![]() |
2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
http://i639.photobucket.com/albums/u...ateringcan.gif مراحب ياحلوين اليوم راح انزل رواية حلوة كتيرررر ورررروعة هي من روايات قلوب عبير القديمة وكلي امل انو تنال رضاكم ياامورات المنتدى:flowers2: للامانة الرواية منقولة وكل الشكر والتقدير لكاتبة الرواية اسم الرواية :التجربة الكاتبة :شارلوت لامب :liilas: قراءة ممتعة للجميع الملخص التجربة http://up.liilas.com/uploads/liilas_12986714261.gif " بيري , توقف , علي أن أقول لك شيئا..... أنا آسفة..... لكن....". وبعناقه القوي أخرسها , فجأة أنفتح الباب بقوة ودخل لوك كاألأعصار . ألتفتت سارة بعد أن حرّرها بيري ورأت لوك يتقدم منهما ويقول: " أيليوت ! أين تعتقد أنك موجود..........؟". نهض بيري مترنحا وحدق بلوك , فصفعه هذا الأخيرعلى وجهه وأوقفه على المقعد وراح الدم ينزف من أنفه منتديات ليلاس أطلقت سارة صرخة: " بيري, كيف حالك؟". أعطته منديلا فقال: " أنت وحش حقيقي يا أيليوت". قال لوك بصوت ناعم: " لا تقترب من زوجتي وألا أخلع رقبتك". أمسك لوك بسارة التي كانت تحاول مساعدة بيري فصرخت تقول: " أبتعد عني! لقد جرحته! وربما كسرت أنفه....". " آمل ذلك حقا". http://up.liilas.com/uploads/liilas_12986714261.gif |
1_سارة تحمل جرحا قديما , ما زال ينزف في داخلها , تحاول التوفيق بين مرض والدها ورغبتها في الأستجابة لعرض بالزواج من أعز أصدقائها بيري.... الهادىء , الطيب , المتفهم ,موت والدها يجلب معه الشبح القديم للرجل الذي هجرته وهجرها! شعرت سارة بالفخر وهي تجلس وراء المكتب الوقور الذي كان ذات يوم مكتب والدها , كانت تتأمل الأضواء المتأرجحة في أفق مدينة لندن , فمكاتب المؤسسة تقع في الدور السادس لبناية ضيقة محشورة بين بنايتين ضخمتين , لكن نافذة مكتبها كانت تطل على منظر خلاب للمدينة , تبرز من خلالها قبة كاتدرائية القديس بولس الرمادية ومن بعيد تلمع مياه نهر التايمس. منذ سنتين وهي تحتل هذا المكتب وتتعلم مهنة والدها التي مارسها مدة طويلة , كانت دائما على أتصال به هاتفيا ,فالهاتف هو الصلة الوحيدة بينه وبين العالم الخارجي. والدها في الخمسين من العمر , يدعى سام هاريسون , أصيب بمرض لا شفاء له , فأنشل جسديا , لكنه ما زال يتحلى بكل مقدراته العقلية والثقافية , أنها مأساة حقيقية لهذا الرجل النشط والطموح , وكانت سارة معجبة به كل الأعجاب , يصارع بشجاعة مستنزفا جميع قواه ومحافظا على حيويته وروح الفكاهة. منتديات ليلاس كل يوم يقرأ الصفحات الأقتصادية في الصحف المحلية ويقوم ببعض الأتصالات الهاتفية , وما أن ينتهي من عمله حتى يبدأ بلعبة الشطرنج بواسطة الهاتف مع صديق له وأحيانا يقرأ القصص البوليسية أو يسمع الموسيقى الكلاسيكية. وجدت المرأة نفسها على رأس هذه المؤسسة في الوقت الذي كانت فيه بأمس الحاجة للعمل والأنشغال , ولذا فقد ألقت نفسها باندفاع ونشاط في عملها الجديد , ومن حسن حظها أن مستشار والدها ورجل الثقة بالنسبة اليه كان قريبا منها , كان يدعى جايسون وود , في البداية خافت أن يشعر جايسون بالمرارة بأعتباره الأنسان الثاني في الشركة بعدها , لكن تبين لها , فيما بعد , أن تخوفاتها بلا سبب , فقد تكيف جايسون سريعا مع الوضع وأظهر عن كفاءة وأصبح لا بديل عنه. وخلال سنتين , أمتسبت سارة ثقة حقيقية بعملها , وأصبح بأمكان جايسون أن يوكل اليها جميع الأعمال العادية , ليتمكن من تكريس وقته كليا في أختيار الأستثمارات الجديدة. فشركة ( هاريسون)لم تصبح بعدمؤسسة ضخمة عالمية , لكن أساسها كان متينا ونموها منتظما سنة بعد سنة , وكانت سارة تعرف بأنها ستصبح ذات يوم صاحبة تلك المؤسسة , لأن والدها عرف كيف يحافظ على ملكية معظم الأسهم , وهي أبنته الوحيدة ووريثته الأكيدة. عيناها محدقتان في السماء المتأججة بشمس الغيب , تفكر بوالدها بحزن كبير , فمرضه يزداد تطورا بسرعة ولم يعد لديه الوقت الطويل في هذه الحياة , في بداية الصيف , قضت سارة مع والدها اسبوعا في كورنويل و غربي أنكلترا , وأظهر سام حينذاك عن مرحه وأسترخائه , لكن بالرغم من هذه المظاهر , شعرت سارة أن صحته تسوء وأنه أشرف على نهايته , كان السياح يتأملون هذه الفتاة الشابة وهذا الرجل المريض الذي يتنقل على الكرسي الآلي , لكنه كان سعيدا بالخروج بعد أن قضى ثلاثة أشهر في المستشفى. كم يتبقى له من الحياة؟ تساءلت سارة والدمع يملأ عينيها , لم يتمكن الأطباء من تحديد زمن الوفاة , لكنها لاحظت الأرهاق القوي عند والدها , في هذه الأيام الأخيرة , وكم كان يحب اللجوء الى الفراش من أجل الراحة. منتديات ليلاس رن جرس الهاتف ,فأنتفضت مذعورة , ثم تناولت السماعة بطريقة آلية : " سارة حبيبتي.........". أرتسمت أبتسامة على وجهها وقالت: " بيري! أعتقدت أنك ستبقى في أسكتلندا حتى نهار الأربعاء". " لقد عدت بعد ظهر اليوم وأشتقت اليك". " يا للصدفة!". أندهش بيري وسألها : " ماذا تعنين؟". " أعني أنني أشتقت اليك , أنا أيضا , يا صديقي الأحمق". قهقه ثم قال: "أنا في غاية السعادة , هل نتناول العشاء معا , هذا المساء؟". " لقد وعدت والدي أن أتعشى معه , لماذا لا تنضم الينا؟". " سأكون مسرورا للغاية ,لأني أحب سام كثيرا , لكن , هذا المساء , أريدك لوحدي , لدي أمور أريد أن أحدثك بها". أقترحت سارة أن تتصل بوالدها لتعرف أذا كان هذا التغيير في البرنامج لا يزعجه , قبل أن تعطي الجواب النهائي لبيري , وعلى الهاتف شجعها سام بحماس لأن تقبل دعوة صديقها أذ قال لها: " لا تقلقي علي , فالسيدة جينكيس ستهتم بي , تسلي وأفرحي وسلمي على بيري , أنه شاب لطيف". كم هو طيب معها! لكنها تعرف نظرة والدها أتجاه بيري , لا يمكن لسام أن يرى فيه الرجل الذي سيحل مكان ...... لا يمكنها أن تلفظ أسمه , ولا تريد أبدا أن تفكر فيه , الماضي قد دفن الى الأبد. |
أختار بيري مطعما أيطاليا فاخرا في شارع هادىء , الديكور كان بسيطا وذا ذوق رفيع , الرواق الخارجي كان مصنوعا من اقش وورق العنب , الخدمة جيدة والطعام شهي , وهو يحدثها عن رحلته الى أسكتلندا , كان الشلب مسرورا من نفسه لأن أعماله تسير كما يجب . بيري الأبن الوحيد لمايكل دوريل رئيس شركة دوريل وشركاه , أنها شركة كبيرة , تأسست في مدينة مانشستر ثم توسعت في السنوات الخمس الأخيرة بعد أن أمتدت الى العاصمة البريطانية , وهذه الشركة في أزدهار متواصل تنمو كالفطر..... وبيري كان في البداية زميلا لسارة , لكنه أصبح شيئا فشيئا صديقها الصدوق. أنه في السابعة والعشرين من عمره ,وسيم بشعره الكستنائي المجعد وعينيه الجوزيتين الضاحكتين , كان جذابا وساحرا , ويتمتع بطبيعة رقيقة , عطوفة ومتساهلة , يحب أخواته الأربع حبا كبيرا , وهو الصبي الوحيد في العائلة , وسارة الأبنة الوحيدة أيضا , كانت تحب الجو الحميم الذي يعم في منزل آل دوريل حيث تفكر العائلة جديا بمجيء الأحفاد للجد العجوز. سألته سارة فجأة : " كيف حال والدتك؟". منتديات ليلاس أجابها بأبتسامة واسعة : " جيدة جدا , لكنها لم تشاهدك منذ مدة طويلة". " أنت تعرف كم أنهمرت عليّ الأعمال أخيرا , وكذلك جايسون كان منهمكا للغاية". " حاولي أن تزوريها فهي تحبك كثيرا , وتأمل في أن تصبحي يوما كنتها". أنتفضت سارة وأحمرت وجنتاها , أذن هذا هو الموضوع الذي كان بيري يريد التحدث فيه معها , كيف لم تتدارك للأمر ! أن فكرة الزواج هذه لم تخطر ببالها , همس بيري قائلا بعدما وضع يدي الفتاة بين يديه: " لم أكن أريد أن أفتح الموضوع بهذه الطريقة المفاجئة , لكن منذ أسابيع عديدة وأنا أريد أن أحدثك به , أعتقدت أنك أدركت هذا الأمر". " لكن , يا بيري , أنا لست أنسانة حرة". " أعرف , فما زلت متزوجة من أيليوت , طبعا , أعرف.... لكنكما منفصلان منذ سنتين وبأمكانك أن تحصلي على الطلاق بسهولة". " أظن ذلك , لكن هذا سيضطرني الى الأتصال به , وهذا ما لا أريده مهما كان االثمن". " ألا أنه لم يعد هناك شيء بينكما". " بلى..... العدائية , أنها أحيانا أحساس أقوى من الحب ". " تقصدين أنك........". قطب بيري حاجبيه بازلا جهده ليفهم ثم أضاف: " تعنين أن الحقد وحده سيقف في الطريق". " أذا أردت ذلك". " لكن هذا أمر وحشي!". " كما تريد أن تسميه". أصر الرجل وهو يرمقها بنظرة ثاقبة: " أذن , أنت لا تحبينه أبدا؟". لم تبعد نظرها عنه وقالت بتأكيد: " أكرهه , وألا لماذا تركته أذن؟". أبتسمت بحنان وأضافت: " أحبك كثيرا يا بيري وأحب رفقتك وسأكون فرحة أن أنضم الى عائلتك.... لكن........". ردد بغضب: " لكن؟". " أنك تسرع الأمور , أنت بالنسية اليّ صديق في الوقت الحاضر وأنا لست متأكدة من عواطفي أتجاهك". دفع بيري الفاتورة وخرجا في ذلك الليل العذب وساعدها على الصعود في سيارته الحمراء وجلس قربها وأقلع ثم أقترح عليها بصوت ناعم: " لنبحث عن مكان هادىء حيث يمكننا أن نحكم على عواطفك , لا تقلقي , فليس عندي نوايا شريرة". بعد قليل أوقف سيارته في شارع هادىء في مدينة هامسند , خلفهما الأضواء تنشر نورها الخفيف , وحفيف الريح في الأشجار أبعدهما عن زحمة السير , وحيدان للحظة واحدة في قلب لندن . أمسك بذراعيها لكن الفتاة ظلت بعيدة , وبعد قليل ذابت في حرارة عناقه , من زمان لم تعانق رجلا , ضمته اليها فجأة مندهشة من ردة فعلها وراحت تداعب بحنان شعره المجعد فهمس في أذنها قائلا: " سارة حبيبتي , أنا أحبك , أما زالت الشكوك من رأسك؟". " يا لك من ديك متعجرف!". تنهد وهو يضمها بشدة ويقول: " كنت شابا أحمق , أردت أن أترك لك الوقت لتعتادي عليّ وكنت أخشى أن افاجئك بعنف". " أنت على حق , يا بيري , لم أكن مستعدة , كنت ما أزال أمضغ حقدي ضد السيد أيليوت ". منتديات ليلاس "لماذا لا تستعملي أسمه الأول عندما تتكلمين عنه؟". " لا تفوتك فائتة! أذن , كما ترى , أفضل أن أحافظ على بعدي عنه , حتى في الكلام". " يا سارة المسكينة , ماذا فعل أيليوت بك؟". " زواجنا كان كارثة حقيقية , لم يدم ألا سنة واحدة وكانت أطول سنوات حياتي , كنت في العشرين من العمر عندما تزوجته وأصبح عمري مئة سنة عندما تركته , أخاف ألا تكون جراحي ألتأمت كليا , آمل أن يكون قد قاس العذاب هو أيضا , لكنني أخشى أن يكون عديم الأحساس.......". أصر الرجل قائلا: " سارة , ماذا تفكرين بي ؟ هل سأدخل الى قلبك يوما ما؟". أجابت وهي تنظر اليه مباشرة في عينيه: " لا أعرف , أذا كنت حرة .... ربما , لكنني لست حرة! لا أريد أن أشجعك , وأحب أن أكون صادقة معك". " لقد حذرتني والمشكلة أصبحت تخصني , وبعد هذا العناق أشعر بتفاؤل غريب". " قالت بضحكة قوية: " لقد فتنتني ! لم أعرف أنك خبير". " يا لك من فتاة وبائية!". تغيرت ملامح وجهه فجأة , وراح يفتش في علبة صغيرة وسحب منها جريدة طويلة ثم أشعل ضوء السيارة الداخلي ومد اليها الصحيفة وقال: " لقد قرأتها صباح اليوم في الطائرة". أشار الى الصفحة المعينة , فنظرت اليها وأرتعشت أمام الوجه القاسي والعينين الرماديتين والفم المتعجرف وقرأت ما كتب تحت الصورة ثم قالت: " أنه هنا في لندن! هل تصورت أنه ربما جاء لرؤيتي؟". أحمر بيري وقال بصراحة: " لقد خطرت هذه الفكرة لي". |
قالت بسخرية لطيفة متأثرة من نظراته اليها : " أنت تغار , لا سبب لذلك , وأنا أكيدة أن أيليوت لن يحضر لزيارتي , لقد جرحت عنفوانه عندما هجرته ولن يسامحني أبدا , أذا طلبت منه الطلاق فسيكلفني ذلك غاليا حتى ولو كان هذا يناسبه أيضا , أنه رجل صلب لا يتحطم بسهولة ولا يسامح أبدا , لم أتزوج من رجل , بل من مؤسسة بكاملها : مؤسسة أيليوت , وأسطورة أيليوت , أنه حقا أسطورة حية , هو الرجل الذي رسم طريقا بيدين فارغتين حتى وصل الى القمة , يتمتع بكل الصفات المطلوبة لكسب المال , لكن أي واحدة من هذه الصفات قادرة أن تسعد أمرأة , يهمه أن يربح مهما كان الثمن وهذا ما أدى الى الأنفصال في زواجنا". " كيف ألتقيت به؟". منتديات ليلاس " في سهرة باريسية , كنت هناك مع والدي , بيري , أرجوك , لا تحدثني عنه , أريد أن أنسى حتى وجوده". " سارة , يجب أن تحدثيه ما دام موجودا في أنكلترا". " أن أراه؟ لا يمكنني أن أفعل ذلك أبدا". " سارة , لا يمكنك أن تستمري على هذا المنوال الى الأبد , عليك أن تسترجعي حريتك". همست وهي ترتجف: " هذا صحيح". " أغتنمي هذه الفرصة ,يا حبيبتي , فهو الآن في فندق هيلتون , خذي منه موعدا , سيستقبلك وأن بداعي الفضول ". أحتجت قائلة: "أنت لا تعرفه ". " أنه رجل كالآخرين ! وهذا الوضع لا يفرحه مثلك". نظرت اليه سارة كالعمياء وقالت: " ماذا تقول؟". " ألاحظ فقط أنه أنساني , وحسب ما نشر في الصحف عنه , فالنساء معجبات به كثيرا". " لوك أيليوت حرص جدا ألا يظهر عن خيانته حتى لا أتمسك بها كحجة للحصول على الطلاق". " لكنه لا شك بحاجة الى المرأة , ويجب أن يؤسس عائلة وينجب الأطفال ,وذات يوم ستطلقين بالقوة , لماذا لا تفعلين ذلك في الحال؟". تنهدت سارة بعصبية وقالت: " سأفكر بالأمر , لنعد الآن , سيتساءل والدي عن سبب تأخري , فهو يقلق كلما أعود متأخرة". " كيف حاله؟". " لم يتغير , وليس بوسعي أن أتأمل خيرا , أنه أمر رهيب أن أراه يذوب شيئا فشيئا كل يوم". " هذا أمر رهيب ومؤسف حقا لرجل مثل سام". منتديات ليلاس خلال الطريق كانت سارة تحدق في الفراغ وتتخيل نفسها من جديد وجها لوجه مع زوجها , جالسة قربه في حديث تافه. توقفت السيارة – ألقت الفتاة نظرة سريعة الى بيري وقالت بصوت فج: " لن أتمكن من ذلك أبدا , أنا آسفة يا بيري , لكنك لن تستطيع فهم هذه الأمور , متى يعود الى الولايات المتحدة الأميركية , سأتصل بمحاميه , لا أتحمل أن أراه من ديد". خرجت من اسيارة وسارت بسرعة نحو المنزل فلحق بها بيري وأمسك بذراعها , وعلى ضوء المصابيح الكهربائية راح يتأمل وجهها االشاحب المرفوع نحوه وعينيها الزرقاوين وشعرها الأشقر الرمادي وعنقها الطويل وصرخ: " سارة.... .". أنحنى وعانقها بشغف , لكن هذه المرة , لم ينل أي تجاوب من قبلها , أذ بقيت كالرخام بين ذراعيه. أبعدته عنها ببطء وقالت: " أعذرني , أنا متعبة جدا , سأتصل بك غدا , شكرا على هذا العشاء اللذيذ". أنتظر بيري أن تختفي سارة عن الأنظار قبل أن يعود الى سيارته , لكنه لم ينتبه السيارة التي أقلعت وراءه , لكن لما وصل بيري الى منزله , أنتبه الى سيارة توقفت على بعد أمتار قليلة , هل هذه صدفة؟ فجأة أدرك أن لوك أيليوت لا شك وظف أحدا يلاحق تحركات زوجته. |
وخلال هذا الوقت , كانت سارة جالسة قرب سرير والدها تتمسك بيديه . ثم أعلنت له من دون مقدمة : " أبي , بيري يريد الزواج مني". نظر اليها سام نظرة متسامحة وقال بسخرية لطيفة : " كنت أنتظر ذلك". " لماذا لم تقل لي شيئا؟". " يا أبنتي العزيزة , عندما يتصل بيري بك مرات عديدة لا أرى غير سبب واحد لذلك". أجابت بسخرية : " صحيح ؟ لكن ربما يكون السبب غير ذلك". منتديات ليلاس " لكن ما دام الأمر يتعلق بك , فعليه أحترامك". " شكرا". " أذن؟ ماذا كان جوابك؟". تنهدت ورفعت خصلة الشعر عن جبينها وقالت : " لقد قبلت , شرط أن أحصل على الطلاق". " الطلاق؟". " طبعا". أعلن سام في الحال: " لوك في لندن حاليا ". " أخبرني بيري بذلك". " هل تنوين رؤيته؟". " كلا , ما دمت أستطيع أن أتحاشاه , عندما يعود الى أميركا , سأطلب من السيد كلوف أن يكتب الى محاميه ". " هل تعتقدين حقا أنها الطريقة الفضلى , يا أبنتي العزيزة؟ لوك أنسان ذو كبرياء , كما تعرفين". " لا أنكر كبرياءه , لقد تحملته مدة سنة بكاملها ". كان سام يتنفس بصعوبة ويبدو عليه التعب , قال: " ومهما كان السبب يا حبيبتي , لا يحب الرجل أن يعلم بواسطة محاميه أن زوجته تطلب الطلاق". " بعد سنتين أتساءل ما أذا كان يتذكر وجودي , فلم يكن يلاحظ حتى أننا كنا نعيش في المنزل نفسه". " كان رجلا مشغولا جدا". كان سام يجد دائما عذرا للوك أيليوت , كان فخورا وسعيدا عندما تزوجته وأصبح الرجلان صديقين حميمين لأنهما فهما بعضهما بعضا من النظرة الأولى. أنحنت الفتاة وقبّلت والدها وقالت: " أنت مرهق يا أبي , نم جيدا والى نهار الغد". نظر اليها بأستغراب وقال: " تصبحين على خير يا أبنتي الحبيبة , رعاك الله". وبينما كانت سارة تخلع ثيابها تأملت نفسها في المرآة , لقد نحلت كثيرا , وركاها ضيّقان كالرجال , قلقها على صحة والدها كان السبب الأساسي لهذا النحول , لقد عملت كثيرا وغالبا ما كانت تنسى أن تتناول الغداء وتكتفي بسلطة خفيفة في المساء , لكن النحول لم يكن يقلقها , أذ كان بالنسبة اليها مرادفا للصحة والعافية , ألا أنها اليوم بدأت تقلق قليلا وقررت أن تأكل أكثر في المستقبل , فلا تتمنى أن تصبح نحيلة جدا. منتديات ليلاس تمددت في سريرها تنظر الى أشعة النور تعبر الغرفة كلما مرت سيارة في الجوار , يا للصدفة عندما ترى لوك ! كانت تتحاشى قراءة الصحف خوفا من أن تقع على صورته أو أسمه , الآن وجهه يلاحقها , لم تكن قادرة أن تبعده عن ذهنها , وبحركة غاضبة ضربت على الوسادة بمعصميها , لكن وجهه القاسي والمتعجرف ظل يلاحقها ,ونامت من دون أن تتمكن من طرده من مخيلتها. |
أستيقظت في الصباح بعدما أحست بيد تلمس كتفيها فأنتفضت وجلست في سريرها مندهشة : " السيدة جينكس ؟ كم الساعة؟". نبض قلبها وأفاقت جيدا ثم أضافت: " ماذا جرى ؟ هل أبي.....؟". " آه! سارة.......". فهمت سارة في الحال وجمد قلبها وشعرت بقشعريرة تعبر ظهرها , فنهضت مسرعة وأرتدت مئزرها ثم خرجت من غرفتها فلحقت بها الخادمة قائلة: " دخلت لأيقاظه , لكنه لم يتحرك , وفهمت في الحال..... وكانت صدمة مرعبة! كنت أعرف أنه سيأتي اليوم....... لكنني لم أكن أتوقع ذلك بهذه السرعة وبهذه الطريقة المفاجئة". كان سام يبدو نائما وفي وجهه السلام والصفاء , فناحت سارة بصوت مرتجف: " آه , لم أودعه!". منتديات ليلاس تنهدت الخادمة وهي تبكي وقالت: " يبدو هادئا". تذكرت سارة حديثهما الأخير وكيف نظر اليها بأستغراب .... هل كان يشك بأن نهايته قد قربت؟ وتذكرت كلماته الأخيرة ( رعالك الله يا أبنتي". قالت سارة بصوت غائب: " يجب أستدعاء جايسون ". " يمكن للأعمال أن تنتظر ". أبتسمت سارة وقالت: " جايسون أعز صديق لسام , ويجب أن يكون هنا في مثل هذه الظروف". " طبعا , أعذريني , أنا مضطربة ". " أعرف , وأنا سعيدة لأنك أظهرت لوالدي المحبة والمودة". " والدك رجل رائع , يا سارة". " كان والدي يعي أقتراب نهايته ,ولم يكن يريد أن يتحمل غيره أعباء مرضه رغم أن كان يكره حالته المرضية". عضت السيدة جينكس على شفتيها وقالت: " أفهم ما تريدين قوله". وبينما كانت سارة تدير رقم المكتب , كانت تفكر بوالدها , محاولة منع الدموع من الأنهمار ,وبدت لها الحياة فارغة , من الآن فصاعدا أصبحت وحيدة في العالم. وعد جايسون بالحضور بعد ربع ساعة وقال لها بأصرار: " لا تهتمي بشيء , هذا العمل ليس لك , سأقوم بالترتيبات اللازمة وأعرف مايجب فعله , أنا أيضا توفي والدي منذ سنتين ". أرتدت سارة ثوبا أسود وأستقبلت جايسون الذي قبّلها على خديها وأعلن قائلا: " ماذا يمكنني قوله , يا عزيزتي ؟ أنا آسف جدا". " شكرا , يا جايسون , أنا سعيدة أنه مات في نومه ولم يتسن له الوقت للشعور بالخوف , أنها أفضل طريقة لمغادرة الحياة". " بالفعل , لقد قال لي مرة أنه يتمنى ألا يتألم مباشرة قبل أن يموت". " الطبيب في غرفته , لقد أستدعته السيدة جينكس". " هل بأمكاني أستعمال مكتبه , يا سارة , أنا بحاجة الى الهاتف , آمل ألا تنزعجي من ذلك". " أرجوك". " أمور كثيرة يجب االمباشرة بها , سارة , أرجوك , أذهبي وأحتسي فنجاة قهوة , تبدين كالشبح ". " هل تأخذ معي فنجانا ؟". " بكل سرور , أشكرك". منتديات ليلاس دخلت الى المطبخ ووضعت أبريق القهوة على النار وأخرجت الفناجين , سمعت جرس الباب وبعض الأصوات , لكنها لم تعط أي أهتمام بالأمر . فجأة أنفتح باب المطبخ وراءها فقالت وهي تعتقد أنها تتحدث الى الخادمة : " أصنع القهوة , هل تريدين فنجانا؟". قال صوت عميق: " شكرا". تأرجحت حول نفسها , ووقع الفنجان من يديها وتحطم قطعا على الأرض , شحب وجهها وراحت تتأمل بذعر وجه الرجل المتعجرف الذي لم تحلم أن تراه من جديد. نهاية الفصل الاول:flowers2: |
2_ ظهور لوك يكشف حقائق مذهلة : فهو يملك نصف أسهم الشركة! والد بيري مستعد للنظر في موضوع شراء حصة لوك ولوك لا يمانع من حيث المبدأ , خيالها أخذها سنوات الى ليلة لقائه....... قال وعيناه الرماديتان تحدقان بالفتاة: " أنا آسف لما حصل لسام". أجابته بصورة آلية محاولة السيطرة على أنفعالها بلياقة وعفوية : " شكرا". " مات فجأة , أليس كذلك؟". " بالفعل, لقد فوجئت كثيرا ......". كبتت أرتجافا عميقا قبل أن تضيف: " لكن , ماذا تفعل هنا , ومن أعلمك بموت سام؟". " أتصل بي جايسون". " وبأي حق! الأمر لا علاقة له بك". " كنت أحب والدك كثيرا وجايسون يعرف ذلك , جئت فقط لأسألك أذا كنت بحاجة الى خدماتي". " آه , صحيح! أخرج من هنا في الحال". منتديات ليلاس " أنت ما تزالين الفتاة الصغيرة المدللة! أين جايسون؟ من الأفضل أن أكلمه , لأن لا جدوى في الحديث معك". " لسنا بحاجة اليك , أرحل من هنا!". أجاب بصوت غير مبال: " لدي متسع من الوقت ". أدارت له ظهرها ووضعت بيدها المرتجفة بضعة فناجين على الصينية , فظهور لوك المفاجىء شوّش سكونها , ما زال كما عرفته , الرجل القاسي الواثق من نفسه.... ولا مجال للتعامل معه لأنه يشبه آلة خالية من النبض الأنساني. " لقد نحلت وهذا لا يليق بك". لهجته الحميمة أيقظت فيها الريبة والحذر , فأجابته من دون أن تنظر اليه : " الباب خلفك". تقدم منها خطوتين وأصبح قربها , فوضع يديه حول خصرها وأرغمها على الأستدارة والنظر اليه مباشرة وقال: " لا تديري ظهرك , يا سارة , لا أحب هذا السلوك". نظرت اليه بوقاحة محاولة التخلص من قبضته وقالت: " لا يحق لك أن تنصحني! كما لا أحب أن تلمسني". " لكنك في الماضي كنت تحبين ذلك..... هل نسيت؟". " لقد نسيت كل شيء". لمع بريق حقد في العينين الزرقاوين فأجابها: " هذا ما سنتأكد منه". جذبها بين ذراعيه كالدمية وعانقها , وما أن أحست بحضوره الرجولي حتى بدأ قلبها ينبض بجنون وأجتازتها قشعريرة في أكل أنحاء كيانها , راحت ترتجف شاعرة بأنفعال كبير طالما كبتته ولم تعد تتذكر بيري , فالأنجذاب الحسي القوي كان دائما أرتباطهما الوحيد , حتى في أيام زواجهما الحزينة القاتمة , حتى الحقد والبغض والكراهية لم تتمكن من تحطيم هذا الأنجذاب. تخلصت على مضض من قبضته وصرخت فيه بمرارة: " هل تعتقد حقا أنه سيغمى عليّ من فرط الحب؟ أنت مخطىء يا لوك , لقد أصبحت الآن فتاة ناضجة وتغيرت لأنني أعرف الآن ما أريد". أبتعد عنها ووضع يديه في حيبيه , ورفع رأسه الى الوراء يراقبها وأبتسامة ساخرة على شفتيه. " أذن , ماذا تريدين , يا سارة؟". " الطلاق". لم يفاجأ بل قال: " وماذا بعد الطلاق ؟ ستتزوجين من بيري دوريل ؟". منتديات ليلاس حدقت فيه بأندهاش وقالت: " من حدثك عن بيري؟". " والدك ". " والدي؟ متى؟". " الليلة الفائتة , عندما كنت تتناولين العشاء مع فارس أحلامك ". " أغتنمت غيابي .... ولا يدهشني سبب أرهاق والدي بعد عودتي". قال بأحتقار وأشمئزاز : " تريدين أن تضعي اللوم عليّ وتتهمينني بموته؟". بخجل أدارت رأسها وقالت: " المعذرة , لم أعد أعرف ما أقول". " وتعتبرين نفسك ناضجة ؟ أرى أن الطفولة ما تزال فيك". سألته بعد أن أحمر وجهها : " ولماذا جئت الى هنا , الليلة الفائتة؟". " كان سام يعتقد أن حياته أشرفت على نهايتها , هذا ما قاله لي , وأردت أن أراه من جديد , وما أن جلست في مقعد سيارتي على أستعداد للرحيل , حتى وصلت أنت برفقة دوريل". عبق وجهها لدى تذكرها عناق بيري , فقال لها : " كنت باردة كالثلج بين ذراعيه.........". لمع بريق حقد في نظرات سارة , فأجابت بسرعة لأخفاء أنزعاجها: " أمس , كنت متعبة .... قلقة بما يخص والدي , أعتقد أنه كان يعرف .... لقد نظر الي بطريقة غريبة قبل أن يتمنى لي يوما سعيدا ". " كان دائما يتمنى أن يموت في نومه". " كان متعبا حتى الأرهاق". أزاحت نظرها غير قادرة على تحمل الحنان المنبعث من وجه لوك الذي تناول الصينية ثم أخذ فنجانا أضافيا من الخزانة , ألم تكن مقررة أن تطرده منذ البداية؟ لكنه ما زال هنا , ما هو السر الذي يحمله؟ عندما يقرر شيئا فأنه يحطم كل ما يقع في درب تحقيق هذا القرار , أنه يعتقد أن النجاح أمر حتمي. وضع الصينية على طاولة صغيرة , وتناول فنجانا وسكب فيه القهوة , فقالت: " أضف حليبا وسكرا لجايسون". أجاب جايسون: " كلا , آخذها سوداء". فقال لوك بصوت ناعم وهو يتجه نحو الباب : " أنا الذي أشرب القهوة مع الحليب والسكر , أذا كنت تتذكرين". سكبت سارة فنجانا وأضافت اليه السكر والحليب , عندما لاحظت أنها تفعل تماما ما ينتظر منها ,وتوجهت الى النافذة لا مبالية بجمال المنظر تحت السماء المشمسة. |
دخل لوك الى الغرفة وجلس على المقعد من دون أن ينتبه الى وجودها فقالت له: " ماذا تفعل هنا؟". " لقد سبق أن أجبتك على هذا السؤال , سام عمي وصديقي , هل تعتقدين أنني لم أعد أحبه وأحترمه لمجرد أن تركتني ؟ كنت على أتصال دائم به خلال السنتين الأخيرتين". لم تخف سارة أندهاشها أذ قالت: " لم أكن على علم بالأمر , لم ينطق أبي بكلمة في هذا الشأن". " سام رجل ناضج وليس بحاجة أن يحدثك بكل شيء". " أنا مندهشة لأنه لم يفعل ذلك". هز لوك كتفيه وقال: " في الأشهر الأولى , لم يكن يجرؤ أن يلفظ أسمي أمامك". أحمرت الفتاة , أنه على حق , كانت ترفض أن تسمع أسمه. كان يحتسي القهوة برضى ويقول: " القهوة لذيذة , أشربيها وهي ساخنة". جلست ورفعت الفنجان الى فمها , وشعرت فجأة بالجوع , وكأنه قرأ ما يجول في خاطرها , سألها: " هل تناولت فطور الصباح؟". " لقد نسيت". قال وهو ينهض واقفا: " يجب عليك أن تأكلي , تعالي الى المطبخ , سأصنع لك بيضا مقليا". أرادت الأحتجاج لكنه كان قد خرج من غرفة الجلوس وأضطرت الى اللحاق به. منتديات ليلاس خلع سترته ورفع أكمامه , ثم فتح البراد وأخرج منه البيض والحليب والزبدة والخبز , جلست في الكرسي وراحت تنظر اليه , كانت ترغب في أن تؤذي نفسها لتتأكد من أنها لا تعيش حلما , هل هي حقا في المطبخ , في منزل والدها , بينما يقوم لوك أيليوت بتحضير الفطور لها؟ بعد لحظات وضع أمامها صحنا ووضع فوقه البيض المقلي والخبز المحمص , وقال آمرا بعد أن سكب لها فنجانا من القهوة: " كلي هذا , منذ سنوات ولم تأخذي فطورا مناسبا , يكفي النظر اليك!". بدأت تأكل ببطء , الدمع ينهمر على خديها وهي تمسحه بطرف يدها , وبعد أن غسل لوك الأبريق والمقلاة راح يتأملها ثم أقترب منها وأخذ رأسها بقوة وأحناه على صدره وراح يعبث بشعرها الأشقر الرمادي حتى أصبح مشعثا. " ثم صرخ بها مؤنبا: " من أجل السماء , يا سارة , لا تبكي". " ...... سأشتاق اليه كثيرا". وأجهشت بالبكاء بصوت مرتفع , بكت مطولا بين ذراعيه , ثم مسحت حفنيها المبللتين ونهضت واقفة: " أنا آسفة , شكرا على هذا الفطور اللذيذ , أعذرني , يجب أن أتصل ببيري". لم يحاول لوك منعها , وبينما كانت تقفل الباب وراءها فوجت بنظراه السرية تحدق بها. وعد بيري بالمجيء في الحال بعد أن عرف الخبر وأقترح عليها قضاء بضعة أيام في منزل والديه . " شكرا , هذا أمر يفرحني". توقفت لحظة ثم قالت: " هناك أمر ما يا بيري ". " ماذا؟. " لوك هنا". " في منزل والدك؟ لقد نجحت في الأتصال به". " كلا , جايسون أعلمه بموت والدي وجاء للتعزية ". " متى وصل؟". شعرت بغيرته وأجابت بصوت مطمئن: " لقد وصل لتوه". " هل ... هل سينام في المنزل؟". " طبعا لا , لن يتأخر في الذهاب , جاء ليقدم لسام الوادع الأخير". بعد صمت قال بيري: " لا شك أن صدمتك كبيرة.... لكن.... ألا تشعرين بأي شيء أتجاهه؟". " بلى , أشعر بالحقد عليه , لقد سبق أن قلت لك ذلك". أطلق بيري زفرة أرتياح ووعدها قائلا: " سأصل في الحال , أعرف أن الوقت غير مناسب , يا حبيبتي , لكن هل أستطعت التلميح له عن رغبتك في الطلاق". " نعم". " وماذا كانت النتيجة؟". " لم يعلق على ذلك". " لنأمل أن تأخذ الفكرة طريقها". أقفلت سارة الخط وألتفتت وراءها , كان لوك مستندا على طرف الباب , مكتف اليدين وأبتسامة ساخرة على شفتيه , فقالت له هازئة: " أصبحت تتجسس عليّ الآن". قال بوقاحة: " هذا مفيد أحيانا , يريدك أن تطلقي بأسرع ما يمكن , أليس كذلك؟". " طبعا , يريد الزواج مني". "طبعا". " هل أنت موافق على الطلاق؟". هز كتفيه وقال: " سؤالك يتطلب تففكيرا طويلا , وهذا غير مناسب الآن , لا المكان ولا الزمان ". منتديات ليلاس أنه على حق , هذا الموضوع في غير محله بينما يرقد ضريح سام في المنزل. توجهت الى الباب لكن لوك لم يتحرك , رمقته بنظرة متوترة وقالت: " هل يزعجك أن تدعني أمر؟ علي أن أتحدث الى جايسون". أبتعد عن الباب بهدوء , ولما دخلت المكتب كان جايسون يقفل سماعة الهاتف , أبتسم لما شاهد لوك وراءها ومد يده اليه وقال: " أنا سعيد لرؤيتك , حتى في مثل هذه الظروف الحزينة ". " شكرا لأنك أتصلت بي , لولاك لما فكر أحد بي". أرتبك جايسون وأستدار صوب الفتاة وقال: " كل شيء نظم كما يجب , لكن هناك مشكلة واحدة". " وما هي؟". " الصحافة , موت سام ربما سبب أنعكاسا على أسعار الأسهم". قالت سارة في الحال: " معظم الأسهم بأسمي". " بالفعل , لكن لوك يعتقد........". قاطعته وهي ترمق زوجها بنظرة أستغراب وقالت: " لوك ؟ وما دخل لوك هنا؟". أحمر جايسون وتلعثم قائلا: " الحقيقة...... لقد فكرت.......". أدركت أن شيئا ما قد أخفي عنها فقالت: " بماذا فكرت ؟ هل تريد أن تقول أن للوك أسهما في الشركة؟". نظر جايسون الى لوك وقال: " أنا آسف , لقد نسيت أن سارة تجهل كل شيء , لقد نسيت أن......". سألت المرأة بصوت هادىء: " وأخيرا , عم تتكلم؟ لوك, ربما تتنازل أنت وتعلمني بما يحدث هنا؟". " طبعا ,لكنني أفضل أن أشرح لك الأمور عندما نكون وحدنا". |
قال جايسون من دون أن يجرؤ على النظر الى سارة : " في كل حال , كنت في طريق الذهاب , عليّ أن أذهب الى المكتب , عندما يصدر نبأ وفاة سام , ستنهمر المكالمات .... أذا كنت بحاجة الي......". أشارت برأسها أيجابا وتوجه جايسون الى الباب , ثم ألتفت اليها مجددا وقال: " أنا.... أنا آسف". وما أن خرج حتى صرخ لوك بأحتقار: " لقد سببت الآن توترا لرجل كرّس معظم وقته لعائلتك , هل أدركت ذلك؟ لقد أرتكبت خطأ لكنه لم يكن ينوي أن يجرح شعورك". " لا تقلق عليه , سأراه في وقت آخر , حدثني عم الأسهم التي تملكها". بدأ لوك قول بصوت غير مبال: " عندما عرف سام لأول مرة , عن خطورة حالته الصحية , كان قد باشر بتعهد برنامج واسع للأستثمارات , ولما عرف أصحاب المصارف بخبر مرضه , سحبوا قروضهم , وأوشك سام على شفير الأفلاس". " يا ألهي ! هذا تصرف شنيع أتجاه رجل مريض!". منتديات ليلاس " أصحاب المصارف مسؤولون عن أموال زبائنهم ,وبالنسبة اليهم , الشركة وسام يشكلان واحدا لا يتجزأ , لو مات سام حينذاك ,لكانوا خسروا توظيف أموالهم , لذلك أضطروا الى أخيار سلوك حذر ومتيقظ لأرضاء زبائنهم ". أرتسمت أبتسامة صفراء على وجه لوك الذي أضاف يقول: " كنت قد هجرتني في هذه المرحلة , وكان أصحاب المصارف على علم بالأمر ,. لو كنا ما نزال معا , لما رجعوا عن وعدهم وكانوا وثقوا بي , لكن في ذلك الوضع , لم يكونوا مقتنعين بالضمانات التي قدمها سام اليهم , فأنخفض سعر الأسهم وكان سام على وشك أن يبيعها بخسارة". أكملت عنه ,بمرارة أذ قالت: " ولذلك أشتريت جزءا من الأسهم وأعطيته بذلك المال , لم تقدمها له هدية , أليس كذلك, يا لوك؟". لمعت عيناه وقال: " لا تدعيني أفقد أعصابي يا سارة , أنا أفعل كل ما في وسعي لئلا أغضب , فأنت متأثرة جدا الآن بموت سام , لكنني لست برجل صبور , أذن لا تستلذي بشتمي". رفعت ذقنها للتحدي وقالت: " لن تمنعني من قول ما أفكر به! أذن باعك سام بعض الأسهم , فما هي حصتك أذن؟". أجاب بلا مبالاة: " خمسون في المئة من الأسهم". ظلت خرساء من شدة الدهشة , ثم تغلب الغضب عليها وقالت: " خمسون في المئة؟ هذا يعني أنك تسيطر على الشركة؟". أكد لها بصوت منخفض: " بالطبع". " لماذا؟". لم تعد قادرة على مواصلة الكلام , لكنها رمقته بنظرة حقد وأشمئزاز وقالت: " دائما تنتهي بالربح , أليس كذلك , يا لوك؟ هذا ما تسميه اللعبة الصريحة ., حتى مؤسسة والدي .... تأخذها مني....". غضب وقال : "لا آخذ شيئا منك , لقد شرحت لك الأمر , لقد أنقذت سام من الأفلاس". " لكان وجد طريقة أخرى للخروج من هذه المحنة , أنا أكيدة من ذلك". " أنت حرة أن تفكري ما تريدينه , يا سارة , لا يمكنني أن أمنعك من ذلك , لكن حان الوقت كي تنظري الى الأمور بشكل مباشر , المصارف كانت على حق , لا أنت ولا جايسون بأمكانكما أن تحلا مكان سام , حتى بجهدكما المتواصل , لستما قادرين أن تجعلا الشركة تزدهر , أنتما ذكيان وتعملان بجدية , لكنكما لا تتمتعان بذكاء وفطنة سام , كي ينجح المرء في المؤؤسسات العملية المرتكزة على حركة البورصة , يجب أن يتمتع بطبيعة المراهن , لأجل أن يحقق أرباحا طائلة , سام وحده يتمتع بذلك". أجابته بلهجة باردة: " شكرا ,أذن قررت التخلص منا؟ منذ الآن , أقدم أستقالتي , في كل حال أرفض العمل من أجلك وأفضل أن أموت من الجوع!". " كفي عن هذا التصرف الأحمق!". رن جرس الباب , أسرعت سارة لتفتحه وأرتمت بين ذراعي بيري , مجهشة بالبكاء: " بيري, حبيبي.... أنت هنا أخيرا". أندهش بيري وفرح وضمها اليه وطبع قبلة على رأسها وقال: " يا سارتي الصغيرة , أنا آسف لوالدك , لقد أتصلت بأمي وهي بأنتظارك متى شئت ذلك". منتديات ليلاس لاحظ بيري فجأة وجود لوك , فشد على قبضته وفهمت للحال سبب هذه الحركة الغريزية , رفعت رأسها وظلت متمسكة بذراع بيري ثم أدارت رأسها ورمقت لوك بنظرة باردة وقالت: " بيري , أقدم لك لوك أيليوت , لوك, هذا بيري دوريل". نظر بيري الى لوك بتفصيل وقال: " صباح الخير , أنا سعيد للتعرف اليك". " صباح الخير! أذن أنت دوريل؟". أحمر وجه بيري للهجة لوك الحقيرة وقال: "نعم , أنا دوريل وأريد الزواج من سارة". قال لوك بهدوء: سارة ما تزال زوجتي". " ليس أسهل من الطلاق اليوم". |
أبتسم له لوك بوقاحة , من دون أن يرد عليه ,ثم نظر الى سارة وخاصة الى ذراع بيري التي تحيط بخصرها , ثم رفع نظره الى وجهها الأحمر المبلل دمعا وقال : " سأراك في الدفن". كان صوته باردا , توجه الى المدخل من دون أن يضيف كلمة وصفق الباب وراءه. قال بيري: " بدأت أفهم مشكلتك , هذا الرجل متعجرف وغير لائق ووقح للغاية , هل هو دائما هكذا؟". قالت بمرارة: " دائما ,آه , يا بيري ! أنه يملك خمسين في المئة من أسهم الشركة!". " يا ألهي خمسون في المئة!". " باعها سام له و منذ سنتين ولم أعرف بذلك ألا اليوم". قطب بيري حاجبيه وقال: " الأمر شديد الخطورة , لم نكن نرغب في أن يتدخل لوك بشؤوننا , أليس كذلك؟". منتديات ليلاس " كل تدخل من قبله أمر مستحيل تحمله , لا يمكنني أبدا أن أعمل من أجله , وكيف أذا كان يملك نصف أسهم الشركة .... هل تعرف ماذا سيحل بي؟ يحب لوك أن يتصرف بحرية عندما يستثمر في عمل ما , سيتدخل لأقل الأمور ولن يبقى لي ألا أن أقدم أستقالتي , لقد فعلت ذلك , لكنه لم يبال بالأمر , لا شك أنه لم يأخذ كلامي على محمل الجد". " لا تقدمي أستقالتك يا حبيبتي , سأتحدث بالأمر مع والدي , ربما يستطيع أن يشتري حصة أيليوت". أبتسم لها وأضاف: " وهكذا ستكون القصة ضمن العائلة , ومتى تزوجنا , ستكون حصتنا". سألته بتعجب: " هل أنت متأكد من ذلك؟ آه بيري ! هذا أمر رائع!". لمعت عيناها فرحا وغبطة , وأضافت: ط آه , لو أستطيع أخيرا أن أفقده نظرته تلك". " لا شك أن والدي سيطلب دفاتر المحاسبة ليدقق فيها , لم يسبق أن أشترى شيئا بعينين مقفلتين". " طبعا , سأطلب من جايسون أن يقدم دفاتر المحاسبة لوالدك , فالمحاسبة مجال جايسون وهو رائع ومنهجي, الدفاتر حاضرة تحت الطلب , وأنا أكيدة من ذلك". " عظيم , للأسف سنضطر للحصول على موافقة لوك, بما أنه صاحب الأسهم الأساسية". " سيكون ذلك موضوع حديثنا في اللقاء المقبل ". " أنتظري حتى أكلم والدي , لا يمكنني أن أؤكد لك موافقته قبل أن أستشيره". " هذا امر بديهي , سأنتظر أن تعطيني الأشارة الخضراء". أخذها بيري بعد قليل الى مطعم في الجوار للغداء وأرغمها على تناول الطعام , ثم أعادها الى المنزل وتركها ليعود الى مكتب عمله , وقبل أن يرحل قال لها: " لا تنسي أن والدتي متكلة عليك". بدا المنزل فارغا عندما دخلته , وأنهمكت طيلة فترة بعد الظهر , مع السيدة جينكس في الرد على الهاتف وسماع كلمات التعازي من الأصدقاء , ولم يكف عقلها عن أسترجاع ذكريات الطفولة , ولما خف العمل , دخلت الى غرفتها لتحضر حقيبتها ثم أخبرت السيدة جينكس عن قرارها قضاء بضعة أيام في منزل آل دوريل. " أنها فكرة جيدة , ستشعرين معهم بتحسن بدل البقاء هنا في الفراغ وحيدة , لا تقلقي سأهتم بكل شيء". " شكرا جزيلا , يا سيدة جينكس , لا أعرف بعد ماذا سأفعل بالمنزل , لكنني أفضل أن تبقي حتى آخذ القرار بذلك". " طبعا , هذا يناسبني تماما". أتصل بيري بسارة ليعلمها بتأخره في المجيء وقال معتذرا: " لدي موعد هام مع مقاول ولا يمكنني أن ألغيه أو أؤجله الى يوم آخر , لكن لدي خبر سار , لقد تحدثت مع والدي بأختصار وبدا مهتما لمراجعة دفاتر المحاسبة و يمكنك أذن أن تحدثي أيليوت بالأمر وتري ردة فعله". قالت بحماس: " سأفعل ذلك في أفرب وقت ممكن , شكرا يا بيري , فأنا متشكرة لك كثيرا". قال ضاحكا: " لديك كل الوقت لتبرهني لي عن ذلك". ولما أقفل الخط ظلت حالمة , ثم أتصلت بالهيلتون وطلبت جناح لوك ,وقالت بصوت حاد: " لوك , هذه سارة , تحدثت قبل قليل مع بيري وتساءلنا ما أذا كنت تقبل أن تبيع أسهمك لوالده". بقي لوك لحظة صامتا ثم أعلن أخيرا بصوت هادىء: " سأفكر بالأمر , لا أرفض أبدا عرضا مهما , كم يدفع؟". " ينتظر أن يرى دفاتر احسابات". " أطلبي من جايسون أن يحضّرها , وأنا أحب بدوري أن ألقي نظرة عليها". " حسنا". فوجئت بردة فعله , وبعد صمت قصير , سألها بلهجة فردية: " هل هذا يعني أنك قبلت دعوة آل دوريل؟". " نعم". " أفرحي وأستريحي , يا سارة , الى اللقاء". أقفل الخط بسرعة , هذه عادته أن يختصر الحديث بسرعة . جلست على طرف النافذة وراحت تتأمل الحديقة , حل الليل وبدأت المناظر تضيء , فأرسلت لمخيلتها العنان وتذكرت لقاءها الأول بزوجها خلال سهرة باريسية , كانت زيارتها الأولى لباريس وكان فرحها بها كثيرا ,وبمناسبة حفلة الأستقبال أرتدت فستانا طويلا من المخمل الكريمي , عالي الخصر , صممته خصيصا لمناسبة زواج صديقة لها قبل أسبوع , أعد لوك يومئذ أستقبالا رائعا , وراحت سارة تراقبه وهو يحتسي عصير الفاكهة , لم تفكر لحظة واحدة أنه لا حظها , غير أنه فجأة أصبح قربها أنيقا ببزته السموكينغ , لمعت عيناه الرماديتان وقال بلطف: " تبدين حالمة ". قالت مبتسمة: " أتسلى كثيرا". " تعالي لنرقص". كان أمرا , وضع كأسه جانبا وقادها الى حلبة الرقص , ومرت بقية السهرة كالحلم , كانت تعيش في غيمة ذهبية وتعي النظرات الحسودة وغير المصدقة التي كانت تحدق بها , لم تكن مكترثة بأحد طالما ذراع لوك حول خصرها وعيناه الرماديتان تحدقان بها بينما كانا يرقصان. طرح عليها الأسئلة العديدة عنها وعن عائلتها ولم تخف شيئا عليه ,كانت تعرف بالطيع من يكون , من كان يجهل لوك أيليوت؟ كان الرقم الأول في الزاوية الأجتماعية لمدة سنوات عديدة ,ومع ذلك تجرأت في طرح العديد من الأسئلة عليه. نشأ في عائلة فقيرة , وتسلق سلم النجاح بسرعة غريبة , وساعد أخوته في أخذ مراكز مرموقة فقالت له: " مثل نابليون الذي وضع أخوته وأخواته على عرش أوروبا". " لم أصل بعد الى هنا". " ربما تصل يوما من الأيام". منتديات ليلاس " ربما". " أتساءل أذا كانوا يخافون منك؟". " لماذا؟". " لا أعرف". " هل تعرفين أنك أمرأة جميلة وذكية أيضا". ولما عادت الى لندن أدركت أنها وقعت في حبه ,ولحق بها لوك ال ى لندن. بعد أسابيع , تزوجا وسافرا الى الولايات المتحدة الأميركية , ودام شهر العسل ثلاثة أشهر ,كان حلما طويلا ويقظا , جنة حقيقية , تدفع ثمنها اليوم قلقا ويأسا وقنوطا. |
3- قنبلة جديدة تنفجر في وجه سارة , ثقتها المطلقة بجايسون لم تكن في محلها فقد أختفى جايسون لدى طلب لوك رؤية الدفاتر وتبيّن أنه لم يكن أمينا ..... ثم سافر لوك بسرعة فائقة! جاء عدد كبير من أصدقاء سام الى منزله للوداع الأخير ولتقديم التعازي لأبنته الوحيدة سارة , وكان معظمهم يعرفونه من زمان , وجوههم تعبر عن الحزن والأسف لموت هذا الرجل الذي ما زال في سن الشباب ,سارة الشاحبة في لباس الحداد تتنقل من مجموعة الى أخرى , شاكرة الجميع بأبتسامة خفيفة وبعض الكلمات اللطيفة , أما بيري وعائلته فكانوا جالسين قرب المدفأة ينظرون اليها بقلق وأسى. همست السيدة دوريل تقول قلقة: ط تبدو سارة في حالة يرثى لها". تنهد السيد دوريل وقال: " لا شك أن وفاة سام كانت صدمة كبيرة لها , كانت تعزه معزة صديق وأب وأخ , وستتألم لفقدانه , أنا مسرور , يا بيري , أنك دعوتها لقضاء بعض الوقت في منزلنا , فالجو العائلي أهم ما تحتاج اليه في الوقت الحاضر. منتديات ليلاس قال والده مقطبا الحاجبين: " ولوك أيليوت ليس أحمق بكل تأكيد , أتساءل ما هي نيته ". " قالت لي سارة أنه من الصعب العيش معه , وأخطأت عندما أعتقدت أنها تبالغ". تبادل والداه النظرات القلقة وتنهدت السيدة دوريل , فهي تحب سارة حبا كبيرا وتأمل في أن تصبح كنتها لتساعد بيري على الأستقرار وتأسيس عائلة , فهي تتمنى تدليل أولاد أبنها بعدما دللت أولاد بناتها. أما سارة فكانت تشعر بالأرهاق , الأيام الأخيرة كانت صعبة جدا , نظرت الى النافذة ورأت السماء الرمادية الملبدة بالغيوم السوداء التي تهدد بالعاصفة , أرتعشت وأصبحت تتمنى أن ترى جميع الناس المحبين يغادرونها لتلجأ الى الراحة والسكينة . أخيرا قرر الجميع الذهاب , فودّعوا الفتاة التي شعرت بأرتياح , ولم يبق معها سوى آل دوريل وجايسون والمحامي. نهض المحامي وقال بلطف: " يا أبنتي أتصور أنك تفضلين الأنتظار حتى نهار الغد لقراءة الوصية". " طبعا". ثم نهض جايسون بدوره وقال: "وأنا كذلك يجب أن أعود الى منزلي , يا سارة , لا شك أنك ستأخذين بعض العطلة , أليس كذلك؟". " نعم , في الأسبوع المقبل , لكنني سأمر الى المكتب في الغد , أنا أكيدة أن العمل كثير ولا داعي أن تواجهه وحدك ,ستكون منشغلا في تحضير دفاتر المحاسبة ". أبتسم جايسون وقال: " لا تفكري بالأمر , أفضل أن ترتاحي الآن , أذ يبدو عليك الأرهاق والتعب". قالت السيدة دوريل فجأة : " هذا صحيح , يا عزيزتي سارة , يجب أن ترتاحي ". أضاف السيد دوريل بلطف: " لست مستعجلا للأطلاع على دفاتر المحاسة , بأمكاني الأنتظار أسبوعا أو أسبوعين". " لكن أنا لا أستطيع الأنتظار". صدر هذا الكلام عن لوك أيليوت الذي كان واقفا على عتبة الباب , نظر الى الجميع بمرح وقال: " قدميني يا سارة , من فضلك". أحمرت المرأة وقامت بالتعريف بصوت مرتجف: أقترب مايكل دوريل في الحال ومد يده وأبتسامة تهذيب على شفتيه. سأله أيليوت بعد أن سلم عليه: " هكذا أذن, تريد شراء أسهمي؟". تدخل بيري بوقاحة وقال: " كهدية العرس لسارة ولي". أنصدم والده لهذه الوقاحة ونظر الى لوك الذي لم يتأثر ظاهريا بالأمر , حاول السيد دوريل تخفيف حدة التوتر وقال: " أذا أردت أن تبيع أسهمك , أكون قد حققت أستثمارا جيدا , وأتصور أنك تنوي بيع حصتك بسعر معقول". ردد لوك قائلا: " بسعر معقول , حسنا! سنرى ذلك عما قريب". ثم ألتفت الى جايسون الذي ظل صامتا وقال: " الى صباح الغد , في الحادية عشرة , في المكتب يا جايسون". ومن دون أن ينتظر رده , تابع يقول موجها حديثه الى آل دوريل : " والآن , لديّ أعمال شخصية مع سارة , وأذا سمحتم أن تعذرونا.....". نهض آل دوريل بأنزعاج وجددوا تعازيهم لسارة وهم يتوجهون نحو الباب , شكرتهم الفتاة بلطف , كانت تود أن يذهبوا حتى تتمكن من أعطاء رأيها للوك عن تصرفه الوقح. منتديات ليلاس وكان بيري آخر من قرر الذهاب , أمسك بيد سارة وقال بأستغراب: " يا ألهي! بأمكاني أن أفك عنقه! لا تدعيه يخجلك , يا حبيبتي , هل تريدين أن أبقى هنا حتى رحيله؟ لا أحب أن أدعك وحدك معه". قالت مبتسمة: " لا تقلق , صحيح أنه ديكتاتور لا يطاق , لكنه ليس بمجرم! شكرا لعرضك هذا , فهو يشرفك". وقفت على رؤوس أصابعها وعانقته فأمسكها بين ذراعيه وبادلها العناق بشغف , تخلصت من قبضته ودفعته نحو الباب وقالت : " سأذهب لموافاتك متى رحل ". |
أتكأت على الباب لتستعيد قواها لمجابهة لوك ,ولما دخلت الصالون كان ينظر من النافذة الى سيارة آل دوريل وهي تبتعد , ثم ألتفت بها ورمقها بنظرة باردة , أقترب منها بعد أن أخرج من جيبه منديلا أبيض وقال: " حمرة شفاهك طافحة". وقبل أن تتمكن من الأبتعاد ,كان قد مسح شفتيها بحركة عنيفة كأنه يريد أن يمحي آثار عناق بيري. أنفجرت سارة مبعدة ذراع لوك: " كنت قليل التهذيب مع آل دوريل". " قليل التهذيب؟ أنا؟". منتديات ليلاس " ولماذا هذه النظرات المندهشة ؟". " الذي تصرف بوقاحة هو صديقك عندما تكلم عن هدية العرس , ألا يعرف أنك ما تزالين زوجتي.....". " زوجتك؟ منذ سنتين ونحن لا نعيش معا , لماذا تريد من بيري أن يمثل؟". " أنا ما أزال زوجك". " كف عن هذه المسرحية , متى تقبل الطلاق؟". " لنبدأ بتسوية الأمور أولا , ما هي خططك ؟ لا شك أنك تحدثت عنها مع سام , فأسعار البورصة أنخفضت في الأيام الأخيرة , لكنها سترتفع في النهاية , أذا أردت تطوير الشركة , يجب الأستثمار , ما هو المبلغ الذي تملكينه؟". " لا أعرف , هذا شأن جايسون". هز رأسه وقال: " الظاهر أنك توكلين له كل المهام ". " ولم لا؟ كان والدي يثق به كليا ". " أعرف ذلك , أذن, غدا سأتمكن من أخذ القرارات المطلوبة , قراءة الوصية ستتم غدا في العاشرة ,أليس كذلك؟ موعدنا في العاشرة". تنهدت ثم قالت: " سأتصل بالمحامي لأرى أذا كان هذا الوقت يوافقه , لكن وجودك ليس ضروريا ". نظر اليها بسخرية وقال وهو يتوجه نحو الباب : " سنتكلم بالأمر في وقت لاحق , الى الغد". نظرت اليه غير مصدقة , لم يبق ألا خمس دقائق , لماذا جاء أذن؟ لماذا طلب من آل دوريل الذهاب ؟ لماذا يريد أن يكون حاضرا عند قراءة الوصية ؟ لماذا هذه الملاحظة الغامضة بما يخص جايسون؟ أرتمت في مقعد قريب وأغمضت عينيها ,آه , لو لم تكن متعبة! أستقبلتها السيدة دوريل بحرارة ثم قالت لها: " أذهبي وأستريحي قليلا في غرفتك , تبدين شديدة الأرهاق , سأجلب لك فنجانا من الحليب الساخن , فبأمكانك أن ترتدي مئزرك وتنسي العالم كله". أبتسمت لها سارة بأمتنان فهي تحب هذه المرأة الحنونة الرؤوفة حبا كبيرا , لأنها تذكرها دائما بوالدتها التي فقدتها منذ الصغر. " آه , شكرا , أنها فكرة رائعة! أنا حقا شديدة الأرهاق وغير قادرة أن أفعل شيئا , هناك الدفن و.... أنني أرتعد بردا". وضعت السيدة دوريل ذراعا حول كتفي سارة وقالت: " عليك أن تأخذي الأشياء واحدة واحدة , يا أبنتي الصغيرة , أذهبي أذن وأسترخي وسأصعد لموافاتك بعد خمس دقائق". خلعت المرأة ملابسها وأندست في السرير , الشراشف نظيفة والغطاء سميك ودافىء , شيئا فشيئا بدأ النعاس يحتلها. دخلت السيدة دوريل على رؤوس أصابعها حاملة فنجانا في يدها فشكرتها سارة بصوت ناعس: " شكرا جزيلا". " أشربي الحليب قبل أن تنامي , فأنت بحاجة الى الغذاء , لا شك أنك لم تأكلي شيئا طيلة النهار". منتديات ليلاس جلست سارة وجرعت السائل الكريمي كأي فتاة مطيعة , ثم تمددت من جديد , ووضعت يدا تحت خدها ونامت في الحال. حلمت بأنها تمشي على حافة صخرة منحدرة والريح تعصف بعنف وسط الغيوم المتلبدة السوداء , كادت سارة أن تلمسها بيدها لشدة أنخفاضها , ثم سمعت صوت خطوات حصان على الأرض , فألتفتت ورأت حصانا أسود يتجه نحوبها , مقتربا من الهوة , فتجمد قلبها رعبا , وفي كل لحظة كان الحصان والرجل الذي يمتطيه على وشك السقوط في الهوة , فجأة , أصبح احصان قربها , وأنحنى الرجل ليحملها ويضعها على الحصان قربه , وكان هذا الرجل لوك نفسه , فجأة لمع البرق في السماء وعصف الرعد , ضحك لوك ضحكة شيطانية , فغطت وجهها بالأحتماء فيه وراحت تصرخ من الرعب , أكمل الحصان طريقه وكانت سارة تتوسل الى لوك أن يقف. ولما توقف أخيرا , رفعت رأسها وراحت تتأمله لكن الرجل لم يكن لوك. فالرجل الذي كان ينظر اليها بنظرات تهديدية كان رجلا غريبا , لا تعرفه , أقترب وجهه ببطء وفتح فمه , أما هي فكانت مشلولة كأرنب سحره ثعبان ,ولما وضع فمه على فمها , تمكنت من القفز أرضا وراحت تركض مسرعة. الريح تعصف بالعشب , والأمواج تتكسر على الصخور والنوارس تحلق في السماء الرمادية مطلقة أصواتا رهيبة وفجة . وبينما كانت تركض راحت تنادي بصوت مرتفع : (لوك ) فجأة لمحت مغارة غامضة فوقها وكان لوك واقفا في مدخلها,حاولت التسلق اليه , لكن قدميها أنزلقتا وسقطت على الأرض. |
وأستيقظت وهي تشهق بالبكاء وفتحت عينيها , كانت الغرفة مغمورة بالظلام , لكن سرعان ما غطّت بنوم هادىء من جديد , ولما أستيقظت , كانت تشعر بالراحة والأنتعاش , ألقت نظرة الى ساعة يدها , كانت الساعة التاسعة , شعرت بجوع قوي وتساءلت بقلق ما أذا كانت ربة المنزل قد وضعت حصتها من العشاء على حدة. وبينما كانت تواجه هذه المشكلة , أنفتح الباب وظهرت كاتلين في عتبته , أبتسمت عندما رأت سارة مستيقظة. " عظيم! بدأنا نشعر بالقلق عليك , هل تريدين أن أصعد لك صينية العشاء ؟ وضعت أمي عشاءك على حدة وما يزال ساخنا ". " لا تزعجي نفسك , سأنزل وأتناوله في غرفة الطعام , أو في المطبخ". " أنت لا تزعجيني , أبقي متمددة , فسأصل في الحال". تثاءبت سارة وشعرت بأرتياح في داخلها , عادت كاتلين بسرعة حاملة عشاء فاخرا على صينية وضعتها على ركبتي سارة وقالت: " حساء البازيللا , وفطائر بالدجاج والفطر , أنصحك بالفطائر ساخنة". " هل أعددتها بنفسك؟". منتديات ليلاس " نعم , كيف عرفت , قررت اليوم أن أساعد والدتي لأن الطاهية تزوجت خلسة من بائع الحليب". " آه , لا!". " الحب من النظرة الأولى! أنه شاب قصير وأصلع.......". " فطائرك لذيذة والصلصة رائعة". ثم خرجت بسرعة من الغرفة مغلقة الباب وراءها , وعرفت سارة ما تقصد كاتلين قوله , وتهيأ لها أن السيدة دوريل تفكر بالشيء نفسه , فالأم والأبنة تخشيان ألا تكون سارة الزوجة الأكيدة لبيري,و تتمنيان له زواجا سعيدا , وبالرغم من محبتهما لسارة , ما زالتا تتساءلان بقلق فيما أذا كانت المرأة لا تدع عزيمتها تثبط لأقل مشكلة أو أي ظل. وتساءلت : هل هما على خطأ ؟ هل تحب بيري حبا كبيرا قادرا أن تتحمل كل المفاجآت الناتجة عنه؟ وأدركت أن عاطفتها أتجاهه لم تكن قوية كالعاطفة التي كانت تكنها للوك , لكن ألم يقسما عدم مقاساة العذابات نفسها؟ كانت الصداقة الحقيقية تجمعهما , ولم تأخذ علاقتهما أتجاها جديدا ألا في الآونة الأخيرة. هل هي أكيدة من أمكانية الزواج من بيري كما أصرت على ذلك أمام لوك؟ ظلّت فترة طويلة ممددة في الظلام تحيك الأفكار الغامضة , بالفعل لم تظهر لبيري أنها تحبه , لكنها لم ترفضه أيضا. وفي صباح الغد , عندما نزلت الى غرفة الطعام كان بيري يتناول الفطور وحده , نظرت اليه وهو يتناول الخبز المحمص ثم قالت بصوت هادىء: " بيري , لقد سبق وتحدثنا عن الزواج , لكن كما سبق وقلت لك ليلة وفاة والدي, أن عواطفي......". " أتذكر تماما , وأتذكر أيضا عناقك , لا تبالي بالأمر يا حبيبتي , سنجد حلا". منتديات ليلاس عضت على شفتيها بعصبية وقالت متوسلة: " بيري , أنا لست أكيدة.... فرؤيتي للوك من جديد ........". " لم تتمكني بعد من نسانه ,أليس كذلك؟". صرخت بصدق قائلة: " آه لا! لكن الزواج عملية جدية , لقد سبق أن عشت تجربة سيئة ولا أريد أن أكرر السقوط بالخطأ نفسه مرة جديدة". " أعدك.... أعرف ما تشعرين به , أنت وأنا مختلفان , أتحادنا ليس عاصفا ,لكنه هادىء ,متين وكريم .....". تنهدت ولمعت األأبتسامة في وجهها وقالت: " آه بيري! هذا أمر رائع". أنحنى يعانقها ثم قهقه ضاحكا وقال: " المربى على أنفك , يا ملاكي , أنزعيها وأستعدي للقاء المحامي ". تمت قراءة الوصية بسرعة ومن دون مفاجأة : سارة هي الوريثة الأساسية , لكن سام أوصى بأعطاء بعض الأشياء الشخصية الى لوك , كقداحته الذهبية وساعة يده وسلسلته وكل الكتب التي يريدها. ولما وصل الى هنا , تنحنح المحامي ليوضح صوته ونظر من وراء نظارتيه وأعلن: " هناك ملحق للوصية أضيف حديثا". أحمرت وجنتا سارة وأشرأب الغضب في وجه بيري , أذن سام كان يكن للوك محبة خاصة ويرجو في ملحق الوصية أن تتصالح أبنته يوما ما مع زوجها. نزع المحامي نظارتيه وسعل ثم نظر الى الحضور قائلا: " هل لديك أي سؤال , يا سارة؟". " لا شيء , الى اللقاء يا سيدي , وشكرا". قال لوك بصوت هادىء : " المحامي سيرافقنا , يا سارة". ألتفتت اليه مندهشة وقالت: " آه! لماذا؟". " أجاب من دون تفسير : " أريده أن يكون حاضرا , هذا الصباح". |
ولما وصل الجميع الى مكتب الشركة , أستقبلتهم سكرتيرة أنيقة وأبتسمت لسارة وعزّتها بكلمات ودودة , فأحنت سارة رأسها وقالت لها: " شكرا". سألها لوك ببرود: " هل السيد جايسون وود هنا؟". فوجئت المرأة وأجابت : " كلا , يا سيدي". " متى يصل قولي له أننا ننتظره في صالة الأجتماعات ". نظرت السكرتيرة الى سارة مترددة فأسرعت سارة قائلة: " نعم ,أطلبي منه أن يوافينا". " لكن السكرتيرة أحتجت مندهشة : " لكن.... لكن السيد وود ليس هنا اليوم , وهناك عدة أتصالات تخصه......". قاطعها لوك قالا: " حاولي الأتصال به في المنزل ". هزت كتفيها وقالت: " حاولت مرارا ولم يرد عليّ أحد". منتديات ليلاس أطلق لوك شتيمة سريعة وألتفتت سارة اليه مضطربة وقالت: ماذا يجري , يا لوك؟". نظر اليها وقال بحذر: " تعالي". وتوجها الى صالة الأجتماعات , وتبعهما بيري والمحامي بعدما تبادلا النظرات المفاجئة , لكن بيري أدرك أمرا ما ورجع الى الوراء وقال للسكرتيرة: " أنتظر والدي : مايكل دوريل , وأرجو أن تدليه على الطريق عندما يصل". سألت سارة : " الآن , أشرح لي الأمر , يا لوك؟ ما يجري هنا؟ هل حدث شيء لجايسون؟". " أخشى ألا يكون قد غادر البلاد". فتحت سارة عينيها بأندهاش وقالت: " جايسون , لكن , لماذا؟". " سارة , لم آت الى هنا بالصدفة , والدك هو الذي طلب مني الحضور , كان يشك بجايسون ويتهمه بالأختلاس , لكن , بسبب مرضه , كانت تنقصه البراهين , لكنه مات قل أن أبدأ بالبحث والتحقيق , باشرت تحقيقا صغيرا ولما أقترح السيد دوريل رؤية دفاتر المحاسبة أغتنمت الفرصة لأسرع في طلبها من دون أن ألفت أنتباهه , كنت أعتقد أنه سيريني أياها , وأكتشفت أنه كان يقوم بعمليات مالية غريبة , لكن ما دامت الدفاتر ليست في حوزتي , لم أكن أكيدا من شيء , كنت أتوقع بعض الممطالة من جانبه ولهذا السبب طلبت من المحامي الحضور , لكن الظاهر أن القصة خطرة أكثر مما كان سام يتوقع , وألا لجاء جايسون الى الموعد". منتديات ليلاس جلست سارة في أحد المقاعد الجلدية المحيطة بالطاولة ,لشدة هلعها وقالت: " لا يمكنني تصديق ذلك! جايسون !آه , لوك , ربما أنت مخطىء ". تدخل المحامي قائلا: " لوك , ليس لدينا براهين وأدلة ,ومن المفروض عدم التسرع في الأمور والقفز الى الأستنتاجات ربما هناك أسباب عديدة تبرر غياب السيد وود". " أنا متفق معك كليا , ولا أرى سببا للأنتظار هنا مطولا , أذا لم يظهر جايسون في غضون أربع وعشرين ساعة , سأعلم الشرطة بالأمر". رمقه بيري بنظرة قلقة وقال: " أنت تشتبه بجايسون بأختلاس أموال الشركة , أليس كذلك؟". نظر اليه لوك بسخرية وقال: " تماما". " وحسب رأيك الى أي حد من الأختلاس وصل؟". " لا أعرف , لديه صلاحية مطلقة , وبما أن سارة كانت بريئة في عملها , فكان يقنعها بأنها هي المديرة , بينما كان يتصرف بالفعل كأنه هو المدير , الله وحده يعلم مبلغ الخسارة!". قالت سارة بصوت منخفض: " أنا لا أشعر بحالة جيدة , آه,لوك ,آمل أن تكون على خطأ , كنت أحب جايسون كثيرا وأثق به كليا , لماذا تصرّف هكذا؟". نظر لوك اليها بعطف وقال: " يا أبنتي العزيزة , قام جايسون بأدارة هذه المؤسسة خلال سنوات عديدة , كان يعمل بصدق وأخلاص لوالدم , ولم يتلق أتجاه أتعابه ألا معاشه.... معاش مرتفع , لكنه معاش وحسب , كان يعرف أن كل هذه الأموال ستعود اليك , أنت التي لا تعرفين شيئا عن الأعمال , وأفهم بأنه شعر بمرارة لهذا الوضع". صرخت بسخف: " كنت أتصور أنه يحبني ويحترمني". أجابها لوك وفي عينيه بريق ساخر وعلى شفتيه أبتسامة عريضة : " أنا أكيد من ذلك". ربت بيري على كتف الفتاة وسألها: " كيف تشعرين , يا سارة ؟ هل تريدين كوبا من الماء؟". نظر لوك الى ساعة يده وقال: " علي الذهاب , وأنت , يا كلايت سآخذك معي الى مكتبك وأنتهز الفرصة لأسوي بعض الأمور العالقة معك". سألته سارة وهي تنهض بسرعة: " أين أنت ذاهب؟". فقدت المرأة الثقة بنفسها بعد كلام لوك وشعرت بعدم أمكانية تدبير الأمور بنفسها , ولم تكن تريد أن تبقى وحدها , فقال لها وهو يتجه بخطوات واسعة نحو الباب: " سأتصل بك". ألتقى بالسيد دوريل وهو خارج من المكتب وأشار اليه بأنحناءة من رأسه ثم أختفى. |
دخل دوريل الى صالة الأجتماعات مقطب الحاجبين وسأل : "أين ذهب أيليوت بهذه العجلة؟". بدأ بيري يشرح له حقيقة الأمور , فكان يصرخ بذعر وينظر الى الفتاة الجالسة مكانها والمحدقة بصورتها في زجاج الطاولة , حالمة , فقال: " ما زالت تحت تأثير الصدمة , من الأفضل أن ترافقها , يا بيري , ألا تكفي وفاة سام". أقتربا من سارة وأنحنيا بأهتمام وساعداها على النهوض , سارت نحو الاب كالدمية تنظر في الفراغ , حدقت فيها السكرتيرة بفضول. وبالكاد أدركت سارة أنها وصلت الى منزل آل دوريل , لقد لجأت الى صمت كلي , فكانت السيدة دوريل متأسفة جدا لهذا النبأ وساعدت سارة في الصعود الى غرفتها. نظر السد دوريل الى أبنه بهدوء وقال له: " الوضع تغير الآن بصورة كاملة , يا أبني ولا يمكنني الأستمرار في طلب شراء أسهم لوك , ما دمنا لا نعرف بوضوح ماذا يجري". " طبعا , يا أبي , لكن ماذا سيحل بسارة ؟ أعني , أذا.........". " أذا فقدت ثروتها؟ أنت الذي يقرر الأمر". منتديات ليلاس " أنا أحبها يا أبي , ولاشك أنها تعاني صدمة كبيرة , لقد تركها جايسون وود في مصيبة كبيرة , وأنا لا يمكنني أن أفعل الشيء نفسه ". كانت سارة ممددة في سريرها ترتجف بردا بالرغم من زجاجة الماء السا خنة التي وضعتها السيدة دوريل تحت الغطاء , خيانة جايسون تؤلمها بعدما وثقت به كليا , لا شك أن لوك مخطىء والأمور ستتوضح عما قريب. جلست وأدارت رقم هاتف فندق الهيلتون وطلبت الكلام مع السيد ايليوت , فأجابت موظفة الهاتف قائلة: " السيد أيليوت ؟ أخشى أن يكون قد غادر الفندق". " ومتى سيعود؟". " أنه مسافر الى نيويورك , بعد ظهر اليوم". " نيويورك ؟ هل أنت جادة فيما تقولينه , هل تتمكنين من تأكيد الحجز؟". " كما تريدين". بعد صمت دام طويلا , عادت الموظفة لتقول بأحتقار وترفع : " نعم , السيد أيليوت دفع فاتورته وسيأخذ الطائرة المتوجهة الى نيويورك في تمام الثالثة بعد الظهر". أقفلت سارة الخط ودخلت الى سريرها , بيضاء كالثلج , رحل لوك من دون كلمة , لماذا؟ فجأة , خبأت وجهها بين يديها المرتجفتين وأدركت بوعي أن لوك الرجل الذي يعتبر عمله أهم شيء في حياته , تصرف مثل دبابة مرت على جسمها وطحنتها , ثم ولّى ذاهبا غير مهتم بالدمار الذي أحدثه وراءه. وعادت الى ذاكرتها الشهور الأولى لزواجهما , كانت واضحة كأنها حصلت في الأمس , كانت سعيدة في بادىء الأمر , ثم شيئا فشيئا , بدأت ترى لوك أقل فأقل بينما كان ينغمس أكثر في العمل , وأحيانا لا يعود في المساء أبدا ولا يتصل بها ليشرح لها سبب تغيبه , وذات يوم قال لها: " أنا أكيد أنك ناضجة كفاية لتتسلي وحدك ,أليس كذلك؟ من أجل السماء! هل تعتقدين أنني قادر على البقاء تحت قدميك ليلا نهارا؟". ومنذ ذلك الوقت أنكمشت على نفسها , لا تدري ما تفعله , ولم يدرك لوك هذا الأمر , كان طلب منها فقط أن تكون جميلة عندما يأتي المدعوون , فكان يضع يده على خصرها وهي ترسم أبتسامة عريضة على شغتيها , بينما يستقبلان الضيوف , كانت تحاول تسليتهم خلال السهرة ببعض الكلمات اللائقة والأخبار العصرية , ومع ذلك كان ينتقدها أنتقادا لاذعا أذ كان يقول: " تبدين فتاة غير ناضجة , ولا تعرفين الأشتراك في الحديث , متى تتوصلين الى سهولة التعبير مثل فيكتوريا؟". منتديات ليلاس فيكتوريا... تقطب وجهها لدى تذكر فيكتوريا بلير , الممشوقة السمراء , المتعجرفة , التي أصبحت مثالها الوحيد , وكان واضحا أنها فرحة بلوك , شيئا فشيئا بدأت سارة بالأعتقاد أن لوك مغرم بها أيضا , لم يتفارقا أبدا منذ أن أحتلت فيكتوريا مركزا مهما في شركته , أنها أمرأة طموحة وباردة وجذابة. كانت سارة تكره هذه المرأة ولم تكن قادرة على مجابهة الوضع , وحتى عندما كان يظهر لوك عن لطفه أتجاهها كانت تحتار وترتبك , وعندما يتصرف معها كالعاشق الملتهب لم تكن قادرة على مقاومته بالرغم من شدة تعاستها وقلقها الكبير , لقد وضعها في الفخ وسجنها بسحره............ وشيئا فشيئا ولقلة نضجها وتجربتها في الحياة , أدركت أن حبها له بدأ يتحول الى خوف ثم الى كراهية , وحينذاك قررت العودة الى والدها , وكانت تنتظر منه أن يطلب الطلاق ليتزوج من فيكتوريا , لكن لم يحدث ما كانت تتوقعه , هل كانت فيكتوريا ضد فكرة الزواج؟ ربما هذا هو السبب لعدم زواجه منها قبل لقاء سارة , وحسب المظاهر , ظلت علاقات فيكتوريا ولوك هي نفسها , بالرغم من الأشاعات التي تعلنها الصحف عن علاقاته بنساء أخريات غيرها. ومن دون شك لم يكن لوك حيوانا أليفا , عالمه الوحيد كان غابة أعماله , كان يتأثر بها بسهولة النمر , ولم يكن مستعدا للزواج بل يفضل الحرية. نهاية الفصل الثالث |
4_ سارة تعرف يوما من السعادة برفقة بيري ألا أنها تجد نفسها مجبرة على الذهاب الى الولايات المتحدة الأميركية لأجراء معاملات الطلاق , بيري يبدي تخوفه وقلقه من هذه الزيارة الخطرة...... كانت سارة تتناول فطور الصباح عندما أتصل بها المحامي ليخبرها بالتعليمات التي أوصى بها لوك , والمفروض أن تتبعها , قال لها: " حتى نهار الغد , أذا لم يعد السيد جايسون وود ولم يكتب لتوضيح الوضع , أوكلني السيد أيليوت أن أبلغ الشرطة بالأمر , وفي الوقت الحالي , تقوم فرقة من المحاسبين بتدقيق دفاتر المحاسبة , أوصاني لوك أن أعلمك بالأمر , وهو يطلب منك ألا تقلقي , يريدك أن ترتاحي وتنسي العمل". أجابت سارة بصوت هادىء: " أنا شركة والدي!". بعد ليلة قضتها في نوم عميق , شعرت سارة بالحيوية وقررت مجابهة المستقبل بعزم, لم يتغير شيء , فهي تعرف أن العمل يأتي أولا بالنسبة الى لوك , أذا تصرفت في الأمس بضعف فلأنها كانت ما تزال تحت تأثير الصدمة , أما اليوم فهي قادرة على مجابهة أي وضع مهما كان صعبا. أظهر المحامي عن هدوئه وقال لها: " طبعا , يا سارة ,لكن أيليوت على حق , لقد عانيت الكثير في المدة الأخيرة , وأنت حقا متعبة وبحاجة الى الراحة , لماذا لا تأخذي بضعة أسابيع عطلة؟ أذهبي....... ما رأيك برحلة في جنوب فرنسا؟ أو في أيطاليا, مثلا؟". منتديات ليلاس سألته ببرود: " ومن يقوم بالعمل داخل الشركة, خلال هذا الوقت ؟". " لقد فكر السيد أيليوت بالأمر ". أحمر وجهها غضبا وقالت بعد تردد بسيط: " آه نعم! وماذا فعل؟". أجابها معتذرا : " سيرسل شخصا من نيويورك ليأخذ على عاتقه القيام بالأشياء الحاصلة في الشركة , أنه رجل ذو خبرة كبيرة وأنا أكيد بأنك ستوافقين معي على كفاءته". أجابت بجفاف: " ما دام لوك سيرسله فكيف لا يكون كفوءا". أطلقت زفرة وأضافت: " أرى أن لا خيار لدي , الى اللقاء وشكرا". أقفلت الخط وتوجهت الى النافذة , كان وجهها قاسيا , كل ما تنبأت به يحدث , فلوك يقلع كل شيء من دربه كالزوبعة ولا جدوى في مقاومته , أنه يملك أكثرية الأسهم ويريد بطبيعة الحال التخلص منها , كانت تشك بصحة توقعاتها , لكنها أصبحت الآن أكيدة من ذلك". منتديات ليلاس ما هو المبلغ الذي أختلسه جايسون؟ وما هو الوضع المالي داخل الشركة؟ لولا لا يتحمل أن يسرقه أحد , فسيلاحق جايسون بأستمرار . كانت سعيدة لأن والدها مات قبل أن يعرف الحقيقة , لكن الذي يجرح شعورها وكبرياءها هو أن سام واثق بلوك وفضل اللجوء اليه بدلا منها ,لماذا فعل ذلك يا ترى؟ لا شك أنه لم يكن يعتبرها متينة لمجابهة الوضع , ألتفتت بالمرآة ورأت فتاة ممشوقة نحيفة , وكتلة من الشعر الأشقر الفضي وعينين زرقاوين واسعتين فقالت لنفسها : يجب أن أتعلم أن أكون قاسية , لوك يتدبر أمره وبأمكانه مجابهة أي وضع بقسوة وتصلب ومثابرة , آه لو كنت أشبهه.... لما تدمر زواجنا .... كان يجب عليّ أن أكون بذكاء وحماس فيكتوريا , هذا النوع من النساء يعجبه كثيرا , حتى والدي لم يكن واثقا بي , ولو في الأوقات الصعبة. |
أنتفضت لدى سماعها طرقا على الباب فهتفت: " أدخل". دخل بيري , توقف على عتبة الباب مترددا , ثم نظر اليها نظرة ثانية وقال: " كيف تشعرين اليوم؟". تلألأت أبتسامة واسعة على وجه سارة فأجابت: " أشعر بتحسن كبير , شكرا , وأنت, كيف حالك؟". أطلق بيري زفرة أمتنان وقال: " وأنا أيضا , أخذت يوم عطلة وبأمكاننا أن نقضيه معا , ما رأيك بنزهة في الجبل وبغداء في الحانة". " آه ,أنها فكرة رائعة ,يا بيري , هل تعرف مكانا معينا؟". " أعرف حانة في تودور , حيث الطعام لذيذ ونظيف , تقع قرب ساقية صغيرة , فتقوم بالنزهة قبل الغداء لتفتح شهيتك". صفقت وقالت: " رائع!". سألها بيري محدقا بثوبها االأسود: " كم يلزمك من الوقت لتصبحي جاهزة؟". منتديات ليلاس " أنك تعتبر ما أرتديه غامقا ,أليس كذلك؟". " " حبيبتي , ربما أعتقدت أنني أنسان جاف لكن سام كان يكره الحداد ولا يحب أن يراك بثياب سوداء , تبدين شاحبة كالشبح". تنهدت وأجابت: "أنت على حق , سام لم يكن يريدني أن ألبس الحداد , فهو يحب الألوان الفاقعة , قال لي مرة , أن الحياة صنعت للأحياء , والحسرة الدائمة تسبب الأألم". وضع بيري ذراعه حول كتفيها ونظر اليها بحنان وقال: " ماذا لو ترتدين بزتك الرمادية؟ أنها تليق بك وتكونين هكذا بلباس نصف حداد". أبتسمت وقالت : " يا لك من دبلوماسي شاطر! حسنا , سأكون جاهزة بعد ربع ساعة". أضاف بيري وهو يتوجه الى الباب: " لا أصدق قبل أن أراك". كانت بزتها الرمادية مصنوعة من القماش الصوفي الخفيف , السترة تصل الى الخصر والتنورة مكسر , ولما رآها بيري أطلق صفرة أعجاب , ثم أبتسم لها فسألته: " ما رأيك؟". " أنت رائعة!". كانت الشمس تلمع وتحيط المنظر الخريفي بهالة ذهبية , بينما كانت السيارة تجوب الطرقات الضيقة المتعرجة , الأشجار بلا أوراق أول الشتاء تبرز جذوعها العارية بأناقة وسحر , الطيور السوداء تبحث عن الطعام في الحقول , ثم تطير من حقل الى آخر , أحتل سارة حزن وقنوط وقالت: "الشتاء على الأبواب ". وكذلك عيد الميلاد , أحب مراسم هذا العيد والأحتفالات , وأنت؟ أتعرفين أن والدتي ما زالت تقدم لي حذاء العيد ؟". " آه , يا بيري ! صحيح؟". " نعم , تتسلل الى غرفتي بالسر وتضعه تحت سريري خلال الليل , في الماضي كانت تملأه ألعابا , أما الآن فأرى في داخله مناديل أو عطورا , أو جوارب ,ودائما هناك برتقالة ملفوفة بالورق المذهب , بالنسبة اليّ , الميلاد .........يعني رائحة البرتقال وحفيف الورق حوله ". " والداك أنسانان رائعان , يا بيري ! أنت محظوظ , أتعرف ذلك ؟ وأنتم جميعا متفقون داخل العائلة وهذا نادر في أيامنا , لم تعد العائلة كما كانت عليه من زمان". " آه , لا شك أن العائلات السعيدة عددها كبير , أكثر مما تتصورين , في الصحف , لا يتحدثون ألا عن العائلات المنشقة". " أنت على حق , أنا أيضا كنت سعيدة مع سام, وكنا متفقين تماما". أوقف بيري السيارة قرب مجموعة منازل قديمة العهد تمتد أمامها حديقة واسعة , ثم قال: " على أصحاب هذه المنازل أن يقطعوا العشب المكدس". راحا يتمشيان ويتمتعان بهدوؤ وسكينة المكان , عرجا على كنيسة صغيرة مبنية من حجر , ثم وصلا الى طريق يؤدي الى النهر , الماء تنساب بكسل فوق المراعي المكسوة بالعشب الكثيف , الممر موحل , يتعرج تحت أشجار الحور فوق هوة عميقة ينبت فيها البيلسان وثمار العنب. كانا يمشيان بصمت وبطء ويتأملان مياه النهر الخضراء , أحيانا تبرز سمكة من خلال تعرجات المياه والهواء يعبق برائحة الأوراق الميتة والأرض الرطبة . فجأة توقف ببيري ونظر الى سارة وقال: " هكذا أذن, عاد أيليوت الى الولايات المتحدة الأميركية ؟". منتدي |
ات ليلاس " نعم ". كانت قد نسيت أن لوك موجود في هذه الدنيا , فسألها بيري : " وماذا حل بالطلاق ؟". " لقد حذرتك بأن الأمر صعب , سأتصل بالمحامي لهذا الخصوص". " بالسيد كلايت ؟ أنه في الوقت نفسه محامي أيليوت , أليس كذلك؟". تنهدت ثم قالت: " نعم , كأن لوك ميّال لأغتصاب الأشخاص , ومن الصعب مقاومته عندما يأخذ قرارا معينا , والآن طالما السيد كلايت يعرفه , فالتحدث اليه يكون سهلا". وصلا أخيرا الى الحانة , سقفها مبني من حجارة القرميد الأحمر ونوافذها فرنسية الطراز , وفي الداخل مدفأة مستعلة والديكور عصري يتناسق مع الخارج , الطاولة مصنوعة من خشب الجوز اللامع وعلى الجدران الخشبية علقت اللوحات ذات المناظر الطبيعية ,وفوق المدفأة مزهرية شاسعة في داخلها باقة كبيرة من أوراق الخريف. منتديات ليلاس كان الطعام لذيذا , مؤلفا من الروستو الأنكليزية التقليدية والخضرة وأنواع عديدة من الأجبان , حتى القهوة كانت رائعة , فسألها بيري: " ما رأيك؟". " رائع جدا". " سنعود الى هنا في المستقبل , لقد وجدت هذا المكان بطريق الصدفة , منذ بضع سنوات". " الوصول الى هذا المكان يتطلب أجتياز مسافة بعيدة عن العاصمة". " لهذا السبب لم أصطحبك الى هنا من قبل". وبعد أن دفع بيري الفاتورة , خرجا وراحا يتمشيان حتى الساحة الصغيرة , ثم صعدا في السيارة على مهل وتوجها نحو طريق لندن. همست سارة قائلة : "شكرا لهذه النزهة , أشعر بتحسن كبير هذا التغيير رفع معنوياتي كثيرا". هذا أمر حتمي , التغيير يفعل لمعجزات , المشي أنار وجهك وعيناك تلمعان الآن ". ضحكت ثم قالت : " الذي يمعك يعتبرني فتاة معاقة". " كنت تبدين هكذا نوعا ما". " أنت حقا تحب المديح والأطراء ". " آه , تحبين المديح ؟". نظر اليها بشغف وأضاف: " أنتظري حتى المساء ". منتديات ليلاس " سأنتظر بفارغ الصبر". كرّس لها بيري الأيام التالية , مهملا عمله بعد الأستئذان من والده , وكان يأخذها في نزهات بالسيارة , في الجبل المليء بالألوان الخريفية العديدة , وأمضت سارة أياما رائعة برفقته , فبيري رفيق حنون ويهتم بها تمام الأهتمام , ومنذ أشهر عديدة لم تقم بأي تسلية أو تأخذ أي عطلة , منذ سنتين وهي تعيش في تةتر دائم , والآن تحررت من الهم الذي كان يحتلها بسبب مرض والدها , ومن وقت الى آخر كانت تراودها الأفكار الحزينة , كلمة أو نظرة كانت تذكّرها بسام , لكن بيري كان يعرف ما يجول بخاطرها ويحاول جهده كي يبعد الحزن عنها. وذات يوم بينما كانا في صالون منزل آل دوريل , بعد الغداء في مطعمها المفضل , أخذ بيري سارة في ذراعيه وهي أتكأت برأسها على كتفيه وأطلقت تنهيدة وقالت: " أنت لطيف معي يا بيري". " هذا أمر سهل عندما يتعلق بك". |
طبع على رأسها قبلة ثم تجهّم وجهه وسألها: " هل أتصلت بالمحامي؟". " أتصلت به أمس وساراه صباح الغد". " هل تريدين أن أرافقك؟". " لا أعتقد أن ذلك ضروري , والأفضل أن أكون وحدي معه ". نظرت اليه وأحمر وجهها وقالت: " لا علاقة لك بالطلاق , أليس كذلك؟". " حسنا , لكن عليك أن تتأكدي من عزم المحامي وحزمه أتجاه أيليوت, وأطلبي منه ألا يسمح لأيليوت أن يتهرب من الوضع". " لا تقلق , سأكون واضحة معه". منتديات ليلاس لكن لقاءها بالسيد كلايت لم يكن كما توقعته , صحيح أنه كان لبقا معها , لكن ما أن فتحت له موضوع الطلاق حتى أوقفها بنظرات أعتذار وقال بسرعة: " لقد حذّرني السيد أيليوت أنه من الممكن أن تفتحي معي هذا الموضوع". " آه , صحيح؟ ومهما قال لك , لا تنس أنك المحامي الشخصي لي". " هذا غير صحيح, فأنا أيضا محامي زوجك منذ مدة طويلة". تقلصت وقالت: " هل أنت مستعد لسماع ما سأطلبه منك , أم تريدني أن أوكل محاميا آخر؟". مد لها يده ليهدىء من روعها وقال: " سيدة أيليوت , أرجوك , دعيني أوصل لك رسالة قصيرة". " من.... من السيد أيليوت؟". عضت على شفتيها وتنهدت ثم قالت: " جيد جدا , وماذا هناك؟". نظر السيد كلايت الى مكتبه , ثم بدأ يقول: " يطلب منك السيد أيليوت أن تأتي الى نيويورك أذا أردت الحصول على الطلاق". قفزت واقفة وقالت بأستغراب: " آه.........ماذا ؟ أنه أنسان وقح وتافه !.... ولماذا يريدني أن أذهب الى نيويورك؟ لا أرى الهدف من ذلك". منتديات ليلاس " من المحتمل أن تكون أجراءات الطلاق هناك أسرع ما هي عليه هنا , في بعض الولايات داخل أميركا يمكن الحصول على الطلاق بوقت قصير ,ويكفي الذهاب الى أميركا لتصبحي مقيمة هناك ". نظرت اليه محدقة وقالت: " هل صحيح أنه بأمكاني أن أصبح حرة خلال أسابيع معدودة؟". " نعم , الطلاق في أميركا أسرع مما هو عليه في أنكلترا, هنا الطلاق يأخذ شهورا وسنوات ,ويتعلق بالمحاكم". " هل أنت متأكد من الأمر , يا سيد كلايت؟". " تماما , زوجك أميركي الجنسية وأنصحك بالذهاب بسرعة الى أميركا للحصول على , الطلاق , أنها الطريقة الفضل حسب رأيي ". تنهدت وقالت: " أذن سأفكر بالأمر". |
أصر السيد كلايت أن يقدم اليها فنجانا من القهوة , وبينما كانت تحتسيه عرض عليها الوضع داخل مؤسسة والدها , أختفى جايسون ولا أثر له,ويقول رجال الأنتربول أنه خارج البلاد بعد أن أختلس مبلغا كبيرا من المال ولا شك أنه يعيش تحت أسم مستعار. ثم أوضح لها قائلا: " أخشى أن يكون وضعك المالي في حال دقيقة , في الوقت الحالي , ما دام المحاسبون لم ينتهوا بعد من الكشف على دفاتر المحاسبة ولا يمكننا التأكد من كمية الخسارة ,كل يوم يكتشوف مخالفات جديدة لجايسون". أجابته بذعر: " هل هناك أحتمال للأفلاس؟". أبتسم المحامي وقال: " لا, المؤسسة ستظل قائمة , لكن السيد أيليوت, على ما أظن, ينوي أحداث تغييرات مهمة داخلها , لا أعرف التفاصيل , نظرا الى نجاحه الكبير في المجالات الأخرى , فأنا أكيد بأن هذه المؤسسة ستزدهر مجددا". منتديات ليلاس " نعم , أنت على حق, لم يسبق للوك أن فشل أبدا". ولما أخبرت بيري عن رسالة لوك , شعر بالأندهاش وقال: " يريدك أن تسافري الى أميركا؟ ماذا جرى له؟". " أنه يعرف أهمية طلبه ,وقد قرر أن عليّ الذهاب الى نيويورك". سألها غاضبا: " وهل تنوين الذهاب؟". " أذا كان السيد كلايت على حق , فالذهاب الى أميركا أفضل شيء أفعله للحصول على الطلاق بالسرعة المرجوة". " نعم , يكون الأمر عظيما أذا كان صحيحا , أنا لا أثق أبدا بأيليوت , من يدري أي خطة قد رسم لأفشال مشروعك؟". أبتسمت له سارة وقالت: " أعرف ماذا تشعر , وأنا أيضا كنت غاضبة في بادىء الأمر , لكنني أعتقد أن علينا أن نثق بالسيد كلايت". " وأنا سأرافقك الى أميركا". " شكرا , يا بيري , لكن هذا سيوتر لوك من دون شك , سأحاول الحصول على الطلاق بأسرع ما يمكن وأعود الى أنكلترا". همس بيري بأنزعاج: " آمل ألا تكوني على خطأ , لكن يتهيأ لي أن أيليوت يحضّر لنا مفاجأة ما". " هذا ليس أمرا حتميا , ربما يرغب حقا في الطلاق , ربما قبلت فيكتوريا أخيرا الزواج منه". " فيكتوريا ...؟ من تكون؟". منتديات ليلاس " آه , أمرأة أعمال رائعة , وهي صديقة لوك, بنظري فقد أراد دائما الزواج منها ,وهي تحبه لكنها تفضل وظيفتها على الزواج , ربما غيّرت فكرها ". نظر الى سارة بقلق وقال: " آمل ذلك , أكره أن أراك تذهبين لأنني أخاف ألا أراك بعد الآن". أبتسمت اليه بحنان وقالت: " قل لنفسك أنها العطلة التي كنت تريدني أن آخذها , وآمل أن أعود بسرعة. وبعد يومين , سافرت سارة الى نيويورك ورافقها بيري الى المطار , كان قلقا وهو يودعها وطلب منها مرة ثانية أن تتصرف بحذر وأصر قائلا: " لا تثقي به وتذكري أنني أنتظرك , وأذا لم تعودي خلال شهر واحد سأذهب الى الولايات المتحدة بنفسي وأصحبك معي". ضحكت لمزاجه العدواني وقالت: " الذي يسمعك , يتصور أن لوك رئيس عصابة بدلا من كونه قطبا كبيرا في عالم الأقتصاد ! هل تخاف أن يقفل عليّ ويرمي المفتاح؟". " أنه قادر على ذلك". " آه , بيري! صحيح! خيالك مندفع للغاية". "أيليوت رجل مستبد , عنيد ومن دون رحمة , وهذا ما قلته عنه أنت بالذات ,هذه الرحلة لست متفائلا بنتائجها , لماذا يقبل بالطلاق بسهولة بعد أن رفضه خلال سنتين". هزت الفتاة كتفيها وقالت: " لكن لم أطلب منه الطلاق قبل الآن". " هذا لا يغير في شيء , راقبيه عن كثب , وخاصة , دعيني على علم بالأمر , أتصلي هاتفيا , أذا لم أحصل على أخبار منك , سأجتاز المحيط كحمامة مهاجرة". " سأكون حذرة وأعدك بذلك". |
وبينما كانت الطائرة تحلق بأتجاه مطار نيويورك , ألقت سارة نظرة من النافذة وأسترجعت بذاكرتها ملامح بيري القلقة , وماذا لو كان على حق؟ هل يحيك لوك مخططا ما؟ ماذا يمكنه أن يفعل بي؟ لقد أرسلت برقية للوك معلمة أياه عن موعد هبوط الطائرة , ولذلك فهي توقع أن يرسل شخصا للقائها , كما أكد لها المحامي بأن زوجها يرغب في رؤيتها لدى وصولها الى أميركا. لا شك أنه يريد أن يدبّر لك مكانا في الولاية التي يكون فيها الطلاق عملية سريعة , وأذا أردت الحصول على الطلاق بسرعة , من الأفضل أن يكون لك أقامة في أبكر وقت ممكن. ولدى خروجها من الجمارك, كان بأنتظارها هنري شقيق لوك , فما أن رآها حتى حياها بيده وأبتسم لها فرحا وقال: " آه! كيف حالك؟". منتديات ليلاس شق طريقه وسط المسافرين وأمسك بكتفيها مبتسما وقال: " سارة , أنا سعيد لرؤيتك ! تبدين في حال جيدة , شاحبة قليلا , لكن......". رمقته بنظرة ثاقبة , لأنه توقف عن الكلام , فتابعت مكانه: " لكنني أفضل مما كنت تتوقعه؟ لا شك أن لوك قال لك أنني شاحبة ونحيلة". " من أجل السماء , لا تتفوهي بالحماقات! هذا أمر طبيعي أن تكوني شاحبة , بعد موت والدك". ران صمت قصير ثم سألته سارة: " كيف حال أندريا؟ والأولاد؟". " جيد جدا , أندريا حامل من جديد , وآمل أن ننجب صبيا هذه المرة , أنا أحب البنتين , بيتسي وسوزان , لكن أمي تحلم بحفيد ". " أذن , آمل ذلك أنا أيضا". ضحكت ثم أضافت : " الأبنتان كانت صغيرتين في آخر مرة رأيتهما , ولا شك أنهما كبرتا الآن ,وفي سن الذهاب الى المدرسة , أليس كذلك؟". " بيتسي عمرها أربع سنوات وسوزان في الثالثة , أنهما شقيتان وتجننان أندريا , بالفعل , أندريا عصبية لأي شيء في هذه الأيام الأخيرة , أنت تعرفين كم هو صعب للمرأة أن تكون حاملا ومعها أولاد أشقياء , فهي بحاجة الى الهدوء". " مسكينة أندريا , لكن أليس لديها من يساعدها على الأهتمام بالبنتين؟ كنت أتصور أن هناك مربية تعتني بهما". " لا ينقصنا أي مساعدة , لكن بنظر والدتي ولوك , على أندريا أن تقضي جزءا من نهارها برفقة الفتاتين , وهذا أمر متعب في حالتها الحالية , أنت تعرفين آراء لوك الغريبة". " آه , نعم!". منتديات ليلاس أنها تتخيل الوضع تماما , بالنسبة الى لوك الأولاد بحاجة دائما أن يكونوا برفقة والدتهم , وهي تتخيله كيف يرغم أندريا على قضاء ساعات طويلة مع بنتيها , ولا شك أن زوجة أخيه غاضبة لهذا التصرف من قبل لوك ,وحزنت لمصير هنري الذي يشعر بحيرة من أمره بين زوجته وأخيه , أنه ضعيف الشخصية بينما أندريا أمرأة رائعة ومتطلبة , مسكين هنري! فهو غير قادر أن يفعل ما يريده..... "هل نذهب الآن؟". سيارة واسعة كانت بأنتظارهما في المرآب , جلست سارة في المقعد الأمامي قرب هنري ونظرت داخل السيارة الأنيقة والمريحة , نظر اليها هنري فقالت له: " لقد حجزت مكانا في فندق الكونكورد , هل تعرف أين يقع؟". أنتفض وقال بأنزعاج: " لكنني أطحبك الى المنزل ". أجابت بهدوء: " أريد أن أرى لوك في مكان محايد , أرجوك يا هنري , خذني الى الفندق". نظر اليها مفصلا ثم أقلع فراحت هي تتأمل حركة السير المزدحمة ,مد هنري يده وأشعل المذياع وأنبعثت موسيقى(البوب) الصاخبة , وأمام أنزعاج سارة أقفل المذياع لتذكّره أن المرأة لا تحب سماع المذياع في السيارة , سألته: " كيف حال والدتك؟". " دائما منهمكة بشيء ما.... أنت تعرفين نمط الحياة التي تعيشها والدتي : بين البريدج وأشتراكها في الحلقات الأدبية والموسيقية .... حياتها مليئة للغاية , أتساءل كيف تجد وقتا لأي شيئ". " لوك يشبهها كثيرا". " من دون شك, وأعتقد أن طاقته أقوى". " أنه أعصار حقيقي!". ضحك هنري وقال: " وجدت الكلمة المناسبة". |
صحيح أنه يحترم أخاه لكنه يخاف منه , نظرت سارة من النافذة وتقلصت في مقعدها وقالت: " هنري , أنت لا تقودني الى الفندق". " أنا آسف , يا سارة , يصر لوك أن أصطحبك الى المنزل مباشرة , ولا يمكنني أن أقنع بأي حجة تقدمينها لي". أمرته بصوت غاضب: " قف في الحال , سأستقل سيارة تاكسي". همس بأنزعاج: " أنا آسف لكنني لا أستطيع عدم أطاعة لوك , وأنت تعرفين ذلك تماما , بأمكانك أن تأخذي سيارة تاكسي من قرب المنزل , أذا كنت تصرين على ذلك . لكن , أذا تركتك تذهبين الآن , سأتلقى قصاصا كبرا.... ويكفي ما أعانيه من مشاكل.....". " مشاكل؟". منتديات ليلاس نظرت اليه بحيرة وأضافت: " أي نوع من المشاكل , يا هنري؟". " آه , ليس الأمر ذا أهمية كبيرة , لوك غاضب علي وأذا أشتد روعه , فسأخسر أيرادي". قالت بجفاف: " آه , بدأت أفهم". نظر اليها مدافعا وقال: " أعرف بأنني جبان , لكن أن فقدت أيرادي فستعرف أندريا بالأمر وستحقد عليّ الى ما لا نهاية". " الظاهر أنك تعاشر أمرأة أخرى؟". أحمر وقال: " لا يمكن أن يخفى عنك شيء , أسمعي , كانت مغامرة عابرة من دون أهمية بالنسبة اليّ , لكن لوك عرف بالأمر ... كالعادة ". هز كتفيه وأضاف: " كانت سافلة كما يحدث غالبا وراحت تطلب منه المال , وكاد لوك أن يختنق غضبا , فهو ليس بحاجة الى النساء , أما أنا, فمنذ أن حملت أندريا , أصبحت باردة أتجاهي وحسب رأيها أنا المسؤول عن ذلك ,كنت أشعر بالوحدة والتعاسة , لوك لا يفهم هذه الأمور". ضحكت سارة أمام تعبيره المروع وقالت: " ما بالك يا هنري , هل أنت أحمق الى هذه الدرجة؟". " وكما ترين , الوقت غير مناسب لأثير غضب لوك من جديد". " بالفعل". منتديات ليلاس مرت االسيارة أمام منزل واسع عالي النوافذ يحيطه العشب الأخضر والأشجار المورقة , أطلق هنري منبه السيارة فأنفتح االباب الخارجي ببطء , دخلت السيارة تحت قنطرة من شجر الزيزفون , رائحة الحطب تفوح في الهواء ولمحت سارة الدخان يتصاعد من وراء المنزل , ووسط العشب المالس والأزهار النابتة , تبرز بعض التماثيل الرخامية , ونافورة الماء تتصاعد من قعر يد حورية ممشوقة مصنوعة من البرونز. قالت ببطء: " لم يتغير شيء , منذ سنتين". " ما دام لوك هو الحاكم هنا , فلا أحد يستطيع أن يغيّر شيئا ". نظرت الى الباب المفتوح , كان لوك واقفا بفخر وأعتزاز , أحتلها شعور جنوني , ألم ترتكب خطأ بالمجيء الى هنا؟ وماذا لو كان بيري على حق في عدم الثقة بلوك؟ ولما رأته أجتازتها قشعريرة باردة وراح قلبها ينبض بسرعة جنونية. نهاية الفصل الرابع |
5_ دخول سارة في عناكب عائلة لوك وأكتشافها المشاكل الزوجية التي يعاني منها شقيقه هنري وزوجته أندريا , ثم مواجهتها الأولى العنيفة مع لوك وأقناعها الزوجين بمغادرة المنزل. " أهلا وسهلا بك". قالها لوك بصوت ناعم وهو يستقبل سارة على الباب , فأجابت بعصبية: " صباح الخير يا لوك". لماذا كلما ألتقت بلوك يجتاحها شعور بالتوتر والأنتظار المرتجف؟ وبالرغم من جهودها المتوالية للتحرر من تأثيره وسلطته , ما زال يحتل الآن مركزا رئيسيا في بالها. كان هنري يتصارع مع الحقائب ويعبق وجهه أحمرارا بتأثير نظرات شقيقه الباردة , فأعلنت سارة بسرعة: " لن أمكث هنا , ضع الحقائب في الصندوق من جديد , يا هنري من فضلك". منتديات ليلاس ألقى هنري نظرة منزعجة نحو أخيه وتمتم بعض الكلمات الغامضة , فأمسك لوك بذراع سارة ودفعها الى الداخل وقال: " هذا تصرف تافه , يا سارة , ستبقين هنا هذا المساء , غرفتك جاهزة , والدتي ستحزن أذا لم تبقي هنا". ظهرت السيدة أيليوت في الحال بثوبها الأخضر وشعرها الأبيض المرفوع كعكة وراء رأسها , الماس يلمع في أصابعها , وقالت وهي تمد يديها نحو المرأة : " سارة!". تقدمت سارة مطيعة , فضمتها والدة لوك الى قلبها وقبلّتها على خديها , وبعدما تفحصتها من قدميها حتى رأسها , بعينيها الزرقاوين الثاقبتين , أعلنت: " لا يبدو أنك بصحة جيدة يا سارة , أليس كذلك يا لوك؟ أذن, يا أبنتي , سنهتم بك ونحاول أعادة الألوان الجميلة الى هذين الخدين الجميلين! تعالي الى غرفتك , ولنتحدث قليلا ". أعلن لوك قائلا: " سارة لا تريد البقاء هنا". نظرت الوالدة الى أبنها وقالت: " هذا مستحيل! وألى أين تذهبين , يا سارة؟ أنت هنا في منزلك ". قالت سارة موجهة الحديث الى زوجها: " ألم تشرح لوالدتك سبب زيارتي؟". قالت السيدة أيليوت وهي تهز كتفيها: " هل تلمحين الى هذا الطلاق السخيف ؟ بلى , أنا على علم بالأمر , لكن هذا لا يغيّر شيئا يا أبنتي , بعد وفاة والدك, أنت بحاجة الى رفع معنوياتك ,والحياة في الفندق مملة ويائسة , ومهما حصل هذا هو بيتك". ثم وجهت الحديث الى هنري قائلة: " هيا , يا هنري , تعال وأدخل هذه الحقائب , ثم أذهب لرؤية أندريا , تبدو حزينة ولا أعرف السبب". منتديات ليلاس هذا الخبر أثّر بهنري كثيرا , لكنه تبع المرأتين في السلم جارا وراءه الحقائب , كانت سارة تسمعه يشتم بصوت منخفض , خاصة عندما يرتطم بشيء. ولما وصلت الى أعلى السلالم , ألتفتت الى الوراء , ورأت لوك مقبلا واقفا في أسفل السلم يحدق بها بأستمرار بعينيه الرماديتين , كان باب المدخل مشرعا وبرز شبحه في الأمطار براقا ومضيئا والشمس تحيطه بهالة من الأنوار , وبصمت أشتبكت نظراتهما , ثم أكملت سارة سيرها بعدما أطلقت زفرة أرتياح , ماذا ستفعل لتتحمل هذا البعد الشاسع بينها وبين لوك؟ أعلنت السيدة أيليوت وهي تفتح بابا أخضر: " ها قد وصلنا". وتذكرت سارة أن هذه الغرفة كانت فيما مضى معدّة خصيصا للضيوف , سقفها مرتفع وأثاثها حديث وأنيق ,الجدران مغلفة بورق أصفر فاقع ,وعلى السرير غطاء من الحرير الأبيض. قالت السيدة أيليوت بعدما أجالت نظرها في باقات الزهور المنثورة داخل الغرفة: " آمل أن تشعري بتحسن هنا , لقد تذكرت أنك تعشقين الزهور". منتديات ليلاس تأثرت سارة لهذا الكلام وهذا الأهتمام وقالت: " هذا لطف منك! شكرا , شكرا جزيلا". سألتها السيدة أيليوت بلهجة كسيرة: " ألا تناديني أذن ( أمي)؟". تعثر هنري وهو يدخل الغرفة وسقط فوق الحقائب , نظرت اليه والدته بعينين باردتين وقالت: " شكرا , أذهب وهدىء من روع أندريا بسرة , فستكون صحتها وصحة الجنين في خطر". |
خرج هنري وأقفل الباب وراءه , أقتربت سارة من النافذة لتتأمل الحديقة , فرأت أمرأة ترتدي الملابس الكحلية وتمشي ببطء مع أبنتين بين أشجار الفاكهة وتلال الورد فقالت السيدة أيليوت التي أقتربت منها: " هذه سوزان وبيتسي مع المربية , أنها فتاة حمقاء , على ما أظن , لكن ليس من السهل هذه الأيام العثور على مربية بسهولة , وأندريا لا تعرف الأهتمام بالأولاد". " فهمت من هنري أنها حامل من جديد". " آه , نعم! وتتدلل علينا كثيرا , هنري وحده قادر أن يتحمل أمرأة من هذا النوع! أنها تسبب لنا المشاكل العديدة". أجابت سارة بجفاف: " أخشى أن يكون حظك مع كنتيك أمرا يصعب تحمله!". نظرت السيدة أيليوت الى سارة في حذر وقالت: " طلب مني لوك ألا أتدخل بشؤونك ولذلك لن أرد على كلامك". فقالت بلهجة ساخرة: " طبعا , لا أحد بأمكانه ألا يطيع لوك!". منتديات ليلاس أجابت السيدة أيليوت بفخر وأعتزاز: " كان لوك يبلغ الثانية عشرة من العمر عندما توفي والده , ثم أصبح هو رب العائلة". وبنظرة آمرة من عينيها الزرقاوين , سمّرت سارة مكانها , تتحداها أذا تكلمت أو تحركت , ثم أضافت تقول: " هذا الصبي عمل ساعات عديدة ليتمكن من أعلة عائلته ,وفي المساء عندما يسقط في سريره , يكون متعبا الى درجة أنه لا يقدر على خلع ملابسه أو تذوق أي طعام , وهذا النمط من الحياة كاد أن يقتله لو لم يكن يتمتع بقوة الأسد ,ولوك لا يرضى أبدا الخسارة! لقد جاهد وعمل وأقتصد حتى نتمكن من تدبير أحوالنا , ثم بدأ يبني ثروته , لقد قضى حياة قاسية يا سارة , والأحترام الذي نكنه له يستحقه تماما". شعرت سارة بالخجل وقالت: " أنا آسفة , أعرف كم بذل جهده من أجل أسعاد عائلته". أسترخت السيدة أيليوت قليلا ثم قالت: " ما أطلبه منك , يا سارة , هو ألا تثبطي عزيمته وسلطته , لوك يشبه جميع الرجال ولا يحب المرأة التي تحتقره , خاصة أذا كانت زوجته". أحمّرت سارة بقوة وقالت: " هل نسيت أنني عشت معه سنة بكاملها , وتعلمت أن أتعرف اليه؟". منتديات ليلاس هزّت سارة رأسها وقالت: " ورحلت لأن لوك كان بحاجة الى مضيفة وليس لزوجة , أنا لم أكن أراه ألا في المناسبات , وأحتفالات العشاء , كان يبدو لطيفا أمام الناس , لكن زواجنا كان جحيما , بلا أي معنى". كادت السيدة أيليوت أن تقول شيئا , لكنها تماسكت وتنهدت وقالت: " لقد وعدت لوك ألا أتكلم بالموضوع ولذلك أرجو تغيير الحديث , سأتركك لتتدبري أمورك , العشاء يكون جاهزا في السابعة والنصف , لماذا لا تأخذين دوشا وترتاحين قليلا ؟ لا شك أن الرحلة في الطائرة متعبة ". همست سارة وهي تنظر اليها متوجهة الى الباب: " شكرا". أخذت سارة حماما وأرتدت ثوبا خفيفا ثم تمددت على السرير وبيدها كتاب أخذته عن الرف فوق سريرها , راحت الكلمات تتأرجح أمام عينيها , وضعت الكتاب جانبا وأخذت تحدق في السقف , أنفتح الباب , فأنتفضت وقالت: " لوك! ماذا تريد ؟ ألا يمكنك أن تطرق الباب قبل الدخول ؟". أغلق الباب وراءه ثم أتكأ عليه وهو يرمقها بنظرة باردة , ثم سألها : " هل ينقصك شيء؟". " كلا , شكرا , كنت على وشك أن أنتزع ملابسي من الحقائب ". " لا تهتمي بالأمر فالخادمة ستقوم بذلك". " أفضل أن أفعل ذلك بنفسي , أريد أن أجلب فستانا أرتديه". شعرت بتوتر , فنهضت ووضعت المئزر حولها وتوجهت نحو الحقائب المكدسة كيفما وضعها هنري , أقترب لوك لمساعدتها ولشدة توترها أوقعت حقيبة بكاملها على كاحلها , فأطلقت صرخة ألم وذعر , سألها لوك بسرعة مقتربا منها: " ماذا فعلت بنفسك؟". أنحنى قربها وراح يتفحص قدمها , ثم بدأ يمسّدها بلطف , فأحتجت وقالت مرتجفة: " لا شيء يستحق هذا الأهتمام ". منتديات ليلاس سيزرق كاحلك غدا , لماذا لم تسأليني أن أساعدك في حمل هذه الحقائب؟ هنري لا يعرف أن يفعل شيئا تأن , يخطر في بالي أحيانا أن أخلع رقبته". وبينما كان يتحدث معها , كان يواصل التدليك فأمرته بصوت ثاقب: " توقف , أرجوك , هذا يكفي". فقال بصوت قاس: " المعذرة , نسيت كم تكرهين أن ألمسك". وقف ووضع الحقائب الواحدة قرب الأخرى على السرير وأشار برأسه قائلا بأقتضاب: " سأراك وقت العشاء , ألا أذا كانت رؤيتي تزعجك". ثم خرج من الغرفة مسرعا وصفق الباب وراءه , راحت سارة ترتجف وأرتمت قرب الحقائب , ستكون أقامتها قاسية أكثر مما تتصور , يجب عليها أن تحدثه في المساء عن رغبتها الملحة في الطلاق.فهي غير قادرة أن تواجه وجوده مطولا في هذا المنزل. |
خرج هنري وأقفل الباب وراءه , أقتربت سارة من النافذة لتتأمل الحديقة , فرأت أمرأة ترتدي الملابس الكحلية وتمشي ببطء مع أبنتين بين أشجار الفاكهة وتلال الورد , فقالت السيدة أيليوت التي أقتربت منها: " هذه سوزان وبيتسي مع المربية , أنها فتاة حمقاء , على ما أظن , لكن ليس من السهل هذه الأيام العثور على مربية بسهولة , وأندريا لا تعرف الأهتمام بالأولاد". " فهمت من هنري أنها حامل من جديد". " آه , نعم! وتتدلل علينا كثيرا , هنري وحده قادر أن يتحمل أمرأة من هذا النوع! أنها تسبب لنا المشاكل العديدة". أجابت سارة بجفاف: " أخشى أن يكون حظك مع كنتيك أمرا يصعب تحمله!". نظرت السيدة أيليوت الى سارة في حذر وقالت: " طلب مني لوك ألا أتدخل بشؤونك ولذلك لن أرد على كلامك". فقالت بلهجة ساخرة: " طبعا , لا أحد بأمكانه ألا يطيع لوك!". منتديات ليلاس أجابت السيدة أيليوت بفخر وأعتزاز: " كان لوك يبلغ الثانية عشرة من العمر عندما توفي والده , ثم أصبح هو رب العائلة". وبنظرة آمرة من عينيها الزرقاوين , سمّرت سارة مكانها , تتحداها أذا تكلمت أو تحركت , ثم أضافت تقول: " هذا الصبي عمل ساعات عديدة ليتمكن من أعلة عائلته ,وفي المساء عندما يسقط في سريره , يكون متعبا الى درجة أنه لا يقدر على خلع ملابسه أو تذوق أي طعام , وهذا النمط من الحياة كاد أن يقتله لو لم يكن يتمتع بقوة الأسد ,ولوك لا يرضى أبدا الخسارة! لقد جاهد وعمل وأقتصد حتى نتمكن من تدبير أحوالنا , ثم بدأ يبني ثروته , لقد قضى حياة قاسية يا سارة , والأحترام الذي نكنه له يستحقه تماما". شعرت سارة بالخجل وقالت: " أنا آسفة , أعرف كم بذل جهده من أجل أسعاد عائلته". أسترخت السيدة أيليوت قليلا ثم قالت: " ما أطلبه منك , يا سارة , هو ألا تثبطي عزيمته وسلطته , لوك يشبه جميع الرجال ولا يحب المرأة التي تحتقره , خاصة أذا كانت زوجته". أحمّرت سارة بقوة وقالت: " هل نسيت أنني عشت معه سنة بكاملها , وتعلمت أن أتعرف اليه؟". منتديات ليلاس هزّت سارة رأسها وقالت: " ورحلت لأن لوك كان بحاجة الى مضيفة وليس لزوجة , أنا لم أكن أراه ألا في المناسبات , وأحتفالات العشاء , كان يبدو لطيفا أمام الناس , لكن زواجنا كان جحيما , بلا أي معنى". كادت السيدة أيليوت أن تقول شيئا , لكنها تماسكت وتنهدت وقالت: " لقد وعدت لوك ألا أتكلم بالموضوع ولذلك أرجو تغيير الحديث , سأتركك لتتدبري أمورك , العشاء يكون جاهزا في السابعة والنصف , لماذا لا تأخذين دوشا وترتاحين قليلا ؟ لا شك أن الرحلة في الطائرة متعبة ". همست سارة وهي تنظر اليها متوجهة الى الباب: " شكرا". أخذت سارة حماما وأرتدت ثوبا خفيفا ثم تمددت على السرير وبيدها كتاب أخذته عن الرف فوق سريرها , راحت الكلمات تتأرجح أمام عينيها , وضعت الكتاب جانبا وأخذت تحدق في السقف , أنفتح الباب , فأنتفضت وقالت: " لوك! ماذا تريد ؟ ألا يمكنك أن تطرق الباب قبل الدخول ؟". أغلق الباب وراءه ثم أتكأ عليه وهو يرمقها بنظرة باردة , ثم سألها : " هل ينقصك شيء؟". " كلا , شكرا , كنت على وشك أن أنتزع ملابسي من الحقائب ". " لا تهتمي بالأمر فالخادمة ستقوم بذلك". " أفضل أن أفعل ذلك بنفسي , أريد أن أجلب فستانا أرتديه". شعرت بتوتر , فنهضت ووضعت المئزر حولها وتوجهت نحو الحقائب المكدسة كيفما وضعها هنري , أقترب لوك لمساعدتها ولشدة توترها أوقعت حقيبة بكاملها على كاحلها , فأطلقت صرخة ألم وذعر , سألها لوك بسرعة مقتربا منها: " ماذا فعلت بنفسك؟". أنحنى قربها وراح يتفحص قدمها , ثم بدأ يمسّدها بلطف , فأحتجت وقالت مرتجفة: " لا شيء يستحق هذا الأهتمام ". سيزرق كاحلك غدا , لماذا لم تسأليني أن أساعدك في حمل هذه الحقائب؟ هنري لا يعرف أن يفعل شيئا تأن , يخطر في بالي أحيانا أن أخلع رقبته". وبينما كان يتحدث معها , كان يواصل التدليك , فأمرته بصوت ثاقب: " توقف , أرجوك , هذا يكفي". فقال بصوت قاس: " المعذرة , نسيت كم تكرهين أن ألمسك". وقف ووضع الحقائب الواحدة قرب الأخرى على السرير وأشار برأسه قائلا بأقتضاب: " سأراك وقت العشاء , ألا أذا كانت رؤيتي تزعجك". ثم خرج من الغرفة مسرعا وصفق الباب وراءه , راحت سارة ترتجف وأرتمت قرب الحقائب , ستكون أقامتها قاسية أكثر مما تتصور , يجب عليها أن تحدثه في المساء عن رغبتها الملحة في الطلاق.فهي غير قادرة أن تواجه وجوده مطولا في هذا المنزل. |
كانت عيناه الرماديتان تشرئبان غضبا وأحتقارا , لم تعجبه أنتقاداتها أمام فيكتوريا , وأدركت سارة أنه ما كان يجب عليها أن تفعل ذلك , ولكن غريزتها البدائية جعلتها تنطق بهذه الكلمات بتحد أليم , فاللمسة الحميمة التي شعرت بها بين لوك وفيكتوريا عندما رجعت الى الصالون ذكّرتها بالمناسبات العديدة خلال زواجها عندما كانت تنظر اليهما بغيرة لا مثيل لها. سمعت صوتا في البهو , ثم أنفتح الباب ودخلت أندريا وهنري , كانت المرأة ترتدي ثوبا واسعا أخضر اللون , معرقا بالزهور المذهبة , خدّاها كانا حمراوين وعيناها تلمعان كالبرق , لم تلاحظ وجود سارة لشدة عراكها مع زوجها. نظرت أندريا بعدائية الى لوك وقالت: " أصبت بألم في رأسي طيلة النهار , ولا أعرف لماذا تصر عليّ أن أراقب البنتين خلال ساعات عديدة وأنا في هذه الحال , بينما هناك مربية تعتني بهما , هل تحاول أن تجعلني مجنونة؟ هل تريد أن أنجب ولدا بصحة جيدة , نعم أم لا؟". منتديات ليلاس أجابها لوك بصوت هادىء: " أنت بحاجة الى بعض التمارين , كل يوم , يا أندريا , وهذا ما أمر به الطبيب , أذن , لماذا لا تأخذين الأولاد في نزهة؟ أي ضرر على الجنين أن تنزهت قليلا برفقة سوزان وبتسي؟". " لاحظت أنك لم تأخذهما بنزهة حتى الآن , الصعب في الأمر هو أن الفتاتين لا تطيعانني أبدا , تركضان بسرعة ولا تفعلان ما أطلبه منهما , اليوم , في غضون خمس دقائق كانتا قد أختفتا , فأنبح صوتي لشدة صراخي , من دون أي نتيجة , كنت على وشك السقوط في الهستيريا , عندما قررتا العودة". قالت السيدة أيليوت بصوت قلق: " كوني حازمة معهما , ولا تظهري لهما عن توترك , أنت عصبية جدا , في هذه الفترة ,يا أندريا وهذا أمر سيء للجنين". رمقتها أندريا بنظرة غاضبة وقالت: " لو كان الأمر ضروريا .... لفهمت ما تقولينه , ولكن الشيء يتكرر بأستمرار في هذا المنزل , ويجب أطاعة أوامر لوك حرفيا , أذا قرر أن أهتم بالأولاد , فليس بوسعي ألا أطاعته مهما كانت حالتي الصحية ". أقتربت سارة وأمسكت بمعصم أندريا , فةجئت المرأة وقالت بأستغراب: " آه , مرحبا يا سارة , هل عدت بنية البقاء ؟ لقد تصورت أنك حكيمة وعاقلة ! ما الذي طرأ عليك وقررت العودة الى هذا السجن؟ كان أفضل لك لو بقيت في أنكلترا!". ألقت سارة بنظرة خاطفة نحو لوك وقالت: " نبضها سريع وأعتقد من الأفضل أن تتمدد في سريرها ". ضحكت أندريا وقالت: " هل نسيت أنه لا يحق لأحد هنا أن يمرض؟ أطلبي من لوك أن يعطيك رأيه بالحمل , ودعيه يشرح لك ويقول بأن لا حجة لأمرأة تتمتع بصحة جيدة ألا تمرح وتتسلى عندما تكون بأنتظار مولود سعيد! يتكلم كأنه خبير بذلك". تجهّم وجه لوك ولمعت عيناه غضبا , أمسكت سارة بذراع أندريا وقالت بسرعة: " سأعيدها الى الغرفة". توتر هنري بعصبية , لا يعرف ماذا يفعل للمساعدة , فتح الباب ونظر الى المرأتين وهما تجتازان البهو , كانت سارة تشعر بنبضات قلب أندريا المسرعة وبالدموع تسيل على خديها . ولما وصلتا الى الغرفة الواسعة التي تتقاسمها أندريا مع هنري , ساعدتها سارة في التمدد في السرير وغطتها بالشرشف الحريري , كانت أندريا ترتعش من البرد وتصطك أسنانها على بعضها همست سارة قائلة: " سأطلب من الطبيب الحضور مباشرة". منتديات ليلاس تمسكت أندريا بيد سارة وقالت: " أرجوك , لا تتركيني وحدي!". جلست سارة على حافة السرير وقالت: " عليك رؤية الطبيب يا أندريا". تنهدت أندريا وقالت: " لا يمكنه أن يفعل شيئا , كنت مثيرة للشفقة الآن , لكن أحيانا أصبح مجنونة حقا , لا تعرفي كم عانيت خلال السنتين الأخيرتين , بعد رحيلك , باع لوك الشقة التي كنتما تسكنانها في المدينة وجاء لعيش هنا , ومن ثم بدأت علاقتي بهنري تزيد سوءا , كنت أراه خاضعا لسلطة أخيه وكنت لا أكف عن تحريضه , أردت أن يكون لنا بيتنا الخاص , لكن هنري لم يكن موافقا , فهو يحب أن يعيش هنا وليس بأستطاعتنا أن نؤسس منزلا". تنهدت من جديد , فربتت سارة على يدها لتهدىء من روعها وقالت: " متى تنجبين , تتغير الأمور". |
" هذا ما كنت أفكر به , كنت آمل أن يغير مجيء الولد الوضع ويقتنع هنري بضرورة الذهاب من هنا وتأسيس منزل آخر , لكن الأمر يزداد سوءا كل يوم". أغرورقت عيناها مجددا وقالت: " سارة , أنا أكيدة أن هنري يعاشر أمرأة غيري! لقد وجدت مرارا بطاقات كتبت بأيد ناعمة داخل ملابسه , أعرف أنه ليس لائقا التفتيش في جيوبه , لكنني كنت أشعر بشك غريب , كنت أعرف أنه يعاشر أمرأة غيري وهذه الرسائل زادتني شكا!". " هل حدّثته بالأمر؟". " حاولت .....لكنني كنت خائفة .... ماذا لو كان الأمر جديا .... هذه المرة ؟ أعرف أنه سبق أن أرتكب خيانات .....لكنني أغمضت عيني .... لكن الآن , أشعر بالضعف .... أشعر بالبشاعة في شكلي.....". أحتجت سارة قائلة: " أندريا , أنت رائعة , أنظري الى نفسك في المرآة , أذا كنت لا تصدّقين كلامي! طبعا أنت ثقيلة الآن....". منتديات ليلاس " ثقيلة؟ لكنني غريبة , كالطابة!". " أنت فتاة حمقاء , هنري يحبك وأنا أكيدة من ذلك ,ولا تخافي , فلا تستطيع أمرأة غيرك أن تأخذ هنري منك , حين جاء ليأخذني من المطار صرّح لي أنه يحبك أكثر من أي وقت آخر....". نظرت اليها أندريا مفصلا وسألتها: " هل تقولين الحقيقة؟". " نعم , الحقيقة بكاملها , أما أذا كنت تشكين بوجود أمرأة أخرى فعليك ألا تصرحي له بالأمر , تكلمي بأنشراح ولا تخافي , أما أن تكبتي ذلك وتبكي بالسر فيزداد الأمر تعقيدا وتسوء حالتك الصحية". " آه , أنا مسرورة لأنك هنا! والدة هنري ذات نوايا حسنة , لكنها متأثرة بلوك كثيرا , لا أشعر بالراحة معها , أنها قوية .... جدا , تنتظر مثل لوك أن تراني أتمتع بصفات الزوجة الوفية والأم الصالحة , حاولت ذلك , لكنني لست قادرة أن أكون ما تتوقعه مني , الأولاد يخيفونني والمربية تخيفني وهذا المنزل أكرهه , أريد منزلا صغيرا ومريحا , بأمكاني أن أتصرف فيه بحرية وأكون نفسي بصورة كلية". " والآولاد؟ هل أنت قادرة على الأعتناء بهم وحدك , في منزل صغير؟". " أطرد المربية وأطلب من العمة غريس أن تعيش معنا , فهي تحب ذلك لأننا نتفق كليا مع بعضنا , وهكذا نتدبر الأمور معا". أطلقت تنهيدة طويلة وأضافت: " ليس هذا سوى حلم لأن هنري لا يريد الذهاب من هنا". " هل سبق أن حدّثته عن العمة غريس؟". " كلا.... ولماذا؟". " أذن , أستريحي , الآن , سأطلب من الدكتور ماثيو أن يحضر في الحال لنوضح الأمر". خرجت سارة الى البهو , فلحق بها لوك وهنري , كان هنري قلقا , ولوك غير مهتم , فسألها هذا الأخير : " أذن؟ هل نجحت في تهدئة أعصابها؟". قالت بصوت هادىء وهي تنظر الى هنري: "هنري , أطلب من الدكتور ماثيو الحضور في الحال , وقل له أن الضغط الدموي عند أندريا مرتفع للغاية , كما أن حرارتها ونبضها مرتفعان". أسرع هنري الى الهاتف , فأمسك لوك سارة وقال: " لا تتجاهلي وجودي يا سارة ! لقد حذرتك , لن أدعك تسيطرين على الموقف ". أمرته ببرود: " أبعد عني , أرجوك". لمعت عينا لوك غضبا وقال: "لا تستعملي هذه اللهجة معي!". " لا تكن قاسيا معي , أذن!". " تبا لك يا سارة , تحاولين جهدك حتى أغضب وأفقد هدوئي ". " هه , هه, يكفي لذلك شيء بسيط , أما بالنسبة الى أندريا فسأكلم هنري بالأمر , أعتقد أنني وجدت حلا لمشكلتهما لكن الأمر يتعلق بهنري ولا علاقة لك أنت به". قال غاضبا: " كل ما يتعلق بأي فرد من هذه العائلة , وداخل هذا المنزل يتعلق بي أيضا". " ما يجري بين رجل وأمرأة لا يخص ألا هما , طلبت مني أندريا أن أساعدها وأرجوك أن تدعنا وشأننا , يبدو لي أنك تفرض سلطتك فيما يتعلق بحياتهما , أليس كذلك؟ وأنت لم تتمكن من أنجاح زواجك". بغضب أمسك بها وجذبها اليه , فراحت تتخبط من دون جدوى , أمسك بمعصميها وكانت تسمع نبضات قلبه وكلماته عندما قال : "لقد ذهبت بعيدا يا سارة , هناك دائما أثنان كي ينجح الزواج , وأذا فشل زواجنا فذلك بسببك أنت". خارت قدماها وبدأت تتنفس بصعوبة لشدة ما كانت متوترة من قربها اليه , حاول عناقها , لكنها رفسته بقدمها للتخلص منه , فأطلق شتيمة ألم وأبعدها عنه وراح يمسد كاحله ويقول: " لقد سببت لي ألما حادا". " هذا ما كنت أنويه". أدارت له ظهرها وراحت تبحث عن هنري في مكتب لوك ,كان يقفل السماعة عندما دخلت , رفع رأسه وقال: " سيصل الطبيب في الحال , ماذا يجب فعله الآن , يا سارة؟". أجابت في الحال: " مغادرة هذا المنزل وأصطحاب أندريا معك". " لا يمكنني أن أقدم لها الترف الذي أعتادت عليه ". " أنها تعرف ذلك تماما , لكنها لم تعد تطيق البقاء هنا مع لوك ,تريد منزلا خاصا وتريد عمتها غريس لتساعدها في تربية الأولاد". " العمة غريس؟ لكنها تسكن في شيكاغو". منتديات ليلاس " حسبما قالت أندريا , أنها تكره العيش هناك وستتحمس لفكرة المجيء الى هنا والعيش معها". " آه , هذا حلم , فقط لا غير , أنت تعرفين أندريا ! فهي ربة منزل سيئة ولا تعرف أي شيء عن هذا الأمر , أنها أعتادت الى وجود الخدم والمال المتوفر بكثرة , أذا عشنا في منزل وحدنا ,, ستضطر للأقتصاد في المصروف وأنا أكيد أننا سنعود الى هنا قبل مرور عام واحد". " ولماذا لا تحاول؟ ... أنا أفهمها جيدا , يا هنري, عاشت في بادىء الأمر مع والدتك ولم يتسن لها التصرف بحرية منذ البداية , أنها تجربة جديدة ولن تعود تحت رحمة لوك". لمعت عينا هنري وقال: " معك حق , هل تعتقدين أن الأمور ستجري كما يجب؟". " لا أعرف , لكن لماذا لا تحاول؟". أبتسمت له وقالت: " هيا , يا هنري وتشجع في تحمّل العقبات ! حتى ولو كان ذلك لسنة واحدة". " ولوك؟ ماذا سيقول؟". " أهذا أمر مهم؟". " أنت صادقة على ما أظن ولا تخافين منه". " أنه عجوز! لسنا دائما كفوئين أمامه , لكن لا أحد يمنعنا من أن نحييه ونذهب". " هذا ما فعلت, لكنك عائدة!". " حتى أنال الطلاق , فقط لا غير". أبتسم هنري وقال: " لا أصدق قبل أن أرى....". نهاية الفصل الخامس |
6_لوك يكشف أوراقه طالبا من سارة البقاء مدة أطول كزوجة من أجل الحصول على ما يريده في المجال التجاري..... يريدها لمدة وجيزة فقط وهي أكتسفت أخيرا أنها لا تحب بيري كما كانت تعتقد. تم العشاء في جو مضطرب , هنري كان مع الطبيب قرب أندريا , وبدت السيدة أيليوت عصبية ومتوترة , وظل لوك عابسا طيلة السهرة , وحدها فيكتوريا تمكنت من فتح الحديث , كانت تسأل سارة عن أنكلترا وعن الطقس هناك والموضة والوضع السياسي , وكانت سارة ترد على أسئلتها بأنفتاح وأسترخاء محاولة تهدئة الجو. ومن حين الى آخر كان لوك يحدق بسارة , لكن سارة كانت غير قادرة أن تستشف تعبير وجهه , فجأة أبعد فنجان القهوة بحركة عنيفة وقال: " لماذا لا نذهب الى المنزل الريفي لقضاء عطلة الأسبوع هناك يا أمي؟". فرحت السيدة أيليوت وقالت: " يا لهذه الفكرة الرائعة! من زمان لم نذهب الى الريف , , لكن يجب أن يكون المنزل حاضرا , سأتصل بالسيدة جاكيس وأطلب منها أن تفتح النوافذ كلها , ثم بعد أغلاقها أن تشعل التدفئة المركزية". منتديات ليلاس أشار برأسه موافقا وألقى بنظرة خاطفة الى سارة وقال: " لماذا لا تأتين معنا يا سارة؟ ( مجنون) هناك , هل تتذكرينه؟ كعادته ما زال يفضل الجبل , ويعيش الآن مع السيدة جاكيس". آه ( مجنون) الذي كان هدية لوك لمناسبة عيد زواجهما الأول ,وتذكرت عندما جاء به لوك الى المنزل ووضعه على ركبتيها ببساطة وقال : " خذي , هذا الكلب لك". كانت تطلق أصواتا فرحة بينما كان الكلب يتمرغ في ذراعيها : " آه , لوك , أنه كلب جميل!". " أنه أنكليزي مثلك ". ينتمي الى فصيلة السينلي صغير , قصير القوائم طويل الوبر كبير الأذنين ويستعمل للصيد. ولعبت يومها على البساط مع الكلب الصغير وكاد لوك أن يدوسه وهو يدخل الغرفة , فقال حينذاك : " مجنون! سأدعوه ( مجنون) لأنه كلب مختل لم يسبق أن رأيت مثله من قبل ,أنظري كيف يأكل البساط ! كفى , يا ( مجنون) ! يا أيها الأحمق , ستمرض!". بعدئذ لم تكف سارة عن اللحاق بالكلب لتمنعه من أكل الزبدة والجيلي والرسائل .... كان كالماعز , يأكل كل شيء , ومحاولاتها في أن تعلمه المشي كانت تفرح لوك الذي لم يكف عن الضحك , لكن سرعان ما كانت تحمله عندما يبدأ بأصدار نواح مؤلم معلنا عن تعبه . وأصبح ( مجنون ) رفيقها الحميم لا تفترق عنه لحظة , خاصة أن لوك بدأ يغيب عن المنزل ويعمل حتى في عطلة الأسبوع , لولاه لكانت على شفير الجنون , وعندما قررت الرحيل أرادت أن تصطحب ( مجنون ) معها الى أنكلترا , لكنها أدركت أنه سيضطر للبقاء في الكرنيتا الطبية مدة ستة أشهر , ولم تكن قادرة على تحمل فكرة أن ترى كلبها المرح والحيوي , محجوزا طيلة النهار في قفص , ينبح محاولا الخروج ولا يستطيع , أخيرا قررت أن تتركه في أميركا ليتمتع بحريته. كانت تحب أن تراه من جديد , هزت رأسها وقالت بعد أن رمقت فيكتوريا بنظرة خاطفة: " سنتكلم بالأمر فيما بعد". منتديات ليلاس قالت فيكتوريا بصوت هادىء وهي تقف: "في كل حال , أنا ذاهبة الآن , مساء الخير يا لوك, مساء الخير يا سيدة أيليوت , مساء الخير يا سارة". نهض لوك وقال: " سأوصلك الى المنزل ". " شكرا , لقد جئت بسيارتي ". تبعها فقالت: " شكرا". |
نظرت سارة الى الباب يتغلق وراءهما , وكلما أبتعدا في البهو , كلما خفتت أصواتهما , ثم صفق الباب الخارجي وعمّ الصمت , ومرت الدقائق ببطء , ماذا يفعلان؟ هل يقبلها لوك قبلة الوداع ؟ وبعد وقت تهيأ لها أنه أبدي , سمعت الباب من جديد ودخل لوك نهضت السيدة أيليوت في الحال وقالت: " أذن , سأصعد الى غرفة أندريا وأطمئن عليها يا لوك , ثم سأتوجه الى غرفتي لأنام ". " حسنا ". عاد ليأخذ مكانه أمام الطاولة , فأافت والدته ببساطة : " تصبحين على خير يا سارة ". أرادت سارة أن تذهب هي أيضا بدورها , لكنها خافت أن يعتبر ذلك لوك سلوكا تهربيا , فظلت مكانها تحدق فيه. منتديات ليلاس دخلت الخادمة الفيليبنية الى غرفة الطعام وسألت صاحب المكان أذا كان بأمكانها أن توضب الطاولة فنهض لوك من مكانه وأجابها : " طبعا.... سارة ؟". مد اليها يده ومثل سائرة في نومها , فوجئت بأعطائه يدها وخرجا من الغرفة بمظهر وفاق , يدها بيده , قادها لوك الى الصالون وأجلسها على مقعد طويل أبيض وسألها أذا كانت تحب أحتساء شيء ما , فأجابته: " كلا , شكرا , سأذهب بعد قليل الى فراشي , أشعر بالنعاس والتعب". جلس قربها ووضع ذراعه على ظهر المقعد وراء رأسها , فتقلصت وبدأت تقول: " لنتحدث عن موضوع الطلاق, ما رأيك؟". أجابها لوك بصوت كسول: " نعم؟ وماذا؟". " علينا أن ننظم الأمور , أليس كذلك؟ حسب السيد كلايت , من الحلول أن أصبح مقيمة في أحدى الولايات التي تتم فيها معاملات الطلاق بسرعة". " هذه أمكانية جيدة". وبيده الحرة لمس يد المرأة الموضوعة على ركبتيها وقال: " كم جلدك ناعم!". " كفى يا لوك!". " صحيح؟ لا تقولي هذا لي من فضلك , سنتان من دون أمرأة , أمر صعب وطويل , يا سارة". أجابت بصوت ساخر: " هل تريد أقناعي بأنك عشت من دون أمرأة ؟". " معك حق , يا سارة , لقد تعشيت وتحدثت مع النساء , لكني لم أغازل ولا واحدة منهن". نظرت اليه غير مصدقة وقالت: " كنت أتصور..... فيكتوريا؟". منتديات ليلاس ردد وهو ينظر اليها غير مصدق : " فيكتوريا ؟ صحيح أنها جميلة وجذابة , لكنك مخطئة أذا ظننت أن فيكتوريا تكتفي بهذا النوع من العلاقة التي تلمحين اليها". " لماذا ؟ ستطلب الزواج, أليس كذلك؟". لقد وضع يده حول كتفيها وأنحنى نحوها وأصبح قريبا الى درجة أنها بدأت تسمع صوت تنفسه فقالت بسرعة: " كفى , يا لوك , أرجوك". " كفى ماذا؟". |
رفع يدها ووضعها على فمه ثم قبلها , فشعرت بقشعريرة حادة , فسحبت يدها بسرعة ونهضت واقفة أمامه , دفعها الى المقعد من جديد فنبهته قائلة: " لا أعرف ماذا تخطط ؟ لكن لا جدوى لكل هذا ,أريد الطلاق , أريد أن أصبح حرة ". تنحنح قائلا بعد أن أسترخى في جلسته: " هذه هي المشكلة ....". " ماذا تعني؟ أنت تعرف سبب وجودي هنا , لقد وعدتني بالموافقة على الطلاق أذا جئت الى هنا". منتديات ليلاس " وما تزال هذه نيتي يا سارة , لكن , منذ أقامتي الأخيرة في أنكلترا , تغيرت الأمور بعض الشيء". " أنها حيلة جديدة , أليس كذلك يا لوك؟". حدقت به من دون أن تعرف حقيقة تعبير وجهه المغلف , فهو يعرف دائما أن يضللها , أذا ما رغب بذلك. " أنا الآن بصدد البدء بتجارة هامة , ذات أهمية كبيرة في حياتي , أريد التضامن مع شركة مهمة لأشكل أتحادا علميا , كل شيء كان يسير على ما يرام الى أن واجهتني مشكلة جديدة أريدك أن تساعديني على تخطيها ". " ماذا تعني , لم أفهم". "رئيس الشركة هو أستاذ كبير , لكن نظرته الى الحياة بالية وأفكاره حول الزواج صارمة وغريبة , أذا عرف أننا في صدد المباشرة بمراسم الطلاق , فسيضع نهاية للمباحثات الجارية بيني وبينه". وبينما كان يتكلم كان يراقبها بنظرات غريبة كلها ألغاز , ثم أضاف: " وهذا أمر شديد الأهمية بالنسبة الي , أن أحقق هذا الحلم القديم سيكون تتويجا لعملي الطويل , لا أريد لمؤسستي أن تنمو في مكانها , أريدها أن تتطور حتى تعم العالم". " لكن لا شك أن صاحبك يعرف أننا منفلان ولا أحد يجهل أن كل واحد منا يعيش على حدة منذ سنتين , الصحف توكلت بنشر الخبر على ما أظن". منتديات ليلاس " نعم , اعرف ذلك , لكنني قلت له أنك عدت الى أنكلترا للأهتمام بوالدك المريض وصدّق كلامي , في الواقع أنه يعتبرك أمرأة رائعة". " يا لك من أنسان خبيث! لقد تجرأت وأستعملت والدي كحجة للوصول الى هدفك .... هذا أمر لا أسمح به!". قطب حاجبيه ونظر اليها بأنزعاج ثم قال: ط هذه هي الحقيقة , ألم تهتمي بسام كل هذه المدة؟ حتى ولو لم تهجريني , كنت أحترمت رغبتك للعودة عندما علمت بخطورة حالته الصحية , في البدء , ودائما , كنت قريبة اليه أكثر من أي أنسان آخر في حياتك, لم يكف سام عن تدليلك وكنت تكنين له الوفاء والمحبة بشكل لا يرقى اليه الشك". هتفت بمرارة: " بأي حق تنتقد والدي ؟ كان أعظم أنسان على هذه الأرض". قال بقسوة ومرارة: " كنا صديقين , سام وأنا , وأنا كنت أشعر أتجاهه بالمحبة وكنت صريحا معه , وسبق أن قلت له هذا الكلام عدة مرات ,كان متسامحا الى درجة أنه عاملك بدلال ولبى جميع رغباتك , وكذلك كنت تنتظرين أن يعاملك الرجل كأميرة , لأن سام كان يتصرف معك على هذا النحو , كنت تبحثين عن والد آخر متسامح وليس عن زوج". |
ألتفتت اليه وهي ترتجف غضبا وصفعته بكل قواها , أمسكها لوك بشدة وأرغمها على الجلوس وسط الوسائد وضغط عليها كي يمنعها من النهوض , فراحت تتخبط زائحة رأسها أبعد ما يمكن , لكنه أمسك بذقنها بين أصابعه الحديدية وأرغمها على النظر اليه مباشرة , فصرخت بصوت أجش: " لا!". " أنت أمرأة جميلة يا سلرة , أي رجل , يسيل الدم في عروقه , لا يمكنه أن ينظر اليك من دون أن يريدك". ثم راح يعانقها بشغف ورغبة , ولم تعد قادرة على مقاومته, أستيقظت حواسها فجأة وأغمضت عينيها.... وأصبحت بين يديه كالعجينة حى ولو كانت ما تزال تشعر أتجاهه بالكراهية والعدائية . منتديات ليلاس رفع لوك رأسه ليراها , كانت ممددة بين الوسائد , وشعرها هالة حول وجهها الأحمر وعيناها مغمضتان. " كيف بأمكانك أن تكوني جذابة وفي الوقت نفسه حمقاء , عنيدة , غير ناضجة؟". فتحت عينيها ونظرت اليه , كان نبضها يخفق بقوة , فقال بصوت غاضب: " هيا , أنهضي". نهض لوك بحركة كبرياء ودفع شعره الى الوراء بسرعة , جلست سارة , حمراء الوجه وبحركة سريعة سوّت شكلها فقال لها: " حسنا , أذا تصنعت القيام بدور الزوجة السعيدة خلال الشهر المقبل , حتى موعد توقيع العقد , أعدك بأن أطلقك بسرعة في المكسيك أو لاس فيغاس , سأقدم لك نفقة محترمة وسأقسم بأنني لن أقول للسيد دوريل أن زوجته ( في المستقبل) أمرأة حمقاء , فاسدة , وغير ناضجة". قالت بأحتقار كبير : " أشكرك على هذا الكرم الحاتمي". أبتسم لها بسخرية وقال: " سيكون دوريل سعيدا لو يعرف كم كنا الآن على وشك السقوط في الحب من جديد , أليس كذلك؟". " لا علاقة لبيري هنا!". " كما تريدين , أذا تزوجت من دوريل , فستنسجمان معا , لأنه أحمق مثلك". " شكرا". " أذن , ما رأيك بأقتراحي؟". منتديات ليلاس " سأفكر بالأمر". " أريد جوابا في الغد , فالرئيس آدم كروسشاير مدعو الى العشاء الثلاثاء المقبل , أذا كنت موافقة على هذا الأقتراح , فأريد معرفة ذلك قبل عطلة الأسبوع". " أذن سأعطيك الجواب في الغد , والآن سأذهب الى النوم ". " وحدك؟". نظرت اليه بأشمئزاز ورددت: "وحدي". " تصبحين على خير , أرجو أن تكون أحلامك جميلة!". خرجت سارة من دون أن ترد عليه , وما أن وصلت الى غرفتها حتى جلست على السرير وخبأت رأسها المستعل بين يديها المرتجفتين , لقد تصرفت بحمق.... ثم قالت لنفسها : أنا أكرهه.... لكن....عندما يلمسني , يتعلق عقلي ولا أعود قادرة على التفكير , في أعماقها رغبة ملحة في أن تكون بين ذراعيه ,ولا أي منطق قادر أن يطرد هذا الشعور من داخلها , كأنها تعاني من أزدواجية في شخصيتها , عقلها يقول لها أن لوك ما زال رجل الأعمال غير الرؤوف الذي جعل من زواجها جحيما بعد أن تجاهلها كليا , لكن قلبها أو بالأحرى حساسيتها المكبوتة , تستيقظ كلما وجدت أمامه. وفكرت بالشهر الطويل الذي ينتظرها لتتصنع بأنها زوجته السعيدة وناحت بصوت مؤلم , كيف ستتمكن من تحمل ذلك ؟ أن تعيش بأستمرار أمام أنظار لوك , وتتحدث اليه وتبتسم له كأن شيئا لم يكن؟ سيكون ذلك عذابا لا تستطيع تحمله , وهي تعترف الآن بمضض أن نظرة لوك الساخرة أتجاه ضعفها ستكون عذابا لم يسبق أن عانت مثله من قبل. خلعت ملابسها وجلست في سريرها ,وفي الظلام ظلت تفكر بهذا السؤال , لكنها كانت تعرف أنها ستوافق على عرضه مهما كان الثمن , وفي لحظة صدق , أعترفت لنفسها بأن الوضع لن يزعجها حتى ولو عرفت بأنها ستتعذب لأن فكرة العيش بضعة أسابيع مع زوجها فيها نعومة مرة لا يمكنها مقاومتها . وما أن طلع الفجر حتى أخذت القرار النهائي بالنسبة الى بيري: لا يمكنني االزواج منه , سأكتب اليه وأخبره بذلك , سأخدعه أذا تركته يعتقد أنني سأحبه يوما وأنا أعرف أن ذلك مستحيل لأنني لا أستطيع أن أحب أنسانا آخر. ألقت بلوك في البهو حاملا بين يديه ربطة رسائل وبلمحة سريعة نظر مفصلا الى فستانها الكاكي البسيط ومنديلها الأصفر المعقود حول عنقها , فسألها بصوت جاف: " هل نمت جيدا؟". كذبت عليه وقالت: " جدا". " تبدين هكذا بالفعل". أعلنت وهي تزيح رأسها جانبا : " لقد قررت الموافقة". ران صمت قطعه لوك أخيرا: " حسنا ,كنت أعرف بأنك ستوافقين". قالت بمرارة: " أنت دائما واثق من نفسك , لكن سيأتي يوم وتجد نفسك مخطئا كالآخرين , لا يمكنك أن تكون دائما على حق". أبتسم بسخرية وقال: " هل تراهنين على ذلك؟". وخلال فطور الصباح أعلن هنري فجأة : " لقد قررت مع أندريا ألا نأتي معكم الى الجبل في نهاية الأسبوع , سنذهب للبحث عن منزل". وضعت السيدة أيليوت ملعقتها جانبا ونظرت الى أبنها بمرح وقالت: " ستذهب للبحث عن منزل!". رفع لوك نظره عن الرسالة التي كان يقرأها وهز حاجبيه وقال: " هذا أمر مناف للعقل". نظر هنري اليه بهدوء وقال: " تريد أندريا الحصول على منزل خاص بها". قال لوك له بأبتسامة ساخرة: " هذا هو منزلها , لا يمكنها أدارة منزل من دون مساعدة , لا تتهور بمالك , يا هنري , وألا أضطررت أن تبيع بخسارة". رفع هنري ذقنه بتحد وقال: " هذه قضيتي ولقد قررت , لقد حان الوقت أن نملك منزلا كأي زوجين في هذا العالم , الأمور لا تسير جيدا عندما تعيش عدة عائلات تحت سقف واحد , ستشعر أندريا بتحسن عندما تعرف أنها تملك منزلا خاصا بها وبي وبأولادنا". ضحك لوك بقسوة وقال: " أنت مليء بالأوهام وأندريا أمرأة مستهترة وفاشلة كليا , والمنزل ليس سوى واحد من أحلامها العديدة , وخلال شهر ستبكي ندما وحسرة". نظرت سارة الى هنري ورأت الأنزعاج واضحا في عينيه , رمقها بنظرة متوسلة كأنه يطلب منها مساعدته , فقالت بصوت هادىء: " أحيانا يفشل الأنسان لأنه قرر أن يكون فاشلا". سألها لوك وهو ينظر اليها بغضب: " هل تتفضلين بشرح فكرتك بوضوح؟". هزت كتفيها وقالت: " أنت تكره النساء يا لوك , أليس كذلك؟ تحكم عليهن بأنهن ضعيفات ومحسوبات على أزواجهن وتابعات , تريدهن هكذا.... كي ترتاح كبرياؤك الرجولية , لقد أرغمت أندريا ببساطة أن تتقيد بشروط منافية للمعقول". نظر اليها نظرة باردة ونفى قائلا: " لم أفرض على أندريا شيئا , لقد أخترعت أنت هذه النظرية آملة أن تغطي بها أخطاءك الفادحة , تفضلين أن تلوميني على أن تلتزمي بمسؤولية أفعالك , أندريا حجة , فقط لا غير". " أرجع عن هذه الحجة , وحاول أن تنظر الى الأشياء برأي مختلف , ماذا تحاول أن تخفي وراء هذه الأرادة في أقناع نفسك بأن النساء ضعيفات ولا يصلحن لشيء؟". " لا تلعبي دور الطبيب النفساني يا حبيبتي ". نهضت السيدة أيليوت ودفعت كرسيها وقالت: " كفى ! لوك , هدىء من روعك". |
كان رأسها مستقيما كالملكة والشمس ترسم هالة فضية في شعرها الأبيض وقالت: " هنري على حق , حان الوقت كي يملك منزلا , كل الأزواج بحاجة الى الجلسات الحميمة , وهنا لا مجال للحصول عليها , أي عراك يتطور الى شجار كبير , ويكفي النظر اليك عندما تمون مع سارة! يزيد الحادث البسيط سوءا , ويوتر الجو بين المتشاجرين". ثم نظرت الى هنري وقالت: " جد لنفسك منزلا ولا تسمح للوك أن يمنعك من الأستقرار فيه , حان لك أن تعيش حرا وتستقر وتعيل نفسك وعائلتك". ثم غادرت الغرفة في الحال , شعر هنري بالأنزعاج ونظر الى أخيه ثم نهض وخرج بدوره. دفع لوك صحنه المليء ونظر الى سارة بغضب وقال: " عم تبحثين؟ تريدين أيقاع الخلاف بيننا؟ هل أنت مسرورة الآن؟". " مسرورة جدا". منتديات ليلاس شتم بصوت منخفض وقال: " أحيانا بوسعي أن أخلع رقبتك!". " أحيانا فقط؟". رن الهاتف في مكتبه , نهض وخرج , أكملت سارة فطورها ولما عاد اليها بعد قليل , كان مكفهر الوجه. " كانت ستيفاني تتحدث معي الآن , ستأتي مع سوزان لرؤيتك , ستأخذان الطائرة اليوم وستبقيان هنا لقضاء عطلة الأسبوع معنا في الجبل , أخشى ألا تكوني مضطرة للقاء أفراد العائلة الغائبين أيضا". " أنا أحب ستيفاني وسوزان حبا كبيرا , كنا متفقات دائما , لقد عرفتا كيف تبتعدان عنك". " أذن شقيقتان ليستا مظلومتين بسيطرة الأخ البكر الظالم العنيد؟". " أنهما متزنتان وتزوجتا من شابين ذكيين بيل وجيمي رجلان متينان , يعرفان التفرقة بين سفاح وعاقل". " يا ألهي!". منتديات ليلاس صفع الباب بعنف وأبتسمت بالأتجاه الذي أختفى منه. ستيفاني تكبر سوزان بسنوات معدودة , كان لها ثلاثة صبيان عندما ألتقت بها سارة لأول مرة , شعرها أسود مثل لوك وعيناها زرقاوان مثل والدتها , لكنها كانت تتمتع بشخصية خاصة , سريعة وقادرة وسلطوية ومستقلة , زوجها بيل كان يرى فيها أنوثتها وحسب , يدير معمل معلبات في الغرب , بيتهما فاخر وأنيق وأصوات الصبيان الحيوين لا تفارقه. سوزان كانت تكبر سارة بسنتين عندما تزوجت من جيمي وهو طبيب كاليفورني مشهور , قصيرة مثل والدتها وشعرها أشقر , لها أبنة في الثالثة من العمر , وحسب الرسائل النادرة التي وصلت الى سارة خلال السنتين الأخيرتين , تبدو حياتهما مليئة وسعيدة. وتساءلت سارة أذا كانت زيارتهما بهدف منعها من أن تكون من جديد سجينة لوك, أبتسمت لهذه الفكرة الممكنة , هذا أمر رائع , والأمور لن تكون سهلة بالنسبة الى لوك , لقد حصل منها بالخداع أن تلعب دور الزوجة المثالية السعيدة , لكن لا شك أنهما سيتعرضان لممفاجآت في الأوقات الحميمة , لقد سبق أن حذّرتها والدته بأن لوك يكره أن يسخر أحد منه , جرح شعور ها وكرامتها عندما أستسلمت سارة له لمجرد لمسة صغيرة , أما اليوم فهي مستعدة لتحمل أقتحامه وعازمة على مقاومته. وصلت ستيفاني وسوزان الى منزل العائلة ولقيتا ترحيبا صخبا , وما أن أستقرتا حتى سألتهما السيدة أيليوت بلوم: "لماذا لم تجلبا الأولاد معكما؟ ألا يحق لي أن أرى أحفادي؟". قالت ستيفاني شارحة: " يا أمي العزيزة تركنا أولادنا عن قصد , وقررنا المجيء من دونهم أذ حان لنا الوقت أن نأخذ بعض العطلة , ووصول سارة كان حجة مناسبة". ودعمتها سوزان قائلة: " بالفعل! هناك دائما أعمال عديدة تنتظرني ,ومللت الغسل والمطبخ والرد على الهاتف بصورة مستمرة , فزوجة الطبيب عبدة للهاتف , أنا مسرورة لأنني سأقضي هنا يومين من دون أن أقوم بأي عمل نهائيا , هذه هي السعادة , السعادة القصوى!". وافقت ستيفاني على كلامها بهز رأسها وقالت: " برافو! أحملوني على المقعد وضعوا كرسيا صغيرا تحت قدمي ولا تزعجوني!". |
دخلت أندريا متلألئة بفستانها الأبيض , فأبتسمت لدى رؤية سلفتيها وقالت: " آه! كيف حالكما! هنري وأنا بصدد شراء منزل لنا , ما رأيكما بذلك؟". وافقت ستيفاني بحرارة قائلة : " أنها أفضل فكرة توصل اليها هنري في حياته حتى الآن , أهنئك". أحتجت السيدة أيليوت قائلة : " ما دمتما أنتما الأثنتين قد هربتما من منزلكما مثل لاجئتين هاربتين من الأولاد المزعجين , لا أرى كيف تسمحان لنفسيكما أن تهنئا أندريا". قالت ستيفاني : " أدارة المنزل أمر ربما يكون مرهقا , لكن العيش تحت سقف واحد مع لوك أسوأ بكثير". صرخت السيدة أيليوت متوترة وغاضبة : " آه , يا ستيفاني , أنت مرأة غير عادلة , لوك كان دائما أخا مثاليا معك , ألم يساعد زوجك في مشاريعه؟". منتديات ليلاس " طبعا ونحن متشكران له كثيرا , لكن لماذا, حسب رأيك, أردنا أن نستقر على الساحل الغربي وليس هنا؟ كي نكون على مسافة بعيدة من لوك , هذا هو السبب , لوك يدير العائلة مثلما تحكم الملكة أليزابيث العرش البريطاني , كان علينا أطاعة أوامره والأرتباط بقوانينه , وأذا تذمرنا , يغضب سيد المكان". أحتجت السيدة أيليوت وقالت: " عاش لوك حياة قاسية , وعندما أفكر به عندما كان صغيرا كيف كان يعمل بقسوة من أجلكم جميعا , أشعر بحاجة الى البكاء , كان عليك أن تشكريه بدلا من أن تلوميه!". تنهدت سوزان وهي تنظر الى والدتها بحنان : " آه , يا أمي , نحن متشكرون له كثيرا وأنت تعرفين ذلك تماما , نحن نحب لوك ونعي جيدا العذاب الذي قاساه , لكن العيش تحت جناحه عملية مختلفة , لا أنا ولا ستيفاني فوجئنا برحيل سارة ,كانت تعيش حياة النساك في هذا المنزل , وكان لوك يكرس كل حياته في العمل تاركا زوجته الى قدرها الحزين ساعات وأياما بلا نهاية , وهذه الحياة لا تستحقها فتاة في العشرين من العمر , أليس كذلك؟". أضطربت السيدة أيليوت وقالت: " سوزان , لا يجب عليك التدخل بهذه الأمور.........". قاطعتها سارة بصوت حازم: " لا, بالفعل الأفضل عدم التحدث عن زواجنا ولنضعه جانبا , لنتحدث عن عطلة الأسبوع في الريف ,ما رأيك يا ستيفاني لو نركب الخيل هناك؟ هل تتذكرين يا ستيفاني يوم ركبنا الخيل ورحنا في نزهة طويلة؟". " كان ذلك روعة , كما لعبنا بالغولف, هل تتذكرين؟ كنت فاشلة ولم أر في حياتي لاعبا فاشلا مثلك". منتديات ليلاس " وأنا أكيدة أنني لم أتطور في هذا المجال , لم أمارس الغولف منذ وقت طويل ". " أنا أحيانا ألعب الغولف مع زوجي بيل عندما يكون أمامنا المجال للتخلص من الأولاد". قالت السيدة أيليوت بلوم وعتاب: " الذي يسمعك يقول بأنك لا تحبين صغارك المساكين". عبست وصرخت: " لكنني أعبدهم , يا أمي , خاصة عندما يكونون في السرير , يأكلون كثيرا ويصرخون بدل التكلم ويحطمون كل شيء بدربهم , أنهم أولاد أشقياء". غمزت سوزان شقيقتها وقالت: " أبنتي ماري تلعب أحيانا وحدها من دون صراخ , لكن الدمار الذي تتركه وراءها يحتاج الى ساعات للتوضيب , وطوال النهار أشكر الله لأنه أرسل لي أبنة تكتفي باللعب بدميتها بدلا من أن تتسلق الأشجار وتكسر ساقها , في الأسبوع الفائت جاءت ستيفاني لزيارتي مع الأولاد ,وقام الصبيان بحوادث لا تحصى". نظرت أندريا اليها بحوادث وقالت: " وأنا التي أتمنى أن أنجب صبيا هذه المرة! أبنتاي شقيتان ولم أتصور أن هناك أشقى منهما!". " صدقيني الأولاد الأشقياء كثيرون". قالت السيدة أيليوت: " ما أفكر به هو أنكن جميعا أنهات غير جديرات! ماري فتاة ناعمة , وكذلك بيتسي وسوزان". نهضت ستيفاني وقهقهت ثم قالت: " حتى أنت , يا أمي , غير قادرة أن تصفي أولادي بالصبيان ". " أن أولادك أيضا رائعون". " نعم , فقط ايوم الذي يعطيهم والدهم بعض المال". |
تنهدت أندريا وقالت: " أنا مسرورة لمجيئكما في هذا الوقت بالذات , وبأمكانكما أن تقولا لهنري أنه على حق في الذهاب والأستقرار في منزله الخاص , يخاف ألا أكون على المستوى المطلوب , لكنني أردد على مسمعه بأنني أفضل أن أعاني الفشل في منزلي ولا عند الآخرين ". أجابتها ستيفاني: " لا , لن تفشلي , عليك أنت أن تختاري طريقة الحياة التي تريدين عيشها , وليس لوك , وأذا كنت لا تحبين القيام بالمهمات البيتية , بأمكانك أن تطلبي مساعدة أحد , وهنري لديه الأمكانيات لذلك, المهم أن تكوني أنت وهنري سعيدين". منتديات ليلاس أبتسمت لها أندريا بحرارة: " أنت على حق , هذا أهم ما في الأمر , ومتى أصبح لهنري منزله الخاص أنا أكيدة بأن الأمور ستسير أفضل مما هي عليه الآن". " وأنا أشاطرك الرأي". تنهدت السيدة أيليوت وقالت: " أنتن جميعا على حق , ولن يمكث في هذا المنزل الكبير ألا أنا ولوك". رمقت ستيفاني سارة بنظرة خاطفة وقالت: " أذا سارة ولوك أعلنا طلاقهما , ربما يتزوج لوك مرة ثانية وينجب الأولاد ويعمر المنزل من جديد". منتديات ليلاس شعرت سارة بألم في قعر معدتها , وتخيلت أولادا بشعرهم الأسود وعيونهم الرمادية يلعبون على العشب الأخضر في حديقة المنزل , بينما تراقبهم والدتهم , لا شك أنها ستكون أمرأة رائعة , متأبطة ذراع لوك. هذه الصورة أثرت بها كثيرا الى درجة الشعور بالمرض. نهاية الفصل السادس:flowers2: :liilas::liilase: |
7_ سارة تمضي وقتا طيبا مع لوك في ممارسة لعبة الغولف وفي المساء تستقبل السيد كروشاير , لكن نومها لن يكون سعيدا بعد الذي رأته من النافذة في آخر السهرة.... كان المنزل الريفي واسعا الى درجة كبيرة وقادرا على أستيعاب عدة عائلات , الحديقة الشاسعة والمرج اليانع يحدان المنزل من جانب واحد , وهناك أرض مسوّرة في آخر المسكن حيث المكان الأفضل لركوب الخيل , لكن اليوم الأسطبل فارغ وما زالت تفوح منه رائحة القش . قالت سارة موجهة الى لوك: " أنا أتذكر هذا المنزل تماما , أنه شاسع وكبير". " نعم أنه يشبه مزرعة صغيرة , لكن لا نقضي فيه سوى عطلات الأسبوع أحيانا". منتديات ليلاس كانت سارة قد أرتدت ثيابا خاصة لركوب الخيل ونظرت حولها وقالت: " أنا جاهزة , لكن أين الجميع؟". " آه , هذه هي ستيفاني". ظهرت شقتقته خارج المنزل وفي شعرها تعبث الريح , ووجهها أحمر.... تبعتها سوزان مرتدية سترة رمادية وحذاء قديما . كان ميدان الخيل يقع على بعد كيلومترين فقط ,الأسوار البيضاء مطلية حديثا والخيول على أستعداد للركض أوقف لوك سيارته في المرآب ونزلت النساء الثلاث الى الأسطبل , تقدمت منهن فتاة شابة نحيلة وراحت تنصحهن بأختيار الخيل ثم ركوبها والقيام بدورة حول الميدان للأعتياد عليها. بعد قليل أنطلقت سارة على حصان م بخطى بطيئة متخذة الممر الواسع بين منظر الأشجار وشعرت فجأة بالحرية والحيوية , كانت قد نسيت هذا الأحساس السعيد الذي كانت تشعر أنه كلما أمتطت حصانا في صباح جميل. وكانت ستيفاني وسوزان تتبعانها بهدوء , بينما جلس لوك قربها , أسرعت سارة خطواتها وراحت الريح تصفر في أذنيها , وحوافر الخيل تبعث وراءها بغيوم من الغبار. صاح لوك قائلا: " خففي من سرعتك , يا سارة". ألتفتت الى الوراء وأبتسمت له وقالت: " ولماذا تريدني أن أخفف من سرعتي؟ فأنا أتسلى وأمرح!". وبعد قليل بدأت الطريق بالأنحدار نزولا , فأسرع الحصان متحمسا , حاولت أيقافه , من دون نتيجة , وراحت الأشجار تتابع بأقصى سرعة , أخيرا تمكن لوك من بلوغها ووجهه مملوء بالقلق , تسلّم الزمام فسمعته يصرخ , ثم خف ركوبه ونزل أرضا , كانت سارة ترتجف في كل أنحاء جسمها , رمقها لوك بنظرة قتّالة وقال: " يا لك من فتاة حمقاء! كان بأمكانك أن تقتلي نفسك!". " لقد نسيت كليا هذه الطريق المنحدرة ". ثم سألها بصوت ناعم: " كيف تشعرين؟". رفعت ذقنها وقالت: " جيدة , شكرا". وصلت ستيفاني قربها وسألتها: "ماذا جرى؟ هل أنت تحت تأثير الصدمة , يا سارة؟". " كلا , كل شيء على ما يرام , شكرا". لكنها لم تكن تفكر ألا بالعودة الى المنزل , خائفة ألا تتمكن من أخفاء أنفعالها أتجاه لوك مدة أطول. وبأتفاق متبادل قررا صعود التلة , وما أن وصلا الى الميدان حتى قفز لوك بسرعة عن حصانه لمساعدة سارة في الهبوط , أذ لم تكن تملك قوة المناقشة , وتركته يتأبط ذراعها , صم ضمّها لحظة اليه , قبل أن يضعها أرضا , وما أن وصلت الى المنزل حتى صعدت لتوها الى الحمام لأخذ حمام ساخن , كانت تفرك جسمها بقوة بمنشفة ناعمة عندما سمعت الباب ينفتح , دهشت وأستدارت لتجد نفسها وجها لوجه مع زوجها , بسرعة حاولت قدر المستطاع أن تلف المنشفة حولها , كانت حمراء خجلا. " ألا يمكنك أن تدق الباب قبل الدخول الى الغرفة؟ كم من مرة تريدني أن أردد ذلك على مسمعك؟". قال لوك بصوت كسول: " هذا التصرف ربما أدهش السيد كروشاير , فهذا النوع من اللياقة غير وارد بين رجل وزوجته.... منتديات ليلاس " هل سيبقى طويلا؟". " سيصل هذا المساء وقت العشاء , عندما قلت له أنني سأمضي عطلة الأسبوع هنا , أفهمني أنه سيلبي دعوتي أذا دعوته , وكان صعبا عليّ أن أرفض ذلك". قالت بأستغراب وذعر: " التمثيل خلال سهرة واحدة أمر ممكن , لكن التمثيل خلال أيام متواصلة , بينما يعرف بقية سكان هذا المنزل بمشاريع طلاقنا , هذا أمر.......". قاطعها قائلا: " الجميع هنا على علم بالخطة فيما يتعلق بكروشاير , وسيحفظون السر , حتى ستيفاني". |
سمعت قلبها ينبض بسرعة جنونية , وهي لا ترتدي سوى منشفة تلفها , رفع لوك نظره ببطء الى جسمها وقال: " ستشعرين بالبرد أذا بقيت هكذا". " أذا تفضلت وتركتني أرتدي ملابسي....". " لقد سبق ورأيتك ترتدين ملابسك مئات المرات , لا تنزعجي من وجودي ,أريد أن أحدثك بأمر مهم". صرخت به قائلة: " لن أرتدي ملابسي ما دمت باقيا هنا". هز كتفيه بمرح وتوجه نحو النافذة قائلا: " حسنا , سأدير لك ظهري , الشيء الوحيد الذي يقلقني , يا سارة , هو أنت , لا أجوبة لاذعة ولا كلمات جميلة وجيدة , يجب علينا تأليف جبهة متحدة". منتديات ليلاس أرتدت ملابسها الداخلية وراحت تبحث في خزانتها عن فستان مناسب , وأختارت الأبسط , ثم بتنهد أرتياح ألتفتت ووجدت لوك ينظر اليها. " برافو! لم تكف عن رؤيتي!". أرتسمت أبتسامة ساخرة على شفتيه وقال: " ما زلت نحيلة جدا , تمكنت من عد أضلاعك , أنت بحاجة الى التغذية المستمرة". مرت أمامه لتأخذ ساعة يدها الذهبية لكنه أمسك بالساعة قبلها وراح يقلبها في أصابعه. " كان أسمك محفورا بالفضة على السلسلة التي أهديتك أياها , لكن هل هذه هدية من سام؟". " نعم". " من غيرة , بالفعل؟ لم تكوني بحاجة الى زوج؟ أليس كذلك ؟ لقد رباك سام بدلال , كنت أبنته الحبيبة , ودميته , من المستحيل مقاومته , كان بحاجة اليك , وكنت تتمنين أن يكون الرجال على صورته". " سام كان يحبك". " طبعا , كنا نحب بعضنا البعض , لكن ذلك لم يمنعني من الغيرة". نظرت اليه غير مصدقة: "الغيرة ؟ ليس الأمر جديا". وضع ساعتها جانبا وأمسكها بكتفيها وقال: " بلى , كان الأمر شديد الجدية ,يا سارة , كان يتهيأ لي بأنني أصارع ظلا , لو كان أي رجل آخر لأختلف الأمر .... لكنه كان الطيبة بذاتها , كان دائما يقف بيننا , الأب المثالي , الصديق المثالي.... كنت ترددين ذلك صبحا ومساء , لقد وضعت هالة حوله , وأظهرت له أعجابا شديدا". " لكنه كان يستحق ذلك". رجعت الى الوراء وعيناها تلمعان غضبا وأضافت: " كنت دائما مأخوذا بالعمل , أما هو فلا , كنت أراه غالبا وأكثر مما كنت أراك خلال مدة زواجنا , نعم , أصبحت شقتنا سجنا , حتى قبل مرضه ,كان سام قد عوّدني أن يكرّس لي وقتا , كل يوم , أذا سافر , كان يأخذني معه , لكن ذلك لم يحصل معك ,يا لوك, كنت تتركني لقدري المحزن". " وأنت, هل كنت تريدين حقا أن أتصرف حرفيا مثل سام ,تذكّري أنني كلما تأخرت في المكتب ,كنت تتصلين بي هاتفيا". " لكنك أوقفت هذه العادة بعد أن أعطيت الأوامر لسكرتيرتك, هل تساءلت مرة ما كان شعوري عندما أكتشفت ذلك؟ وفهمت في الحال أن حياتي معك تتلخص ببعض أحتفالات العشاء ونادرا بأوقات حنونة , كنت دميتك , يا لوك, لكني لم أكن دمية بالنسبة الى سام , كنت تقدم اليّ الهدايا وتعتبرني ملكيتك , أما سام فكان والدي , والدي المحب الحنون , أنت , لوك.... كنت تملكني....". قال بغضب بارد بعد أن دفعها الى السرير: " وما زلت دائما". وضغط عليها بشدة , حتى أصبحت غير قادرة على التخلص منه وبغضب قالت: " أنا لست ملكا لأحد , أبتعد عني في الحال". فجأة دفعته جانبا وبسرعة نهضت وأصبحت قرب الباب وصرخت تقول: " حاول مرة واحدة أيضا , وأرفض التعامل معك". " يا لك من أمرأة شريرة! لقد سخرت مني". خرجت لكن لوك تبعها , وبيده فرشاة الشعر وقال: " خذي وسرّحي شعرك المشعث!". منتديات ليلاس ألتفتت به وتناولت الفرشاة , رفعت سارة شعرها بشكل كعكة بينما ظل لوك متكئا على الباب يحدق بها فجأة أقترب منها وطبع قبلة على عنقها وقال: " أنت أمرأة جذابة". أجتازتها قشعريرة وقالت: " كفى! لقد سئمت ألعابك". همس وأصبعه تلمس ظهرها: " ماذا لو نعاود الكرة؟". " لن يحصل شيء! أنت لم تتغير". " أما أنت , فلقد تغيرت , كنت قد تزوجت من فتاة صغيرة , فأجد نفسي الآن أمام أمرأة رائعة واثقة من سحرها وجذابة". ظلت صامتة لقوة التجربة ,ثم هزت رأسها بحزم وقالت: " كلا , يا لوك, لا جدوى لذلك , أريد الطلاق". " لتتزوجي من دوريل؟". " أسمع , هذه قضيتي! وكل واحد حر في أختياره". " لو تتمتعين بشجاعة قليلة , لجعلتني مجنونك , ولفعلت أي شيء للمحافظة عليك , لكنك أخترت الحل السهل وهربت". " السعر كان مرتفعا ولم أكن أريد أن أكون ملكيتك , وألا لفقدت كبريائي وعزة نفسي , لكن عندما ذهبت أسترجعت أحترام نفسي وحاولت المحافظة عليها". أستدارت وهبطت السلالم من دون أن يحاول أيقافها. |
همست ستيفاني الجالسة بأرتياح على المقعد . " هذه فكرة عبقرية ! من زمان لم أسترح ولم أبق من دون عمل ,حتى الشمس أنضمت الينا". كانت سوزان تدهن يديها بمسحوق مرطب ولوك يدور حول نفسه كالدب في القفص. " يا ألهي , كم الغسيل يتلف الجلد , فملابس ماري الصغيرة دقيقة... ومن المستحيل وضعها في الغسالة". صرخ لوك قائلا: " كفى تأففا! ولماذا لا تأتيان أنتما الأثنتين للقيام بلعبة الغولف؟". قالت ستيفاني: " طبعا لا , لقد قررنا ألا نتحرك طيلة بعد الظهر". " وأنت, يا سارة؟". ترددت ثم قالت: " ولم لا.........؟". شعر لوك بالأنتصار وأبتسم لشقيقتيه وقال: " الى اللقاء...". قالت ستيفاني لسارة: " هل جننت ؟ لا تذهبي , لوك يلعب الغولف كالمحترف". " هذا ما أحب معرفته". فتح لها لوك الباب , فخرجت ضاحكة. منتديات ليلاس أحتسيا كأسا في النادي قبل الذهاب الى الأرض المخصصة للغولف , كان عليها أن تبدأ أولا فأطلقت الكرة بطريقة جعلت لوك يقول: " يا ألهي, أنت أسوأ مما كنت عليه". وقف وراءها وأمسك معصميها وقال: " أدريري جسمك ....". هذا الدرس أفرحها , كانت يدا لوك تضغطان على معصميها وكتفاه تلمسان كتفيها , هذا الأتصال يزداد شعلة وأضطراما مرة بعد مرة , راقبته بدورها عندما أطلق الضربة الأولى , كان جسمه الطويل رشيقا وشعره الأسود مشعثا بالريح , وفهمت في الحال أنها في صدد الوقوع في غرامه من جديد , أنها تلعب لعبة خطرة , وتخشى أن تحطم قلبها مرة ثانية أذا لم تتصرف بحذر. كانا يتقدمان ببطء , فلوك لاعب ماهر ومنتظم , يطلق الكرة بأعتنا ,وسارة تضرب الطابة بكل قواها وكانت سعيدة جدا , فالسماء تلمع والهواء ناعم. قال لوك غامزا: " قبل أن ننهي اللعب , أعرف أنني الرابح". " المعارك كلها لم تربحها بعد , لكن عليك أن تخسر من وقت الى آخر , يا لوك". قال بصوت ناعم: " آه , لن أخسر أبدا ". " أنت ما تزال واثقا من نفسك كل الثقة؟". أقترب منها وهمس في أذنها : " لا يخسر الأنسان ما دام يصر على الربح". " سأتذكر كلامك". وفي طريق العودة الى المنزل كانت السماء تشرف على المغيب والأفق يضطرم أستقبلتهما ستيفاني أمام المدخل سائلة: " ماذا؟ كيف كان اللعب؟". منتديات ليلاس " لم أر في حياتي لاعبة أسوأ منها ". قهقهت ستيفاني وقالت: "لم تتغير أذن , على فكرة , وصل المدعوون وأعطتهم أمي الجناح في الطابق الثاني , هل هذا مناسب؟". " عظيم". " ضيوف؟ هل جاء السيد كروشاير مع زوجته و.......". " أنه أرمل , لقد أصطحب معه فيكتوريا , فهي تهتم بهذه القضية". أنقبض قلبها لسماع كلمة فيكتوريا , فصعدت الى غرفتها لتجهز نفسها حين يحين موعد العشاء , وبينما كانت ترتدي ملابسها كان عقلها يفكر بسلوك لوك منذ وصولها , هل ما زال فعلا يحبها أم أنها حيلة من أجل أن يحقق الصفقة المنتظرة ؟ أنها تعرف أنه عديم الشفقة وقادر أن يقوم بهذه الوقاحة , وأصابها غثيان لمجرد تذكر عناقه والرعشة التي تجتاحها كلما لمسها , أنها أمرأة مكبوتة , من دون حب لمدة سنتين , وهو يعرف كيف يوقظ أحاسيسها وكيف يعذّبها للحصول على جواب حار. |
نظرت الى نفسها في المرآة , جلدها ناعم وشعرها مالس وفستانها الأبيض االحريري يليق بها تماما , وبالرغم من أمتنانها من نفسها لا تشعر أنها في مستوى فيكتوريا التي تسحرها بجمالها وذكائها , فيكتوريا تعمل مع لوك وأينما كان لوك فهي دائما معه. عندما نزلت الى قاعة الأستقبال كانت فيكتوريا هناك في ثوب أحمر شفاف , شعرها الأسود يظهر بياض بشرتها , كانت تبتسم للوك متأبطة ذراعه , ولما دخلت سارة أبتعدت عن لوك ونظرت الى المرأة من دون حماس. " آه , بشرتك متوردة هنا , يا سارة , الجبل يؤاتيك". أجابتها سارة متشكرة: " شكرا". منتديات ليلاس دخل رجل نحيف وراءها , فأستقبله لوك بأبتسامة حارة : " ها أنت يا آدم , سأعرفك بزوجتي ,سارة... آدم كروشاير". مدت له يدها مبتسمة , لقد أحبته في الحال , عيناه محاطتان ببعض التجاعيد الصغيرة .... ربما لشدة الضحك ..... كان لطيفا وبشوشا. أمسكت فيكتوريا ذراعه وتقدمت به نحو خزانة زجاجية عرضت في داخلها التحف القديمة العائدة للقرن الثامن عشر وقالت له: " تعال! أنظر الى هذه الأشياء المصنوعة من الخزف , هل تعجبك؟". " آه , أفضّل أن أراها عن قريب". أخذ لوك مفتاحا من جيبه وقال: " ليس أسهل من هذا". فتح الخزانة وأمسك بقطعة صغيرة وناولها لأدم , فقال هذا الأخير : " هل لاحظت التوقيع يا لوك؟ أنها قطعة رائعة جدا , من الذي يجمعها , أنت أم زوجتك؟". " كلا , أنها أمي". " آه , آه , والدتك أمرأة ساحرة وذكية , أذا سمحت لي بأطرائها ". نظر لوك حوله وقال: " ها هي , أمي , يقول عنك السيد كروشاير كلاما جميلا ". أضطرب آدم وأسفت عليه سارة , لكن السيدة أيليوت فرحت بهذا الأطراء وقالت: " شكرا , يا آدم , هذا لطف منك , هل تحب الخزف الصيني ؟ لدي أفضل من هذه , تعال.......". نظرت فيكتوريا الى لوك وقالت: ط والدتك ربحت معركة". قال لها بصوت منخفض: " كل ما أطلب هو أن يكون سعيدا". وخلال العشاء , جلست سارة بين لوك وآدم كروشاير ,وبذل لوك جهده أن يبقي الحديث شاملا , وسمع آدم بمرح حديث ستيفاني وسوزان وحكاياتهما حول الأولاد , أما سارة فراحت تطرح عليه الأسئلة حول عائلته , فحدثها عن ولديه ثم قال فجأة : " ما زالا متأثرين بفقدان والدتهما , وأنا كذلك , كانت تساعدني كثيرا في عملي , كانت أما رائعة". " كم مضى على وفاتها؟". " سنتان , لقد علمت أنك فقدت والدك أخيرا , أليس كذلك؟ هل كنت متعلقة به كثيرا؟". هزت رأسها بحسرة وقالت: " نعم , متعلقة به كثيرا". شعر لوك بالضغط يتصاعد في الجو , لكنه ظل محدقا بآدم الذي قال بلطف: " الزمن يشفي كل شيء". كانت فيكتوريا جالسة قرب آدم من الجهة الثانية , فطلبت من لوك قائلة: " هل تملأ كأسي من فضلك؟". آه , يا لها من أمرأة ثمينة , هذه الفيكتوريا! تعرف أن تغيّر الحديث في الوقت المناسب وهذا ما كان ينتظر لوك منها,لماذا لم يتزوجها أذن قل سنوات؟ ربما كانت المرأة المثالية! بعد العشاء تهيأ لسارة أن الوقت مسألة أبدية غير منتهية , كانت ترغب في الذهاب الى فراشها ولم تجرؤ على الأنسحاب , لم تكن تصغي الى كلام لوك , أخيرا نهض لوك معلنا موعد الرحيل , فأختفت فيكتوريا بأبتسامة والجميع تبعوها بسرعة. منتديات ليلاس خلعت سارة ملابسها وهي تتثاءب ,ونظرت الى الباب فلم يكن المفتاح فيه , لكن , هل يريد لوك شجارا جديدا هذا المساء؟ تمددت في سريرها وسمعت فجأة أصوات خطوات , فنهضت الى النافذة ,ورأت لوك واقفا على طرف العشب الأخضر , يتأمل ضوء القمر , فجأة ظهرت فيكتوريا بثوبها الأحمر. تكلما مدة قصيرة بصوت منخفض لم تتمكن سارة أن تفهم شيئا منه ,لكنها شعرت بالغيرة خاصة عندما وقفت فيكتوريا على رؤوس أصابعها لتودع رفيقها. عادت سارة الى الفراش بسرعة وخبأت رأسها بين يديها ,أذن الأمر حقيقي , فيكتوريا ولوك .... كانت تتعذب كثيرا , أغمضت عينيها , آه لو لم تشهد هذا العناق! نهاية الفصل السابع |
8_اللعبة الاجتماعية تسير على افضل وجه الا ان فيكتوريا متضايقة من قرب سارة ولوك ,الا ان السيد ادم يمضي عطلة طيبة,سارة تكتشف موهبة جديدة لدى لوك..... أستيقظت سارة في صباح الغد بشيء رطب وحار قرب وجهها , ففتحت عينيها ورأت الكلب مجنون قربها وعيناه مليئتان بالحنان. " آه ( مجنون)كيف حالك , آه كفى.... أعطني ساقك , هيا أعطني ساقك". قال لوك: " لقد نسي براعته". فوجئت سارة بوجود لوك, فرفعت عينيها , كان واقفا قرب طرف السرير , مكتف اليدين , مرحا وقال: " لقد جئت به الآن من عند السيدة جاكس". منتديات ليلاس لقد زارا هذه المرأة بالأمس , لكن ( مجنون ) كان قد ذهب الى الصيد مع أبن السيدة جاكس ,فلم يتسنى لها رؤيته قبل الآن. أبتسمت وقالت: " شكرا , أنظر , أنه يتذكرني ! بعد سنتين! ومن يقول أن لا ذاكرة عند الحيوانات؟". " طبعا أنهم يتمتعون بالذاكرة". نظر اليها وهي تداعب الرأس الناعم وقال: " ما رأيك بنزهة صباحية قبل موعد الفطور , هذا أذا أرتديت ملابسك بسرعة؟". رمقته بنظرة جانبية وقالت: ط أذا أنتظرتني في البهو , فسأكون جاهزة بعد خمس دقائق". أبتسم بسخرية وقال: " أقسم ألا أنظر اليك؟". " لوك!". " ما دمت مصرة.... سأراك بعد خمس دقائق!". وعندما ذهب وضعت أصابعها حول فروة ( مجنون ) وهمست قائلة: " ماذا سأفعل بهذا الرجل , يا ( مجنون) ؟ في المساء راح يعانق فيكتوريا , واليوم يبدو أنه نسي ذلك , هل تعتقد أنه يعاني من أزدواجية في الشخصية؟ بدأ يتغير منذ أن جئنا الى هنا , وفي الأمس قضينا معا وقتا ممتعا...... مثل الأيام الأولى لزواجنا , لم أعد أفهم شيئا, ( مجنون) , لو فقط أعرف ما بوسعي عمله!". نظر اليها ( مجنون) مليئا بالأمل , فأضافت: " أنت لا تفهم شيئا , يا ( مجنون ) أليس كذلك؟ بالنسبة اليك لوك هو المعلم .... وأنت تحب ذلك , آه , لو كنت مثلك ,لكانت الحياة سهلة للغاية ! للأسف أرفض أن أبقى في حجرتي بأنتظار أن يقبل معلمي اللعب معي". نبح مجنون كأنه فهم ما تقوله , فأبتسمت له ونهضت من سريرها , أخذت حماما سريعا وأرتدت تنورة مكسرة وسترة دافئة , ثم هبطت الى البهو برفقة ( مجنون). عبروا المرج حيث ثمار الفاكهة ثقيلة على الأغصان ووسط الأشجار خلية نحل , والنحل هنا وهناك يمتص رحيق الزهور , الشمس تبذل جهدا لأزالة الضباب الصباحي , قال لوك: " يجب أن أرسم هذا المكان". تعجبت سارة وقالت: " أن ترسمه؟". أحمر وأبتسم بخجل وقال: "" نعم , الرسم أصبح هوايتي المفضلة". أندهشت سارة للأمر , فهي لم تتوقع أبدا ذلك منه , أذ تعتقد بأن لوك يكرس كل وقته في الصفقات التجارية . منتديات ليلاس " هل تريني لوحاتك؟". هز كتفيه وقال: " لست سوى هاو بسيط". " لا يهم , ما دمت تحب الرسم". عادا الى المنزل بالغرم من أحتجاجات ( مجنون). ولما وصلا الى غرفة الطعام كان آدم كروشاير يأكل البيض ويقرأ الصحف في الوقت نفسه , فقال بأبتسامة عريضة: " صباح الخير , نهضتما باكرا". " ذهبنا في نزهة مع الكلب , أجلسي هنا يا سارة , هل تريدين بعض الذرة". " كلا , سآخذ خبزا محمصا فحسب". " يجب أن تأكلي جيدا , خذي بيضا على الأقل". " حسنا". ثم جلس لوك قربها ودهن الزبدة على قطعة خبز محمصة وقال آمرا: " كلي البيض بهذا الخبز". " صحيح يا لوك؟ أنا لست طفلة!". لكن ذلك لم يمنع لوك من أن يسكب لها القهوة مع الكريما الدسمة , وفوئت لشهيتها, كان آدم قد وضع الصحف جانبا ناظرا الى سارة مبتسما ويقول: " منزلك رائع , يا سارة". " بالفعل , وعادي جدا , أليس كذلك؟". " أقنعتني السيدة أيليوت بمرافقتها الى الكنيسة وسأكون مسرورا أذا جئت معنا". " بكل سرور". " وأنت يا لوك؟". " طبعا , أنا أكيد أن كنيستنا ستعجبك , عمرها مئة سنة". صعدت سارة الى الغرفة لتغيّر ملابسها أستعدادا للذهاب الى الكنيسة , فأرتدت بزة توركوازية وقبعة من القش , أبتسم لها لوك بأعجاب , هو أيضا غيّر ملابسه وأرتدى بزة غامقة تليق به كثيرا. |
قال لها : " كأنك خرجت لتوك من صحيفة موضة الأزياء". دخلت فيكتوريا ونظرت اليهما بأندهاش وسألت: " الى أين؟". " الى الكنيسى". " هل تمزحان؟". " كلا ,نحن نذهب دائما الى صلاة الأحد عندما نأتي الى هنا , والدي دفن هنا ,ونحن نزور ضريحه دائما". في هذه اللحظة ظه آدم برفقة السيدة أيليوت وأعلنا موعد الرحيل , ونظرت فيكتوريا أليهم بأسف لأنها المرة الوحيدة يتركها الجميع وراءهم , حتى ستيفاني وسوزان كانتا مستعدتين للذهاب. ذهبوا في سيارتين , آدم أخذ معه السيدة أيليوت ولوك أخذ سارة وشقيقتيه. في الكنيسة ,كانت الألحان تنبعث من أرغن قديم , فهمس لوك بأذن سارة : " أنهم بحاجة الى أورغن جديد". " وماذا تنتظر لتقدمه هدية للكنيسة؟". شعر بالسخرية في صوتها ورمقها بنظرة مواربة ,لكن عندنا سلّم بشدة على يد القس , قال له بجدية: " أحب أن أقدم لك أرغنا جديدا , دعني أعرف المبلغ الذي تريده". شكره القس كثيرا وفي طريق العودة مدحت ستيفاني أخاها لكرمه الحاتمي. أعلن آدم خلال الغداء قائلا: " سأضطر للرحيل بعد الظهر , لدي موعد مهم في صباح الغد". منتديات ليلاس أستدار نحو السيدة أيليوت وأضاف قائلا: " هل يريد أحد الأستفادة من سيارتي والنزول معي؟". قالت له السيدة أيليوت: " كم أنت لطيف , سأفرح بالأمر , لأن عددنا كبير". وضعت فيكتوريا ملعقتها جانبا وسألت: " في أي وقت تريدني أن أكون جاهزة , يا آدم؟". قال مترددا: " لا أريدك أن تتقيدي بي , هذا الكان رائع , ولا شك , يا لوك , أنه بأمكانك أن تجد مكانا لفيكتوريا؟". ظلت فيكتوريا بلا حراك , فأبتسم لوك وقال: " طبعا , بأمكانها الأختيار : أما الجلوس قرب ستيفاني وسوزان في المقعد الخلفي , أما العودة مع الخدم". تدخلت ستيفاني قائلة: " أنا سأعود مع االخدم , أريد التأكد من أن المنزل محكم الأقفال". نظرت فيكتوريا الى سارة بغضب وقالت: " ربما تفضلين يا سارة , أن تغلقي المنزل بنفسك ,بدلا من ستيفاني". قال لوك بكسل: " لا , أفضل أن تكون زوجتي الى جانبي , شكرا , يا فيكتوريا , لكنني لا أريد سارة أن تبدأ في الحال بالأعمال المنزلية الروتينية , أريدها أن ترتاح وتريّح أفكارها". وافق آدم مبتسما وقال: " أنت على حق , اللون لا يسيء لبشرتها الأنكليزية , أنت شاحبة , ياسارة". أستغل لوك هذا الكلام ليضع في صحنها قطعتين من الروستو , فرمقته بنظرة غاضبة فقال لها: " أسكتي وكلي , هل سمعت كلام آدم؟". يا للخبث! كل هذا الجهد من أجل آدم! هي أكيدة أنه يفضل مرافقة فيكتوري. منتديات ليلاس بعد الغداء قامت سارة بنزهة قصيرة في الحديقة برفقة آدم حدثها عن أنكلترا حيث كان يذهب مرارا , كان يحب المنازل القديمة في بلاد الأنكليز ويعشق الخزف الأنكليزي , تناولوا الشاي في فترة العصرونية , وكان الحطب يشتعل في المدفأة وأمامهم ينام ( مجنون) حالما , وساعة الحائط ترن كل نصف ساعة. مد آدم قدميه وتنهد بأمتنان وقال: " لقد قضيت حقا عطلة رائعة , عائلتك مضيافة ومتحدة , يا لوك , هذا ما ينقصني بعد وفاة زوجتي , الزواج أجمل شيء في الوجود , أنا لا أفهم الناس عندما ينفصلون لأتفه الأمور , لم يكن زواجي في منتهى الكمال , لكننا كنا سعيدين بالرغم من كل شيء". أعلنت السيدة أيليوت وهي تقدم لآدم السلطة: " حظك كان كبيرا , وأنا أيضا شعرت بالنقص عندما توفي زوجي ولذا أفهمك جيدا , العلاقة السعيدة في الزواج هي مسألة أرادة والأتفاق هو السر". " ومجيء الأولاد تتويج للزواج". أبتسم آدم بخجل وتابع يقول: " حان لكما الوقت أن تنجبا , يا لوك , وأذا كنت وقحا أعذرني". أحمرت سارة وألقت نظرة خاطفة الى زوجها كان صوته هادئا عندما قال : " ربما ". |
غيّر آدم الحديث وراح يتحدث عن الخزف مع السيدة أيليوت, وبعد ساعة أنطلق آدم في سيارته مصطحبا معه والدة لوك ,وبعد أن ودعهما الجميع , تنهدت ستيفاني وقالت: " أوف! أنه رجل طيب , لكن الجو متوتر أحيانا , قل لي , يا لوك ,ألم تجد أن آدم له ميل نحو أمي؟". ألتفت لوك بأتجاه فيكتوريا التي أبتعدت مكفهرة الوجه , فسألت ستيفاني وهي تتبعها بالنظر: " ماذا بها؟". " ما زلت تتصرفين بما يخرق العادة أو العرف!". " لا تقل لي بأنها مهتمة بآدم؟ فهو في ضعف سنها!". قالت سوزان بهدوء: " لكنه غني وذو مقدرة كبيرة , ألم تلاحظي شيئا؟ أصبحت فيكتوريا حزينة ومكتئبة , يوما بعد يوم , وحادثة السيارة ؟ فهي تفضل أن تذهب مع لوك مكان سارة!". منتديات ليلاس قالت ستيفاني ضاحكة: " تصوروا والدتي مع عريس يتقدم للزواج منها! وبعمرها!". أجابت سوزان: " ولم لا ؟ ما زالت أمي نضرة وينظر اليها آدم مثل الخزف الثمين الذي يحب أمتلاكه". أحمرت سارة غضبا وقالت: " أكره أن يعتبرني الرجل هكذا". أمسكها لوك بذراعها وقال: " حان الوقت كي تذهبي للراحة قليلا". " كفى معاملتي كطفلة!". " أذن كفي عن التصرف بطريقة طفولية". أختفت الشقيقتان من الصالون , فتفحص لوك زوجته وقال: " أحيانا أشعر برغبة في أن أهزك كشجرة الخوخ". " حاول أذن!". " لماذا تطاولت على سوزان بهذه اللهجة الوقحة؟". " آدم وأنت تشبهان بعضكما , أليس كذلك؟ تعتبران النساء كالأشياء , عندما أسمع أحدا يتكلم عن تسوية , أخشى ألا تكون المرأة وحدها هي السبب وليس زوجها ,لأن زوجها منهمك كثيرا بأعماله". " كم أنت حادة الذهن!". أدارت له ظهرها من دون أن ترد عليه ,وصعدت السلالم مسرعة , لحق بها لوك وأمسك بذراعها وسمّرها مكانها. " ما بالك يا سارة ؟ لا أعرف أين أنا ,أمس كنا متفقين واليوم , ألا تبالين بي". منتديات ليلاس " لقد رأيتك في الأمس مع فيكتوريا". أحمر وجهه وزمّ عينيه وقال بصوت سريع: "أسمعي , سأشرح لك....". " لا أريد شرحا ,دعه لنفسك! لا فائدة منه...". " لا أفهم". " بلى أنا أفهم جيدا , لا شيء تغير , كنت دائما تجد الوقت لفيكتوريا , وخلال فترة زواجنا كنت تراها مرتين أكثر مني , لماذا لم تتزوجها , يا لوك , هذا ما لم أفهمه". حدق فيها بأنفعال شديد وأضاف: " ما معنى هذا كله؟ لم تحاولي أبدا فهم رأيي , لقد حكمت على زواجنا منذ البداية معتبرة أن دوري الوحيد هو البقاء معك كل الوقت , أذا عدت متأخرا أجدك باردة كالثلج , أذا سافرت, تعتبرين أنني ذاهب للقاء عشيقتي , تريدينني مربوطا بحبل , مثل ( مجنون)". " هذا ليس صحيحا!". " حسنا , أذن ماذا تريدين؟". |
قالت والدمع يتلألأ من عينيها: " كنت أريد أن أراك أكثر من مرة واحدة في الأسبوع , أريد زوجا يأتي الى العشاء , ويضطحبني الى المسرح والى السينما , ويكون رفيقا وصديقا". سألها بقسوة: " ألم تلاحظي أنني كنت أقوم بعمل مكان عشرة أشخاص , نعم كنت مضطرا أن أكون دائما في العمل". " هناك أشخاص يعملون جهدهم ليأخذوا وقتا حرا". " من؟ هل تعنين سام؟". " بالعل , فهو لم يتركني أبدا". " ربما , لو راقب جايسون مراقبة أفضل , لما أختلس له هذا الأخير مليون دولار؟". " ماذا؟". أجهشت بالبكاء وأتكأت على الحائط مرتجفة , ثم قالت بصوت متقطع: " ليس هذا خطأ والدي , أنا غلطتي أنا , أنا المسؤولة....". " كلا , لدي براهين أن خطة جايسون لم تكن حديثة العهد , الخبراء ما زالوا بحاجة الى أسابيع وشهور كي يتوصلوا لمعرفة الأمر مفصلا ,وكان مفروضا على سام ملاحظة ذلك". صرخت بغضب: " أعتقد أنك كنت تكره والدي!". " أخرسي! تريدين أن يسمع الجميع ما تقولينه؟". " لن أخرس!". دفعها الى غرفته وأغلق الباب وراءه. " أنت لست بحاجة الى زوجة , يا لوك, فليس عندك الوقت لتكرسه لها ,ولهذا السبب لم تتزوج من فيكتوريا , لماذا تزوجتني, أذن؟". " أهدأي ,ارجوك! لا تعرفين ما تقولين". منتديات ليلاس " بالعكس ,لم أكن واضحة مثل الآن ,أريد الطلاق ساعة تمضي العقد مع آدم , وأذا حاولت أن تمسكني بالقوة مرة أخرى سأعود الى أنكلترا وأبدأ بمراسم الطلاق هناك". وتوجهت الى الباب وقبل أن تخرج أضافت: " لو كنت مكانك لتزوجت فيكتوريا , أنها المرأة التي تناسبك, وأذا أنتظرت طويلا ربما تزوجت من رجل آخر ثري ,فهي أمرأة طموحة كما لمحت مرارا". تقدم لوك من النافذة واضعا يديه في جيبي سرواله , نظرت اليه وأذا بعينيها تقعان على لوحة فوق السرير , فجأة لاحظت أنها تمثل صورتها , في الفستان المخملي الذي أرتدته في لقائهما الأول. وبالرغم من غضبها تأثرت باللوحة وعرفت صانعها , فسألته: " متى رسمتها؟". صمت قليلا ثم أجاب من دون أن يلتفت بها: " منذ سنتين". " رسمتها حسب صورة وتوغرافية". " كلا". حدقت بظهره وقالت: " أنها ... أنها رائعة , لم أكن أعرف أنك موهوب االى هذه الدرجة". لم يرد عليها ,فأقترحت عليه: " أحب أن أشتريها منك". ألتفت اليها وعيناه تلمعان غضبا: " لم أتصور أن وقاحتك مبالغة الى هذه الدرجة". أقترب منها وأمسك بها بحدة وقال: " هل تعرفين ما أحب عمله؟ أما أن أخنقك , أو أن أرطم رأسك بالحائط! أن أبيعك اللوحة؟ أفضل أن أرميها في النار!". هزها بعنف فقالت: " لوك ,أنا آسفة , لم تكن نيتي شتمك , لقد... لقد أحببت هذه الصور , وتصورت أنك لا تريد الأحتفاظ بها بعد طلاقنا". منتديات ليلاس " أخرجي من هنا قبل أن أفعل شيئا أندم عليه". هربت خائفة , لم يسبق أن رأته بهذه الحالة , لقد فقد السيطرة على نفسه , لكن ما سبب هذا الغضب الشديد؟ نهاية الفصل الثامن |
9_بيري يتصل من مطار لندن قائلا أنه آت الى نيويورك ويريد تناول العشاء مع سارة , فماذا تفعل؟ تحاول أخباره الحقيقة بعد العشاء لكن لوك يقتحم الغرفة ويقع ما لا تحمد عقباه؟ وفي صباح الغد لم يكن أحد من سكان المنزل الريفي يعبّر عن حيوية وبشاشة خلال وجبة الصباح , ستيفاني وسوزان تأكلان الخبز بسهو وغياب , لوك منغمس في صحيفته يشرب القهوة من دون كلمة , وحدها فيكتوريا تبدو جائعة , لكن سارة تشك أنها تتصنع ذلك لأخفاء توترها الداخلي ,وكلما نظرت اليها تراها تحدق بالصحيفة التي أختبأ وراءها لوك. كانت طريق العودة سريعة , أوصل لوك الفتيات الى منزله وتوجه نحو مكتبه في الحال , فتحت السيدة أيليوت لهن الباب وقالت: "هل قمتن برحلة جيدة؟ سارة ما زالت شاحبة , ربما أنت مصابة بفقر الدم؟ يجب أن تستشيري الطبيب ,أدخلن جميعا لأحتساء القهوة". سكبت السيدة أيليوت القهوة وقالت: " والآن , يا ستيفاني ويا سوزان , تكلمت على الهاتف مع زوجيكما , فهما مشتاقان لكما وينتظران بفارغ الصبر عودتكما". أبتسمت ستيفاني وقالت: " مهما حدث سيشعران بالسعادة لأستقبالنا". هزت السيدة أيليوت رأسها وقالت: " كيف تستطيعين أن تكوني باردة هكذا؟ فكري بأولادك المساكين المحرومين الراحة والأستقرار؟". قالت ستيفاني بعد أن تناولت فنجانا آخر من القهوة: " أنا أكيدة أن الصبيان برخاء, كلما أذهب من المنزل يغزون الثلاجة , يأكلون البفتيك في كل وجبة ,ويشربون المشروبات الفوارة بكثرة أضافة الى الحلوى والشوكولاتة أذن لا تشغلي بالك عليهم كثيرا!". تدخلت سوزان قائلة: " من الأفضل أن نأخذ رحلة الليل , لا أحب التغيّب كثيرا , أشعر أنني أخذت قسطي من الراحة". منتديات ليلاس أعلنت ستيفاني بصراحة: " أحيانا تشعرين أنك وصلت الى أقصى التعب الى درجة الأختناق , وعندما يخيّل أليك أنك أرتحت لا يكون ذلك كافيا ". ضحكت سوزان وقالت: " نعم , أنت على حق , وأنت يا سارة, لقد أشتقنا لك كثيرا". قالت ستيفاني: "وأنا كذلك , أشتقت لك وفرحت للتحدث معك قليلا ". أبتسمت سارة لهما بصدق وحرارة , فهي تحبهما كثيرا , وخلال عطلة الأسبوع جلبتا الفرح والسعادة الى قلبها. رن الهاتف وردت عليه السيدة أيليوت , ولما خرجت والدتها قالت ستيفاني بصوت هادىء: " هل بأمكاني أن أطرح عليك سؤالا يا سارة؟". تقلصت المرأة عفويا وأجابت: "هذا يتعلق بنوعية السؤال". هزت ستيفاني رأسها وقالت: " مهما يكن , فسأطرح السؤال عليك". تدخلت سوزان قائلة: " ستيفاني! تذكري ما قاله لوك". نظرت اليهما سارة بأستغراب وسألت: " وماذا قال لوك؟". ترددت سوزان , لكن ستيفاني هزت كتفيها وقالت: " طلب منا لوك أن نهتم بشؤوننا وأعتقد أنه على حق , لكن , بما أنني شقيقته , أريد أن أسألك شيئا , لماذا تركته ورحلت؟". عضّت سارة على شفتيها غير قادرة على الرد في الحال , ثم أعلنت: " لوك وأنا نتمتع بصفات مختلفة ولا يمكننا الأتفاق على شيء ". لمعت عينا ستيفاني وقالت: " لا أصدق كلامك , أعرف أن لوك يصعب العيش معه أحيانا, لكن.........". " ليس صعبا , بل مستحيلا , أنت شقيقته ولا يمكنك أن تلاحظي ذلك , عندما كنت أعيش معه , كنت وكأنني في جزيرة نائية , لا أراه أبدا , لم يكن موجودا , عمله يمر في بادىء الأمر , كنت وحيدة وكئيبة ولم أعرف السعادة , فلم أعد أتحمل هذا الوضع". تنهدت ستيفاني وقالت: " هذا صحيح , لوك يحب عمله كثيرا , ولم نكن نراه كثيرا داخل المنزل". قالت سوزان بحماس بعد أن أحمر وجهها: " لقد عمل بقسوة حتى وصل الى قمة النجاح , أنا أحترمه جدا , أنه .... أنسان رائع". وافقت سارة على كلامها وقالت: " من دون شك , أنه أغرب أنسان ألتقيته في حياتي , لكن كان يتعذّر عليّ رؤيته , أريد زوجا من لحم ودم , وليس زائرا يأتي صدفة ". سألتها سوزان: " وهل قلت له ذلك؟". " مرارا". " وماذا كان رده؟". " يعتقد بأنني أطلب منه أمورا كثيرة , ويريدني أن أقبله كما هو". " ولا يمكنك ذلك؟". منتديات ليلاس " لا , لا أستطيع , لا أطلب منه أن يفعل ما أريده صباحا ومساء كما يعتقد , لا بل أطلب.... أطلب فقط منزلا, وزوجا يعود كل مساء وأولادا وعطلة نقضيها معا.... لا أعرف أذا كنت واضحة , هذا أمر يصعب الكلام عنه". قالت سوزان: " أفهم أنك تريدين رجلا عاديا". قاطعتها بقوة قائلة: " كلا". نظرت اليها سوزان بتيقظ وقالت: " كلا؟ أذن , تريدين لوك , وترغبين في تغييره؟". " أنا..... لا أعرف.... الأمر يبدو تافها أذا ما قلناه بهذه الطريقة , هل تعتقدين أنني مخطئة في نظرتي الى الأمور؟ هل عليّ أن أعتاد السهرات الوحيدة؟". قالت سوزان: " كلا أنا أفهمك , أحب حياتي وأحب أن أتقاسم عمل زوجي , لا يمكنني أن أعيش كما يريد لوك .... ولا يمكنني أن أقع في حبه....". قالت ستيفاني بلهجة حازمة: " الحياة العائلية لا تناسب لوك". " لكنها تناسبني أنا , وهذا هو خلافنا". " يا للأسف!". قالت سوزان بأقتناع : " أنت حقا المرأة التي يحتاج لوك أليها , أنت مثل أمي , خزف أنكليزي سريع العطب , ولوك لم يتمكن أن يقاوم هذه الدقة". قالت سارة بمرارة: " تقصدين بأنه حصل عليّ كما يحصل على قطعة أثرية". |
في هذه اللحظة دخلت السيدة أيليوت وقالت: " سارة مطلوبة على الهاتف, المكالمة من أنكلترا, أعتقدت أن المكالمة تخصني.... لأن المتكلم أراد التحدث الى السيدة أيليوت, وفي الأخير فهمت أنه يريد التكلم معك". توجهت سارة الى المكتب وتناولت السماعة وقالت: " ألو؟ هنا سارة أيليوت". قال صوت بعيد: " سارة , أنا بيري". " آه , بيري! كيف حالك؟". " لا وقت لديّ , أنا أكلمك من المطار , سأستقل طائرة نيويورك بعد نصف ساعة, وسأصل في الثالثة ,هل أنت حرة لتناول العشاء معي". " بيري..... أنا.....طبعا........". نعم يجب أن تراه لتشرح له أن زواجهما مستحيل فبعد أن رأت لوك فهمت الأمر بوضوح , قال بيري: " سأتصل بك حين وصولي , أنا مشتاق اليك يا حبيبتي , أرجوك ألا تأتي مع لوك أيليوت , حسنا , سأقفل الآن , وسأتصل بك حين أصل الى نيويورك....". منتديات ليلاس أقفل الخط وعادت سارة الى الصالون فسألتها السيدة أيليوت: " هل من خبر سيء يا سارة؟ تبدين مضطربة". " أحمرت المرأة وأجابت: " آه , لا.... أنه صديق .... سيصل في المساء , يريد فقط أن يعرف أذا كنت على أستعداد أن أرافقه الى العشاء هذا المساء". نظرت الشقيقتان الى بعضهما البعض بأندهاش أما السيدة أيليوت فسألتها: "وهل ستتناولين العشاء معه؟". " أذا كان ذلك لا يزعجك يا أمي؟ أنه..... مهمّ.......". " هذا لا يزعجني أبدا أذا كنت موافقة على الذهاب". ذهبت ستيفاني وسوزان في المساء بعد أن ودعتا سارة بحرارة صادقة. فقالت لها ستيفاني: " آمل ألا تختفين من جديد , تعالي لزيارتي وسأسر لأستقبالك في أي وقت تريدينه". وأقترحت سوزان: " ثم تعالي لزيارتي , وهكذا تراقبين عن قرب الحياة العائلية , وأنا أكيدة أنك ستغيرين نظرتك كليا". أجابت سارة ضاحكة: " لن أتردد بزيارتكما , شكرا". بعد ذهاب أبنتيها صعدت السيدة أيليوت الى غرفتها كي تستعد للخروج تلبية لدعوة العشاء من قبل السيد كروشاير , ثم نظرت الى سارة بخجل وقالت: " كيف تجدين السيد كروشاير ,يا سارة؟". " لطيف جدا , وهو يوحي لي بالثقة". منتديات ليلاس " وأنا أشعر بالثقة معه , أنه وحيد ويشعر بالوحدة الرهيبة بعد وفاة زوجته , الرجال بحاجة الى منزل وزوجة وأولاد". " بعضهم فقط". " كلهم يا أبنتي , الرجل بحاجة الى الحب والأهتمام والرعاية". لم تكن سارة قد أستعدت كليا عندما رن الهاتف , كان بيري على الخط , وقررا أن يلتقيا بعد نصف ساعة في الفندق حيث نزل بيري , وأتفقت مع حماتها أن توصلها الى الفندق الذي يبعد مسافة نصف ساعة عن منزل آل اليوت. |
أرتدت سارة فستانا حريريا فاتحا بأكمام واسعة , وفي الطريق قالت لها السيدة أيليوت التي كانت جميلة أيضا بفستانها المخملي الأزرق البسيط والأنيق: " سنذهب الى المسرح بعد العشاء , أنتظر دائما بفارغ الصبر أن تفتح الستائر , وأنت , يا عزيزتي , هل تذهبين غالبا الى المسرح , في لندن؟". " غالبا , نعم , أحب المسرح كثيرا". سألتها السيدة ايليوت بتردد: " هل أنت على موعد مع صديق.... مقرب لك؟". لم ترد سارة في الحال ثم قالت: " كنت أراه كثيرا في لندن". ولما وصلتا الى فندق بيري , أوقفت السيدة أيليوت السيارة ونزلت منها سارة ولوّحت لحماتها بأشارات الوداع قبل الدخول الى الفندق. كان بيري ينتظرها في صالة الأنتظار , وقف بسرعة وتقدم منها ليقبلها وقال: " يا حبيبتي, أنت رائعة!". أبتسمت له بعصبية وقالت: " صباح الخير , يا بيري". منتديات ليلاس كأنها لم تره منذ دهور ,لم تفكر فيه خلال الأسابيع الأخيرة , بل كان لوك قد أحتل كل مخيلتها. نظر اليها بيري بأمعان وسألها: " هل كل شيء على ما يرام؟ وهل أجراءات الطلاق في تقدم؟ كنت أعتقد أنك في لاس فيغاس أو في مكان آخر , ولم أظن أبدا أنك ما زلت في منزل لوك؟". همست له بأنزعاج: " أنها.... قصة معقدة يا بيري , ما رأيك لو نتناول العشاء أولا؟". ألقى اليها بنظرة شكوكة ووافق قائلا: " حسنا , هل تحبين تناول العشاء هنا؟ الظاهر أن المطعم نظيف والطعام شهيّ". " حسنا". كان العشاء لذيذا لكن سارة لم تكن جائعة , وبالكاد أكلت شيئا بينما بيري أكل بشهية كأنه لم يأكل منذ زمان. وبعد قليل سألها: " أذن؟ ما هي الأخبار السيئة؟". " أذن , كما سبق أن قلت , تعقدت الأمور , لقد عقدنا صفقة , لوك وأنا". " آه صحيح؟". " آه , أرجوك! دعني أتكلم!". " طيّب أكملي , العفو!". " طلب مني لوك أن أرجىء الطلاق لأسباب تتعلق بأعماله ". " ماذا ؟ هل تسخرين مني؟". " لا فما أقوله صحيح , لا يريد فضائح في هذا الوقت بالذات ". " آه , لكن أنتظري.... لقد فهمت , أذن الأشاعات التي تذاع حقيقة؟". " أي أشاعات؟". " أتحاد أيليوت وكروشاير!". ترددت الفتاة وقالت: " أفضل ألا أتكلم بهذا الموضوع , أنه سرّي وخاص". " أذا تم هذا الأتحاد , فترتفع أسعار المجموعتين ! وشكرا لك على هذه المعلومات!". سألته سارة مذعورة: " بيري , هل ستبوح بما قلته لك الآن؟". أبتسم لها وقال: " ولم لا؟ وكم ستدوم هذه المسرحية؟". فجأة لاحظت وجود الخادم قربهما وربما كان يصغي الى الحديث فقالت لبيري بصوت منخفض: " أرجوك , ليس هذا هو المكان لمناقشة هذه المواضيع , ممكن أن يسمعنا أحد". منتديات ليلاس " معك حق , الجدران لها آذان , والخدم أيضا , تعالي.......". نهض واقفا وطلب من الخادم الحساب, وبعد أن دفع الفاتورة , أذذ سارة خارج صالة الأستقبال وطلب المصعد وقال: " لنصعد الى غرفتي". أحتجت بصوت منخفض: " لكن هذا مستحيل , ماذا لو رآني أحد........". " هذا أمر غير معقول!". دفعها الى داخل المصعد وكبس على الطابق الثاني. ولما وصلا الى غرفة بيري , أحتجت مرة ثانة قبل الدخول وقالت: " لا يمكنني البقاء هنا , أذا عرف لوك بالأمر , سيغضب كثيرا ". " لا يهمني رأيه". فكّ ربطة عنقه وقال: " رأسي يؤلمني , لا شك أن ذلك عائد الى الفرق الشاسع بين الوقت والطقس , أسكبي لي كأسا يا حبيبتي؟". وسقط في المقعد. |
وبعد تردد سكبت له كأسا فجرعه دفعة واحدة ثم قال: " الآن تعالي أجلسي بقربي". " كلا , يا بيري , عليّ أن أحدثك .... لقد فهمت.........". لكن قبل أن تتمكن من متابعة الحديث كان قد جذبها اليه وعانقها. فتخبطت وقالت: " بيري , توقف , عليّ أن أقول لك شيئا... أنا آسفة.......لكن.....". وبعناقه القوي أخرسها , فجأة أنفتح الباب بقوة ودخل لوك كالأعصار. ألتفتت سارة بعد أن حررها بيري , ورأت لوك يتقدم منهما , قال: " أيليوت! أين تعتقد أنك موجود.......". نهض بيري مترنحا وحدق بلوك , فصفعه هذا الأخير على وجهه , وأوقفه على المقعد وراح الدم ينزف من فمه , أطلقت سارة صرخة : " بيري , كيف حالك؟". أعطته منديلا فقال: " أنت وحش حقيقي يا أيليوت". منتديات ليلاس قال لوك بصوت ناعم: " لا تقترب من زوجتي وألا أخلع رقبتك". أمسك لوك بسارة التي كانت تحاول مساعدة بيري , فصرخت تقول: " أبتعد عني! لقد جرحته! وربما كسرت أنفه.....". " آمل ذلك حقا". أمسك بزوجته لئلا تفلت من بين يديه وقال بلهجة باردة قبل أن يدفع بسارة خارج الغرفة. " لا تحاول رؤيتها مرة ثانية وألا حطمتك الى جزئين". وفي الممر رمقته سارة بعينين ثاقبتين وقالت له: " أذن, أنت مسرور من نفسك ؟ لم يكن بيري بحالة جيدة لفرق الوقت والطقس". " كان سكرانا". " وتجرؤ على ضرب رجل في هذه الحال؟ برافو!". " أخرسي , ورتبي شعرك!". أحمرت ووضعت بعض الترتيب في شعرها , ثم دفعها لوك الى المصعد وقال: "سنعود الى المنزل". وخلال الطريق عم الصمت , أخيرا قطعته سارة قائلة: " كيف عرفت أين أكون؟". " والدتي أخبرتني بالأمر". " لكن الأمر لا يعنيها.........". " فكرت أن من حقي معرفة مكان وجود زوجتي". " زوجتك؟ ليس لوقت طويل....". لم يرد لكنها لاحظت أنه متقلص ومتوتر للغاية. ولما وصلا كان المنزل غارقا في الظلام , لم تعد السيدة أيليوت بعد وأندريا وهنري يتناولان العشاء عند أصحاب المنزل الذي ينوون شراءه. دخل لوك الى الصالون وسكب لنفسه كأسا بيد مرتجفة وسارة واقفة تحدق فيه. منتديات ليلاس ألتفت اليها وقد غادره الغضب , نظر اليها ببرود وسألها: " لماذا صعدت مع بيري الى غرفته؟". " كنت أريد أن أشرح له أمورا سرية لا أريد أن ينصت اليها أحد في المطعم , كنت أخشى أن يسمع أحد خبر أتحادك مع آدم". " لكن لماذا ذهبت الى غرفته؟ لماذا لم تذهبي بنزهة في السيارة مثلا؟ لماذا تركته يضمك بين ذراعيه؟". قالت له وهي تتذكر ذلك المساء عندما راقبهما لوك أمام منزل سارة عندما كان بيري يودعها. "لقد سبق أن رأيته يعانقني من قبل,أليس كذلك؟". قال بغضب مكبوت: " لم يعجبني الآمر ولن يعجبني ذلك اليوم أيضا". دفع بكأسه في المدفأة , فتحطم أربا ثم توجه الى سارة بعنف وسرعة حتى كاد أن يغمى عليها , أمسك بها بقوة وقال: " أنت زوجتي وأنت لي وحدي". تركت نفسها تقع بين ذراعيه وقالت: " أنا لست ملكا لأحد". |
عانقها بقوة ومن دون رأفة حتى كادت أن تختنق , لكنها بعد قليل كانت تهمس قائلة: " آه , لا , يا لوك". " بلى , بلى". " لا يمكنني تحمل ذلك, لن أكون خزفا لمجموعتك , أنا أمرأة......". " وأنا أعي ذلك تماما". حملها بين ذراعيه كطفلة ,وصعد بها السلم , لم تحاول أن تتخبط للتخلص منه , فتح باب غرفته بقدمه ووضعها على السرير. فصرخت تقول بلطف: " لوك, كفى , أرجوك..........". " حاولي أيقافي أذن". حاولت أبعاده عنها لكنها لم تستطع , شيئا فشيئا تغيّر العالم في عينيها وبدأت ترى النجوم , فهتف لوك بقوة: " سارة , أنا بحاجة اليك .... أريدك , هل تحبيني". بعد قليل وضعت رأسها على صدره وأسترخت بفرح , فجأة سمعت صوت محرك سيارة أمام المنزل , ثم أصواتا تعلو في البهو فأنتفضت وقالت للوك: " لوك, الكأس المكسورة في المدفأة! لا شك أن هنري وأندريا سيتساءلان ماذا حدث!". منتديات ليلاس " لا يهم! دعيهما وشأنهما!". ضمها اليه فقالت: "لا , أريد أن أكلمك". " عماذا؟ الكلام لا فائدة منه , تعالي لأحبك". " لوك , ليس هذا هو السؤال , أريدك أن تشاركني في حياتك أيضا , يتهيأ لي أنني تحفة ترغب بها أحيانا , ولا أشعر بأنني زوجتك........". " أعرف , أدركت هذا الأمر اليوم , كنت أعتبرك طفلة وكنت تتصرفين هكذا أحيانا , لا أعتقد أنك فهمت الى أي درجة أحببتك..... لكنك لم تكوني ناضجة وأنا كنت منهمكا بأعمالي , كان عليّ أن أتفهم مشاكلك , وعذري الوحيد هو الحب الجنوني الذي كنت أشعر به أتجاهك ,كنت أريد فقط أن أوقظ فيك الحب نفسه , لكن كل مرة كنت آخذك بين ذراعي , كنت أشعر بهوة بينا". " هذه غلطتك". " ربما , كنت أخاف أن أخسرك , منذ صغري وأنا آخذ مسؤوليات وقرارات عديدة , وبدلا من أن أنظر الى زواجنا على أسس جديدة , كنت أتصرف معك كما تصرفت مع عائلتي, أنا آسف , يا حبيبتي". فجأة أحتلها شعور بالسعادة والأمل , لكن القلق ظلّ طاغيا : " لوك أنت لم تتغير , هل تعتقد أنه بأستطاعتنا أن نفعل من هذا الفشل نجاحا في المستقبل؟". " سأبذل جهدي , أعدك بذلك , متى تم الأتحاد بيني وبين آدم , سأكرّس كل وقتي لأسعادك وذلك خلال ثلاثة أشهر , علينا أن نتعرف على بعضنا , ثم , متى عدنا من السفر....". " السفر؟". " بأمكاننا أن نقوم برحلة حول العالم , ونكتشف بعضنا في راحة بال". " آه , لوك ! كم أنا سعيدة! هل أنت جديّ؟". " طبعا , أريدك لي وحدي , السنتان الأخيرتان من دونك كانتا جحيما". " ولي أيضا". جذبها اليه وعانقها , ثم سألته: " وماذا سيحل بنا عندما نعود من هذه الرحلة الطويلة؟ ستنغمس من جديد في العمل وستتركني وحدي , ليلة بعد ليلة....". " أعدك بأن الأمر سيتغير كليا هذه المرة , سأترك المهام لآدم وأقسم لك ألا أهملك بعد الآن , لقد أخذت درسا لن أنساه ,وفي السنتين الأخيرتين كانت وحدتي قاسية وتعلمت أنك أهم من عملي". " لكنك لم تحاول أسترجاعي خلال هذا الوقت , لو لم يطلب سام منك الحضور لما ألتقينا من جديد". منتديات ليلاس " أنت مخطئة , عندما تركتني كنت غاضبا , فأتصلت بسام لأقول له أنني آت لأخذك في الحال ,لكن والدك كان حكيما ونصحني بالأنتظار كي يهدأ توترك وتبدأين بالندم , وسمعت نصيحته , ثم مرض سام ولم أتمكن من آخذك منه , ولهذا السبب رسمت هذه اللوحة , كنت أجلس ساعات طويلة ممددا على السرير وأتأمل صورتك, كنت أحاول أن أتخيّلك قربي وهكذا أستطعت الأنتظار". همست مرتجفة: " آه , يا لوك , كم أحبك". " برهني لي عن ذلك". ضمّته اليها وعانقته فقال: " كنت أخاف أن تلتقي برجل آخر , وهذه الفكرة عذبتني وكنت أتصل بسام كل أسبوع للتأكد من ذلك , لكن عندما حدثني عن دوريل , كدت أن أصاب بالجنون , لكنه طمأنني وأكد لي أنه يكفي أن ينظر الى عينيك ليعرف أنك لست واقعة في حبه , وآخر مرة رأيته قال لي أن بيري لم يعد يحتمل الأمر وربما حاول أن يغيّر الوضع , لذلك أنتظرت عودتكما أمام المنزل ولما رأيتك بين ذراعيه , كنت غاضبا وخفت ألا أتمالك أعصابي". " لكن ما كان يجب أن تضرب بيري اليوم". " أردت أن أخلع رقبته". " آه , يا لوك , أنت مجنون.... أنت تعرف جيدا أنني لم أكن قادرة أن أميل الى رجل آخر". "حاولت أن أحب بيري , لكن من دون نجاح". " أعرف ذلك". " والآن لو نتكلم عن فيكتوريا؟". " يا ألهي, فيكتوريا؟ لم أفكر لحظة في الزواج منها ولا أن ألمسها ". " غير أنها أمرأة جذابة". " جذابة؟". ضحك وأضاف: " يا أبنتي الحبيبة , فيكتوريا أمرأة طموحة , ذكية , لكنها لا تتمتع بالأنوثة , أنا أحب النساء الناعمات , الحنونات , الدافئات , صحيح أنها كانت أستلطافي لأقع في فخها , لكن آدم كان بالنسبة اليها أستثمارا أفضل". منتديات ليلاس " لكنه فضّل رفقة والدتك ! مسكينة فيكتوريا !......". " ليس عندها شعور بالعاطفة , فهي باردة كثيرا , لكن أمي ستكون زوجة رائعة لآدم , فبأستطاعتها مساعدته كما فعلت معي , في كل حال أنا سعيد لأنك شعرت بالغيرة من فيكتوريا". " من قال لك أنني شعرت بالغيرة أتجاهها , آه , نعم , كنت أغار منها خاصة عندما رأيتها تقبلك". "أذن نحن متعادلان , والآن لم أعد بحاجة الى رسمك ما دمت بجانبي". " آه , أحببت هذه اللوحة كثيرا ولن أتركها لأنها برهان حبك لي ورغبتك في الحفاظ عليّ في الوقت الذي كنت أعتقد أنك نسيتني الى الأبد". " أنا مستعد لأقدم لك البراهين العديدة لذلك". " ما رأيك لو تبرهن لي ذلك الآن". ضغط لوك على زر الكهرباء وأنغمست الغرفة في الظلام. النهاية |
تمت والحمدلله قراءة ممتعة للجميع للاعضاء ولزائرين وبتمنى دوما اكون موفقة في الاختيار والرواية عجبتكم ياحلوين:lol: لكم حبي وودي اماريج:flowers2: :liilase::liilas::liilase: |
تسلمى حبيبتي على نقل الرواية
ودائماً حبيبتي اختياراتك حلوة ومميزة http://www.eeroandriley.com/prod-img...hank%20you.jpg |
اقتباس:
الله يسلمك حبيبتي الرواية صدقا نورت فيك يااحلى قمورة وشاكرة لك ثقتك فيا ياعمري ياب مااتحرم من هالطلة الحلوة ابدااااااا حبي وودي لك ياغالية:flowers2: :liilas::liilase: |
رووووووووووووووووعه
|
رواية جميله اماريج وشكرا على المجهود الرائع ومنتظرين الجديد
|
انا يلي بشكركم لمروركم العطروتواجدكم فيها وسعيدة كتيرررر انو اختياري موفق كان كالعادة :lol: منورين يالغوالي بحبكم:flowers2: :liilas: |
تسلم ايديك :friends:
|
WoOoOoW Amareg ..|~ You are very co0o0oL ..|~ I love your Novles ..|~ Go on sweete ..|~ *_^ |
يسلموا ايديكى اماريج الروايه روووووووووووعه رووووووووووووووووعه روووووووووووعه ولكى منو اجمل باقه ورد لاجمل ورده فى بستان ليلاس
|
اقتباس:
اقتباس:
ياهلا فيك ياحلوة وشاكرة لك مرورك وتواجدك فيها منورة والله :flowers2: اقتباس:
ياهلا وغلا باالامورة والله يسلمك ياعسل والاروع والاحلة دوما طلتك العطرة والرائعة ياغالية وتسلميلي على التعبير يلي هو اكثر من رائع منورة ياقلبي:flowers2: :liilas: |
روعة كتير حلوي ميرسي على مجهودك
|
مشكووووووووووووووووووووووووووووره ياعسل اختيار موفق
:8_4_134: |
يسلمووو اديكي اماريج ويعطيكي العافية:flowers2: |
يسلمو حبيبتي اختيارج عجيب |
nice oneeeeeeee :)
|
كل عام وانتي طيبه اماريج و :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو:55::flowers2: تسلمين :55:اختيار مرررررررررررررررررررررره جنان :Welcome Pills4:وممتاز:flowers2: وشكراعلى مجهودك:friends: وننتظر جديدك:friends:
|
حلوه اوى وكل سنه وانتى طيبه وعيد مبارك
|
رد: 2- التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة (كاملة)
رااااااااااااااااااااااااااااائعة شكرا يا قمر انت الكاتبة المفضلة عندي
|
رد: 2- التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة (كاملة)
Thaaaaaaaaaanks
|
رد: 2- التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة (كاملة)
يسلمووووووووووووو
|
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
عاشت الايادي ياذووق
|
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
مشكوووووووووووووورة
|
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
شكرا علي الرواية
|
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
تسلم الانامل ياعسل ننتظر جديدك
|
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
غاليتى اماريج تسلمين على الرواية الرائعة لك منى كل الشكر والتقدير على حسن الاختيار وننتظر جديدك القادم دمتى بكل الخير فيض ودى |
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
قصة قرأتها من أسابيع و نسيت احط تعليق
شكرا جزيلا |
رد: 2 - التجربة - شارلوت لامب - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
:rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::iU804754: :iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::congrats: :congrats::congrats::congrats::f63::f63::f63::f63::f63:
|
الساعة الآن 06:21 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
شبكة ليلاس الثقافية