المنتدى :
الارشيف
الجحيم بانتظار اسرائيل..
الجحيم بانتظار إسرائيل .. مفاجآت حماس للحرب البرية
يكاد يجمع المراقبون أن حصيلة العدوان على غزة هى فشل ذريع لإسرائيل على المستويين السياسي والعسكري ، فهى لم تنجح في محو حماس من الوجود مثلما كانت تدعي ليل نهار بل إن المثير للانتباه أن حماس المحاصرة منذ عام 2006 باتت أكثر شعبية عن ذي قبل بسبب صمودها في مواجهة العدوان الغاشم وعدم استسلامها لشروط الكيان الصهيوني رغم القصف والغارات الهمجية المتواصلة والتي كان أغلب ضحاياها من الأطفال والنساء.
وبالنسبة للمستوى العسكري ، فإن إسرائيل لم تنجح أيضا في تحجيم قدرات حماس أو النيل من البنية التحتية لها بالشكل الذي كان يتوقعه الاحتلال ، والدليل على ذلك هو استمرار الحركة بجانب فصائل المقاومة الأخرى في إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة ، بل ووصول مداها إلى أكثر مما كان متوقعا والمقصود هنا صواريخ غراد روسية الصنع التي يتراوح مداها بين 18 كم إلى 24 كم.
وأمام هذا الفشل الواضح ، تراجعت إسرائيل عن الهدف الرئيس الذي أطلقته في بداية العدوان وهو تغيير الوضع القائم في غزة وبدأت تركز على عبارات وقف إطلاق الصواريخ التي تنطلق من القطاع وهنا لم يكن أمامها من خيار سوى القيام بالحرب البرية التي كانت تخشاها منذ البداية في ضوء مخاوفها من تكرار مشهد حرب تموز 2006 في لبنان وما نتج عنه من خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
إسرائيل قد تهدف من الحرب البرية إلى احتلال مناطق إطلاق صواريخ في شمالي وجنوبي غزة وإقامة شريط عازل أو منطقة أمنية هناك ، أما إقدامها على احتلال القطاع بأكمله للقضاء على سلطة حماس فهو أمر مستبعد بحسب كثيرين في ضوء عدة أمور من أبرزها أنها هربت من القطاع عام 2005 ولم تستطع تحمل تكلفة هجمات المقاومة داخل المدن.
أيضا فإن إقدامها على إعادة احتلال غزة يعني قيامها بتقسيم القطاع إلى حوالي خمسة مناطق ومحاصرة المدن من الخارج وهو أمر لن يقضي على حماس وإنما سيجعلها تعود مثلما كانت حركة مقاومة فقط.
هذا بجانب أن إعادة احتلال القطاع قد يحتاج إلى شهور وكما هو معروف فإن قادة إسرائيل يستعدون للانتخابات العامة في فبراير المقبل ولن يستطيع أحد منهم تحمل تكلفة إطالة أمد العدوان ، خاصة في حال ارتفاع الخسائر البشرية ، ولذا فإن الحرب البرية ستقتصر في الغالب على إقامة شريط حدودي عازل لفترة محدودة.
وحتى في هذا الأمر ، فإن هناك شكوك إسرائيلية تجاه احتمال نجاح العمليات البرية المحدودة ، حيث نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مصادر عسكرية إسرائيلية تحذيرها من المخاطرة التي ستقدم عليها إسرائيل إذا قررت الدخول البري إلى قطاع غزة، مشيرة إلى وجود عبوات وقناصة وخنادق من شأنها إلحاق خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي.
واستطردت المصادر ذاتها تقول إنه رغم استعداد الجيش الإسرائيلي وخاصة منذ حرب تموز للحرب البرية واستعداده أيضا لمواجهة جيش حماس المؤلف من 15 ألف مقاتل، إلا أنه يتوقع أن يواجه عبوات ضخمة على جوانب الطرق وقناصة تؤثر في العملية البرية وتوقع إصابات كثيرة في صفوف جنوده ، وتابعت " من يعتقد أننا سننجح بسهولة في غزة، سيكون مخطئاً، ورغم أننا قد أنهينا استعدادنا للمواجهة، فإن حركة حماس أيضاً استعدت لذلك".
وفي السياق ذاته ، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" هى الأخرى عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن إسرائيل على دراية بانشغال حركة حماس في الأعوام الماضية بتعزيز قدراتها العسكرية والإعداد لمواجهة توغل محتمل يقوم به الجيش الإسرائيلي حيال قطاع غزة ، مشيرة إلى أن لدى جيش حماس هيكلية تنظيمية ويضم فرقاً وكتائب وفصائل وكل عناصره خضعوا لتدريبات منتظمة وأرسل عدد منهم إلى سوريا وإيران لخوض تدريباتهم في معسكرات البلدين.
مفاجآت بحوزة حماس
ووفقا لتلك المصادر ، فإن حماس استخدمت أيضا أنفاق قطاع غزة لتهريب الأسلحة الثقيلة والمتفجرات حيث حصلت علي ما نسبته 30% من الأسلحة التي استخدمها حزب الله في حرب تموز لبنان وخاصة الصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ كاتيوشا وصواريخ غراد ، محذرة من مفاجآت قد تواجه إسرائيل في حال التوغل البري من بينها مشاهدة "محميات طبيعية" كتلك التي واجهها الجيش الإسرائيلي في لبنان عام 2006، إذ أن الاعتقاد السائد يفيد أن حماس قد حفرت الخنادق في العديد من طرقات غزة ووضعت فيها أسلحة وعبوات كبيرة ثم أعادت تعبيدها ، هذا بالإضافة إلى التحدي الأول الذي سيواجهه الجيش الإسرائيلي إلا وهو العبوات الموضوعة على جوانب الطرق لضرب الدبابات والآليات المدرعة .
ويبقى الأمر المرعب لإسرائيل ألا هو غموض الوضع حول أسلحة كافة فصائل المقاومة في القطاع ، حيث تفتقد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية منذ مغادرتها القطاع لمعلومات مؤكدة حول نوعية الأسلحة التي باتت بحوزة المقاومة بجانب المدى الذي يمكن أن تصل إليه صواريخها ، ولذا حذرت مصادر عسكرية إسرائيلية من أن حماس قد تفاجئ الجيش الإسرائيلي على غرار حزب الله في حرب تموز، وقد يكون لديها أسلحة لا يعرف عنها شيئاً .
الغموض السابق جعل بعض التقديرات الإسرائيلية تتحدث عن مائتي قتيل في حال إقدام الجيش الإسرائيلي على دخول غزة، الأمر الذي سيغير موقف الرأي العام الإسرائيلي الذي يريد وقف إطلاق الصواريخ لكنه لا يريد أن يرى توابيت كثيرة ، حيث كشف استطلاع للرأي نشرته صحيفة "هآرتس" أن الجمهور الاسرائيلي يعيش حالة من " التردد " و"الذعر " من الخوض في حرب برية في رمال قطاع غزة .
وجاء في الاستطلاع أن 52% من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون مواصلة إسرائيل القصف على غزة من الجو، فيما أيد 20% وقف إطلاق النار ولم يؤيد سوى 19% فقط الحرب البرية ، بينما قال 9% من الجمهور الإسرائيلي إنه حائر لا يعرف ماذا يؤيد وماذا لا يؤيد.
وفي صحيفة "يديعوت أحرونوت" كتب أيضا ناحوم برنيع على الصفحة الأولى يتساءل عن سبب استدعاء الاحتياط بينما الجمهور لا يرغب في حرب برية ، هذا فيما شككت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية في جدوى الحرب الحالية ووجهت انتقادات لوزير الحرب إيهود باراك جراء استمرار سقوط الصواريخ الفلسطينيية.
والخلاصة أن محاذير الحرب البرية كثيرة جدا ، كما أن إطالة أمد القصف الجوي يحرج قادة إسرائيل ويزيد من التعاطف الشعبي عربيا وعالميا مع غزة وحماس ، ويبدو أن ما حدث في نهاية حرب تموز هو السيناريو الأرجح ، حيث يتوقع أن تضغط إسرائيل على مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يحقق لها نصرا دبلوماسيا يغطى على إخفاقها العسكري المتوقع في الحرب البرية وذلك عبر تسوية دولية تقضي بوقف العدوان وفتح المعابر مقابل أن يتحول قطاع غزة إلى شريط منزوع السلاح تحت سيطرة دولية لوقف صواريخ المقاومة ومنع تهريب الأسلحة إلى القطاع .
نقلا عن محيط
|