![]() |
تصورات من عالم الخيال العلمي ..
تصورات من عالم الخيال العلمي بسم الله الرحمن الرحيم . يوجد الكثير والكثير من الأفكار والتصورات والمفاهيم والنظريات والفرضيات والآراء والحوداث والقصص والأسرار والبواطن والأمور العجيبة والغريبة الغير مألوفة في عالم الخيال العلمي ! ، والملاحظ لما يصدر في عالم الأدب القصصي العلمي الخيالي يتعجب في قرارة نفسه من كثرتها وتنوعها الكبير ! ، ويتساءل في قرارة نفسه كذلك : " أين فكر العالـَم من هذا العالم القصصي الغريب ؟! " . وكم أتذكر من سنين مضت أني كنت لا أهضم المواد الأدبية كثيراً ، في المدرسة وخارجها – برغم حبي للقراءة والكتابة – ! ، وفي نفس الوقت كنت أميل كثيراً للمواضيع والمقالات العلمية المختلفة – حتى التي تفوق مستواي الدراسي – ولكن كنت مولعاً بقراءة القصص أيـَّــاً كانت ، وتدريجياً سقطت في يدي قصص من نوع عجيب ومشوق ، لاحظت بعدها أنها تشير بخفاء إلى أمور علمية ، ولكنها فوق المعتاد ، وتدريجياً بلا شعور – وربما عن قصد – أدمنت على قراءتها في اي وقت محلقاً مع أحداثها ومتغيراتها إلى عالم عجيب فريد أشعرني بشئ ما في كياني ؛ وبمعنى أمور لا أفهمها في العالم الواقعي ! . ولم أدرِ كم مضى بي من الوقت حتى أحببت الأدب رغماً عني ، ذلك بسبب وجود " إزدواج " علمي وأدبي في قصص الخيال العلمي ! . كم هو بارع أسلوب الأديب وهو يدخل في فكرك شيئاً علمياً غامضاً لامفهوماً طوعاً وإختياراً منك ! ؛ بعد جولة قصيرة أو طويلة من الأحداث الهادئة والصاخبة الخيالية القصصية ! . كم هو عجيب ذلك الأسلوب المربك أو المعقد الذي تصل إليه الأمور في أحداث هذه القصص في نتائجها ؛ بوضع يجعلك كثير الحذر لدى قراءتك الصفحات الأولى لقصص أخرى مثلها ! . كم هو رائع ذلك الخيال البعيد المغناطيسي الذي يختفي بإشعاعه المعنوي المبهم بين سطور قصص الخيال العلمي وأحداثها ! .. وكثيراً ماتجد نفسك أثناء وبعد قراءتك لإحدى هذه القصص العجيبة تتساءل عن إمكانية وجدوى تلك الأمور الفوق الطبيعية ! ، ولكن لايمكن التكهّن إلى أي مدى يمكن أن يصل إليه علم البشر ! . أحداث القرون الماضية علــّمت البشر أن هنالك مايُرى كأنه سحر أو مستحيل أو صعب جداً – على أقل تقدير – ثم يدور الزمن دورته عبر السنين أو العقود ليجعل من ذلك الشيء المرفوض فكرياً حقيقة علمية حاضرة أمام العيون والعقول ! ، إذن هو التطور العلمي البشري عبر العصور الذي لايمكن تحديداً قياس درجاته الصاعدة ! . ودائماً ترى في مثل هذه القصص شيئاً يكسر الحواجز العادية والنمطية ؛ ثم يقفز بك عبرها إلى عوالم غريبة مجهولة أو أسطورية – وربما شيطانية – ويريك فيها أنواعاً وألواناً من الأحداث التي يختلط فيها الرعب مع الإثارة والغموض والذكاء والمفاجاءات والمقطوعات الدرامية والتحدي ! ، في خليط عجيب وصفه غريب ! . ورغم وجود " تشابه " في " مواد و مواضيع " الخيال العلمي المقروء والمرئي المسموع بين " الكـُتـَّاب والأدباء والمؤلفين والمخرجين " ؛ إلا أن تعدد واختلاف أساليبهم الروائية والإخراجية يجعل القارئ لها أو الرائي يُحس كأنها جديدة لم يرها قبلاًً – مع أنه قد عَلِمَ عنها قبل ذلك شيئاً – وذلك بسبب نوع خاص من الفهم بين هذا وذاك ! ، ويبدو كثيراً أن أهدافهم " تتوحَّد " في دائرة واسعة كبيرة في النهاية ولكن من إتجاهات مختلفة وبوضع متجدد ! . ونركز في هذا الموضوع عن الخيال العلمي عن " أمور معنوية " ترتكز عليها قصصه الأدبية والمرئية ، اهمها : 1 – الزمن : منذ أن أطلق العالم الألماني المنشإ ( ألبرت انيشتاين ) – المهاجر فيما بعد إلى أمريكا – نظريته النسبية ؛ التي توغلت بشكل غير مسبوق في عالم المكان والزمان ؛ والضوء والسرعة ؛ وهي تسيح في الأرض شرقاً وغرباً ، وتعربد في عقول علماء الفيزياء والكونيات ، وتمتحن ذكاء ومواهب وخيال أكثر العلماء الذين يؤيدون الجديد والغير عادي في مسيرة العلم ! . الكثير منهم – وإلى الآن – حاول وشرح بمحاولات متواضعة وجادة ومكثفة لتفسير " البعد الرابع " الزمني من منظور النظرية النسبية ! ، ولكن يبدو أن ( أنيشتاين ) فهم " شيئاً " بواسطتها عن الزمن وقوانينه النسبية لم يفهموه تماماً علماء عصره وعصرنا ، شيئاً غامضاً علمياً ثورياً عرفه منذ بدايات القرن العشرين يتعلق بـ " لـُبِّ " أحد القوانين المجهولة للزمن ، ليس الزمن في أرضنا وحدها ، بل بالمقياس الزمني عموماًً في أي مكان في الكون ! . وكم هو مثير وعجيب أن يسافر أحد شخصين في الفضاء ويكون الآخر في عالمنا الأرضي : ( الأول ) – يسافر بسرعة الضوء ( وهي سرعة هائلة جداً تبلغ ثلث مليون كيلومتر في الثانية ، أي أكثر قليلاً من 1 تريليون كيلومتر في السنة الأرضية ) ، التي لم تصل إليها سرعة آلة إلى الآن من صنع البشر ! . ( والثاني ) – كما هو معتاد أن يكون هنا ، ثم تدور الأرض مثلاً 20 دورة شمسية ( سنوات ) ؛ بعدها يعود الشخص الأول ولم تمر على جسده أو ملامحه مكث تلك السنوات ! ، بينما الثاني يكون قد طرأت عليه " آثار الزمن " في تلك السنوات العشرين ! ؛ مع العلم أنه قبل سفر الأول كان عمرهما واحداً ! ، أليس هذا عجيباً ؟! . في المثال المذكور نرى كأن الزمن إختفى أو تقلص مع الشخص الأول ؛ وظهر وأثــَّر في الشخص الثاني ، مع ملاحظة وجود " إختلاف في المكان " لهما ؛ وكذلك " السرعة " التي تتعلق بمكانيهما ( موقعهما ) ! . بعد هذا المثال " البسيط " من عالم النسبية ستجد فكرك إنطلق إلى محاولة تفسير أو تبرير هذه النظرية ، ولكن أنت تفسر شيئاً لم يُجرَّب على أرض الواقع ؛ إلا أن هذا الشيء رغم " فرضيته " تــُحِس أن وراءه شيئاً أو سراً كبيراً ( قانون معين ) ولكنك لاتستطيع التعبير الواضح عنه حتى يفهمك غيرك ! ، وإذا حاولت نفيه من المعقولية الفكرية المنهجية ترى كأن في الأمر قانون أو لغز أو أحجية علمية لم يأت وقت حلــِّها بعد ! ، لذلك فإن ألغاز الزمن وأحاجيه " مادة خصبة وثرية " في قصص الخيال العلمي ! . وما أكثر " آلات الزمن " في هذه القصص ، التي بمقدورها أن تعبر بك زمنياً – زمكانياً بالأصح – إلى الأمام أو الخلف في شيء تصوري يشبه النهر ؛ كمسمى ( نهر الزمن ) ! ، وفجأة يجد الراكب لهذه الآلة العجيبة أنه في زمان آخر ، قد يبعد عنه لمئات أو آلاف القرون ! ، هذا من ناحية " الزمان " . أما من ناحية " المكان " فلا تقلق ! ، فستجد نفسك في أحد المجرات والكواكب التي تبعد عنا آلاف أوملايين السنين الضوئية ! ، وأختر وأنت في آلة الزمن أي مكان تريد أن تكون في الكون !! ، وبعد كل هذا بالطبع لاتسأل عن مصير الآلة والوافد ! . ستواجه الكثير في هذه القصص من المواقف الزمنية عن شخص أتانا فجأة من المستقبل أو الماضي ! ، أو شخص – وربما مجموعة أشخاص – ذهبوا إلى المستقبل أو عادوا إلى الماضي بوسيلة من الوسائل ! ، ومن تلك الوسائل مثلاً لا حصراً : (/) آلة الزمن . (//) الفجوات . (///) مخلوقات فضائية أو غير بشرية . ومازال الزمن بأسراره وقوانينه يدغدغ بمفهومه " البَيـِّن الخفي " البسيط والمعقد عقول بعض العلماء والأدباء ويضيف إلى قصص الخيال العلمي بعداً غامضاً وجاذباً في وقت واحد ! . ( والتصور الزمني غير العادي المذكور ) يحتاج إلى : خيال قوي ، وتركيز فكري ، ووصف تعبيري خاص ، يجعله مفهوماًَ – أو شبه مفهوم على الأقل – لدى عقول القراء أو المشاهدين بخصوص ما يتعلق به في هذا العالم العجيب !! . ومن أنواع هذه التصورات الزمنية في قصص الخيال العلمي : ( مفهوم الفجوة الزمنية ) : التي يعبر خلالها المسافر الزمني إلى زمن آخر قبل زمنه أو بعده وهذه الفجوة تكون في " مكان ما " في عالمه وزمنه ؛ وتكون في نفس المكان أو مكان آخر في العالم الذي وصل إليه زمنيا أو زمكانياً ! ، وشكلها التخيلي غالباً يكون كدائرة مضيئة ، أو لامعة ، أو شعاعية ، أو رعدية متشكلة ، وأحياناً تتكون من كتلة شعاعية ولزجة من مادة أو مواد غامضة ! . كل هذا طبعاً بعد وصفات وألعاب معقدة ومتشابكة حسابية وحاسوبية ورياضية لتحديد الإحداثيات المطلوبة : س وَ ص وَ ع وَ وأخواتها هذا بالإضافة إلى بقية الشخصيات والدوَّال الرياضية غير الطبيعية التي يخاف منها أكثر طلبة المدارس !! . وهنالك تصور آخر زمني عنها هو : ( مفهوم الأضواء المختلطة السريعة جداً ) : التي تمر بشكل خاطف أمام ناظر المسافر الزمني ! ، على أساس أنها تشكل خيالياً أحداث زمنية كثيرة جداً تمر بلمح البصر كشريط سينمائي أمام وخلف زمنه ! – طبعاً لن تنجو هي الأخرى من حصار وفخ شبكة المعادلات الرياضية البشرية المترصدة لكل شيء فيه مقدار وعدد وكمية ونِسَب – وهذه التصورات الزمنية الغريبة وغيرها تفترض " عبوراً " بين الأبعاد المكانية والزمنية ، على معنى وجود أبعاد " وسيطة " بكيفية مجهولة في المحيط المكاني والزماني تصل بينها بقانون سري غير معلوم ! .. 2 – الحضارات الأخرى : منذ قديم الزمان سادت حضارات هنا وهناك على ظهر الأرض – خصوصاً في قارات العالم القديم الثلاثة – حيث طغى التمدّن والتحضر لفئة من البشر على البداوة وحياة الصحراء ، فأقامت هذه الفئات تجمعات مدنية عمرانية في مساحات من الأرض على شكل دول أوأقاليم أو إمارات ، ومن تطورها النسبي بين دول حولها برزت حضارتها أكثر من غيرها على أساسيات تعتمد على التفوق الكلي أو الجزئي . ومن أمثال هذه الحضارات ؛ الحضارات : الرومانية ، الفارسية ، الفرعونية ، الأشورية ، البابلية ، الكنعانية ، اليونانية ، البيزنطية ، الإسلامية : ( الأموية ، العباسية ، العثمانية ) ، وغيرها . هذه الحضارات البشرية القديمة أثــَّرت في مجمل أوضاع البشر في الأرض عبر السنين في أزمانها ، وامتدت جذور بعضها حتى وقت حاضرنا المعاصر ؛ ولا عجب إن قرأت شيئاً عنها في قصص ٍللخيال العلمي ، وذلك يكون على الأغلب – كما يظهر في سياق القصة – بواسطة " إنتقال زمني " مقصود أو غير مقصود من ذلك الزمن أو إليه بوسيلة زمنية ما يحصل لعناصرها ! . ما ذكر من الحضارات هي حضارات حقيقية ، ولكن ماذا عن حضارات أخرى " مجهولة " عاشت على ظهر هذه الأرض ؟ ، هنا خاض الخيال العلمي أكثر وأعمق ؛ وتصوَّر مثلاً وجود قارة مفقودة بين المحيط الأطلسي الشمالي وقارة أفريقيا ؛ سميت ( أتلانتس ) – لاحظ تشابه إسمها وإسم محيطها – على معنى أن حضارتها فاقت جميع حضارات الأرض في شتى النواحي العلمية والتقنية آنذاك - وربما حتى الآن - حتى قيل أن أصلها من عالم كوكبي آخر ! . وطبعاً لايقتصر الحال على " أتلانتس " وحدها في هذه القصص المشوقة ؛ بل يوجد المزيد من الحضارات في أرض عالمنا مطمورة تحتها أو مغمورة بمائها وبحارها ! ، وأيضاً يوجد المزيد والمزيد هناك في كواكب فضاء السماء في مجرات بعيدة جداً عن كوكبنا أو مجرتنا من هذه الحضارات العاقلة المتطورة أو البالغة التطور ( طبعاً ) ، وفي هذه القصص تشعر بشيء ما مبهم عن معنى وجود " مخلوقات " أذكى منك بمراحل – تساؤلاً ! – ، وإلى هنا فقد وصل الخيال العلمي أقصى درجاته ؛ وكأنه كلما توغل في مجاهل الكون زاد في مداه وغرابته !! . وأحياناً تشعر أن في الإنسان شيء يريد ولايريد معرفة شيء عن مخلوقات أخرى حوله أو بعيدة عنه ؛ وأنت تقرأ أو تتأمل هذه القصص العلمية الخيالية ! ، فتارة يُرجّـِح عقله وجودها ، وتارة تتأرجح نفسه وتتذبذب ليعود وينكرها عقله ! ، وهكذا حتى يصل إلى قرار باطني بشأنها ! . والتصور العلمي الخيالي عن حضارات بشرية وغير بشرية ، معلومة أو مجهولة ، هنا في الأرض أو هناك في الكون ؛ يضع المهتمين من المفكرين والباحثين أمام تلميح قوي وإشارة واضحة إلى وجود غيرنا من العوالم ! ، ويدلهم بشيء من الغرابة إلى أن العنصر البشري مازال قاصراً عن فهم " شيء ما " من الكون ؛ شيء ربما غير مصير تطور كوكبه إن عرفه واستفاد منه كما يجب ! . ونرى أن هذه التصورات الحضارية التخيلية تقود المفكر أو المتأمل عنها إلى عالم أوسع وأرحب من العالم الواقعي الحالي ! ، ثم تثير فيه شيئاً كامناً خيالياً يحلق به إلى البعيد والبعيد ! ؛ ربما فهم عالمه من زاوية تصورية من عوالم أخرى ! . 3 – المخلوقات الأخرى : خلق الخالق تعالى ما شاء من خلق في وجوده الخلقي ، وهذه الخلائق كثيرة جداً ومتعددة ، وإن كان أكثرها – كما يعرف أكثر البشر – مخلوقات جمادية مادية . ولكن لإيمان أكثر البشر بوجود مخلوقات خفية تعيش معهم في الكيان الكوكبي الأرضي تـُعرف بـ " الجنّ " بمسمى عام ؛ تجد في أكثر قصص الخيال العلمي إيحاء لوجود مخلوقات غير الجن في العالم الأرضي ، مخلوقات من عوالم أو أبعاد أخرى مجهولة عند البشر ! ، ولعل بعص المشاهدات الحقيقية الموثقة التي رؤيت في بعض دول العالم الأرضي عن أجسام طائرة أو أطباق فضائية مجهولة الهوية وغريبة الشكل والتصميم هي أحد " الشرارات الفكرية " التي تدفع أدباء الخيال الأدبي إلى إنتاج غير محدود لقصص وروايات فيها هذا العنصر الروائي العجيب !! . وكم هي كثيرة ومتنوعة هي هذه المخلوقات الغريبة ! ؛ التي تـُتـَصَوَّرُ بشتى الهيئات والأشكال والأوضاع الشاذة والعجيبة ! ، ففي بعضها نوع من الرعب والشذوذ الشكلي عن هيئات البشر ، ومنها نوع فيه تشابه قريب من الصور البشرية ، وبعضها له نوع شيطاني مخيف في صورته ، في حين تجد نوعاً آخر منها له صورة أثيرية أو سحابية أو دخانية يمكن أن تتشكل هي الأخرى بصور أخرى ! ، وفي بعضها كذلك بعض اللمحات الكوميدية المقصودة في كل أو بعض أعضاء المخلوق ( قرونه ، عينه أو أعـيُنه ، بشرته ، رجله ، يده ، لسانه ، أنفه ) هذا على سبيل المثال ! . وما يزيد الأمر تعقيداً وإثارة في فكر القارئ أو المشاهد لما يتعلق بهذه المخلوقات ؛ هي أنها رغم هيئاتها المخيفة أو البشعة – بالنسبة لنا أو كما تظهر لنا – يجد أن لها " عقلاً " تفكر به كالإنسان ، وقد يكون " مستوى " هذا العقل لها يفوق مستوى عقل الإنسان أو يماثله أو دونه ؛ مع ملاحظة أن أكثرها في روايات الأدب الخيالي لها طابع فكري عدواني أو وحشي سادي في أكثر الحالات ! ، ما يجعلك تتصور أحياناً أن كل مخلوق غير بشري يعادي البشر ! ؛ وذلك طبعاً حسب نوع وإتجاه القصة وتكتيك أحداثها المثيرة الغامضة ! . وأحياناً تجد في حيثيات القصة أن منها مايصادق البشر ويعاون الإنسان بخصوص مواجهة مخلوقات أخرى شريرة أو بخصوص أمر آخر ! . والمصدر البديهي لهذه المخلوقات في هذه القصص – غالباً – هو من الفضاء الكوني ، من أحد المجرات أو الكواكب القريبة من مجرتنا أو من مجرة أخرى ! ، وإذا كانت من العالم الأرضي البشري فستجد في آخر الأمر أن لها أصلاً كونياً وليس أرضياً ! . نرى في تفاصيل هذه القصص أن هذه المخلوقات تجيد " الإختباء " في عالمنا الأرضي ، في اليابسة ، أو البحار ، وقد تــُكـْتـَشـَف أو تكشِف نفسها بسبب حدوث أمور غامضة ترتبط بها أو تتسبب فيها ، وإذا حصل ذلك تحدث تلك المواجهات والمغامرات الروائية التي لاتستطيع التكهن تماماً عن نتيجتها وآثارها ! ، فقط ترى شريط أحداثها مموّج مختلط ببراعة روائية ، وحذق أدبي ، وترتيب خيالي ؛ يعطي القصة بعداً غامضاً مشوقاً ! . " وأسباب " وجود مثل هذه المخلوقات الخيالية في عالم البشر – حسب فكر ورأي الروائي في قصته – هو أن منها ما كان موجوداً في الأرض منذ آلاف السنين – او أو ملايينها – خـُلِـقَ فيها أو أتى من مكان ما من الكون إلى الأرض ! ، أو أن منها ما أتى لغرض كبير مخيف هو غزو العالم الأرضي ( بكل ما له وعليه ! ) ، أو أتى لغرض علمي أو إختباري بحت ! ، وغير ذلك من أسباب منطقية خيالية تحتاج لتصور قوي بارع من فكر خيالي خلاق عن سبب وجودها في عالمنا الأرضي ! . وتـَصَوُّر أمور تخص هذه المخلوقات الخيالية – إن كانت في الأرض أو الكون – في قصص علمية أو خيالية يحتاج إلى إستحضار ذهني غير عادي عن كيفيات غريبة وأحوال عجيبة يمكن أن تتعلق بها روائياً !! .. 4 – القدرات الباراسيكلوجية : " الباراسيكلوجيا " أحد العلوم الحديثة التي ظهرت في أوائل القرن العشرين – ولكن أساسياته ومبادئه تعود الى عصور موغلة في القدم – والتي تعتني بمعرفة ودراسة الظواهر الخارقة والفوق الطبيعية والغير عادية التي تحدث بين البشر وتصدر منهم على شكل قدرات غريبة تفوق المعتاد ؛ على معنى أن في البشر " فئة نادرة " قليلة تبرز فيها مثل هذه الأمور الخلقية ؛ التي تحاط في أكثر الأحيان بضباب اللامفهوم . وهذا العلم الحديث " يحاول " أن يصنف مثل هذه الأمور الغريبة البشرية ويرتبها موضوعياً ، إلا أن هنالك " صعوبة حقيقية " تعترضه لبلوغ ذلك بشكل تام ، وذلك بسبب ضباب " المجهول واللامعلوم " الذي يحيط حول هذه القدرات ويَحُولُ دون معرفتها بشكل واضح مقنع ؛ بشكل يجعلها في متناول سيطرة البشر وبوضع يرضي طموحهم بها ! . " إن الإنسان من أعجب المخلوقات الإلهية ؛ بما أودع الله سبحانه فيه من أمور وأشياء تستعصي أكثر الأحيان على فهمه هو نفسه ! " . فمن التخاطر العقلي ، إلى الحاسة السادسة ، فالتنبؤ ، وقراءة الأفكار ، وتحريك الأشياء عن بعد بتركيز عقلي ( أو نفسي روحاني ) ، ومعرفة ماحصل في الماضي في مكان ما من أحداث " بشكل غير عادي " ؛ حتى الإتصال بأرواح الموتى يقظة ! ، وغيرها . وكل هذه الأمور إلى الآن لم تــُعرَفْ ماهيتها بالضبط بشكل قطعي مع وجود مئات – أو ألوف – الأبحاث العلمية في مدى إمتداد العالم الأرضي عنها ؛ لمحاوله إدراك قعرها المعلوماتي ! . إن معرفة مثل هذه الأمور الغامضة العجيبة التي يفعلها بعض البشر إرادياً أو لاإرادياً ؛ من مصادرها العلمية المتخصصة يحتاج من الدارس أو الباحث لها أن يكون إدراكه وفهمه العلمي رفيعاً ، أي أن يكون فوق المستوى العادي الثقافي ، ولكن ليس كل الناس لديهم تلك الثقافة العالية أو المركزة للمعرفة الكافية لهذه الأمور ! ، ومن هنا كانت قصص الخيال العلمي " وسيطاً ذكياً " في إفهام المثقفين العاديين ومن دونهم لهذه القدرات البشرية العجيبة ؛ عبر أسلوب روائي خيالي مدروس يثير إنتباه الفكر لفهمها أو لفهم شيء أساسي عنها ! . أما فوق المثقفين أو المتخصصين أو الباحثين لهذه القدرات البشرية العجيبة فقصص الخيال العلمي تقدم لهم بعض التبريرات شبه المنطقية أو المساعدة لمعرفتهم عنها ؛ في سبيل الوصول لتصوّر محدد بشأنها . فتجد في بعض القصص العلمية الخيالية مثلاً : شخصاً يطيح بخصومه بلا رحمة بدون لمسهم بقوة عقلية فائقة ! ، وآخر يتجسس على معلومات وذاكرة العقول ! ، وذاك يتصل بآخر عقلياً من مسافات بعيدة ! ، وآخر يحوّر أو يغير شفرات وأكواد كمبيوتر مركزي عملاق لصالحه وبدون أي جهاز وسيط ! ، وآخر يسيطر على إنسان أو حيوان بنظرات عينيه المركزة – التي فيما يبدو تغوص داخل عقله أو نفسه الشعورية – ولا يملك الطرف المُسَيطــَر عليه من ذلك فكاكاً ( تنويم مغناطيسي فائق ) ! ، ومثل ذلك ، بشكل يلمح إلى أنه في الإمكان ( بشكل ما ) أن يفعل إنسان ما مثل ذلك أو قريباً من ذلك في حالات خاصة – وذلك طبعاً حسب درجة الاستعداد النفسي والتقبل الشعوري الروحي للشخص الموهوب بها – فأوضاع هذه الأمثلة القليلة عن هذه القدرات البشرية الخارقة شيء غريب ، نادر ، مثير ، يثير التعجب والرهبة في آن واحد !! . ولتقريب الصورة إلى الأذهان أكثر ، لك أن تتصور أن شخصاً ما يواجه سوبرماناً بشرياً ؛ أو قل " عفريت بشري " يمتلك قوى جسدية خارقة للمألوف إلى حد أسطوري مخيف ! ، فيقتلع حجارة ضخمة تفوق وزنه أضعافاً مضاعفة ؛ ويلقيها بكل بساطة على ذلك الشخص المنكوب ، الذي – وبدون أي شك – سيطلق كل قوة ساقيه لأيــَّةِ رياح فراراً من غول بشري يستطيع تمزيقه في لحظات كورقة مسكينة عفا عليها الزمن بيديه العاريتين !! . وبرغم بعض المبالغات فيما ذكِر ؛ إلا أن مجرد تصورها في نفس وفكر القارئ أو المشاهد – أو حتى المستمع – يجعله يحتمل وجود شيء مثل ذلك بصورة أو بأخرى ، على أساس " شيء يشبه الشيء ! " . والتصورات البشرية الخارقة والفائقة في قصص الخيال العلمي تحتاج إلى : دراية أساسية عن القدرات البشرية الفوق الطبيعية ؛ مع بعض التعليلات والإفتراضات غير العادية بخصوصها ؛ مع مراعاة أنها " شيء وهبي " في حقيقته ؛ وعدم وضعها في قوالب تفسيرية تعارض جوهرها الخلقي . 5 – الغزو الفضائي والإحتلال الأرضي : حروب وإحتلالات وغزوات كثيرة جرت في عالم الأرض عبر إمتداد التاريخ البشري ، ومع الطفرات والتطورات المرحلية الزمنية في الحِقب والعصور أخذ شكلها ووضعها يختلف من صورة إلى أخرى ، إلا أنها كانت كلها بسبب الإنسان وبين البشر ، وفي كل هذا كانت الأرض تتعرض لأخطار " جزئية " في أحد أو بعض قاراتها أو دولـِها ! . قصص الخيال العلمي تعدَّت ذلك ، إلى حد أن كوكب الأرض بأكمله يكون في خطر " كلــّي " من نفس الأرض ؛ بسبب " إنسان " دكتاتوري متسلط تصور له طموحاته المسعورة أن يحتل أو يسيطر على عالمه ! ، أو بسبب " غزو فضائي ما " من مخلوقات فضائية فضائية متفوقة علمياً وتقنياً على البشر ! ؛ تأتي من غياهب الكون الفسيح لتحتل عالم الأرض جميعه !! . وإن كان في بعض هذه القصص العلمية الخيالية " سبب " داخلي أرضي أو خارجي فضائي لغزو الأرض ؛ فإنك تلاحظ التصاعد الدرامي للأحداث في القصة والمغامرات والمخاطر المتعددة فيها ؛ التي تتدرّج في ذكاء روائي أو إخراجي مترابط ؛ وصولاً إلى الأحداث الساخنة المحورية فيها ، التي يحاول فيها الكاتب أو المخرج أن يوهم ويقنع القارئ أو المشاهد بقرب سقوط كوكب الأرض بالفعل في قبضة الغازي ! ، إلا أن أكثر هذه القصص تكون نهايتها نجاة الأرض من شرور المحتل ؛ حسب ظروف القصة ونوع بدايتها ! . ولايقتصر الحال طبعاً في هذه القصص على إرادة إحتلال الكوكب الأرضي والسيطرة عليه ! ؛ بل يخبرنا مؤلفها في أحداثها التي تحبس الأنفاس أن المحتل أو الغازي يمكن أن يقود الكوكب الأرضي ( بكتلته ومساحته وضخامته وتضاريسه ومخلوقاته ! ) إلى الهلاك والفناء المحقق ! ؛ إما إنتقاماً مجنوناً مبيتاً ! ؛ أو عجزاً عن تحقيق رغبته المريضة في السيطرة على كل هذا العالم ! ؛ وذلك من خلال خطة تدميرية شاملة يمكن بها أن يحصل الفناء لكوكب الأرض !!! . بلا شك أن الكاتب أو المخرج لذلك النوع من القصص يبرع في تصوير تلك الشخصيات الغازية ، ويبرر ويبرز أهدافها بشكل ملفت ، ويجعلها تبدو أسطورية أو شبه أسطورية في أدائها القصصي ! ، وكم تكون عواقبهم وخيمة ! ، فكثيراً ماينقلب الحال عليها في نهاية القصة بأسلوب كارثي مأساوي ؛ يرتاح القارئ أو المشاهد له وبحدوثه للمجرم ! ؛ طبعاً بعد تضحيات ومغامرات مهولة ومواجهات خطرة جداً يشيب لها شعر الرأس تكون لأبطال القصة مع المجرم وزمرته ! . والتصورات القصصية والإخراجية عن غزو أو إحتلال الأرض تحتاج إلى : تفخيم وتضخيم معنوي في أسلوب القصة بما يتعلق بأداء المجرم أو البطل ، وكذلك إلى التعميم القصصي بجعل حوار القصة ينصب على أن كوكب الأرض جزء من منظومة شمسية صغيرة كونية من محيط الكون الهائل ! ؛ وذلك لجعل القارئ أو المشاهد يتصورها من منظور كوني بعيد ! ؛ إذ ذلك يجعله يستوعب أكثر معنى " ماهية " غزو وإحتلال عالم الأرض أو فنائه ! . وفي هذه التصورات المذكورة " تلميح وتذكير ما " بخطر النزعات البشرية السادية الأنانية ؛ التي تعادي الإنسان ، وتريد إبادة كل إنسان ، وتهدد كيانه وحياته على كوكبه الأزرق المسالم ؛ بسبب " رغبات " في نفوس معتـلــّة حصولها في عالم الواقع لحسن الحظ هو في حكم المستحيل ! . 6 – الآلات والمعدات التقنية بالغة التطور : على مدار العقود الماضية إخترع الفكر البشري الآلاف من الأجهزة والآلات والمُعدات في مختلف النواحي العَمَلِية والعِلـْمية ، وما زال " التطور " يقف بالمرصاد لدعم تلك التوجهات الإختراعية البشرية ، يضاف معه " الطموح الكبير " لأن يرتاد بني البشر مجالات تطبيقية وعلمية بالآلة كانت ولا تزال أبوابها موصدة وبعيدة عن سيطرة الإنسان ! . ذلك العجز لوصول الإنسان إلى " مستوى أسطوري تقني " حَوَّل تفكير بعض الأدباء ذوي التوجهات العلمية المستقبلية إلى " صياغة " تلك المفاهيم المستحيلة وشبه المستحيلة العلمية ؛ بأسلوب قصصي أدبي خيالي ! ، حيث تزخر قصص الخيال العلمي بالكثير من الأمثلة عن وجودٍ " إفتراضي " لآلات فائقة جداً في أدائها التقني ! . ولأن هنالك أموراً علمية تبرز شيئاً فشيئاً في الوسط العالمي هي بين " النظرية " و " التطبيق " من حيث صحة منطقها النظري وصعوبة أو إستحالة تصميمها التطبيقي الواقعي ؛ فإن هذا النوع من القصص العجيبة وفــَّر لها " أرضية " ومساحة تصورية إفتراضية ليقترب الفكر الإختراعي منها أكثر وأكثر ؛ لعل ذلك يجعل هذه الأمور العلمية تقترب من مستوى التطبيق الفعلي ! . إنك لتتعجب وأنت بين سطور وتفاصيل ومشاهد أحدى هذه القصص من شيء أسمه " آلة الزمن " ، تلك الآلة التصورية الخيالية التي تغازل بعض الأفكار ؛ التي بإستطاعتها نقل راكبها أو ركابها أو من يكون محاطاً بها إلى أمام أو خلف الشريط الزمني من نقطته الزمنية الآنية ! ؛ بالإضافة إلى وظيفة النقل المكاني ! ؛ ليجد نفسه في مكان وزمان آخر ؛ وربما هناك في مكان آخر في أغوار الكون !! . وأين القارئ أو المشاهد في هذه القصص من " الإنتقال الآني " ، تلك التقنية الخيالية التي تنقل " ذرَّات " جسمك المادي في لحظة واحدة من آلة الإنتقال ( الإرسال الذري الحيوي ) إلى مكان آلة أخرى وظيفتها عكس وظيفة الأولى ( الإستقبال الذري الحيوي ) ! ؛ وأحيانا مع إغفال ذكر كيف تعود الذرات في الآلة الثانية إلى حالتها الطبيعية !! . وهنالك بالطبع الكثير من مسدسات ومدافع " الليزر " ( أحد أركان تطور العلم الحديث ) في العمليات الأمنية والعسكرية والمخابراتية والفضائية في تفاصيل هذه القصص ! ، فهي غالباً " صامتة " وليست مُدْوية مثل أسلحة هذا العصر ، وطلقاتها وقذائفها أسرع بكثيرجداً من طلقات وقذائف أسلحتنا الحالية ! ، ولكن بسبب " خاصيتها " الضوئية الشعاعية تستطيع " مرآة " طفولية مرحة أن تشتت أو تغير من مسارها الشعاعي المميت ! ، ولكن أيضاً فعلماء ذلك العصر لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الظاهرة الفيزيائية الطريفة ! . وربما أخترع أحدهم في لحظة حظ وتفاؤل شعاعاً خاصاً يضحك من خاصية التشتيت العاكس الضوئي هذه ! ، أقول ربما !! . ولاتنسى ! ، ففي هذه القصص الخيالية العلمية " مركبات فضائية " ذات سرعة هائلة ، وتطوّر مخيف ، وشكل رهيب ، وتصميم عجيب خارق ، وضخامة تثير الحيرة ! – بعضها طبعاً تيسربسرعة الضوء ! ( ألم أقل لك أنه خيال علمي ! ) – وللأسف فبعضها أذكى وأروغ من ذلك ؛ حيث تختصر مسافات هائلة جداً عبر الكون بواسطة الفجوات الكونية أو " الثقوب السوداء " ( يعني .. دروب فضائية مختصرة ، طبعاً لاتسألني كيف هي أو أين ! ، أنا شخصياً أحاول إستيعاب ماهيتها ) ! . وهذا غير السيارات الصاروخية ( التي تشبه صاروخاً ذكياً يمشي في الشوارع ) ، والساعات الذرية ( طبعاً ممنوعة من الخلل الزمني مهما وصلت كمية الأصفار ) ، والحواسب الآلية ( والتي تختلف عن كل كمبيوترات هذا العصر قلباً وقالباً وربما وصل عدد معالجاتها المركزية " السي بي يو " للكمبيوتر الواحد إلى أكثر من 100 معالج مركزي صغير مجهري في نفس الوقت ؛ أقصد في نفس جزء من بلايين الأجزاء من الثانية !!! ) ، والمُدن الفضائية ( مدن ضخمة طائرة تمرح كما يحلو لها في الفراغ الفضائي ) ، والروبوتات الآلية شبه البشرية ( التي تـُسَيـِّرُها أقوى وأعقد التقنيات البرمجية ) ، وغير ذلك من آلات عجيبة ومعدات خاصة ذات غرابة في شكلها ووظيفتها المعقدة والمتنوعة ؛ تظهر حسب الطلب في أي موقع في القصة حسب نوع الحدث ! . والتصورات التقنية والآلية غير المحدودة في قصص الخيال العلمي تحتاج إلى : سعة غير طبيعية في تخيلها ، وذكاء تقني نادر ، ومعرفة عميقة عن المفاهيم التكنولوجية ، وأمل مستقبلي قوي ، وإتجاه تجديدي متميز ! . 7-– التجارب العلمية : هنالك علوماً كثيرة تـُعرَف بالتطبيق التجريبي بما يتعلق بها ؛ وذلك من جهود علماء متخصصين أو جهات علمية مختصة ، وهذه التجارب نوعان : مضر ، ونافع . وفي كلا النوعين للتجارب العلمية تكون عملياتها محاطة بغطاء أمني خاص سري لضمان عدم تسرب نتائجها المصيرية لجهات عدوّة أو يخشى منها ؛ أو جهات تسبب نوعاً من العراقيل بخصوصها ! ، وهذا بخصوص التجارب المدعومة " حكومياً " . أما بخصوص التجارب العلمية " الشخصية " ؛ التي يجريها أحد العلماء أو مجموعة منهم بدون علم الدولة ومؤسساتها الحكومية فهي تجري بالخفاء بعيداً عن أنظار الدولة ، ويمكن بشكل أو بآخر أن تصل إلى يد الدولة أو في يد دولة أخرى حسب توجّه من قام بها ومبدئه ! ، وأحياناً لاتقع نتائج أبحاثها هنا أو هناك ، بل يحتفظ بها القائمين عليها لأسباب خاصة ! . إلا أن طبيعة مثل هذه التجارب وما يصاحبها من أهمية وسرية يجعلها تخوض في أمور علمية عويصة أو نادرة أو خطيرة أو محورية ؛ مثل الأبحاث : الوراثية ، والبيولوجية ، والفضائية ، والباراسيكلوجية ، والنووية ، والحربية ، والجيولوجية ، والطبية ، والإليكترونية ، والفيزيائية ؛ وغيرها مما هو في درجة أهميتها البشرية العلمية والعالمية ! . " وخطورة " هذه الأبحاث والتجارب العلمية المختصة تكمن في " نتائجها المصيرية " ، التي يمكن أن تنفع البشر إذا اُحسن إستغلالها ، وبالمقابل يمكن أن تضر البشرية إذا اُسيء إستخدامها ؛ لأن العلم هو نفسه سلاح ذو حدين على حسب ووعي مستخدمه ! . وتــُصوِّرُ للقراء أو المشاهدين بعض قصص الخيال العلمي جوانب مختلفة ومتعددة من النتائج العلمية التجريبية والبحثية " الإيجابية والسلبية " – وإن كانت في معظمها تركز على الجانب السلبي – حيث تظهر في حيثيات القصة " الدوافع البشرية " الخيّرة والشريرة لتلك التجارب والإختراعات ؛ مابين فئة تريد الخير لبني البشر من نواتجها ، وأخرى تضمر الشر لتفعله بواسطتها ! . ويلاحظ القارئ أو المشاهد للقصص المذكورة بخصوص هذا الجانب المهم أن فيها " نداءً خاصاً " لِلـَجْم أطماع البشرية التي لاتنتهي ؛ التي قد تقود فئة منها إلى الإضرار بالباقي على حسابها ! ، وأن كان فيها كذلك بعض التصورات المتفائلة في رقي مستوى البشر في طفرات كبيرة متسببة من جهود خيّرة مخلصة في تلك المجالات العلمية التي تــُطبَّق في أرض الواقع ! . والتصورات العلمية عن نتائج تجريبها في قصص الخيال العلمي تحتاج إلى : تفهُّم خاص لطبيعة التجارب العلمية التي تحدث في أماكن مختلفة في أرض العالم ، وإلى فهم آلية النفس البشرية الراغبة نفسها ومدى طموحاتها وأهدافها ، وإلى إجادة نشر الوعي الفكري في أهمية المعرفة عن إتجاهات التجارب العلمية ، وكذلك إلى إتساع المدى الفكري في العمل الأدبي التوعوي . 8 – المغامرات : هنالك أمور تحدث ذات أهمية قصوى ، تحتاج إلى نوع خاص من " التحرّك " تجاهها ، في سبيل الوصول إلى " نتائج " حاسمة بشأنها ، وهذا التحرك في هذه الحالة يأخذ شكل الجرأة والعزم للوصول إلى تلك النتائج . فتجد في كل القصص العلمية الخيالية نوعاً ما من المغامرة والمخاطرة ، بخصوص " عناصرها " القصصية ، وتكون غالباً ذات طابع تدريجي أو تسارعي ؛ يجعل القارئ أو المشاهد في حالة من الإثارة الداخلية التي ربما انسجم معها بشكل ما ، فللمغامرة وِقع خاص في النفس يشعرها بمعنى الكفاح لأجل فعل شيء أو الحصول عليه ! . ولا تسأل عن أنواعها وأوضاعها المتعددة ؛ التي يتفنن الأدباء أو المخرجين في صياغتها بصور شتى ! ، ففي أي مغامرة في مثل هذه القصص الشيقة تلاحظ أن النفس البشرية – مُمثلة مثلاً في شخصيات أبطال القصة – تحاول بعدة صور دحر الخطر الذي يهدد مايتعلق بها ! ، وتلاحظ كذلك كيف يحاول الإنسان الإحتفاظ بحياته والفرار من الهلاك قدر طاقته ! ، وربما واجه الخطر أو تصدى له لحماية غيره أو نفسه ! . والتصورات في قصص الخيال العلمي عن مغامراتها تحتاج إلى : حذاقة الكاتب المؤلف أو المخرج في تراكيبها اللفظية المؤثرة المعنوية ، وإلى إيجاد المخرج المنطقي القصصي للبطل ومعاونيه أو بعضهم ، وإلى إجادة الصياغة التعبيرية التصويرية لأحداث المغامرة ، وإلى وضع نهاية مأساوية مناسبة للمجرم ومعاونيه ، وإلى إدراج اللمحات المناسبة فيها التي تحوّر أو تبعد فكر القارئ من معرفة حقيقة نهاية المغامرة ، وأيضاً إلى إدراج جوانب درامية عاطفية وشعورية مؤثرة في أحداثها المتغيرة . 9 – الألغــــــاز : " الشيء " الذي لايعرفه الإنسان أو يجهله قد يثير في عقله التساؤلات في سبيل فهمه أو معرفته ، ولكن هنالك " أشياء " تحدث ليس لها تبريراً واضحاً قريب من الفهم ! . والغوامض والمجهولات – كما يبدو – هي أكثر من المدركات المعلومات ، ورغم " كثرتها " إلا أنها تظهر أحياناً في عالم الإنسان المادي بشكل رمزي ، لتتحدى أو تغير بعض ما ألِفه من فهموم وعلوم ! . " واللغز " وما يتفرع منه من غموض ، وأسرار ، وأحاجي ٍ ، ومبهمات ، وخفايا ، وغرائب ، وعجائب ، ومجهولات ؛ هو من أكثر الأمور التي تحير فكر الإنسان وتثير فضوله ، وقد يثير فيه هذا اللغز كوامنه العقلية والإنسانية الفطرية ذات المستوى الفائق ( مواهبه ) ليسبر أغواره ويفهمه بشكل واضح أو معقول ! ، أضف إلى ذلك أن " الغموض " ومترادفاته اللغوية هو عامل جذب قوي للنفس البشرية المفكرة والمتسائلة ! . وكثيراً ما تبدأ " مرحلة اللغز " في أحد قصص الخيال العلمي في بدايتها ، أو وسطها ، ومن النادر أن تكون تلك المرحلة في نهايتها – إلا إذا أراد الكاتب أن تكون " شرارة " فكرية قصصية لما بعدها من قصص ! – ثم تبدأ الحيثيات الأخرى والأحداث في القصة ذات العلاقة بهذا اللغز لإكتشاف معانيه وفهم ماهيّته ! . ويرى القارئ لمثل هذا النوع من القصص العجيبة أن " حـَلَّ اللغز " فيها يكون في أكثر الأحيان بأسلوب غير عادي أو غير متوقع ! ، وقد يكون جواب اللغز فيها : إنساناً ، أو مخلوقاً من عالم أو بُعد آخر ، أو مؤامرة أرضية أو فضائية ، أو حتى نظرية علمية يصعب فهمها تكون من وراء أحداث القصة بغموض ساحر وتعقيد فكري جذاب !! . وغالباً ما تجد في السياق القصصي لقصة من هذه القصص أن بعض حلــّها يظهر فيها في " حوار كلامي " يشبه العادي من الكلام ، أو في تلميحات مقصودة من المؤلف الأديب في أحداث معينة فيها ؛ تمهّد للفكر تدريجياً لكي يستوعب القارئ " حلَّ اللغز " ، الذي يكون هو الآخر غالباً بعيداً عن الأذهان !! . والتصورات الغامضة واللامفهومة في قصص الخيال العلمي على شكل ألغاز تحتاج إلى : إستطاعة روائية خاصة في الإيهام والإبهام ، وإلى إجادة إيجاد التعقيدات الفكرية المعنوية ووضعها في سياق القصة بشكل لامحسوس ( بخصوص اللغز ) ، وإلى إحاطة لغز القصة بجوانب مثيرة ومرهبة ومصيرية ! . 10 – المفاجــــأءات : كل شيء لايـُتــَوَقــَّعُ حدوثه هو " مفاجأة " ، ولها أثر خاص في النفس بأي أنواعها ، وهي الشيء الذي يحدث على غير توقع وبدون أي سابق إنذار . وهي من ضمن أساسيات الجوهر القصصي في قصص الخيال العلمي ، حيث تظهر بشتى الأنواع والأوضاع فيها ؛ بشكل يعطي القصة بعداً رائعاً مؤثراً . فيجد القارئ لها في سياق أسلوبها أحداثاً تبدو إعتيادية ، ومايلبث أن يرى فيها دخول " أحداث أو عناصر قصصية " غير مرتقبة وغير متوقعة ؛ يكون لها دوراً خاصاً أو محورياً في متن القصة ، وبالطبع يكون تأثيرها في القصة هو الآخر غير عادي كذلك ! . وفي المفاجأة القصصية نوع من التجديد ، ومسحة من الإثارة والتشويق ؛ مع شيء من الترقب عن حدوث تداعياتها وآثارها ؛ كونها تحمل معها شيئاً مجهولاً للقارئ يؤثر في مسار القصة ! . ويتفنن أكثر الأدباء ذوي الإتجاه العلمي غير العادي في تنويع " نوع المفاجأة " في القصة ، فيجد القارئ نفسه أمام مفاجأة غير مرضية لأبطال القصة ؛ وما يلبث مع تسلسل الأحداث فيها حتى يجد نوعاً آخر من المفاجأءات المفرحة أو الإيجابية التي تدعم أبطال القصة لينسى القارئ تلك المفاجأءات السلبية التي حصلت ! ، وأحياناً يبرعون في صياغة سلسلة من المفاجأءات المختلطة أو المعينة في أسلوب القصة ؛ ليجد القارئ نفسه تتذبذب هنا وهناك جيئة وذهاباً مع أحداثها المختلفة ! . والتصورات التي تكون في قصص الخيال العلمي التي تعني بالمفاجأءات تحتاج إلى : قوة الإبداع الروائي ، وإلى إجادة المزج الروائي بين العادي وغير العادي عبر أحداث قصيرة وسيطة ، وإلى البراعة في إدراج عنصر المفاجأة في أحداث وفصول معينة في القصة ، وإلى توقع الكاتب أو الأديب لما يمكن أن تستشعره نفس القارئ في حدوث المفاجأءات القصصية ! . 11 – الأدوات الإحترافية الأدبية : يحتاج الأدباء والمؤلفين والكــُتــَّاب في صياغة كتاب أو مقال أو موضوع إلى " أساليب " تأليفية أو روائية خاصة ؛ تحافظ على " جوهر " الفكرة أو القصة من جهة ؛ ثم تستطيع من جهة أخرى إيصال المعنى أو المفهوم النصي إلى فكر القارئ بعدة أساليب فكرية معنوية . والمواضيع العلمية وغير العادية منها إذا اُريد صياغتها في قالب أدبي قصصي فتحتاج إلى إبداع خاص وجهد إضافي من الأديب الكاتب ؛ لتوضيح الجانب " العلمي " في أرضية " أدبية " حوارية ؛ قد تكون فيها مؤثرات خيالية نابضة ! . فأساليب : التشويق ، والإثارة ، والإغماض ، والتشبيه ، والتأثير النفسي ، والربط المعنوي ، والتدرّج المرحلي ، وإتفاق الأحداث ، وتناقض المصالح ، والصراع بين الخير والشر ، وتوافق الرغبات ، وانسجام التوجهات ، والتعليلات ، والإفتراضات ، والمحادثات ، ووصف التعابير الشعورية والشكلية لعناصر القصة ؛ وغير ذلك ، فكل ذلك في الأعمال الأدبية المميزة تحتاج إلى : سمو فكري راق ٍ ، وحس أدبي فائق ، وموهبة خاصة أدبية ! ، وذلك مايجعل التصور الفني والعلمي لها خانة المرغوب والمفضل لدى كل قارئ ,, //// ( خاتمة ) \\\\ ماذِكر في هذا الموضوع عن الخيال العلمي هو محاولة جادة مني لعرض " نقاط مهمة محورية " عن أمور أراها مهمة في أدب الخيال العلمي وتشعباته الموضوعية المختلفة ، كون ذلك يسهم بشكل ما في تجميل وتحسين التأليف والإبداع الروائي في وطننا العربي الحبيب ، ويسهم أيضاً لأن يعرف الإنسان جوانب أخرى غامضة أو غير عادية في عالمه الرحب الذي هو من منظور آخر عالم صغير جداً في الكون . وماذكِر كذلك هو رسالة شكر ومودة لكتابنا وأدبائنا العرب الذين أخلصوا لنا بأقلامهم الرائعة المبدعة ، وبآرائهم الهادفة السامية . وأشكر كل من قرأ هذا الموضوع وفهمه أو فهم شيئاً منه ، والحمد لله رب العالمين ،، |
موضوع رائع اخي و قليل من يفهم كلامك هذا أشكرك جزيل الشكر على مشاركتنا به مع خالص سلامي لك ak-spl |
الساعة الآن 08:29 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
شبكة ليلاس الثقافية