المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
++ اخترته هو ++
أخذت تنظر إلى صورتها المعكوسة على المرآة .... لترى وجهها الذي صبغ بالمساحيق ... فأنزلت عينيها لترى ذلك الثوب ذو اللون الأبيض الناصع .... الذي يرمز للفرح و البهجة.... خرجت من فمها تنهيدة طويلة .... فتح باب غرفتها.... ليخرج من ورائه امرأة خطت السنون علاماتها علي وجهها .... نطقت و ابتسامة واسعة مرسومة على شفتيها:
- هيا ابنتي, أباكِ ينتظرنا في الأسفل, فقد تأخرنا بما فيه الكفاية عن القاعة, هيا فلنذهب.
ألتفتت ناحيتها ببطء, و بعينين تائهتان قالت:
- حسنا أمي, أنا قادمة.
منتدى ليلاس الثقافيقامت ... وأخذت تمشي بتثاقل ناحية الباب .... فتحت الباب الشبه مفتوح .... لتجد كائناً صغيراً.... يصل طوله حتى ركبتيها ... يشع من وجهه البراءة .... و من عينيه الحياة .... فتح فمه لينسج بصوته الطفولي الآتي:
- أمي, إلى أين أنت ذاهبة؟
ذبحها بسؤاله .... وواصل تعذيبها بكلامه:
- أيمكنني أن أذهب معك ؟
قضى عليها بسؤاله هذا ... و خارت قواها التي كانت تملكها .... فهوت على ركبتيها .... و دمعها قد سبقها ... فنسكب بغزارة من عينيها .... طوقته بيديها .... و سحبته ناحية حضنها .... لتغرسه قرب قليها الذي تربع على عرشه ملكا...ً فهو من لحمها و دمها .... لا تستطيع أن تعيش بدونه ... لا تستطيع أن تتركه و لا لثانية... لا تستطيع....
تسلل إلى مسمعها صوت أمها وهي تقول:
- ماذا بك لم تحضري ؟ لقد تأخرنا, و أين تلك الخادمة عنه؟
بصوت خنقته العبرات قالت:
- لا أستطيع يا أمي... لا أستطيع ....
قوست حاجبيها إلى أعلى ... و بصوت خرج من حنجرتها يغلفه التعجب قالت:
- كيف لا تستطيعين؟!!! ما هذا الكلام؟ اليوم زواجك !!!
ردت عليها و هي تضم أبنها أكثر ناحية صدرها :
- لا أستطيع أن أتركه, لا أستطيع, فهو ابني, ابني ...
وأخذت تبكي بحرقة و لوعة ....
تحول تعجبها إلى ذهول يخط على قسمات وجهها... وبصوت لا يخلو من الصدمة قالت:
- ومن قال لك ِ بأنك سوف تتركينه؟ إنها مسألة وقت لا غير, أنتِ بعد أن تصبحي زوجته سوف تقنعيه بأن يقبل بابنك فرداً من العائلة, كما أنه سوف يكون معنا أنا وأباك, فلا تخافي, و هيا يا ابنتي فلنذهب فالناس ينتظروننا.
لم تتحرك ولم تنطق بحرف واحد ... ضلت تضمه إلى صدرها ... لا تقوى على فراقه ....
زاد ما رأته من خوفها ... فدنت ناحية ابنتها .... وحطت بيدها على كتفها ... وقالت بصوت جاهدت في سبيل ألا يفضح ما في داخلها من خوف من القادم:
- ابنتي, لا تنسي بأن هذه فرصتكِ الأخيرة, فأنتِ لم تعودي صغيرة, فأنتِ في الخامسة و الثلاثون من عمركِ, كما أنكِ أرملة, وشكري ربكِ بأنه لم يطلب منكِ سوى هذا الطلب, و بأنه رضا بكِ, فلا ترفسي النعمة برجليكِ.
فرض الصمت نفسه ضيفا عليهما... فدام لثواني .... كان فيها الترقب من الناحية الأم .... و صراع داخلي مرير من ناحية الابنة التي وضعت بين ناريين متقدتان تفتكان بها ....
أخيراً دبت الحياة فيها .... فلتفتت ناحية أمها .... و بوجه سال الكحل عليه ... و امتزجت المساحيق بدمعها الذي لم يفارقها... قالت بصوت تمرد على الدمع ... و انبعثت في نبرته الحياة ... و تسلح بالإصرار و العزيمة :
- لقد اخترته هو, و لن أسمح لأحد بأن يبعدن ِ عنه.
و عادت لتنظر إلى ملاكها الصغير الذي كان ينظر إليها بتعجب و استغراب... لكنها بادلت نظراته بابتسامة من القلب هجرتها منذ بدأت هذه المسألة... أخيراً وجدت السكينة في داخلها ... ووجدت الابتسامة الصافية طريقها إلى شفتيها ... لأنها اختارته هو .... حب حياتها....
تمتــــــــــــــــــــــــــــــ ...
|