لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

سلاسل روايات مصرية للجيب سلاسل روايات مصرية للجيب


***أنين السواقي*** للأديب: نجيب الكيلاني

أنين السواقي حدث ذلك منذ خمسين عاما وعلى الرغم من مرور تلك الحقبة الطويلة من الزمن, إلا أن ذكرى هذه الليلة ما زالت محفورة في ذاكرتي.. وأحداثها

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (5) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-03-09, 10:11 PM   5 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2009
العضوية: 128554
المشاركات: 3
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيرجيني عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيرجيني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
Jded ***أنين السواقي*** للأديب: نجيب الكيلاني

 

أنين السواقي


حدث ذلك منذ خمسين عاما
وعلى الرغم من مرور تلك الحقبة الطويلة من الزمن, إلا أن ذكرى هذه الليلة ما زالت محفورة في ذاكرتي.. وأحداثها العنيفة تطوف بمخيلتي من آن لآ خر.. وخاصة كلما حدثت مشاجرة علنية بين زوج وزوجة في قريتنا الصغيرة الوادعة.

لقد عاد أبي بعد الغروب بقليل. دخل البيت كعملاق أسطوري, شامخ الأنف يطوح عصاه الغليظة في كبرياء وتحد, لا يتفق ألبتة مع مظهر العمامة الناصعة التي تستقر فوق رأسه, وعندما يدخل أبي في العادة, تتحول الأصوات العالية إلى همسات, ويؤدي الجميع أعمالهم في همة ونشاط. ويسود البيت جو من الهودوء الظاهري المتوتر, وأول شيء يقع عليه نظر أبي هو ذلك المشهد المألوف.. إذ تتسابق زوجاته الأربع, وبينهن أمي *مسعده* هذه تتناول منه العصا.. وتلك تستسمحه في خلع حذائه, والثالثة تصيح بمن في البيت أن يكفوا عن الضجيج, مع أن الأصوات الهامسة لا تخلق حتى اللغط البسيط.. والأخيرة تبتسم في رقة.. وتؤكد له أن الطعام جاهز, وأن نار المدفئة وكذلك *الجوزة* على أتم استعداد.

دخل أبي في تلك الليلة, وشمل الجميع بعيني صقر.. وهدر بصوت أجش: أين *مسعده*؟.
طأطؤوا رؤوسهم.. وامتزجت الحيرة والخوف في قلوبهم..لقد ضربها أبي في الصباح ضربا مبرحا لا رحمة فيه لأنها لم تراع الدقة في تقدير كمية الملح اللازم للطعام.. وكادت تقضي نحبها من شدة الضرب.. وما إن غادر أبي البيت, حتى تصرفت أمي تصرفا جنونيا, إذ حملت ملابسها وحليتها.. وهرولت خارجة.. قاصدة بيت أبيها في قرية تبعد عن قريتنا سبعة كيلو مترات. ولم يستطع أحد أن يواجه أبي بالحقيقة.

وصرخ أبي مرة ثانية:
- ألا تسمعون؟ أين ذهبت هذه الملعونة؟
ووجدتني أتقدم إليه, دون أن أستطيع وقف سيل الدموع وهي تغرق وجهي وأقول:
- ذهبت إلى بيت جدي.
وانتفض لسماعه النبأ..وأيقن أن في هذا التصرف إهانة لكرامته.. ونيلا من رجولته.. وتمتم وهو يبتسم ابتسامة شاحبة مخيفة:
- جميل.. فعلتها المجرمة. فعلتها وهي تعلم أن في ذلك موتها..
وحينما يتكلم أبي عن الموت أدرك أنه لا يبالغ أو يهدد, فالكلمة التي يتفوه بها ليس لها سوى معنى واحد.. وكل ظروفه تجعل منه رجلا مقتدرا يستطيع أن ينفذ ما يقول. هو يلبس عمامة مهيبة..لكنه وثيق الصلة بالأقوياء.. ولعله أقواهم, وأعني بالأقوياء في ذلك الزمان الرجال الذين يخافهم الناس, و الذين بفرضون ضرائب غير شرعية على ضعاف الزراع والتجار وعلى الأثرياء أيضا, ويعرفون سر ما يرتكب من جرائم, وما يحدث من سرقات.
وكاد قلبي يسقط بين قدمي حينما سمعته يقول:
- لسوف أذهب الآن لإحضارها بنفسي. سأعود بها جثة هامدة.
ثم التفت إليّ قائلا:
- تعال معي لتشهد جنازتها يا ابن..

كان الليل شديد السواد, والطريق الملتوي المترب يمتد كعلامات استفهام متشابكة بين المزارع الخضراء التي طمسها ظلام الليل.. وأنين السواقي ينبعث نائحا حزينا كلحن جنائزي, وآلاف الأشباح المهولة تتراءى لي عبر العتمة, وكلما لفحتني موجة باردة,أو خفق قلبي بالرعب الشديد ازددت تشبثا بذراعي أبي الضخمتين, فكان يدفعني في شيء من الضيق أحيانا.

ويلعنني ويلعن أمي الداعرة المجنونة, وأحيانا أخرى يدعني وشأني, دون أي عاطفة أبوية ظاهرة.. وكنت واثقا أن أبي لن يرحمها وأن كارثة كبرى ستقع الليلة, وأشعر أن أمي تعاني مأساة ظالمة ليس لها ما يبررها.

وأن أبي الذي لا أعرف هل أحبه أم أكرهه له قلب صخري لا يرق لضراعة امرأة.
وطال الصمت كما طال الطريق, واللون الأسود يغمر كل شيء من حولنا, ومن آن لآخر يزفر أبي ويضغط على أسنانه في غيظ, ويهتف لنفسه:
- ماذا يقول الناس عني؟ سيقولون إبراهيم لا يستطيع تأديب زوجاته, يا للعار* امرأة حقيرة تمرغ شرفي في الوحل.

ويعود الصمت من جديد, ولا يقطعه إلا أنين السواقي النائحة.. أو نباح كلب بعيد, أو صوت أبي الأجش وهو يترنم بأشعار أبو زيد الهلالي ودياب بن غانم أو عنتر بن شداد.
وحينما بلغنا بيت جدي رفض أبي أن يجلس أو يتناول حتى شربة ماء.. وأصر على أن تعود معه أمي فورا وإلا حدث ما لا تحمد عقباه, فلم يجد جدي مناصا من أن يأمرها بجمع حاجياتها لتصحب زوجها.

يتبع

 
 

 

عرض البوم صور فيرجيني   رد مع اقتباس

قديم 06-03-09, 11:25 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2009
العضوية: 128554
المشاركات: 3
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيرجيني عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيرجيني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيرجيني المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي

 


وعاد موكبنا الواجف الحزين يشق جوف الليل الأسود يظللنا صمت مشحون, والدموع الغزار على خد أمي.. والطريق الضيق المترب يتلوى كأفعى داكنة, والبرد يكاد يجمد أطرافي.. كانت اللحظات تمر بطيئة قاتلة, وكأننا قضينا في سيرنا دهرا بأكمله, وعيناي تحاولان اختراق الظلمة بحثا عن أي شيء.. كنت أتمنى لحظة الوصول إلى قريتنا, أو ظهور أي كائن بشري في طريقنا المهجور, وأطبق على قلبي يأس قاتل.. كانت روحي حائرة مذعورة, كغريق يبحث عن يد حانية تختطفه من بين براثين الموج الطاغي. وهتفت يارب.. وتوقف أبي أمام ساقية خربة قديمة لا يبدو منها سوى بئر تفوح منه رائحة العطن, وكاد قلبي يتوقف هو الآخر.. ودون أن ينطق أبي بكلمة واحدة اقترب من أمي وأمسك بمعصمها, وجرها خلفه إلى البئر, وانهارت أمي فصدر عنها نشيج ضارع حزين يمزق القلوب, فصاح أبي وهو يجذبها في عنف:
- وما جدوى البكاء؟ مازلت تصرين على فضيحتنا.
قالت في ذلة:
- ماذا فعلت يا إبراهيم حتى ترميني في البئر؟.
وقهقه أبي في سخرية:
- لا شيء.. كل ما أستطيع أن أقوله هو أن الزوجة التي تعصي زوجها لا علاج لها سوى الموت.
وعند حافة البئر هتفت:
- ارحمني يا إبراهيم.

كنت أقف جامدا كالأشل, ولساني عاجز عن النطق تماما, والدموع في عيني أمي الواسعتين تبرق برغم الظلام, وهي تعرف مدى قسوته وإصراره.. فاستكانت لمشيئته ثم تمتمت:
- الله يتولانا.. افعل ما تشاء.

ورأيته وهو يدفعها إلى البئر حتى توارت ساقاها وأوشكت الأعماق السوداء أن تبتلعها.. فهتفت بصوت راعش حزين:
- كلمة واحدة..
فقال في جفاف:
- ماذا تريدين؟
- أوصيك *بكامل* خيرا.. إن زوجاتك الثلاث قد يضطهدنه.
وصدرت عني على الرغم مني صرخات متتابعة.
وتوقف أبي عن العمل.. وأعاد أمي إلى حافة البئر ثم جرها بعيدا عنه.

ومرت لحظات خاطفة متأججة بالانفعالات المتضاربة لم أدرك سماتها الكاملة آنذاك.. ثم سمعت أبي يقول:
- نجوت هذه المرة أيضا يا مسعده. من أجل كامل.
وواصلنا سيرنا نحو القرية من جديد, دون أن أشعر هذه المرة ببرودة الجو.. كان أبي يحتضنني في حنان, وأمي تسير خلفنا دون أن تتوقف شهقاتها.

تم

 
 

 

عرض البوم صور فيرجيني   رد مع اقتباس
قديم 07-03-09, 01:00 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64315
المشاركات: 66
الجنس ذكر
معدل التقييم: ابوسلمىوبس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ابوسلمىوبس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيرجيني المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي

 

القصه جميله جدااااااااااااااااا

الف شكر ليكى فيرجينى على هذه المشاركه المتميزه

محمد

 
 

 

عرض البوم صور ابوسلمىوبس   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
***أنين, للأديب:, السواقي***, الكيلاني, وحدة
facebook




جديد مواضيع قسم سلاسل روايات مصرية للجيب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t106830.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 17-08-10 07:17 PM
Untitled document This thread Refback 25-02-10 10:30 AM
Untitled document This thread Refback 04-10-09 04:17 AM
Untitled document This thread Refback 29-07-09 04:08 PM
Untitled document This thread Refback 29-07-09 03:55 PM


الساعة الآن 12:30 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية