لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


121 - ضفاف سيلبيرس - جان اربور - عبير الجديدة ( كاملة )

ضفاف سيلبرس جان اربور روايات عبير الجديدة الملخص : كانت جولييت تستعد بيأس كبير لمغادرة ريتغن, هذه البلدة الصغيرة, حيث تدير مدرسة للفنون اليدوية, ففندق

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-02-09, 10:50 AM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي 121 - ضفاف سيلبيرس - جان اربور - عبير الجديدة ( كاملة )

 

ضفاف سيلبرس
جان اربور
روايات عبير الجديدة


الملخص :

كانت جولييت تستعد بيأس كبير لمغادرة ريتغن, هذه البلدة الصغيرة, حيث تدير مدرسة للفنون اليدوية, ففندق البلدة الوحيدة سيقفل ابوابه مما يجعل الفتاة كل زبائنها...
رجل واحد فقط هو كارل ادلر يمكنه ان يجعلها تغير رايها, الم يقرر انشاء منشرة اخشاب على ضفاف سيلبرس, البحيرة الهادئة الرائعة بين جبال بافاريا؟ لكن جوليت اعلنت الحرب على كارل, مشروعه هذا لن يرى النور! ستبقى!.منتديات ليلاس

الفصل الاول:


في بداية نسيان هذا, بدأت ازهار الربيع تتفتح لكن شتاء بفاريا القاسي لايترك مكانه للربيع الا مرغما على منحدرات الجبال. هنا وهناك, طبقات الثلج لاتزال تقاوم اشعة الشمس والهواء بارد كهواء شباط.
كانت جوليت تقود سيارتها ببطء تبحث بعيونها عن مكان على حافة الطريق لتركن سيارتها وتتناول الطعام .
واخيرا لمحت طريقا جانبيا منسلكة دون تردد.بعد ان اطفأت المحرك, خرجت من السيارة .كانت الاشجار تتمايل مع الهواء المنعش , فتنهدت الفتاة وفكت ازرار جاكيتتها الصوفية ومرنت ساقيها طويلا. في هذه اللحظة مرت سيارة على الطريق خلفها.ثم مع ضجيج الفرامل توقفت السيارة ورجع السائق الى الخلف حتى مدخل الطريق الفرعي حيث توقف بدوره.
عقدت جانيت حاجبيها .لك تكن ترغب بمشاركة هذه الزاوية الهادئة مع اخرين! عموما كل السواح يتوقفون في الوادي على ضفاف بحيرة سيلبرسي. نهضت جانيت وكتفت يديها على صدرها واستعدت لاستقبال هذا المزعج بجفاف.نزل من السيارة رجل اشقر طويل ممتلئ الجسم واتجه بخطوات رشقية نحوها ربما يريد فقط ان يسألها عن الطريق, لا, هذا احتمال ضعيف. فهذه الطريق الفرعية لا يستعملها سوى سكان القرية المحلين ولا تؤدي الى اية قرية, ابتسم الرجل وانحنى امامها.
"انت ترتاحين قليلا بعد ساعات طويلة على الطريق؟"
سألها بمرح."اذا كنت تسمحين . بامكاني ان اقلدك..."
"هناك؟ كان بامكانك ان تجد مواقع اجمل في الاسفل على بعد بضعة كيلومترات. سيد..".
اجابته ببرود.
هز كتفيه وبدا يخلع جاكيته الجلدية .
" ربما...فلماذا اعود الى الوراء...؟"
نظراته الساحرة التي رافقت كلامه لاتترك شكا...المجهول بمزاج جيد ويريد ان يعقد صداقة."
"المنظر رائع.في الاسفل..."الحت جانيت.
"الى اين انت ذاهبة؟" الى سيلبريس؟ سالها متجاهلا كلامها.
"نعم... بعد قليل." وكانت تأمل ان تتخلص منه".
زانا انا , فقد جئت من اوتيش واتجه الى مينيس..."
شرح لها دون ان يعير انزعاجها اهتماما.
"انت مخطى في الطريق..فهذه لاتؤدي الى محطة التزلج هذه"
"نعم ,عدت منها لتوي..."
اذا اين هي زلاجتك؟"
"تركتها في الاعلى"قاطعته جوليت وقد ازعجها فضوله."
"الان, ماذا ستفعلين؟"
"سأتناول طعامي هنا قبل متابعة طريقي."
"وحدك؟"
"نعم... انا احب الوحده..."
ضحك الرجل "هذه طريقة مهذبة لطردي! او انك مهذبة جداكي تعترفي لي بان ستدويشاتك لاتكفي لشخصين..."
لم تجبه جانيت وادرات له ظهرها.
"حسنا... نحن نعيش في بلد حر." اضاف الرجل.
"ويحق لي البقاء في هذا المكان, حتىولو كان وجودي يزعجك...بامكاني النظر اليك وانت تأكلين بعيني متوسلتين الى ان ترمي لي بقطعة خبز, لكني لا احب ازعاج فتاة جميلة مثلك..

اتمنى لك طعاما شهيا , فراولن!"
ثم صفر بمرح وعاد الى سيارته, ولكنه قبل ان يجلس فيها, التفت نحو الفتاة وسألها.
"انت لست المانية , اليس كذالك؟"
"لا... انكليزية..."
"اه فهمت الان ..."
"ماذا فهمت؟سالته بحدة.
"يقال بان البريطانين يولدون مع قلب من حجر... اعتقد الان ان هذه النظرية صحيحة تماما...الى اللقاء!"
حرك يده مودعا والابتسامة الساخرة على شفتيه وانطلق بسرعة وحرم جوليت لذة الرد عليه بطريقة جارحة...
تنهدت براحة عندما اختفى هدير محرك سيارته في البعيد.ثم بسطت منشفتها ووضعت عليها طعامها ولكن افكارها عادت الى ذلك الغريب.من هو, ماذا يفعل في المنطقة؟ سيارته فخمة وملابسه انيقة واسلوبه الواثق يدل على انه من عائلة ثرية...
اهو سائح يقضي اجازة في بفاري انه واثق جدا من نفسه.
عندما راى جوليت وحدها على حافة الطريق, استنتج على الفور انها تنتظر بفارغ الصبر رفيقا يسليا.الا انها لو اختلفت الظروف لاعتبرته مثيرا.
هزت كتفيها, لماذا تسأل عن المجهول بينما تشغلها مشاكل خطيرة؟
في اليوم السابق, كانت قد تزلجت للمرة الاخيرة على حلبات انسغور, قريبا, ستغادر ضفاف سيلبري ستكون صعبة جدا...تمددت على الاعشاب تدرس المشاكل الاقتصادية التي تجبرها على العودة الى انكلترا, ليستهي المسؤولة, لكن يجب عليها الانحاء رغما عنها امام الحقائق القاسية...
بعد ساعة , وزعت قتات وجبتها على العصافير وغادرت الغابة رغما عنها.كانت الشمس تختفي خلف الغيوم الرمادية ودرجة الحرارة انخفضت قليلا, ولكن الطريق لم تكن بعيدة من الوادي, والفتاة وصلت الى شقتها في ريتغن.
عندما سكنت في هذه القرية , قبل ثلاث اعوام, كانت ترسل الى انكلترا رسائل حماسية طويلة تصف فيها جمال الاطار الطبيعي الذي يحيط بها , وحماسها هذا لم يختفي مع الوقت, بل على العكس, كانت دائما تقارن هذا الشالية بمنزل هانس وغرتيل ابطال الرواية الشهيرة عن الاخوة غريم احبت هذه الجبال والغابات كثيرا .. فكيف ستتمكن من الرحيل عنها؟
كانت جوليت تقيم في شقة في جناح الايمن للمدرسة التي تديرها والمؤلفة من ثلاث اشهر بتغير هذاالبساط الخضروتحويله الى بساط من الازهار المتعددة الالوان, هذا الصيف, للاسف لن تتمكن من تحقيق مشروعها هذا, الفصل الجميل سيأتي قريبا ولكنها ستقضيه تحت سماء انكلترا الرمادية .
اعدت لنفسها فنجان شاي وجلست تشربه امام النافذه, فجأة رن جرس الهاتف, على الفور, عرفت صوت البارونة فون بودان المميز, وهي اخر وسليلة احدى اكبر العائلات النبيلة في بفاريا, ما غدا فون بودان كانت تفك بتحويل قصر ريتغن الى فندقفاخر منذ تسعةاعوام لتتخطى بعض الصعوبات المادية, لكنها لاتزال دائما بالنسبة لسكان التقليدية ومالكة اغلبية الاراضي.
كانت قد اتخذت جوليت صديقة لها, جوليت هي من بين القلائل الذين يعرفون ان التقدم بالسن والتعب كانا السبب في فقدان البارونة الشجاعة, مما اضطرها للاستسلام وللتخلي عن قسم من اراضيها والاقفال الفندق "جوليت؟ اسمعي سيصل بين لحظة واخرى, غادر القصر منذ دقائق ليزور البيوت والمدرسة بصورة خاصة.."
"ولكن عمن تتكلمين؟
ساد صمت قصير ثم تنهدت السيدة العجوزواضافت:"الخبر الذي سأعلنه لك لن يسعدك كثيرا,هذا ما اخشاه.. انا المح الى كارل مدير شركة الدلر,هو شقيق جيرار التؤام.

كان قد حضرمواسم الدفن لكني لم التق به قبل اليوم. باختصار, شركة ادلر ستكشف اخشابنا, لقد زارني"السيد ادل" بعد ظهر هذا اليوم, ويريد ان يقدر بنفسه اهمية الاراضي والابنية..."
" ولكن...لا افهم... مادخل شركة ادلر في صفقاتك؟كنت قد قلت لي بان مجموعة هارتنغ المالية في همبورغ حصلت على اولوية حق الخيار."
"نعم, بالفع, ولكني علمت بالامس ان كارل ادلر اشترى المجموعة...كل شيء ثم بسرعة وعلى اكبر المستويات من مدير الى مدير, كل هذه التفاصيل ليست مهمة الان, وانا اكلمك عن السيد ادلر,بالتأكيد..."
"رويت له كل شيء؟" تمتمت جانيت بقلق.
"اوه.لا! يعرف بكل بساطة انك تتبعين دورة في الفنون مع جيرار هنا.قبل عودتك الى انكلترا لتدرسي بدورك الفنون في احد المعاهد,اخبرته ايضا انه بعد وفاة جيرار, قدمت لك ادراة المدرسة,اطمئني,لم اتكلم ابدا عن تفاصيل حياتك الخاصة..."
"لحسن الحظ...حسنا.اعرف الان كيف اتصرف اذا جاء اسم جيرار في الحديث...ولكني لا ازال لا افهم لماذا السيد ادلر يرغب بزيارة البيوت واملاكك,لايجب ان يهتم سوى بالغابات وقطع الاخشاب..."
"نعم , ولكن...."
"اعذريني , سيدة بودان,اعتقد انني اسمع طرقات على الباب..."
"لابد انه هو...جوليت,اتصلي بي فور رحيله..."
اقفلت السماعة وفتحت الباب,اعمتها اشعة شمس المغيب,فلم تر على الفور سوى قامة رجل طويل على عتبة يمد لها يده.
"فراولين هارمون؟ انا كارل ادلر,ايمكنني الدخول؟"
دون ان ينتظر جوابها,دخل الى الصالون اغلقت جوليت الباب وراءه بسرود,لم تكن قادرة على تصديق... الرجل الغريب الذي التقت به على الطريق, ليس الا شقيق التؤام لجيرار... مالك سلسلة معارض لبيع الاثاث ,الذي اختا لشقيقه العمل على الخشب,لكنه اصبح صناعيا كبيرا,بينما كرس جيرار نفسه للخلق الفني, النحت لاتزال غير مصدقة, نظرت الى الرجل بطرف عينها لامجال للخطأ,انه نفس الرجل... لكن موقفه تبدل جذريا عن لقائهما الاول في الغابة. اختفت ابتسامته الساحرة, وحل مكانها احتقار وسخرية دعته للجلوس وجلست قبالته.
"بالها من صدفة,اليس كذلك, كارل ادلر؟سبق ان تعرفنا على بعضنا..."
"نعم, من الصدف الغريبة لكنني سمعت الكثير عنك في الماضي... وانت لاتجهلين ذلك بدون شك وصفوك لي بعبارات الاطراء..."

الفصل الثـاني":

ترددت جوليت, ماذا يعرف بالتحديد؟ هل زلق لسان البارونة بدون انتباه منها؟
"بهذه الحالة نحن متساويان... انت نانيي! رفضت رؤية ومساعدة جيرار, اقرب اقاربك.مع انه كان محكوما عليه بالموت بسبب مرضه..."
"انا لم ارفض رؤيته!جيرار وانا لم ننشاء معا,ولم نلتق الا نادرا منذ وفاته وزواج والدتنا من جديد..."
"نعم,انا على علم يهذه المسألة العائلية.لكنني لست مسؤولة عنها! حتى انني كتبت لك قبل وفاة جيرار بمدة قصيرة."
"لم اكن اعرف حتى اسمك,في ذلك الحين!"
"لكنني قلت لسكرتيرتك انها مسألة طارئة ومحض شخصية!"
"اتعلمين كم عدد الدخلاء من كل الانواع الذين يحاولون قرع باب مكتبي كل اسبوع مدعين بأنها "مسألة طارئة ومحض شخصية؟"
...سكرتيرتي تعلمت التصرف بحكمة...رغم نيتك الطيبة, صنفتك بين تلك الفئة, لماذا لم تشيري الى اسم جيرار؟ لكانت استقبلتك على الفور."
"لان جيرار لم يكن يكن لك مشاعر الحنان,فاعتقدت انك ايضا لاتحبه... من ناحية اخرى لم تكن لتستقبلني رغم اصراري, وانا لن أ..."
"تتركعي على ركبتيك لتتوسلي اليها لاستقبالك؟"
قال كارل بسخرية:"اليس كذالك"
"نعم تقريبا"
"انت سريعة التأثر...لسبب كبريائك الاحمق,لم اتمكن من رؤية شقيقي قبل وفاته.."
"ماذا؟ كنت تعرف جيدا اين يعيش وماذا يفعل!"
"هو ايضا , كان يكفيه ان يكتب لي او يتصل هاتفيا اذا كان يرغب بالكلام معي...."
"لم يكن ليفعل ذلك من تلقاء نفسه! انت انتظرت يوم الدفن لتأتي الى ريتغن.حبك الاخوي غريب."
"وانت ,اين كنت ذلك النهار؟"
"كنت قد عدت الى انكلترا منذ عدة اشهر وعلمت بالامر مؤخرا فلم استطع حضور مأتمه."
"تجلس عنه لتتهربي من شعور سيء بالذنب,اليس كذلك؟ولكن ربما لست اسفة ابدا..."
"ماذا تقصد,هير ادلر؟" سألته بصوت مرتجف تحت وقع الاهانة.
"تعلمين ذلك جيدا,فراولين...عفوا,انسة هاملون...لاضرورة للعب دور الامرة المنهارة,علمت بكل القصة..."
"اهالي القرية...لا , انا لم استجوبهم... شفقتهم على جيرار كانت كافية لاطلاق السنتهم...."
"وماذا قالوا لك؟"
الحقيقة,انت جئت الى ريغن لدراسة الفن مع جيرار. فوقع بحبك بشكل جنوني وطلب الزواج منك,دون ان يحول اخفاء مرضه المستعصي عنك وان ايامه باتت معدودة...لكنك رفضت الزواج منه ببرودة , مع انك لم تكوني مرتبطة برجل اخر في ذلك الحين.لم يكن هناك شيء تخسرينه بتقديمك لمدة سنة او سنتين.ربما اقل , القليل من الحنان والعطف له..."
"لم يكن جيرار يبحث عن رفقية تساعده على تحمل تجربته.كان يريد ويستحق زوجة...كان من المستحيل بالنسبة لي قبول هذا الارتباط...لم اكن احبه..."
"لكنه كان يحبك بجنون. وكان سيقبل بكل شروطك التي تفرضينها."
"لا يبني اتحاد زوجي على الشفقة, وانا لم اكن مشاعر اخرى له, بزواجي منه دون حب ,كنت سأذله...تكلمنا معا بهذا الموضوع و اكد لي انه يكتفي بكل سرور بوجودي فقط, لكني لم اصدقه...لانه بيوم او بآخر سيطلب اكثر..."

"انسة هاملون , انا مذنب لانني وصلت متأخرا, ولكنك تحملين ايضا مسؤولية اكبر.انت رفضت انقاذ جيرار من الناحية النفسية...برايك. من منا يجب ان يكون لديه ضمير متعذب؟"
"كارل ادلر, انا لم اتزوج من شقيقيك, ولكني بذلت كل مابوسعي لمساعدته, حاولت الاتصال بك , لكنني لم انجح.حتى انني اقترحت على جيرار اخر فترة دراستي بالبقاء في ريتغن.كأصدقاء فقط.."
"هنا؟كنت تعيشين معه؟"وعقد حاجيبة.
"بالتاكيد لا ! كنت اقيم في القرية ,عند آل كونستات."
"ارغب بمعرفة حقيقة علاقتكما... ماذا تقصدين بكلمة اصدقاء؟ هل كنت عشيقته؟اذا كنت ترفضين الزواج منه والارتباط معه,لكنك قبلت بتسوية...بدون عقد وبدون خاتم زواج ,هكذا تكونين حرة في الرحيل ساعة يحلو لك..."
جنت من الغضب,فهبت على قدميها وتقدمت منه رافعه يدها...لكن كارل كان اسرع منها ,فأمسك يدها بعنف لدرجة انها عضت على شفتيها كي لاتصرخ من الالم."
"لماذا العنف,انسة هارمون؟هذا التكتيك يستعمله عادة المذنبون.. يفضلون تغير الانتباه على البحث في مسألة يعلمون فشلهم فيها مسبقا.انصحك بالجلوس وبالعد حتى العشرة قبل فتح فمك من جديد."
"انا...اطلب منك ان تعتذر"تلعثمت غاضبة.
"لماذا؟لاستنتاج استنتاجات منطقيه ؟ لا,انا آسف ,لن اقدم لك اي اعتذار...لننسى هذا جئت لاكلمك بالاعمال, آنسة هارمون ، لقد خرجت عن موضوعنا الرئيسي لنتكلم جدياً الان ، لو سمحت ."
تنسى ؟ كيف وقد تلقت اكبر اهانة بحياتها وهو يطلب منها السكوت ! من الواضح انه يعتقد انها كانت عشيقة اخيه . احتقار رجل لم يكن يجب ان يجرح كرامتها ، لكنها بالكاد تعرف كرامتها ، لكنها الكاد تعرف كارل ادلر وتشعر بالحذر منه لماذا تصرفت بهذا العنف امام تلميحاته ؟ ماذا يهمها من رأي هذا الرجل الذي كان يلعب دور القاضي ؟ كيف امكنها ان تجده مثيراً قبل ساعات ؟.
" انا استمع ... بماذا تريد ان تحادثني ؟".
" هل اخبرتك البارونة لماذا جئت انا شخصياص الى ريتغن ؟".
" لا ، اعلمتني فقط انك اشتريت مجموعة هارتنغ . اجهل حتى الان سبب تشريفك لي بهذه الزيارة ...".
" كنت أرغب برؤية مدرسة اخي . ومعرفة ماذا حل بها ...".
" حقاً ؟ لا تزال موجودة كما ترى ... انا اديرها منذ اشهر ، بناء على طلب البارونة .
" اخذت ايجار جيرار باسمي " ثم سكتت ، لن تخبر السيد ادلر بان اقفال الفندق يجبرها على التخلي عن المدرسة ، بطريقة نهائية ، السياح كانوا اهم زبائن التحف الفنية . مع اختفائهم تخسر القرية كل محلات التجارة في القرية ، منذ اكثر من عشرة اعوام ، كل واحد في ريتغن يحضر الخشب خلال فصل الشتاء ليبيعه كتحف تذكارية اثناء الاجازات في الصيف القادم . حتى الفندق يقدم ايضاً وظائف كثيرة من الشهر ايار حتى شهر تموز يصبح كل القرويين كخدم. هذا الموسم السياحي سينقرض والخطاء لايقع على البارونة ولا على جوليت ، ولكن عندما سيصل الخبر باتهام الفتاة بخيانة ...
" اه ، نعم ، ايجارك ... كنت اريد ان اكلمك بهذا الامر حتى يحل الاستحقاق ؟"
" لمدة عامين ..."
" عامين ؟ في هذه الحالة ، لن تضرري ."
" اتضرر ؟ من ماذا ؟" سألته بدهشة .
" ستتلقين تعويضاً كبيراً عندما تبني شركتي ورشة نشر الاخشاب على ضفة البحيرة ..."
" منشرة ! على ضفة سيلبرسي ؟ انت تمزح ! ستكون هذه مذبحة ، عملاً تدنيسياً !"
" لا ، انه استثمار ضروري ، اشتريت كل الاخشاب تقريباً . واحتاج لمنشرة جزوع الاشجار دائماً على ظهر الثيران الى المدينة ؟ نحن نعيش في القرن العشرين ."
" لكنك ستتدمر منازل عشرات العائلات والمدرسة مدرسة اخيك !"
" نعم ، ولكني سأقدم العمل لارباب العائلات سأؤمن لهم عمالاً دلئمة وبرواتب جيدة ... سأبني المساكن بعيداً ..."
" انت تفكر بدون شك بمكعبات من الاسمنت ، واقفاص الارانب !" اجابته باحتقار .
" آنسة هارمون ، لماذا تستعمل الاسمنت في حين ان الخشب متوفر ؟ اطمئنك ان المنازل الجديدة مناسبة جداً ، واذا رفضت نقل المدرسة ، ستقفلينها ، هذا كل شيء سيستمر عمالك بالعمل في الخشب . ولكن بانتاج اكبر ، عندي ..."
فهمت جوليت انه لايزال لا يعرف شيئاً عن مشروع عودتها الى انكلترا ... قررت مع ثورتها على الخراب الذي يستعد لالحاقه بضفاف البحيرة التي تحبها . ان تعارضه بكل قواها .
" عندك ؟ كحطابين او نجارين ؟ اتعتقد انهم سيقبلون ؟ انت ساذج حقاً ! انهم يحبون الاخشاب واختاروا خلقها بروعة باليد ! سيكون عملا غير شريف بالنسبة لهم . انهم يكسبون رزقهم بخلق ادوات جميلة فنية يحبها زبائننا !"
" بالتأكيد . ولكن باي سعر يشترونها ؟ السياح يشترون التحف لتزين منازلهم لكنهم لا يحرمون انفسهم من الطاولات والكراسي المصنعة في المعامل ، بحجة ان هذه الادوات ليست مصنوعة باليد ... من عملك احتقار الالات ؟ مع انها ضرورية ومفيدة ..."
" اعلم ... كنت اريد ان احذرك بأن عمالي ... اقصد عمال جيرار ، سيرفضون ان يصبحو الات بسيطة ."
" سنرى انت تتهميني بانني لا انتج الا الاثاث الردي النوعية ، هذا ليس صحيحاً . يكفي ان تزوري مؤسساتنا لتفهمي ان ادواتنا تقاوم الزمن وتبقى على حالها بعد مئة او مئتي سنة كأثريات حقيقة ..."
ثم نهض ليستأذن بالخروج.
" انتوي زيارة ابنية اخرى للبارونة قبل عودتك الى مينيس ؟"
" تبدلت خططتي منذ هذا الصباح ..." اجابها مبتسماً.
"نعم , سأرى عائلة او عائلتين على طريق القصر. ولكني لست مستعجلا الان طالما انني سأمكث في ريتغن عدة ايام..."
"ولكن..كنت اعتقد ان الفندق لم يعد يستقبل الزبائن الجدد."
"هذا صحيح.لكني مستثنى لحسن الحظ, بفضل البارونة."
"قل لي, كارل ادلر,ماذا سيحصل اذا رفض المستأجرون الرحيل؟."
"سندفع لهم تعويضات كبيرة.اعتقد ان القيلي منهم سيقاوم حجة مقنعة كهذه..."
"ولكن لنفرض ان احدا منهم على الاقل لن يستسلم..."
"بداية الاعمال ستتاخر قليلا, ولكن عاجلا ام اجلا, سأجد طريقة لازالة اية عقبة..."
نهضت جوليت وسبقته حتى الباب ومدت يدها لضيفها .
"بدأمن الان بسؤال محاميك , كارل ادلر . مهما كان ارتفاع قيمة التعويض ,انا ارفضنقل مكاني. ايجاري يسمح لي بالبقاء لمدة عامين ايضا في هذا المكان. وانوي استغلال حقي هذا..."
تأملها كارل ادلر بصمت ودون ان يرفع نظره عنها, بدأت قبضة يده على يدها تقوى. حبست انفاسها لتمنع صرخة الالم... دون اية كلمة ,اعلنت الحرب بينهما... اذا انت لا تملكين قلبا من حجر فقط , ولكنك ايضا تمتلكين منقارا واظافر, ولا تتردين في استعمالهما... اخي المسكين لم يكن يعلم لحسن الحظ من اي شيء تخلص..."
ثم خرج فصفقت جوليت الباب وراءه بعنف واسرعت ترفع سماعة الهاتف.
"ماغدا؟"
"نعم.هذا انا , هل رأيت كارل ادلر ؟ ماذا حصل؟"

"اسمعي ماغدا, لايمكنني ان اكلمك طويلا,سياتي الى القصر بعد قليل... هل اخبرته اثناء حديثه معك انني انوي اقفال المدرسة والعودة الى انكلترا؟"
"اعتقد انه يجهل حتى الان كل خططي , ولايجب عليك ان تقولي له شيئا ارجوك, ماغدا, هذا مهم جدا! رايي...سابقى!"
"القرار يعود لك, جوليت, وانا متاكدة انك ستفعلين ما هو الافضل..."
ماذا لو اعترفت لها جوليت باسباب قرارها المفاجئ الحقيقة؟ كارل ادلر وتعجرفه الذي لايطاق...
هذا المساء, تأخرت في مشغلها الصامت, منذ نهاية فصل الشتاء, والمصنوعات مكدسة على الرفوف, في هذا الصباح نفسه.كانت جوليت تعتقد انها لن ترى هذا المشغل الواسع مليئا بالحركة والنشاط من جديد0...
مكتب جيرار الذي تشغله منذ وفاته,يطل على صالة المستودع الملئية بالمصنوعات الخشبية, الالعاب والدمى الداما المحفورة باتقان والساعات التي تجذب السواح.في كل مكان تنتشر رائحة الحشب والزيوت والمواد اللاصقة التي تشعر بها هذا المساء, انها تشعر بالغبطة امام فكرة الحرب التي تعلنها وحدها ضد كارل ادلر...جيرارلن ينفد ذكره. مدرسته ستبقى, رغم كل شيء !.
ولكن في اليوم التالي, تراءت لها قسوة الواقع...مع اقفال الفندق, يجب عليها ان تستخدم عمالها صيفا وشتاء اذا كانت تريد ان لاتفقدهم, اين ستجد عمال جدد؟ حتى الان.كان الانتاج بياع كله للسواح.ولم يسبق للمدرسة ان عرضت بضائعها على محلات بيع التحف والهديا في المدن المجاورة, قررت جوليت ان تحمل على عاتقها هذه المهمة.
الفصل الثالث:

ستدق كل الابواب وتقنع اصحاب المحلات, ستضع اعلانات في الصحف ولن تترجع ابدا , ستعرف التعب, ولكنها ستنتصر بوجه كل شيء ستصبح افضل بائعة وافضل معلمة في كل المنطقة, وعندما ستحقق النجاح, ستحضر كارل ادلر, رجل الاعمال المشهور... تمنت لوتراه الان لفتح الحرب معه.
لقائهما بالامس منحها رغبة المقاومة والانتصار...
يدها التي تؤلمها, لكنها كانت تعلم انها كسبت الجولة الاولى وتنتظر بفارغ الصبر الجولة الثانية....
لم يسبق لها ان تحدث رجلا بمثل هذه العدائية وبكل هذا السرور.كارل ادلر لايشبه شقيقه جيرار كان يستعمل معها رقة كبيرة وتوسلات وابتزاز عاطفيا ليقنعها بالزواج.
وسائل كارل مختلفة ومناقضة تماما. معه الحرب تأخذ شكل المبارزة وسلاحه حاد... لكنه يدن بنجاحه الكبير في عالم الاعمال لتصميمه وحزمه وقسوته وحيلته.
لم تتمكن جوليت من السيطرة على توترها فقررت ان تبدأ بالحركة على الفور, فرات رئيس عملها ويليام كونستات لتعرف اذا كان كارل ادلر قد زاره مساء امس.
"لا" اجابها ويليام.
"ولكن عملت هذاالصباح انه التقى باثنين من المستأجرين عند البارونة..."
"وما رأيهم بعرضه؟"
"لم يقولوا لا نعم, ولا,لا... وعدهم كارل ادلر بتعويضات كبيرة وبعمل...."
"لكنهم ليسوا مضطرين للقبول!"
"اذا باعت البارونة اراضيها لشركة ادلر, لن يكون لديهم خيار اخر."
"البارونة نفسها لاتستطيع ان تحرمنا من منازلنا طالما ان مهلة الايجار لم تنته. اتعلم بان كارل ادلر يفكر في تدمير مدرسة اخيه؟ رأيته مساء امس واخبرته بأنني لن اقبل ابدا بنقل المدرسة اذ رفض كل الاهالي عرضه.لن يتمكن ابدا من انشاء منشرته..."
"لكنني كنت اعتقد انك تريدين اقفال المدرسة!" قال ويليام بدهشة.
"نعم,هذا صحيح,كنت متأثرة, باقفال الفندق, ولكني غيرت رأيي,سأجد سوقا جديدا لاتناجنا وسأؤمن العمل الكل الفريق صيفا وشتاء...
"هذا يعني انك تعارضين انشاء المنشرة؟"
" يحق له استغلال اخشاب البارونة , لكننا نستطيع منعه من نشاء مصنعه الرهيب على ضفة البحيرة."
"بالتأكيد,لكن بعض العائلات لن ترفض تعويضاته الكبيرة, يردن منذ مدة طويلة الاقامة في المدن حيث العمل متوفر..."
"ولكن فكر بالاخرين الذين يعيشون في ريتغن منذ اجيال! ماذا سيحل بالجد ويسكوب,الذي لايعرف غير النحت؟وهملت جاجر؟لن يستخدمه احد في المدينة بسبب عماه."
"اذا, فراولن.انت تطلبين مني ان ارفض عرض كارل ادلر وارفض الانتقال؟ انت لاتحبين هذا الرجل,اليس كذلك؟"
"لا,هذا صحيح, لكن النفور متبادل.لم يخف ذلك,في لقائنا بالامس, اعتقد انه متأثر ببعض الاقاويل التي سمعها يوم دفن جيرارد..."
"افهم...حينها كنا بالكاد نعرفك واتهناك بسرعة ... ولكن الان, اذا سأل كارل ادلر حول هذا الموضوع , لن يسمع عنك الاطراء..."
" اشك بأنه سيغير رأيه...مهما كان الامر ,اتمنى ان ترفض عندما ياتي...."
"عندما يأتي؟" ردد صوت حاد ساخر خلفهما.
التفتت بسرعة نحو الباب فرأت كارل ادلر يقف وقد كتف يديه خلف ظهره يتاملها من رأسها حتى اخمص قدميها بجفاف.

"ارى انك بدأت عملية الشطب وتجميع حزبك..." قال ضاحكا.
"اتحصلين على نتائج جيدة؟" ودون ان ينتظر جوابها, تقدم نحو وليام مادا يده.
"صباح الخير, اعتقد اننا تقابلنا من قبل."
"نعم يوم دفن السيد جيرار."
" صحيح, لكن الانسة هارمون لم تكن موجودة... واليوم, بما انه يجب علينا التكلم بالاعمال معا, لن نؤخر الانسة كثيرا بعيدا عن اعمالها..."
غضبت جوليت كثيرا... انه يطردها , بتهذيب بالتاكيد, لكن باحتقار ايضا. تجاهلته والتفتت نحو ويليام.
" ايمكنك ان تمر لرؤيتي هذا المساء؟ اريد ان اقيم معك موجودات المستودع". ثم اتجهت نحو الباب رافعة راسها عاليا. لكن كارل ادلر امسك ذراعها..
"انوي زيارتك مرة ثانية ظهر هذا اليوم, هل تكونين في المدرسة في هذا الوقت؟"
"ربما...."
"اتمنى ذلك."
عادت جوليت وهي ترتجف من الغضب. كيف يسمح لنفسه بمعاملتها بهذا الشكل؟ وفكرت في ان تخرج عند الظهر كي يأتي ويرى الباب مقفلا. ولكن لا, ستجد لذة في مواجهته لذة اكبر من التهرب منه.
فهي تشعر بأنها مستعدة تماما للدخول في المعركة
خطة انشاء هذه المنشرة اللعينة كان لها على الاقل نتيجة جيدة, فهي لم تكن بمثل هذه الشجاعة من قبل. جلست خلف مكتبها في شقتها واخذت تدرس خارطة مينيس ولائحة تطور متاجرها على امل ان يفاجئها كارل ادلر وهي بين اوراقها ويعرف انه امام امرأة خبيرة بالاعمال.
لكن خيبتها كانت كبيرة لان كارل ادلر لم يلق نظرة واحدة الى مكتبها عندما دخل.
"جئت لادعوك لتناول الغذاء عند البارونة". قال بدون مقدمات.
" انه غذاء عمل ." اضاف مبتسما.
فكرت جوليت بسرعة وحذر. ايعرض عليها هدنة؟ لا, كارل ادلر ليس من النوع الذي يعترف بهزيمته بسرعة. ايحاول ان ينصب لها فخا؟
" شكرا لك, لكن لدي اعمال كثيرة..."
"حقا؟ لا للاسف البارونة ترغب برؤيتك, الستما صديقتين؟"
"نعم , بالفعل, ولكني اعلم انها لا تجمع حول مائدتها شخصين يتبادلان العداء, اذا , انا ارفض الدعوة".
" عزيزتي" قال ضاحكا.
"انا رجل متمدن! اعدك ان لا المح الى نزاعنا حول ملئدة الطعام."
لم تجبه جوليت وظلت مترددة.
"افعلي مثلي, وانسي نزاعنا حتى نهاية وجبة الغذاء.اتخشين ان انقض عليك من فوق الطاولة؟ اطمئني , واذ كنت تشكين بتصرافاتي في المجتمع, فانا اذكرك بان البارونة ستكون موجودة....سأطلب منها ان تجلس بيننا..."
"لا , ارفض ان اجعل من ماغدا ملجا".
"قد يعجبها هذا... ولكني اكرر لك بأنني لا انفعل امام الناس . اذا, ستأتين الى القصر؟"
" حسناً ، لكن يجب ان ابدل ملابسي اولاً ."
" افعلي ذلك " ، رجاها بكل ادب .
" لسنا على عجلة من امرنا ، فالبارونة لا تتوقع وصولنا قبل ساعة ونصف ، اعلم جيداً ان النساء تتأخرن بتبديل ملابسهن ..."
" اترغب بشرب شيء في هذا الوقت ؟"
" لا شكراً ."

دخلت الى غرفتها واقفلت الباب وراءها بالمفتاح . لم تكن تشك لحظة بأنه معتاد على الانتظار في صالونات صديقاته قبل موعد العشاء في المطاعم ، شكله الفاتن وثروته تمنحه بدون شك نجاحاً بارزاً مع النساء ... لكن جوليت بعيدة عن التخيل بلذة في مشاركته الغداء .
لحسن الحظ ، ماغدا ستكون موجودة . تساءلت فجأة اذا كان كارل ادلر متزوجاً . لكن لايبدو عليه ذلك ، هو رجل لا يؤمن بالحب طالما انه يلومها على رفضها الزواج من جيرارد .
ارتدت ثوباً انيقاً ورفعت شعرها قبل ان تنضم الى ضيفها الجديد.
" لايزال الوقت باكراً."، قال وهو ينظر الى ساعة يده .
" قبل ذهابنا ، اريد ان اعرف لماذا كتمت عني نيتك في اقفال المدرسة والعودة الى انكلترا ."
" هذا لايعنيك بشيء ." اجابته بتعالي بعد لحظات على مفاجأتها .
" لا ، هذا صحيح ... لكن كل الذين التقيت بهم هذا الصباح ، ابدوا دهشتهم عندما علموا انك ستبقين في ريتغن ."
كانت جوليت قد طلبت من البارونة ان لاتلمح له عن نيتها في الرحيل ولكنها نسيت بقية الاهالي الذين سيتلقون هم ايضاً زيارة كارل ادلر .
" لكني غيرت رأيي ..." اجابته بحدة .
" بهذا الوقت القصير ؟ الم تغيري رأيك فقط لكي تخلقي لي المشاكل ؟"
" اية مشاكل ؟"
" حتى مساء امس ، كنت تنوين ترك المدرسة ، دون ان تنظري خلفك ، كما فعلت مع جيرار ..."
" انا لم اتخلى عن جيرارد ! لم يكن يتركني لحظة بسلام ، واضطررت لمغادرة ريتغن كي اضع حداً لهذا الموقف الذي لايطاق ! بأي حق تسمح لنفسك بمحاكمتي ؟"
" اهدأي ! لكن ربما تشعرين ببعض الندم ، رغم كل شيء ، لنعد الى المسألة التي تعنينا ، مع اقفال الفندق ، ستفقدين كل زبائنك ، اليس كذلك ؟"
" ارى انك قمت بتحقيق ... ولكن هذا صحيح ..."
" ومع 1ذلك قررت البقاء ..."
" نعم ."
" نحن نعلم لماذا ... انت تتبعين اسلوب النعامة ، آنسة هارمون ، تدسين رأسك في التراب لكي لاتري الحقيقة ..."
" على العكس ، كارل ادلر ، انا اعرف ماهي المشاكل التي ستواجهني ، ولكنني لن اغير قراري ..."
" انت مصرة على منع بناء المنشرة ، اليس كذلك ؟"
" كم انت قوي الملاحظة !"
" حسناً ، الاشياء باتت واضحة بيننا ، الآن ... مع انني كنت اعرف ماذا اواجه منذ مساء امس ، نظراتك اكثر فصاحة ... حسناً ، لنذهب للغداء ، اتريدين ؟" ونهض على الفور .
" هل أنت متأكد من انك ستتمكن من تجمل وجودي طوال وقت الغداء ؟" سألته ضاحكة .
" كل التأكيد !" اجابها ضاحكاً.
" تعالي ." وامسك يدها وجذبها نحو الباب .
ظهر القصر امامها خلف آخر منعطف على الطريق .
الباب الخشبي الكبير يطل على بهو واسع . عندما تحول القصر القديم الى فندق ، انتقلت ماغدا للسكن في الجناح الغربي .
" من المؤسف ان يجهز هذا القصر بمصعد كهربائي ! تخيلي امير الاسطورة المغرم ينتظر بفارغ الصبر وصول المصعد ليصعد الى حبيبته ! افضل الاسلوب القديم ، عندما كان الامير يتسلق الجدار المؤدي الى الشرفة بواسطة حبل ..."
" اعتقدت ان ذلك الامير كان سيفضل استعمال المصعد ..." اجابته جوليت مبتسمة .

" ربما ... لكن الاميرة كانت ستفقد كل حب له ... النساء تحب ان تجعل حبيبها يشتعل بنار الحب بأخطر اشكاله ، مثلاً ..."
" مثلاً؟"
" عندما يحاول غريب بكل لطف ان يعقد صداقة مع فتاة جميلة ، تتصرف هي معه بكل عنف كي لايشاركها زادها ... الة هنا يصل عنف النساء معنا ، نحن الرجال المساكين ..."
" ولكن ... انا لم ارفض ابداً مشاركتك زادي صباح امس !"
" لكن الرجل الغريب لم يكن لديه نوايا سيئة ، كان كل مايرغب به ان يتحدث قليلاً مع هذه الفتاة الجميلة جداً في ذلك المكان الجميل . الوضع اصبح اكثر ايلاماً عندما التقى هذان الشخصان من جديد ..." التزمت جوليت الصمت بحذر ، من جهتها كانت بغنى عن هذا اللقاء الثاني ، وتبعته الى بهو القصر الذي تحول الى صالة استقبال للفندق . في وسطه سلم حلزوني يؤدي الى مطعم في الطابق الاول حيث استقبلتهما البارونة بمحبة ، انحنى كارل وقبل يدها بكل احترام .
طوال وقت الغداء ، كان الحديث يدور حول مواضيع عامة ، تساءلت جوليت اثناء تناول الحلوى لماذا اكد لها كارل بأنه غداء عمل . وندمت لأنها قبلت دعوته .
" اصبح فندقي يشبه مركباً مهجوراً." قالت البارونة رداً على احد اسئلة كارل .
" آخر زبائني سيرحلون غداً ، اقبية المطعم اصبحت عبارة عن رفوف فارغة ، الخدم قل عددهم ... اشعر بالمسؤولية عن هذا الفشل ..."
" اقفال الفندق هو حقاً لا يمكن تجنبه !" سألها كارل .
" نعم ، انا اسهر عليه منذ عشرة اعوام ، وحدي ، ولقد اصبحت كبيرة على تحمل هذه المسؤولية ..."
" لكن الفندق مشهور في كل بفاريا ، الا يوجد حل آخر ؟"
" انا ارفض بيع القصر ." اجابته بحزم .
" يكفي انني سأبيع قسماً من اراضي ..."
" لماذا لا تبحثي عن مدير يحمل عنك جزءاً من المسؤولية ؟"
" سبق ان وظفت مديرين ، لكنهما لم يريحاني ابداً."
" هل انت مستعدة للمحاولة من جديد ؟ احدى صديقاتي تعمل في ادارة الفنادق ، خبرتها ممتازة اكتسبتها من فنادق انكلترا وامريكا ، انها حرة من اي ارتباط حالياً..."
" صديقة ؟ اذاً هي امرأة ..."
" نعم اعرفها منذ سنوات طويلة . هي من مواليد مينيس وعادت اليها مؤخراً."
" كانت ، لكنها مطلقة حديثاً .
التقيت بها صدفة منذ بضعة اشهر في مينيس ..."
" فات الاوان " ، قاطعته ماغدا ، " ليس لدي حجوزات لهذا الصيف ووكالات السفر والسياحة اصبحوا على علم باقفال الفندق ، كما وانني صرفت اغلبية العمال ."
" لم تفقدي كل شيء ، بامكانك ان تكتسبي زبائنك من جديد عن طريق اعلان في الصحف اليومية . ما رأيك ، سيدتي ؟ اترغبين بأن لتصل بصديقتي لسلي هاتفياً؟"
" لست ادري ... يجب ان افكر ." قالت البارونة بعد تردد قصير وقد كانت يائسة من ايجاد حل بشكل نهائي .
" بالتأكيد ." قال كارل وسكب الخمر ." افكر بقضاء يوم بالتزلج مع الآنسة هارمون ."
" فكرة رائعة ." قالت ماغدا بحماس .
" جوليت تحب التزلج كثيراً . جوليت ، اقبلي دعوة كارل ادلر قبل ان يفوت الاوان ، فالمحطة ستقفل ابوابها قريباً."
تفاجأت جوليت ولم تفكر بأن تجيبه بأنها باعت ادوات التزلج خاصتها ... ولكن لماذا تشجعها ماغدا على مرافقة كارل ادلر الى انسغور ؟ الا تلاحظ النفور بينهما ؟.
" لا ، انا آسفة ، الاولوية للمدرسة ، ولن اضيع وقتي بالاجازات ابتداءً من هذا اليوم ..."
" البارونة متعلقة كثيراً بك ." قال لها كارل وهو يفتح لها باب السيارة فيما بعد .
" وانا ايضاً احبها ."
" ماذا قالت لك عندما رفضت الزواج من جيرارد ؟"
" لاشيء ، ماغدا متفهمة ولا تسمح لنفسها بالحكم ..."
" ارى ... لكن الم تنصحك بالزواج ؟ بالاضافة الى انك لو تزوجت رجلاً من المنطقة كانت ستحتفظ بك قريباً منها ."
" البارونة لاتعمل خاطبة ..."
" ربما تعرف انني قادرة على اختيار زوجي بنفسي ، ولا يهمني اذا كان انكليزياً او المانياً او حتى تاهيتياً ."
" البريطانيون مشهورون ببرودتهم كعشاق ، والالمان حسب الاقاويل لا يحبون النساء الخاضعات وربات المنازل . اما التاهيتيون فلا اعرف شيئاً عنهم . لكن بامكاني ان اؤكد لك بأن الرجال الالمان على عكس ما يقال عنهم ، يحبون ان تملك الامرأة مواهب اكثر من موهبة الطبخ والرضوخ الكلي للرجل . نحن نحب السحر والجمال ، الذكاء وحسّ الاستقلالية ، ولكن ليس لدرجة ..."
" انت تناقض نفسك ، توشك على وصف امرأة راضخة ..."
" ليس تماماً . الامرأة الراضخة لا تعرف ان تقول غير كلمة نعم ، ويمل الرجل منها بسرعة ، الانوثة تشجع الرجل على البحث في كنوز الخيال ليتمكن من الحصول ..."
" ولكني افترض انك اذا لم تنجح ، لن تتردد في استعمال وسائل الفروسية ... " قالت بسخرية ..
" لا ، عندما يكون المخطط مدروساً جيداً ، يصبح الفشل مستحيلاً ."
" انت لست سوى مغرور ." اجابته غاضبة .
" لم يسبق لي ان سمعت اعلانات بهذا التعجرف والغباء !"
" حقاً ؟ لكن نظريتي مبنية على اسس معروفة ... الطبيعة منحت الرجال دور الصياد والنساء دور الطريدة ... ولكني اشعر بأنك لا تشاركيني رأيي. لنغير الموضوع ، إذاً البارونة موافقة على قرارك البقاء في ريتغن؟"
" نعم ."
" آنسة هارمون ، هل فكرت انه برفضك الانتقال تلحقين الضرر بالبارونة؟"
" الضرر ؟" سألته جوليت بدهشة ." ماذا تقصد ؟ انا لا افهم ..."
" مع انه بسيط ... اشتريت مجموعة هارتنغ ، ولكني لم اوقع حتى الآن على اي عقد بشأن اخشاب البارونة . شركائي ينصونني بعدم الارتباط بأي عقد طالما ان بعض المستأجرين يرفضون الانتقال ... هل انا واضح؟"
" لكنه ابتزاز !" اجابته غاضبة .
" انت تحاول استغلال محبتي لماغدا كي ترغمني على ترك الميدان ! كيف تجرؤ ؟..."
دون ان يترك الطريق يعينيه ، انحنى كارل نحوها وربت على ركبتها مبتسماً . انتفضت بشدة والتصقت بالباب .
" هيا اهدئي ! انا اعرض عليك الامر بكل بساطة . كما وانني لا افكر لحظة بالتخلي عن اخشاب البارونة ، على كل حال ، انت والمستأجرون الذين اختاروا محورك لا يمكنكم البقاء للأبد على ضفة البحيرة . آجلاً ام عاجلاً سينتهي عقد ايجاركم . انا صبور جداً ... الرضوخ للابتزاز العاطفي مفيد ..."
" بمعنى آخر ، انت تحاول ان تؤثر على نفسية الخصم ، اليس كذلك ؟" اتهمته بحدة .
" تقول بنفسك ان مصالح البارونة لا تتأثر اذا عارضت انا فكرة انشاء المنشرة . ولكنك تتلذذ بنعتي بالانانية مرة اخرى ... لصبري حدود ، كارل ادلر ! لن اتأثر بتهديداتك ! لماذا تتعب نفسك ؟ قلت لك واككر بأنني لن أقبل ابداً عروضك بالانتقال لماذا تدعوني للغداء بحجة انه غداء عمل بينما لم تتطرق الى اي الموضوع يهمنا ؟ اقفال الفندق لا يعنيني مباشرة . ولماذا تزعم امام البارونة انك ترغب بقضاء نهار معي على حلبات التزلج ؟ كلانا يعلم ان هذا لن يحصل ."

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 28-02-09, 10:55 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الرابع

اوقف كارل سيارته امام المدرسة وابتسم بسخرية :
" هذه اسئلة مهمة ... انا ايضاً سأطرح عليك سؤالا. عندما تجدين نفسك امام خصم بمثل قواك ، وانت تعدين السلاح ، الا تشعرين بالخيبة اذا حرموك من المعركة ؟ آنسة هارمون ، هذه الحرب الصغيرة تعجبني .": ثم نزل من السيارة ودار حولها ليفتح لها الباب .
" الى اللقاء ، عزيزتي الآنسة . وارجوك لا تخيبي املي . كوني حاضرة في الجولة القادمة . لا تنسي انه اذا لم يحضر احد المتبارزين ، فإنه يكون قد اعترف بفوز خصمه ..."
ثم انحنى امام الفتاة وعاد الى مقعده وانطلق مسرعاً حارماً الفتاة من لذة قول الكلمة الاخيرة ...
في المساء زارها رئيس اعمالها واخبرها بأن كل الاهالي باتو يعلمون بان جوليت قررت ان لا تقفل المدرسة .
" العائلتان اللتان زارهما كارل ادلر مساء امس وافقوا على عرضه ."
" والآخرون ؟" سألته بقلق .
منتديات ليلاس
" سألوا كارل ادلر الى اين سينقل سكنهم ، فأجابهم بان المنازل الجديدة ستبنى على بعد عدة كيلومترات ، فقالوا له لا . طالما ان المدرسة ستبقى مفتوحة وتقدم لهم العمل ، فهم يرفضون الابتعاد عن مكان العمل ..."
" ولكن هذا رائع !" قالت الفتاة بسعادة كبيرة .
" اذا اتحدنا جميعنا ، لن يتمكنوا من مواجهتنا . ويليام ، اخبر كل العمال اننا سنعيد فتح مشاغلنا ابتداءً من الاسبوع القادم . سأبحث عن زبائن جدد، طالما اننا لا نستطيع بعد الآن الاعتماد على زبائن الفندق ."
بعد يومين على رحيل كارل الى مينيس ، زارت جوليت صديقتها العجوز وشربت معها القهوة .
" لا اتمكن من فهم سبب اصرار كارل ادلر على انقاذ الفندق ." قالت البارونة على الفور .
" فهو يعلم بفضل العقد الذي اوقعه بشأن اخشابي ، ستتحسن اوضاعي المادية . يقول انه يحب الاقامة في هذا الفندق عندما تناديه اعماله في المستقبل . لكني لا اصدقه تماماً . اعتقد انه يحاول مساعدة صديقته لسلي كرانتز بإيجاد عمل مهم لها ... ما رأيك ، جوليت ؟"
" نعم ، انا من رأيك ." اجابتها جوليت بهدوء .
" ولكن هل اعطاك بعض التفاصيل عن صديقته هذه ؟"
" نعم ، انها في الثلاثين من عمرها ، مطلقة ناجحة في اعمالها . عاشت فترة في امريكا في سلسلة فنادق ضخمة ، تتكلم عدة لغات ، لقد مدحها كثيراً حتى اني ظننت انهما على علاقة حميمة . على كل حال ، انها سترافقه في زيارته القادمة لانني قبلت لقاءها . لماذا لا ارمي اخر ورقة بيدي ؟ المهم انقاذ الفندق ."
كانت جوليت توافقها الرأي فانقاذ الفندق يساعد المدرسة .
" ولكن لماذا يهتم بالفندق ؟"
" ربما يحاول ان يحافظ على زبائن مدرستك ، فهو يعلم انك وبعض الاهالي ترفضون الانتقال ..."
" لا ، انت مخطئة ماغدا ... انه لم يتخلى عن حرماننا من منازلنا بطريقة او بأخرى وهو لم يخفي نواياه ... حتى انه حاول اخضاعي لابتزاز ..."
" من اي نوع ؟"
" قال بأن رفضنا يضر بمصالحك ، لكنه اطمئني ماغدا ، اضاف بأنه سيوقع على العقد معك ، يحاول بكل بساطة ان يشعرني بالذنب ، لا ، هو لا يهتم ابداً بالمدرسة ، يكرهني بحقد كبير ..."
" يكرهك ؟ جوليت ، انت مخطئة ..."
" ابداً ، لقد اتهمني بايلام شقيقه ... وصدقيني ، لقد تمكنت من الدفاع عن نفسي !"

" اذا كان يكرهك كما تقولين ، لماذا دعاك للتزلج معه ؟"
" لست ادري ، ربما لا يحب التزلج وحده ..."
" لا ، لا يقضي نهاراً كاملاً معك اذا لم تكوني تعجبينه ."
" على كل حال ، انا بعت ادوات التزلج ، ولا انوي شراء غيرها في نهاية الموسم ..."
" يسعدني انك ستبقين ، جوليت . اما بالنسبة لعلاقتك مع كارل ادلر ..."
" التي لاتكون جيدة ابداً ..." قاطعتها جوليت بسخرية .
" المستقبل سيرينا ... سأحاول ان لا اقف الى جانب اي منكما ..."
في الايام التالية ،، كرست جوليت كل وقتها للعمل وكان العمال قد استجابوا لندائها بحماس وعادت المشاغل تضج بالحركة والعناد والمزاح . حتى ان ويليام وظف عاملين شابين لمساعدة العمال .
وكانت البارونة تسمح لجوليت بالحصول على كل المواد الاولية من الخشب الذي تحتاج اليه في اراضيها ، لكن يجب عليها ان تجد سوقاً لبيع انتاجها المكدس في المستودع . وهكذا تسلحت يالشجاعة وبحقيبة وضعت فيها عينات من الانتاج وسلكت طريق المدينة لعرضها على اصحاب المحلات .
ذات صباح وبينما هي تضع في حقيبتها بعض الادوات التي تبرز مواهب فنانيها ، سمعت طرقات على بابها ، اقتربت من النافذة ورأت سيارة كارل ادلر متوقفة امام المدخل . ماذا يريد منها ؟ تذكرت فجأة دعوته للتزلج عندما رأت زلاجتيه على سيارته .
اذاً كان مقتنعاً من قبولها الخروج معه ! عقدت حاجبيها وفتحت له الباب .
" صباح الخير ، اتمنى ان لا تكوني قد نسيت دعوتي ..."
" اية دعوة ؟ انا لم اقبل اية دعوة منك ، لدي عمل كثير اليوم ..."
" اليوم هو السبت ، انا حر كالهواء ، اصطحبت لتوي صديقتي لسلي الى القصر ، سيطول حديثها مع البارونة ، ايمكنني اجراء اتصال هاتفي ؟"
التهذيب يمنعها من رفض طلبه ، فأشارت له بالدخول .
" سأخبر البارونة بذهابنا الى انسغور ..." قال وهو يدير قرص الهاتف .
" ماذا ؟ لا يحق لك ان ..." اعترضت الفتاة لكنه كان قد بدأ بالكلام مع البارونة .
" حسناً ." قال لها اخيراً وهو يقفل الخط .
" الآن ، لا يمكنك التهرب ..." ثم دفعها نحو غرفة نومها ، لكنها تراجعت للوراء .
" لا أملك زلاجات ، لقد بعتها في اليوم الذي ..."
" في اليوم الذي دافعت فيه بقوة عن ساندويشاتك في وجه شهيتي ؟" سألها ساخراً.
" اليوم ، احضرت معي زاداً محترماً ، وادعوك لمشاركتي بكل سرور ... اذا قبلت دعوتي ستنقذيني من قضاء نهار في وحدة محزنة . لن نضيع المزيد من الوقت ، هيا ، بدلي ملابسك ، بامكانك ان تستأجري زوج زلاجات من المحطة ، سأنتظرك في السيارة .
دخلت جوليت غرفتها وهي تتساءل لماذا استسلمت بهذه السرعة . بالتأكيد البارونة ستسألها عن هذا الموضوع ، لو رفضت دعوة كارل لاحست طوال النهار بالاسف لانها تعلم مدى خيبة رياضي عندما يحرم من ممارسة رياضته المفضلة .
لكن يجب عليه ان يعلم انها تملك ايضاً لساناً جارحاً ، سيدرك ذلك سريعاً ... ارتدت الانوراك الجلدي وانتعلت حذاءً مبطن بالفرو وانضمت لكارل الذي ينتظرها في الخارج ، لحسن الحظ ، كان الحديث معه اثناء الطريق اسهل مما كانت تتوقع ، تكلما عن جمال الطبيعة والطقس الجميل وبعض المواضيع العامة .
سألها كارل عن نوعية حلبات التزلج في انسغور . لم يكن يعرف المكان . لكن محطات التزلج في الالب لم تكن تخفى عليه .
بينما كانت تستمع لكلامه ، كانت جوليت تراقب يديه على المقود .. ودون وعي منها ، اخذت تتخيل كيف كان بامكان علاقتهما ان تكون لو لم يكن ظل جيرارد والمنشرة بينهما .
كان بامكانهما الثرثرة والمزاح دون ان يزنا اقوالهما ، فهما يتشاركان حب التزلج ، وهذه الدعوة كانت بامكانها ان تكون فرصة مناسبة للتسلية معاً دون اية افكار خلفية ...
انتفضت الفتاة وعادت الى الواقع . بماذا تحلم ؟.
لم يتغير شيء , بينمها فهما لا يزالان غريبين يفرق بينهما عدم التفاهم والحذر.
الم يعلن بأنه دعاها لانه لايحب قضاء النهار وحده؟ هذا يدل على انه لايهتم بها شخيصا... لكن لماذا تحاول البحث عن ملامحه في صوته الدافئ العذب؟ لماذا تنتظر منه اسئلة محددة حول ذوقها وحياتها وماضيها؟
قبل الوصول الى محطة انسغور,ركن كارل سيارته على حافة الطريق والتفت نحوها.
"لايزال الوقت باكرا, لكني اقترح ان تنتاول الطعام هنا, هكذا,يكون لدينا للتزلج.."بكل هدوء, بسط شرشفا على الاعشاب وفتح سلة الزاد وزجاجة ريسلنغ.
"بروست جوليت!"
قال وهو يرفع كاسه.
"بروست.." رغم جهودها, لم تنجح في لفظ اسمه. لكنها كانت تصر على عدم مناداته بهده الالفة.
كان الطعام شهيا, وكارل مرحا فلم تستطع جوليت منع نفسها من الاطراء على مواهب مضيفها, لكنها سرعان ما ندمت.
"اية مواهب ! يكفي ان تقدمي لضيوفك اطباقا لذيذة دون ان تهتمي للكمية... انا لا اتناول طعامي وحدي عادة, ومع الوقت, تعلمت معرفة ذوق النساء . اذا كنت ترغبين انا تحت تصرفك , لتلقينك بعض الدروس في فن الضيافة" بكلمات بسيطة سخر منها واستغل الفرصة ليلمح الى علاقاتة الغرامية الكثيرة مع النساء...
بعد ساعة وصلا الى احد فنادق انسغور واتجها فورا الى محل لتأجير ادوات التزلج . ثم صعدا التلفريك ليصلا الى الحلبات .هناك ,ساعد كارل الفتاة في انتعال الزلاجات رغم اعتراضاتها.
تأملته وهو يتنعل زلاجاته وندمت لانها لم تتعرف عليه بظروف اقل تعقيدا.
انزلقا بنفس الوقت على الحلبة لكن كارل تقدم عليها ليقطع المنحدر بسرعة منكمشا على نفسه.
بعد لحظات اصبح نقطة في اسفل المنحدر الابيض, تمتعت جوليت بانحدار بطيء بدون اي تسرع وهي تغني بمرح وتتمتع بالصمت وبلفحات الهواء على وجهها.
التقت بكارل في نهاية السباقىوعاد الى الا على بواسطة المصعد . اثناء صعودهما, كان كارل يلتفت دائما للخلف ليتأكد ان جوليت لم تترك المقبض الذي يسحبها . هذه المراقبة كانت تزعج الفتاة, من يعتبرها ؟ مبتدئة؟
بعد ساعتين من التزلج الممتع , قصدت جوليت بار المحطة لترتاح, بينما استمر كارل بالتزلج على الحلبة الكبيرة. عندما انضم اليها في لبار. اقتراح عليها ان ينهيا فترة بعد الظهر على الحلبة السوداء التي تبداء من قمة الجبل . قبلت جوليت وتبعته حتى العربة. لم يكن قد سبق لها ان تزلجت على الحلبة السوداء الامرة واحدة...
من عربة التلفريك , الارتفاع يشعرك بانك تسيطر على العالم كله,
عالم ابيض متلالئ, عى قمة المنحدر الكبير.عرفت جوليت لحظة خوف.
هل ستنجح في الانزلاق دون ان تقع؟ ستموت من الخجل اذا شهد كارل سقطة لها. تفضل ان تكسر رجلها او يدها على ان يغرز راسها في الثلج امامه ! اخذت نفسا عميقا واستندت على صايتها وانحنت نحو الفراغ المنفتح امامها... كارل انطلق وراءها ولكنه لم يحاول تجاوزها.ر
بعد لحظات قليلة,نسيت جوليت مخاوفها , سيطرت بسهولة على محورها ومنحها الراحة... الحياة جميلة جدا.
مئاتالامتار ثم طية في الارض خففت سرعتها , لكنها بعد ان عبرت القمة , انزلقت , من جديد بكل سرعتها. كانت تتمتع بتخطي العقبات والصعوبات.

لم يسبق لها من قبل ان تزلجت بهذا الشكل! من وقت لآخر, كانت تلمح جاكيت كارل الزرقاء امامها لانه سبقها .
كانا قد قررا الاستمرار بالنزول حتى الوادي مرورا بحلبات متوسطة الرتفاع بدل التليسياج في منتصف الطريق. المحطة اصبحت بالكاد مرئية على اليمين , جوليت تقطع المرحلة الاخيرة بمزاج ممتاز . ثلاثمائة امتار بعد وتجد نفسها على ارض سهلة حيث الثلج مرصوصا جيدا.
كان كارل قد توقف لينتظرها وينظر اليها متجهة نحوه.
بهذه اللحظة بالذات , شردت الفتاة بهذه النظرة المنصبة عليها, ونسيت ان تحافظ على ركبتيها مضمومتين جيدا.
فافترقت الزلاجتان على الفور... كادت ان تفقد توازنها, فتوقفت بمعجزة, لكن الانحدار جملها بسرعة نحو مجموعة من المتزلجين, وفهمت بلمح البرق انها ستصطدم بهم....فجأة, ارتسم كارل جانبيا امامها. كان قد ادرك الخطر ووقف في محور الفتاة عموديا على الحلبة. بعد لحظات, اصدمت به . رجل اخر اقل قوة من كارل, كان ليسقط تحت قوة الصدمة, لكنه صمد ولم يقع لا هو ولا جوليت.
ظلت اللحظات بين ذراعيه مقطوعة الانفاس, وجهها على كتفه, ثم عندما استعادت انفاسها, ابتعدت عنه ونزعت نظارتها السوداء ولمحت عينا كارل تلمعان من الغضب.
"حبا بالسماء ,لماذا لم تعترفي لي قبلا بانك لم يسبق لك ان نزلت الحلبة السوداء؟.
صرخ بحدة وهو يهزها.
"من خلال الطريقة التي واجهت بها اخر مرحلة من نزولك, من الطبيعي انك بحاجة لبعض الدروس."
"انا لم اكذب." صرخت بيأس.
"سبق لي ان تزلجت على قمة الجبل! فقدت التركيز لبضعة لحظات, هذا كل شيء كل شخص يخطئ..."
"وخاصة مبتدئة ملثلك على منحدر مماثل...."
"لست مبتدئة!"
"لا؟ راقبت انطلاقتك...كنت تشعرين بالخوف!"
"اسمع, لو لم تكن هنا لانقاذي, لكنت وقعت , وهذه ليست كارثة...ليس لدي حساب اقدمه لك."
"اذا لم يكن لديك مانع , سنخلع زلاجاتنا ونستعمل التليسياج للعودة الى المحطة...الا اذا كنت تريدين ان تحدثي مشهدا جديدا. ولكني احذرك, هذه المرة , لن اتحرك اذا ساءت الامور..."
تبعته جوليت رغما عنها بصمت. اعادت الزلاجتين الى محل الايجار, ثم عرض عليها كارل ان يشربا الشاي في بار المحطة. لكنها رفضت بجفاف وعادا الى السيارة دون ان يتبادلا الكلام طوال الطريق.
شيئا فشيئا, لاحظت جوليت انها كانت سخسفة. لم يكن يجب عليها ان تغضب من ملاحظاته, يجب ايضا ان تعترف انه انقذها من حادث مؤكد مع انها تشعر بجرح في كرمتها...
"اعلم انني كنت مغرورة عندما قبلت النزول من قمة الجبل معك... كنت مغرورة بامكانياتي..."
"انا سعيد بسماع كلامك هذا. هل كنت تفضلين قضاء عدة اشهر في الجفصين فقط لمجرد التلذذ بادهاشي امام قدراتك."
" لم اكن افكر بذلك!"
اذا هل كنت تريدين لفت انتباه متزلج وسيم وارغامه على انقاذك ."
" اي متزلج ؟ كنت وحدي على ذلك المستوى ..."
" لم اكن بعيداً عنك ... هل كنت تتزلجين في الماضي مع جيرارد ؟"
" في البداية نعم ، ثم بدأت قواه تضعف ولم نعد نخرج ..."
" كنتما تذهبان وتعودان بنفس اليوم ؟".
" لا، لم تكن سيارتي بهذه القوة
في غرفتين منفصلتين ؟"
اغضبها سؤاله الجارح ، فأجابته بسخرية :
" كنا نستأجر جناحاً وننظم فيه جلسات رقص وسكر حتى ساعات الفجر الاولى !"
الصمت الذي تلا كلامها جعلها تعتقد ان كارل صدقها .
" مزاجك غريب ..." قال اخيراً.
" لابد انه وضعك في مواقف حرجة في المجتمع ".
" في المجتمع ، كارل ادلر ، لااحد يحاول اهانتي كما تفعل انت ! اكرر لك انني وجيرارد لم نكن عشيقين ابداً . كما وانني اجهل كل مشاعره حتى اليوم الذي ..."
الذي اصبحت في اعترافاته المثيرة الملحة ؟ لا اصدق اية كمة منك ... طيلة اشهر طويلة عشت الى جانبه دون ان تلاحظي شيئاَ ؟ هيا اذاً اعترفي ان رؤيته يموت حباً بك كانت تسعدك . النساء يملكن حاسة قوية لمعرفة اهتمام الرجال بهن ..."
" الامر يتوقف على طبيعة الرجال ، كارل ادلر ، بعضهم يسهل فهمهم ، والبعض الآخر ، لا ..."
" وجيرارد؟"
" كان منطوياً متكتماً ..."
" دون ان اكون فضولياً ، كم مرة علمت من النظرة الاولى ان رجلاً وقع او سيقع بحبك ؟"
" نعم ، انت فضولي ، لكني سأجيبك مرتين او ثلاثة ".
" حسناً ، والآن ، اريد ان اعرف ماتبؤك غريزتك عني ..."
" لا شيء ، طالما انك اطلعتني منذ البداية على رأيك بي ..."
" تقصدين انني شخص فظ ..."
" انت تتسرع في احكامك . بعد وفاة شقيقك ، قررت ان تحتقرني وقبل ان تعرفني ، ومنذ وصولك الى ريتغن تحاول ...".
" في هذه الحالة كيف تفسرين دعوتي لك للعشاء او للتزلج ؟".
" هذا ما لاافهمه كارل ادلر ، المخيمان نصبا ، ولكنك تصر على لقائي . لماذا لاتدعني بسلام ؟ اليوم ،مثلاً ... لا تقل لي بان هذه الدعوة كانت فقط لتطرية الاجواء بيننا ".
" لم اكن ارغب بقضاء هذا النهار وحدي ، هذا كل مافي الامر ".
" حسناً ، وانا بكل سرور ، لست بحاجة لرفقتك ".
" لكنك رافقتني ".
" لم يكن لدي خيار آخر ، كنت قد اتصلت بالبارونة ..."
" هيا! اعترفي بأنك ستندمين لو لم ترافقيني !"
" انا ؟ بالتأكيد لا ".
" انت لاتجيدين الكذب ، آنسة هارمون ! الحقيقة ابسط من ذلك . كنت تتحرقين رغبة في جري الى نزاع معك ..."
" بما انك متأكد من قدرتك على قراءة افكاري ، لن اضيف شيئاً " اجابته بتعال .
" لكنني مستعدة للاقتناع بكلامك ..."
كانت تعلم بأنها على وشك الفشل امامه ، فالتزمت الصمت حتى وصلا الى ريتغن .
" سنلتقي هذا المساء ."، قال كارل وهو يوقف سيارته امام منزلها .
" البارونة تدعوك لمشاركتنا العشاء الذي تقيمه لنا ".
" لكنها لم تدعوني !" اجابته جوليت بدهشة .
" كنت قد نسيت ان اخبرك ، اريدك ان تتعرفي على صديقتي لسلي قبل عودتنا الى مينيس آخر السهرة ، سأمر لاصطحابك في الساعة السابعة ".
" لا ضرورة لذلك ، سأستقل سيارتي ".

" كما تشائين . اكنت راضية ام مستاءة من نزهتنا اليوم ، اعترفي ان زادي كان لذيذاً على الاقل ..."
" ممتازاً " اجابته بنفس السخرية .
" وانت ، مارأيك بنهارنا ؟ انا اموت من الفضول ..."
" كان مثيراً من بعض الجهات ... من المفيد دائماً التحري داخل ميدان الخصم قبل المواجهة ... وهذه المواجهة لن تتأخر ، اليس كذلك ؟"
" نعم ، انا بانتظارك ".
" انا ايضاً ، آنسة هارمون ، انا ايضاً ..."
فهمت جوليت بسرعة انها تواجه خصماً ثانياً بوجود لسلي كرانتز التي عاملتها بعداء مكشوف . لابد ان كارل قدم لها تقريراً مفصلاً وسيئاً عن مديرة مدرسة الفنون .
لسلي كرانتز امرأة جميلة طويلة انيقة بثوبها الكلاسيكي الابيض . استلمت دفة الحديث طوال الوقت وتمكنت من اقناع البارونة بضرورة احداث تغييرات على الفندق . واوكلت الى كارل الذي كانت تناديه باسمه ، مهمة الاتصال بالصحف اليومية للاعلان عن اعادة افتتاح الفندق بحلته وادارته الجديدة .
ثم اعلنت انها ستقيم في الفندق لتراقب سير العمل فيه ، ووعدت البارونة بأن الفندق سيكون مسنعداً لاستقبال اول المصطفين مع نهاية شهر نيسان .
" كما ترين ، عزيزتي جوليت ، كنا مشغولتين بعد الظهر " قالت لسلي بتعال .
" بينما كنت تتزلجين مع كارل ... ابتداءً من الغد ، سأكون مشغولة جداً ."
" يجب علينا اولاً ان نتفق حول بعض النقاط " اعترضت البارونة بحزم .
" هل ستحتفظين بشقتك في مينيس ؟"
" بالتأكيد ، لدي اصدقاء كثر واصر على استقبالهم في شقتي من وقت لآخر ، من ناحية اخرى ، كارل يعتبر منزلي منزلاً ثانياً له ... هو يزورني كلما وجد وقت فراغ يرغب بتمضيته مع رفقة انثوية ، اليس كذلك كارل ؟"
" وانت ايضاً لا تترددين في قرع بابي ... " اجابها مبتسماً .
" في ايامنا هذه ، للنساء الحق بالقيام بالمبادرة ، اليس كذلك ، جوليت ؟ كيف تسير الامور في هذه المنطقة ؟ الانكليزيات مشهورات ببرودتهن ، لكني متأكدة انهن في حياتهن الخاصة ، رمين منذ مدة طويلة ببرودتهن خلف الحائط ..."
حاولت جوليت ان ترد الضربة للسلي ، لكن كارل سبقها .
" لنرى ، لسلي ، انت مخطئة "، قال مبتسماً.
" انت لاتعرفين الآنسة هارمون جيداً ، بامكاني ان اؤكد لك انها لم تتصرف معي ابداً بطريقة غير مناسبة ، على الاقل ، حتى الآن ..."
" لكنها نجحت في الحفاظ على مسافة بينكما ، طالما انك لاتزال تناديها الآنسة هارمون وليس جوليت ... قضيتما النهار معاً ، ولابد انكما احتفلتما بالمناسبة في احد البارات ، وانت تدعي ايضاً ؟ ماذا حصل لسحر كارل؟"
" حاولت بالفعل ان اقدم لها شيئاً ، لكنها رفضت ... فعدنا مباشرة الى ريتغن ..."
" لحسن الحظ ، انت ادركت ان الفضيلة تكون دائماً بخطر برفقة كارل ادلر " قالت لسلي ضاحكة .
" انا اعرف من خلال تجربتي انه لايترك الفتيات بسلام ".
ساد صمت ثقيل ، ثم حاولت البارونة ان تخفف حدة الجلسة بسؤالها كارل عن رأيه بجوليت كمتزلجة .
حبست جوليت انفاسها . هل سيسخر منها امام صديقته ؟..
" الصعوبات لاتخيفها ..." اجابها كارل بعد ان تردد قليلاً ." للحقيقة مزاياها تفوق اخطاءها ".
التقت نظرات جوليت وكارل للحظة . فشكرته بصمت وقد ادهشها موقفه .

بعد ان شربوا القهوة ، انسحب كارل ولسلي ليعودا الى مينيس . بينما ظلت جوليت وماغدا تتباحثان بموضوع التغييرات التي اقترحتها لسلي بخصوص الفندق .
" الآنسة لسلي تزعم ان اثاث الفندق قديم ولايناسب زبائننا . هي تصر مثلاً على استبدال خزائننا الالمانية القديمة بخزائن جدرانية بأبواب جرارة ... من جهتي ، اجد هذه الخزائن الخشبية تتناسب اكثر مع نمط القصر ".
" انت محقة ، ماغدا، ولكن لماذا لم تجيبيها بأن الزبائن يختارون هذا الفندق بسبب اطاره المميز واثاثه الذي قاوم الزمن ".
" لان لسلي كرنتز لديها علاقات كثيرة في مينيس وستكون مفيدة لنا وقت اعاد ة الافتتاح . اما بالنسبة لافكارها الجديدة ، فهي لن تنفذ قبل عدة اشهر . وحتى ذلك الوقت ، سأترك لمديرة الفندق الجديدة امكانية الدفاع عن وجهة نظرها ".
" لكن لا تكوني متسامحة جداً ، ارجوك ، سأكون حزينة برؤية القصر يفقد طابعه المميز ".
" لم تتقبل لسلي خبر خروجك مع كارل بسرور ... ولكن لا يمكنها اعتبارك منافسة ممكنة . كم كانت عدائية معك ، هذا المساء ، بدون شك هي تغار منك ".
" تغار مني ؟ انت تمزحين ".
" لكن كارل ادلر لم يكن قد نسي دعوته لك في الاسبوع الماضي ، وانت قبلت دعوته ".
" ماغدا ! اتعتقدين انني امثل دوراً واتظاهر بكرهه ؟ اسأليه في المرة القادمة وسيقول لك كيف فتحنا النار على بعضنا ... لم يدعني للتزلج معه الا من اجل المشاجرة معي بهدوء ..."
" وصلت الامور لهذه الدرجة ؟ ولكن هل ستستمرين في المشاجرة معه ؟"
" ماذا تحاولين ان تجعليني اعترف ؟ اقسم لك ان غيرة لسلي لا اساس لها . رافقته للتزلج كي لا يعتبر رفضي كاعتراف بالخوف ... فهو يعرف الآن انني لن اكون الاولى التي تضع حداً لعدائنا ..."
" للاسف كنت اعتقد انك ترغبين بقضاء يوم بالتزلج معه . ومالغير طبيعي في هذا ؟ انتما شابان رياضيان ..."
" ماغدا ، هذا لا يعني بالضرورة ان نشعر بانجذاب متبادل انا وهو . انه يتهمني بيأس اخيه عندما رفضت الزواج منه ، وانا لا اتحمل اتهاماته واحكامه ... كما وانه قرر ان يرمينا خارج كي يبني منشرته ويزداد غنى ".
في الاسابيع التالية ، تغيرت الحياة في ريتغن رأساً على عقب . الشاحنات والجرافات ظهرت في الشوارع الهادئة ، الاشجار تساقطت تحت مناشير الحطابين الذين يقيمون في غيتباش بانتظار بناء مساكنهم هنا .
استقالة اثنين من النحاتين اقلقت جوليت .
لابد انهما قررا الانضمام الى صفوف الحطابين لان رواتبهم اكبر من الرواتب التي تقدمها لهم هي .
" اخشى ان نفقدهم كلهم " قال لها ويليام رئيس عمالها ذات يوم .
" اطمئن ، مستقبل المدرسة مؤمن ". اكدت له بثقة لا تؤمن بها .
" سيبدأ المصطافون بالصول الى الفندق قريباً كما وانني سأحصل على عقود مع متاجر المدينة "
وكانت محاولتها الاولى باءت بالفشل لان اكثر التجار اشتروا مايحتاجون اليه قبل شهر نيسان . لم يكن بامكان جوليت الا ان تترك انتاج المدرسة في المستودع للعام القادم . ومع ذلك ، استمرت بالمحاولة .
ذات صباح ، وبينما هي تخرج من احد محلات التحف في مينيش ، التقت بكارل ادلر صدفة على الرصيف .
" صباح الخير ، آنسة هارمون ، ياللمفاجأة " قال لها بلطف واقترح عليها ان يوصلها بسيارته الى المكان الذي تقصده " الى اين تريدين الذهاب ؟"
الى مطعم بوكلن في شارع شاون بلاتز ، اتعرفه ؟"
" بالتأكيد ، ولكن ماذا يجذبك في هذا المطعم الشعبي ؟"
" اسعاره تناسبني تماماً " اجابته بحدة .
" بامكاننا ان نختار افضل منه ".
" نحن ؟".
" نعم ، لانني انا ايضاً ارغب بتناول الطعام ، سأصطحبك الى مطعم سليبركان . دائماً اتناول وجباتي هناك مع رفيقة ساحرة ..."
" حقاً؟"
" بالتأكيد ، هل تشكين بذلك ؟"
بدون شك ، كلمته البارونة عن اعمال جوليت وجولاتها على التجار لانه سألها وهو يقرأ لائحة الطعام :
" اتحصلين على نتائج جيدة ؟"
" حتى الآن ، نعم "، كذبت وادارت وجهها .
" لكننا في شهر نيسان ".
" اوه ، لم اتلقى تشجيعاً حتى الآن ، لكن التجار متحمسون لانتاجنا ..."
" هل اتصلت بغرانوير وكلنماير ؟" سألها مشيراً الى صاحبي اكبر متجرين في المدينة .
" ليس بعد ، سأزور كنماير بعد ظهرهذا اليوم ".
" اعرفه ، سأوصلك الى متجره بعد الغداء ".
" انا ادين لك ببعض الشكر ...".
" ماذا ؟" سألها بدهشة .
" عندما سألتك البارونة عن رأيك بي كمتزلجة ، لم تشر الى حادث اتسغور ..."
" انا لست فظاً لدرجة ان اسخر من فتاة امام الناس ، وخاصة لسبب سخيف ..."
" لكنك لن تستمر بلطفك في المستقبل ، اليس كذلك ؟"
" المستقبل سيتكلم ... " اجابها مبتسماً.
" الجنرال لا يكشف عادة عن مخططه امام العدو ..."
" العدو هو انا ... هذا يعني انك دعوتني فقط لتحدد لي سياستك ".
" دعوتك لمشاركتي الطعام لاننا التقينا صدفة في الشارع ".
" وفضلت اصطحابي متظاهراً بانك تهتم لعمل بينما تتمنى ان ترى المدرسة تقفل ابوابها بأسرع وقت ممكن . كنت اعلم منذ البداية لماذا ؟ لماذا ؟"
" انت اجبت بنفسك على هذا السؤال منذ لحظات ... كنت احاول التعرف اكثر على العدو لاجد سياسة فعالة " ثم نظر الى ساعته ونهض فجأة .
" لو سمحت ، اعذريني ، يجب ان اجري اتصالاً هاتفياً هاماً ... سأعود بعد لحظات ". ثم ابتعد وترك الفتاة في قمة الاضطراب .
للحقيقة ، كانت تتمنى سماعه ينفي اتهاماته ، ويؤكد لها انه كان يريد مرافقتها لانها تعجبه .
لكنه لم يجب على هذا النداء المكشوف ، وهي تشعر الآن بذل امرأة رماها عشيقها .. عشيقها ! يا الهي ! بماذا تفكر ؟ ماذا اصابها ؟ لا يمكنها ان تقع في حب رجل تكرهه ! انهما ينتميان الى معسكرين مواجهين . ونقطتهما المشتركة الوحيدة هي الحرب التي يشنانها على بعضهما .
لقد كرر اكثر من مرة انها عدوته ... عندما عاد الى طاولتهما ، تأملت وجهه جيداً بحثاً عن اشارة تمنحها الامل . لكنه لم يتغير ، لا يزال ذلك الغريب المتعجرف الذي التقت به على الطريق لاول مرة . وهو الد اعدائها الذي يحكم عليها ويحتقرها .
غادرا المطعم واصطحبها بسيارته حتى متجر كنماير ، فودعته ودخلت وطلبت من السكرتيرة ان تقابل المدير ثم جلست تنتظر مع بعض العملاء في غرفة الانتظار .
عادت السكرتيرة والتفتت نحوها :

" هير بيزولد سيستقبلك على الفور ، فراولن هارمون ..."
" ولكن ..." اعترضت جوليت بدهشة " هذا ليس دوري ..."
" تفضلي واتبعيني لو سمحت ".
تبعتها جوليت متجنبة نظرات بقية المنتظرين .
وبعد عشرين دقيقة ، كانت المفاجأة الكبيرة ، هير بيزولد سلمها طلبية كبيرة ... كانت سعادتها كبيرة وهي تعيد العينات الى حقيبتها فجأة ، ادخلت السكرتيرة كارل ادلر الذي سلم على هير بيزولد ثم التفت نحو جوليت التي كانت تهم بمغادرة الغرفة .
" لحظة ، آنسة هارمون "، استوقفها كارل .
" الديك مواعيد اخرى ؟"
" لا ".
" اعتقد انك جئت من ريتغن بسيارتك ، اين ركنتها ؟"
" في موقف للسيارات في ليدويغ ستريت ".
" في هذه الحالة ، انتظريني ، سأسوي بعض التفاصيل مع هير بيزولد ولن اتأخر ، سأصطحبك الى موقف السيارات لانني ذاهب الى نفس الشارع ..."
انتظرته جوليت في غرفة الانتظار وبعد عشر دقائق ، خرج كارل من مكتب المدير وحمل حقيبتها وسبقها الى الخارج .
" هل كانت مقابلتك مع هير بيزولد مثمرة؟"
" جداً ! سلمني طلبية كبيرة ..." اجابته بفخر .
" الوحيدة لهذا النهار ؟"
" لا ، ابداً "، وكانت قد تلقت طلبية اخرى صغيرة من احد التجار في الصباح ، لكنها لا تذكر امام طلبية هير بيزولد .
عندما وصلا الى موقف السيارات ، لاحظت جوليت ان الباب مقفل واجتاحها قلق واضطراب ، فتوجهت نحو مكتب الحارس وقرعت على الباب ، لكن لم يجبها احد ، لم يكن كارل قد انطلق بعد وهو يرى من بعيد اضطراب الفتاة ، فنزل من سيارته واقترب منها .
" الموقف ..." قالت له متلعثمة .
تقدم من الباب الرئيسي واشار الى لوحة امامه .
" غداً يوم عطلة ". قرأت جوليت بصوت مرتفع .
" نعلم زبائننا ان الموقف سيقفل في الساعة الثالثة اليوم استثنائياً . ولكن لماذا لم يخبروني ؟"
" اغلبية الناس تعرف القراءة " اجابها كارل .
" لم يبق امامي سوى ان استقل القطار ..." قالت بيأس .
" هناك حل آخر ... بامكاني ان اعيدك الى ريتغن ".
" آه لا ! لا مجال لذلك !" وهزت رأسها باصرار .
" لماذا ! ف|أنا مدعو لتناول العشاء مع لسلي في قصر البارونة هذا المساء . كنت سأذهب في الساعة الخامسة ".
" حقاً؟" سألته بحذر .
" نعم او سأبقى هناك غداً لانه يوم عطلة ، ولكنني اولاً مضطر لمرور على شقتي لاخذ حقيبتي . هيا بنا ، تعالي سيارتي مريحة مريحة اكثر من القطار .
وحدها في الصالون الكبير ، وقفت جوليت تتأمل الديكور اللطيف حولها ، لفتت نظرها صورة بين مجموعة المزهريات البورسلان ، اقتربت منها وتعرفت على وجه لسالي كرنتز ، وفي اسفل الصورة توقيع بخط انيق " لعزيزي كارل ".
الان ، لم تعد تشك ابداً بوجود علاقة حميمة بين كارل ولسلي ، ادارت وجهها عن الصورة عندما سمعت خطوات كارل تقترب ، كان قد ارتدى بدلة انيقة رمادية مع قميص ابيض ناصع ، تخيلت للحظة انها تدس اصابعها بين عنقه الطويل وقماش قميصه الناعم لتتحسس حرارة هذا

الصدر العريض ... اخفضت رأسها وتمالكت نفسها ، الله وحده يعلم اية امنية اخرى ستتمناها قريباً ! قبل مغادرة مينيس ، توقف كارل عند بائع زهور واشترى باقتين للبارونة ولسلي ، وعندما جلس خلف المقود من جديد ، رمى باقة صغيرة من البنفسج على ركبة جوليت .
" هذه هدية متواضعة كي تسامحيني " قال بمكر .
" على ماذا ؟" سألته بخجل .
" لانني ارغمتك على تناول الغداء معي اليوم ..."
لم تفهم جوليت اذا كان يمزح ام لا ، فشكرته .
والتزمت الصمت من جديد هذا الصباح قد استيقظت مع ساعات الفجر الاولى فأسندت رأسها الى الخلف تحاول منع نفسها من النوم ... لكنها بعد دقائق خرقت في اللاوعي .
اولاً اعتقدت انها تحلم ... يدان دافئتان تضمان وجهها وشفتان رقيقتان تداعبان شفتيها ، بحنان ...
رفعت يدها ولامست اصابعها يداً حقيقة على عنقها عادت الى الواقع منتفضة ، وفتحت عيناها . في الخارج الشمس تغيب والسيارة متوقفة امام مدرستها وكارل منحنياً فوقها يراقبها ...
" ولكن ... ماذا يجري ؟ هل كنت تقبلني ؟"
" اليست هذه افضل طريقة لايقاظ فتاة جميلة ؟".
" لكنني لم اكن نائمة !"
" بلى ، وكان امامي خياران ، اما ان اهزك بعنف واما ان اتبع طريقتي ... كما فعل الامير الساحر مع الاميرة الغابة النائمة . ضعي نفسك مكاني ... ارى فتاة رائعة تنام قريباً مني ... فقط الاحمق يترك فرصة كهذه ... كما وانني كنت افكر بهذا منذ اللحظة الاولى التي التقيتك فيها على حافة الطريق ..."
" انت مجنون ، وحسناً انك لم تفعل ..."
" من يدري ؟ لو كنت سمحت لي بمشاركتك زادك ، كان بامكاننا ان نصبح صديقين ..."
كان وجهه قريباً جداً من وجهها ، واحست جوليت بانفاسه على خدها .
" لماذا تغضبي من قبلة بسيطة ؟" همس وضمها اليه يبحث عن شفتيها . قاومته بشدة لكنه لم يتركها .
" هناك انواع عديدة من القبلات ".
اضاف وهو يرفع رأسه " تلك التي تدل على شوق ورغبة ، وتلك التي تمنح الراحة والهدوء ، ودون ذكر تلك ..."
" وفر علي كل هذا الشرح " قالت بحدة ودفعته عنها .
" دعني اخرج ! شكراً لانك اوصلتني الى ريتغن مع انني نادمة جداً!"
" اما انا فكنت سعيداً ". اجابها مبتسماً.
نظرت اليه نظرة سوداء ونزلت من السيارة وصفقت الباب بعنف .
" نسيت بنفسجياتك !" ذكرها كارل .
" انت ترغبين في ان ترميها في وجهي ؟" سألها ضاحكاً .
" اصفك بالازهار ؟ انت تمزح انها تستحق الافضل ..."
الفصل الخامس:

وركضت الى منزلها وهي ترتجف من العار والغضب والاسف . لقد استسلمت للغضب ، بينما قبلها كارل لارضاء غريزته الرجولية . من تلك اللحظات التي اتحدت شفتاه مع شفتيها ، كانت تتمنى ان تبادله القبلة وان لا تخرج ابداً من دائرة ذراعيه ... كيف سيمكنها ان تغفر لنفسها هذا الضعف ؟.
كانت جوليت تريد الذهاب الى مينيس لاستعادة سيارتها ، لكن لسلي كرنتز اقترحت عليها ان تصطحبها الى المدينة ، قبلت جوليت ورافقتها بسيارتها ، طوال الطريق ، تحدثتا عن الفندق واخبرتها لسلي انها تريد تغيير الديكور القديم . لكن جوليت اعترضت واعطتها وجهة نظرها .
" نحن لانريد جذب الاشباح ، ولكن الزبائن الشبان ".
اجابتها لسلي بتعال وكبرياء .
" الزبائن يرغبون بفندق يضم حوض سباحة وسناك وبار ".
" الزبائن لم يكونوا يشتكون من الفندق . البارونة كانت تريد اقفاله لانها اصبحت مسنة غير قادرة على ادارته ..."
" لكن زبائنها كانوا كلهم مسنين ..."
" الا انهم كانوا يترددون كل عام الى الفندق ".
" اوه ، جوليت ، كوني متعقلة وواقعية . علمت انك تسببت بمشاكل عديدة لكارل ومنشرته ...
اعرف انني اجده متسامحاً جداً معك ... يدعوك للتزلج ثم لتناول الغداء معه في مطعم سيلبركان ويعمل لك كسائق طوال النهار ... اي سحر تستعملينه لاغرائه ؟"
" لاغرائه ؟ ماذا تقصدين ؟ اولاً ، كارل ادلر يحق له انشاء منشرته وانا يحق لي معارضة المشروع لانه يرمي الى تدمير مدرستي ومنزلي ! اما بالنسبة للغداء في مينيس فذلك لاننا التقينا صدفة في الشارع ."
" اذاً اشرحي لي لماذا استعمل نفوذه عند هير بيزولد ...؟"
" نفوذه ؟ ماذا تقصدين ؟" سألتها جوليت بدهشة .
" لاتعتقدي ان هير بيزولد سلمك طلبية كبيرة لأنه استلطفك فقط ..."
" غريب ! انا بالفعل كلمت كارل ادلر عن نيتي في مقابلة هير بيزولد اثناء الغداء لكنه لم يره قبل زيارتي ..."
سكتت فجأة ، وتذكرت انه اجرى اتصالاً هاتفياً في المطعم ... اذاً كلم بيزولد واخبره بزيارة آنسة هيرمون وطلب اليه ان يكون كريماً معها ...
" كارل ادلر يكلمك دائماً عن افعاله ؟" سألتها جوليت وهي في قمة الغضب .
" كارل لا يكلمني عن افعاله الخيرية ، لكني فاجأته يكلم البارونة ... ليسخر مني ؟"
" ولماذا ؟ كلم البارونة ... ليسخر مني ؟"
" ولماذا تشتكين ؟ حصلت على طلبية كبيرة ... لكني اريد ان احذرك ان كارل لن يستمر بلطفه معك حتى النهاية ... اذا اصريت على الدفاع عن حقوقك المزعومة فهو سيفقد صبره ".
" لست بحاجة للتحذير ، يدهشني اصراره على التكلم معي رغم الدرجة التي وصلت اليها الامور ".
" انه شاب لطيف ، ويعرف جيداً كيف يخفي مشاعره الحقيقة . اعلمي ان اكبر رجال الاعمال في المدينة لا يستطيعون الوقوف في وجهه . وانت لست اكثر دهاءً منهم ".منتديات ليلاس

" انا املك عامل الوقت الى جانبي ". اجابتها جوليت بتحد . شكراً لك على اصطحابي الى مينتس ". ونزلت من السيارة امام موقف السيارات .
" اتمنى ان لا تحتفظي لي بأية ضغينة ، جوليت ". قالت لها لسلي قبل ان تنطلق مسرعة .
احست جوليت بشعور من عدم القدرة يجتاحها ، ادعاءات لسلي ليست في الحقيقة سوى تهديدات مستترةوهي في قرارة نفسها تعلم انها لن تتمكن من الوقوف الى الابد في وجه مشاريع كارل شاءت الاقدار ان يكونا عدوين بسبب شقيقه جيرار في البداية .كانت جوليت تتلذذ بعداءه. ولكن شيئا فشيئا. وتحت تاثير غريب تغير الوضع. داخليا هي تتمنى حصول هدنة معه. ضعف كبير يهددها منذ اللحظة التي قبلها فيها في السيارة. وغزا الشك افكارها , اليست الشكوك الد اعداء محارب يسعى الى النصر؟ لكنها غير قادرة على النسيان الاهانة التي وجهها لها باتصاله بالهيربيزولد , اما بالنسبة للانجذاب الذي تشعر به نحوه, فهو مجرد انجذاب جسدي تتمنى ان تمتلك القوة لمقاومته....
في الاسبوع التالي اخبرها رئيس عمالها ويليام بان اثنين من العمال يريدون تقديم استقالتهم , كما اخبرها بان رئيس عمال ادلر تعرض لهيلموت والادموند ومنعهما من قطع الاخشاب من الغابة وهددهما بالاتصال بالشرطة, ثار غضب جوليت واتصلت بالبارونة التي اخبرتها انها لا تستطيع ان تفعل شيئا , طالما ان الغابة كلها اصبحت لكارل ادلر ويحق له منع القروين من دخولها.
"ماغدا, ارجوك عندما يزورك السيد كارل ان تطلبي منه ان يمر على المدرسة, لو سمحت."
"سأفعل, ولكن لا تستفزيه, جوليت انت تفسدي علاقتك معه بينما هو يرغب بمساعدتك, مهما كنت تقولين..."
في اليوم التالي, زارها كارل في المدرسة , كانت تخرج من المستودع عندما رأته يقف امام هليوت جابر الاعمى ويراقب حركات يديه وهو يعمل على تمساح من الخشب.
"البارونة قالت لي انك ترغبين برؤيتي" قال كارل عندما رآها بكل هدوء.
"نعم."
" ايمكنني اولا زيارة المدرسة؟"
"تفضل" وافقت رغما عنها.
اقترب كارل من جديد من هليوت ووضع يده بلطف على كتفه ثم اطرى على عمله واشترى منه التمساح ثم اقترب من عامل آخر واخذ يتحدث معه, ويسأله عن عمله ونوعية الخشب الذي يستعمله . عندما رأته جوليت يتجول بين العمال مازحا ومهنئا, شعرت ببعض الغيرة امام ردات فعل عمالها الذين ادهشوها بابتسامتهم له. وقلقت وتساءلت هل سينحاز عمالها الى صف العدو؟ ولكن لماذا تهتم بالخيانة بينما هي نفسها كانت شفافة وحساسة امام سحر العدو؟"
اشترى كارل قطعة صغيرة ايضا وتبع جوليت حتى شقتها.
"انظري الى هذه القطعة" قال وهو يداعب وبرها المحفور" تبدو نائمة لكن مخالبها مستعدة للخروج في اية لحظة, وكانها تراقب بعيني نصف مغلقة... تبدو وكانها تشبة شخصا اعرفه لكن من هو؟"
"ستذكره حتما" اجابته جوليت بحدة ولم يعجبها مزاحه
"لنغير الموضوع لو سمحت."
"حسنا"ووضع القطعة الخشبية جانبا" يبدو لي ان التعليمات التي اصدرتها لوكيلي لم تعجبك ابدا ... مع انه يحق لي منع اي كان من قطع الاخشاب"
" لكنهم من سنوات عديدة يستفيدون من الاخشاب الميتة في هذه الغابة, وبرضا البارونة فون بوند!"
"انا رجل اعمال ولست مؤسسة خيرية . انت قررت ودون استشارتي انه يجب علي ترك اراضي بتصرف الجميع..."
" هيلموت وشقيقه اعتقدوا...."

" اذا سمحت استثنائيا لعاملك الاعمى, من يمنع الاخرين من المطالبة بهذا التميز ايضا؟"
" مهما كان الامر, كنت اريد ان اكلمك فقط لاعرف اذا كان مسموحا للمدرسة اراضي القصر كما في السابق... الان, لم يعد بامكاني سوى الرضوخ لقرارك..."
" هذا يسعدني..." تمتم بسخرية . لو اظهرت اقل تفهما , لكنت نفسي مضطرا لتسبيح كل الغابة...."
" اذا انت قررت حرماننا من بقايا الاخشاب؟..."
" لاتتظاهري بمظهر الشهداء. انسة هارمون انا لم اشتر كل الغابة. امامك مئات الهكتارات تحت تصرفك في الجوار."
"نعم..."
" اذا لماذا تدافعين بكل هذه الاستماتة عن حق غير موجودة الا في مخيلتك؟ لكنك تبحثين عن اي سبب للمشاجرة."
" كارل ادلر. انا لا اجد لذة في خلق المشاكل لك كما تعتقد, انا ادافع فقط عن مصالح المدرسة. نحن نسعمل خشب الصنوبرلصنع ادواتنا. وغابتك تقدم لنا اكثر من غيرها... عرضت عليك طلبا رفضته وانا لن الح اكثر..."
" ولكنك تركت البارونة تشتكي عنك. اشك بانك تريدين دائما الاتنقام مني وبكل الوسائل..."
"كيف تجرؤ على التلميح بمثل هذا الكلام؟ اعلم انني انا ايضا اشك بك . لايمكنك ان تحرمني من المدرسة اذا انت ايضا تصعب علي شروط حياتي بحرماني من الخشب , مثلا,...."
" اهدأي! انت قلت بنفسك انه لديك منابع اخرى للتموين... اما بالنسبة لشكوكك, فاعلمي انني سأصدر اوامر جديدة لرجالي, سيكون من حق عمالك استعمال كل مايحتاجونه من اخشابي كما كانوا يفعلون في الماضي. هل انت راضية الان؟"
"لا , لا ارض بقبول صدقة".
"اذا لم تكوني راضية عن صدقتي كما تسمينها فلماذا انا هنا؟ لماذا طلبت رؤيتي؟" سألها بحدة وقد ضاق صدره من نقاشها.
"كنت اريد فقط معرفة وضع المدرسة من كل هذه المسألة, انا اكره طريقتك وبامكانك ان تسعدني بعدم استعمال نفوذك مرة ثانية امام اصدقائك..."
"آه , بيزولد ؟ من اخبرك؟"
"لا اهمية لذلك. انت اتصلت ببيزولد من المطعم اليس كذلك؟"
"تماما"
"ولم تنبت ببنت شفه لانك كنت تعلم بانني لن اقبل تدخلك , حتى ولو كان بنية طيبة في عملي...."
" كنت اعرف كبرياءك الاحمق . ولكن في سبيل النجاح في التجارة, تحتاجين الى اسكات صوت الكبرياء, اليوم مثلا, تفضلين حرمان مدرستك من الاخشاب على قبول عرضي."
بعد ايام , التقت جوليت بالسيد هانز شربير وكيل اعمال كارل ادلر في الفندق وسألته عن قرار كارل ادلر حول دخول عمالها اراضيه.
" بامكانكم ان تفعلوا كما في الماضي, انسة هارمون, انا اسف لانني منعت الاخوين اربور في قطع الاخشاب, كان يجب ان استشير كارل قبل ان اطيع اوامر لسلي كرنتز."
"ماذا؟"
" نعم . كانت تلك اوامر لسلي, وانا نفذتها اعتقادا مني ان السيد ادلر يمنحها حرية التدخل في اعماله..."
غاردت جوليت الفندق وهي تشعر براحة كبيرة كارل ادلر ليس رجلا بخيلا كما كان يدعي, ولكن الغيرة اجتاحتها فجأة. بالتأكيد هو لم يدافع عن نفسه عندما اتهمته, كي لايفضح لسلي... صمته يؤكد حبه للسلي . ربما عاتبها بينه وبينها, لكن صديقته المتعجرفة قلما تهتم...

اعدت البارونة لحفل كبير بمناسبة اعادة افتتاح الفندق بشكل رسمي, ووعدت مدعويها بحفل راقص تليه نزهة مركب في البحيرة تحت ضوء القمر . ونصحت اليزابيتا بان لاتأتي الى الفندق.
اشترت جوليت للمناسبة ثوبا جديدا. فلسلي كرنتز تعرف ثوبها المخملي, ولامجال لان ترتديه مرة ثانية امامها. مساء اليوم الكبير, انتظرت جوليت بفارغ الصبر وصول مرافقها. ودون ان تعترف لنفسها. كانت تأمل ان يكون كارل . لكنها اصيبت بخيبة امل عندما وصل جون سيبر الذي يعمل مهندس في شركة ادلر.
كما في الماضي . كانت ساحة القصر مضاءة بمصابيح كرطزة على الاشجار , وفي الداخل تختفي الطاولات تحت باقات كبيرة من الزهور. رغم النفور بينها وبين لسلي, استقبلتها هذه الاخيرة امام الباب وكانت انيقة جدا في ثوبها الحريري الطويل, اما كارل فلم يكن قد حضر بعد. اتجهت جوليت نحو ماغدا المحاطة بدائرة من الاصدقاء والخدم المرتدين الزي الايبض ينتقلون بين المدعوين, همس الاحاديث كان يصل حتى اعلى السقف المزين بالكريستال.
اخذت جوليت تراقب الضيوف الانيقين. وكانت تعرف بعضهم, ولكن اكثرهم كانوا من اصدقاء لسلي الذين جاؤوا من مينيش
لم يأت كارل ادلر الا عندما اعلن مدير المطعم ان العشاء اصبح جاهزا . عندما ظهر امام الباب , هادئا واثقا من نفسه,انيقا في بدلته السموكن السوداء, حبست جوليت انفاسها. انه يطعن بوسامته وجاذبيته على كل الموجودين . التقت نظراتهما للحظات, كانت جوليت اول من ادار وجهه وهي باتت تعرلف مدى نفوذه على قلبها. رغم كل المنطق والتعقل, وقعت في حبه...غباء كبريائها, يجب عليها الان ان تسكت هذا الحب السري المستحيل... فجأة. لاحظت كارل يتجه نحوها.
توقف قريبا منها يسلم على بعض معارفه لكن المسافة التي تفصله عنها قريبة جدا. احست بالدوار ورغبت في ان تسرع للقائه فاتحة الذراعين... تقدمت خطوة نحوه عندما وقف جون سيبر بينهما فجأة ودعاها لمرافقته الى طاولته...
جلست جوليت مع جون بينما جلس كارل ولسلي وحدهما حول الطاولة المجاورة. ابتسمت لسلي لجوليت وسلم كارل على جون بانحناءة من رأسه. جون شاب وجوليت تناسب ذوقه لانه امطرها بالاطرءات لدرجة انها انزعجت في البداية, خاصة وان قرب كارل منهما يزيد من توترها وكي تتغلب على توترها اخذت تبادلجون المزاح, كانت تعلم ان ضحكاتها اكثر من الازم. لكن جون للاسف, كان قد شرب الكثير من الشمبانيا واصبحت تصرفاته مزعجة حقا. لابد ان بقية المدعوين اعتقدوا انها تشجعه على السكر... للحقيقة,لم يكن يهمها رأي الاخرين, لكن نظرة كارل الساخرة كانت تقتلها. نهضت جوليت واتجهت نحو الحمامات بحجة اصلاح ماكياجها, عندما عادت . كان الجميع يرقصون فتهربت من جون وانضمت الى البارونة تثرثر معها واخيرا حان وقت النزول الى مرسى ريتغن. وكانت لسلي قد استأجرت مركبا فاخرا كبيرا يتسع لمئة شخص. انطلق المركب على انغام الفالس الرائعة, وانساب على مياه البحيرة الهادئة.
لتتغلب على ضجرها. زارت جوليت الصالونات ثم صعدت الى السطح واستندت على الداربزين تتنشق الهواء المنعش. فجأة احست بيد تحيط خصرها انتفضت ورأت جون سيبر خلفها.
"لماذا تتهربين مني؟"سألها
"انا ... لا اتهرب ... كنت انت تتكلم مع بعض الاصدقاء , فجئت لاتنشق الهواء..."
"هذا ليس صحيحا , لماذا تحاولين التخلص مني؟ كنا نتسلى جيدا اثناء العشاء, وبامكاننا ان نلهو حتى الفجر..."
"لننضم الى الاخرين. لو سمحت..."قالت له بنفاذ صبر . لكن جون لم يكن يستمع لها. كانت الكحول قد لعبت برأسه.
"لا اريد ان اعود الى الصالون بينما انا وجدتك اخيرا ! اعترفي انك تحاولين التهرب مني من جديد. لا احب طريقتك معي, وارغب في الثأر منك...قصاصا لك,ستعطيني قبلة ..."
"بالتاكيد لا!" صرخت وحاولت ابعاده عنها.
لكنه رغم ثمله كان اقوى منها وونجح في ضما اليه قاومته جوليت بكل قواها وادارت وجهها تجنبا للقاء شفتيه. واخيرا تخلصت منه وهربت لكنه تبعها وهو يكيل لها الشتائم. فجأة احست بانها داست على قدم احدهم خلفها.
"انا اسفة ..." اعتذرت بسرعة
"لابأس ..."
رغم الظلام, تعرفت الفتاة على كارل ادلر
"اعتقد ان هذا المزاح طال كثيرا..." قال موجها كلامه لجون
" الانسة لاترغب بمرافقتك..."
"انها ليست سوى ..." قال جون باحتقار وغضب.
"اعترف بفشلك .جون ولا تلح اكثر ..." قال له كارل بحزم واشار الى السلم المؤدي الى الصالون. فهز جون كتفيه وابتعد.
"انا اسف على هذا الحادث...." تمتمت جوليت
"اتمنى ان لا اكون قد المتك عندما دست على قدمك..."
"اوه! سأحيا ..." قال ممازحا " ماذا حصل مع جون ؟"
"كان يريد تقبيلي...فرفضت... كان ذلك مجرد سوء تفاهم..."قالت وهي تدير وجهها
لكنه يحق له ان يظن بانك لن ترفضي..."
رفعت الفتاة زجهها مصدومة.
"لكن ...لم اكن اعتقد ابدا ان .."
"هل انت متأكدة؟"
"ماذا تقصد؟"
"انك اذا كنت تشجعينه في البداية ثم تصدينه في النهاية, وبدون اي تفسير, فسيكون لديه اسباب للبحث عن الاتنقام ...الرجال لايحبون ان يتلاعب بهم بهذا الشكل."
" كيف؟ انا لم اشجعه ابداً!"
" حقاً ؟ عندما رأيتك تلاطفينه طوال وقت العشاء ، كنت بعكس ماتقولينه ..."
" لقد شرب كثيراً . ومن باب اللطافة ، كنت اتظاهر معه بالمرح ..."
" تكلمت معه منذ قليل ، وبامكاني ان اؤكد لك انه ليس ثملاً ، لكنه ..."
" اتدافع عنه ؟ اتعني انه يحق له ان يقبلني رغماً عني ؟"
" كان يعتمد على موقفك طوال العشاء . واستنتج انك معجبة به وانك ستسمحين له بالتالي ..."
" باختصار . كنت انا سأعيش نفس الوهم ، لو كنت مكانه . ربما التدخل بينكما منذ لحظات كان يجب ان اترك له الوقت ليقول لك رأيه بك ..."
" لقد فعل وامطرني بالشتائم التي لا استحقها . وانت تدافع عنه الان ".
واحست بكلمات كارل تجرحها وتدمي قلبها . فأضافت بمرارة :
" لماذا يمنح الرجل لنفسه حق استغلال امرأة ، حتى بطلب قبلة منها ؟".
" لان الطبيعة جعلت الرجال هكذا . وفي اغلب الحالات ، يقومون بالمبادرة قبل ان توجه الدعوة اليهم بطريقة او باخرى ..."
" جون سيبر لم يتلق مني اية دعوة ".
" ليس اكثر من جيرار في الماضي ، اليس كذلك ؟ على الاقل هو اعتقد ..."
" لا تلمح لاسم جيرار الان . كيف تجرؤ على مقارنته برجل ... مثل جون؟"

" لان الاثنين كانا ضحية لمسرحياتك ... في القصر ، كل حركاتك ونظراتك كانت تدعو جون ، بعد قليل دفعته عنك بلعب دور البراءة ... اذاً، انا افترض انك اخضعت اخي لنفس المعاملة ، بكل لا مبالاة جيرار لم يكن ليطلب الزواج منك لو لم يكن تلقى منك التشجيع في البداية ..."
" هذا ليس صحيحاً ! كم مرة يجب ان اكرر لك بانني لم امنحه اي امل ؟ كما وانني قبل ان يكشف لي عن نواياه . كنت اجهل كل مشاعره ... موقفه تغير كلياً عندما رفضت عرضه . فبدأ يتهمني بنواياه السيئة وبعيويبي لدرجة انه ارغمني على مغادرة ريتغن ..."
" كان يجب عليه ان يصمت ويظهر لك بشكل صامت ما تفتقدينه بعدم زواجك منه ..."
" كارل ادلر ! انا احترم الزواج كثيراً ولهذا لا ارتبط برجل لا احبه ..."
" تحترمين الزواج . لكنك بقيت صماء امام نداء رجل محكوم عليه بالموت ..." قال بحدة ثم اقترب منها وامسك ذراعها .
" انت لا تملكين قلباً . جوليت هارمون " همس بهدوء مخيف " ترفضين منح شاب قبلة بريئة ، وتملين مسبقاً من فكرة قضاء عام او عامين مع رجل مريض ... ارغب كثيراً بان اعاملك كما كان يجب على جيرار ان يعاملك في الماضي ..."
وبسرعة البرق . امسك شعرها وسحب رأسها الى الخلف ، ثم جذبها الى صدره بيده الاخرى وتأمل بوجهها للحظات قبل ان ينحني بكل بطء نحوها، ويتناول شفتيها ، لكن هذه القبلة لم تكن تشبه ما تحلم جوليت به سراً ...
فقط الرغبة باذلالها ، وجرحها تحركها . ومع ذلك ، قاومته كي لا تستسلم له طالما ان ارتباكها كان كبيراً وهي تخشى ان يكتشف كارل حقيقة انفعالها ... واخيراً ابعد شفتيه عن شفتيها فأخفت وجهها بيديها لتخفي احمرار خديها ....
" انت وحش ، عديم الاخلاق . كارل ادلر ".
قالت بصوت مرتجف :
" كنت اشك بك منذ البداية ، لكنك اثبت لي الان وقاحتك . تعتقد انني تلاعبت باخيك وعذبته ... ولهذا تصر على معاقبتي ، اليس كذلك ؟"
" لنقل انني لم استطع مقاومة الرغبة في جعلك تدفعين جزءاً من ديونك . استعملت اللغة الوحيدة التي تفهمنيها . اتمنى ان لا تعجبك هذه المعالجة..."
" ابداً"
" حسناً . هذا ما اريده ..."
اذاً هو لم يفهم شيئاً ...
" انت تكرهني " تمتمت بضعف ويأس .
" بل اكره المتدللات الماكرات ..."
" انا لست متدللة ولا ماكرة ! لم اتلاعب ابداً بمشاعر جيرار ".
" واكره ايضاً انانيتك ..." ثم امسك ذراعها وجذبها نحو الباب .
" لننضم الى الناس المتحضرين ، هذا افضل لك ولي ..."
في الداخل ، تركها واتجه نحو طاوالة لسلي وبعض اصدقائها . ترددت جوليت ثم رفعت رأسها ودخلت الى الحمام ، لحسن الحظ ، لم يكن هناك احد ، فتمكنت من تصحيح ماكياجها بسلام .
" متى ستنتهي هذه السهرة اللعينة " رددت بيأس . وكيف ستعود الى منزلها من القصر؟ لا كارل ولا جون سيوصلانها .
الفصل السادس:

بساعة واحدة ، كانت قد اكتسبت عداوتهما معاً . غضب جون وحقده لا يشكل بالنسبة لها مشكلة كبيرة .
لن تراه ابداً بدون شك ، ولكن كارل ... كارل سيبقى مقيماً في الفندق وستلتقي طريقهما دائماً في هذه البلدة الصغيرة .
كيف ستتمكن من مشاهدته والنظر في مقلتيه بعدما حصل بينهما ؟.
هو لا يشك حتى الآن بمشاعرها الحقيقية وحبها الكبير له ، ومن اجل مصلحتها وكرامتها يجب عليها ان تتجنبه وتهرب منه .
لا يمكنها بعد الآن ان تثق بنفسها ، في يوم او آخر ، اذا لم تحافظ على مسافة معه ، ستخونها مشاعرها .
ما ان خرجت من الحمام حتى التقت لسلي .
" اوه ، هذا انت .. جوليت ؟"
" عفواً !"
" اخبرني كارل انك واجهت مشاكل مع جون ..."
قالت لسلي بسخرية ،" بالمناسبة ، البارونة تبحث عنك ، انها تفكر بأن يرسوا المركب في مرسى مدرستك ، ليتمكن الضيوف من زيارتها ، باختصار انها تنتظرك في الصالون ".
كانت ماغدا متحمسة جداً لفكرتها والحت على جوليت بالقبول .
" بهذه الطريقة ، ستسفيدين من الدعاية لمدرستك ، ويكون الضيوف ايضاً قد انهوا سهرتهم بطريقة لطيفة مفاجئة ".
" لكن المشاغل يسودها الفوضى "، اعترضت الفتاة ، وفكرت فجأة انها بقبولها عرض البارونة ، تتوفر على نفسها عناء الطلب من جزون او غيره مرافقتها الى المنزل ، طالما ان المركب سيرسوا امام المدرسة ... فوافقت بدون تردد شكرتها البارونة وهمست باذنها .
" اتعلمين ان لسلي تجد فكرتي سخيفة ؟"
" حقاً؟ هي حرة ..." اجابتها جوليت بابتسامة ماكرة .
عندما رسى المركب امام رصيف المدرسة ، طلبت جوليت من المدعوين ان ينتظروا لحظات ، ثم نزلت تتفحص المشاغل ، لحسن الحظ ، كان العمال قد نظفوا المكان ورتبوا الادوات قبل مغادرتهم اطمأنت جوليت وعادت ودعت الضيوف للدخول .
لمدة نصف ساعة ، لعبت دور الدليل واجابت على اسئلتهم حول العمل الفني . سرعان ما اصبح الجو خانقاً ، فخرجت لتتنشق الهواء المنعش وتركت ضيوفها يتجولون وحدهم في المشاغل .
لمحت في الخارج وعلى نور القمر تحت احدى الاشجار لسلي كرانتز تتحدث مع رجل لم تتمكن من معرفته . اثارها الفضول فانحنت واصغت لحديثهما .
" نعم بالتأكيد"، كانت تقول ليزا .
" كل هذا جميل وفولوكلوري ، لكن العمال هم مجرد فلاحين فقراء ... وهذه الفتاة الانكليزية التي تحميها البارونة ، ترفض الاعتراف بان ايام مدرستها اصبحت معدودة ، وانها ستجد نفسها قريباً بدون عمالها . سيبقى معها المسنون والمعاقون اما الاقوياء فيجذبهم بسرعة طعم الرواتب المرتفعة التي تدفعها شركة ادلر ".
تكلم المتحدث الآخر ، لكن جوليت لم تنجح في فهم كلماته .
" تعتقد ان المكان سيفقد سحره ؟" اجابته لسلي .
" هذا ممكن ، ولكن التغيير مفيد ، كارل فكر بذلك وتوصل لنفس استنتاجاتي ... والآن ، لنعد الى المركب ".

عادت جوليت الى الداخل وهي تغلي من الغضب ، لماذا لم تفهم من قبل تكتيك كارل ؟ لكن حيلته لن تنجح لانها ستضاعف اجور عمالها كي لا يتركوها وتضطر لاقفال المدرسة . لا يمكنها تحمل فكرة انتصار لسلي وكارل عليها .
عندما غادر المدعون المدرسة ، تأخرت جوليت عمداً في المشاغل . كانت تعلم انه لن يلاحظ احد غيابها على متن المركب عندما يرحل ، وقررت ان تتصل بماغدا لاحقاً لتعتذر لها وتشكرها ، اطفأت الانوار ببطء . وفي الممر ، كانت تستعد لاطفاء الانوار الخارجية عندما جمدت يدها مكانها .
الباب لايزال مفتوحاً ، وكارل يقف على المدخل ...
" ماذا ... ماذا تريد ؟" سألته متلعثمة .منتديات ليلاس
" لماذا لست مع ..."
" لماذا لست مع الآخرين ؟ وانت ؟"
" الحفل انتهى تقريباً ، وليس من الضروري ان اعود الى القصر حتى انزل من جديد ..." دافعت عن نفسها بسرعة .
" كان يجب ان تستأذني البارونة ..."
" سأتصل بها عندما تكون قد وصلت لاقدم لها اعتذاري وشكري ..."
" كنت تخشين ان تطلب البارونة مني ان ارافقك بسيارتي ، اليس كذلك ؟"
" طالما انك دقيق الملاحظة ، لماذا تطرح علي هذا السؤال ؟"
" اذا ، انا حذرت ..."
" بعد طريقتك الوقحة في تصرفك معي ، هذا المساء ، اتعتقد انني كنت سأقبل ان ترافقني ؟ انت مخطئ! كنت سأفضل العودة سيراً على الاقدام !"
" كما يجب ان افعل انا الآن ..."
" انت السبب . لماذا لم تصعد الى المركب ؟ كنت تريد رؤية ضحيتك من جديد ، لتدفعها الى مشاجرة جديدة ، لقد استحقيت العقاب ، سيد ادلر، وانا سعيدة لذلك!"
" لا ، لم ابق لهذا السبب ..."
" لا ؟ ربما كنت تفكر بعقد هدنة سلام معي ؟"
" بمثل هذا الوقت المتأخر ؟" سألها مبتسماً.
" لست بمزاح جيد لاتقبل المزاح !"
" ولا انا ، الآن ، اطفئي الانوار ، واقفلي الابواب ، واخلدي للنوم ، لا تشكريني لانني جنبتك غضب شاب مصمم على الانتقام منك ، تصبحين على خير ".
" انتظر ... الى من تلمح ... الى جون ؟"
" نعم! كان ينوي ترك المركب يرحل بدونه ..."
" كي ... كي يعود الى هنا ؟"
" لم يدهشني ذلك ... كان بيسعى بدون شك للانتقام ".
" وماذا فعلت انت ؟"
" ارغمته على الصعود الى المركب ، اعتقاداً مني انك ستفضلين زيارتي على زيارته ".
" شكراً لك ..." تمتمت واخفضت رأسها .
" لا تشكريني ". قال وهو يداعب خدها بأصابعه .
" انت الد اعداء نفسك ، آنسة هارمون ... اتدركين ذلك ؟ لكنك محظوظة. معي انا ، لا خطر عليك ... تصبحين على خير !" ثم انحنى امامها وابتعد بسرعة في الظلام .
لم تعد جوليت تعرف بماذا تفكر . في البداية ، وقف كارل موقف الدفاع عن جون سيبر ، واكد لها انه يحق له بالانتقام ، فيما بعد ، وقف مدافعاً عنها ومنع جون سيبر من تنفيذ تهديده .
موقفه يحيرها ، يعاملها باحتقار ثم يسرع لانقاذها بالموقف المناسب . ربما كان يسعى لجرح كبرياءها بانقاذه لها .
بعد ان اتصلت بالقصر وتركت رسالة للبارونة ، نامت على امل ان تنسى هذه السهرة اللعينة . لكن الحقيقة لحقت بها الى احلامها . كانت تحلم بأنها تقف وحدها في مشغلها الهادئ المهجور .
وعندما استيقضت ، كانت الدموع تسيل على خديها . لسلي لم تكن تتكلم عبثاً . الخطر الحقيقي . حتى الآن ، استقال بعض عمالها وانضموا الى معسكر عدوها .
فهمت جوليت الآن فقط لماذا سمح كارل للمدرسة بالاستفادة من اخشاب الغابة . كان يعلم مسبقاً ان العمال سيهجرونها وبالتالي تعود بحاجة للاخشاب .
نهضت الفتاة وهي تحمل همها على كتفيها واستعدت لمقابلة رئيس عمالها . سألته على الفور اذا كان كارل ادلر قد اتصل بالعمال وقدم لهم عروضاً مغرية .
" لا "، اجابها ويليام " ولكني سمعت شائعات رجالنا رؤوا الحطابين الذين يعملون لشركة ادلر وجيوبهم ملئ بالمال ... بالتأكيد طرحوا عليهم بعض الاسئلة ..."
" اسئلة ؟"
" سألوهم عن الرواتب ، وشروط العمل ، باختصار ، اغراهم المال ". ثم نظر الى الفتاة واضاف .
" وانا ايضاً".
" اوه ، ويليام !" صرخت بقلق وبصوت مخنوق .
" اطمئني "، اضاف ويليام بسرعة .
" لقد فكرت كثيراً ، وقلت لنفسي ويليام ، توقف عن التصرف كالصغار ، انت اصبحت مسناً لا يمكنك تغيير نمط حياتك ومهنتك . انت فنان في الحفر على الخشب ، كوالدك وجدك ، وستبقى !"
" اوه ، ويليام ". صرخت جوليت ضاحكة .
" لقد اخفتني ! ولكن الآخرين ؟ كيف نعرف اي جهة سيسلكون ؟ ايجب علي ان اجمعهم واكلمهم ..."
" لا ! وفري قواك ليوم المعركة . اشعر انه لن يتأخر كثيراً ... بانتظار ذلك ، ابقي طبيعية ".
رغماً عنها ، اعترفت جوليت ان وليام على حق والتزمت الصمت . كان اليوم يوم احد ، فقررت ان تقوم بنزهة طويلة وحدها .. وهكذا اعدت سلة الزاد وسلكت عند الظهر طريق الجبلواختارت ممراً صغيراً كان القرويون قد شقوه في القديم عبر الغابات . عندما وصلت توقفت تتأمل المنظر الرائع الذي جعلها تنسى همومها : البساط الاخضر الممتد تحتها ، البحيرة الزرقاء المتلألأة تحت اشعة الشمس .
وتنمت لو تستطيع ان تبني منزلاً في هذا المكان حيث لا يعيش اي كائن على بعد عدة كيلومترات . لكن الطريق تسمح اذا قضت الحاجة بالوصول الى عالم الحضارة بأقل من نصف ساعة فقط . الموقع مثالي حقاً.
عادت الى الواقع ، واختارت مكاناً بين الاشجار ، بسطت فيه شرشفاً وافرغت عليه محتويات سلة زادها . فجأة سمعت هدير سيارة تقترب .
هل سيتابع السائق طريقه نحو قمة الجبل ام انه سيسلك الطريق الفرعي ؟ بعد لحظات فهمت الفتاة انه يجب عليها ان تودع احلام الوحدة . توقف السائق ونزل من سيارته يحمل لوحة رسم وآلة تصوير .
رأى الفتاة جالسة تحت الشجرة فاتجه نحوها بعد لحظة تردد .
" مرحباً ، فراولن اتمنى ان لا اكون قد ازعجتك ..."
" لا ، ابداً". اجابته بدهشة .
" انا هيرمن برنتل ". قدم نفسه .
" انا مهندس ويجب علي ان التقي هنا بأحد زبائني ..."
" هنا ؟ لكن المكان ملك للبارونة فون بودن ".

" نعم ، لكن زبوني يأمل ان يشتري هذه الارض منها ، شرط ان اوافق على اختياره ... من النظرة الاولى ، اعتقد انني لن اعارض " اضاف وهو ينظر حوله .
" ايرغب زبونك ان يبني منزلاً هنا ؟" سألته بفضول .
" نعم ... لماذا تضحكين فراولن ؟"
" لانني كنت اتخيل منذ لحظات اي نوع من المنازل ابني هنا ، اذا كنت املك المال الكافي ! يالها من صدفة !"
" انا وصلت باكراً على موعدي ، لكن ، لاتقطعي وجبتك ، بامكاني ان انتظر الزبون في سيارتي ..."
فهمت انه لا ينتظر منها سوى كلمة واحدة ليجلس ، فدعته لمشاركتها طعامها .
" بكل سرور ، فراولن "... ثم جلس على الاخشاب وبدأ يلتهم السندويش الذي قدمته له .
" هل انت من عائلة دون بودن ؟"
" لا ، انا انكليزية "
" لهذا السبب لهجتك مختلفة ".
" انا ادير مدرسة الفنون اليدوية في ريتغن . ولكن ... ايمكنني ان اعرف اسم زبونك ؟ ربما اعرفه ..."
" هذا ممكن جداً . انه كارل ادلر ، مدير شركة ادلر " هذا الخبر لم يفاجئها، كانت منذ لحظات تتوقع سماع اسمه .
" اعلم انه اشترى كل اخشاب الغابة لكنني لا اعرف شيئاً عنه في الاقامة هنا ..."
" لا شيء مؤكد حتى الآن . السيد ادلر ينتظر سماع رأيي ليقدم بعده عرض شراء البارونة ."
فكرت جوليت ان كارل لن يتأخر اكثر في الوصول ، وهي لا ترغب بلقائه ! لكن ضيفها كان يحدثها وليس من اللطف ان تجمع اغراضها وتنهض بهذه السرعة لكن املها مات عندما سمعت هدير سيارة اخرى تقترب .
انهى هيرمون برانتل قطعة الحلوى الثالثة وقفز على قدميه ليستقبل كارل . ابقت جوليت رأسها منخفضاً وبدأت تجمع بقايا زادها .
لكنها كانت تشعر بنظرات كارل منصبة عليها بدهشة ...
" وصلت باكراً " شرح له هيرمن .
" وهذه الفتاة الساحرة ، الآنسة هايرمون دعتني لمشاركتها طعامها ."
" حقاً ؟" اجابه كارل بسخرية .
" مع انك تعلم بأننا سنتناول الطعام في الفندق عندما تنتهي من عملنا " ثم اقترب من جوليت واضاف .
" اي سحر لا يقاوم يملكه صديقي هيرمن كي تسمحي له بما رفضته من اجلي ؟" سألها بتهكم .
ثم التفت نحو المهندس الذي يستمع له بدهشة .
" ذات يوم " شرح له كارل " التقيت انا ايضاً بالآنسة هايرمون تنتاول طعامها لكنها لم تدعني للجلوس ، انا اي سحر تخفي اذاً ، هيرمن؟ اني اتساءل ... ربما التقيت انت بها في لحظة من اللحظات النادرة التي تكون فيها مزاجها سمحاً ..."
" يبدو انك غيور ، كارل "، مازحه هيرمن .
" من ماذا ؟ من سندويشات اكلتها ، ام من نجاحك امام الآنسة هايرمونن ؟ لن اجيب بالتحديد ... والآن ، لنأتي الى المهم ، ما رأيك بهذا الموقع ؟"
" انه مناسب تماماً ، ولكن سعر الارض سيكون بالتأكيد مرتفعاً جداً ..."
" لا تهتم بهذه التفاصيل . عندما ارغب بشيء ، احصل عليه مهما كلف الامر ".
" اي اصرار !"
" لا ، انا عنيد ، وصبور ... حسناً ، اذا اعجبتني خططك ، متى يمكنك ان تبدأ بالورشة ".
" بعد ثلاثة اسابيع ."

" ومتى ينتهي البناء ؟"
" بعد تسعة اشهر او سنة على الاكثر . اتساءل اذا كنت تريد بناء هذا المنزل لتستقبل فيه زوجة المستقبل ".
" بالتأكيد لا . من اين لك بهذه الافكار ".
انتقل الرجلان للحديث عن الطريق وتوسيعها . ثم انحنيا فوق لوحة المهندس . استغلت جوليت هذه اللحظة ، وانسحبت خلسة ، لكنها لم تكن قد ابتعدت اكثر من ثلاثة خطوات عندما ناداها كارل .
" انتظريني لحظات ، سأرافقك بسيارتي الى البلدة ."
" لا ، شكراً ، اريد ان اعود سيراً على الاقدام كما اتيت ."
" كنت اريد ان اسمع رأيك حول تشييد المنزل هنا ، ما رأيك ؟"
" الموقع مثالي ..." اجابته بحذر .
" الن تتهميني بتدنيسه ايضاً هذه المرة ؟"
" كارل ادلر انا لا ازال اعارض فكرة انشاء المنشرة على ضفة البحيرة ، لكن هنا ، في هذا المكان المعزول ، لن يؤثر منزل على المنظرالطبيعي ..."
" عظيم! كنت اخشى ان تكني لي ضغينة اخرى ..."
" انت محق بطلب رأي الآنسة " تدخل المهندس .
" اثناء تناولنا الطعام ، اخبرتني بأن لديها افكار حول بناء منزل احلامها، هنا، تماما !"
"لا ابدا". احتجت جوليت بارتباك،"كنت اتخيل فقط افضل وسيلة للاستفادة من هذا الموقع المميز!"وكان قد ادهشها اتفاقهما على اختيار نفدس الموقع لتشييد منزل احلامهما.
"هيا، هيا" قال المهندس مبتسما.
"النساء تحب تشيد منازل الحب ، ويكون لديهن دائما مخططات في رؤوسهن . على كل حال، في مهنتنا نحن المهندسين نعلم جيدا اننا نشيد المنازل للرجال، لكننا نتبع تعليمات زوجاتهن!"
استأذنت جوليت ورسارت بين الاشجاردون ان تلتفت خلفها.
هذا المساء، اتصلت بها البارونة واخبرتها بأن كارل زارها وبأنها قبلت بيعه قطعة الارض التي ستبني عليها منزله.
"لم اكن اعتقد انك ستتخلين عن هذه القطعة من اراضيك"، قالت لها جوليت بدهشة.
"انها ليست سوى جزءاً صغيراً بالنسبة لما املكه كارل كان مصمماً ومتسرعاً ودفع ملبغاً كبيراً. كنت اعتقد انه سيبني منزلاً صغيراً. لكنني تفاجأت عندما اخبرني المهندس انه يريده منزلاً واسعاً يتسع لعائلة كبيرة.... ربما يفكر بالزواج."
"هذا ممكن."
سأدعك الآن ، جوليت، وسأتصل بك فور عودتي من برلين".
اثناء غياب ماغدا،تفاجأت جوليت بالعاملين الجديدين يقدمان استقالتهما ، فسألتهما بجفاف :
" لماذا ترحلان ؟ الا يعجبكما الراتب ؟"
اجابها الشابان بأن هذا قرار والديهما .
" ولكن لماذا ؟ ايفكران بنقلكما الى مدرسة اخرى ؟"
تظاهرا الشابان بأنهما لا يعرفان شيئاً . ففهمت جوليت انها لن تحصل منهما على شيء . فذكرتهما انه يجب عليهما الاستمرار في العمل حتى انقضاء الشهر ثم اسرعت الى ويليام وسألته اذا كان يعرف سبب استقالتهما .
" اعتقد انهما يبحثان عن عمل في شركة ادلر لصنع المفروشات ".
" اتظن بأن كارل ادلر قدم لهما عروضاً؟"
" لا ، هذا كان سيدهشني ، لانه بحاجة لعمال ذوي خبرة وليس لمبتدئين كهذين !"
بدأت جوليت تشعر بالقلق يزداد يوماً بعد يوم . هل ستتحقق تنبؤات لسلي؟ استقالة هذين الشابين هي اشارة مخيفة ... فضاعفت اجر الحرفيين القدماء الذين يعرفون قيمة فنهم . انهم القوة الحقيقية الفاعلة في مشاغلها .
لكن صباح يوم السبت ، استقال ثلاثة شبان مساعدين بدورهم ولم يعطوا اسباباً محددة كسابقيهما .
تأسفت جوليت كثيراً لغياب ماغدا . هي لا يمكنها ان تفعل لها شيئاً ، لكن لطفها يساعد الفتاة كثيراً .
يوم الاحد ، حاولت جوليت ان تجد حلاً ، فخرجت الى الحديقة تنزع اعشابها . كانت منحنية فوق احد الاحواض عندما سمعت صوتاً يناديها .
" صباح الخير ..."
رفعت عينيها وتعرفت على كارل ، كان قد جاء سيراً على الاقدام ولهذا لم تسمع هدير سيارته .
" صباح الخير ..." اجابته بلا مبالاة بينما اجتاحها ارتباك داخلي كبير ككل مرة تراه فيها .
" اترغب بالكلام معي ، ام انك تحييني اثناء مرورك من هنا فقط ؟"
" هذا يتوقف على ... اذا كان مزاجك جيد ، اريد ان اطلب منك خدمة ."
" خدمة ، مني انا ؟"
" اطمئني ، تناولت فطوري ولن اطلب منك كسرة خبز ".
" الا تعتقد ان هذا المزاح اصبح سخيفاً؟"
سألته وهي تتابع نزع الاعشاب ، واحست بغضب كارل ونفاذ صبره .
" اذا كنت تنوين انتزاع الاعشاب طوال النهار ، اخبريني وسأمر عليك غداً ". قال لها بحدة .
" والا فأعيريني انتباهك كلياً ..."
" ولكني استمع لك ".
لكنه بسرعة امسك ذراعها واجبرها على النهوض .
" اتفعلين ذلك عمداً لاغاظتي ؟" سألها وهو يهز كتفيها بعنف .
" ماذا تقصد ؟"
" منذ لقائنا الاول وانت تفقديني صبري !"
" اذا كان الامر كذلك ، مالذي جاء بك اليوم ؟ انا لم ادعوك لزيارتي !"
تركها فجأة وادار ظهره ليسير بضعة خطوات .
" الامر يتعلق بماغدا . ستعود غداً كما تعلمين ، اثناء غيابها ، قامت لسلي ببعض التعديلات على الفندق ، انها تعديلات ضرورية ، لكنني اعتقد ان البارونة لن تكون راضية ..."
" لحظة ... الى اية تعديلات تشير ؟"
" على سبيل المثال ، طردت لسلي كل العمال واستبدلتهم بعمال جدد ، شبان ... والغت المطعم وجعلت مكانه بوفيه حيث يخدم كل شخص نفسه بنفسه ... كما وانها ..."
" ولكن قبل ان تقوم بهذه التعديلات ، الم تستشر لسلي البارونة ".
" لم يكن لديها خيار آخر . ماغدا امرأة مسنة ترفض كل افكار التحديث... الصبر والتعقل لا ينجحان في اقناعها . انا اوافق لسلي على رأيها ، فهي تعرف اكثر منا بما يخص تجهيز الفنادق ".
" حقاً ؟ انت تدعمها ضد ماغدا ، مع انها ليست سوى مدبرة للفندق وليست مالكته ! الا يصدمك تصرفها من خلف ظهر البارونة ؟"
" عندما اوظف مديراً ، انتظر منه ان يدير ..."
" الا تعترض عندما يتخطى حدود مسؤولياته وحقوقه ؟"
" فقط اذا كنت اكثر منه خبرة في مسألة معينة ..."
" لكن لسلي تصرفت وحدها دون اي اذن من البارونة ..."

" لهذا السبب جئت طالباً مساعدتك كي تفعلين كل ما بوسعك لتخفيف الصدمة عن البارونة لدى وصولها ... حاولي ان تظهري لها ان لسلي محقة في ارائها وان الفندق بحاجة لهذه التعديلات ".
" افهم ان الآنسة لسلي تخشى ردة فعل البارونة وارسلتك لتقترح علي دور المحامي المدافع ! هذا ما اره ".
" انت لا ترين شيئاً ! كالعادة ، كرهك لي يدفعك لاستنتاجات خاطئة ! لسلي لسنا سوى مخادعين بدون ذمة ، اليس كذلك ؟"
" اسمح لي بعدم الاجابة ... انت كنت انت متفقاً معها ام لا ، فالامر وقع . ويجب علي الآن رؤية ماغدا تنهار من الغضب ... اما انت ولسلي ..."
" لا افهم لماذا تعتبرين لسلي شيطانة او ... ما ان الفظ اسمها امامك حتى تصابي بجنون الغضب . لماذا ؟"
" انه نفور متبادل بيني وبينها ... هي ايضاً لا تحبني ..."
" نعم ، اعلم ..."
" آه ، تعلم ! هل شرحت لك السبب ؟"
" لا ، لكنني ربما افهم ... مهما كان الامر ، هذه المشكلة لا تهمني . احاول فقط اقناعك بان لسلي لم تفكر بالاحتماء خلفك لحظة واحدة عندما تأتي البارونة . انا فقط اطلب منك ان تستعملي نفوذك امام البارونة كي توافق على مافعلته لسلي ..."
" ماذا يجب ان اقول لها ؟ اقبلي بالامر الواقع مبتسمة ، ماغدا؟ ام دعي مديرتك تدير الفندق كما تشاء البارونة لم تتدخل ابداً في شؤوني وفي مدرستي ، وانا لا انوي التدخل بشؤون فندقها !"
" اصمتي !" وامسك كتفيها بكل قوته .
" غيرت رأيي " صرخ بحدة .
" كان يجب ان اتنبأ بأن محاولتي معك ستكون فاشلة ... ولكني اعلم الآن انك تعارضينني وتتلذذين بمعارضتي ولاي سبب كان . مع اولئك الذين تعتبرينهم كأعداء لك ، تتعاملين بالخداع والوضاعة ، بكلمة اخرى ، تكشفين عن طبيعتك الحقيقية ".
" الاعداء الذين من نوعك لا يستحقون الافضل ..."
اجابته بتحد " هيا ، ارحل من هنا ، واضربني ، اقتلني اذا شئت ، هذا ماترغب به انا متأكدة من ذلك . ساد صمت قصير بينهما ، ثم تركها كارل ونظر اليها باحتقار .
" لن انزل لمستوى ضربك هذا اسلوب ربما ينفع مع الاطفال ، ولكن ليس مع امرأة مثلك ..."
في مساء اليوم التالي ، زارتها ماغدا فون فجأة ، وكان من عادتها اذا احبت لقاءها ان تدعوها الى قصرها ، يبدو انها اليوم ترغب بالكلام معها بعيداً عن اعين وآذان المتطفلين ...
" هل علمت بما حصل في الفندق ؟" سألتها ماغدا على الفور .
" نعم ، تقريباً ..."
" وكيف علمت ؟ هل زرت الفندق اثناء غيابي ؟"
" لا ، كارل زارني ليخبرني ".
" كارل ادلر ؟ لماذا ؟ ... آه ... فهمت ، لسلي كانت تعلم كيف ستكون ردة فعلي ... فأرسلت كارل ادلر لاقناعك بلعب دور المفاوض ، انا متأكدة انها تغار منك ، وتسعى لايذاءك ".
" اعتقد ذلك ، ولكن كارل دافع عن نفسه بحدة عندما اتهمته بانه رسول لسلي ... اكد لي انها لاتعلم بزيارته لي ، اعتقد ايضاً انه يحاول ان يخفف عنك صدمة ما حصل بطلبه مساعدتي ... هذا دليل على حسن نواياه ..."
" لكنكما افترقتما متخاصمين كالعادة ؟"
" نعم ..."
" بسببي " تنهدت ماغدا بأسف
" لا ، هذا الرجل وانا على خصام دائم ، وكأن القدر شاء ان نكون عدوين، وانت لست مسؤولة ، يضحكني قولك ان لسلي تغار مني ! لو انها تعلم كيف نتخاصم انا وكارل ، لكانت غيرت رأيها ... لا ضرورة لمخاوفها مني ".
" كم انت عنيدة جولييت ..."
" دعينا من امرها الآن ، ماذا ستفعلين حالياً ؟"
" للاسف ، لا شيء ، الذي يؤلمني هو هذه الخيانة المدبر لها ... اتغيب اسبوعين فلا اتعرف على فندقي لدى عودتي ! تصوري ان زبائن يقفون بالصف امام البوفيه ، تصوري انها ايضاً طردت العمال القدامى ! اضيفي الى ذلك الاوركسترا الجنوب امريكية التي ستأتي مرتين كل اسبوع ... وبعد كل هذا تتهمني لسلي بانني لا افهم اذواق الزبائن ... سامبا ورمبا في بافاريا ! هتذا سخيف ! انا بحاجة لوسيلة لجذب الزبائن الى فندقي ، ولا انوي جعله ملهى ليلي او كازينو ..."
" اهدأي ، ماغدا ..."

الفصل السابع:


" كم انا نادمة على منح منصب الادارة للسلي ، لكني اعتمدت على كارل ادلر ، منذ لقائنا الاول كنت اشعر بأنني لن اتفق معها ، لكني قبلت ببعض التعديلات من اجل مصلحة الفندق ، فهمت متأخرة ان كارل كان يملك اسباباً شخصية للتغني بمديح لسلي وتشجيعي على منحها هذا المنصب ، بوجودهما قرب بعضهما ، يصبح بامكانهما اللقاء وتجديد علاقتهما القديمة، اتعلمين انهما كانا خطيبين ؟ اتساءل لماذا فسخا خطوبتهما ... على كل حال ، لسلي كانت متزوجة ، لكنها الآن عادت حرة من جديد ..."
تذكرت جوليت صورة لسلي التي رأتها في منزل كارل .
" وكيف علمت انت بالامر ؟"
" كارل اخبرني ذات يوم ، ولكني متأكدة ان لسلي لن تفوت الفرصة هذه المرة ، انسي هذا كله جوليت ، ارجوك كم انا ثرثارة ..."
" ولكن هل تفكرين بفسخ عقد لسلي ؟"
" اتمنى ذلك ، لكن بدونها ، سأعود لنقطة البداية ، لندع الامور حالياً على ماهي عليه ، اذا لم تنجح لسلي في الزواج من كارل ، فهي ستغادر الفندق ... ولكني اشفق على كارل واحترمه ... واعتقدت انك ، اذا فكرت ملياً وبحسن نية ، ستشاركيني رأيي !"
" ماغدا ، هو لم يحاول ان يكون لطيفاً معي ، قرر منذ البداية ان يكرهني، حتى قبل ان يتعرف بي ..."
" لا يمكنني تصديق ..."
" لانك ترفضين رؤية سيئات بعض الناس ، كارل ادلر يفكر بأنني رفضت الزواج من اخيه بسبب انانيتي ، ويريد ان ينتقم له مني ..."
" لا يمكن لكارل ان يفكر بهذه الطريقة ! من ناحية اخرى ..."
" ماذا ؟"
" لا شيء ... كنت سأفشي سراً ، وعدت كارل ان لا اكشف عنه لاحد ، وخاصة انت ..." ثم نهضت وتمنت لها ليلة سعيدة .
" لا تتركي كبرياءك يعمي احكامك ، بامكانك ان تصدقيني بموضوع كارل ادلر ..."
اقفلت جوليت الباب خلف ماغدا وهي تفكر بان كارل ادلر ، ولو لم يكن موجوداً يفرض نفسه في كل لحظة ويدخل في كل حديث ، نفوذه يزداد يوماً بعد يوم في ريتغن ولن تكون الحياة هي ذاتها على ضفاف بحيرة سيلبريس ...
بعد اسبوعين ، كشفت لها البارونة عن السر الذي تتقاسمه مع كارل ادلر. بعد عدة مفاوضات باعته قطعة ارض كبيرة على ضفة البحيرة لكنها بعيدة عن القرية لينشئ عليها منشرته الكبيرة . هذا الخبر فاجأ جوليت كثيراً .
" انت ترين الآن ان كارل ليس رجلاً بدون اخلاق كما كنت تتهمينه " قالت لها ماغدا بمرح .
" كنت اعتقد ان عناد الاهالي بالانتقال هو السبب ..."
اجابتها لسلي بمرارة ." على كل حال ، نحن كسبنا ".
" اذا كان هذا رأيك ، لا تبوحي به امام كارل ... لقد حاول جهده ان يجد حلاً يحفظ مصاله ومصالح الاهالي ..."
كانت البارونة تجهل كم ترغب جوليت بتصديقها .. لكن كارل لا يزال يلومها على تسببها بيأس شقيقه . عنف قبلته التي سرقها منها على متن المركب لا تدع شكاً . انه يحتقرها ويعتبرها انانية . نعم ، لقد اثبتت بمناسبتين لطفاً تجاهها ، لكنه كان قد ساعدها ليذلها فقط . لكنها مع ذلك قررت ان تغير موقفها منه وتشكره .. لكن حدث مالم تكن تنتظره عندما جاء ويليام يوم السبت التالي وناولها صحيفة يومية تحمل اعلاناً من شركة ادلر يطلب فيها خمسين عاملاً لقطع الاخشاب برواتب مغرية .

عرفت جوليت خوفاً كبيراً امام هذه الكارثة . فبدل ان يضطرها كارل لاقفال المدرسة ، اختار ان يحرمها من عمالها ... كيف تمكنت للحظة ان تؤمن بحسن نواياه ؟.
انه مصمم على انتقامه من جوليت ولن يتردد في استعمال وسائل وضيعة لقهرها . تمنت اليوم لو انها ماتت قبل ان تسمح له بتملك قلبها ...
تمالكت نفسها ، وتظاهرت بالهدوء وهي تتقبل استقالة العمال الواحد تلو الآخر .
كانت البارونة قد تغيبت عن ريتغن مرة ثانية ، وكارل لم يظهر منذ لقائهما الاخير العاصف في حديقة منزلها . فهمت انه لا يرغب بلقائها ... لكنه لا يزال يشغل افكارها ، في النهار ، وهي تعمل ، تلقى اسمه وتعد مخالبها للنيل منه ، وفي الليل تجتاحها الشكوك ، وخلال احلامها تتساءل... اترغب برؤيته لتثبت حقدها في وجهه ام فقط لتسمع صوته وتتأكد من جديد من عواطفها نحوه ؟.
ذات صباح ، رن جرس الهاتف في منزلها .
" صباح الخير ، آنسة هايرمون " حياها كارل ." اتعلمين الآن انني سأبني منشرتي بعيداًعن ريتغن ؟".
" نعم ."
" الاعمال ستبدأ قريباً . يجب ان نبني محيط المصنع ، وبما اننل سنقطع اشجاراً كثيرة لبني هذا السياج ، بامكان عمالك ان يستفيدوا من الاخشاب ، ارسليهم متى شئت ، سأخبر رئيس عمالي بزيارتهم ".
سرت جوليت في البداية من هذا العرض ، لكن حذرها استيقظ من جديد . انه يلعب الآن دور الكرماء بينما هو يقضي على المدرسة .
" شكراً لك " اجابته بجفاف .
" لكن عمالي لن بكونوا بحاجة لاخشابك ".
" حقاً ؟ لماذا ؟"
" تعرف ذلك ؟"
" ماذا تقصدين ؟ هل ستقفلين المدرسة ؟"
" سأضطر لذلك طالما ان الرواتب المغرية التي تعرضها ستفرغ مشاغلي من العمال ..."
" آه ، انت تلمحين الى حملة المتطوعين ؟ ولكن ماذا يؤثر هذا عليك . عمالك كلهم مسنون ، وانا لا اطلب من الاعلان سوى رجالاً اقوياء ..."
" يوجد الكثير منهمفي المدرسة والمشاغل ، لانني لا استخدم فقط العاجزين المسنين ".
" اذاً ، انت مقتنعة انك تخسرينهم ... هل بدؤوا بالعمل في ورشة المنشرة؟"
" لست ادري ، لكني اعلم انني في آخر الشهر سأعمل مع ثلاثة او اربعة رجال فقط ..."
" ولكن ..."
" كارل ادلر ، انت حذرتني من نواياك حول اقفال المدرسة وتدميرها ، لكني لم اعتقد انك قادر على مثل هذه التصرفات الحقيرة ! اهنئك انت ... داهية بالفعل . كان يكفيك ان تحرمني من عمالي لتدمرني ..."
" تقصدين انني حاولت تحطيمك بسرقة عمالك ؟"
" نعم ، انت نفسك قلت بأن الحرب قد بدأت بيننا ، اتتذكر ؟ كنت غبية لانني لم اتنبأ بأن الفوز يهمك وبأي ثمن ! الآن ، انت راض ، اليس كذلك...؟ الغاية تبرر الوسيلة ..." فاجأها كارل بصمته وهدوئه .
" نعم ، بالفعل ، النتيجة فقط هي المهمة . لا تبكي عندما يتخلى عنك كل عمالك ويأتوا للعمل معي . كان يجب ان تعرفي انه في الحرب كل الضربات مسموح بها ... حظ موفق ، آنسة هايرمون ".
انهالت جوليت عليه بالشتائم لكنه كان قد اقفل الخط . حاولت ان لا تنقل عرض كارل الى عمالها ، لكنها كانت تعلم مدى حاجتهم لهذا النوع من الاخشاب .
بعد ظهر نفس اليوم ، قصدت موقع المنشرة سيراً على الاقدام ، كانت الاشجار الكبيرة تتمايل اغصانها مع الهواء .
احست جوليت بكآبة وهي تفكر بالموت الذي ينتظر هذه الاشجار الشامخة.
كانت ارض الموقع مليئة بالاغصان المكسرة . هيلموت جاجر سيكرس قريباً وقتاً طويلاً في هذه المنطقة بحثاً عن اشكال من الخشب تناسب فنه ، وبمساعدة اخيه ادموند طبعاً .
كان الكثير من الاهالي قد قصدوا الموقع ليشاهدوا بدء العمل على انشاء المنشرة الضخمة وكلهم ينتظرون بفارغ الصبر لحظة سقوط الاشجار بهبوطها المخيف .
بعد ظهر احد الايام المشمسة ، قررت جوليت ان تتبع عمالها الى الموقع . كانت حركة العمل تنشط يوماً بعد يوم ، وقد اصبح عدد العمال هناك خمسين رجلاً . ولاسباب امنية ، وضعت حبال تمنع الاهالي من دخول منطقة العمل .
لكن المشاهدين كانوا يأتون بأعداد كبيرة وبعضهم يحضر معه الزاد .
عندما وصلت جوليت الى الموقع ، كان الحطابون يحيطون بشجرة صنوبر عملاقة يريدون قطعها . تسلح رئيس العمال بأدوات مختلفة القياس وتحديد النقطة الافضل لسقوط الشجرة . فجأة ، لمحت جوليت كارل ادلر يتكلم مع مدير ورشته وهما متجهان نحوها ، فاختفت خلف مجموعة من الاهالي . تعرفت من بينهم على ادموند جاجر الذي سألها على الفور اذا كانت قد التقت بشقيقه .
" لا ، منذ متى اختفى ؟"
" منذ ربع ساعة ، ولكني لست قلقاً سأجده ".
اطمأنت جوليت وعادت تختلس النظر الى كارل الذي لا يزال يتحدث مع مديرورشته . كم تحبه ! كم ترغب بمصالحته ! انه يملك قدرة على ارباكها حتى ولو من بعيد ، وبطريقة عميقة عنيفة اكثر من اي رجل آخر ، عادة ، النساء تسعدن بوقوعهن بالحب . اما جوليت ، فهي تعيش حباً من طرف واحد . باتت الآن تفهم يأس وخيبة جيرار ... هو ايضاً كان يحبها حباً لا امل له .
صرير المناشير الآلية ، اعاد الفتاة من افكارها الحزينة . بعض الطيور فرت من الشجرة اثر هذا الضجيج الذي طردها من اعشاشها . الاغصان بدأت تترنح مع حركات المناشير ... تمايلت العملاقة استعداداً للسقوط ، فحبس كل المشاهدين انفاسهم ... فجأة تقدم رجل بكل هدوء نحو المنطقة المحظورة .
" هيلموت !" صرخ ادموند وهو ينزل تحت الحبال ليركض وينقذ شقيقه الاعمى .
الصنوبرة كانت قد انحنت باتجاه الارض ... تفاجأ الاعمى بصراخ المشاهدين ، فتوقف مكانه لايدري ماذا يفعل .
كان كارل ومدير ورشته هما الاقرب اليه ، فأسرعا نحوه ، وصل كارل اليه اولاً وبسرعة البرق رمى بنفسه عليه وحماه بجسده . مع صرير الخشب الذي يتكسر ، سقطت الشجرة عليهما وغطتهما بأغصانها ... بعد لحظة الدهشة ، حيث ساد صمت عميق ، بدأ الصراخ والنداء . اما جوليت التي شلها الخوف . فدفعها الحشود معهم نحو مكان الحادث .
حتى الآن ، لم يكن هيلموت ولا كارل قد خرجا من بين الاغصان بمعجزة كبيرة ، كان يوجد طبيب في المكان ، وعندما رفع العمال الاغصان ، كان هو اول من انحنى فوق الجسدين ...
" هيلموت " صرخ ادموند .
" انه اخي ، اعمى لا يرى ..."
" يا الهي ... هل ماتا ؟" سأل احد العمال .
" اتمنى ان تقتصر على كسور فقط ".
لم تعد جوليت تسمع شيئاً . فأغمضت عينيها واخذت تصلي :" يا الهي لن يعرف كم احبه ، ولكن دعه يعيش ، ارجوك ! اتوسل اليك يا ربي ، لاتدع حبيبي يموت ... كارل كارل " واخفت وجهها بيديها واحست ببرد قاتل يسري ببطء في عروقها .

تم نقل المصابين حتى شاحنة تابعة للورشة انطلقت بأقصى سرعتها نحو المدينة .تبعها عدة سيارات ... ساد الصمت من جديد في الموقع . وشيئاً فشيئاً عاد الحطابون الى عملهم . حوادث من هذا النوع تهدد مهنتهم، عادت جوليت الى البلدة وزارت آل جاجر واخبرتهم بالحادثة بقيت عندهم طويلا ثم عادت الى منزلها لتتصل بالمستشفى .
" انا صديقة آل جاجر " قالت للمرضة .
" اردت الاطمئنان عن حالة هيلموت "
" حالياً هو لايزال تحت تأثير البنج . يبدو ان لديه ضلوع مكسرة ... الاطباء يهتمون به وشقيقه الى جان "
" والسيد ادلر الذي اصيب معه بنفس الحادث ؟" سألتها جوليت وقلبها يضرب بسرعة كبيرة .
" سبق ان اتصلت وسألت عنه ... الست خطيبته الآنسة كرنتز ؟".
" خطيبته ؟ لا ... انا فقط احدى معارفه ..."
" على كل حال ، حالته اسوأ من حالة هيلموت جاجر ... قوة الضربة كانت كبيرة عليه لانه كان يحمي الشاب بجسده ، هو ايضاً تحت تأثير البنج . الاطباء يتحفظون بتشخيصاتهم الآن ، لكن حياته ليست بخطر ".
" اوه ، يسعدني سماع ذلك ، متى يمكنه تلقي الزيارات ؟"
" لا يزال الوقت باكراً للتأكد ، اتصلي في الايام التالية "
رغم اطمئنانها ، ظلت جوليت تشعر بحزن عميق . كارل حي ، ولكن بأية ظروف ؟ هل سيكون قادراً على السير طبيعياً ؟ اغمضت عينيها واخذت تتذكر لقاءاتهما وكل خصاماتهما .
عندما تذكرت العنف الذي اعتقد انه يعاقبها به على متن المركب وحمايته له فيما بعد بإبعاده جون سيبر ، فهمت انها تحبه من اجل الجانب الآخر من شخصيته ، احبت غضبه الكبير وسحره الهادئ . كانت تحسده على انسانيته التي جعلته محبوباً من كل الاهالي . لكنه لم يكن يتردد عن تدمير المدرسة انتقاماً منها . انه متسلط متعجرف ... لكن رغم كل عيوبه ... ورغم اساءته لها ، هي تحبه . وكانت مستعدة للقبول به كما هو لتعيش بقربه ، تتحداه عندما يجرح كبرياءها وتتمتع بوجوده وبابتسامته وتحيطه بالحب والحنان الذين ولدهما في نفسها ... لكنه لم يكن قد قدم لها اي امل ، الآن ، لن تراه ابداً ، بدون شك سيمنعون عنه الزيارات في المستشفى وبعد اسابيع او اشهر ، ستقفل المدرسة وتعود جوليت الى انكلترا بدون امل بالعودة .
عادت الى منزل آل جاجر وكانوا قد علموا ان هيلموت سيتمكن من السير من جديد بعد فترة من العلاج . ولكن كارل ... ؟ يقال بأن عموده الفقري مصاب وقد يبقى مشلولاً ...
بعد يومين ، اتصلت جوليت بلسلي لتسألها عن صحة كارل .
" هل اتصلت بالمستشفى ؟"
" نعم ، لكن الممرضة اعتقدتني انت ... اردت ان اعرف متى يمكنني زيارة كارل ".
" اوه ، نعم ... مهما كان الامر ، انت تعرفين بدون شك ، ان الزيارات ممنوعة ، حتى زيارتي انا ... بامكانك الذهاب لكنهم لن يسمحوا لك ، طالما انك لست من اعضاء العائلة ... اليس كذلك ؟"
" نعم ..."
" اعدك انني سأتصل بك لاطمئنك عند تطور حالة كارل ، بين الحين والآخر ".
بعد عدة ايام ، تلقت جوليت زيارة زوجة ويليام كونستات فدعتها لشرب الشاي واخذتا تثرثران حول سير العمل .
" السيد بولز والسيدة ماير ترغبان بمساعدتك في المدرسة لقاء اجر بسيط ..."
" هيا ، سيدة كونستات . انت تعلمين انهما تعملان قبل الظهر في الفندق ".
" نعم ، ولكنهما تبحثان عن عمل اضافي ..."
" انت تمزحين ! فزوجاهما يعملان في المنشرة ويكسبان جيداً !"
" لا ، لقد رفض رئيس العمال هناك تشغيلهما ..."منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 28-02-09, 10:57 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

" ماذا ؟ ولكن ... انا بنفسي رأيت الاعلان في الصحف ..."
" يدعي رئيس العمال انه تلقى اوامر . لم يقبل بتشغيل اي رجل كان يعمل في مدرسة الفندق ..."
بعد ذهاب السيدة كونستات ، توجهت الى الفندق حيث يتناول رئيس عمال ادلر غداءه يومياً . كانت تريد ان تعرف سبب رفضه لطلباتهم طالما انها كانت آخر ربة عمل لهم .
وكانت قد اكدت للسيدة كونستات انها مستعدة لقبول العمال من جديد في مشاغلها .
طوال الطريق ، ظلت تتساءل عمن اصدر هذه الاوامر ، ولماذا ؟ ربما كانت لسلي التي تتدخل في اعمال كارل سراً .
وجدت السيد بيرجر في بار الفندق ، ما ان رآها حتى نهض ومد يده نحوها .منتديات ليلاس
" ارغب ان اكلمك سيد بيرجر ".
" تفضلي بالجلوس ، يشرفني ذلك ".
" هير بيرجر ، اذا لم اكن فضولية ، ايمكنني ان اعرف من اصدر الاوامر لرفض طلبات عمالي للعمل في المنشرة ؟"
" بالتأكيد ، فراولن ، هذا ليس سراً . اوامر صارمة من السيد ادلر شخصياً".
" السيد ادلر ؟" تمتمت بارتتباك ." ولكن ... هذا مستحيل ! لا يمكنه ان يقوم بمثل هذه البادرة ، خاصة انه يرقد في المستشفى !"
" اتصل بي قبل الحادث ،طبعاً"
" متى ؟"
" الاسبوع الماضي ".
" اي يوم ؟"
" الثلاثاء ".
" الثلاثاء " انه نفس النهار الذي تخاصما فيه على الهاتف . لقد حاول اقناعها بنواياه السيئة بينما اتصل بهير بيرجر ومنعه من توظيف عمال المدرسة السابقين ... الم ينهي محادثتهما الهاتفية باحتقار وتهديد ؟ كان يبدو سعيداً جداً بقهر خصمه .
علماً منها ان طلب العمل في المدرسة سيسبب حرجاً للعمال ، قامت هي بالخطوة الاولى واكدت لهم ان مساعدتهم ضرورية لاستمرار المدرسة . فعادوا كلهم وبنشاط كبير . كانت ماغدا قد ارسلت لها رسالة تعلن فيها انها ستمدد اقامتها في برلين .
بدأت اخبار كارل ادالر تصل الى البلدة . كان قد خضع لعمليتين جراحيتين في عموده الفقري لكنه من الغير المؤكد تمكنه من السير مجدداً حتى الآن. لايزال يقضي فترة النقاهة في المستشفى . رغم وعودها لم تتصل بها لسلي ابداً . لكن بعد اسابيع قررت اخيراً ان تتصل بها .
" انت تعلمين بدون شك ، انه سمح لكارل بتلقي الزيارات ".
قالت لها لسلي بهدوء مصطنع " وربما تفكرين برؤيته لكني انصحك بالتخلي عن هذه الفكرة ، كارل قال لي بأنه لا يريد رؤية وجهك ابداً ."
احتاجت جوليت للحظات طويلة كي تجد القدرة على الكلام .
" ارى ..." قالت بصوت حاولت ان تجعله هادئاً .
" ايمكنني ان اسأل بأية مناسبة ورد اسمي في حديثكما ...؟"
" كنا نتكلم عن الزيارات التي ينتظرها ، فقلت له انك بدون شك ترغبين بزيارته ، فأجابني (يا الهي ) لا اريد رؤية وجهها هنا ! ... انه ليس محقاً، على كل حال "
" هل طلب منك ان تنقلي لي رسالته هذه ؟"
" لا ، ربما كان يريد ان يحتفظ لنفسه بلذة طردك من غرفته . ولكني اشفقت عليك وحاولت ان اوفر عليك مثل هذه الاهانة ..."
" انت طيبة جداً ، لسلي ! انا متأكدة ان هذا كلفك جهداً كبيراً ..." اجابتها جوليت بسخرية واقفلت الخط .

" لا اريد رؤية وجهها هنا " هذه الكلمات ظلت تتردد في رأسها . اتستحق كل هذا ؟ بالطبع كارل يظن ذلك ...
عندما قال هذ الكلام . كان متأكداً ان لسلي ستنقله لجوليت حرفياً . في ايام تفاؤلها النادرة ، كانت جوليت تأمل بخجل ان تجد كارل في المستقبل ساحة سلام ، او على الاقل ارض حياد . لكن جملة لا اريد رؤية وجهها هنا ظلت ترن في كل احلامها .
فور عودتها الى البلد ، زارتها ماغدا .
" لدي خبرمهم لك ، جوليت ، ايستعدت ادارة فندقي !"
" ماذا ؟ لكن هذا رائع ، وماذا حل بلسلي ؟"
" سترحل ، بالتأكيد سأمنحها تعويضاً كبيراً "
" وربما لن تطلب تعويضاً ، فهي تأمل بالزواج قريباً من كارل "
" وما ادراك ؟"
" اعتقد ذلك ، لانها تعتبر نفسها خطيبته "
" لا اعرف شيئاً عن هذا الموضوع ، المهم انها سترحل "
" اذا ستستعيدين ادارة فندقك ".
" لا ، هذا مستحيل ، لكنني اتخذت مساعدين لي :
شقيقتي وزوجها . لهذا السبب تأخرت في برلين . زوج شقيقتي كان يعمل في ادارة فندق كبير . سيهتم هنا فقط بالجانب المداي . بينما اهتم انا واختي بما تبقى . ولكن ، جوليت ، لماذا لم تزوري كارل ادلر في المستشفى ؟"
" ولكن ... كيف علمت انت ؟"
" وكيف حاله ؟"
" اصبح نحيفاً ، لكن رغم كل مامر به ، لا يزال متفائلاً ، يأمل ان يسير قريباً بواسطة عصا ... لماذا لم تذهؤبي لرؤيته ؟"
" لانه لا يرغب برؤيتي ..."
اجابتها جوليت واخفضت نظرها .
" وما ادراك ؟"
قال ذلك للسلي التي سرها نقل هذه الرسالة انا لم اتفاجأ بقراره هذا بعد ما حصل بيننا على الهاتف ، قبل الحادث الذي تعرض له ..."
" وماذا كان قد حصل بينكما ؟"
" كنت قد اتهمته بسرقة عمالي باغرائهم برواتب مرتفعة ، فانفعل بعنف... بالنسبة له ، رجل الاعمال يفعل كل شيء لقهر عدو مثلي ... كان يبدو سعيداً بما فعله بي . ولكن بعد اسبوع علمت انه امر رئيس عماله بعدم قبول اي عامل من عمال المدرسة ".
" هذا يثبت انك اتهمته زوراً ".
" لست ادري بما افكر ..."
" اشياء كثيرة تغيرت بالنسبة لكارل ، لقد خاطر بحياته من اجل انقاذ هيلموت . وبدون شك سيعرج حتى آخر ايامه . لو لم تتصل بك لسلي ، هل كنت ستنسين كبرياءك وتزورينه ..."
" لست ادري لا اعتقد .. اوه ... ماغدا ".
" انا آسفة ... جوليت ، كنت اتمنى سماعك تقولين العكس ".
خرجت ماغدا وظلت جوليت وحدها تزرف دموع الحب والشوق واليأس والمرارة .
تلقت لسلي خبر اقالتها بهدوء وتعال . لم تكن نادمة حسب ما ادعت لانه لديها مشاريع اخرى اكثر اهمية .
" ربما تحاول فقط انقاذ ماء الوجه ". قالت البارونة لجوليت .
" ولكني اعتقد انها تستعد للزواج من كارل . هذا الاحتمال يؤسفني كثيراً . ستصبح جارتي وتسكن المنزل الذي يشيده كارل ..."

بعد يومين ، اصيبت ماغدا بكرب شديد . فاتصلت بجوليت وطلبت منها ان تحمل لكارل بعض الكتب من مكتبها اثناء ذهابها الى مينيش . وقالت لها ان تتسلم الكتب الى الممرضة اذا كانت لاترغب برؤيته شخصياً.
وهذا ماكانت جوليت تنوي ان تفعله ... لكنها عندما وصلت الى القسم الذي يعالج فيه كارل ، وجدت مكتب الممرضات خالياً . واخيراً وبعد دقائق طويلة من الانتظار ، مرت ممرضة في الممر وكانت تبدو مشغولة جداً.
استوقفتها جوليت وطلبت منها ان تحمل الكتب للسيد ادلر .
" اسمعي " قالت لها الممرضة .
" لماذا لاتحمليها له بنفسك ، لقد وقع حادث على الطريق ونحن نستعد لاستقبال الجرحى ... غرفة ادلر في آخر الممر ، رقم 20" ثم تركتها وابتعدت .
ترددت جوليت ، وتسارعت دقات قلبها فجأة ، هل ستجرؤ على قرع باب غرفته ؟ كيف ستكون ردة فعله ؟ اتجهت نحو غرفته . لكن يدها تسمرت على مقبض الباب . الا ان رغبتها الكبيرة برؤيته وسماع صوته تغلبت على كل مخاوفها .
دخلت ، فوجدت الغرفة خالية لكن باباً زجاجياً يؤدي الى الشرفة حيث يرتاح كارل بدون شك .
بكل هدوء ، دخلت الى الشرفة ، امامها ، على مقعد طويل ، كان كارل نائماً . اقتربت منه بحذر . كانت ساقه اليمنى مغطاة باللفائف . وهو نائم ، كان يبدو شفافاً ...
اجتاحتها موجة حنان ورغبت فجأة بالتخلي عن التعقل وبتقبيله كما فعل عندما غفت مرة في سيارته .
لكن ملامسة شفتيه ولوللحظة قصيرة تعتبر مجازفة ...
تأملت عنقه وصدره ، وبكل بطء وكأنها تحلم ، جلست على ركبيتها بجانب كرسيه .
ثم احنت رأسها وأسندت جبينها على كتفه ، على الفور ، تحرك كارل ورفع يده وجذب رأس الفتاة الى صدره دون ان يفتح عينيه . حبست جوليت انفاسها وكانت تجهل اذا كان لا يزال نائماً ... واخيراً ، انزلقت يده عن شعرها لتداعب ظهرها ، رفعت مقلتيها نحوه والتقت بنظراته الزرقاء المليئة بالاتهام ... انه ليس نائما ... هو يعرف ..."
فكرت بسرعة قبل ان تستسلم لقبلته الحارة . وبهدوء ، بادلته قبلة مليئة بالاشواق ، وشعرت بسعادة كبيرة في تقديم نفسها للرجل الذي يجعلها ترتعش من الرغبة . فهي لم تنس ابداً خلال هذه اللحظة من اللذة انه هو لم يكن يطيع سوى اندفاع جسدي في تقبيلها . لكن حبها يكتفي بهذه القبلة التي طالما حلمت بها ، واخيراً تركها ، فنهضت وهي تشعر بالدوار .
" ارسلتك ماغدا ، اليس كذلك ؟" سألها بسخرية .
" نعم " تمتمت بضعف .
" كنت اشك بذلك ... لابد انها الحت كثيراً ..."
" لا ..."
" ولماذا فعلت ؟"
" لم يكن هناك احد من الممرضات ".
" اذاً ، خاطرت بدخولك الى هنا ، وعندما وجدتني نائماً ، استغليت الفرصة ".
" ماذا تقصد ؟" سألته متلعثمة .
" خاطرت بلعب مسرحية الشفقة و ... لكنك لم لكني مثل هذا الشعور ابداً لجيرارد ، ولا تشعري به ايضاً من اجلي . لكن فضولك كان الاقوى ، فجئت واستسلمت لفضولك ..." ثم اشار الى ساقه ، واضاف بحدة .
" انظري لدي ساقان وقدمان لكني قد لا اسير ابداً . اما اذا حالفني الحظ فقد اسير بواسطة عكازات هل انت راضية ، الآن ؟ لا تقولي شيئاً ! بهذه الظروف ستكذبين ... لماذا جئت ؟" انفجر غاضباً.
" الم تنقل لسلي لك رسالتي ؟"

" بلى ..." اجابته بجهد كبير
" اكرر لك بأن ماغدا هي التي ارسلتني ..." واخذت ترتجف ، لكن حبها وانفعالها جعلها تجرب من جديد .
" لماذا ترفض رؤيتي ؟" سألته متهمة اياه .
" بينما استقبلت لسلي والبارونة بالترحيب ... يحق لي ان اعرف لماذا يزعجك وجودي ."
تأملها كارل من رأسها حتى اخمص قدميها ثم قال :
" الم تفهمي بعد ؟"
" لا ".
" حسناً ، سأشرح لك ... انا عرفك جيداً . المرض، العذاب ، الالم يشعرك بالقرف ، انت مستعد للمساعدة ولكن لدرجة معينة فقط . شرط ان لايطلب احد منك التضحية ، انا اكره كل هذه المسرحيات بالمناسبة ، انت لعبت دورك جيداً منذ لحظات ، اهنئك مواهبك كبيرة ..."
" انا ... لم اكن العب دوراً ، فهمت ان ."
" ماذا فهمت ؟" سألها بحدة واحتقار .
" انك ... انك ستتصرف ... بنفس الطريقة مع اية امرأة ... لانك في هذه المستشفى منذ عدة شهور ... وارجوك حاول ان تفهمني !"
قست ملامح كارل ونظر اليها نظرة مخيفة .
" تقصدين انني اذا وجدت ممرضة منحنية فوقي توقظني ، كان يجب ان تكون ردة فعلي هي نفسها لانها امرأة ايضاً ".
" اعلم انني شخصياً لا اهمك الآن " اجابته بصوت مرتجف .
" لكنك طيبة وحساسة لدرجة انك لم تمنعيني ".
قال بسخرية . ثم اسند رأسه واغمض مقلتيه .
" ارحلي " امرها فجأة " نحن لايمكننا التفاهم وليس لدي صبر امنحك اياه ... دعيني وحدي ".
اتجهت جوليت نحو الباب وقلبها يعتصر من الالم ، وقبل ان تخرج ناداها صوت كارل .
" اذا فهمت فيما بعد لماذا انت ، وليست اية ممرضة ، كانت ضحية لقبلاتي ، لا تتعبي نفسك بتحذيري لا يهمني ذلك ... اتمنى ان لا اسمع عنك شيئاً بعد اليوم ".منتديات ليلاس
هذه السنة ، كان الخريف لطيفاً على ضفاف بحيرة سيلبريس . وكانت ماغدا سعيدة بإدارة فندقها مع شقيقتها وصهرها . اما لسلي ، فكانت قد رحلت دون ان تطلب تعويضاً كبيراً . ولا احد يعلم اين هي الآن .
اما كارل ، فبعد ان قضى فترة النقاهة ، غادر بفاريا وتقول الشائعات انه يقيم حالياً في ايطاليا . لكن لا احد يعلم اذا كان يعيش هناك وحده ام مع ليسلي ... ويقول الجميع انه يسير الآن متكأً على عصا ويقود سيارته بشكل طبيعي .
انتهى العمل على انشاء المنشرة ، وضجيج الآلآت يرتفع على ضفة البحيرة الشرقية ليقضي على هدوء الوادي .
اما جوليت ، فمنذ ان اهانها كارل وطردها من غرفته ، وهي تكرس وقتها للعمل الذي انغمست فيه جسداً وروحاً على امل النسيان ... من الفجر حتى الغروب ، كانت تفكر في العمل وتتكلم عنه ، تبيع انتاجها وتحلم به حتى في الليالي ، اصرارها وعنادها ، جعلها تتلقى طلبيات كبيرة وخاصة مع اقتراب عيد الميلاد فزادت اجور العمال واشترت كل مايلزم للموسم القادم . وهكذا تكون قد وفت بكل دينها لجيرارد وحافظت على المدرسة التي كانت حبها الوحيد الحقيقي.
لكن الجميع كانوا يجهلون اية فدية كبيرة كلفها هذا الفوز .
ذات يوم احد ، كانت تحضر قدداساً في كنيسة البلدة . وعندما قرع آخر جرس ، بدأ الحشود بالخروج ، بينما تأخرت جوليت امام المذبح . هي تحب هذه البلدة واهلها وتحب عملها . كان بامكانها ان تكون سعيدة جداً لولا الحزن المرير الصامت الذي يؤرق ليلها ونهارها ...

خرجت أخيراً من الكنيسة ، وكانت كل السيارات قد غادرت الساحة ولم يبق هناك سوى سيارة واحدة ، عندما رأتها الفتاة ، احست بقلبها يقفز من صدرها . حبست انفاسها ، وبحثت عن صاحبها . انها سيارة كارل الذي يستند على جذع احدى الشجرات . حمل عصاه ، واتجه نحوها ، انه نفس الرجل الانيق الواثق من نفسه .
" اكدت لي ماغدا انني سأجدك هنا ". بدأ كلامها وانحنى امامها ، خلعت نظارتها الشمسية واخذت تتلاعب بها بعصبية وتوتر .
" نعم ، كنت احضر قداس الاحد ... ارتغب في الكلام معي ؟" سألته وهي تحس بجفاف في حلقها .
" لا ، كنت اريد ان اراك ".
لم تعرف ماذا تقول ، فتأملته بصمت .
" هل انت جائعة ؟" سألها فجأة .
" جائعة ؟" رددت بدهشة " لا ...".
" حسناً ! هذه المرة ، انا ادعوك للغداء ،ليس الآن طبعاً ، طالما انك لست جائعة ، فيما بعد ، ربما ..." ثم دعاها لكي تتبعه ، فتبعته بصمت وجلست بقربه في السيارة .
" الى اين تصطحبني ؟" سألته بحذر .
" ستعرفين قريباً ". وانطلق بسيارته بكل هدوء متجهاً نحو الجبل .
لم يكن يبدو عليه انه يرغب بالثرثرة ، وجوليت لم تجرؤ على البدء بالحديث ، تتالت المنعطفات امامهما ، ففهمت فجأة انه يصطحبها الى الجبل حيث موقع منزله الجديد . لماذا ؟ الطريق الفرعية اصبحت واسعة .
كانت جوليت قد علمت من عمال المدرسة ان عملية البناء مستمرة لكنها لم تحاول ابداً ان تتحقق من ذلك بنفسها ، طالما ان كارل يبنيه من اجل لسلي ...
كانت آلة الاسمنت تتوسط الورشة ، لكن لحسن الحظ ، عدد قليل من الاشجار فقط قطع ، من جديد ، تساءلت الفتاة لماذا يصر كارل على اصطحابها الى هنا ، أيأمل ان يثير غيظها بتهديده من جديد سلام الحياة الهادئة هنا ؟ بالتأكيد لم تكن هي سعيدة بسكنه في ريتغن ، لكنه لا يمكنه ان يفهم حقيقة اسباب مخاوفها ... ايحاول ان يبدأ من جديد بالمشاكل معها ؟ لكنها عندما رأته امام الكنيسة لاحظت ان نظراته مختلفة ، ربما كان يقول الحقيقة عندما اخبرها بأنه جاء فقط رغبة برؤيتها ...
نزلت جوليت من السيارة ووقفت تتأمل واجهة المنزل الذي لم ينته العمل فيه .
" ما رأيك ؟" سألها كارل وهو لايزال واقفاً امام سيارته .
" حالياً ، المنزل ليس سوى هيكلاً ، ولكن الموقع رائع حقاً ... متى سينتهي العمل فيه ؟"
" بعد ستة اشهر تقريباً ، اذاً ، في الفترة المناسبة لبيع الابنية ..."
" البيع ؟ ولكن ... كنت اعتقد انك ستقيم هنا ..."
" كنت بالفعل انوي ذلك ، لكني غيرت رأيي إثر ... صدمة ، في حياتي الخاصة ... الآن ، سأبيع المنزل لاول مشتر ".
أيحاول ان يعلن لها عن فسخ خطوبته مع لسلي ؟ في هذه الحالة ، لماذا يسألها رأيها في منزل لن يسكنه ؟ كان يتكلم بمرارة ولكنها لم تتمكن من التوصل للفظ كلمات المؤاساة التي ينتظرها منها .
" اتمنى ان تغير رأيك بخصوص المنزل ..." تمتمت جوليت " هل قرارك نهائي ؟"
" يتوقف على بعض الظروف ".
شعرت جوليت بالكآبة ، الا يزال لديه امل بمصالحة لسلي ؟.
" احب معرفة رأيك حول تقطيع الغرف " قال فجأة وجذبها نحو المنزل .
توقفت ورفعت نظرها نحوه وعقدت حاجبيها .
" لماذا ؟ لماذا تستشيرني

" ولما لا ؟ كنت قد همست للمهندس بانك تملكين بعض الافكار ، ستجرحينني اذا رفضت مساعدتي بافكارك ..."
" هير برنتل كان يمزح ، في ذلك اليوم " اجابته بجفاف امام لهجته الساخرة " والآن لو سمحت ، اريد العودة الى البلدة ..."
" ألم تعرفي بعد لماذا اصطحبتك الى هنا ؟"
" بلى ! انت تشعر بالملل ، وقد قررت ان تمضي وقتك في اصطحابي الى منزل لن نتهي العمل فيه قبل مدة طويلة ".
" حماسك ربما اقنعني بعدم البيع ..."
" انت صاحب القرار ..."
" نعم ، هذا صحيح ، للاسف ".
" للاسف ؟ لماذا ؟"
" انت تفرطين في استعمال كلمة لماذا ؟"
" لعبة الحزازير هذه طالت كثيراً " صرخت بنفاذ صبر " لا افهم سبب اصطحابك لي الى هنا ، واهتمامك برأيي ، مع انك في الحقيقة قلما تهتم لذلك !"
" سبق وقلت لك انه تحت بعض الظروف ، سأهتم مجدداً بمشروعي هذا". " حسناً ، وماهي هذه الظروف ؟"
" اذا كنت انت ايضاً مهتمة ، هكذا يمكننا معاً نحن الاثنان ان نكمل بناء المنزل ".
هذا الجواب كان غريباً لدرجة ان جوليت انفجرت ضاحكة ، لكنها ضحكة ليس فيها اي مرح .
" نحن ؟" قالت بمرارة " انت تمزح ! نحن لا نتفاهم ابداً ! انت تكرهني ، تحتقرني " وانهمرت دمعة من عينها دون ان تنتبه " انت اثبت لي ذلك اكثر من مرة ، حاولت ان تتلاعب بي بكل الوسائل لانني اعارض بناء منشرتك ، طلبت من لسلي ان تحذرني بانك سترميني خارجاً اذا زرتك في المستشفى ، ووفيت بوعدك عندما احضرت لك الكتب التي ارسلتها ماغدا! والآن تجروؤ ..." قطعت كلامها وقد جرحتها هذه الذكريات المؤلمة .
" ولم تعلمي لماذا طردتك بهذا العنف ، ذلك النهار ؟"
سألها كارل بحدة وبدأ يهز كتفيها بعنف " الا يوجد ذرة ذكاء في رأسك ؟" صرخ كالمجنون " الا تفهمين انني كنت بخطر البقاء مشلولاً بقية ايام حياتي ، وان ذلك القدر كان يرعبني ؟ كنت اخشى مصير جيرارد ، هو ايضاً كان مريضاً ، تائهاً ، هو ايضاً كان يحبك ، وتسألين لماذا شفقتك ترعبني ؟"
" الحب ؟" رددت بذهول " انت تحبني ؟ ولكن هذا مستحيل ! ... لابد انك ... مخطئ ... ابداً لم تلمح لي بأية ... اشارة ..."
" مع انني حاولت ..." اجابها بمرارة .
احمر وجهها عندما تذكرت كيف قبلها في السيارة وعناقه لها على متن المركب ، هناك ، كان قد تظاهر بأنه كان يريد الثأر لاخيه ، لم يكن يعلم ابداً انها كانت على وشك الاستسلام له طوعاً وبكل رغبتها ... مرتين ، سرق منها قبلة دون ان يظهر لها حباً ، والآن يؤكد انه كان يحبها ، لكن كرامته اجبرته على طردها بقسوة في المستشفى ، اين هي الحقيقة ؟
" لم اشك لحظة انك ..." بدأت كلامها مترددة .
" هل كنت تتمنين ذلك ؟" قاطعها ورمى عصاه ليضمها الى صدره " كنت تتمنين ذلك ؟"
حنان صوته طرد آخر مخاوفها وشكوكها ، فرفعت وجهها نحوه بخجل .
" نعم ، كنت اتمنى ذلك ..." تمتمت جوليت " منذ مدة طويلة ..." اغمض عينيه للحظة وكأنه لا يجرؤ على تصديق سعادته .
" هل انت متأكدة ؟" سألها متوسلاً .
كجواب على سؤاله ، عقدت يديها حول عنقه وقدمت له شفتيها ، تنهد وتناول شفتيها وضمها اليه اكثر ، كانت تنتظر هذه اللحظة منذ مدة طويلة جداً ، كانت تنتظر ان يقبلها مثل الآن بحنان
وحب ، اتحد قلباهما واستسلما للحب والرغبة ، للمشاركة والانتماء ، لكن فجأة ، وابتعدت جوليت عنه .
" بالنسبة لجيرارد ..."
" جيرارد ؟ نعم ... كنت اريد ان أثأر له منك ..."
" افهم ذلك ..."
" تلك الليلة ، على متن المركب ، الغيرة اعمتني كنت اعتقد انك ستعاملين جون بنفس الطريقة ، الغزل ، الاثارة قبل ان تدفعيه عنك بوحشية ... كنت مقتنعاً انك تصرفت بنفس الطريقة مع اخي ، وحاول ادلالك بنفس السلاح ..."
" لكنك مع ذلك حميتني من جون ..."
" نعم منذ البداية ، كنت اتردد بين الاحتقار والاعجاب ، بين الحب والحقد، لكن الحب كان هو المنتصر في النهاية ..."
" رغم جيرارد ..."
" بفضله على الاصح ، فكري جيداً ، لو كنت وافقت على الزواج منه دون حب ، لكنت كرهتك للابد ... لانني اريد حبك ، حبك كله ، اصر على كوني الوحيد ، الاول والاخير ، خلال الاسابيع الاخيرة ، كنت اصلي دائماً كي يفهمك جيرارد ويسامحك ، اذا كان لايزال يستطيع ..."
" كارل ، للحقيقة ، كانت المدرسة تهمه اكثر من وجودي ، لم اتعرف عليه الا قبل مدة قليلة من وفاته وكل حياته كانت مكرسة لفنه ، كان من المستحيل علي ان احبه لكني حافظت على ثمرة عمله احتراماً لذكراه ... لهذا السبب ، قاومت بكل قوتي ..."
" نعم ، كنت جندياً قوياً ، ياحبيبتي ..." قال ممازحاً مبتسماً بحنان .
" كنت تهددني ..."
" لكني لم انفذ تهديداتي ! للحقيقة ، كنت انوي ذلك في البداية ، كنت اجد لذة في مقاومتك ، ثم بدأت اتلذذ اكثر بمعركتنا ، وعندما فهمت انني احبك ، حاولت مساعدتك على النجاح ، سراً ..."
" باقناع اصدقائك بتسليمي طلبيات كبيرة ... ولكن اعلم انني حاولت الاعتماد على نفسي ، حتى ولو سرق مني عمالي ..." كانت تتكلم وتداعب كتفيه بحنان .
" لم يكن لدي امل ، كنت اعتبرك خطيباً للسلي ..."
" كانت خطيبتي قبل زواجها ..."
" نعم ، ولكني رأيت صورتها في منزلك ..."
" تركتها هناك لاعيدها اليها اذا طلبت ... من جهة اخرى ، كنت اعلم انك رأيتها في صالوني ، واسعدتني غيرتك الانثوية ..."
" لكن لسلي كانت تزعم انك خطيبها ".
" كانت تفعل ذلك عمداً ... ولكن انتظري لحظة ..."
ثم اخرج من جيبه قصاصة صحفية ناولها لها ، كانت عبارة عن صورة للسلي مبتسمة متأبطة ذراع رجل متوسط السن "
" تزوجت حديثاً من تاجر اميركي غني ..."
" ولكن لماذا كانت تكرهني ؟" سألته جوليت .
" كانت تغار منك منذ البداية ، وشعرت بالخطر بسرعة ".
" خطر ؟ اي خطر ؟"
" ان ترانا نغرم ببعض ، كما نحن عليه اليوم ، اليس كذلك ؟" الح كارل وهو يبحث من جديد عن شفتيها .
ابتسمت جوليت بمكر وتراجعت للوراء .
" كنت تريد ان تريني المنزل ..."

" حسناً ، بهذه الحالة ، اتبعيني " قال متنهداً رغماً عنه .
قادها عبر الحجارة وادوات البناء حتى داخل المنزل ، وبعد ان تجولا في الطابق الاول قال بمكر .
" لحسن الحظ ، الطابق الثاني ليس موجوداً بعد "
" لحسن الحظ ؟ لماذا ؟"
" لان غرفتي ستكون في الاعلى ، والمغامرة مثيرة جداً ... كنت سأحملك بين ذراعي لعبور العتبة و ..."
" لكن العادة تقتضي ان تحملني امام مدخل المنزل !"
" ليس مهماً ، بامكاني ان احملك من القبو حتى العلية ، يوم زواجنا ، متى سنتزوج ؟"
" هل ستنتظر حتى ينتهي بناء المنزل ؟" ضمها اليه وجلسا على حجر كبير .
" اذا كنت تحبينني حقاً لنتزوج غداً ".
" اوه ، كارل ، حبيبي ... ولكن ،المدرسة ، اريد ان اتابع العمل فيها ..."
" قد اعارض بحق الفيتو " هددها بحنان " يجب اولاً ان اعرف كم ساعة يمكنني ان ابتعد عنك ..." وطبع قبلة على راحة يدها .
" القليل جداً ، اتمنى ذلك " قالت بابتسامة مشرقة .
" ربما لن استطيع الابتعاد عنك دقيقة واحدة ..."منتديات ليلاس


تمـــــت

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-03-09, 06:42 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 13,907
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الله يعطيكي العافية

 
 

 

عرض البوم صور dali2000   رد مع اقتباس
قديم 11-03-09, 09:58 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 44675
المشاركات: 6,796
الجنس أنثى
معدل التقييم: majedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسي
نقاط التقييم: 4832

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
majedana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

يا هلا بيكي في القسم

وتسلم ايدك

ما تحرمينا من رواياتك

 
 

 

عرض البوم صور majedana   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جان اربور, jane arbor, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير الجديدة, return to silbersee, عبير الجديدة, ضفاف سيلبيرس
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t106304.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-03-10 12:38 AM


الساعة الآن 02:05 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية