المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
سبع البرمبة
تأمل نفسه في مرآة الحمام في مزيج مابين النرجسية و الزهو و الإعجاب ، و لم يقطع هذه التأملات إلا رنين هاتفه المحمول بنغمة معينة جعلته يقفز قفزا للرد على الهاتف ، فقد كانت هذه النغمة مخصصة لوالديه فقط ... و في اقتضاب و إيجاز أخبره والده بعثورهم على عروس مناسبة له (مناسبة في نظري أم في نظرهم .... لما نشوف) ، و سأله عن إمكانية الحضور لرؤيتها و الارتباط بها إن حازت رضاه .منتدى ليلاس الثقافي
حاول الاسترخاء أكثر من مرة على الكرسي المخصص له في الطائرة و لكنه لم يستطع فهو متوتر بشدة ، و مترقب بشدة .... يكاد يلتهمه الفضول ، و بالرغم من انه حسم قراره برفض العروس المختارة إلا انه لم يستطع أن ينكر إحساسه بالسعادة كون أن والديه تذكراه في خضم بحر المشاكل المحيطة بالعائلة ، لم يستسغ فكرة الارتباط بهذه الطريقة فقد كان يمني نفسه بقصة حب يسطرها قلبه (مع اقتناعه المطلق بأن زواج الصالونات هو الطريقة الأمثل لمن هم في وضعه من الشباب المغترب ) على مزاجه الخاص لينسى بها حبه الأول و ليختم بها عزوبيته القاحلة ... إلا انه في الوقت ذاته كان مقتنعا اشد الاقتناع بضرورة القيام بهذه الخطوة لا سيما و أن جميع أصدقاؤه و من هم في سنه قد خاضوها و بالرغم من نصحهم المستمر إلا انه كان و مازال (أسر بها للمقربين إليه) خائفا ...!!!!
شحذ جميع أسلحته و استعد لهذا اللقاء و بالرغم منه تأنق و اعتنى بمظهره مع أن هذا يتعارض مع خطته ، إلا أن طبعه تغلب عليه في النهاية و هاهو جالس قبالة العروس مع والدته و والدتها في جلسة التعارف بالمطعم الشهير (يبدو انه بني لهذا السبب فقط )، و قرر أن يشهر أول أسلحته ... فمادامت قد رضيت بمقابلتي فستستحق ما يجري لها ، و مع كل سؤال كان يسأله لها قاصدا الاستهانة و الاستخفاف بها كانت ترد في تلقائية و بساطة محببة مما كان يستفزه أكثر فشرع سلاح السخرية إلا أنها لم تصمد أمامه إلا قليلا و بدأ أن عيناها على وشك إفراغ حمولتهم من الدمع الغزير .. فتراجع فورا و أدار دفة الحديث لوالدتها معطيا لها الفرصة لاستجماع طاقتها و استعادة هدوئها، و لكنه كان يحس بإحساس عجيب يتسلل إليه و يتعاظم في كل لحظة .....يوسفني أن أخيب ظنك عزيزي القارئ و لكنه ليس إحساس الحب المباشر.. بل خليط مشاعر بالارتياح و الارتباك و العطف و الفضول و الإثارة .
(ياريتني قابلتك قبل ما أقابل حد .........)
مازال حتى الآن غير مصدق لما جرى ... فها هو جالس في القاعة و جميع الأنظار مصوبة إليه كالفريسة... تبا لهم ... اللهم أصبهم بالعمى و الصمم و الفالج و جميع الأوبئة... مابالهم ينظرون لي هكذا ...
لست بأول المتزوجين و لست بآخرهم ....
ليس هذا فحسب بل هذا المصور ثقيل الظل الذي يتراقص كالنطاط يمينا و يسارا و مساعده الرقيع الذي يوشك على أن يزجج حاجبيه ، لكنه يظل اخف وطأة من مصور الأستوديو الذي ظل طوال نصف ساعة يحركه و عروسه كيفما يشاء ...فتارة هو جالس و هي واقفة و تارة أخرى يحتضنان بعضهما مستحضرين كل طاقات الحب في نظراتهما )سخافة و ادعاء( و تارة ... وتارة .. الخ
لكن ما باله يجلس صامتا مستكينا تاركا المجال لعائلته و عائلتها يقررون كل شئ ، مكتفيا بالنظر إليها و الابتسام كلما نظرت مرددا أعذب الكلمات و ارق الصور البلاغية بمنتهى السعادة و الرضا ، فكأنه أحب الشعر من أجلها و كأنه اختزن آلاف القصص و الروايات العاطفية للتتجسدها هي ..
أين ثورته و رفضه ... أين قناعاته و فلسفته ... أين كل تلك النظريات و السفسطات التي تشدق بها مع أصدقائه ... أين و أين ؟!؟!؟!؟!؟!؟؟!؟!؟!؟!؟........؟؟..!!
(مش عارف أنا من غيرك كنت هاكمل عمري ازاي ...)
ما هذا الذي يحدث له ؟ هل هذا هو الحب الذي قرأه ؟ هل رقتها و عذوبتها التي تتراءى أمامه في كل لحظة ؟ هل هي الأنوثة ؟ هل تورد وجنتاها كلما نظرت إليها ... خجلا منه ؟ هل صحيح ما سمعته أذناه ... يا لحظه و سعادته ... (أحببتك مذ رأيتك لأول مرة في المطعم ..... و دعوت أن تكون لي)
إذن فهذا هو الزواج الذي تأخر عنه .... أهذه هي السعادة التي حرم نفسه منها
(أنا باندم على أيامي اللي أنا عشتها مع ناس تانيين ....)
استيقظ من نومه شاعرا بالانتعاش و المرح و قرر أن يفاجئها في المطبخ أثناء إعدادها للإفطار و يرميها بقبلة خاطفة و يحتضنها من الخلف كما تحب ... و إذا بها تلتفت إليه
عاقدة غطاء الرأس على جبهتها
مقطبة الجبين ... متنمرة الوجه
قائلة :
صح النوم يا خويا ..ليه ما غسلتش المواعين قبل ما تتخمد امبارح يا سبع البرمبة !!!!!
|