كاتب الموضوع :
تمارااا
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
ذئب وحيد
كان الحديث على العشاء رسميا وكان بالإمكان إن يريح التوتر بضعة تعليقات لطيفة من جانب كونورواي ، ولكنه لم يقم بها، لقد ظنت مارغ إن كلامها قد ترك اثرآ في نفسه ...ولكن نظرة واحدة إليه أكدت لها أن ماقالته لم يغير شيئا من موقفه بشان خطوبة غلوريا وريف.
منتديات ليلاس
ولكن الحسن في الأمر انه لم تتم أي مواجهة أخرى....اعتقدت مارغ أن السبب اعتقاد كونورواي انه دفع ريف إلى ابعد حدود قد يجرؤ عليها ، ولكن هدفه الاساسي كان إتعاس غلوريا وقد نجح...لا تتذكر مارغ أنها رأت وجه صديقتها مضطربا هكذا.
عندما كان كونورواي منشغلا بتسديد الفاتوره ، قررت مارغ أن تترك الخطيبين بمفردهما ، ستستقل سيارة أجرة وتعود بها إلى الشقة .
قالت بهدوء:
-ريف...لماذا لاتنطلقان معآ.؟ لاتخشيا علي سأتدبر أمري..
بدت الراحة في عيني ريف:
-أهذا ماتريدينه حقآ؟
ابتسمت "انه اقتراحي"
فتحت غلوريا فمها لتحتج ولكن كونورواي ارتد متحركآ نحوهم ، كانت خطواته الكسولة الخادعة تقطع المسافة بسرعه، نظر الأخ الأكبر إلى ريف وغلوريا نظرة ساخرة ثم قال :
-نلتقي هنا في السابعة لتناول الفطور ريف ، وذلك قبل أن أتوجه إلى المزرعة
لم يكن مجرد اقتراح بل امرآ ، زادت مارغ من الصر على شفتيها بسبب هذا التسلط ، ولكنها بسطت شفتيها بابتسامه حالما التفتت العينان الرماديتان إليها:
انحنى راسه المتعجرف الأسود ،مودعآ "آنسه بريسكوت"
-عمت مساء سيد كونورواي
افترقوا في بهو الفندق ، حالما اختفى كونورواي عائدآ إلى غرفته ، عرض ريف أن يقلها ، ولكنها رفضت بخفة . فأصرا على الانتظار حتى اتصلت مارغ بشركة تاكسيات وتلقت تاكيدآ بأن السيارة قادمة حالا .
انطلقت سيارة ريف من موقف سيارات الفندق ، ووقفت مارغ تراقب من وراء الزجاج راس غلوريا الأسود قرب كتف سائقها ...أن طريق الحب الصادق غير مفروشة ابدآ بالورود ، أليس هذا مايقال ؟
إن حبهما صادق..
-لاتقولي لي إنهما نسيا اصطحابك معهما..؟
ارتدت بحدة تركز عينيها المذعورتين على كونورواي ..كانت إحدى ذراعيه تفتح السترة واليد الأخرى في جيب سرواله ..أضاف بلهجة ساخرة:
-أم تراك رتبت أمر تركك هنا..؟
فقدت لبرهة القدرة على الكلام ، ارتفعت يدها إلى حنجرتها وتمكنت من إصدار ضحكة حادة..:
-لقد أخفتني..!
علق شعرها في ياقة معطفها الخفيف ، فحررته ثم أردفت:
-لن يعود ريف وغلوريا مباشرة إلى المنزل ، لذا قررت أعود بالتاكسي ...فانا لا أحب أن أكون عذولا...
كان صوتها خفيضآ ومقطوع الانفاس بشكل غريب ...هو لا يعتقد أنها بقيت على أمل رؤيته مجددآ
-اشك في أن تكوني أنت "العذول"
شدد على كلمة "أنت" ، ثم أضاف:
-لكن لم يكن هناك حاجة لطلب التاكسي ...انوي القيام بنزهة في السيارة...سأقلك
-لاداعي لهذا.......فالتاكسي في طريقه اليّ
نظرت بسرعه من الزجاج ، فلمحت أنوار سيارة تنعطف تجاه الفندق.
-في الواقع أنها هنا الآن ...اشكر لك عرضك على أي حال
قبل أن تمد يدها إلى مسكة الباب ، كانت ذراعه أمامها لتفتحه لها ، عندما مرت من تحت ذراعه نظرت لا اراديا إلى عينيه الرماديتين اللتين لاتعكسان إلا صورتها ، كان سائق السياره قد اقترب من الباب حالما خرجت إلى الممر الخارجي وكان كونورواي وراءها مباشرة .
-هل طلبتما تاكسيآ؟
ردت مارغ بسرعه "اجل"
أطبقت يد كونورواي على مرفقها وقال:
-لكن السيدة لن تحتاج إلى سيارة أجره
دس ورقة نقدية في يد السائق
-هذه مقابل أتعابك
نظر السائق إلى الورقة النقدية فتهلل وجهه
-شكرآ سيدي
سرعان ما اختفت الورقة في جيبه ، ومضى في حال سبيله
تحركت شفتا مارغ لتحتج إنما من غير المجدي مواجهة هذا الرجل، ومن الأفضل قبول عرضه بهدوء بدون افتعال ضجة ..قالت وهو يقودها إلى موقف السيارات:
-لعلني لم أبعدك عن طريقك سيد كونورواي
-ابدآ....آنسه بريسكوت
في صوته نبرة سخريه...
-لم احدد الجهة التي سأسلكها ، أضيق عادة بالأماكن المقفلة في المدينة
فتح لها باب السيارة ، ولم تعلق على ماقال حتى استوى إلى مقعده
-لكنك تبدو منسجمآ مع محيط المدينه
ضاقت عيناها على سرواله الرمادي الرائع التفصيل وعلى سترته السوداء وكنزته البيضاء ..التفتت نظرته إليها بسرعه قبل أن ينظر إلى الخلف ليرجع السياره
-أتعتقدين أن الثياب تصنع الرجل...آنسه بريسكوت ؟
عارضته لا اراديآ "مارغ ..ولكنك لاتبدو متضايقآ منها "
-هذا غريب ...مارغ! خلتك تدركين أن الذئب ذئب حتى وهو في ثياب حمل
تخلت عن واجهة البراءة ، واحتد لسانها:
-وهل أنت ذئب...سيد كونورواي؟
-ناديني كونورواي فقط....أنا ذئب مستوحد يفضل السفر بدون حقيبة أو رفيقه
ارتدت مارغ إلى الوراء ..أيحذرها..؟ أيظنها تلقي شباكها عليه ؟ بالتأكيد لا ! إذ لم تحاول إعطاءه إشارة إلى اهتمامها به
ربما هو معتاد على أن تلاحقه النساء ..فثمة عدد كبير من النساء ينجذبن إلى مثل هذا الرجل الخطير ، والفوز به في رأيهن تحد كبير..في ظل ظروف مختلفة لحاولت هي التجربة من قبيل الاستمتاع بالأمر.
وجهت بصرها إلى الخارج متظاهرة بالاهتمام بالمناظر التي تمر بها..بدا لها أن الصمت طريقة لإنهاء هذا الحديث الشخصي الغامض.
لكن كونورواي لم يترك الصمت يطول "هل أنت من مونتانا..؟"
-اجل...يعيش أبواي في "ويست يلوستون" حيث ولدت وترعرعت
-إذن أنتي معتادة على المناظر الخلابة؟
-وهل يعتاد احد عليها ؟ لا اعتقد
ابتسمت بشكل طبيعي
-الديك أشقاء وشقيقات ؟
-أربعه ثلاثة أشقاء وشقيقة واحده
أدار المقود لينعطف:
-اكبر منك أم اصغر؟
-لدي شقيق اكبر مني بسنتين ، أما الآخرون فاصغر مني
نظرت بسرعه إلى وجهه المستدير ، مستغربة اهتمامه بعائلتها
-آدم وهو أخي الأكبر الوحيد المتزوج بيننا، التقى زوجته عندما عمل في كالفورنيا ..اتصل بأهلي ذات ليلة قائلا انه تزوج ..فصدمنا الخبر جميعا ..ولكن ما أن أتيحت لنا فرصة لقاء زوجته جولي حتى أحببناها
أدار راسه قليلا ، ناظرآ إلى وجهها قبل أن يقول بفظاظة :
لم يكن المكر قط فضيلة من فضائلك ، أليس كذلك؟
ردت ، وشرر خبيث يتطاير من عينيها اللازورديتين :
-لكنني لم أتقاعس قط عن المثابرة
-أخوك هو شانك أنت أما أخي فهو شأني أنا
كان فمه خطآ قاسيا أما خطوط قسماته الصارمه فلم تتحرك قيد أنمله أمام محاولة الاقتناع المغلفة بالعسل ، سرت فيها رعشة خوف لاتعرف سببها ، فمنذ رأت كونورواي وشئ غير ملموس يقلقها ، ففي هذا الرجل شئ ما يميزه عن أي رجل عرفته سابقآ...في هذه اللحظة بالذات عرفت ماهو
لم يعجب كونورواي بها ، ليس لأنها جميله أو لأنه يعتقدها غبية ، بل لأنها امرأة ..أمسكت مارغ نفسها تاركة أفكارها تستوعب هذا الاكتشاف ، يكره كونورواي النساء....لا...ليست الكراهية الكلمة المناسبة ..انه يحتقرهن ويسخر من توق أرواحهن إلى العاطفة..إنما ما السبب؟
طفولته مختلفة عن طفولة ريف الذي لاتراه يحمل أي جرح عاطفي من جراء انفصال أبويهما الذي أشار إليه كونورواي باختصار , فهل وقع في حب امرأة نبذته في وقت ما ؟
هذا ممكن انه رجل مشبوب العاطفه إنما قوي لايرحم انه عكس ريف
مررت مارغ يدها على عينيها ..هل البصيرة النافذة نعمة أم نقمه ؟ لاتريد أن تعرف مثل هذه الأشياء عنه ...بل لاتريد أصلا أن تفكر فيها
أجبرت عينيها على التركيز على المناظر الخارجية ..كانا قد توجها نحو شارع بلدة هيلينا الرئيسي
كان قديما قناة محاطة بالصبار وقد ظل على تلك الحال حتى وصل أربعة أشخاص يبحثون عن الثراء في تموز عام 1864 وجد الأربعة الذهب وما أن حل الخريف ، حتى اكتظت المنطقة بالمستوطنات ومنذ ذاك الوقت أطلق على المنطقة اسم "لاست تشانس غوتس" أي قناة الحظ الأخير
وولدت المدينة ولكن الاسم لم يكن مشرفآ فحوله المواطنون الى هيليلنا ، وسموا الشارع الرئيسي الذي استخرج منه عشرين مليون دولار من الذهب بقناة الحظ الأخير
-فيم تفكرين..؟
قطع كونورواي الصمت مجددا ..استطاعت مارغ أن تحس بلمسة عينيه الباردتين ولكنها لم تبعد عينيها عن الشارع المضاء
هزت كتفيها ترد عليه "بالمدينة وتاريخها"
سرت قشعريرة في جسمها وتمنت لو لم تقابله يوما
-حقآ؟
أبطأت السيارة سيرها لتتوقف أمام مدخل المبنى السكني .أطفأ المحرك والتفت إليها ، طاف البريق المعدني فوق شعرها الذهبي الذي زاده لهيبا الأضواء في الشارع
امتدت ذراعه بإهمال إلى ظهر المقعد بحيث لم تكن تبعد الا انشات عن راسها..فتوترت قليلا واستجابت إلى الغريزه التي نبهتها أن تتصرف بحذر
قال بصوت هامس ساخر :
-خلتك تفكرين في طريقة جديده للتلاعب بي لاغير رايي؟
ابتلعت ريقها "أتلاعب بك"
رفرفت جفونها
-أليس هذا مافعلته منذ التقينا..؟
-لا افهم قصدك
عرّت نظرته القاطعة واجهة البراءة والسذاجة وكانت عاجزة عن منعه
-أتعني محاولتي إقناعك بإعطاء غلوريا وريف فرصه..؟ اعترف إذن إنني فعلت
ابتسم برود:
-أتتوقعين حقا أن اصدق انك بريئة كما تحاولين الظهور
رفرفت أهدابها مجددآ بارتباك:
-أنت تدور وتدور في الكلام، لا افهم ماتقول
-تمثيلك رائع ..إنما للذكاء طريقه في إظهار نفسه
-تمثيلي..؟
تعلم انه أصاب ولكن أن توقفت عن تمثيل دور الشقراء البلهاء انتهى بها الأمر إلى فقدان أعصابها وعندئذ ستقول له بالضبط ماتظنه بعجرفته ، وهذا الغضب لن يفيد غلوريا وريف ابدآ، مع انه بكل تأكيد سينفس شئ من إحباطها
مدت يدها إلى مسكة الباب:
-سيد كونورواي أنا لا افهم كلامك ...من الأفضل أن ادخل المبنى
لكن الباب كان مقفلا ..فتشت عن زر الفتح قبل أن تعي انه من جهة السائق..التفتت إليه مضطره :
-هل سمحت بأن تفتح الباب ......أرجوك؟
قوبل طلبها بصمت وبنظرة رضى عن النفس...التوى فمه بسخريه:
-كيف تتمكن الفراشات من سرقة هذه الكمية من رحيق الإزهار ثم تبقى ذات مظهر بريء ؟
لم يكن ينتظر ردآ..؟
فراشه..! سرت الكلمة كالبرد فوق بشرتها ، فاقشعر جسمها ، بالأمس فقط استخدمت الاسم نفسه لتصف نفسها ..وها كونورواي يختار الاسم ذاته ، أهي مصادفه ..؟ أم بينهما شئ غامض
-لماذا...لماذا...قلت فراشه؟
اضطرت إلى طرح السؤال ،كانت مقطوعة الأنفاس مذهولة
أجاب ببطء وعجرفه :
-لأنك ضعيفة كالفراشة ومثابرة وجميلة مثلها
إن نبرة صوته تدينها و لا تطريها ، تسمرت مارغ كالفراشة التي أطلق اسمها عليها،وسمرتها نظرته الفولاذية الحد
قال هامسآ:
-طالما تساءلت ما إذا كان العسل أحلى منك ؟
تراقصت خفقات قلبها بسبب هذه الكلمات
ومض بريق ساخر في عينيه عندما رأى تأثرها بسحر كلماته ، نظر إليها نظرة كادت تخترق أعماقها فأحست بطنين في إذنيها وبنيران حارة من الإذلال تتسابق إلى شرايينها ، ثم شعرت وكأن قلبها سيتحطم تحت عنف نظرته
غضت طرفها بتعب وانهزام فانسدل شعرها الذهبي الأشعث إلى الإمام ،ليخفي نيران الإذلال في وجهها
التوت شفتاه بابتسامة ساخرة :
-من منا الأقوى... آنسه بريسكوت؟
همست كافحيح وقد انطلقت السنه لهب زرقاء من عينيها :
-جسديآ......انت.؟
لكن كونورواي من فولاذ، لا من خشب ، والنار المندفعه من عينيها ارتدت دون ان تؤذي هدفها
اشتدت الاخاديد حول فمه عميقآ..وحذرها بصوت بارد:
-لاتظني ابدآ ان الفرق بيننا جسدي فقط؟
استوى من جديد في مقعده ، امتدت يده الى لوحة العدادات ، تبعتها تكتكه لباب السياره الذي انفتح
-عمت مساء.....آنسه بريسكوت
عندما ترجلت من السياره كانت ساقاها ترتجفان ، لكنه لم يحطم معنوياتها ، فما ان اصبحت بينهما مسافة آمنه حتى استدارت تمسك الباب المفتوح ، وتميل الى الاسفل وتحدق اليه :
لاتظن ابدآ ان الامر انتهى بيننا عند هذا الحد كونورواي ...سابذل جهدي ليتم زواج غلوريا ورف في اسرع وقت ممكن!
رمت قفاز التحدي في وجهه وصفقت الباب ثم اتجهت بحده نحو المبنى
سارعت خطواتها ظنآ منها انه سيلحق بها ، حبست انفاسها ولم تطلقها حتى سمعت هدير مولد السياره...كانت كلمات جريئه تفوهت بها لكنها عازمة على تحقيقها
عادت غلوريا في وقت ما بعد منتصف الليل ، كانت مارغ في سريرها تتظاهر بالنوم إذ كان فكرها مشغولا بأفكار انتقاميه حاقده تشك في أن تتمكن من كبحها أمام حديث ليلي ...ولكن من حسن حظها لم تحاول صديقتها إيقاظها
حمل معه الصباح فرحة كبيرة ذلك أنها عرفة أن كونورواي مغادر المدينه ، نامت مارغ ليلا نومآ متقطعآ سببه ذكرى تأثيره فيها...بدت غلوريا بدورها أكثر استرخاء واقل تعبا عندما استعدت لمقابلة ريف
قوست ظهرها ، ومددت عضلاتها المتشنجه ، فلم تستطع مارغ إلا التساؤل عما جرى في لقاء ريف وكنورواي هذا الصباح ، كانت متأكده من أمر واحد قد يرشح عن هذا اللقاء وهو إصرار كونورواي على موقفه.
رفرفت عينيه متعبه وتفكيرها منصب على المهمه التي بين يديها ، لوكانت تركز على ماتفعل لانهت البحث التفصيلي منذ ساعه،وبخت نفسها ،لتجبر نظرها على التركيز على الورق الملتف على الآلة الكاتبه.
فيما كانت تنزع الورقة الخاليه من الأخطاء،انفتح باب ردهة المبنى , فالتفتت مارغ فإذا بها غلوريا تدخل الغرفه.
استقبلت صديقتها بابتسامة وتنهد :
-توقيت رائع غلوريا ، أنها الصفحة الأخيرة والآلة الكاتبة كلها لك
-لقد أحضرت لك سندويشا ومرطبا ...الست جائعه؟
جمعت مارغ أوراقها ووضعتها في ملف ، ثم فوق السرير وهي تقول :
- أنتي منقذتي
أخذت كيس المشتريات واحتبت فوق السرير
- -هل تناولت وريف الغداء بعد مشواركما؟
قوبل تعليقها بالصمت فانعقد حاجبا مارغ، وهي تنظر إلى صديقتها ، كانت غلوريا تعلق معطفها الوردي اللون في الخزانه ولكن أفكارها كانت بعيدة جدا
فرقعت مارغ بأصابعها لتعيد إلى غلوريا انتباهها :
-غلوريا..؟
ارتدت غلوريا إليها بذهول:
-ماذا؟....أسفه..هل قلت شيئا
وضعت مارغ علبة المرطبات على الطاولة الصغيرة بين السريرين ، وأمسكت بالسندويش:
-لاشئ هام..كنت مشغولة الفكر
-صحيح..؟
علقت المعطف قبل أن تتوجه بتؤده إلى سريرها وتجلس عليه ، تنظر إلى يديها المتشابكتين في حجرها ...وتمتمت:
-كنت أفكر؟
مازحتها مارغ:
-تخمين صائب..أما السؤال التالي فهو فيمن كنت تفكرين ؟
التوت اليدان المتشابكتان بعصبية في حظنها :
-تعلمين أن ريف التقى كونورواي هذا الصباح
-اجل..........
فتحت الورقة التي تظم السندويش مدعية الاهتمام بما تفعل
قالت بصوت ساخر "ماذا قال الرجل الكبير"
-ان طلب انتقال ريف الى جامعة هارفرد مقبول ، لقد تلقى كونورواي الاشعار الاسبوع الماضي في المزرعه
كان كونورواي يخبئ ورقة رابحة في جيبه ..كل ماعليه فعله هو الفصل بين ريف وغلوريا في الصيف اما المسافة بين مونتانا والساحل الغربي تتكفل بالباقي ، وعلى مايبدو انه يتعمد مبدأ (البعيد عن العين بعيد عن القلب)
ارجعت مارغ راسها الى الوراء ، فانسدلت خصلاتها الذهبيه الى ظهرها:
-اذن عليك وريف ان تحددا موعد الزواج في شهر اب اليس كذلك..؟ان علاماتك في هذه السنة تخولك الانتقال الى جامعة اخرى بسهولة
تنهدت غلوريا:
-لكنني لا استطيع تحمل مصاريف التعليم خارج الولايه
اضافت مارغ في نفسها بوحشيه"وهذا مايعرفه كونورواي جيدآ"
اشتدت اصابعها على السندويش تسحب الخبز تتمنى لوكان عنق كونورواي مكانه
-ولن يتمكن ريف من مساعدتك لان كونورواي يسيطر على المال،لايمكنكما السماح له بابتزازكما هكذا
-يقول ريف ، انه لايعتقد ان علينا القيام بعمل عاجل
-لانه يعلم ان كونورواي لن يغير رايه..............
عندما ظهرت خطوط الالم حول ثغر غلوريا ندمت مارغ على ردها السلبي ، كان عليها ترك بصيص امل لصديقتها
سحبت غلوريا نفسا عميقا:
-لقد اقترح كونورواي على ريف هذا الصباح اقتراحا
ارتابت مارغ في اقتراح يقدمه :
-من أي نوع؟
-انه ...اعترف انه تسرع في ابداء حكمه
-هذا امر عظيم منه
قضمت سندويشها، فاكملت غلوريا:
-اعترف انه اصدر حكما مسبقا علي حتى قبل ان نلتقي وانه على الاقل يجب ان يعرفني بشكل افضل ولكنه مازال يرفض الخطوبه
سالت مارغ "اذن...ماذا اقترح؟فترة اختبار؟"
-شئ من هذا القبيل ، بعمل ريف في المزرعة صيفا ...وقد دعاني كونورواي لقضاء شهر كامل لتزداد معرفة كل منا بالاخر
اول ماطرء على بال مارغ ان هذا الاقتراح كارثة كاملة، اذ تخاف غلوريا ذاك الرجل فان امضت بصحبته شهر فمن يدري ماذا سيحدث ..انها تعرف قدراته ، كماتعرف ماقد يفعل من اجل تحقيق مآربه
حدقت الى سندويشها تقول ببطء:
-هناك عائق غلوريا...كيف ستبقين هناك شهرا؟ ان ذلك يعني عدم قدرتك على تامين قسط الفصل الدراسي القادم
ان عليهم معا العمل عند والدي مارغ ذلك الصيف في مطعمهما وفي فندقهما اللذين يملكانهما "قرب مدخل يلوستون بارك"
اضافت"سيظطر والدي الى استخدام شخص غيرك ..ولن تتمكني من الحصول على عمل صيفي بعد قضاء شهر هناك"
-عرض علي كونورواي ان يعوضني
وضعت مارغ السندويش النصف الماكول في الكيس لان طعمه بدا لها فجاة كالقطن
قالت معترضه بيأس :
-آه لن تفكري في العرض جديا ، تعرفين إن هذا لن ينجح إذ سيحول حياتك إلى جحيم كامل...تعرفين ماقد يفعله في غياب ريف..هل ستتحملين كل ذلك؟
-لن استطيع تحمل شئ بمفردي...إنما....
ارتدت عيناها البنيتان المتوسلتان إلى وجه مارغ وأضافت :
-لكن.......لوكنت معي.......
قاطعتها مارغ بسرعه ، بعدما سحبت نفسا عميقا:
-سأبوح لك بسر صغير...لم يحبني كونورواي ولن يدعوني لقضاء شهر بمزرعته ..ثم علي أن اعمل أنا أيضا في الصيف
-مارغ...لقد فكر كونورواي إن من غير اللائق لي أن أقيم في منزله لمدة شهر واحد بمفردي معه ومع ريف...اعني, لديه مدبرة منزل ,...ولكن...حسنا....لقد دعاك أنتي أيضا ...كمرافقه وعرض أن يقدم لك أنت أيضا تعويضا
-اوه........لا
هبت مارغ واقفه وابتعدت عن السرير لتقف قرب النافذه
اضفت اشعة الشمس لمعانا بلاتينيا ذهبيا على شعرها المتراقص على كتفيها
هزت راسها بقوه "لا"
-أرجوك..؟
في صوتها الم وتوسل
ارتدت إليها مارغ "لن ينجح ذلك غلوريا"
يا الهي ان هذا الرجل شرير ! لقد وضع في حسبانه كل ماقد يعترض سبيل غلوريا
تؤكد دعوته لمارغ مدى قوة غطرسته ، لقد تحدته ، وهاهو يعرض عليها مقعدا أماميا لتراقب منه كيف سيمزق الخطوبة أربا أربا.....لقد أساءت مارغ تقديره مرة أخرى وهي لاتحب الهزيمه .
لكن عيني غلوريا المتألمتين بالعاطفه لم تريا شيئا في عيني صديقتها
-يجب أن ترافقيني
احتجت مارغ بغضب:
-إلا ترين ؟....لوذهبت معك لانتهى بي الأمر بفقدان أعصابي فأضع عندئذ المزيد من العقبات إمامك وأمام ريف ، إن أفضل قرار تتخذينه هو رفض هذه الدعوه والابتهال إلى الله حتى لايؤثر في ريف فيفسخ الخطوبه
-لا استطيع
التفتت صاحبة الشعر الأسود ، والدموع مغرورقة في عينيها البنيتين ، عندئذ أرادت مارغ أن تمسك بكتفيها وتهزها لتتعقل
-لماذا لاتستطيعين...؟ لايمكنك الذهاب بمفردك
أبعدت غلوريا دمعة بيدها ، وتركت نظرتها العنيدة تلتقي نظرة مارغ النافذة الصبر :
-بلى استطيع....أنا أحب ريف ولكنني لا أريد أن أقف بينه وبين أخيه،وبما إنني افتقر إلى العائله ، لفهم أهمية علاقتهما ، إن كان هناك أمل ضئيل في أن يوافق كونورواي على زواجي بريف بعد قضاء شهر بمزرعته فسأخاطر...ولكنني سأشعر بأنني أفضل حالا فيما لوكنت معي....اعلمي إنني سأذهب في كل الأحوال
تنهدت مارغ:
-غلوريا........تعقلي، وهناك مسالة والدي اللذين يتوقعان قدومي للعمل عندهما هذا الصيف ...لا استطيع أن أقول لهما في آخر دقائق أن عليهما البحث عمن يحل مكاني
ردت غلوريا تذكرها بهدوء:
-لكنك قلت أن لديهما طلبات كثيره للعمل وهذا يعني أن من السهل عليهما إيجاد بديل
اعترفت مارغ على مضض:
-اعتقد إنهما قادران على هذا ولكنهما لن يوافقا على ما سنفعل....لدى كونورواي مدبرة منزل فلماذا مرافقه؟
-اتصلي بهما لمعرفة رأيهما
عندما رأت وجه زميلتها المستسلم والمتوسل في آن، عرفت مارغ ان عليها الاتصال ، فأي نوع من الصديقات ستكون لوتركت هذه المخلوقه الضعيفة تدخل إلى عرين كونورواي بدون حمايه؟
لكن السؤال هو: من سيحمي مارغوت...؟
وأملت أن تأتي الحماية من والديها
لكنهما كانا متفهمين بشكل يثير السخط
|