![]() |
لمسة _ د-نبيل فاروق
لـمـسـة
بقلم : د.نبيل فاروق ***** لا بد أن نفترق .. انتفض كريم فى دهشة , وهو يحدق فى وجه شهيرة , بعد ان نطقت هذه العبارة , وارتجفت الكلمات على شفتيه , وهو يغمغم : - ماذا يا شهيرة ؟ قالت فى عصبية : - نفترق يا كريم .. هذا هو قرارى الأخير تطلع إليها لحظة فى ارتياع , فتابعت وهى تتحاشى النظر إلى عينيه : - لقد فكرت فى امرنا جيدا , ووجدت ان علاقتنا غير منطقية , فأنا أكبرك بعام كامل , وأدرس فى كلية عملية , فى حين تدرس أنت فى كلية نظرية. قال فى أسى : - ولكننى سأحصل على شهادة الليسانس هذا العام , ويمكننى التقدم لخطبتك , فور حصولى على عمل مناسب , و ... قاطعته فى توتر : - مستحيل يا كريم .. مستحيل ! ارتجفت شفتاه وهو يقول : - ولكننى أحبك تنهدت قائلة : - أعلم هذا قال فى شئ من الرجاء : - وأنت تحبيننى هتفت فجأة : - هذا لا يكفى .. إنك تتحدث على نحو عاطفى بحت , أما أنا , فأفكر بشكل عملى منطقى .. كيف يمكننا ان نتزوج ؟.. ومتى ؟.. لقد حسبت الأمر بعقلى , ووجدت أن زواجنا مستحيل ! |
رد: لمسة _ د-نبيل فاروق
قال فى عصبية :
- الإنسان لا يحسب كل امور الدنيا بعقله قالت محتدة : - خطأ .. الإنسان الذى لا يحسب كل الامور بعقله , هو إنسان فاشل , فالعاطفة وحدها لا تقيم حياة سعيدة . قال فى توتر : - ولا العقل وحده نهضت فى حزم , وهى تقول : - ليس هذا ما أؤمن به . وحملت حقيبتها مستطردة : - وعلى أية حال , لست هنا لمناقشة الأمر .. لقد اتخذت قرارى .. الوداع يا كريم . هتف بها وهى تبتعد : - شهيرة .. إننى أحبك . ولكنها لم تتوقف .. ولم تلتفت إليه .. لقد اسرعت تبتعد , بكل ما تملك من قوة , وكأنها تفر من صوته , ومشاعره , وحبه .. نعم .. إنها تحبه .. ليس لديها ادنى شك فى هذا .. ولكن عقلها يرفض مثل هذه العلاقة .. يرفضها بشدة .. وطوال الطريق إلى منزلها , راحت تكتم دموعها فى إصرار , إلا أنها لم تكد تغلق باب حجرتها خلفها , حتى وجدت نفسها تبكى بحرارة .. لقد اتخذت القرار بمحض إرادتها .. وبمنتهى الحزم .. |
رد: لمسة _ د-نبيل فاروق
فلماذا تبكى الان ؟..
لماذا تشعر وكأنها قد انتزعت قلبها بيدها , ووطئته بقدمها , فسحقته على أرض المنطق والعقل ؟.. ولكنها لم تتراجع .. لن تتراجع ابدا .. ستعتصر قلبها .. ستدفن خفقاته فى صدرها , وتخفى آلامه عن وجهها , وتمحو حزنه من عينيها .. لن تستسلم أبدا .. أبدا .. وكجزء من قرارها , رفضت تماما التحدث إلى كريم , أو مناقشة أمر انفصالها عنه مع شقيقتها أو أصدقائهما المشتركين .. وفهم كريم الموقف .. وانسحب .. ومع انسحابه , لم تشعر بذلك الارتياح , الذى تصورت أنها ستشعر به .. لقد شعرت بالخواء .. شعرت وكانها أصبحت تحيا فى فراغ تام .. ولكنها قاومت .. وتخرج كريم من كليته النظرية , وسافر للعمل فى الخارج , فى حين انهمكت هى فى دراستها العملية , حتى نالت شهادتها بعده بعدة اشهر , والتحقت بالعمل فى مكان انيق معروف , قررت ان تصبح واحدة من قياداته , بعد سنوات قليلة , لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة .. |
رد: لمسة _ د-نبيل فاروق
وفى عملها , التقت بـ ( عارف ) ..
شاب طموح عملى تخرج من نفس كليتها , ويسبقها بعام واحد .. وعلى نحو مباشر , وبشكل عملى تماما , فاتحها عارف برغبته فى التقدم لخطبتها .. وحسدتها زميلاتها , على فوزها بقلب عارف , الذى يتوقع له الجميع مستقبلا مرموقا , فى هذا العمل بالذات .. ولكنها لم تشعر بالسعادة ... كان عقلها شديد الاقتناع بـ ( عارف ) , ولكن قلبها ما يزال هادئا , مستكينا , يتطلع إليه فى رصانة , وبشئ من اللا مبالاة .. إنها لم تشعر بخفقات قلبها قط , كلما التقت به .. لم تراودها اللهفة يوما لرؤيته .. ولكنها مقتنعة به تمام الاقتناع .. والعجيب انها لم تعلن له موافقتها على الفور .. لقد طلبت منه مهلة للتفكير .. ومنحها عارف المهلة .. منحها إياها فى هدوء وبساطة , ثم عاد ينهمك فى عمله , وكأنه لا يشعر بوجودها .. وكانت المهلة اسبوعا واحدا .. وفى سرعة , مضت ايام الاسبوع .. فجأة , وجدت أنها مطالبة بإعلان قرارها فى الصباح التالى .. والعجيب أن عارف لم يشر إلى المهلة قط طوال الاسبوع , ولكنه التقى بها , فى اليوم السابق لانتهاء المهلة , وقال فى حسم : - موعدنا غدا |
رد: لمسة _ د-نبيل فاروق
أجابته فى خفوت :
-بإذن الله تطلع إليها لحظة , ثم قال فى هدوء : - أريد جوابا حاسما وصريحا . تنهدت وقالت : - ستحصل عليه انصرف على الفور , دون ان يلتفت ليلقى نظرة اخرى عليها , فاتجهت إلى مكتبها , وراحت تعيد النظر فى كل ما يتعلق به .. ومرة أخرى , وافق عقلها بلا تردد على الارتباط به , وامتنع قلبها عن التصويت , وتركها حائرة مرتبكة .. وهتفت فى اعماقها : - ماذا أريد بالضبط ؟.. ألم اصر على الاستجابة لصوت العقل ؟ واتخذت قرارها فى حسم .. ستعلن موافقتها على الارتباط به .. ولن تنتظر الغد .. ستعلن موافقتها الآن .. فى هذه اللحظة .. ونهضت من خلف مكتبها فى حزم , واتجهت إلى باب الحجرة , وفتحته فى قوة , و .. وسرت فى جسدها ارتجافة قوية .. لقد وجدته أمامها مباشرة .. كريم .. كريم بشحمه ولحمه .. كريم بابتسامته الهادئة , ونظراته الدافئة الحنون .. |
الساعة الآن 04:04 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
شبكة ليلاس الثقافية