المنتدى :
الارشيف
الرحلة الرهيبة.. قصة وأكثر من مؤلف.. (الفضل الثالث )
3-غموض
من تأليف (نـور)
تمسك الإثنان بالجدار ، فى حين كانت الأرض تهتز من تحتهما بشدة وتتساقط قطع الصخور من حولهما
صرخ الدكتور " عزت " بعاصم وهو ينظر إلى المزهرية التى تركاها خلفهما تكاد تسقط : الحقها يا عاصم
قبل أن تسقط ، لا يجب أن نضيع أى شئ نجده هنا...
ولكن عاصم لم يكن يشغله أى مما يشغل بال الدكتور عزت ، فكل ما يريده الآن هو أن يخرج من ذلك المكان
حيا ... و لتذهب الإكتشافات إلى الجحيم..
نظر عاصم إلى الدكتور عزت نظرات يملؤها التردد والرعب ، ثم قال له وكأنه يستجديه: دعنا نخرج من هذا المكان
بالله عليك... أنه مكان ملعون ، أم تراك تريدنا أن نموت مدفونون بين اكتشافاتك العظيمة.
لم يكن الدكتور عزت من الأشخاص الذين يسهل استفزازهم ، وهو يعرف عاصم جيدا منذ كانا يعملان معا وهما شابان
صغيران فى بداية حياتهما العمليه
كان يعلم جيدا ان عاصم من الاشخاص الجادين فى عملهم وهو كعالم آثار يعتبر من أفضل العاملين فى مجاله وقد
أثبت مهاراته العلمية فى مجموعة من أهم الاكتشافات التى قاما بالعمل عليها معا من قبل...
وهذا ما يجعل الدكتور عزت متمسكا بوجود عاصم فى الفريق ، بل أن عاصم فى نظر الدكتور " عزت " هو اهم عضو
فى الفريق ... إذ يخلق من جميع العاملين أسرة واحدة بروحه المرحة و تعاونه مع الصغير والكبير.
لن يستفزه ما قاله عاصم ، فهو أيضا خائف ، ولا يعلم ما سيحدث لهم فى هذا المكان غير الله وحده!! .. هكذا فكر عزت
فى هذه اللحظه ، وما زاده تفهما لموقف عاصم أنه كان معتادا على تلك التعامل مع تلك المواقف الصعبة.. و كان الأكثر
قدرة على التماسك فى لحظات الخطر..
غير أن تلك اللحظات عادت به عامين إلى الوراء وبالتحديد إلى اليوم الذى فقد فيه زوجته الجميلة الدكتورة " سلمى "
لقد كان هذا اليوم هو اليوم الذى غير مجرى حياته... فقد اكتشف فيه اكتشافا ادى إلى نقلة كبيرة فى حياته المهنية ..
و لكن النقلة الأكبر كانت بداخل الدكتور " عزت " حيث ضاعت منه فى هذا اليوم حب حياته وشريكة عمره .. أنها المرأة
الوحيدة التى خفق لها هذا القلب القوى وهى التى شاركته اسعد لحظات عمره وكانت السبب وراء كل ما وصل إليه من
نجاح وسعادة ، كما أصبحت منذ يوم وفاتها سبب أعمق جرح فى قلب الدكتور عزت.. وهى السبب الخفى وراء الجمود
والحزن المحفوران على وجهه منذ عامين...
تمالك عزت أعصابه و تحرك تجاه عاصم محاولا ان يصل إلى المزهرية الأخرى بنفسه ، فهو لن يضيع الوقت فى النقاش
مع عاصم.
ناول " عزت " المزهرية التى يحملها إلى عاصم وظل يتشبث بالنتوءات البارزة من الحائط محاولا الوصول إلى المزهرية
الأخرى ، فى حين اشتد اهتزاز الأرض أكثر و أكثر وكأنها تمنعه من الوصول إلى المزهرية.
وبالفعل نجحت فى مسعاها وسقطت المزهرية على الأرض تناثرت القطع المكسورة داخل المكان... ولكن الجيد فى الأمر أن
الاهتزاز توقف ، وعاد السكون يملأ أرجاء المكان مرة أخرى.
وأسرع " عاصم " قائلا: هيا بنا.. لنخرج من هذا المكان الملعون ، يجب أن نجد المخرج فورا.
ولكن عزت لم يجيبه ، ولم يلتفت إليه أصلا ، فصرخ به " عاصم " مرة أخرى: ماذا تنتظر الآن .. لقد تحطمت مزهريتك
اللعينة تماما ، والأخرى معنا وهى ما تهمنا الآن .. بالله عليك لا أريد أن أموت وحيدا داخل مقبرة
لدى أولاد و أسرة يجب أن ... ( أسكت ) جاءه صوت عزت حازما وقاطعا..فانتبه عاصم فى تلك اللحظه إلى ما كان يشد إنتباه
الدكتور عزت ، أنه لم يكن يتجاهله .. ، بل هو منشغل بما رآه
يا الله .. ما هذا الذى نراه ! ، يالهذا المكان .. ترى ماذا يحمل لنا من مفاجآت أخرى....
----------------
وقف عمرو مذهولا وهو ينظر حوله ويحاول جاهدا أن يستعيد الرؤية الواضحة خلال بقايا الدخان المنقشع حولهم، ووقفتا
خلفه ريهام وساره تزيلان آثار الغبار والدخان من على ثيابهما، فى حين صرخت " ساره " قائلة بعصبية شديدة: ما الذى
يحدث الآن ، أكاد أجزم ان هذا المكان يتلاعب بنا، أنه يريدنا أن نفقد أعصابنا ، يريد أن يصيبنا بالجنون.
قاطعها " عمرو" قائلا بتركيز شديد وهو مازال فى حالة من الذهول: بل أنه يعرفنا بنفسه.
نظرت إليه الفتاتان بدهشة فليس هذا وقت المزاح، ولن عمرو تجاهل نظراتهما وأردف قائلا: أنه يريدنا أن نتعرف عليه ،
يريد أن يُكتشف وأن يعرفه الناس ، ونحن وسيلته ليصل إلى غايته ، ولذلك يعرفنا بنفسه.
ازدادت نظرات الفتاتان دهشة وحيرة ، وقالت له سارة: أنظر إلى نفسك الآن ، أن هذا ما يريدنا ان نصل إليه .. ان نفقد
عقلنا ونجن.
قاطعها عمرو : دعينا إذا نسمع تفسيرك يا صاحبة العقل الفذ ، منذ قليل دخلنا إلى المقبرة ووجدنا أنفسنا داخل غرفة تنتهى
بممران كتلك التى بالكهوف ، ثم انتقلنا إلى غرفة أخرى و سقط الجدار كاشفا لنا عن ممران أيضا ، والأن عدنا إلى نفس الغرفة
التى دخلنا إليها فى البداية، والممر الذى دخلناه لم يكن مخرجا بل ينتهى بحائط سد ...
آلا تريان أنه لا يريدنا أن نخرج من هنا ، ولن نخرج قبل أن نحقق له ما يريد ، وما جئنا من أجله وهو اكتشاف المكان.
فهمست له " ريهام " بصوت مرتعش: وماذا ترى الآن .. ماذا سنفعل؟؟
تحرك عمرو فى المكان وهو يتحسس النقوش الموجودة حولهما على الجدران ثم توقف قليلا وقال وهو يحاول أن يخفى
التوتر الشديد الذى بداخله: علينا الآن أن نرتب أفكارنا ونتمالك أعصابنا ... ثم أتبع كلامه بتنهيدة طويلة أردف بعدها قائلا:
انظرا حولكما جيدا... نحن لم نخرج من هذه الغرفة منذ أن دخلنا المقبرة، انها هى نفس الغرفة فى كل مرة ولكنها تتشكل
و تتغير كما تتلون الحرباء ، والممران كانا هما نفسهما فى المرتان..
فقاطعته سارة: إذا لماذا كل هذا ، هل تقوم الغرفة بعمل عرضا ترفيهى لنا احتفالا بقدومنا؟؟.
تجاهل عمرو السخرية فى كلماتها وتابع حديثه: إنها تحاول ان تخبرنا بشئ ما..
فأضافت ريهام: أو أنها بالفعل تحتفل بقدومنا. ، نظر الاثنان إلى ريهام فوجداها وقد وقفت امام الجدار تنظر باهتمام شديد
إلى احدى الرسومات.
اقترب الإثنان منها وتحسست سارة الرسوم بدهشة وهى تقول: هذا شيئا مثيرا للاهتمام حقا.
-------------------
تحركت ريهام مبتعدة عن الجدار وهى تصرخ بعصبية ممزوجة بخوف شديد مما رأته على الجدار: أريد ان اخرج من هنا
فورا، لا أريد أن ابقى هنا ، افتحوا هذا الباب فورا.
وظلت ريهام تضرب الجدران بيديها وتصرخ: افتحوا ..افتحوا لنا.
فأسرعت سارة نحوها وأمسكت بها لتبعدها عن الجدار: تعالى هنا ، سوف تؤذين نفسك ..أرجوكى اهدئى.. أرجوكى.
لقد كانت ريهام ابنة الستة وعشرون عاما صاحبة شخصية مزعجه كما لو كانت فى الخامسه من عمرها ، والتى تجعل كل
من حولها لا يطيقون البقاء معها أكثر من ساعة واحدة.
فهى غير قادرة على تحمل أى شئ ، كما انها تتوقع من الجميع ان يهتم بها ويحمل أعبائها عنها، ولكن ما جعلها عضوا
اساسيا فى هذا الفريق انها واحدة من ابرع المتخصصين فى مجال دراسة اللغات القديمه ، كما انها عملت منذ بداية حياتها
المهنيه مع الدكتور عزت..
خضعت ريهام لسارة وارتمت عليها وهى تبكى بشدة واحتضنتها سارة كالطفلة الصغيره حتى هدأت.
فى هذا الوقت كان " عمرو " مازال واقفا امام الجدار يتأمل الرسومات عله يجد فيها حلا للالغاز التى تقابلهم منذ ان
جاءوا إلى هذا المكان؛ غير ملتفت لما تفعله ريهام...
ثم قال و كأنه يتحدث إلى نفسه : ما يحدث هنا لا أدرى هل هو نوع من السحر الفرعونى أم ماذا !!
تحركت سارة نحوه وهى تقول: رغم اننى اشعر بالجنون وانا أقول ذلك... لكن كلامك يبدو لى صحيحا.
ثم وضعت يديها على رأسها فى محاولة لوقف الصداع الشديد الذى تشعر به منذ مدة... ثم تابعت حديثها : اننا نحن
المرسومون على الجدار بنفس أحجامنا وملابسنا؛ ها انت تحمل المشعل الذى كنت تحمله ونحن فى الممر و انا ورائك وريهام
وهاهم الدكتور عزت والدكتور عاصم خلفنا ؛ ولكن ما هذا الذى يحمله الدكتور عزت .. انها تبدو مثل.....
وقاطع كلام سارة فجاة صوت اقدام متسارعه ثم ارتطام.. ونظر الجميع خلفهم ليجدوا الدكتور عزت والدكتور عاصم
واقفان عند مدخل الممر الثانى وهما يلهثان بشدة وقد علت وجوههما نظرات ذعر شديدة...
ترى ما الذى حدث لهم داخل ذلك الممر المظلم وما الذى ينتظر الفريق فى هذا المكان الغريب..
تابعونا لتعرفوا ماذا تخبئ لهم المقبرة من مفاجآت أخرى...
|