المنتدى :
القصص المكتمله
إنها كذلك !, بقلم Oceans11
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكن أخواتي هذه الرواية الرائعة..
6:30
كالأمس، وكأول أمس، وككل يوم، أطلت الشمس بنورها من خلف أشجار الزيتون، ونشرت أشعتها في المكان برتابة معتادة، وكأنها قد ملت من ذات الوجوه التي تطالعها كل شروق، عندها أحسست وكأن أيامي قد أصبحت شديدة التناظر، وكأنها صدى لأحداث عشتها من قبل، ولكن عزائي الوحيد هو أنني كنت أستطيع أن أفكر فيها وأن أجد اللذة في محاولة تذكر ملامحها، والتي أنهكت السنين الكثير من تفاصيلها.
6:45
انقطع السكون فجأة وانتزعني من أفكاري صوت كصوت إحدى الدبابات الروسية القديمة، ولكن ما لبثت أن عرفت مصدر الضجة، إنها سيارة أخي الأكبر المتهالكة التي جار عليها الزمان والناس، فسقطت بين يدي أخي الذي أوقفها أمامي واطل برأسه منها وسألني( ماذا تفعل هنا؟) فرديت عليه بكل بساطة (لاشيء إني فقط جالس أفكر).
كان من الصعب على أخي أن يقتنع بمسألة التفكير لأجل التفكير، ولذلك فقد اعتبرني إنسانا لا يجد ما يشغله فنظر إلي نظرة ذات معنى ثم قال لي( ماذا تفعل اليوم؟) فجاءت إجابتي لتؤكد اقتناعه، فقد قلت بكل بساطة( لاشيء) فقال لي( إني ذاهب إلى المدينة اليوم فهل تأتي معي؟) فأومأت برأسي (حسنا).
9:30
كان صعبا علي جدا أن أجد حلا للغز ، فالبرغم من عيشنا في نفس المنزل إلا أننا على طرفي نقيض، فهو ماديٌ جدا في حين كنت أنا روحيا جدا، ولا أقصد هنا كلمة مادي بمعناها الجامد الذي ترسب إلينا من ترهات الثقافة الحديثة والتي أراد البعض وصمها لكل من خالفهم الرأي، ولكن قصدت أنه كان يعرف بأنه يريد أن يعيش ، ولكي يعيش يجب أن يأكل ويشرب و يلبس و يتزوج، ولكي يفعل ذلك يجب أن يحصل على المال، ولكي يحصل على المال يجب أن يعمل، لم يكن يهمه أبدا أن يعرف ما هي عاصمة غواتيمالا مثلا ولكن كان يهمه أين يجد أفضل بضاعة وأرخصها، أما أنا فأعتقد بأنه لكي أعيش يجب أن أحس ولكي أحس يجب أن أعلم ولكي أعلم يجب أن أطلع ولكي أطلع فإني أحتاج إلى المال الذي كان أخي يغطي جزءا منه، فكانت النتيجة في النهاية بأنه يسبقني بمرتبة لأنني أحتاج إليه.
كل هذه الأفكار راودتني وأنا جالس بجانب أخي في سيارته التي كان ينطلق بها نحو المدينة.
10:30
(طق،طق،طق) إنه الصوت الذي يسبق كل المشاكل والذي تعلن فيه السيارة أنها غير قادرة على المتابعة ، حاول أخي عبثا أن ينعشها بدواسة البنزين وبعدة أشياء أخرى دون جدوى، فقد توقف محركها بعد أن اهتزت السيارة عدة اهتزازات وهدأ الضجيج أخيرا، فنزل منها بعصبية وهو يمارس هوايته المفضلة في شتمها بأقذى الشتائم ثم فتح مقدمتها التي تصاعدت منها الأبخرة حتى خيل إلي أنها ستكون ماردا، في النهاية نزلت من السيارة ورحت أنظر إليه وهو يعبث بأسلاكها التي لم تساعدني خبرتي المحدودة في السيارات أن أعرف لأي وظيفة هي، فلجأت إلى الحل الوحيد لدي، وهو أن أشرت لأخي بأنه حمدا لله بأنها توقفت في المدينة وليس خارجها وأن كل ما عليه هو إحضار ميكانيكي ليصلحها ، لم يستمع إلي بل أصر على إصلاحها بنفسه وراح يطلب مني أن أمسك بعدة خيوط ثم أفك بعض القطع، فاتسخت يداي ثم ثيابي حتى أصبح منظري أسوأ من عمال الورش.
11:00
في النهاية اقتنع أخي بأنه لا فائدة وأنه سيذهب لإحضار الميكانيكي وأنه علي أن أبقى عند السيارة حتى يعود وبعد رحيله اكتشفت أنني أصبحت أفضل جهاز مانع للسرقة لآخر سيارة يمكن أن يفكر بها لص، ومع ذلك استسلمت للأمر الواقع، واتكأت على السيارة ورحت أرقب بعض العمال الذين كانوا يعملون في بناء أحد البيوت دون كلل، وهم يتحدثون بصوت عال دون أن يعيروا إي انتباه لما حولهم، وكان كبيرهم واقفا يراقبهم ويوجه لهم لهجة آمرة وكأنه يحاول أن يثبت أنه لابد أن يكون للناس من يقودهم ، حولت نظري عنهم لأني ظننت أنهم بدأوا يحسون بأنني أراقبهم ، وبدأت في مراقبة المارة، فميزة المدينة هي أنه بإمكانك أن تراقب الجميع دون أن يعترض أحد، وبما أن السيارة قد توقفت في أشهر شوارع المدينة لبيع الملابس ، فإن معظم المارة من الناس هم من الفتيات، حسنا... يجب أن اعترف بأنه لم يكن بالأمر السيئ بالنسبة لي.
ولكن هل.. هل أنا أحلم؟ ... أم أنه بعد كل تلك المدة بدأت تظهر لي كهلوسات ، ولكن مع اقترابها وتجلي ملامحها بدأت تنهار شكوكي..... يتبع......
|