور كثيرة معلقة.
وما دام هناك بعض عدم ثقة بينهما وما دام هو مستمر في الكذب ومصرّ على عدم ادخالها الى عالمه الحميم، الي افكاره واحاسيسه.يده واعادها الى الكرسي.
ابتعدت عن السرير قبل ان تغير رأيها. و وقع ظهرها على اريكة عريضة، فقررت ان تستلقي عليها لتنام هذه الليلة في انتظار ما قد يحدث غداً.
لكن هناك مشكلة الاغطية: فقد نام جايسون على غطاء السرير وفوقه البطانية الوحيدة الباقية. الحل الوحيد ان ترتدي مئزرها فوق قميص النوم وان تتدثر بمعطفها الصوفي الذي اشترته خصيصاً لترتديه في الليالي الباردة.
ادارت الاريكة نحو النافذة تاركة الستائر الثقيلة مفتوحه. اطفأت النور وتمددت على المقعد ولما وجدت نفسها غير قادرة على النوم راحت تحصي النجوم المتلألئة في الفضاء، في محاولة لالهاء نفسها عن التفكير بما حدث.
كل شئ هادئ وساكن. فقط صوت تنفس جايسون يعكّر الصمت داخل الغرفة. كم من مرة بقيت مستيقطة، تسمعه يتنفس وتشعر بحرارة جسمه الدافئة.
لكن سرعان ما تنبهت الى خطورة افكارها فازاحتها وحاولت تركيزها على والدها. قال جايسون ان جراحه ليست خطرة. كما ان الاطباء والممرضات بعتنون به داخل المستشفى. وهي عليها ان تثق بزوجها كما سبق و وثقت فيه عندما كانا يعيشان حياتهما الحميمة بعد الزواج وانطلقت افكراها واختلطت اضواء النجوم امام عينيها. وعادت بها الذاكرة الى الوراء، الى لقائها الاول بجايسون، اي منذ سنتين فقط.
2- مع الذكريــــات
تعرفت اليه في حفلة عشاء اقامها والد ديانا السيد كريستوفر فالي, على شرف شركائه و زبائنه. و كريستوفر يحب استقبال الناس و منذ وفاة زوجته اثر حادث اليم, كانت ديانا تقوم بدور ربة المنزل.
و كانت في السادسة من عمرها عندما توفيت والدتها.
و في مناسبات كهذه, و برغم خجلها, كانت الفتاة الشابة تحب أن ترتدي الثياب الأنيقة. كانت تدرس تصميم الأزياء في كلية الفنون الجميلة في لندن, و كانت قد صممت بنفسها فستاناً جديداً خصيصاً لحفلة العشاء. كان لونه عنبرياً بلون عينيها. تفصيلته تظهر خطوط جسمها النحيف و بياض بشرتها, فتبدو أكبر سناً مما هي عليه. كان شعرها ذو اللمعان الذهبي يتساقط حتى كتفيها, مع غرة على جبينها.
وضعت حول عنقها سلسلة ذهبية تحمل حلقة من حجر الجاد, و هو حجر كريم, لونه أخضر. و وضعت في اذنيها حلقاً من الحجر نفسه. و من دون ان تعرف كانت تبدو أكيدة من نفسها, متحفظة, مغرية, و لكن صعبة المنال.
عند وصولها إلى النادي حيث تقام حفلة العشاء, اختفت بضعة دقائق في غرفة الثياب المخصصة للنساء و ذلك للتأكد من أناقة ملابسها و تسريحة شعرها. كانت تأمل أن تلتقي صديقتها اونيس فينتون و شقيقها بول الذي يعمل عند والدها. لكن ديانا لم ترى اثراً لصديقتها ذات الشعر الأسود الناعم و الوجه البشوش. خرجت من غرفة الثياب و دخلت القاعة حيث تقام حفلة الأستقبال.
كان والدها يتحدث مع رجل طويل القامة في حوال الثلاثين من عمره. و كان شعره الأشقر يلمع تحت الأضواء الكهربائية, و تكاد كتفاه العريضتان ان تمزقا سترته السوداء. و كان وجهه اسمر و خداه مجوفين نحيلين.
ابتسم الرجل عندما اقتربت ديانا, فقال والدها:
“ابنتي الحبيبة اعرفك إلى جايسون كلارك. أنه يعمل في شركة نفطية و يوقم حالياً بابحاث على الساحل الشمالي - الشرقي في انكلترا.
كلارك هذه ابنتي ديانا”
وضع يده في يديها النحيلة و همس بصوته الجميل الفاتر:
“ديانا, الصيادةَ! اذا لم تخني الذاكرة”.
اجابته ديانا بسرعة:
” و جايسون المسافر الكبير”.
” حتى يجد ما يبحث عنه”.
” من أين أنت؟”

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333  
قديم 26-03-09, 03:58 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

كانت ديانا ترتجف و عاجزة عن تحرير يدها من قبضة يده و من نظراته. فأجابها:
” لم اقصد ذلك. الظاهر انك لست من هذه البلاد. من اي بلد انت اذن؟”
“ترعرعت و درست في تكساس. هل انت راضية الآن؟”
في تلك اللحظة وصلت اونيس مع اخيها بول. كانا يعرفان جايسون من قبل, فانضما إلى الحديث. و خلا السهرة كانت ديانا تؤدي واجباتها كمضيفة, لكنها ظلت تعي وجود جايسون الذي لفت أنتباهها اكثر من سائر الضيوف.
بعد العشاء شعرت ديانا بيد توضع على ذراعاه. فالتفتت إلى الوراء و رأت جايسون قربها. فقال لها:
“ألست محظوظاً, هذه السهرة هي الأخيرة امضيها في العاصمة الانكليزية, لمدة يمكن ان تطول. هل من مكان يمكن ان نكون وحدنا فيه. اريد ان اقول لك شيئاً في السر”.
فوجئت ديانا و قالت بصوت منخفض:
“لا… أني لا أعرف أي مكان”.
فك ربطة عنقه و وضعها في جيبه ثم حل ياقة قميصه. و أمام عيني ديانا الممتلئتين هلعاً, راح يبتسم كأنه يسخر من نفسه. ثم قال:
” لم أتعود أن أكون متنكراَ هكذا”.
“و لماذا جئت أذاً؟”
“دعاني والدك إلى هذه السهرة. و لبيت الدعوة لأنه يعجبني. لنتوقف عن الكلام الفارغ. و تعالي نتمشى قليلاً”.
عرفت ديانا في الحال انها على وشك خسارة حريتها و استقلالها.
“دعني أخبر والدي بذلك…”
“سأتولى أنا الأمر. أذهبي و أبحثي عن معطفك”.
تنازلت عن فكرة المقاومة. و ذهبت تبحث عن معطفها المخملي الأسود. وضعته على كتفيها و خرجت مع جايسون يتمشيان, يدها بيده. إلى أين؟ كانت تجهل ذلك و لم يكن يهمها الأمر, فهي معه و هذا يكفي.
فجأة قطع جايسون حبل الصمت قائلاً:
“تأخرنا, و حان الوقت لأن اودعك. و لكن بعد ان اوصلك إلى البيت”.
اوقف جايسون سيارة تاكسي, التفت نحوها و سألها:
“هل منزلك بعيد؟”
و قبل ان يسمع الجواب, وضع يديه حول كتفيها. فرفعت رأسها هامسة:
“حوال ربع الساعة”.
عانقها طويلاً إلى أن وصل التاكسي إلى الشارع الذي تسكن فيه ديانا, فهمس:
“اريدك يا صيادتي الصغيرة, اريد ان اتزوجك. هل هذا ممكن؟”
و من دون وعي قالت:
“لكن لم نتعرف إلى بعضنا إلا منذ قليل. و انا اعرف القليل عنك. كما أني لا أحبك”.
قال ساخراً:
“هل هذا صحيح؟”
ابتعد عنها و أضاف:
“أريد ان اتزوجك يا ديانا. هل تقبلين ان تكوني زوجتي؟”
و من دون تردد اجابت:
“نعم”
و في الحال شعرت بفرح عميق يجتاحها و فهمت انها وقعت في غرامه.
“سنتزوج بعد ثلاثة اسابيع, اي خلال زيارتي المقبلة إلى لندن”.
“نعم لكن… انت غير جدي… سوف تنسى”.
“أتعتقدين ذلك؟ معرفتك بي خاطئة. عندما اريد شيئاً, أفعل المستحيل لأحصل عليه. سنتزوج اذن بعد ثلاثة اسابيع”.
فتح باب السيارة و نزل منها. ثم ساعدها على النزول. و على الرصيف كان يمسك بها و يتفحص وجهها المرفوع صوبه. ثم قبلها في جبينها و قال:
“إلى اللقاء القريب, يا ساحرتي الصغيرة. كوني جاهزة للوقت المحدد”.
انتظر حتى فتحت باب المدخل و قبل ان تدخل إلى البيت, تطلعت إلى الوراء. أشار اليها بتحية قصيرة و صعد إلى سيارة التاكسي. و ظلت ديانا واقفة حتى اختفت السيارة عن الأنظار.
في اليوم التالي, تناولت ديانا فطور الصباح مع والدها كالعادة.
سألها:
“أمل أن يكون جايسون كلارك قد تصرف معك التصرف اللائق”.
كانت ديانا تجهز لنفسها ساندويشاً من المربى. فلم ترد على سؤال والدها في الحال. و بعد ان انتهت من تحضير الساندويش, رفعت رأسها و راحت تتأمل وجه والدها, و قالت:
“يريد أن يتزوجني”.
رفع كريستوفر فارلي حاجبيه, و قال:
“يا الهي! لماذا؟”
و كعادتها, و خاصة بعد وفاة والدتها, كانت ديانا تتحدث عن مشاكلها مع والدها. و غالباً ما كان يقدم لها النصائح التي كانت تعمل لها باخلاص. لكن, هذه المرة بالذات, كانت تشعر برغبة في ان تحتفظ لنفسها بكل ما حدث معها تلك الليلة. قالت”
“أعتقد, أني أعجبه”.
“يبدو لي أنها طريقة مستعجلة للخوض في مغامرة الزواج. فهمت من طريقة حديثك أنك موافقة على عرضه”.
“نعم”.
“و متى ستتم حفلة الزواج؟ اعتقد انكما تنويان عقد زواج مدني, اليس كذلك؟ لأني لا اعتقد ان جايسون من نوع الرجال الذين يخضعون للطقوس الدينية”.
“قال اننا سنتزوج بعد ثلاثة اسابيع, بعد ان يعود من لندن. يا ابي, هل عندك شيئ ضد هذا الزواج؟ ارجوك ان تقول ما رأيك؟”
اجابها و هو يبتسم:
“رأيي لن يغير شيئاً, على ما أظن. و بما أنه سيقوم بالمعاملات القانونية لاتمام هذا الزواج, فلا خوف عليك اذن. لكن هذا لا يمنعني من التفكير بأنك ما زلت غير مستعدة للزواج يا عزيزتي”.
اجابت ديانا و هي مستعدة للدفاع عن نفسها:
“عمري واحد و عشرون عاماً”.
“لك أكن أفكر بعمرك, بل بنظرتك إلى الحياة. لقد عشت حياة سهلة, و كلارك مغامر خطير, و لم يكن دائماً في المجتمعات الفضلى. اعتقد انك لست في مستواه و من الصعب عليك ان تنسجمي معه. ربما بعد سنة أو سنتين…”.
“لا أعتقد أن في وسعنا أن ننتظر سنة… أو أكثر”.
و لاحظ والدها أحمرار خديها فقال:
” هكذا أذن؟ ما علي ألا أن أبارك زواجك. هل تريديني أن استعلم عنه؟ لقد قمت بأعمال للمؤسسة التي يعمل فيها حالياً. و اعتقد انهم لن يمانعوا بتزويدي بالمعلومات اللازمة عنه”.
“نعم, اريد منك ذلك, و ارجوك, يا ابي. ألا تكلم أحداً في هذا الموضوع… أعني ليس الأن ربما… من الممكن أن…”
توقفت عن الكلام, فلم تكن تريد ان تظهر مخاوفها, أو أن تبدو منها أية شكوك في حقيقة مشاعر جايسون نحوها.
” تخافين ألا يحقق جايسون ما وعدك به؟ يبدو أنك غير واثق منه تماماً. و هذه ليست نقطة انطلاق حسنة, يا ابنتي”.
“ليس هذا ما اعنيه. لكنني لا اريد أن يعتبرني الجميع انانية حمقاء اذا لم يتم هذا الزواج. انت تفهم قصدي, أليس كذلك؟”
طوى والدها جريدته, وضعها تحت ابطه و نهض. ثم قال لها و هو يداعب خدها:
“اعتقد انك على حق. انت تحرصين على كبريائك. لا تخافي سأحتفظ بالسر. و ما عليك إلا أن تطلعيني باستمرار على كل ما يتم معك”.
لم تعش ديانا من قبل ثلاثة اسابيع بطيئة مثل هذه الأسابيع.
ولى شهر نيسان “ابريل” و جاء شهر ايار “مايو”. كانت الشمس ساطعة و الهواء منعشاً. عبقت الحدائق بأزهار النرجس. براعم الكستناء بدأت تتفتح و بعضها يزهر أوراقاً صغيرة. العشب الذي يكسو ارض الحدائق يخضر و ينمو. و في معهد الفنون الجميلة حيث تتابع ديانا دروسها, أوشك الفصل على الأنتهاء. يبقى فصل واحد و تحصل ديانا على شهادتها و تتخرج.
براً بوعوده, حصل كريستوفر فارلي على بعض المعلومات حول شخصية جايسون: رجل أعزب, في الثانية و الثلاثين من عمره. درس في هيوستن و هو يعمل لدى الشركة نفسها منذ ان انهى دراسته الجامعية. كلها معلومات معروفة إلا واحدة تقول: جده والد أمه, يدعى وليم د. رامو و هو نائب رئيس الشركة نفسها.
قال لها كريستوفر:
“على الأقل, تعرفين الأن أنه لم يكن متزوجاً, كما أن رجل ذو مكانة”.
لكن الشيء الوحيد الذي كان يهمها هو ان جايسون اخبرها الحقيقة. و هي الأن تعد الأيام التي تمر. عشرون يوماً مضت حتى الأن. و في الغد سيكون هنا.
و في اليوم التالي جائت العمة. جرتورد فارلي لتمضية اسبوعين مع العائلة قبل سفرها إلى امريكا لزيارة بعض الأصدقاء. انها امرأة طويلة القامة, ذات وجه بارز التقاطيع, لا يزال يحافظ على بعض من جماله. كانت راقصة في شبابها. في العادة كانت ديانا تفرح عندما تزورها عمتها التي تعيش في كورنويل, في غرب انكلترا, حيث تملك بيتاً قرب البحر, كانت تزوره ديانا في عطلة الصيف عندما كانت صغيرة السن. لكن هذه المرة, شعرت بأنها عاجزة عن استيعاب حكايات عمتها و قصصها الطريفة. لقد استولى جايسون على تفكيرها كله.
مضت ثلاثة اسابيع و خمسة ايام, من دون ورود خبر واحد من جايسون. لقد كذب عليها. و هو لم يكن ينوى ان يتزوجها. لا بد انه وجد امرأة غيرها, مستعدة ان تمنحه ما يريده, دون ان يتزوجها.
قبل بومين من عيد الفصح, كانت ديانا تتناول فطور الصباح مع عمتها جرتورد عندما سمعت جرس الباب. انه جايسون يحمل ازهار النرجس و على شفتيه ابتسامة عريضو.
“صباح الخير”.
دخل من دون ان ينتظر منها ان تدعوه إلى الدخول. و ضع الورد بين ذراعيها و قبلها على وجنتيها و قال:
“أني أراهن انك كنت تعتقدين انني نسيتك؟”
كان يرتدي بذلة غير رسمية, كحلية اللون, فوق قميص زرقاء فاتحة. همست ديانا قائلة:
“نعم, تقريباً”.
عانقها من جديد بينما كانت العمة جرتورد تهمهم غير مصدقة ما يجري أمامها. ذلك ان ديانا لم تخبرها عن شيء. سالت العمة بلهجة متعالية و هي تنظر إلى ديانا:
“من أنت, أيها الرجل؟”
اجابها بلطف:
“جايسون كلارك, سيدتي”.
توجه صوب العمة, و مد يده ليصافحها قائلاً:
” أنت من تكونين؟”
“جرتورد فارلي, عمة ديانا”.
و راح جايسون ينتقل في نظره بين ديانا و عمتها و يقول:
“أني ألاحظ الشبه. و إذا ظلت ديانا تشبهك عندما تصبح في عمرك, فلن أكون نادماً على أني أتخذتها زوجة لي”.
و صرخت جرتورد:
” زوجتك؟ هل تنويان الزواج فعلاً؟”
“نعم, بالطبع, و اليوم بالذات, الساعة الثانية بعد الظهر. أحتجت إلى بعض الوقت لأدبر الأمور. لم أكن أريد أن…”
التفت جايسون نحو ديانا و عيناه تبتسمان, و همس قائلاً:
“لم أجرؤ أن أراك قبل أن أكون رتبت كل شيء”
“اليوم, بعد الظهر؟ لكنني يا جايسون, لا أقدر…”
“بلى, بلى, الزواج سيكون بعد ظهر اليوم…”
و سألتها العمة:
“ديانا, لماذا لم تخبريني؟”
تدخل جايسون وقال:
“لأنها لم تكن متأكدة مني. لقد تأخرت خمسة أيام و لابد أنها فكرت أني لم أكن صادقاً”.
” هل والدك على علم يا ديانا؟”
“نعم, أخبرته, في اليوم نفسه, عندما عرض علي جايسون الزواج”.
” ومنذ متى يعرف أحدكما الأخر؟”
اجبا جايسون و هو يغمز ديانا:
“منذ سنوات, لكن التقينا فقط منذ أربعة أسابيع, أمل أن تحضري حفلة زواجنا, أيتها العمة جرتورد”.
“أني… أه…”
شعرت أنها عاجزة عن الكلام. لكن سرعان ما أستعادت شجاعتها لتقول بلهجة قاسية:
“أعتقد أنك مجنون حقاًُ لتقرر الزواج بهذه السرعة”
“هذا معقول جداً. عاجلاً أم أجلاص يصبح الأنسان مجنوناً بسبب الحب”.
“يجب أن تعلم أن ديانا ليست مستعدة للزواج. فهي ما زالت صغيرة و ساذجة. لا تعرف ما معنى الحب. و هي تحتاج إلى مزيد من التجارب”.
و فوجئت ديانا عندما رأت جايسون يهز رأسه قائلاً برصانة:
“أني أقدر مدى أهتمامك. لكن لا تخافي سأغازلها بعد الزواج”.
تفرست العمة جرتورد بشيء من المودة و قالت:
“اذن, سأحضر زواجكما بعد الظهر. هل ستقومان برحلة شهر العسل؟”
“لم أفكر في هذا الأمر, لأن الوقت لم يسمح”.
“لماذا لا تذهبان اذن إلى كورنويل. حيث يمكنكما أن تسكنا في منزلي خلال غيابي”.
“لكنو يا عمتي, جايسون…”
شعرت ديانا بذعر مفاجئ. فالتفت جايسون نحوها قائلاً:
“ألا تريدين أذن ان تتزوجيني؟”
رآت ديانا عيني جايسون الزرقاوين يلمعان بالرغبة, فهمست بعد أن استعادت وعيها:
“نعم”.
“أذن, كل ما عليك فعله, هو ان تضعي يدك بيدي, اليوم بعد الظهر, و نذهب معاً إلى مكتب الزواج و نعقد قراننا”.
كان شهر العسل حلماً تحقق بالنسبة إلى ديانا. كان الطقس جميلاً و دافئاً, مما اتاح لهما قضاء معظم الوقت خارج المنزل. راحا يتنزهان على طول الشاطء أو يتسلقان الشواطئ الصخرية حيث ينبت العشب الأخضر. كانا يركضان ثي يسقطان أرضاً, و هما يضحكنا و يلهثان فرحاً.
بعد أسبوع, تبين لديانا أنها تعرف جايسون أقل مما هو يعرف عنها. كانت هي دائماً التي تتكلم, و عندما كان يأتي دوره, كان يفضل العناق على الكلمات, و هي منغنسة في حبها, كانت تنسى ما سألته. و تبقى الأسئلة من دون جواب.
قالت له يوماً عندما كانا ممددين على العشب يأخذان حمام شمس:
“لابد أن لكأهلاً مقربين”.
أجابها بكسل:
“هل هذا ضروري؟”
“كل انسان له أب و أم و أخ…”
“نعم, كان لي أب أنكليزي ولد في منطقة لانكشاير. كما أن لي أبناء عمومة, هناك في الشمال”.
بقيت ديانا جاملدة لا تتحرك. واضعة يديها على ذقنها. كانت تحبس أنفاسها. فقد قرر أخيراً أن يحدثها عن عائلته. أستأنف جايسون الكلام و قال:
” توفي والدي في السهل الأكوادوري. كان عالماً في الفيزياء, متخصصاً في الأراضي. و كان ينقب عن البترول للشركة التي أعمل فيها الأن. و هناك تعرف إلى والدتي. كانت تقوم بزيارة للبلاد. و كان لوادلها مركز مهم في الشركة نفسها. أحبها والدي و تزوجا في كيتو و عاشا هناك فترة من الزمن. و أنا ولدت في الأكوادور. لهذا السبب, عندما سألتني من أي بلاد أنا, لم اعرف بماذا أجيب. كان والدي انكليزياً و أمي أميركية و أنا أكوادوري بالولادة”.
“كمبقيت في الأكوادور؟”
“إلى أن اصبح عمري ثمان سنوات. ثم قررت والدتي, التي كانت تشرف على تربيتي أن تدخلني المدرسة في هيوستن. و لذلك انتقلت وظيفة والدي إلى هيوستن. لكنه لم يكن قادراً على الثبان في مكان واحد. كلما سنحت له الفرصة كان يذهب للتنقيب في بلاد أخرى, و في أحدى المرات, عاد إلى الأكوادور ليشرف على الحفريات هناك, و قد قتل في حادث حريق اصاب أحد المناجم النفطية”.
“و كم كان عمرك حينئذ؟”
“12 سنة… و توفيت والدتي بعد سنتين بمرض السرطان”.
” ومن أهتم بك بعد ذلك, أجدادك؟”
“كلا, سكنت عند بيل, شقيق والدتي. و هو الأن نائب رئيس الشركة التي أعمل فيها. لك أكن سهلاً و خاصة عندما كنت في سن المراهقة. و عندما قررت أن أغادر المدرسة لكي ألتحق بالعمل في مؤسسة بترولية, تنفس خالي الصعداء.
اني أشبه والدي, لا أثبت في مكان واحد”.
وضعت ديانا رأسها على كتف جايسون, و شعرت بسعادة غامرة بقرب هذا الرجل المتشرد الذي قرر التخلي عن حريته ليزوجها.
قال جايسون بهدوء:
“يجب أن نعود غداً”.
“لماذا؟”
استدار نحوها, و قال:
“يجب أن أعود إلى عملي, في الشمال”ز
لم تتوقع ديانا أبداً ماذا سيحدث بعد نهاية شهر العسل. كانت تظن أنهما سيستقران في أحدى ضواحي لندن, كغيرهما من المتزوجين.
و لم تتوقع أبداً. أن تجد نفسها وحيدة بهذه السرعة.
“هل يمكنني مرافقتك؟”
اجابها بلهجة حازمة:
“كلا”.
“لماذا؟”
“لأن ذلك مستحيل”.
“لكن, ماذا علي أن أفعل؟”
“ما كنت تفعلينه قبل زواجنا. استمري في القيام بأعمالك الخاصة التي ليس لها علاقة بنا. أستأنفي الذهاب إلى الجامعة و احصلي على شهادتك.ثم أبحثي عن العمل الذي تحبينه و الذي حدثتني عنه مرة.
ان زواجك مني لا يمنعك من ان تفعلي ما تحبين…”
“لكن, يا جايسون, اريد أن أكون حيثما تكون أنت. أريد أن أكون في انتظارك كل مساء عندما تعود من العمل. و ليس فقط مرة كل ثلاث أسابيع”.
شعر جايسون بشيء ما في داخله انعكس في عينيه. راح يداعب وجنتي ديانا, ثم شعرها, بنعومة فائقة. و همس قائلاً:
“أنت انسانة لكن لا أستطيع ان اخذك معي إلى منطقة التنقيب عن النفط خصوصاً الذي أعمل فيه الأن, أنه في وسط البحر”.
“يمكنني أن أبقى على الساحل. أني أعرف فتاة متزوجة من عامل حفريات, و هما يسكنان في منزل في بيترهيد, القريب من عملك”.
“كلا, لن أبقى هناك مدة طويلة. فلا داعي لأن تتركي مدرستك من أجل هذا. عليك أن تبقي هنا في لندن و تعثري على شقة, و سأوافيك إلى هناك كلما سنحت لي الظروف”.
خاب أمل ديانا. البحث عن شقة ليس سهلاً. ثم أنها لا تعرف كيف تفرشها و هي التي تجهل تماماً أي نوع من الأثاث يحب.
“أه, يا جايسون, لا أريدك أن تذهب. ألا يمكنك الحصول على عمل في مكان ثابت؟”
نهض جايسون فجأة و دار لها ظهره و قال:
“ليس الأن. لأنني لست مستعداً لذلك. قد يحصل ذلك يوماً. و لكن ليس في هذه البلاد… لا تحاولي احتجازي, أيتها الصيادة, فلن تنجحي”.
صرخت ديانا في كآبة:
“لماذا تزوجتني أذن, اذا كنت لا تريد أن تبقى معي”.
ادار وجهه و حدق بها. ثم انحنى صوبها و شعرت به يلتصق بها و سمعته يهمس قائلاً:
“أنت تعرفين لماذا, على ما أعتقد. لم يكن بوسعي أن أفعل شيئاً أخر”.
كان صدى كلمات زوجها و لمسات يده على شعرها و رائحة جلده, كلها تتفاعل في داخلها. هي أيضاً لم يكن في وسعها أن تفعل شيئاً أخر.
و في اليوم التالي, عادا إلى لندن و أمضيا الليلة في منزل والدها. و في الصباح التالي, سافر جايسون إلى شمال انكلترا و بدأت ديانا تبحث عن شقة تستأجرها.
و بمساعدة صديقتها اونيس, استأجرت شقة صغيرة في الطابق الثاني من بناية قديمة تطل على نهر التايمس. و كانت ديانا مُدينة لصديقتها على هذه المساعدة برغم معرفتها ان اونيس و بول ازعجهما زواجها المفاجئ فلم يعلقا عليه و لم يهنئاها أيضاً.
كتبت ديانا رسالة إلى جايسون ابلغته فيها عنوان الشقة ثم راحت تهتم بشراء المفروشات اللازمة لفرشها. و خلال اسبوعين, كانت قد اشترت سريراً عريضاً و خزانتين, و طاولة و كرسيين و وسادات عدة وضعتها في قاعة الأستقبال.
و في أحد الأيام, كانت عائدة من الجامعة, دخلت إلى غرفة النوم ففوجئت بجايسون نائماً في السرير. استيقظ لدى سماعه خطواتها و صرختها. و تعانقا بحرارة. بقي جايسون مع ديانا ثمانية أيام, ثم سافر إلى الشمال عائداً إلى عمله. و خلال الأشهر التالية, كانا يفترقان للمدة اسبوعين أو ثلاثة, ليلتقيا أسبوعاً واحدً. و لما كان يذهب كانت ديانا تشعر بالملل, لكنها سرعان ما كانت تستأنف حياتها العادية, في الجامعة, لنيل الشهادة المطلوبة, و في العمل في مؤسسة صغيرة كرسامة تبتكر النماذج لأزياء الثياب النسائية. كل ذلك يساعدها على تحمل العيش وحدها حتى عودة جايسون.
و كلما كانا يلتقيان, يشعران بسعادة كبرى ولم يتشاجرا إلا نادراً جداً. و خلال أقامته في لندن, كانت ديانا تتعرف إلى جايسون أكثر فأكثر. كان يحب الموسيقى الرقيقة و يحب حضور الحفلات الموسيقية الكلاسيكية التي تقام في الصالات الكبرى في لندن. كان يحب الأستفادة من أمواله و يصرف من دون حساب, و يشتري الأثاث الثمين ليزين شقته, كما كان يغدق على ديانا الهدايا الفاخرة.
و عندما تكون ديانا وحيدة, كانت تمضي معظم وقتها مع صديقتها اونيس التي كانت تسكن في جوارها. و غالباً ما يكون شقيقها بول موجوداً معهما. لكن عندما يعود جايسون, تعدل ديانا عن رؤية احد. فقط تقوم بزيارة لوالدها بطلب من جايسون نفسه.
في أحد الأيام, بعد أن سافر جايسون, سألتها أونيس قائلة:
“ألا تسألين أبداً ماذا يفعل جايسون عندما يكون بعيداً عنكِ؟”
“يمضي الوقت في عمله”
“ليس هذا ما أريد أن أقوله. اقصد عندما لا يعمل, أي في وقت الفراغ. مثلاً في عطلة نهاية الأسبوع, عندما لا يكون قادراً المجيء إلى لندن. ماذا يفعل, يا ترى؟”
أجابتها ديانا بلهجة خفيفة:
“أنه ينتظر أن يراني بفارغ االصبر”.
عند عودته وجد جايسون زوجته ديانا متغيرة, تريد أمتلاكه.
قال لها:
” لا تكوني مثل النساء اللواتي يحببن أمتلاك ازواجهن, ايتها الصيادة, و ألا فلن أعود أليك في المرة المقبلة”.
و أمضت ديانا الأسابيع التالية و هي تتسائل ما أذا كان جايسون سينفذ ما هددها به. و لكي ترفع من معنوياتها دعتها اونيس إلى العشاء و قالت لها:
“زوجك يفعل كل ما يريد, أليس كذلك؟ أنه يتمتع بك كزوجة و لا يتحمل أي مسؤولية. و أنت تدعينه يفعل ما يريد من دون اعتراض!”
أجابتها ديانا:

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333  
قديم 26-03-09, 03:59 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

“ليس بذلك المنظار نرى الأشياء و نحكم عليها. لماذا أنت و بول لا تحبانه؟”
” و ما الذي يجعلك تعتقدين ذلك؟”
“موقفكما منه”
“ما دمت تريدين الحقيقة, أقول لك أنني لا أعتقد أنه الزوج المناسب. و من جهة ثانية, أن شقيقي بول انسان تعس و حزين, و ذلك بسببه هو”.
“لماذا؟ أني لا أفهم”.
اجابتها أونيس محتدة:
“ألم تلاحظي أن بول وقع في غرامك منذ اللقاء الأول بينكما. و انه كان يأمل أن يتزوجك يوماً؟ هل تصورت لحظة واحدة ما كانت ردة فعله عندما قررت الزواج من هذا الرجل المغامر؟”
“ليس جايسون بانسان مغامر. لماذا تقولين ذلك عنه؟”
“لأن كل رجل مغامر, يجذب النساء؟”
اجابتها ديانا في توتر:
“لكنني زوجته, و المرأة الوحيدة التي يحبها”.
“كيف تكونين في مثل هذه السذاجة؟”
“أنت… تريدين أن تقولي أن جايسون… كيف تتجرأين ان تقولي هكذا عنه! أني أعرفه جيداً, فهو ليس كما تتوهمين”.
أجابتها أونيس
“يبدو أنك لا تعرفينه جيداً. أنت ما زلت متأثرة بسحره و لم تفكري يوماً أن تساليه لماذا يتأخر أحياناً ليعود إلى لندن…”
أجابتها ديانا في غضب شديد:
“اونيس, اذا كنت تريدين أن تبقي صديقة لي, فأرجوك الا تضيفي شيئاً . أني أثق في جايسون تمام الثقة و أني متأكدة من أنه الزوج الذي لا يخون زوجته”.
“في هذه الحال, واسفاه عليك”.
غيرت اونيس فجأة لهجتها و اقتربت من ديانا و اضافت في صوت ناعم:
“الا ترين أني أقول ما أقوله من أجل سعادتك؟ أنا اريد أن تكوني أنسانة سعيدة؟ لو أنك أطلعتني على نيتك الزواج منه, لكنت نبهتك و أخبرتك حقيقيته, أنه انسان من دون قلب و لا عاطفة, رجل وقح, “دون جوان” حقير…”.
و فجأة تهدج صوت أونيس. و وضعت رأسها بين يديها. و نظرت ديانا إليها و تذكرت ان اونيس التقت جايسون قبلها. ربما هي ايضاً وقعت في سحره, و ربما… لكنها رفضت أن تعتمد مسبقاص على العلاقات التي يمكن أن تكون حدثت بين أونيس و زوجها.
أجابتها ديانا ببرود:
“أشكرك لأنك تحذريني الأن, يا أونيس”.
شعرت ديانا بالدم يتجمد في عروقها. قررت أن تغير الحديث.
“متى ستذهبين إلى باريس؟ هذا لطف من مديرك أه قرر أن يعهد اليك بمهمة الرئيسة”.
رفعت اونيس رأسها و ابتسمت. ثم أخذت يد ديانا و شدت عليها و قالت:
“أنت أنسانة رائعة, يا ديانا. لكنك سريعة العطب. لا أريد أن أراك تتألمين. أني ذاهبة إلى باريس في الغد. و سأتصل بك حالما أعود.
بعد مضي أسبوع, عاد جايسون إلى لندن, كان من المنتظر أن يعود قبل ثلاثة أيام. و كان صامتاً و متعباً. و كالعادة, فرحت ديانا لدى رؤيته و لم تطرح عليه أي سؤال. كان يكفي أن يأخذها بين ذراعيه لتنسى كل الشكوك التي كانت أونيس تحرضها عليها.
و في الغد, رن جرس التليفون. فاستيقضت ديانا من نومها. لكن جايسون كان ينام بعمق فلم يسمعه. نهضت ديانا من سريرها و وضعت عليها مئزرها المطرز الذي قدمه اليها جايسون و خرجت من الغرفة لترد على الهاتف الموجود في البهو.
“صباح الخير, يا عزيزتي, أونيس تتكلم معك, لقد عدت من باريس البارحة. اتريدين أن تأتي بعد الظهر لزيارتي و تناول الشاي نعي؟ و سأخبرك عن سفري. و كذلك سيأتي بول بعد العمل”.
“لا يمكنني أن أزورك اليوم, يا أونيس. فقد عاد جايسون البارحة”.
“صحيح, هل أخبرك عن مغامرته الخاطفة في باريس؟”
” باريس ”
قطبت ديانا حاجبيها و القت نظرة على حقيبة جايسون و رات بطاقة كتب عليها: الخطوط الجوية الفرنسية.
و استطردت اونيس تقول:
“نعم, لقد رأيته في المطار, كانت ترافقه فتاة شابة جميلة و شقراء” كانت متعلقة بذراعه و قبلته قبل ان يودعها و يأخذ الطائرة”.
اجابتها ديانا و هي ترتجف:
“لا بد أنك أخطأت يا أونيس. ربما شاهدت رجلاً يشبهه”.
“اتعتقدين فعلاً أني مخطئة يا ديانا؟ أنت تعرفين أن لا أحد يمكن أن يشبه جايسون؟”.
اجابت ديانا و هي تحاول أن تمزح:
” تن لكل أنسنا على الأرض أخر يشبهه”.
“كلا, كلا, أن الرجل الذي شاهدته في مطار باريس هو جايسون بالذات: حسن المنظر, طويل القامة…تعالي معه اليوم بعد الظهر لزيارتي. و أنا سأقول له وجهاً لوجه أني رأيته. و سيسرني أن أرى ردة فعله”.
“أشكركو يا أونيس, أنا سأكلنه بدوري, إلى اللقاء”.
وضعت ديانا سماعة الهاتف بهدوء. ثم رأت جايسون واقفاص أمام باب غرفة النوم و منشفة الحمام حول خصره و شعره مشعث و عينها نصف مغمضتين. سألها:
“من كان يكلمك في الهاتف؟”
“أونيس, فهي تدعونا إلى تناول الشاي في منزلها اليوم بعد الظهر”.
أجابها بلهجة ساخرة:
“لا يمكنني أن أذهب, لم يبق لي هنا في لندن سوى ساعات قليلة, و ما زالت هناك أمور كثيرة أريد أن أطلعك عليها”.
قاطعته بحدة:
“لو لم تمض وقتاً لا بأس به في باريس, لكان عندك الوقت الكافي لتبقى معي وقت أطول, لماذا ذهبت إلى باريس؟”
لأشتري لك هذا المئزر المطرز و أجلب لك بعض العطورات الفرنسية. و لم يسمح لي الوقت أن أقدمها لك أمس”.
راح يفتش في حقيبته و يرمي ملابسه القذرة على الأرض.
فصرخت ديانا:
“أتنتظر مني أن أصدق ما تقول؟ لم تذهب إلى باريس ألا لشراة بعض الهدايا لي!”
نظر جايسون اليها في برود و قال لها من دون أي اضطراب:
“كانت هناك أيضاً بعض الاعمال التي كنت مضطراً أن أقوم بها”.
التقط علبة مليئة بالعطور و قال لها:
“خذي, هذه لك, هذا ما تحلم به كل امرأة”.
رات ديانا الهدية المغلفة بالورق الثمين و المزينة يالشرائط المذهبة و عليها اسم مشهور في عالم العطور. لابد أن تكون هذه الهدية كلفته الكثير من المال, كبقية الهدايا.
فالت له:
“لا أريدها, و من الأن فصاعداً لن تشتري سكوتي بالهدايا”.
رات وجهه يشحب و هو يعض على شفتيه من الغضب. رمى بالعلبة أرضاًَ كما لو أنها ممسحة قديمة. ثم اقترب منها و قال في هدوء:
“ماذا هناك, يا حبيبتي؟”
“أني… أني لا أصدق أنك تقول لي الحقيقة. أني اعتقد أنك ذهبت إلى باريس لرؤية… امرأة أخرى”.
أجابها و السخرية تملأ صوته:
“أما زلت غيورة؟”
وضع جايسون يده حول خصر ديانا راح يلامس خديها بفمه. احست ديانا بالأشمئزاز و ابتعدت عنه صارخة:
“لا تلمسني, فأنا لا أحتمل ذلك!”
أجابها بجفاف:
“هذا لم يكن يزعجك البارحة مساء. ماذا جرى حتى تبدلت؟”
القى نظرة على الهاتف و فجأة فهم كل شيء:
“لست في حاجة إلى أن تقولي لي ما حدث. أنها هذه المرأة…”
توقف قليلاً عن الكلام و تفرس في ديانا و عاد يقول:
“أخبرتك لماذا ذهبت إلى باريس. لماذا لا تصدقينني؟ ألا تثقين بي؟”
همست ديانا قائلة:
“كلا, يا جايسون, لم أعد اثق بك بعد الأن”.
ادار وجهه فجأة, و دخل الحمام و صفق الباب خلفه.
تكومت ديانا في الكنبة, حزينة حتى الموت. فهي لا تصدق ما حدث الأن. لقد كذب عليها جايسون و هو ينتظر منها أن تصدقه و الا تشك بكلامه.
ألقت نظرة على ارض الصالة, فوجدت الثياب القذرة. و كأنسان ألي راحت تلملمها. و اذا بورقة صغيرة تقع من احد جيوب القميص. التقطتها بغية رميها, و لكن لم تستطع أن تمنع نفسها من قراءة ما تحتويه:
“جايسون, أتوسل أليك أن تأتي إلى باريس. فأنا في حاجة إلى مساعدة. أني أمر في مأزق صعب. أذا كان لك قلب, فأرجوك أن تأتي إلى باريس بأسرع ما يمكن على العنوان الأتي ذكره أعلاه. كنت تقول لي أنك تأتي لزيارتي اذا طلبت منك ذلك. و كنت تقول: أينما كنت و في أي وقتز أذاً, حان الوقت لأن تساعدني. أنت الوحيد الذي يمكن أن يساعدني الأن. أرجوك أن تأتي. أقبلك, كارول”
رمت ديانا بالورقة التي راحت تتطاير قبل أن تسقط إلى الارضز و ألقت بالقمصان كما لو كانت مليئة بالجراثيم. لم يعد هناك أي شك: ذهب جايسون إلى باريس بناء على طلب أمرأة تدعى كارول.
ذهبت إلى المطبخ و راحت تحضر فطور الصباح. محاولة أن تنسى أحزانها, بانهماكها بعمل ما. مدت الطاولة و أعدت القهوة و البيض المسلوق.
دخل جايسون و جلس في كرسيه بدون ان ينطق بكلمة واحدة. ولاحظت ديانا أنه ما زال يجهل كيف يعقد ربطة عنقه كما يجب.
سيطرت الغيرة على مشاعر ديانا, و لم يكن في وسعها أن تتخيل مجرد التفكير بأن أمرأة كانت معه. فقالت:
“جايسون, أني مصرة على ان تخبرني كل الحقيقة. لماذا ذهبت إلى باريس؟”
“قلت لك الحقيقة. كنت أحل بعض المشاكل العائلية”.
“اذا كانت مشاكل عائلية, فلست أرى ما الذي يمنعك من أن تحدثني عنها. لا تنسى أني زوجتك”.
“أني أسف, لا يمكنني أن أحدثك عنها”.
“ولماذا؟”
“لأنك لن تفهمي ما ساقوله. أنك انسانة متزمتة تصدرين أحكاماًُ جائرة على الأخرين”.
قالت و هي على وشك البكاء:
“هل حقاً تفكر بي هكذا؟”
“أليس تصرفك هذا برهاناً قاطعاً؟”
كانت تريد أن تسأله من تكون تلك الفتاة التي تدعى كارول لكنها ادركت انها لو ارتكبت هذا الخطأ, فسيعرف أنها قرأت الرسالة و سيتهمها بالتجسس عليه.
“شاهدتك اونيس في مطار باريس. و قالت لي أنك كنت مع فتاة شقراء كانت تقبلك…”
“لقد عرفت أن اونيس وراء كل هذا “.
“أنها صديقتي, أني أعرفها من زمان و قبل أن اتعرف أليك بكثير”.
“صحيح, و لذلك تصدقين كل ما تقوله. و كل ما أقوله أنا, هو كذب”.
أنحنى امامها و قال بهدوء:
“اسمعيني يا حبيبتي, أن زواجنا يجب أن يقوم على الثقة المتبادلة, و الا, فليس علينا إلا أن نفترق حالاً. هل تريدين ان نفترق؟”
لم تعد تعرف ما تجيب. منذ أشهر مضت, كانت مكتفية بوجوده وحبه. أما الأن فأن هذه الأشياء لم تعد كافية بالنسبة أليه.
انهى جايسون طعامه و نهض. و نظرت ديانا إليه و رأته ينظر و يقول:
“الظاهر أن ليس لديك جواب. أما أنا, فليس في نيتي أن أفتش على برهان اثبت به براءتي. يمكنك أن تصدقي ما تريدينه!”
نهض و توجه نحو الغرفة و راح يوضب حقائبه.
سألته ديانا بصوت مرتجف:
“إلى أين أنت ذاهب؟”
“إلى هيوستن. دعتني الشركة لتبحث معي في نقلي إلى مكان أخر. كان في نيتي أن اصطحبك معي, لكن على ما اعتقد, تفضلين البقاء هنا, لتتناولي الشاي مع صديقتك أونيس و أخيها بول, هذا الخبيث!”
“بول ليس خبيثاً!”
“صحيح؟ ليس لدي الوقت و لا الرغبة في أن نناقش ذلك”.
قالت ديانا و هي تشعر أنه لن يغير تظرته اليها:
“جايسون, ليس في وسعك الذهاب هكذا”.
“أتعتقدين ذلك؟ و من الذي سيردعني عن الذهاب؟”
فتح الباب و حمل حقائبه و نظر اليها و قال:
“عمتك جرتورد كانت على حق. أنت لا تعرفين ما معنى الحب, حتى الأن, و على الأقل”.
“جايسون…أني…”
كانت على وشك الأعتذار, و أن تطلب منه أن يسامحها.
لكنه أقفل الباب بسرعة.
بقيت ديانا مذعورة و مضطربة. تريد أن تفتح الباب و تناديه.
لكنها لم تكن قادرة على ذلك.
و مثل أنسنا منوم مغناطيسياً, توجهت نحو غرفة النوم. و من النافذة رأته يشير إلى تاكسي. ثم يصعد في المقعد الخلفي و يختفي عن الأنظار.
أستدارت و وجدت خزانة الثياب مفتوحة و محتويات الجوارير فارغة. لقد أخذ جايسون كل أغراضه. و هذا يعني أنه لن يعود.
جلست ديانا أمام المرأة و عيناها ممتلئتان بالدموع. و اذا بها ترى العلبة التي جاء بها من باريس هدبة لها.
وضعت وجهها بين يديها و راحت تجهش بالبكار.
و شعرت بقلبها يتمزق!
3- الدوامـــــة
" ديانا! "
كان صوت جايسون الذي استيقظ، قد ايقضها من تأملاتها واعادها الى الواقع، الى غرفتها في الفندق، الى البرد الذي يعم الغرفة والى حيرتها التي لاتنتهي.
سالها:
" ماذا تفعلين؟ "
وبالكاد كانت تميزه في العتمة. فجأة شعرت بالتوتر، وقالت:
" اني ... اني اعد النجوم"
" هذا عمل شاق لاينتهي، ان عدد النجوم لا نهائي".
فوجئت ديانا، لقد صدقها، اذ لم تكن هناك سخرية في صوته.
اضاف هامساً:
" البرد قارس! لماذا لا تخلدين الى النوم هنا في السرير؟ "
اجابته وهي تحاول التغلب على قشعريرة البرد التي تجتاح جسمها:
" انني مرتاحة حيث انا شكراً".
قال وهو يخنق ضحكة صغيرة:
" لاخطر عليك اذا كنت قربي. انا مرهق ولن اقوم بأي عمل فيه اجهاد".
كانت تعرف جيداً ماذا يعني. وفهمت ان جايسون لم يعد يرغب فيها. لم تعد تلك المرأة التي احبها التي كانت تعني له اشياء كثيرة.
لماذا عليها ان تعاني من هذا الوضع؟ فهي تعرف جيداً انه لم يعد يريدها، وقاست من العذاب ما يكفي بعد انا غادر لندن منذ خمسة عشر شهراً. الى هيوستن. كانت تنتظره آملة ان يعود. وبعد مضي شهر بكامله لم تسمع عنه شيئاً، فاقتنعت بأنه لن يعود.
ومرة سألت والدها اذا كان يعرف شيئاً عن جايسون وعن مكان وجوده. فقال والدها وهو يلقي اليها نظرة باردة:
" لماذا تطرحين هذا السؤال؟ "
" منذ اكثر من شهر لم اسمع عنه شيئاً. وبدأت اخشى ان يكون قد وقع له حادث ما. "
ثم انفجرت باكية وهي تقول:
" آه ، يا ابي، تشاجرنا في لقائنا الاخير، فغضب ورحل. والآن بدأت اعتقد باني ربما خسرته الى الابد! "
" اني افهم الآن. هناك وسيلة واحدة لمعرفة الحقيقة. ليس عليك الا ان تكتبي له رسالة، وابعثي بها الى عنوان شركته، التي ستوصلها اليه بالتأكيد. اني متأكد من انه يملك السبب الحقيقي لصمته."
عادت الى منزلها وبدأت تكتب الرسالة . وكانت تجد صعوبة كبرى في اختيار الكلمات. كأنها تكتب لرجل غريب. وبرغم كون العلاقة بينهما حميمية، اكتشفت ديانا انهما لم يعرف احدهما الآخر كفاية. فلم تستطع ان تكتب له الا عن الامور السطحية من دون ان تذكر شيئا عن العذاب الذي تعاني منه جراء رحيله.
الحياة تستمر والايام اصبحت اسابيع والاسابيع شهورا. وديانا لم تتسلم جوابا على رسالتها. لم تستطع ان تكتب اليه رسالة اخرى. كانت تخبر صديقتها اونيس بما تشعر به وهي في قبضة الانتظار. فراحت تحاول اقناعها ان زواجها من جايسون كان خطأ عليها ان تنساه وتبدأ حياة جديدة.
قالت اونيس:
" نال من هذا الزواج ما يريد. وعندما قلت له انك ترفضين وقاحته، انتهزها فرصة ليتخلى عنك. وهو كان ينتظر فرصة كهذه، لأنه لم يعد يرغب فيك. لو كنت مكانك. لطلبت الطلاق. في اي حال، لن يعود اليك ابداً".
لكن ديانا كانت تقاوم طويلا فكرة الطلاق. وفي احدى الليالي، بعد سهرة امضتها مع اونيس وبول، قام هذا الاخير بتوصيلها حتى باب منزلها. وهناك حاول ان يقبلها. لكنها صدته واذا به يصرخ بصوت غاضب:
" لم اعد قادراً على الانتظار اكثر من هذا. "
" اسفة يا بول. لاتظن انني اتجاهل صداقتك. لكن جايسون مازال زوجي، و..."
" اعرف ذلك جيداً. لكن حان الوقت لتتخذي موقفاُ من هذا الموضوع."
" هل تعني ان علي ان اطلقه".
" نعم. وهذا يجعلني اكثر من صديق لك. انه يتيح لي ان اتزوجك."
" لكن علي ان اتصل بجايسون قبل ذلك. لا يمكنني ان احصل على الطلاق من دون ان اكلمه، او اراه. انني لا اعرف اين هو."
" ليس من الضروري ان تريهاو تحدثيه. ما عليك الا تسليم القصية الى محام لامع، يمكنه ان يرتب الامور بسهولة."
" شكرا لنصيحتك هذه، وربما هذا ما سأفعله، سأستشير احد المحامين، وسأعلمك بالامر في حينه."
لكنها لم تستشر اي محام. لقد فضلت ان تطلب النصيحة من والدها، الذي سألها ببرود:
" ولماذا تريدين ان تتصلي بجايسون هذه المرة. في المرة الاخيرة، لم يحالفك الحظ."
اجابته قائله:
" بول يريد ان يتزوجني."
" وانت؟ اتريدين الزواج من بول؟"
" لااعرف، اني احترمه، انه لطيف جدا معي، لكني خائفة من ارتكاب غلطة اخرى."
سألها كريستوفر في حدة:
" هل تعتقدين ان زواجك من جايسون غلطة"
اجابته من دون تردد:
" كلا، آه، لا اعرف. لم نتزوج الا من وقت قصير ونادرا ما رأيته وبالكاد اعرفه! يا ابي ارجوك ان تقول لي: ماذا افعل؟"
" بصراحة يا عزيزتي، اعتقد انك في حاجة الى اجازة يجب ان تغادري شقتك، لتذهبي الى مكان مختلف تماما، حيث لا تعرفين احداً. اعتقد انه يمكنك ان تطلبي اجازة من عملك."
" نعم، لدي اسبوعان من اجازتي، لكنني كنت انوي ان امضيها في اليونان، مع اونيس."
قطب كريستوفر حاجبيه وتابع يقول بصوت هادئ:
" لا اعتقد ان سفرك مع اونيس الي اليونان هو الحل الجيد. فهي شقيقة بول وغالبا ما تراه، وستجدين صعوبة في اتخاذ قرار عادل، حسب رأيي، من الافضل ان تأتي معي الى اميركا الجنوبية بعد اسبوع من الآن. سأذهب اولاً الى فنزويلا، ثم الى الاكوادور وبعدها الي البيرو، اذا سمح لي الوقت بذلك. انها رحلة عمل واستجمام في الوقت نفسه. هل تعجبك فكرة مرافقتي، كما في الماضي؟"
قبلت ديانا *** والدها واحست بارتياح. وها هي الان في كيتو، و والدها مصاب في قلب الادغال. وزوجها نائم في سريرها.
نهضت ديانا. احست بالبرد يخترقها. وشعرت بحاجة الى دخول السرير، و وضع غطاء فوق جسمها البارد.
كان جايسون نائما، وهو لن يشعر بها اذا اندست في السرير. الم يطئمنها انه لن يحاول ايذائها او حتى لمسها.
رفعت زاوية الغطاء وتمددت في الجهة الفارغة من السرير ورمت الغطاء فوقها واحست بالراحه والحرارة. مدت قدميها وتركت اطرافها تسترخي.
بعد ذلك بقليل تحرك الغطاء فجأة. قتحت ديانا عينيها. كان جايسون يتحرك في السرير واذا بذراع ثقيلة جامدة تقع على جسمها وتسمرها في السرير.
راح قلب ديانا يخفق مثل عصفور سجين. ولم تحاول القيام بأي حركة، لقد برحها النعاس، كانت خائفة ان يستيقظ زوجها.
وبالرغم منها، شعلت. تحركت يد جايسون الموضوعه فوقها، فلم تقم بأي حركة. واذا بجايسون يدور الى الجهة الثانية ويبتعد عنها. استعادت ديانا تنفسها وسمعته يهمس:
" حاولي ان تنامي بعض الشيء. غدا سيكون نهارا طويلا. وستكونين في حاجة لكل قواك."
صوت جايسون الناعس شد من عزيمتها. فاسترخت وسرعان ما لجأت الى النوم العميق.
عندما فتحت ديانا عينيها، كانت الشمس قد اشرقت، وكل ما حولها ساكن. وللحظة قصيرة، تسائلت ما ذا كان ما حدث امس مجرد حلم. استدارت، وكانت الجهة الثايه من السرير فارغة. جايسون كان قد غادر. فنهضت ونظرت الى الكرسي حيث وضع جايسون قميصه وسترته. فلم تر شيئاً.
ذهب دون ان يترك اية رسالة. نهضت من سريرها، ودخلت الحمام لتأخذ حماما سريعا، ثم ارتدت فستانا من القطن المعرق. وبينما كانت تسرح شعرها، رن جرس الهاتف.
وفي اضطراب، امسكت بالسماعة وسمعت صوت جايسون:
" واخيرا استيقظت ايتها الكسولة. ما رأيك في تناول فطور الصباح، لأشرح لك كيف نظمت سفرك الى يونو. فلم تسمح لنا الظروف ان نتكلم عن هذا الامر امس. "
سألته ديانا:
" اين انت؟ "
" في قاعة الاستقبال. انتظرك بعد ثلاث دقائق."
" بعد خمس دقائق."
كان يتمشى مثل اسد في قفص. ولاحظت ديانا ان النساء العابرات يتريثن لينظرن اليه. كان ممشوق القامة، اشقر، لوحته الشمس في هذه البلاد، حيث معظم الرجال سمر وشعرهم اسود.
قال لها من دون مقدمة:
" اتصلت بغاري فاوست. انه وكيل مدير الشركة. لقد ابلغني ان كريستوفر امضى ليلة جيدة في المستشفى. وهو موافق ان ترافقيني الى بونو."

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333  
قديم 26-03-09, 04:00 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

سألته وهي تتوجه نحو غرفة الطعام:
" ماذا؟ هل كنت في حاجة لأستئذانه؟"
" لا، لكن الاشخاص الذين يقومون بالابحاث في حقول النفط، يفضلون ان يعرفوا مسبقاً مع من يتعاملون. انهم يخافون ان تقدم الشركات المنافسة على ارسال من يتجسس عليهم."
" شكرا. لم اكن افكر ان..."
فوقفت فجأة وجلست في الكرسي امام الطاولة.
" لم تفكري بماذا؟"
" انك قلق لهذا الحد لما حصل لأبي."
رمق جايسون ديانا في استغراب ثم هز رأسه وقال:
" ان لك رأياً غريبا في الناس عامة وفي انا بشكل خاص. لماذا تعتبرين ان الذي حصل لوالدك لا يهمني او يجعلني غير مبال ولا مكترث؟ اولاً انه انسان، كما اني اكن له كل محبة..."
توقف عن الكلام بعدما جاء الخادم ثن اضاف:
"ماذا تريدين ان تشربي؟ هل سبق وتذوقت الليمون الذي ينمو في هذه البلاد؟ يجب ان تجربيه. انه لذيذ الطعم وتجدينه فقط هنا في الاكوادور."
طلب جايسون كل ما يريد بلغة اسبانية صحيحة. وسألته ديانا بتعجب:
" لم اكن اعرف انك تتكلم الاسبانية؟"
" امضيت السنوات الثماني الاولى من عمري في هذه المدينة. لقد اخبرتك ذلك. ثم عشت في تكساس حيث اللغة الاسبانية هي بمثابة لغة ثانية. اتعرفين، ان الولد الذي يتعلم لغة اجنبية لا ينساها مدى الحياة. وعلى هذا الاساس عرضوا علي العمل هنا."
ثم اضاف فجأة:
" غيرت تسريحة شعرك."
وللمرة الاولى شعرت ديانا بالخجل امام زوجها. وفي حركة لا شعورية وضعت يدها على شعرها وقالت:
" قصيته حسب الموضه."
" كنت افضله عندما كان طويلا."
وهنا شعرت ديانا كأنها ارتكبت جريمة لا تغتفر، لأنها قصت شعرها!
جاءت الترويقه المؤلفة من البيض المسلوق والقهوة ذات النكهة اللذيذة، وشرائح الخبز المحمص والزبدة. وراحت ديانا تأكل في شهية وهي تتذكر آخر فطور تناولته مع جايسون، منذ سنة تقريباً.
وفجأة تذكرت اليوم الذي سبق سفرها بمدة وجيزة، عندما سألت والدها عن جايسون، واين يمكن ان يكون. ولم تنتبه الا الآن انه لم يرد على سؤالها. ثم تذكرت سبب سؤالها عنه ولماذا ارادت ان تعرف مكان وجوده.
يجب ان تجد الوقت المناسب في الايام القليلة الباقية امامها لابداء رغبتها في الطلاق.
فجأة تقلصت معدتها ولم تعد قادرة على ابتلاع لقمة اخرى. اما جايسون، فكان يأكل بصمت ويشرب قهوته جرعة وراء جرعة ويدخن في هدوء سيكارا صغيرا.
قالت له ديانا:
" لم تكن تدخن."
" تغيرنا انا وانت في سنة واحدة. انت اصبح شعرك قصيرا، وانا صرت ادخن السيكار. على كل حال عندي اسباب لذلك. ففي الادغال، يساعد الدخان على ابعاد الذباب والبرغش. هل علي ان استأذنك قبل ان ادخن."
تشنجت اعصابها لكنها لم ترد، اذ قررت ان تحافظ على ضبط النفس بصورة تامة. واضاف جايسون يقول:
" اذا انتهيت من الاكل، من الافضل ان نذهب الان. وجدت مكانين في طائرة صغيرة ستغادر كيتو عند الضهيرة. هل هناك شيء تريدين القيام يه قبل مغادرتنا كيتو؟"
اجابت بتعجب بعد ان تذكرت:
" آه، لقد نست كلياً... كان من المفروض انا اتناول طعام الغداء اليوم مع ماريا سواريز سبق لوالدي ان دعا السينيور سواريز الى لندن، ونحن الان ضيوفها."
" اعرف، اما زلت تعملين عند الصديق باجي؟"
تعجبت ديانا ان جايسون ما زال يتذكر اسم معمل الالبسة الصغير الذي تعمل فيه، كانت تظن انه نسي كل شيء يتعلق بها.
" نعم ...اني ناجحة في عملي. والثياب التي اصممها تباع بكثرة."
ومن دون وعي، كانت تحاول اقناعه انها لم تمض تلك السنة في انتظاره، او في البكاء.
قال جايسون:
" لماذا جئت الى هنا مع والدك؟"
فكرت ديانا انها الطريقة االفضلى للتحدث عن الطلاق. لكنها لم تكن قادرة على الاقدام على هذه الخطوة. اجابة بتوتر:
" كنت انوي ان امضي عطلتي في مكان ما. فطلب مني والدي ان ارافقه. وكنت احب التعرف على اميركا الجنوبية. لست نادمة ابدا. انها منطقة رائعة."
سألها باسترخاء من دون ان يحول نظره عنها:
"هل تحبين كيتو؟"
اجابته مبتسمة:
" كثيراً. اعتدت على العلو الشاهق. اني اشعر باني في بلد ساحر."
" عندما تشاهدين الادغال، سترين انها اكثر سحراً. واذا بقيت هناك بعض الوقت، ستتغيرين كلياً."
ماذا يقصد بذلك، هل ان عمله في قلب الادغال جعله يتطور؟ ونظرت اليه ولاحظت التجوف تحت عينيه. فكان يبدو كأنه عاش تجربة قاسية جداً.
نهضت ديانا وقالت:
" يجب ان اعلم ماريا بالامر."
" هذا سهل جدا. سنمر عليها قبل ذهابنا الى المطار. اذهبي واحضري حقائبك، وغيري ثيابك، لان ثوبك هذا ليس لائقا بأمرأة ذاهبة الى قلب الادغال. وستضعين بقية اغراضك عند ماري."
" يبدو انك تعرفها جيدا."
" نعم، اني اعرفها جيدا. هيا لا تتأخري."
وفي السيارة كانت ديانا تتأمل وادي كيتو، والمنازل ذات السقوف المبنية من حجارة القرميد الاحمر، واالقباب المستديرة للأديرة والكنائس القديمة. فجأة قالت ديانا:
" سيكون من الصعب جدا ان تشرح لماريا اننا متزوجان، واننا..."
اجابها وهو يسرع في القيادة:
" واننا...ماذا؟"
" واننا مفترقان."
سألها في سخرية:
" وهل نحن مفترقان حقاُ؟"
" كيف تفسر اننا لم نعش مع بعضنا كما يجب قبل ذلك ايضاً. على كل حال، ماريا انسانة متفهمة. انا سبق واخبرت سانشو عن وضعنا، ولابد انه اخبر ماريا بذلك. سيتسائلان لماذا نتصرف بهذه الطريقة لكن، من ناحية اخرى، انهما شخصان متسامحان، ويقبلاننا كما نحن، من دون ان يطرحا اي سؤال. وهذا ما يعجبني فيهما."
وفهمت ديانا ان جايسون اراد ان يجعلها تلاحظ انها غير قادرة على ان تقبل الناس كما هم، من دون اسئلة.
وصلت السيارة بهما الى قلب المدينة. المارة يجتمعون على الارصفة: رجال اعمال انيقون، جنود بالبذلو الرسمية، تلاميذ واقفون في الصف، ربات المنازل يتأبطن السلال، هنود يرتدون معطف البونشو المختلف الالوانن والقبعات المحاكة من القص المحلي.
كان جايسون يقود السيارة في الشارع الرئيسي بعدما راح يعبر طرقات صغيرة مارا تحت رواق مزين بالفاكهة والازهار. ثم توقفت السيارة في الساحة الكبرى التابعة لمنزل عائلة سواريز، وهم منزل رائع من الطراز الاسباني.
سمعت ديانا صوت المياه و زقزقة العصافير المتجمعه حول المياه. ولاحظت كثافة المزروعات: اشجار الليمون في جوار الصبار، وكذلك شجر النخيل الذي يعكس ضلا مبعثرا على الارض المبلطة بالفسيفساء. وفي كل مكان من المنزل كانت ترى النباتات المتسلقة على الجدران البيضاء، المحملة زهوراً حمراء وصفراء.
قالت ديانا بسحر:
" انها من الاماكن المفضلة لدي."
اجابها جايسون:
" وانا ايضاً، احب هذا المنزل كثيراً."
انفتح الباب الخشبي القديم المنحوت. وظهرت ماريا سواريز، انها امرأة نشيطة، مرحة ومليئة بالدفء. راحت مسرعة نحو جايسون وقبلته قائلة:
"جايسون،صديقي، كيف حالك؟"
اجابها بالاسبانية وهو يشير نحو ديانا. عانقتها ماريا وقالت:
" آه، ديانا، اني اسفة جدا لما حصل لوالدك. ماذا تنوين فعله؟"
اجاب جايسون:
" اني اصطحب ديانا الى بونو حتى نرى والدها اليوم. وستقلع الطائرة عند الضهر."
قالت ماريا وهي تهز رأسها موافقة:
" حسناً. هكذا يجب ان تتم الامور. عندما يكون هناك مشاكل، فنحن كلنا في حاجة الى الذين نحبهم. تفضلوا وادخلوا الى المنزل. ما رأيكما بفنجان قهوة قبل رحيلكما."
سألها جايسون:
" هل يمكنك ان تؤدي لنا خدمة بسيطة يا ماريا؟"
اجابت ماريا:
" بكل سرور، ماذا تطلبون مني ان افعل؟"
" هل يمكن لديانا ان تضع عندك جزءاً من حقائبها، من اجل الا نضع ثقلا في الطائرة؟"
" طبعا، بوسعك ان تضع الحقائب في الغرفة التي سكنت فيها، يا صديقي. سنأخذ القهوة القهوة في قاعة الاستقبال. رامون هنا في المنزل واعتقد انه يحب ان يراكما."
كانت الغرفة التي سكن فيها جايسون تطل على الحدائق المزروعه بجميع انواع الفاكهة المحلية. وكان اثاثها فاخراً.
قالت ماريا وهي تساعد ديانا على اختيار الفساتين التي تنوي اخذها معها الى بونو.
" جايسون بقربك وسيساعدك لترتبي امورك وتحلي مشاكلك، كما يفعل الزوج الصالح."
تلعثمت ديانا وهي تقول:
" لابد انك استغربت اني... اني لم احدثك عنه."
"هذا لم يفاجأني! انني اعرف كيف يحتفظ الانكليز بمشاكلهم لانفسهم. لقد ادركت انك زوجة جايسون، لانك تحملين اسم عائلته."
" لم اكن اعرف انه موجود في الاكوادور. لم يقل لي ابي شيئاً بهذا الخصوص."
اجابتها ماريا وهي تبتسم:
" لكن والدك يحبك كثيراً، يا عزيزتي. وهو قلق عليك اكثر من اللزوم."
اجابتها ديانا:
" صحيح؟هل كنت تعرفين ان جايسون متزوج؟ هل اخبرك بذلك؟"
"نعم، كنت اعرف انه متزوج، لكن ليس جايسون الذي اخبرني بذلك. لم يكلمني عنك منذ ان عرفته، وحتى عندما سكن عندنا بعد الحادث الذي اصابه."
"حادث؟ اي حادث؟"
تذكرت ديانا فجأة آثار الحروق التي رأتها على جسم جايسون الليلة الفائتة.
اجابتها ماريا بتعجب:
" لم تسمعي بالحادث؟ الم يخبرك جايسون بالحادث الذي تعرض له؟ آه، اني لا ارى داعيا لهذا الكتمان. نحن شعب اميركا الاتينية، لا يمكننا ان نفهمكم ابدا، انتم الانكليز!"
سألتها ديانا بالحاح:
" ارجوك، اخبريني ماذا جرى له؟"
قالت لها ماريا وهي تدلها الى السرير المغطى بالحرير الثمين:
" تعالي واجلسي هنا لحظة."
" حدث ذلك بعد مجئه الى هنا باسبوعين تقريبا. لقد تهدم بئر من ابار النفط وبقي احد الرجال تحت الانقاض. حاول جايسون ان يرفع قضبان الحديد لينقذه، لكن احدى القطع الكبيرة سقطت عليه. واعتقد الجميع انه قتل. في كل حال، لو لم يكن يتمتع بقوة ومناعة، لما استطاع ان يقاوم الآلام التي عذبته بضعة شهور وكان قضى نحبه. لازم الفراش لمدة ستة اشهر. وخلال فترة النقاهة، كان يسكن هذه الغرفة، آه، ما كان يجب ان اخبرك. اراك شاحبة اللون. ارجو الا يغمى عليك؟"
" انا على ما يرام، اؤكد لك ذلك ذلك. اكملي. ارجوك. لماذا جاء يسكن هنا؟"
" كما تعرفين، سانشو زوجي، له مصالح في الشركة النفطية حيث يعمل جايسون. وسبق له ان تعرف الى والد جايسون وتذكر وفاته المؤسفه في بلادنا. عندما ذهب سانشو الى المستشفى لزيارة زوجك، خيل اليه ان شيئاً ما يدور في رأسه لم يعجبه. كان يائساً ومن الصعب ان يشفى تماما اذا بقيت معنوياته هابطة. وعندما اخبرني رامون بذلك، طلبت منه ان يقترح عليه الشكن عندنا. فقد كنت اهتم به كل الاهتمام. بمساعدة ابنة اخي روزا. تكلمنا عن اشياء كثيرة، لكنه لم يلمح الى وجودك بأي اشارة. ما الذي جعلكما حزينين هكذا، يا ديانا؟"
" لقد تشاجرنا."
" تشاجرتما؟ هه هه! سامحيني اذا ضحكت هكذا، لكن ماذا تعني المشاجرة؟ سانشو وانا غالباً ما نتشاجر، لكننا نتصالح دائماً، وبسرعة."
اجابت ديانا:
" لكن في مثل وضعنا، كانت الامور حساسة للغاية. ان كذب جايسون علي. لم يكن قد مضى على زواجنا اكثر من تسعة اشهر، عندما اكتشفت ان هناك امرأة اخرى..."
توقفت فجأة عن الكلام، بعدما ادركت انها ذهبت بعيداً في الاعتراف.
اجابتها ماري بصوت ناعم:
" انا افهمك، انت تتعذبين. وبسبب هذا العذاب اردت ان يتعذب هو بدوره. ثم هناك عنفوانك. يا للأسف، لان جايسون في حاجه الى دفئك والى نعومتك. اني آمل ان ينفتح قلك له من جديد، وان تحبيه من جديد. هيا بنا نتناول القهوة. ان رامون يصر على لقائك."
دخلا قاعة الاستقبال وكان رامون في انتضارهما. انه رجل نحيف، ذو شعر اسود وملامح ناعمة تقدم من ديانا، التي فوجئت، اذ راح يقبل يديها بشغف كبير ويقول بنبرة مسرحية:
" اني اسف جدا."
"لماذا؟"
اجابها وهو ينظر الى جايسون:
" لأني علمت الآن انك زوجة جايسون، هذا الانسان الرائع."
" لكن كنت تعرف اني امرأة متزوجة، لابد ولاحظت خاتمي."
" نعم، لكني اعتقدت انك ارملة. لم تخبرينا عن زوجك."
سمعت ديانا صوت جايسون يناديها من الغرفة المجاورة:
" ديانا، هل انت مستعدة؟"
اقترب جايسون من رامون وقال له مازحاً:
" لا تتعب نفسك، يا صغيري، السيدة ليست في سنك."
" لم اعد ولداً صغيراً اني رجل مثلك!"
" اتعتقد ذلك؟ يبدو لي انك ما زلت متعلقاً بثياب امك."
قالت ديانا لجايسون وهي في السيارة:
" ما كان يجب ان تسخر من رامون. كان يريد المزاح فقط".
" الم تنتبهي ان رجلاً من عمره من السهل ان يقع في شراك الغرام. انه يفتش عن المرأة المثالية. ومن الممكن جداً ان يتصور انك انت تلك المرأة. الا تعرفين انك تجذبين الرجال، خاصة بعدما نضجت بعض الشيء."
" انا لست آكلة الرجال!"
" في كل حال، انت تحبين ان يغازلك الرجال. انا، الذي اعتقدت انك امرأة رائعة، عندما تعرفت عليك، اصبت بخيبة الأمل."
كلامه هذا كان صدمة لديانا. فراحت تغرز اظافرها في كفيها. فهي تتعذب لما يقوله الآن.
غادرت السيارة المدينة ودخلت في طريق عريض تصل بهما الى المطار. ومن بعيد بدأت تظهر مرائب الطائرات. وفي الاعالي برزت الجبال الخضراء التي كانت ترى بوضوح تحت سماء زرقاء خالية من الغيوم.
شعرت ديانا بالألم يهدأ في داخلها. لماذا هي وحدها تتعذب؟ كل الكبت الذي تراكم خلال 15 شهراً. انبثق ثانية وانهمر عليها كالحمم التي يقذفها البركان عند ثورانه.
قالت ديانا غاضبة:
" لم تكن الوحيد الذي اصيب بخيبة امل. انا التي لم اكن سوى فتاة مسكينة عاطفية تتعلل بالاوهام، وقعت في غرام رجل اعتقدته صادقاً، كما تصورت انه يحبني كما احببته! واعتقد انك عندما تزوجتني، كنت مستعداً للتخلي عن حريتك. لكن لم تكن مؤهلا لذلك. فلم يكن في نيتك التخلي عن اي شيء لتصبح زوجاً كما يجب، ولم تتصرف معي كما لو كنت زوجتك. لم اكن بالنسبة اليك غير امرأة كبقية النساء، عبدتك، تلك التي تأتي لزيارتها في لندن، من وقت الى آخر ..."
اجابها بحدة:
" هذا غير صحيح."
" اذن، لماذا ذهبت هكذا، بغتة؟ لماذا لم تكتب لي تقول اين انت؟ لم تكن تريدني؟ او لأنك كنت سعيداً للغاية لأني اعطيتك فرصة الانفصال عني!"
شعرت ديانا بانزعاج وسكتت وراحت تحدق بالطريق امامها من دون ان ترى شيئاً. كان قلبها يخفق بسرعة. واقتربت السيارة شيئاً فشيئاً من ابنية المطار. ثم دخلت الباحة المخصصة لوقوف السايرات و وقف في احدى المواقف قرب السيارات الاخرى. وبهدوء تام. اقفل جايسون محرك السيارة. و وقع الصمت المزعج بينهما.
القت ديانا نظرة جانبية الى جايسون. كانت يده ممسكة بمقود السيارة. فالتفت نحوها واصبحا وجهاً لوجه. كان وجهه قناعاً لا يمكن اختراقه.
قال اخيراً في نبرة ساخرة:
" اذن، هكذا تنظرين الى الامور. اني اعرف جيداً كم الذي ساعدك على تبني هذا الرأي. صديقتك العزيزة، اونيس فهي غيورة منك لدرجة انها تعمل كل جهدها لاتهامي امام عينيك..."
تلعثمت ديانا وراحت تدافع عن صديقتها:
"لم تقل...اعني، لم تكن ..."
لكنها اضافت بفضول:
" اونيس، تغار مني؟ ما تعني بذلك؟ لماذا تغار مني؟"
" لست انا الذي سوف اشرح لك ذلك. لكني احب ان تعرفي اشياء كثيرة. عندما ذهبت بغتة كما تقولين، جئت الي هيوستن. وهذا ما قلته لك. ومن هناك جئت تراً الى كيتو لأحل مكان وكيل المدير الذي يختص بالابحاث. واتصور انك لن تصدقي ما سوف اقوله الآن. كنت اريد ان اكتب اليك واطلب منك ان تأتي الى هنا. وكنت وجدت لنا منزلاً في المدينة، وهكذا نكون معاً كلما اعود من الادغال. لكن قبل ان اجد الوقت للكتابة، كان علي التوجه الى الاماكن حيث تجري الابحاث، وذلك من اجل تصفية احد المشاكل. وهناك، حدث شيء ما فمنعني من تحقيق هذا المشروع."
" الحادث، اعرف، اخبرتني ماريا اليوم."
وشعرت ديانا بالألم عندما تصورته جريحاً وهي عاجزة عن فعل اي شيء لمساعدته و الاهتمام به.
تابع جايسون كلامه كأنه لم يتوقف:
" ولما بدأت صحتي تتحسن وصرت قادراً على الوقوف، وصلت رسالتك. وبسبب التأخير في البريد، بقيت الرسالة في الطريق اكثر من ثلاثة اشهر."
توقف لحظة واخذ نفساً عميقاً ثم تابع:
" اتعرفين بماذا فكرت عندما قلت لي في رسالتك انك مستعدة لتسامحيني. بالنسبة الي هذا يعني انك فقدت الثقة بي، وانك ما زلت تعتبرينني دجالاً محتالاً. وبما انك تنظرين الى علاقتنا بهذا المنظار، فأنا لا اريده هذه العلاقة. ولهذا السبب رفضت الاجابة على رسالتك. وكنت آمل ان تنضجي ذات يوم، وتنظري الى الاشياء بعين مختلفة، او..."
توقف عن الكلام ثم ما لبث ان اضاف بصوت قاتم:
" او ان تطلبي الطلاق."
ان فكرة الطلاق التي حاولت ان تكبتها في اعماقها، طفت الي السطح وبدت بشعة. وغريزياً حاولت ديانا ان تبعد هذه الفكرة لأنها ادركت انها لا تريد الطلاق بالفعل.
قالت بصوت منخفض:
" اني آسفة للحادث الذي اصابك، والآلام التي عانيت منها. لو فقط اخبرني احد بالامر..."
اجابها بمرارة:
" ماذا كان حدث؟"
" كنت اخذت الطائرة والتحقت بك..."
"لتمسكي بيدي وتقولي انك سامحتني؟ لا شكراً."
ادارت ديانا وجهها حتى لا تدعه يرى الدموع التي بدأت تتساقط.
تابع جايسون:
" ارجو ان تفهمي ما كنت احاول قوله. لا اريد منك ان تسامحيني، لست في حاجة لأن احصل على الغفران. ليس عندي شيء آخذه على نفسي."
" لكنك رفضت ان تقول لي لماذا ذهبت الى باريس. انه شكل من اشكال الكذب، اليس كذلك؟"
وفي عنف، فتح باب السيارة وخرج منها. ثم انحنى قليلاً وقال لها من خلال النافذة:
" ما الجدوى من الكلام. ارجوك ان تخرجي من السيارة وان تسرعي، لأنه اذا بقينا هنا نتجادل، فلن نستطيع ادراك الطائرة التي لن تنتظرنا بالطبع. هيا اتبعيني."
الفصل الرابع :-
عالم جايسون
وعندما شاهدت ديانا الطائرة التي ستأخذها الى بونو , أدركت لماذا أصرّ جايسون الاّ تأخذ سوى حقيبة واحدة .
إنها طائرة صغيرة بمحركين , لا تنقل سوى ستة مسافرين .
طلب جايسون من ديانا ان تضع حزام الأمان .
ليس في الطائرة مضيفات , وكل مسافر مسؤول عن نفسه .
وبعد دقائق قليلة , أقلعت الطائرة وحلقت في مضيق عميق بين جبلين .
وبعيداً في نهاية المضيق , سيل صغير يتدفق مثل خيط رفيع فضي ضائع في وسط كتلة خضراء .
داخل الطائرة , تجلس قرب ديانا فتاة في العاشرة من عمرها , تبدو من أصلٍ هندي , وهناك رجل وإمرأة تحمل طفلاً , وجايسون يتحدث مع رجلٍ أبيض يبدو أنه على معرفة وثيقةٍ به .
يدأت الطائرة بالهبوط تدريجياً نحو عمق المضيق الذي راح يتسع شيئاً فشيئاً ,,
ثم أصبح السيل المائي نهراً .
لاحظ جايسون اهتمام ديانا بالمنظر الذي يحلقون فوقه ,
فقال لها شارحاً :
" إنه نهر تايو ,أحد روافد نهر الأمازون ,

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
-فلورا, تقولي
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:20 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية