كاتب الموضوع :
dali2000
المنتدى :
القصص المكتمله
________________________________________
بدأت تبعث برسائل تتضمن رسومات لها تنبأ عن حرفيّة عالية في الرسم و مشاعر جميلة تتضمنها و تعبيرات كانت ترجو لها أن تأخذ مكانها في قلبه .. لكن راعها أنه لم يكن يعلق على تلك الرسومات كأنما لم تجد مكانها في قلبه أو كأنما لم يرها حتى .. لكنها كانت تبرر ذلك بأنه ليس ممن يجيدون التعبير عن أحاسيسه الخاصة جدا كما يردد دوما في رسائله
طلب إليها أن يلتقيها فوافقت على أن يكون لقائهما في مكتبتها المفضلة ... وتكرر اللقاء عدة مرات
كانت تجلس في الركن المخصص للقراءة ... وكان هو يجلس إلى جانبها يتحدثان من غير أن ينظران إلى بعضهما .. كان يردد عبارات إعجابه بجمالها بينا كانت نظرات الخجل تعتمر وجنتيها .. لكنها كانت تحس بأن ثمة مايجب أن يقوله غير الحديث عن جمالها و سحر ضحكاتها وصوتها ... وهالها أنه يدخل إلى المكتبة ويخرج منها من غير أن ينظر إلى رفوف الكتب أو يخرج بكتاب حتى ... سألته مرة عن هذا فأخبرها بأنه لايجد وقتا للقراءة إذ يعمل مضيفا ويدرس في ذات الوقت
في أحد الأيام وبينا هي تساعد أختها الصغيرة في اعداد لوحة مدرسية لاحظت بأن من بين اسماء المشتركات في العمل من يطابق اسمها الثلاثي اسم "طلال" .. وكانت المفاجأة ان اسم الاب هو طلال .. طلبت من أختها ان تعرف اسم صاحبتها الكامل .. وعرفت ان الفتاة هي فعلا ابنة "طلال" ..
واجهته ..
وأخبرها انه متزوج ولديه اطفال ..
عندما راى بأنها بدأت تتجنبه .. بكى بحرقة ..
حارت هي في خطوتها التالية .. لقد اخبرها بأنه مستعد للأقتران بها ان قبلت لأنه لن يطيق فكرة ان تخرج من حياته ..
لكنها بعد أيام أخبرته بأنها ستقطع علاقتها به لأنهما أصلا ليسا متوافقين في ميولهما وتفكيرهما صرفا عن كونه متزوجا ورب أسرة ..
بعد دأب هو على الوقوف بسيارته تحت نافذتها لساعات كل ليلة .. وبعد أن قابلته بالصمت ودموع تودعها وسادتها .. هددها بأن رسائلها سوف تصل الى أبيها فقد كان يعرف ماذا يعني ذلك بالنسبة اليها ..
سقط القناع الذي كان يغطي الوجه الجميل للشاب وظهر ذئب ليلى .. واسقط في يدها ..
الآن ستكون نهاية السعادة على يدها .. بل الآن قد تقتل هي بثقتها فيمن لايستحق ثقتها أغلى الناس ...
دخلت عليها أمها وهي تتجرع الآهات ..
- حبيبتي مابك .. لم كل هذه الدموع .. أبوك الآن صحته تتقدم والحمدلله وليس ثمة مايدعو للقلق .. مابك؟!!
ولأول مرة تجد ليلى نفسها عاجزة عن البوح لصديقتها .. أمها .. حاولت أن تقول شيئا ولكنها لم تستطع .. لكن كان هناك شيئا أكبر من الكلمات .. اذ لطالما قرأت الأم في عيون ابنائها مايغنيهم عن بث مايجدون .. احتضنتها وهي تقول بصوت دافيء النبرات:
- ليلى ... ليس الأمر حزنك على ابيك .. بل هو شيء آخر ... ستبوحين الى امك الحبيبة به .. أليس كذلك ..
وعندما طالت فترة الصمت .. أخرجت الأم من جيبها ورقة صغيرة كتب عليها " أحبك للأبد" وهي تسال ليلى
- هل هو كاتب هذه الكلمات ؟
نظرت الفتاة الى امها تتملكها الدهشة والحيرة .. ولم يدر في خلدها بعد أن تلك الوريقة كانت ستنقذ مستقبلها ومستقبل اسرتها ...
وباحت ليلى لأمها بالأمر .. وعندما أيقنت الأم المسكينة أن حياة غاليها باتت مهددة بادرتها الدموع .. نظرت الى فتاتها وهي تقول
- ويلاه ياليلى ماذا فعلتي بنا .. أي حماقة هذه التي ارتكبتي .. ربيتك وتعبت في تربيتك وأعطيتك الثقة حتى أننا لم نمانع لحظة واحدة في فكرة سفرك لوحدك .. ثم تضعين نفسك وتضعين أسرتك في هكذا موقف مع هكذا ذئب بشري .. ماذا عساني أقول وماذا عساني أفعل ..
- أماه .. أقتليني .. بل أكثر قولي أنني لست أبنتك .. افعلي ماشئتي ولكن أبي .. لا أريد أن يصاب أبي بمكروه بسببي ..
كان نحيب ليلى يتعالى لكن أمها قامت عنها وهي تقول
- دعينا الآن نحاول حل هذه المعضلة ثم يكون للملامة والبكاء أوان ..
كانت من الحكمة بمكان .. وكانت تعرف ان مثل هذا الانسان لا ينفع معه طلب ولا اثارة لاي شعور للشفقة .. عرفت انه تزوج صغيرا واذا فلأهله عليه حكم وحتما يستطيعون ردعه .. استطاعت ان تتصل بابيه وخلطت وعيدها برجائها اذ أعلمته بالامر وطلبت اليه ان يكف شر ابنه عنهم .. و بالفعل وعدها خيرا وطمأنها بأنه سيتأكد بأن ابنه سيكف أذاه عن الأسرة التي لم تكن بحاجة الى مواجع أكثر ...
عندما تلقت ليلى الخبر من أمها احتضنتها كأن لم تحتضنها من قبل واختلطت دموع الفتاة بدموع امها وهما تتعانقان ..
نظرت اليها امها وهي تقول :
- ليلى .. صدقيني انا متأكدة تماما بأنك سوف تستعيدين ثقتي اولا وثقتك في نفسك قريبا .. وآمل أن هذا درس كاف يابنيتي .. ودموعك ابلغ من اي كلام يقال ..
ابتسمت الام ودموعها لاتزال متعلقة بعينيها .. فانتهضت ليلى فجأة وطلبت لأمها ان ترسم لها صورة ... أثار هذا الطلب كل الدهشة في نفس الام ولكنها قبلت على مضض ومسحت دموعها وهي تحاول جاهدة رسم ابتسامة على شفاه الحزن .. بينما كانت الدموع تتهدد بالانهمار كلما خطر في بال الام بان زوجها الحبيب كان تحت تهديد مايقوض قوة قلبه ..
انهت ليلى الرسم الاولي للوحة .. ثم اكملتها بعد شهر من ذلك الوقت
كانت لحظة "ابتسمت فيها الدموع" ...
أنهت ليلى لوحتها .. ثم جلست امامها وابتعدت قليلا ... انبهرت لأنها لاحظت ان يدها لم تستطع اهمال اثر الدموع في عيون أمها .. لقد رسمتها احساسا وبالأحساس رسمت قبل أن تكون الوانا تمازجت فأخرجت لوحة يقف امامها القلب قبل العين فتأسر منه نطقها بخليط من المشاعر لايصوره رصف لنثر أو لشعر ولا وصف لحقيقة أو خيال .. وجه أم تمازج في قلبها الحاني خوف على الحبيب ورأفة بحال الحبيبة وحزن تردده ذكريات ضعف امرأة وان ادعت لقوة النفس مجالا .. لحظة انهزام لروح الاباء و الصبر هي ذاتها لحظة فرح باحتضان فرحتها بألم لايوازيه حتى ألم ولادتها .. عينان تحتبسان الدموع خلف سياج الصبر واظهار القوة امام لايعرفها الا أبية صابرة ... وابتسامة شفتين أبلت فيهما قلة الحيلة وحزن الخوف على مايوازي عندها الدنيا بكل مافيها .. أبلت فيهما شوقها للابتسام .. لكن للحبيبة .. لمدللة العمر يجب أن تطيع الشفاه وتجترع الابتسامة بل وتكون كأحلى وأصفى وأعذب ماتكون ابتسامة الأم لابنتها ...
صبر .. حزن ... قلق .. اباء .. ودمــــــــــوع تبـــتســــم ...
لم تتمالك نفسها وكتبت على بطاقة كلمات تصف بها احساسها ذاك : " هنا .. في هذه اللوحة يسكن شعور مني .. في دموع ابتسمت .. أودع فيها فكرا وعمرا لست راضية عنه ولكنني تعلمت منه الكثير .. تعلمت وفهمت عندما وقفت أمام هذه المشاعر فجسدتها وعرفت بأن الدنيا لا تساوي الا لحظات سعادة نرسمها نحن ثم نتوقف عندها ونمضي من غيرها هربا .. انها مختلفة .. لقد رسمتها بأحساس صاف حقيقي .. بلا أدنى تكلف" ..
وأودعت البطاقة بين خلفية اللوحة والقماش الذي يغطيها ...
عندما استغرقها النظر الى ابداعها ذاك لم تملك من نفسها الا البكاء ... ثم غطتها
أكملت ليلى دراستها و كانت الفرحة بتخرجها كفيلة بضخ مياة الحياة الى قلب أبيها ... كأنما الحبر الذي خطت به شهادتها هم مداد دماء لروح جديدة في قلب الرجل جعلته وبلا شعور منه يرفع يده لتلحق بأختها فتحتضن الغالية وانطلق لسانه بأصفى كلمة تهنئة لها .. وبكى الجميع .. فرحا .. وابتسمت الدموع ..
وانشغلت ليلى لشهور بالبحث عن عمل .. لم تكن تشترط الكثير الا أن يليق بتحفظها الذي باتت تدين به بعد تجربتها تلك .. الى اتت صديقة لأمها في زيارة كان فيها لليلى حياة أخرى .. كان زوج الزائرة صديق قديم لأبو ليلى وكان في فترة ليست بالقصيرة شريكا له .. وقد تحدث من قبل لزوجته عن فكرة ليلى ابنة شريكة برسم اللوحات الجدارية التي كان فيها جرأة كبيرة في ذلك الوقت .. وتذكر جيدا كيف انها أعجبتها بل وأحزنها رفض عم ليلى للأمر في وقتها ..
عندما رأت الزائرة ليلى أسرت منها القلب فهي الآن عروس تتمناها كل سيدة لابنها .. ثقافة وفن وأدب وأخلاق وجمال .. فأبدت رغبتها على الفور بأن تعمل ليلى معها في القسم الذي تشرف هي عليه من أعمال زوجها ذلك أن ابنها مشغول بأعمال أخرى ...
وبدأت ليلى العمل عند السيدة " ام خالد" .. وكانت أسعد ماتكون لأن عملها كان بالفعل تجسيدا لهوايتها المحببة ولدراستها ايضا ..
وفي يوم افتقدت ليلى لوحتها "دموع تبتسم" .. فقلبت البيت بحثا عنها .. حتى رأفت امها لهفتها وأخبرتها مالذي فعلته باللوحة واتبعت ذلك بسؤال حارت الفتاة معه الجواب ...
بدت الأم محرجة من ابنتها ومترددة لأول مرة ..
- كنت ياحبيبتي أرتب غرفتك فأنتي بعد عملك في مركز أم خالد تقضين وقتا طويلا في العمل و باتت غرفتك تشكو عدم الترتيب ... وفي زاوية من مرسمك وجدت اللوحة التي رسمتيها لي منذ أكثر من سنة ... صدقيني ياليلى عندما رأيتها لم أتمالك من نفسي الا ان استعدت ذلك الشعور الذي رسمتيه انتي فيها ... تسمرت امامها لساعة كاملة وأضحيت أسيرة لكل تفاصيلها ... أحسست أن الذي في اللوحة هو رسم لقلبي كأحساس وليس لتعابير وجهي في تلك اللحظة .. صدقيني كنت أشجعك على الرسم منذ ان كان عمرك ثلاثة سنوات ليس لقناعة مني به كفن ولكن لأنني لم أكن أستطيع ان امنعك من شيء تهوين عمله ولأن اباك كان يكرر دوما بأن هذه موهبة فيك يجب أن ننميها .. لكن ما ان رأيت اللوحة حتى أدركت أنه هو الفن الحقيقي وأن الريشة يمكن أن تقول الكثير مما يعسر علينا التعبير عنه ولو تقصدنا ذلك بأرق و أقوى مالدينا من أساليب ... حتى الألوان .. (تبتسم وتتناثر الكلمات منها بحماس شديد) .. نظرت بعدها للمرآه وكم أدركت اني كنت أظلم نفسي اذ اعتقدت بأن احزاننا قد ذهبت بنظارته .. أحسست بأنني استطيع أن اكون أجمل بكثير مما أنا عليه .. ولعلك لاحظتي كيف بدأت الاهتمام من جديد بمظهري ..
ولما زارتني أم خالد قبل أيام وكنتي أنتي خارج البيت أريتها اللوحة ... وكنت أنظر في عينيها وقد تسمرت هي الأخرى أمامها ... بعد أكثر من عشرة دقائق ياليلى نطقت أم خالد فقالت " انه فن يا أم أحمد .. لن يرى أحد هذه اللوحة ويزعم بأن ابنتك ليست فنانة .. أتحدى" .. ثم عرضت علي أمرا غريبا .. أن تأخذها وتعرضها على اناس مهتمين بفن الرسم .. كنت أتوق حقا لأسمع رأيهم وأنقله اليك فوافقت ولكن طلبت اليها ان يكون الامر سرا بيننا .. بعد يومين هاتفتني أم خالد وأخبرتني أحد معارفهم من رجال الأعمال من المهتمين بالفنون رأى اللوحة وكانت في مكتب خالد وعرض فور أن رآها أن يشتريها بمئة ألف ريال ...
- أمي أنتي تمزحين ؟!!!! (وقفت ليلى وهي تقول هذه الكلمات)
- لا والله يا ابنتي ..
- حسنا .. لماذا لاتكون ام خالد مثلا تريد مساعدتنا و ...............
قاطعتها قائلة بنظرة أودعتها بريق ذكاء وحزم أكيدين:
- فكرت في هذا من فوري فطلبت اليها أن اتحدث الى الرجل وبالفعل عرفت من هو ولو أخبرتك باسمه ستعرفينه وربما قرأتي عنه في احدى المجلات ان كنتي تذكرين وقد كان بيته فعلا مليئا باللوحات ..
عندما أخبرتها باسمه وعرفت على وجه اليقين اقتناعه بنفاسة الرسم وحرفيته وأن عرضه لم يكن على سبيل المجاملة لم تملك الا أن تحتضن امها بقوة وتقبلها عدة مرات .. هذه اول مرة تعرف رأي احد غير اهلها برسمها وموهبتها .. وكان رأيا قويا يعتد به ..
- والآن ياليلى مارأيك .. هل ستبيعين اللوحة ...
وتوقف الكلام في قلب ليلى فهذا أمر لاتجيد الكلام عنه الا بقلبها وكل ما يحتويه من أحاسيس .. فكرت مليا ثم سألت أمها عن رأيها ..
- حقيقة يابنيتي انا أوافق مع ان اللوحة والله تعني لي أكثر مما تعني لك وليست حاجتنا هي مبرري لهذا الكلام والله ولكن أرى في بيعها تجسيدا لموهبتك و اثباتا لمقدرتك في الرسم ..
- ولكن يا أمي تلك كانت مختلفة ولا أظنني قادرة على أن اكررها ...
- لا يابنيتي ... الحياة مليئة بالمفاجئات وصدقيني ستجدين بأنك قادرة على تجسيد الكثير من المشاعر بالرسم .. والذي لاتعلمينه أن هناك لوحتين أخريين لدى أم خالد الآن .. ربما لم تنتبهي لفقدهما .. لقد رأت ام خالد بعض لوحاتك وعرضت هي في احداها عشرة الآف ريال ولماذا؟ .. تريد أن تهديها لأخيها الدكتور .. ربما تعرفينه ؟ ... انا اعرف بأن القيمة المادية ليست دليلا ولكن مالذي يجبرهؤلاء الناس على شراء لوحاتك لولا اقتناعهم بقيمتها الفنية ...
- حسنا .. كما تريدين ياغالية ..
توقفت الكلمات في ذهنها عندما تذكرت أمر البطاقة وكادت أن تطلب لأمها أن تمهلها ريثما تستعيد البطاقة ثم ليكن ما أرادت ... لكنها آثرت أن تبقى تلك الكلمات رفيقة لتلك اللوحة ... حاولت اقناع نفسها أن أحدا يشتري لوحة بهكذا قيمة لن يسمح بالعبث بها وبالتالي العثور على بطاقتها ... وان حدث فلا ضير ... فهي مجرد كلمات تصف مشاعرها الصادقة ومن ألف الفن يالف الأدب ويقدره ...
بعد يومين ردت أم خالد بأنها تلقت عرضين آخرين لشراء اللوحة وبقيمة أعلى .. احدهما بمئة وخمسين ألف ريال ..
ثم توالت العروض على ليلى بشراء لوحاتها من عدة جهات .. وبعد سنة فقط من بيع لوحتها الأولى أقيم لها معرض في أحد المجمعات التجارية المعروفة بعرض من صاحب المجمع بنفسه ...
كان الجميع فخورا بليلى .. وأقيمت سهرة عائلية بتلك المناسبة انتهت بخطبة ليلى ... لمن ؟ .. لخالد ...
وبدأت قصة خالد وليلى ... قصة ابتسمت فيها الدموع ...
في تلك الليلة أخذ والد ليلى بيدها وذهبا الى الشرفة .. كان نسيم الهواء من النوع الذي تملأ صدرك به عدة مرات وفي كل مرة تحس بأنك بت أكثر قدرة على ادخال كمية أكبر الى رئتيك ترافقها لذة ترتعش لها فرائس وجهك فيتحرك جسمك بشكل طفولي يجعل الناظر اليك وأنت مغمض العينين تتمايل بخفة كأنما ينظر الى مغني أوبرا وهو يحاول تعبئة جسمه بالهواء ليخرجه نغما شجيا ... وهكذا كان أبوها ينظر اليها للحظات قبل أن يبادر الى لحظة من المكاشفة والبيان الأبوي الأخير لفاتنته التي ماعادت صغيرة كما عهدها وكما تمنى أن تكون لتبقى له ولكن لابد أن يأد فرحته ويعلن نهايتها مدعيا أنه أسعد مايكون وقتها ..
- ليلى ياحبيبتي ... لا أدري كيف يجب أن يفاتح الأب ابنته في موضوع كهذا ولكن أجد الكلمات تائهة على لساني فأعذر نفسي وأقول ليست العلاقة بيني وبين غاليتي ليلى كأي علاقة بين اب وابنته .. بل هي علاقة قلب أب بفكره وأمانيه و عواطفه و طفولته بل ومستقبله أيضا .. ذلك كله يتجسد فيك أنتي ياليلى بالنسبة لأبيك وذلك ماتمثلينه أنتي له .. أخال أحيانا أنني لو كنت زوجا لأمك – ونحن والله أخالنا أسعد زوجين – وأبا لأحمد وشمس فقط لما تمسك قلبي بالحياة كما فعل ولما عدت الى حياتي الطبيعية كما حدث بسهولة كانت أشبه بالمعجزة الطبية .. انه أنتي ياحبيبتي .. كنتي لي كما لو أنك روحا أخرى ... كنتي ينبوعا للحياة عندما نضب قلبي الضعيف بها انهال علي يسقي نبضي الذاوي فيحيل اصفراره خضرة و يشيع اركان الحياة في شرايينه .. أتدرين ياليلى خلت كأنما ارادة الله أن يحدث هذا معي حتى أرجع لنفسي وأعترف بعور بصيرتي اذ لمت الأقدار يوما على أن لم أوهب ولدا في مقتبل عمري والآن عرفت بأن الحكمة الالهية فوق فكرنا البسيط اذ أرتني الأيام كيف أنك ياغالية ابيك الهبة التي يعذر الآباء كلهم لو غبطوني عليها .. والآن يابنيتي يأتي اليوم الذي يجب أن أزف هذه الهبة الالهية الى رجل أحسبه والله حسيبه بأنه سيرعاها ويكن لها الحب الذي ملأت هي قلبي به فنضح في تربيتي لها حبا ورأفة ورحمة وحنانا .. راجيا من ربي الكريم أن يكون قلب هذا الرجل مدادا لقلب أبيك .. ربما يابنيتي كانت هذه السنة الكونية المحتومة حتى تأخذ مثلك حقها من المشاعر بما يناسب سنها و حاجتها من الأحاسيس التي بات بعض الناس يعيشون بعيدا عنها فكأنما عقولهم لاتعي قيمتها تماما كما لايعي سكان القطبين معاني الربيع والدفء و.. و ... ... وانه والله للشيء الغريب ان ينقل الأب سبب فرح عمره ليكون فرحة لرجل آخر و يكون وقتها أسعد مايكون ... آه يا ابنتي وأمي و أختي وكل دنياي .. أتى اليوم الذي يفاجأني الناس بأن غاليتي أضحت عروسا وأنه أضحى من واجبي أن أزفها الى من يستحقها فيخطبونها .. نعم .. لقد خطبتك أم خالد لابنها خالد .. لقد أخبرت أمك بأنني اهب لك حرية القرار في هذا الامر كاملة لكن يجب أن أتحدى نفسي ومشاعري قليلا وأبين لك ما أعرفه عن خالد وأبيه .. أما والده فكان شريكا لي لفترة ليست بالقليلة فما رأيت منه والله يا ابنتي الا الامانة و جبر الذات على ابراء الذمة في كل وقت الى درجة أنه عندما اضطره أخي لفض شراكتنا تنازل عن نسبة ليست بالقليلة في رأس المال عن طيب خاطر وقد كنت أنا أقر له بها وكان يقول أن معرفته بي تساوي الكثير وما تركه ليس شيئا امام صداقتنا وما تعلمه مني ... كان دوما يردد الحديث الذي يقول " رحم الله المؤمن سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى " أو كما قال عليه الصلاة والسلام ... وكنت أرى وأسمع عن خالد بأنه على سيرة أبيه بل ويفضله لكونه خريج جامعة عريقة في ادارة الاعمال وكاتب أيضا كما تعرفين .. وأرى يابنيتي انه انسان مناسب جدا لك ... ولن أزيد على ماقلت حتى يكون القرار قرارك بالفعل ..
أحست أنها تريد أن تقول شيئا يطمأنه ولكن الخجل الذي أحست بأنه يملأ روحها وقلبها جعلها تهمس :
- يفعل الله خيرا يا أبي ..
وانتهي الأمر بالنسبة للأب عن تلك الكلمات التي كانت أكثر من كافية كخلفية لترسم ليلى عليها قرارها مثلما تجيد رسم لوحاتها ... عندما فاتحتها أمها بالأمر أبدت ليلى جرأة أكبر وناقشتها في تفاصيل كثيرة عما تعرفه الأم عن تلك الأسرة .. بعدها أحست بأنها من الممكن أن تكون عضوا فيها فأبدت موافقتها عن اقتناع تام ... لكن قبل عقد القران بساعات فاجأتها أمها بشيء جعل صورة خالد تبدو ضبابية لها بعد أن كانت واضحة تماما خصوصا بعد أن تحدثت اليه مرارا وعرفته عن قرب وتبادلا كل الاسرار .. أخبرتها أمها بأنها صارحة خالد بقصة طلال مع ليلى .. بررت الأم كلامها بحكمة الكبار ونظرتهم البعيدة
- يابنيتي هبي أن طلال هذا شاء أن يفسد حياتك ولا تنسي أنك أضحيتي انسانة مشهورة وزوجك أيضا كاتب وتاجر معروف وذئب مثل طلال ربما وسوست له نفسه ايقاد الفتنة في بيتكما بايصال فكرة غلوطة لزوجك عن علاقتكما التي كانت في سن وظروف تعذرين فيها امامي وامام اسرتك ولكن زوجك لن نضمن ذلك .. وحقيقة عندما حدثت خالد بالامر أكبر صراحتنا ووضوحنا وأبدى تفهمه للأمر ووعيه بل وقال بأن هذا يزيده تعلقا بأسرتنا وبك أنتي وأدهشني عندما قال بأن ليلى بهكذا تجربة ستكون أكثر حكمة و فهما للحياة وهذا يجعله مطمئنا أكثر
هزت رأسها ليلى وابتسمت ببرود وفي داخلة نفسها شعرت بأن خالد قد يفتقر الى الغيرة التي تريدها هي في رفيق حياتها المقبلة عندما أبدى تساهلا في هذا الأمر الى تلك الدرجة ...
جعل هذا مقابلتهما التالية بعد عقد القران تبدو أقل بريقا من المتوقع بين تلك الانسانة التي أول ماتوصف به بأنها حساسة وبين ذلك الانسان الشاعري .. وكأنما ارادت اختباره .. صارحته بأن هناك رجل يطلب دوما شراء لوحاتها من وسيط ,اضحى زبونا دائما للوحاتها ويكتب اليها بعض الرسائل التي ربما لم تزد على الاطراء والاشادة بموهبتها ولكنها تحمل دوما توقيع "المعجب بأحساسك في الرسم" ..
خيب خالد آمالها عندما أخبرها بأن ذلك شيء جيد وبأنه سيحاول معرفة هذا الرجل حتى يشكره على هذا الاطراء المميز ... ولكن تزوجا وبدأ أول ايام شهر العسل ...
توجه العروسان الى سفوح جبال الألب لقضاء شهر العسل وكانت ليلى تتسائل لم جعلوه شهرا ولم يلتزم الناس بتحديده بالشهر .. وافقها خالد وقرروا عدم تحديد المدة .. كان هذا يعني أن كل منهما ربما سيبتعد عن أعماله مدة طويلة ولكنهما بهذا وضعا قاعدة جديدة ... لا حدود لشيء لايكونان مقتنعان بجدوى محدوديته وضوابطه ...
في الطائرة وعندما مر مضيف من جانبهما فاجأها خالد بسؤال جعلها لا تسمع الا صدى كلماته تلك ..
- كان مضيفا .. أليس كذلك؟
عرفت مقصده ولكنها آثرت بأن تعطي نفسها وقتا لتقبل المفاجأة ..
- من ؟
- الفتى الذي تعرفتي عليه من قبل ..
وضعت كل ما جاد لها الزمن من قوة في تقبل المفاجاءات في عينيها وأجابته ..
- خالد .. كنت أعجب لردك على أمي عندما صارحتك بالأمر .. ولن أسألك ان كنت مررت بتجربة ما مع فتاة ولكن ثق بأن تجربتي أنا جعلتني لا أقيس الرجال الا بمدى رقي تفكيرهم .. ربما كنت أتمنى في الرجل الذي سأقترن به لبقية حياتي بأن يكون ذا رومانسية مغرقة في الخيال .. رجل يعيش مع الناس بجسده ولكن روحه تطوف بي في خيالات الحب الحالم .. أصحو على كلمات الحب وأغفو عليها تهدهدني دوما همساته .. لكن هذا كان قبل أن أخرج الى معترك الحياة وأعرف أن الدنيا ليست مكانا ملائما لخيالات المراهقة ان اردنا أن نعيشها كما يجب .. صدقني أنت الآن متزوج من امرأة تنظر الى الحياة بمنظار الواقعية .. ولا تحسب من كلامي هذا بأنني سأطيق بأن تكون حياتنا جامدة لا مشاعر فيها ولكن لن أتوقع بأن تكون كل لحظاتنا مع بعض سعيدة و رومانسية الطابع خصوصا أنك أنت شخص عملي ورجل واقعي .. هل تخالني لم ألحظ نوعية المقالات التي تكتب أو الكتب التي تقرأ ... لذا ثق بأنني سأحاول جاهدة بأن نتقارب في شخصياتنا الى أبعد حد ممكن .. على أن تهبني شيئا واحدا فقط .. الثقة المطلقة ولا شيء غير ذلك .. حقيقة لقد شعرت بأنه كان من الواجب أن تحس على الأقل بالامتعاض لسماعك قصتي مع المدعو طلال ولاشك أنك تعرف كيف تكشف عن قلب أسود مستغل وأحمد الله بأنني كنت متحفظة معه الى ابعد حد والا كان مالا يحمد عقباه .. كانت تلك فترة مراهقة وظروف لا أشك بأنك لا تجهلها ومضت وخرجت منها معافاة ولكن ثق بأنني أضحيت بعد تلك التجربة أقوى .. ثم دار في خلدي بأن ردك ذاك ربما لن يكون وضعا دائما وتبين لي ذلك الآن من سؤالك ..
- على رسلك ياليلى .. انا لست أحاسبك ولن يكون لي ذلك .. الأمر فقط أنني أردت معرفة اشياء أكثر عنك .. عن الانسانة التي سيقترن اسمها باسمي لبقية العمر ان شاء الله .. وصدقيني لا أجد في نفسي من ذلك شيئا ولن نتحدث فيه أكثر فقد قلتي المفيد وزيادة ...
أحست براحة عارمة بعد هذه المحادثة ... ولكنها أحست بأنها ستعيش مع هذا الانسان بروح وأحاسيس غير التي كانت تمني نفسها بها وتداعب خيالاتها في الماضي ..
كان تعامله معها غاية في الذوق والرقي لكن كان هناك نوع من الرسمية التي تمقتها في تعاملها الاسري .. ارجعت هذا الى طبيعة عمله وتحمله المسئوليات الجسام باكرا .. تدرك تماما بأنه ربما لم يكن لديه وقت للتفكير في الحب و التعامل مع شقائق الرجال .. ارتاحت الى هذه الفكرة و وعدها لنفسها بأنه سيتغير حتما وبأنها يجب الا تطلب الكثير وتراعي ظروفهما وطبيعة حياتهما ..
مضت الأيام جميلة ولكنها لم تخل من رتابة معهودة في حياة أرباب الاعمال ومن اعتادوا النظام والتخطيط لكل شيء .. وعاد العروسان ... عندما سلمت ام خالد عليه كانت تهمس له ..
- أين كانت من قبل؟
- في مكتبي يا أماه ...
ترى مالذي يتحدثان عنه ؟!!!!!
وبعد أن سلمت ليلى على أم خالد سألتهما بدلال ربما كانت ترمي من وراء اظهاره طمأنة الأم بأن السعادة لازالت تكتنف القلوب .. سألتها عن سر الهمس بينهما وكان جوابها محيرا اذ قالت وهي تحيط وجه ليلى بيديها بلمسات حانية ..
- ستعرفين ياحبيبتي بعد قليل .. حفظكما ربي لبعض وأدام بينكما الود أبد الدهر ..
طرق الباب فجأة واذا بأسرة ليلى ترافقهم اللهفة لرؤية الغالية ... بعد سلام حار وقبلات ملؤها الشوق لليلى التي هي معنى الرقة وترجمان الأحاسيس في الأسرة الصغيرة .. أخذت الأم بيد ليلى وقد وضعتها بين يديها وهي تلومها على اخفاء موعد وصولهما .. اعتذرت ليلى بأن الوقت كان متأخرا ولم تشأ وخالد ازعاجهم ... ثم بدأت اسئلة شمس الصغيرة تتوالى عن مكان شهر العسل وأختها تجيبها بتثاقل جعل أمها تستغرب لاختفاء تلك الروح المرحة لتي لطالما عهدتها في غاليتها المدللة ... طلبت لأم خالد أن تأذن لها بأن تتحدث الى ابنتها وأخذتها الى غرفة أخرى .. سألتها على الفور
- ماذا هناك يابنيتي ... لست على مايرام ,, أريد صراحتك التي اعتدتها منك ولا شيء غير ذلك .. هل رأيتي من خالد ماتكرهين ؟
- لا يا أمي صدقيني ليس هناك شيء لتنزعجي منه .. ربما هو تعب السفر .. وصدقيني كان خالد معي كما تحب أي زوجة أن يكون زوجها في شعر العسل .. بل أن اسعادي كان جل همه طوال الشهرين الماضيين ...
- ليلى .. ستخبرينني ... والآن .. ماذا هناك .. أهي قصة الفتى الذي كنتي تعرفينه ؟!! .. صدقيني لقد بت ألوم نفسي عن الافصاح لخالد عن الأمر فالرجال هم الرجال وهذا الأمر كان الأولى به أن يدثر في خزانة الماضي المنسي بيننا فقط ..
- لا ياأمي .. بالعكس كان لوضوحك معه أثر كبير في تخلصي أنا شخصيا من آثاره ثم أننا تصارحنا فيه انا وخالد منذ اول يوم وانتهى الأمر بالنسبة لنا تماما ... حسنا ... سأريحك ياغالية ... كل مافي الأمر يا أماه أن خالد رجل عملي بشكل زائد الى درجة أننا تحدثنا في كيفية تسيير حياتنا ونحن في شهر العسل .. هناك لحظات أجده فيها لا يشاركني طريقة تفكيري .. أعرف بأنني انسانة حالمة ولكني لست أطلب قصة حب خيالي بيننا .. فقط كنت أرجو أن أجد شيئا من اضفاء جو الحب الغير معتاد بيننا .. لكنني عندما أفكر في الأمر أجد بأنني اتسرع في الأمر فهو على اية حال انسان خلوق وطيب للغاية وكل ماتتمناه المرلأة من صفات في زوجها أجد له منها نصيب وافر .. ربما أثر في الرسم فخلت بأن الحياة حلم جميل فقط ..
- هل بدر منه مثلا يابنيتي ما يدل على أنه لايجاريك هذه الرومانسية التي أعرفها فيك و أعرف بأننا ربما كنا سببا فيها لأنك ماكنت ترين الاعلاقة الحب الدائمة والمتجددة بيني وبين أبيك ..
- حقيقة .. ليس هناك شيء معين .. ولكن مثلا كنت ارسم له لوحة وطلبت توقيعه عليها وان يكتب كلمة او تعليق عليها فرفض بلا مبرر ... لا أدري أعتقد أنني أتوهم فقط ..
- نعم يابنيتي .. ماقلتيه الى الآن يعطيني نفس احساسك .. أنتي تتسرعين بالحكم .. فمن يعرف ام خالد وابيه ويعرفه هو ايضا يدرك بأنك حتما تبالغين .. وستريك الأيام بأنك كنتي على خطأ .. هيا اذهبي الى غرفتك وانفضي غبار السفر عنك .. سنقضي هذه الليلة في سهرة لطيفة ولن نترككم ترتاحون .. سنزعجكم .. آه كم أشتاقك ياصديقتي الصغيرة ...
تبادلت الصديقتان .. الأم والابنة .. لحظات من الحنان المتبادل في عناق تغلف بشوق عارم للأحضان الدافئة التي تجدها كل واحدة في الأخرى .. وهرعت ليلى الى غرفتها ... هذه أول مرة تدخلها .. فاجأها الذوق الراقي لخالد في اختياره لأثاثها كان التصميم القديم والحديث لغرفة النوم الفارهة يجتمعان بشكل يشهد لمصممها بأنه ذو ذوق راق في اختيار نوعية الاثاث والالوان وحتى في توزيع الاضاءة وحتى في اختيار اللوحات التي كانت تتوق لرؤيتها هناك ... و ....
تسمرت عيناها عند لوحة علقت بين أدراج المكتبة الصغيرة في الغرفة ... انها ... انها "عندما تبتسم الدموع" .... يا الهي كان هو ... خالد .. لم يطرف لها جفن وهي تسير الى اللوحة بتسارع طفولي وهي تضم يديها الى قلبها وابتسامات الفرح والدهشة تلوح على وجهها القمري ... وكأنما أشرقت عيناها على كل الوان الحياة في لوحتها فتجسدت اللحظة التي رسمت فيها .. نزعتها من على الجدار ودارت في ارجاء الغرفة وهي تضمها اليها مغمضة العينين والدموع تتناثر منهما .. بعد ان ارتشفتها نظرا وأفاقت من المفاجأة الغير منتظرة .. وبانفعال زائد بدأت بالبحث عن البطاقةالتي أودعتها خلفية اللوحة فأدخلت يدها بارتباك الى القماش الذي يغطي خلفية اللوحة ... وجدت بطاقتها لكن ألصق اليها وبطريقة أنيقة بطاقة أخرى كتب فيها بخط يوازي جمال خطها هي " وقد نظرت اليها باحساس حقيقي وصاف .. وعرفت كم هي عظيمة صاحبة تلك الدموع وكم هي رقيقة راسمتها التي أسرني احساسها في الرسم .. وقررت بأن أسعد وأروي قلبي وروحي وايامي باحاسيسها ورقتها و أدبها .. سأحبها وأحبها وأظل أحبها حتى لا يبقى لحب بعده معنى .. حبيبتي .. عندما تقرأين هذه الكلمات اريدك بأن تعرفي بأنني حاولت بأن اريك مني وجها واحدا فقط في ايامنا الاولى وكان الاولى غير هذا اذ لن أكون قادرا ابدا على مجابهة مشاعرك التي لايفوقها رقة ولا عذوبة ولا صدقا أي شعور عرفته الانسانية .. ولكني أعدك بأن الوقت لن يطول حتى آخذك بين يدي وأصرخ فيك بأنني أحبك .. أحبك ... المعجب باحساسك بالرسم .. خالد" ...
أعادت كل شيء الى مكانه ودموعها تبتسم ... واستعادت الشهرين الماضيين لحظة بلحظة .. ثم هاتفته على المحمول وطلبت اليه بأن تراه في غرفتها ..
كان خالد في هذه الاثناء يقص عى حماته وأمه كيف استطاع الحصول على اللوحة بعد المزايدة عليها .. وكيف انه أضحى زبونا دائما للوحات زوجته اذ لم يطب خاطره بأن يتسابق الناس الى لوحاتها وهو لا يملك منها شيئا ..
صعد اليها .. وما ان وقع بصرها عليه حتى احتضنته وكأنما تضم اليها الشعور الذي اشتاقت اليه في رفيق حياتها وكأنما ارادت لقلبها ان يكون أقرب مايكون لقلبه ليستشف من تلك الأحاسيس الرقيقة ..
نبهها بأن الجميع في انتظارهم تحت .. وبأن بقاءهم في الغرفة سيكون محرجا لهما .. وبالفعل كان الجميع ينتظر وينظر اليهما .. وعندما اقتربا يتهلل وجهيهما بالسعادة و تتقافز نظرات المرح من عيني ليلى .. توارى الجميع الى غرفة الطعام وهم يتغامزون في خجل و أحمد يمد منديلا لخالد ويشير اليه بحركة طفولية بأن يمسح وجهه الذي اصطبغ باللون الأحمر ...
الـــــنـــــهـــايـــــة
|