تائه لا ابالي
أوقف سيارتي في مكان الإنتظار المخصص للسيارات و أنا أستمع إلى صوت فيروز الدافئ الحزبن يدندن أسرح قليلاً في الأنغام ثم ما ألبث أن أطفئ الكاسيت ثم أتبعه بالتكييف و المحرك… أترجل من سيارتي و أنا أخطو ناحية الزحام من أمامي… أنظر إلى الوجوه اللامبالية من حولي و أتنهد في صمت… أكره الزحام… و لكني أحياناً أتمنى لو أستطيع أن أقذف بنفسي بين الجموع السائرة في شتى الإتجاهات بلا هدف… أن أتوه وسطهم… أن أتظاهر بأني مثلهم… أن أفنى و أتبدد… في سلسلة لا نهائية من التفاهات… أصارع هذه الفجوة التي تتسع بسرعة رهيبة بيني و بين المجتمع و الأهل و حتى الأصدقاء… أحاول الإندماج و أفشل كالمعتاد لينتهي بي المطاف بداخل عالمي الخاص… عالمي الملئ بالتأملات و الأفكار… عالمي الذي يفرض علي الوحدة… وحدتي… التي علمتني الأيام أن أعشقها… و أخشاها… أشتاق إليها… وأتمنى زوالها… أتوحد معها… و أذوب فيها… فأفقد حتى قدرتي على الصراخ……… أغرق في بحار من الكآبة…و أتساءل… هل الوحدة مرتبطة بالإكتئاب…؟ و لم الإكتئاب و قد إخترت وحدتي بنفسي و إتخذتها ملجأي من قسوة تجارب الحياة…؟ منتدى ليلاس الثقافي
هل ستطول كآبتي و إنعزالي عن الحياة…؟ لا أتمنى ذلك أبداً… و أبحث بكل حواسي عن طريقة للشفاء من علتي به وإحتياجي إليه… أكره ما حولني إليه… لست أدري كيف إنسقت وراء هذا الحب الأعمى و أنا الذي كنت أعطي دروساً في كيفية تحكم العقل بالإختيارات… كيف سلمته مفاتيح كياني ليعصف به كما شاء… و لكني كنت قد إكتفيت من إرتشاف الألم… وأخذت ما يفوق طاقتي من الإحتمال… وأعلنت التمرد على ضعفي وخضوعي له… أخذت القرار الصائب و رحلت نعم… وأعلم عن يقين أنني سأتجاوز محنتي… فكما يقال: “This too shall pass“… ولكن ما يحزنني حقاً هو عدم إستطاعتي رؤية الدنيا بمنظار وردي بعد الآن… شئ في داخلي تكسر… لم أعد ذلك الشاب الحالم المبتسم دائماً والذي كان يشع حياة و أمل و تفاؤل… تكدست بداخلي الهموم و الإنكسارات و لم أعد أستطيع حتى الإحتفاظ بالبسمة فوق شفتاي الحزينتين… أخلو بذاتي… أحدثها وتحدثني… أناجي تلك الأعماق السحيقة في داخل نفسي و التي لا تمل أبداً من لعب نفس النغمة على أوتار روحي بتساؤلها الدائم… أين ذهبت الأيام…؟ كيف إلتهمت الأحزان سنين العمر بهذه الضراوة…؟ ويعلو التساؤل الصامت… متى يكون الخلاص…؟ يعلو بداخلي حلمي القديم… أن أحلق بعيداً بعيداً في أعالي السماء تارك خلفي كل إحباطاتي… أطير بعيداً… حرا… بلا قيود… أواصل السير بين الجموع الغفيرة… تتلاشى الوجوه من أمام ناظري فلا أبالي… تمحو التفاصيل تفاصيل أخرى و تذوب و تذيبني معها… لأتوه… وسط الزحام…………………… منتدى ليلاس الثقافي |
الايجاز+ العمق في الكلمات من اهم مميزاتك الف مبروك
بانتظار رايك في الجزء الاضافي من sms |
استاذنا وكاتبنا ابراهيم انت دائماً مذهل حين اقرأ لك اجدني على مرأى ومسمع من المشاهد لهذا انت كاتب من طراز آخر ويبدو ان الطريق امامك مفتوحٍ على مصراعيه بهذا الابداع الذي تتميز به وفقك الله وأتمنى لك مزيداً من النجاح والتألق |
ابراهيم ,,أخي الكاتب المبدع ,,امبراطور القصص القصيرة ,,جميل جدا ورائع ,,مذهل اختيارك وانتقائك للكلمات المعبرة ,,كانت هذه القصة أقرب للخاطرة أو المذكرات لكنها جميلة ورائعة أشكرك على هذه الموهبة الفذة |
الاخ العزيز ابراهيم عدت الينا بعد غيبة بتحفة جميلة انت ملك القصص القصيرة بدون منازع ما شاء الله00اسلوب قوى وكلمات متمكنة تصيب الجسد بالقشعريرة من معانيها القوية الواضحة انتظر بشوق روايتك الجديدة(كازادوم) موفق دوما باذن الله http://www.liillas.com/up/uploads/im...ef44b8447f.jpg |
الساعة الآن 03:23 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية