رد: يا صلاله خبرينا عن قلوباً تهتوينا
(( الجـــزء/ العشـــــريــــــن )) مـانـي استـاهـل كــذا مـنـك يـاوبـل الـسـحـاب . . . . لاتبلـلـنـي وانــــا ودي انــــك مــــا شــــروب. . . . ( فيلسوف الشعر / سعد علوش الهاجري) توقفت مداراتي الحسية ...وارتسمت كتلة من جليد على كياني بأكمله... هذي هي الدفاعات اللي اتخذها جسدي حتى يضمن البقاء في وجه اعاصير الأحزان اللي تأبى إلا أن تتسلل إلى حياتي... كل ما تعلق قلبي فإنسان اشوفه ينسحب من امامي في طريق الــلا عـــوده... ( وكلي الله يا بنيــه ..هي بخير ....وربي بيقومها بالسلامه ان شاء الله) خالتي وعمي يستخدموا كل عبارات الطمئنة ، لكني ما زلت بخدر بسبب الصدمه.. سقوط جدتي افزعنا جميعاً بشكل مرعب ، ما توقعت اشوفها بهالحال الضعيف تحديداً باليوم اللي اصبحت فيه مرتاحه وراضيه، والسعاده مخيمه بظلالها على وجهها.... من اللحظه اللي جلست فيها على مقعد الصالة اللي بجناح المستشفى ما عاد فيني اي حيل للتحرك من جديد....لدرجة ما صار احساس قوي بالنوم يداعب جفوني... .. استندت بضعف على الجدار المقابل للمقعد الخشبي وتمددت بإرهاق جسدي ونفسي... وغمضت عيوني....دون ادنى اكتراث بمن حولي... اول استيقاظ لي كان على وقع اصوات ، وحوارات .... ومن بعدها صحيت لما حسيت ان رأسي مرخي على رجل شخص, ويد مو غريبه تمسد جبيني بلطف... ... .. ( من متى وعليا على هالحاله) ( من لما تعبت يدتها.......) ( ومخلنها هنيه...الله يهديكم هذا مستشفى لو احد من قرايبنا ولا عيال عمي دخل الجناح يسلم على جدتي ويشوف عليا بهالحال...) باسل موجود بالقـرب مني ، كل عرق بقلبي صار يرجف بتوتر ... ما زال قربه يضعفني الى الآن ....حاولت اقوم ، ابا اتحرك من مكاني.. لازم ابعد عن باسل...ما اباه يقرب مني ولا يلمسني، مو لازم يعرف مدى ضعفي... جلست في محاولة لاسترداد قليل من قوتي اللي سلبت مني منذ ضحى اليوم .. لما اعتدلت واصبحت جالسه وباسل ما زال جالس بالقرب مني رفعت يدي وعدلت شيلتي وقبل لا اتغشى امتدت يده ومسك ذقني ولف وجهي لمواجهته... ( عليا ..... كيف حالك.....؟؟) عيوني التقت عيونه بعد غياب شهور ، ويش هالنظره الغريبة اللي بعيونه ...؟؟ هل هي مشاعر من اشواق مختزله ، ولا هي لطافه يقتضيها الموقف ...؟ او انها مشاعر شفقه كالعاده.....نزلت عيوني في عجز عن فهم لغة عيونه ... باسل ما زال ينتظر اجابة لسؤاله ....كيف حالي.....؟؟ اذا انا بروحي مو عارفه كيف حالي ..كيف ينتظر مني جواب لسؤاله .... رجع ينطق من جديد: ( عليا سمعيني ..امي بخير ...لا تخافي عليها...وبكره ان شاء الله راح تخضع لعملية قسطره سهله جداً .....وحتى شوفيها هي بغرفة عاديه مو بالعناية ، يعني لو تعبانه راح تكون بالعنايه....لكنها طيبه الحمدلله..) رجعت اغمض عيوني من جديد...ادري بكل اللي قاله ...لكني ما زلت مجهدة نفسياً... سألت خالتي : ( بسم الله على بنتي ...باسل ويش صار فيها..ليش ما تتكلم...) جاوبها باسل : ( ما فيها شي بإذن الله ..منظر سقوط امي صدمها شوي..) قال عمي عبدالله : ( باسل خذ حرمتك..وروحوا البيت..خليها ترتاح ..وانا واسماء بنتم هنيه مع الوالده) رد عليه باسل : ( وانا افكر كذا بعد....سبق وتكلمت مع الأطباء المسؤولين والكل اكد ان حالتها مستقره.. عشان كذا الحين بنروح..وباكر الصبح بنرجع..في حال صار اي شي اتصلوا فيني، عمتي هاجر باكر راح يوصلوا من السفر وراح تتم مع امي غاليه ..) اول ما وصلنا البيت نزلت من السياره وبشكل اتوماتيكي ..وبتحركات محفوظه في العقل اللاواعي قادتني رجلي الى طريق غرفتي...ورغم التعب والضعف ..والتوهان ..كنت منتبهه لتحركات باسل بجنبي....لذلك كنت حذره حتى ابعد عنه بأي وسيله..رافضة لأي قرب او حديث بيني وبينه.....صعدت الدرج ودخلت غرفتي ، قفلت باب غرفتي وسحبت المفتاح معي حتى اقطع عليه اي خطوه يفكر يخطيها باتجاهي.... وبصورة متعمده تجاهلت كل طرقات الباب ، ونداءات باسل المترافقه مع طرقاته... وتوجهت لأفضل عمل ممكن يقوم به الانسان في احلك الأوقات واصعبها وهو التوجه الى رحاب الله وطلب رحمته.... احنا بأول الليل ...وليل الوحده دائماً طويـــل....والأمطار المتساقطه بغزاره منعتني من النوم ولأول مره احس أن المطر وأجواء المطر تبعث الكآبه في قلبي...وآخر ما كان ينقصني هو ان الكهرباء تفصل هذي الليله.... جذبت نفس قوي وغمضت عيوني وانتظرت للحظات في انتظار عمل المولد الاحتياطي..... فتحت عيوني وكان الظلام مستمر.... انتظرت لمدة دقائق اخرى.......لكن المولد ما اشتغل..! ويش هاليووووم اللي مو راضي يعدي ....! صوت الطرقات على الباب بدت تعلى ...سألت من مكاني : ( مــــن ) وانا كلي امل انه تكون وحده من العاملات حتى أسألها عن المولد الاحتياطي ليش ما يعمل ..... لكن لما سمعت صوت باسل : ( هذا انا افتحي ) قررت اطنش....واتجاهل نداءاته وتهديداته بأنه يفتح الباب بطريقته......الى ان مل وغادر... لما استمر الظلام بالغرفه بديت بضيق ابحث عن جوالي ...مدري وين خليته طول يومي ما شفته.. تحسست الأدراج اللي بجنب السرير من الجهتين بس ما حصلته ... اتجهت للتسريحه اول ما مديت يدي ضربت زجاجة عطر ..وما هي الا لحظات وصوت تهشم الزجاج كان مالي المكان ....انتابتني لحظة قهر وضعف حسيت اني بحاجه للصراخ والبكاء بأقوى صوت حتى ارتاح....لكني تعوذت واخذت انفاس عميقه حتى اهدي نفسي... لما سمعت صوت باسل بالخارج صريت اسناني بغضب...ليش ما يروح لبدريه ... ويش جايبنه لهنيه ، وهو يدري بأني رافضه لقائه فليش كل هالعناد.... بعد لحظات ولمفاجئتي انفتح الباب بكل سهوله ........! لكن عنصر المفاجأه ما استمر كثير لأني عرفت انه من تهوري سحبت المفتاح ، وهو اكيد انه معه مستركي لأبواب البيت....او نسخه ثانيه من مفاتيح الغرف...... لما شفت باسل واقف قدام عتبة الباب وبإيده مصباح يدوي صغير بضوء نفاذ.. عرفت انه قاصد يلتقي فيني اليوم...يبا يتكلم معي....و يبا يثير كل أحداث اليوم من جديد... الجمود مدري الصبر اللي طاغي علي هاليوم راح يتكسر بكلمات بسيطه من باسل.. راح ابكي واضعف امامه من جديد......وبكلمات منه راح تصفى مشاعري تجاهه... لكن كل هذا خطأ..لأنه ما يستحق...تفكيره الأناني هو اللي اسقط جدتي بالمرض ولو أنه أسرع بالرجوع كنا راح نتلافى كل هالأزمه..لكن الإهمال منه وهو السبب باللي صار.. ضوء المصباح تسلط على أرجاء الغرفه...وباسل تقدم لكنه ما زال يجهل موقعي فمن السهل اني ألتف وأطلع من الغرفة من دون لا اضطر لمواجهته.... بحركه سريعه تقدمت ناحية الباب ..لكن أنّــــة ألم صدرت مني لما حسيت بشظية زجاجية كبيرة وحاده تخترق الجلد الناعم بكعب قدمي وتدخل بعمق.... ( ويش في ...ويش صارلك....عليا.....) تحاملت على نفسي و بأنفاس متسارعه بديت أطلع من الغرفه بسرعه...وانا اسحب قدمي المصابة ..والزجاجه ما زالت عالقه بداخلها.... نزلت من الدرج ...وأنا أتلمس الجدران والزوايا حتى اشق طريقي وسط الظلام .. اتجهت للمطبخ .....وطلعت من الباب الخلفي....واستقبلني هطل المطر بحفاوه.. في محاولة لاسترداد انفاسي جلست في مقاعد خشب التيك الصلبه..... كنت احس بقطرات المطر تخترق البلوفر الصوفي ...وتغسل شعري ووجهي في ظل الأجواء البارده....حتى بدت اسناني تصطك من البرد...لكن ما كان عندي النية بالرجوع لمواجهة باسل..... وجودي في الظلام والمطر والبرد أفضل من مواجهة باسل والانفعال امامه... مرت دقايق حسيتها طويله....لأن الثانية تعادل دقيقه في هالأجواء....لحد ما حسيت ان قطرات المطر ما عادت تتساقط بشكل مفاجئ.....! بخوف وتردد رفعت عيوني واتضح لي باسل واقف والمظله اللي بإيده هي السبب في حجب قطرات المطر عني.... ( ليش جيت....) سألته وأنا ما زلت على نفس وضعيتي... جاوب بهدوء : ( جيت أعلمك أنه جلستك في هالأجواء الماطره والبارده خطيره اذا كنتي جاهله..) رديت بصوت مستهزئ : ( اذا على كذا ..تطمن ترى مو جاهله..توكل وارجع البيت لا يصيبك شي من الأخطار) رد باستهزاء مماثل : ( لااا....من يقول ارجع ......) ثم اردف : (أنا انسان عاقل ..وأمامي انسان مو عاقل ..فمن واجبي أني احميه الى ان اوصله لبر الأمان ) جاوبته بحده: ( انا مو بحاجتك ..لا اليوم ولا راح اكون بيوم...روح توكل ..ادخل البيت ..واتركني بحالي) وقف الحوار... ....و استمر الصمت لثواني ...ثم فجأه ..... رجعت قطرات المطر تنزل من جديد.....وقبل لا افهم ..... انتبهت للمظله وهي تسقط على الأرض...وايدين باسل تلتف حولي.. وبحركه سريعه صرت محموله بين ايدينه.... حركته الغير متوقعه فاجئتني.....وقبل لا اعترض وانا بين ايديه ركض بسرعه للداخل ... لما دخلنا البيت ....وقف لاسترداد انفاسه ...وبديت اصرخ عليه حتى ينزلني وهو معاند ..وجهت له ضربات متفرقه ..من دون فايده.... خطى عدة خطوات فالصاله المظلمه ...وفتحت الأضواء ...حسيت بارتياح لعودة الكهرباء حتى اقدر افلت من قبضة باسل ....واتوجه لغرفتي ..... لكن لما شفت العاملات الواقفات ونظراتهن المليئـــه بالإعجاب لرومانسية الموقف المعروض قدامهن.! أخفيت وجهي المقهور والخجلان في نفس الوقت في حضن باسل .... لحد ما سمعت ضحكته الخافته المستمتعه بالفكره اللي تمحورت في بال العاملات.... بكل قهر كورت يدي وضربته بقوة وانا اقول من بين اسناني ( ماشي يضحك...نزلني ذلحين.......) ( اخخخخخ...بس خلاص...شوفي حتى هالشغلات يقدرن رومانسية الموقف اكثر منك) ثم نزل نظراته لوجهي وقال : ( ويش رأيك تاخذي دورة بالرومانسية..مو فكره حلوه ) رومانسيه....! رومانسيه بيني انا وباسل ..حياة زوجيه طبيعيه تجمعنا ..في ظل وجود بدريه .. هالأمر مستحيل ...وتحققه مأسآه ما راح تكون في صالحي مستقبلاً ابداً.. لكن هل باسل يحب بدريه...هل هو رومانسي معها..هل يرتاح بالتواجد معها اكثر.. يعاملها بلطف ومحبه .....؟؟ الغيره معميه ..كذا دايم ينقال ..لكن معقوله ابا اترك نفسي اسيرتها ..واسيرة باسل باسل اللي هو زوج بدرية ....! تفكيري بهالطريقة حسسني بالقرف من باسل ومن تواجدي بأحضانه.. باستغراب سأل باسل : ( هييييي وين رحتي ...؟؟) تحركت بعدم ارتياح بين ايدينه..لكنه شدد قبضته حولي.. صرخت فيه بلا شعور : ( نزلني ...... بروحي اقدر اسير ..نزلني بلا هالحركات ) رد بغضب : ( خفضي صوتك يا عليا، ويش فيك انتي ..؟) لما ما شفت منه اي بوادر بالتحرك , بكامل قوتي ضربت كفي بصدره وبكل طاقتي قفزت على الأرضيه .... لما سمعت صوت احتكاك الزجاجه بالبورسلين ....في هذاك الوقت حسيت الألم يطعن بقلبي مو برجلي... لأني ببساطه قدني نسيتها ..! نسيت وجود زجاجه متعلقه بقدمي.... لما شفت ملامح باسل مظلمه تبينت ان صرختي اللي ما زال صداها مدوي بالصاله كانت كفاية حتى توصل مقدار الألم اللي احس فيه...ورجلي النازفه كفيله بشرح الوضع.. بارتجافه جلست ومسكت رجلي بتملك برساله مفادها يمنع الاقـــتراب...! لما اطلت النظر في منظر قدمي المصابه ومنظر الدم الدافي اللي يسيل من حول الجرح بدت القشعريره تعتلي جسمي..ونوبة غثيان تداهمني... لما شفت باسل عدل جلسته بجنبي رفعت يدي عشان يوقف مكانه وبتهديد قلت من بين اسناني : ( لا تقرب ) كثرت تعوّذ باسل من الشيطان في محاوله منه لامتلاكه الصبر ما كانت مفيده في هالموقف .. ومن دون ما يوجه لي اي حرف ..رفعني بسهوله وطلب من العاملات يرجعون على قسمهم.. واصل مسيره باتجاه الدرج المباشر اللي يوصل للطابق الثالث ..بالتحديد لقسم بدريه.. لما جيت ابا اعترض قبل لا انطق ..قال بحده زمان عنها : ( بـــــــــــس , مـــابـــا اسمــــع ولا كلـــمه ) وواصل مسيره بالدرج...مرت الثانيه الأولى, تبعتها الثانيه , وانا ابتلع ريقي واحاول اتنفس بعمق حتى ما ابكي ........لحد ما وصلنا القسم .... كانت مخاوفي انه ياخذني لغرفة بدريه...مدري ليش ما ودي اكون فيها، ولا ادخلها ابدا..! لكنه تعداها ...لغرفه اخرى اشبه بالمكتب......بهدوء جلسني على الأريكه الطويله.. ثم قال بتهديد: ( خلني اشوفك متحركه ولو شوي ) مو لازم هالتهديد ..لأني من الاساس ما عندي اي نيه بالتحرك مع حالتي اللي مو مريحه مع ملابسي الرطبه ...وجرحي النازف... لفيت ايديني حول جسمي عشان ادفى شوي ورفعت رجلي وحده فوق الأريكه والقدم المصابه كانت بالأسفل... لما رجع باسل كان بإيده حقيبة بلاستيكية طبيه ...وبإيده ثانيه منشفه بيضاء... ركع على الأرض جنب رجلي ولف الفوطه الرطبه من الماء الدافي حول قدمي سألته بارتجاف ونبض قلبي في تسارع : ( ويش تبا تسوي...؟؟) رفع عيونه الناريه وملامحه ما تزال مظلمه..! وقال : ( لســـلامتك خليك هاديه واسكتي..) لما حسيت بيده تسحب الزجاجه من وراء المنشفه ضغطت اسناني بقوه لكن ما قدرت أقاوم الألم حركت رجلي , وبعدت قدمي عن يده ، وانا ارتجف وانفاسي متسارعه لكني متماسكه ماباه يشوف دموعي ..لأني لو ابكي ذلحين ما راح اقدر اتحكم بحجم بكائي.. بضعف وشفاه مرتجفه مقاومه البكاء قلت له : ( كافي....ما اقدر استحمل اكثر...) هالمره لانت ملامحه لما رفع وجهه لي قال بشبه ابتسامه: ( لا يكون تبا تبكي على هالجرح البسيط ) بنفي وبمشاعر متكلفه لشدة المقاومه حركت رأسي بنفي كاذب... قال : ( زين يالله نزلي رجولك..عشان اطلع الزجاجه ) بحركة مرواغه منه قبل لا ينهي كلامه ايده وصلت لقدمي وسحب الزجاجه رميت بنفسي على وجهي في الأريكه واطلقت العنان لبكائي ، ومثل ما توقعت نحيبي غير مسيطر عليه ، بكل المشاعر المكتومه طيلة اليوم وطيلة ايام غياب باسل بكيت.. لما ظهرت شهقاتي المتتاليه قال باسل وهو ما زال يعقم ويداوي الجرح ( خلااااص ما باقي شي...اهدي مو زين تبكي كذا ) ليتني ابكي بسبب هالجرح...لكن دموعي اكبر من كذا يا باسل .. ابكي هموم ، ابكي حرمان ، ابكي وحده ...ابكي جرح مستوطن بوسط قلبي.. ابكي عذاب انشقاق بصدري انت سببه يا باسل ...ابكي وجودك حجر عثره يحول بيني وبين رجوعي لحياتي ومشاعري السابقه.... شهقت لما رفعتني يد باسل والصقني بصدره..بعد ما جلس بالأريكه... وايده تمسح ظهري بخفه...والثانية على شعري الرطب...وقال : ( ششش خلاص خلصنا ..اهدي ذلحين ) من بين شهقاتي قلت له: ( كله بسببك انت، لو انك ما تأخرت ما كانت جدتي راح تتعب لهالدرجه) قال بهدوء : ( جدتي حلفت اننا ما نرجع قبل ما نحاول نتأكد من وجود علاج لحمل بدريه ..يا عليا ) من بين دموعي رديت عليه: ( هذا مو عذر.. انت تأخرت واجد، المفروض ترجع من وقت لكنك اناني ، ما تفكر الا بنفسك) مد يده ورفع ذقني بأصابعه وقال بقليل من حده : ( انتي مو طفله يا عليا ، عشان تلعبي لعبة اللوم هذي اللي ما منها فايده ، وانتي بروحك تعرفين جدتي ، فماله داعي نعيد ونزيد فالموضوع ) حدة كلامه اعادت الدموع لعيني بغزاره اكثر ، وصارت شهقاتي متتابعه من دون نفس: حاولت اقوم وابعد عنه لكنه ما خلاني ... ( اهدي بس خلاص ، على ويش هالبكاء كله ..جدتي وبخير، ورجلك ما اظن تألم لهالدرجه) بصعوبة قدرت انطق واقوله : ( كله بسببك انته ) قال بصوت بريء..! : ( ويش سويت لك انا ..جاي من السفر ومشتاق لك شوق ما عمري اشتقته لمخلوق )! رفعت ايديني ووانا اغطي سمعي عن كلامه وصرخت فيه : ( لا تقول هالكلام ....لا تقوله وانت مو قاصده ..انا ما اباك ..ومابا اعيش معك..انت زوج بدريه وانا لا يمكن اتحمل ....انت ما تباني وانا اعرف ...واعرف ان اهتمامك مزيف ...) غرق وجهي بصدره وجسمي مرتخي بالكامل..واكملت نحيبي من دون سيطره..... ايدينه شددت من احتضانه لي ....وكفه ما يزال يمسح ظهري بخفه...لحد ما خفت حدة شهقاتي وارتجافة جسمي... كل ما كنت خايفه منه صار....كل صمتي تبدد..كل ما بقلبي انفرط بسهوله قدام باسل... بعد دقائق طويله من الصمت اللي تشقه صوت شهقاتي بين الفينة والأخرى... حسيت بيد باسل ترتفع لملامسة وجهي...ومحاولة رفعه...ويش يبا يشوف..؟؟ دموعي ، انكساري وضعفي امامه.....؟؟؟.....لكني مع اصراره استسلمت ليده ... وحسيت بقبلته اعلى جبيني ..غمضت عيوني بارتجافه... وصلني صوته : ( عليا افتحي عيونك وشوفيني ) ثم قال من جديد : ( عليا ...) بدأت عيوني تفتح بتعب ....لمقابلة عيونه ولاحظت نفس النظرة الغريبة اللي كانت تحتويها لما كنا بالمستشفى ما زالت فيها.... قال بصوت هادي: ( لا ترددي مثل هالكلام اللي قلتيه الليله ، وقلتيه ليلة سفري بشقة الخوير لأنه ما زال محفور بقلبي ...تدرين ليش يا عليا ..؟؟؟) حركت رأسي بنفي.... قال : ( لأنه مؤلم......لأن كلماتك قويه وجارحه يا عليا....) جاوبته بهدوء : ( عشانها صادقه يا باسل، والحق دايم يوجع ) قال بشبه ابتسامه : ( وانتي تحسبيني مشفق عليك ، وتصرفاتي كلها مجامله لك...) مديت يدي ومسحت دموع ما زالت تتساقط من عيوني ... وقلت له : ( تبا تكذب يا باسل ، تبا تكذب وتقول انه عمرك ما اشفقت علي) رفع يديه من وجهي بعلامة استسلام وقال : ( اعترف اني مشفق عليك فالماضي ، كنتي طفله يا عليا ..طفله ومستقبلك مرهون بي فشيء طبيعي ان احساسي يكون من باب المسؤولية ويحمل جزء كبير من الشفقه ) سألته بقهر : ( وبدريه بعد تشفق عليها عشان مرضها ...ولا بدريه لها موقع خاص بقلبك ومنزه عن اي شفقه ) اقترنوا حواجبه باستنكار وقال : ( ويش دخل بدريه فحديثنا ذلحين ) جاوبته بقهر : ( كيف ويش دخلها ، بدريه لها دخل كبير بحياتنا ...في حديثي معها اذكر انها اعترفت انها تكرهني ...وانها تحس اني سبب دمار حياتها ، وبدريه هذي عشانها انت هجرتنا انا وجدتي لأكثر من اربع شهور ) اخذ نفس عميق وقال : ( بدريه بنت عمي محمد يا عليا ، عمي محمد اللي كان لي اكثر من اب اثناء غياب والدي لما كنت صغير ...وحتى كبرت....) بمقاطعه سألته والفضول ذابحني : ( كنت تحبها ...قبل زواجكم..كنت تباها مثل ما هي تباك يا باسل ) قال بوجه محايد : ( ماشي حب يجي قبل الزواج يا عليا ...وان صار فهو خطأ لأنه تعلق فوهم في اغلب الأحيان ما يصير له اي حضور على ارض الواقع ) بفضول قلت له : ( وبعد الزواج ..) قال بضحكة قهر : ( هو احنا لحقنا ) كل اوصالي تجمدت ...يقصدني انا ..يقصد انه بسببي انعدمت حياتهم الزوجيه وانحرموا من حياة طبيعيه هانئة .....رفعت يدي لفمي وانا اكتم بكاء خانق ..اشبه بالحريق يجري بحلقي وصدري لحد ما انيت بصوت مبحوح صرخة باسل وصلتني وانا بقمة نحيبي : ( يا عليا والله ما اقصدك ولا عمري حملت بقلبي عليك شي..حتى وان قلته بلساني لكن بداخلي اعرف انك مالك ذنب باللي صار وبدريه هي اللي القت نفسها بالنار...) في محاوله منه لتهدئة الارتجاف اللي اصابني لكثرت بكائي... جمعني بين ايديه من جديد..اقرب له ....قال بعد لحظات : ( بس خلاص ..مو ناقصنك بكاء اليوم ...شكلك مجمعه دموعك تنتظري موعد رجوعي ..) ثم اضاف : ( شوفي بلوزتي مليانه دموعك..هذا من غير رطوبة المطر اللي متجمعه بملابسك ) قلت بضعف : ( بروح غرفتي ) قال باستهزاء : ( اذا قدرتي توقفي لدقيقه كامله وقتها ارجعي لغرفتك ...انتي ما تشوفي شكلك كيف؟؟ ) لما وقفت باستقامه..حسيت الدوار يعصف عصف براسي...ولو مو ايد باسل كان ارتميت بالأرض.. رجع يساعدني على الجلوس بالكنب...وسأل : ( جاوبي بصدق ..انتي اليوم تغديتي...تعشيتي ..ولا قاتله نفسك من دون لا تاكلي ) باعتراف قلت : ( شربت كوب قهوه ) لثواني صارت ملامحه مستعره ، لكنه سرعان ما سيطر على نفسه وحاول يرفعني لكني رفضت سندني بيده وفتح باب في داخل المكتب....! هذا مو مكتب مثل ما كنت اعتقد ..لكنه جناح متكامل ..اشبه بشقه ...كل شي فيه يدل على انه باسل عايش هنيه ..مو عند بدريه.. بسبب الغيره حسيت قلبي يرتاح لهالمعلومه الجديده..... جلست فالسرير ...وبعد لحظات رفع باسل حقيبة متوسطه وفتحها وقال : ( بدلي ملابسك ...انا بنزل تحت بجيب لك عشا وبجي ) القيت نظره على الملابس اللي بالحقيبة ....!هذي ملابس من .؟؟؟ قلت له باستغراب : ( هذي ملابس من ..؟؟؟؟) قال وهو طالع : ( قطع شفتها معروضه بالمانيكان اللي بواجهة المحلات لما كنت مسافر وذكرتني فيك )....!!! اخذت اقرب بلوزة ...ولبستها بدل البلوفر المبتل ...هذا كل اللي اقدر اسويه... ومن دون لا احرك حقيبة الملابس من مكانها استلقيت جنبها ونمت..... ..... .. |
رد: يا صلاله خبرينا عن قلوباً تهتوينا
(( الجـــزء / الحـــادي والعشــــريـــن )) ____________________ ( من غياب الأمل ) : تُولد نجمة الغمام >> لا أعرف ما هو الأمل. . . .؟ وما هو نقيضه من يأس مضيء وانهيار ، ، ؟ لا أعرف اليأس . . . ؟ ولا الظلمة َ والضوءَ . . . . ؟ ! ؟ أيهما يقود الآخر نحو الضفّة أو النفق، ، ، أو الصحراء، ، ، ليس أمامي غير جهامة هذا الأفق أجبالاً تتناسل في ذاكرة الوعل. . . .! ( ســـــيف الـــرحبــي ) صوت رنين الهاتف ازعجني ،و ايقظني من سباتي الهانئ. . .لأكتشف اني ما زلت نايمه في غرفة نوم باسل ....وفي سريره بالتحديد..!! الوضع بالليل كان اكثر تقبلاً بالنسبه لقضاء ليله في غرفة باسل لأن التعب كان مسيطر علي، لكن الآن مشاعري انقلبت ضدي بعدم ارتياح من عدم اصراري على العودة لغرفتي ليلة الأمس.. وينه..وين راح باسل ليش ما يرد على الهاتف المزعج ...تحركت بضيق وكسل باتجاه الصوت خارج الغرفه...و انا احس بوخزات الألم اكثر حده هذا الصباح .... دارت عيوني في ارجاء الصاله اللي من الصعب ان يطلق عليها صاله..لأن باسل محولها لمكتب مع وجود كل هالأجهزة، والكتب ..! توقف الصوت....تقدمت جهة المكتب...وحصلت فاكس جديد واصل... بعد تعاملي السريع مع الجهاز... انتابتني الحيره وبشده ...اشوف الأوراق ولا ...؟؟ اذا قريتها معناته اتعدى على خصوصية باسل....لكن اذا تركتها الفضول بيعذبني...!!!! يعني ويش بيكون فيها، اكيد موضوع يخص العمل..../ او ممكن فاكس مستعجل ومهم..ولازم اقراه عشان انّبــه باسل عشانه...!....لكن لو تضايق من فعلتي..؟؟! بالأخير فضولي السيء سهل الوضع بفتوى تشبه فتاوى هالعصر..! بأنه مافي خصوصيه بين الحرمه وزوجها....!!!!!! اوراق من جامعة فينكس الأمريكيه.....هذي الجامعه اللي يحاضر فيها عمي عبدالله..يعني اكيد الفاكس له...رفعت الأوراق باستغراب وانا اشوف ان محتواهن رد على رسالة استفسار واصلتهم حول المقاعد الشاغره...والمواد المتوفره ..لذلك الفاكس كان شبه اعلاني.... احساسي الأنثوي يحذرني من خطر قريب...وبالتحديد حول هذي الأوراق...وانا متأكدة من قوة احساسي..لذلك ما ضيعت وقت..لأني ما ادري وين باسل..ولا ادري متى راح يرجع... بديت ابحث في الأدراج بسرعه ...متنقله من درج الى آخر...بحثي ما كان عن ماده معينه بقدر ما كان ماضي خلف شعور غامض حذر يراودني...حتى سقطت يدي على الملف اللي جمد كل اوصالي.....قلّبت اوراق الملف في يدي بارتجاف..... وانا اشوف من خلال هذا الملف نهاية لكل حلم وأمنية للتقارب بيني انا وباسل . . . رجعت الملف لمكانه ..ورتبت الأوراق بانتظام جنب الجهاز....واخذت نفس عميق غير سامحه لنفسي بتذكر أي شي من اللي مر علي في الأوراق السابقه ...فقط ابا استمتع بهذي الأيام....ومن بعدها ارتضي بالألم لنفسي..... بخطوات سريعه بديت اتحرك وانا احس بعودة الألم بقدمي مع كل خطوه..لما قربت اطلع من المكتب .....شفت ورقه ملصقه بظهر الباب.... " انا رايح المستشفى لجدتي ، .. عملية القسطرة ما تاخذ وقت طويل ..فما راح اتأخر افطري لا تنسي " وبالأخير موقع الرساله باسمه.......! لا والله...! هذا الانسان يمزح ولا جاد....جدتي في غرفة العمليات وانا اتم هنيه بعيده عنها ..! يعني اول ما تخرج من غرفة العمليات ما راح تحصلني جنبها....هالإنسان مدري كيف يفكر..! دخلت بوابة المستشفى بلسان يدعي بأن الله يلبس جدتي الصحه والعافيه ويقومها بالسلامه لنا.. اتجهت بصورة مباشرة لجناحها الخاص .... بعد ما اجتزت عقبة الحراسه بصعوبه.. دخلت صالة الجناح كانت فاضية....اتجهت للغرفة ..اخذت نفس عميق..وادرت مقبض الباب.. الوقت متأخر جداً...في ساعات الظهر الأولى...لذلك في افضل الحالات من المفترض ان القى جدتي متنبهة ،...يــاارب رددتها بلساني وبحضور كامل وصادق في قلبي... جدتي يقظه ومستلقيه بهدوء على السرير ..فيما احدى الممرضات تتأكد من المؤشرات الحيويه.. وعمتي هاجر وخالتي جالسات بكراسي منفرده قريب منها ..وملامح الراحه والفرح باديه على وجوهّن ... اغلقت الباب ورايه .....وتقدمت وانا اكثر راحه من السابق .... خالتي قامت اول ما شافتني..قالت باستغراب : ( عليا ......) رفعت الغشوة....وسلمت عليها ....ومن ثم سلمت على عمتي اللي قالت : ( ما توقعناك تجي...... باسل يقول انك تعبانه ) هذي حيلته...! قال لهم اني تعبانه ..ما عليه يا باسل ..انت اللي راح تنحرج قدامهم ذلحين مو انا..! اول ما انهت الممرضه عملها ...انفتحت لي الأحضان اللي كدت انحرم منهن لولا رحمة الله ولطفه.... بخفه حطيت بين احضانها...وانا مراعيه لحركتي القريبه منها...حاولت اصبر نفسي.. حاولت احبس دموعي لكني ما قدرت...بكيت..وهي بعد بكت ... لمتها وانا اقول : ( شايفه يا جدتي اهمالك لصحتك ..كان راح يحرمنا منك ..) قالت بصوتها المطمئن وهي تمسح على رأسي : ( محدً يموت قبل لا ينتهي اجله يا امي..) بدل ما اواسيها..جدتي هي اللي واستني بكلماتها الدافية المطمئنة..اللي انا بحاجتها اليوم اكثر من اي يوم.....شعوري بالإطمئنان زاد لما عرفت منها عن نجاح عمليتها، وعن سماح الأطباء لها بالخروج من المستشفى اليوم.... ( تعالوا تعالوا محد غريب..هذي عليا..) قالت عمتي هاجر رفعت راسي من احضان جدتي..وبديت اجفف دموعي... وصلني صوت عمي عبدالله : ( كيف حالك عليا....؟ باسل يقول انك تعبانه ) رديت عليه بهدوء : ( الحمدلله طيبه مافيني شي...) ثم اردفت وعيني بعين باسل : (و لو كنت تعبانه ما كنت راح اجي ..!!) ملامحه بدأت بالاشتعال ..لكنه قال بهدوء : ( من اللي جايبك....) رديت عليه بانفعال : ( والله يوم رحت وتركتني .....اضطريت اجي مع السواق ) قال بدفاع : ( رجلك مجروحه...وامس تونين في نومك...كسرتيلي خاطري وما قدرت اصحيك ) لازم هو الصح ....باسل ما يغلط.....! هذا هو لمع صورته قدامهم .....وخلاني اظهر بمظهر غبي جداً قدام الجماعه .....! قالت جدتي : ( يا امي دامك تعبانه ليش تجين..انا بعافيه ...وذلحين بيرخصوني وبروح عند هاجر كان جايتني هناك غدوه ( بكره) ..... ..) ويش اللي يودي جدتي بيت عمتي، ! بينما من المفترض انها ترجع معنا البيت حتى باسل يكون قريب منها ويهتم فيها هدوء غريب..يحوي افكار متضاده ..بمعنى آخر في مشادات بين طرفين ...بس مو متأكده من بالضبط... باسل تقدم ناحية جدتي وقال : ( الله يهديك يا امي قايل لك هالكلام ما يصير...تعالي لبيتك وخليني اهتم فيك..) جدتي صدت عنه لجهة اخرى....وقالت بزعل: ( انا اروح المكان اللي يريحني ..عند الناس اللي يرضوني...) ويش صاير فالعالم حتى جدتي تزعل من باسل هالزعل كله.........!!!!!!! التوتر غطى على الأجواء حتى قالت عمتي : ( افا عليك باسل بيتي هو بيت امي ..وان شاء الله ما اقصر في رعاية امي ..) طرقات على الباب ....خلتنا كلنا نتغطى بمن فينا خالتي اسمااااء..!!!! بحركة من يد عمي عبدالله القت شيلتها على وجهها...في نفسي دعيت بأن الله يهديها دووم وبنية خالصه لله. ( يا الله يا امي جاهزين انتي ويدتي؟؟؟...) جاوبته عمتي : ( ايوه حبيبي جاهزين....انتظرنا عند البوابه ) جدتي بتروح مع عمتي ...وانا ابا اروح مع جدتي...ما بعد شبعت من شوفتها...ويش حل هالمعادله....؟؟ قلت بمجازفه : ( جدتي ..انا بروح معك ......؟؟؟!!) ( نــــعـــم ) بحده صدرت هالكلمه من باسل حتى قاله عمي عبدالله : ( ويش فيك ..هدي شوي ...)ثم اردف وهو يلتفت صوبي: ( عليا يدتك بتروح بيت عمتك مو راجعه البيت معنا ) قلت باصرار : ( ادري سمعتها...بس بعدني بروح معها )! قال باسل وهو يغلي : ( جربي تروحي ...كان تحسبي ما وراك ريال والله لغير اراويك..( اوريك ).. ) قلت بقهر وتحدي : ( ما هميتني لا انت ولا تهديداتك ، وين ابا اروح بروح ) قال بغيض : ( عليــــا والله انـــ......) قاطعه عمي عبدالله بصرخه : ( بـــس انت واياها ..انتوا في مستشفى جايين تزوروا مريضه ولا جايين تعذبوها بجدالاتكم..) انزويت بجهة جدتي اللي كانت قايمه من سريرها.. لما قربت منها قالت بشويش : ( عليا يا امي الحق عند ريلك...روحي معه ...لا تخليه يعصب عليك...) قلت بضعف : ( بس انا ابا اروح معك ...مشتاقة لك ...) قالت وهي تودعني بقبل على وجنتي: ( ما بتوانى عند هاجر بعون الله ...) بعد وقت طويل ....الغرفه خلت الا مني ومن باسل....وكل واحد فينا منزوي في جهه وساكت.. بعد لحظات قال : ( سيري يا مدام ...) رديت عليه بغضب وبدون لا انتبه : ( انا مو مدامتك ..وما يشرفني اكون ..) قال بضحكه : ( ومن قالك مدامتي..انا قلت مدام فقط ..الحرف الأخير من عندك....لكن بالطبع هذا ما يمنع اني اقول مدامتي لأنك كذلك ..)!!! جاوبته في محاوله لإيلامه : ( اصلاً انت غلطان انا آنسه مو مدام ..بس من يعرف يمكن راح اصير مدام فالمستقبل لشخص يستاهل) قال بقهر وغيض : ( عن الغلط يا عليا...اليوم تعدياتك كثرانه واااجد ..فخليك محترمه بكلامك ) رديت عليه : ( انا طول عمري محترمه ..وما اغلط على احد..لكن ماشي يمنعني ان اراعي المصداقيه والواقعيه فكلامي) لف على جهتي وسحب ايدي حتى يوجهني لمقابلته وقال بحده : ( اي مصداقيه واي واقعيه يا عليا...انتي مجنونه ...انتي وازنه كلامك قبل تقوليه..تعرفي ويش معناته ) رديت عليه بحده مماثله : ( ايوه عارفه ويش معناه ..وصدقني قاصده كل فكره جات في بالك ...) ثم اردفت وانا ابعد يدي عن قبضة يده : ( تدري يا باسل ..طول عمري انطعن...لكني هالمره ابا اطعن نفسي ..علّ وعسى يكون الألم اهون عن سوابقه ) اقترنوا حواجبه باستغراب..باستنكار...بقلة استيعاب لحديثي...... كنت اشوفه وهو يحاول يلملم كلامي كعادته ...حتى يفهم المغزى...لكنه فشل .... ضحكت بداخلي باسل فشل في فهمي هالمره...! ضربات على الباب افزعتنا احنا الاثنين ..التفتنا وشفنا احدى الممرضات واقفه جنب الباب ثم قالت : ( ويش المشكله ..؟؟) اووف ويش هالفشلة اكيد انها سمعت اصواتنا العاليه....او يمكن شي من حديثنا ...! باسل قال باختصار : ( ماشي مشكله..احنا ذلحين طالعين..هيا عليا ..خلينا نرجع البيت...) اثناء طريق العوده كان الصمت سائد طوال الطريق.......اول ما وصلنا لاحظت ان السحب بدت تغطي السماء من دون أمطار... لكن حبات الرذاذ تتساقط بألق . . . ومع خضرة الحديقه وجمالها والنسمات الهوائية البارده..كان المكوث بالداخل فكره مو مناسبه ابداً وتضييع وهدر لهالروعه الخلابه ... الا ان خالتي وعمي مقدرين هالأجواء الحلوه لأنهم مجهزين طاولة الغداء في البلكونه المطله على الحديقه.... لما وصلنا ناحيتهم ... سأل عمي عبدالله : ( وينكم ليش تأخرتوا ...) بعد صمت قال باسل باختصار : ( انشغلنا شوي ...) كنت اشوف خالتي وهي ترتب الصحون على الطاوله...حركتها روحها بسمتها ..ما تشابه لخالتي السابقة ابداً...كانت زمان تميل للجديه...لكنها الآن اصبحت تنبض ومفعمه بالحياه.. حتى ملامحها اصبحت اكثر جمال واشراق ...كأنها شابة بالثلاثين ..... وكل هالتغيير صار بعد عودة عمي عبدالله لها ....يعني هذا حال المرأة المحبه لزوجها في غيابه.. تموت لتحيا من جديد بعد عودته ......! ( اوووووووه خالتي روعتيني ) قلتها بعد ما حسيت بضربه في يدي.. قالت بضحكه : ( مدري عنك بويش سرحانه ...روحي يالله بدلي ملابسك سريع وانزلي قبل لا يبرد الغداء) لما رجعت ...حصلت باقة ورد تعلوها حبات الرذاذ مثل الألماس متوسطه الطاوله....! شهقت باستنكار : ( هيييي من اللي قطف من ورودي بدون اذني .!!!) قال باسل باستغراب : ( وانتي ليش زارعتنهن...مو عشان ينقطفن...) قلت وانا اجلس بكرسي قدام طاولة الغداء : ( لا اول مفكره كذا...بس بعدين لما شفت جمالهم صرت ما اتحمل اشوفهم مقطوفين) قال باستنكار : ( ويش هالفلسفه الغبيه ...) رديت عليه باستعلاء : ( اصلاً انت ويش يدريك بعالم الورود والزهور ...الورود المنزليه جمالهن فالحدائق..لأنهن يظلن مدة اطول...وفي نفس الوقت كل شي بعيد عن متناول اليد يظل جميل بعيوننا حتى يفنى....!) ثم اردفت بضحكه : ( اما انت تحصلك لحد اليوم فيك حسرة على اشجارك اللي كنت تبا تزرعهن بدل ورودي) قال باستهزاء مماثل : ( انا لو ابا اقدر اشيل ورودك في ثواني ..لكني رحمت ذاك الداب الصغير ) ثم اردف بضحكه : ( تذكريه يا عليا .....ذاك الداب اللي صرعك ...آآه لدغني ...لدغني بمووت ..) وانهى جملته وهو يقلدني بشكل مضحك.... حاولت اصطنع الجديه واعصب ...لأن كلامه يحمل استهزاء ......! لكني ما قدرت ..........انضميت له وضحكنا يملأ المكان...... حرك عمي عبدالله رأسه وقال : ( سبحان ربي الهادي..هذولا قبل ساعه ما باقي الا يهدموا المستشفى فوق رؤوس بعض من شدة الضيق والزعل....وذلحين ضحكاتهم ما لها حدود ....!) جاوبته خالتي بابتسامه : ( محد يلومهم ...هالأجواء الحلوه غصب تسعد الأرواح ...وتصفي القلوب....) بعد المغرب كنت في عجله اتجهز حتى اروح اتحمد لبدريه بالسلامه بصحبة عمي وخالتي.. اما باسل فكان مشغول وطالع من بعد الغداء الى الآن.. زيارة المريض واجب...وبدريه بنت عمي...فحتى لو تعترضنا منازعات انا وهي..يبقى الواجب واجب.... لكن جزء من مخاوفي الملازمه لي تكمن في طريقة استقبالها لي..لأن ذكرياتي السابقة المتعلقة بحواراتي معها كانت تجلب المرض لروحي وبقوه ..فكيف بالحال ذلحين..وهي بكامل قواها... والجزء الآخر اللي يخوفني هو تقلبات مشاعري لما اشوفها ، وانا ادري انه هذي الإنسانه تشاركني في اهم انسان بحياتي ...تشاركني في باسل..... دوامة اعصار في داخلي انثارت ولمحات تومض وتعصف بعقلي وقلبي لما تذكرت الملف... يعني مشاعري ما تغيرت رغم اللي قريته وعرفته..معقوله؟؟!..... انهيت آخر لمسه في زينتي....واخذت حقيبة يدي وجوالي ونزلت تحت.... ( ابويه افهمني ...عليا ما يصير تروح هناك ) ( باسل ..! هذي بنت عمها كيف ما تباها تروح تتحمد لها بالسلامه، بالأخير حتى عمها محمد راح ياخذ منها موقف لأنها ما زارت بنته ) ( صدقني عمي محمد متفهم الوضع ...صعب عليا تروح يا ابويه ..صعب...) وقفت في منتصف الدرج وانا اسمع هالمشاده بين عمي عبدالله وبين باسل... وانا كلي تعجب واستغراب من اصرار باسل بعدم ذهابي لبدريه ...طيب ليييييش..؟! ............. |
رد: يا صلاله خبرينا عن قلوباً تهتوينا
(( الجـــــزء / الــــثــانـــي والعشــــــرين )) ليلـــــة مؤرقـــــة ) ) ) ) )! " لا قمرَ فيها ولا نجوم . . . . " ( ( ( ( ( ( عتَمة خانقة. . . . ! ( ( ( وأنت وحيد في غرفتك البعيدة. . . إلا من قُميْر في طور الاحتضار ) ) ) " غامراً لياليك بأضوائه الميّتة " ( سيــــف الرحبــــــي ) بهدوء سألت: ( ليـــش..ويش السبب...ليش تبا تمنعني من اداء واجب ) بعد نفس عميق قال : ( صدقيني ما منعتك الا لمصلحتك ..وعشانك يا عليا ) سألته باستغراب : ( اللي هي...؟ انا ما جالسه افهم كلامك يا باسل..) قال بهدوء : ( حتى لو اقولك يا عليا..حالياً ما راح تفهميني...) قلت باصرار : ( طيب ..انت جربني ....؟؟!) عمي عبدالله اكمل طريقه للخارج بهدوء ، وقال من دون لا يلتفت لنا : ( عليا ننتظرك بالخارج..في حال غيرتي رأيك خبرينا برساله ولا اتصال..) وبعدها طلع...... رجعت التفت نحو باسل بصمت...في انتظاره بدء حديثه عيوني لاحظت التوتر ، والتعب ، والضيق ..اللي كلها عوامل نفسيه سيئة..تعتلي ملامح باسل...وكأن أزمات العالم كلها تعترض دربه.... ويش اللي تاعبنه لهذي الدرجه ...ويش اللي مضايق جدتي من صوبه...ويش اللي يبا يقوله ومتردد...؟؟ انتظرت...لكن لما ما شفت منه اي بوادر للحديث...قلت : ( انا طالعه ..بروح معهم بيت عمي محمد ..) قال بجدية : ( عليا لا ..انا مقرر هالمساء ...) تنفس بعمق واردف : (هذا المساء ابا اجلس معك، بيننا كلام كثير لازم نناقشه بهدوء..وفي امور لازم اوضحها لك وفي المقابل اخذ رأيك فيها...) مع آخر حديثه ..صارت حبات العرق تتساقط من جبيني ..وانا احس بأنفاسي متلاحقه... قبضة يدي اشتدت على حقيبتي والجوال، كأني استمد منهم القوه... باسل جالس يهدم حالياً آخر لبنه متبقيه من جدار الصبر والتحمل اللي امتلكه... احترت بشده لما حسيت بآلآم تنهش قلبي ، هل هذي آلام مترافقه مع التردي اللي تشهده اوضاعي...؟ ولا هذي آلام قلب حقيقيه .......! انا متأكده اني راح اخسر نفسي إلى الأبد...... راح انهار انهيار من المحال ان اقوم من بعده.... لأني ادري ويش اللي بخاطر باسل ، ادري ويش اللي يبا يسمعني اياه وياخذ شوري فيه..... لكن ، كيف ابا اتحمل باسل وهو يقول هالكلام ، كيف ابا اشهد انكساري قدامه ... لمصلحتي كل احاسيسي باتت تأمرني بالابتعاد ،لابد اتجنب باسل وكلام باسل.... بإيدي المرتجفه شديت على حقيبتي اكثر حتى اهدي من رجفة ايديني المتزامنه مع رجفه اوصالي.. وقلت بتوهان وتوتر وبلا شعور : ( ااا ....بروح الحين....ينتظروني هم...انا تأخرت....) وبخطوات سريعه ومجنونه بديت اركض ، حتى اختفي عن انظاره ، وألوذ بالفرار حتى اتجنب كل الأوجاع اللي راح يرسلها لي حديث باسل.... بيت عمي محمد مكتظ بالحريم اللي جايات يسلمن على بدريه وامها...وآخر ما ينقصني هو الزحمه والإزعاج.... جل امتناني لتواجد خالتي بالقرب مني ، تواجدها خفف عني الكثير... لأني ما ازال متلبسه بحالة الصدام اللي كان راح يصير بيني وبين باسل.... ومخاوفي حيّــة وكأنها تعيش الآن كلمات باسل اللي هو أساساً ما نطقهن.... استمريت اتبع خطوات خالتي ، وانا اسلم على الحريم اللي بالمجلس ، التقيت بوالدة بدريه ، لكن بدريه مو موجوده..... جلست بالقرب من خالتي في الكنب، وانا احاول آخذ نفس عميق ، حتى اوقف حالة الخفقان اللي تضرب اعماق صدري..... ( ويش فيك حبيبتي ...تعبانه...؟ لا يكون باسل ضايقك...ولا قالك شي..؟...) ( كان راح يقول يا خالتي....كان راح يقول ....) ( ويش يقول ..!!) وصلني صوت خالتي المستغرب....! حتى انتبهت اني كنت اتكلم بصوت عالي... رفعت ايدي ومسدت جبيني باضطراب ... ليش ما جالسه اهدأ، ويش صار فيني ...؟؟ ولا ويش يبا يصير حتى هالتوتر مو راضي يفارقني...؟؟ ( انتي ويش فيك ..؟؟؟) جاوبت بابتسامه هزيله : ( مافيني شي...يمكن ما ارتاح بالجمعات الكثيره..) ردت بعدم تصديق: ( يمكن...على العموم عبدالله راسل لي يقول خبري عليا تجي مجلس الرجال تسلم على محمد الظاهر محد هناك غريب....) بضيق سألتها : ( وانا كيف ابا ادل موقع المجلس، وانا اول مره اجي هنيه..) قالت بهدوء : ( عادي اسألي زوجة محمد، ولا حد من الشغالات اللي بالخارج ..) بتوتر واضطراب نهضت ، وطلعت للخارج وانا اسمع اصوات الحريم بدت تخف، دليل بعدي عن مجلس الحريم لمحت احدى العاملات لكن قبل لا أناديها اختفت من قدامي....! وقفت بحيره ...ويش اسوي ذلحين....!! ( تــبي شي...؟؟) التفتت لأواجه صاحبة الصوت........وسألتها : ( وين مجلس الرجال ..؟؟) قالت بتساؤل : ( مــن ........؟ علـــيا...؟؟؟) من هـــذي.....؟! وكيف عرفتني من صوتي لأني انا متغشيه...؟؟؟! رديت بهدوء : ( ايوه ...من انتي ...؟؟) وصلني صوت ضحكتها .....! ثم قالت : ( ذلحين صدقت يوم قالوا اني واجد متغيره .....انا بدريه..) يا الله ...ياالله...احس اني ذلحين راح يغمى علي ، هذي بدريه...لا يمكن مستحيل......!!! هذي مو بدريه ...بدريه شكلها مختلف ...اما هذي الشابه جميله ..جميله بشكل موجع..... من بشرتها السمراء العذبه...الى طولها ...الى كافة تقاسيمها الأنثويه..الى تألقها الواضح في زينتها ....! معقوله تكون بدريه ....وين بشرتها الشاحبه وملامحها الهزيله ....؟؟ لدرجة اني لو اسوي مقارنه سريعه بين ملامحها المعاكسه لملامحي البيضاء الطفوليه الناعمه ....وبساطتي في زينتي...! فالأكيد ان كفتها راح ترجح.... بعد صمتي الطويل ، تداركت الوضع وقلت لها : ( الحمدلله على سلامتك...) تقدمت مني وانا بمكاني وسلمت من قريب وردت : ( الله يسلمك...مشكورة..) ثم اردفت : ( تعالي ادلّك طريق المجلس....ابويه ينتظرك...) مشينا باتجاه المجلس في سكون ما تتخلله الا الصرخات اللي بداخلي... هل يبدأ قلبي بالنواح........؟ هل رحلت تلك النقطه الصغيره من امل ..! هل تلاشت جميع المصابيح من طريقي وما بقى سوى الظلام...يااارب رحمتك ارجو يااارب... ( حياالله عليا...نورتي البيت بجيتك اليوم...) بابتسامه طفيفه... رديت : ( الله يحييك، النور نورك..الحمدلله اللي قوّم بدرية وخالتي ام بدريه بالسلامه ) قال : ( الله يسلمك يا بنيتي..تعالي..تعالي مشتاق لك...هذيك الفتره لما كنت ارجع من السفر ، كلما جيت ازور الوالده احصلك طالعه للمركز ..) وتوالت الأحاديث...وتوالى اندماجي المصطنع....ما كنت اعرف اني امتلك هالقوه من الصبر...الا هالليله..! كيف قدرت امثل قدامهم الراحه، وعِـراك المشاعر بداخلي ما توقف لثانيه..... طلع عمي محمد...وعمي عبدالله كان سابقه بلحظات .. ولما جيت انا ابا انهض سمعت صرخة بدريه: ( دم ، من وين هالدم....) أي دم..؟؟ عن ويش تتكلم .....؟؟؟ سألتها باستغراب : ( وين ...؟؟ اي دم قصدك..؟؟) قالت : ( رجلك تنزف...ويش صاير لها...) انحنيت وناظرت في رجلي ....آآآه جرح الأمس بعده حي..!!! وينزف بسبب نزعي للضماد قبل لا اجي... لأني تضايقت منه هذا الصباح لما كنت بالمستشفى مع جدتي...فما حبيت اطلع وهو برجلي من جديد فنزعته.. قلت بهدوء لبدريه : ( ماشي...جرح بسيط....) قالت باستغراب : ( ويش سببه ....شكله مو بسيط دامه ينزف كذا ) تقدمت من الطاولة اللي بمنتصف المجلس..واخذت مناديل ورقيه ...ورجعت اجلس بالكنب خلعت حذائي..وبديت امسح الدم من الجرح.... قالت بدريه باهتمام : ( بروح اجيب لك معقم ..وضماد تلفي به الجرح..) رفعت راسي لها ، ووجهت لها نظره مستغربه....! ليش تتحامل على نفسها وتجامل.....! انا ادري باللي في قلبها، لأن صدى كلماتها ما زال يتردد في اذني لحد اليوم.... قالت بتعجب من نظراتي .! : ( ويش فيك...؟؟) رجعت امسح الجرح وقلت من دون لا التفت لها : ( مافي داعي لهالتمثيل...محد هنيه..وانا وانتي عارفين بعض زين....) ثم اردفت : ( اتقبل ان الشخص يعاملني بما يحمله في قلبه، اكثر من تقبلي لنفاقه امامي ..) سكتت للحظات ثم قالت : ( والمعنى ..؟) قلت لها بهدوء : ( ماشي...لكن لا تنسي اننا قد اجتمعنا من قبل وجمعتنا حوارات..وانتي ادرى بمحتواهن) تحركت بضيق ثم قالت : ( وانتي جاية تحاسبي انسانه مريضه على تصرف غير لائق صدر منها ) بعدت المناديل بعد ما خف النزيف اللي بقدمي...وجاوبتها : ( كثير ناس يمرضوا ...لكنهم بالعاده ما يقولون اللي انتي قلتيه..) نهضت بدريه من الكنب...وقربت السله مني....ورميت المناديل فيها ..ثم رجعتها لمكانها ورجعت تجلس ....وقالت بإصرار : ( بالعكس...انا كنت معذورة لأني قلت لك هذاك الكلام .... لأني كنت مريضه...) قهرني برودها....مو كأنها بدريه القديمه ابداً.... مو راضيه تعترف بخطأها السابق..ولا هي تصر عليه...لكن تعتبره كلام هي معذوره على انها قالته...! قلت لها بانفعال : ( ويش اللي غيرك...ما عدتي تشوفيني حجر عثره في حياتك...ما عدت انا عليا اللي بسببها انحرمتي من حياة زوجيه طبيعيه بصحبة باسل...ويش اللي تغير يا بدريه..؟) ثم اردفت بضحكة قهر : ( ولا خلاص ما صرت امثل اي تهديد بالنسبه لك ، صرتي تمتلكين باسل ، وصار من السهل انك تطلعيني خارج حياة باسل وقت ما تبين...بورقة ناجحه مثل حملك مثلاً ..... ) حركت رأسها بنفي وقالت : ( كل اللي قلتيه ماله أي صحه ابداً....وانا ما تعالجت ومن الأساس ما فكرت بالحمل ....) قلت لها بتكذيب: ( والشهر الأخير اللي قضيتوه في امريكا..كنتوا تلعبوا فيه يعني ..؟) حركت اكتافها بلامبالاه وقالت : ( هذا موضوع خاص فيني ...ما لك اي دخل فيه...!) قمت من الكنب وقلت لها باستهزاء : ( مدري ويش هاللعبه اللي جالسه تلعبيها يا بدريه ...لكن صدقيني ما تدخل العقل، لأن كذبك مكشوف...) سكتت......! تقدمت ناحية الباب..ولما لمست يدي مقبض الباب ، وقبل لا افتحه وصلني صوتها : ( كنت اتعالج نفسياً ) بحركه سريعه التفيت لمواجهتها وبعيوني تساؤل واستغراب ... قالت من جديد : ( عادي ويش فيها كنت اتعالج...انا سبق واقدمت على الانتحار..ولو اني ميته كنت راح اخلد بالنار....لذلك اكيد اني اعاني من مشكله نفسيه...علاجها اهم من اي شي ثاني ..) قلت لها : ( وباسل...والحمل...وحلفة جدتي....؟؟؟) قالت بلامبالاه : ( ما علي من كل هذولا.......اهم شي اني اهتم بنفسي...وبصحتي النفسيه..) لما مات الكلام من لساني...حركت لها رأسي بموافقه لصحة كلامها... اهم شي نفسها...! لكن كيف قدرت تضع نفسها بالمقدمه......لو انا مكانها بقدر اسوي كذا...؟؟ لما جيت ابا اطلع من جديد وصلني صوتها لما قالت بتردد : ( عليا ) التفتت لها ...واجبت : ( هلا ) قالت بتوتر : ( احنا بنات عم ...واتمنى ان علاقتنا تتحسن مع مرور الوقت...وانا ادري انك راح تسافري قريب فاتمنى نكون على تواصل مثل اي بنات عم ...) اسافر قرييييب......!!!! انتسفت مرايا التفاؤل ، وتناثرت شظاياها مختلطه بشظايا قلبي، هذا هو سر اللين في حديث بدريه معي اليوم ، لأنها تشوفني على اني انسانه مسافره، بعيده عن اي حضور ممكن يعرقل مسير حياتها .... ما عدت امثل اي تحدي في حياتها.... هربت من باسل خوفً من طرحه لموضوع سفري ودراستي وابعادي... لكن هالموضوع ملاحقني .... اتفقوا ضدي....واجمعوا على ابعادي ونفيي ، بأقسى صورة ممكن اتخيلها.. ببساطه اطرد من ارضي....حتى اعيش وحيده ومهانه ومهجوره في بلاد الغرب.... حتى لو كان في حضور عمي وخالتي، لكن الضربة اللي تلقتها مشاعري كفيله بجعلي اعيش وحده مريعه بداخلي.. هذي حقيقة باسل اللي حبيته.....كنت مخدوعه فيه ..؟؟ او ليش مخدوعه ، يمكن انه من الأساس كان يشفق علي..لكنه ذلحين ما عاد يقدر يتحمل خلاص..... بجزع ودموع مشبوبه التفت لبدريه وسألتها بصراخ : ( وين اعمامي ........وين راحوا....) ............... |
رد: يا صلاله خبرينا عن قلوباً تهتوينا
(( الجــــزء / الثــــالـث والعشــرين )) تحترق على نار الموقدْ تودّعك نظرة , , , , , وترحلْ . . . . . . في المطارات والمحطّات , , , حيث العابرون إلى بلدانهم يتوزعون أفراداً , , , , , وجماعات يختفي الجميع. . . . . . . . . . . . . . . . . . <<. . . وتبقى تلك "النظرة" شاهدة اللحظة في انقراضها السريع . . .>> ( ســــيف الــرحبــــي ) ( عليا انتظري ..لحظه....عليا ...) فتحت الباب بعنف والهستيريا تتصاعد في دمي صرخات بدريه خلفي ما هامتني هاللحظه خلاص ابا انهي كل شي......او على من اضحك انا....باسل هو اللي صنع النهاية ... اليوم مو لا زم يبقى للزعل مكان، ولا الحديث مع باسل راح يصلح أي شي بحياتي .. قبل لا اسمع منه الكلمه اللي متأكده اني ما قد سمعت اكره منها في حياتي..خليني انا اطلبها منه... مو انا قايله اني ما ارح ارتضي بالطعن هالمره، مو انا اللي واعده باسل اني راح ارتضي واوافق بطعن نفسي هالمره تعديت الباب بخطوات ، غير محسوبه وغير واعيه ، ومن بعدها صدمت في شخص قادم..... رفعت رأسي..ومن بين دموعي شفت عمي محمد ، بوجه مصدوم ومرتعب .. امسك ذراعي وقربني منه وقال بصوت حاد : ( ويش صاير هنيه ....) ثم التفت للورى وقال بصوت عالي: ( يا عيال لاحد منكم يجي للمجلس... ) ومن بعدها رجع يلتفت لي وقال : ( ويش صاير...ليش هالصراخ...تكلمي ..!) ثم اردف بحده : ( قولي بدريه ضايقتك ، قالت لك شي...تكلمي لا تسكتي كذا ) ثم التفت لبدريه وقال : ( اقسم بالله يا بدريه ، لو انك مزعله عليا ، وقايله لها شي ما يصير لك خير..) وصلني صوتها المتأثر : ( والله ما قلت لها شي يزعل يا ابويه ..حتى اسألها ..) قلت له برجاء حار وسط دموعي واناتي : ( طلبتك يا عمي ..انت بموقع ابويه اليوم...) ثم اردفت بنحيب : ( طلبتك لا تردني ....) قال وهو ياخذ نفس : ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...ادخلي معي داخل المجلس ) مرت لحظات ما يقطع صمتها الا ضجيج شهقات تصدر مني بين اللحظه والثانيه ...عمي محمد ما قال حرف.. جالس على الكنب جنبي...ومنتظرني لما اهدأ ( ويش صاير ....!) سأل عمي عبدالله وهو داخل رد عليه عمي محمد بضيق : ( لا تنشدني عن شي.... ..) بعد نوبة البكاء، وبعد ما خفت وتيرة الشهقات الحابسه للأنفاس...جمعت ايديني فوق بعض حتى استمد بعض القوة وابدد التوتر .... وبديت اتكلم : ( انا ....ابا......) لا يمكن والله ما اقدر ....ما اقدر اتخيل اني بعيده ليوم واحد عن باسل...ما اقدر اتخيل اني راح انفصل عنه، قلبي يألمني من مجرد التخيل.....ياارب صبرني....ياارب... قال عمي عبدالله : ( ويش صاير يا عليا...ويش اللي مزعلك كذا ...) اخذت نفس عميق، وقلت بارتجاف : ( ابا اتطلق من باسل...) شهقات اصدرت من الجميع ..وحوقله تبعتها من لسان عمي محمد ..... لكن الإنفعال الأشد كان صادر من ضربة قويه على الباب... رفعت رأسي....وسقطت عيوني على عيونه.... سعير اشتد بداخلي من نظراته ، نظرة الانكسار اللي بعيونه ، ما غابت عني ، حدتها مثل خنجر يطعن بقلبي مؤلمه لأبعد حدود... انا ويش قلت ...ليتني صابرة وساكته ولا اشوفه كذا... ويش الموقف اللي حطيت نفسي وباسل فيه .... يا الله ليتني ما غلطت...ليتني ما جيت على سيرة الطلاق ... غمضت عيوني بأسى لما سمعته يقول بحده : ( كنت حاس انه هذا اللي راح يصير يا عليا ...غباء وجهل وتسرع ..قلت لك لا تروحي قبل لا نتفاهم ، قلت لك اصبري وخلينا نتكلم ...لكنك متسرعه ، متسرعه ...وما تختلفي عن غيرك....) ثم اردف بنفس الحده : ( يا خساره ...والله كنت احسبك اكبر من كذا، عاقله، متزنه .. ...لكن مثلك مثل غيرك ...مثلك مثل غيرك.....) يلومني......!! يطلب مني وزن تصرفاتي.....!! لكن بويش اوزنها،،،كيف ابا اراعيها يا باسل...وانا عقلي مات مذبوح على ايد عواطفي لك .... عقلي انتهى من اجتمعت فيك، حتى ما عاد له اي وجود...صرت انا ومشاعري وبس يا باسل..... قال عمي عبدالله : ( استهدي بالله يا ابويه استهدي بالله....تعوذ من ابليس...) لكن وين يلامس الهدوء باسل هالليله....قهر الرجال اللي لأول مره اشوفه...شي مرعب.. حده وتوحش......ما يشابه لإنهيار النساء...احنا دموعنا تخفف عنا....! نحيبنا يفتّر من نار الحرقة والألم اللي تشتعل فينا... لكن الرجال كيانهم بأكمله يستعر .....حتى يتحولون لكتلة من لهب...... قال باسل وهو يلتفت ناحية بدريه : ( ما اختلفتي عن بنت عمك..اللي بعد عشرة عمر ، وتضحيات وسنين من العذاب ..) ضحك بقهر واكمل : (اكتشفت انها ما عادت تبا تواصل زواجنا........والسبب أنه صار يذكرها بماضيها المشؤوم..... ولأجل روحها الجديده تتهنى ما همها السنين اللي ضاعت من عمري وانا اراكض وراها من مستشفى لآخر، ومن دوله لثانيه ، ولا همها عملي اللي تركته عشانها.. فقط اهتمت بسعادتها ، وكل ما يوفر لها الراحه والاستقرار النفسي..... ) بدريه التزمت الصمت ، ونظراتها توجهت للأسفل.... اما عمي محمد فقال بأسى وحزن : ( امسحها بوجهي يا باسل...ما عليك منها ...جاهله ولا تعرف ويش تقول او تعمل ...) بدريه من دون لا تتكلم ، حركت رأسها بنفي لحديث عمي محمد ..... باسل ما زال واقف....تقدم للأمام ..وقال بجدية : ( لا يا عمي ....انا وبدريه انتهينا ....خلها تشوف حياتها الجديده والله يهنيها ....ما عاد لي فيها خاطر لا كزوجه ولا أم لعيالي مستقبلاً...) قال عمي عبدالله بصوت عالي : ( باسل لا تستعجل ...انت متضايق ...لا تقول شي باكر تندم عليه ..) رد عليه باسل بضحكة قهر ثم قال: ( ماشي بحياتي يا ابويه يستاهل اني اندم عليه ، بنات عمي ومثل ما تشوف من مشكله الى ثانيه...ومن عثره الى اخرى ... الشيب غزا راسي يا ابويه وانا الولد ما عندي ، اشوف ربعي عيالهم طولهم اما انا فحياتي ما تُعرف هل هي حياة متزوج ولا حياة عزّابي ... ) ثم اردف بجديه : ( لكن هالمعاناة ما راح تستمر ،ابا انهيها خلاص.... ) التفت لجهة عمي محمد وقال له : ( السموحه منك عمي ، ما كنت بيوم مرخص بنت عمي وانت تدري ، لكن هذا طلبها بنفسها، والحمدلله اولاً واخيراً هذا مكتوب ربي ، وربي مو كاتب تجمعنا ذريه انا وبدريه ... بدريه طالق وورقة طلاقها راح توصلكم اول ما انهي الإجرائات..) الهواء انحبس من المجلس....الأكسجين نفذ...يا ثقــل كلمة الطلاق ، وقع كلمة الطلاق ما يفرق عن سماع وفاة شخص.... ركزت عيوني على بدريه اللي طلعت مباشره بعد جملة باسل... هل هذا سر برودها ، ما عادت تبا حياة تربطها بباسل....؟؟ كذا بهذي السهوله يا بدريه .... بعد عشق سنين...بعد ما كدتي تقتلي نفسك لأجل باسل....تطلبي الطلاق منه وتطلقي وتنتهي حياتكم بفراق ابدي.... حسيت بتفاهة في هالموقف، لولا خوفي من انهم يفهموني خطأ ..كنت راح اضحك ..مو فرح للموقف...لا ..! ولكني اسخر من غرابتنا احنا البشر...دائماً نواجه المواقف بنظرة ابديه مطلقه.. ما نترك أي فسحه حتى يعمرها الأمل والتفاؤل.....! ندور حول حلقات التملك والزهد المتضاده باستهتار والنتيجة حلقة فارغه من اللاشيء نتيجة عدم التعقل....! ليش....؟ هو انتي تحسبين ان هذا الوصف ما ينطبق عليك يا عليا....؟ انتي ما حلّقتي بجناح التملك خلال الشهور الماضيه بحبك للاستحواذ على باسل...!!! واليوم مو جالسة تحلقين بالجناح الآخر وهو الزهد .....؟ انتي ما زهدتي في باسل ونفيتيه بصورة ابديه عبر طلبك للطلاق.......؟ اصابتني قشعريره من حديث مشاعري لي......! لكن لا انا ما زهدت في باسل...ولا راح ازهد فيه.... مشاعري تجاهه ترفرف حولي بكامل حيويتها ....ولكن طلبي هو مجرد.....؟ صدمه ، اندفاع، قهر ، ...اغمضت عيوني بألم .. ويا خوفي يكون غلطه..وثمنها اكبر من اني اقدر على إيفائها ...... شعوري تجاه طلاق باسل وبدريه ما جلب لقلبي أي مشاعر من الراحه، بالعكس زادت مخاوفي ذلحين...لأني ما ادري ويش ما زال في جعبة باسل....... ملامح الأب الضعيف المنكسر الخاطر لا يمكن تبعد عن اوصاف عمي محمد لكنه رغم ألمه قال : ( وجهك ابيض يا ولدي ، بالأمس ما بدر منك الا كل خير، واليوم لا يكلف الله نفساً الا وسعها ، يمكن في طلاقكم الخيره لكم اثنينكم ....) باسل تقدم وقبّل رأس عمي محمد باحترام.....لكن قبل لا يروح عمي محمد شده له وهمس له بصوت خافت... لما تصوبت نظرات باسل لجهتي...حركت رأسي برفض..... لا يا باسل ....لا تدرسني بهذي النظرات ، ماني بحمل طلاق وانا بهالعمر.... ما عليك من اللي طلبته لا تاخذه بالحسبان ، لأني ما اقدر اعيش على خيالك وطيفك في وحدتي..... اعترف اني مو بقوة بدريه في تحملها لموقف مثل هذا بدون لا تنهار ...ولا يوم راح اكون.. بدريه حالها مختلف عني...بدريه معها سند بحياتها ، تمتلك اب ، تمتلك ام ، بدريه معها اخوان هم سند لها بالحياه ...لكن انا من معي....! انا قبلت في باسل وحبيته وهو متزوج بدريه ولا اهتمت مشاعري بأنه متزوج... انا تعلقت فيه حتى يوم اني شفت جلافته اللي ابداً ما كنت متعوده عليها بحياتي.... انا صبرت ايام سفره ، تحاملت على نفسي وانا اشوف اهتمامه في بدريه المريضه، صبرت وانا اشوف فصول متنوعه من المصاعب اللي قليل يتحملها ، لكني تجاوزتها.. وجزائي أكبر من ان يكون هو الطلاق يا باسل.... نطق باستهزاء : ( ويش عندها بنت العم الصغيره من شكاوى، ويش ناقده علي انتي الثانيه ...؟ لا تكوني تبي مطلق الحريه في حياتك.... تبي الطلاق حتى تسرحي على كيفك... لا يا عليا لا تحلمي بالطلاق ، ما راح اطلقك...وان كان مو تمسكاً فيك ، و لكنك بنت عمي وفي وجهي ، وبصراحه انا ما عادني اثق في احد) صدمة لمشاعري الصادقه ضربة تلقتها من انسان له وسع بالغ من الحضور بين اضلاع القلب.. انا متأكده ان وجهي ما بقى فيه لون لأن الدم انسحب ليرتكز في رأسي مسبب هاله من الضغط النابض بالألم... انا اكبر من كذا يا باسل....كلامك هو اجرام بحقي... لكن هل يُلام الرجل المقهور على بذاءة قوله في ساعة مثل هذي الساعه.....؟؟ واللهب ما زال يحيط بجوانبه ...؟؟؟ ...... امام عتبات الدرج المؤدي للطابق الثالث وقفت بتوتر ...باسل كان متقدمني في مسيره.. لكنه لما لاحظ اني ما جالسه اصعد الدرج وراه وقف، والتفت لي وقال : ( ليش واقفـــه..؟) باسل اليوم مختلف ، البرود المختلط بقسوة يذكرني برعبي منه خلال لقاءاتنا الأولى .. وبشكل متعمد حارمني اي نظرة لطف ، حنان، ممكن انها تهدئ بالي، وتخفف من الارتجاف المرافق لي في هذي الليله... ضوق عيونه وقال بحده : ( كملي مسيرك وراي يا عليا، كمليه...) واردف بسخريه : (لا تخافي مو جايبك هنيه عشان اذبحك..) بصوت ضعيف جاوبته : ( اعرف انك جايبني عشان تراويني الأوراق...) بصوت اتعبه واثقله الندم اردفت : ( بس خلاص والله سمعتك وعرفت...) وبدموع متناثره واسى مساره فظيع في نفسي قلت : ( أنا آسفه....ما تخيلت ان قصدك كذا...حسبتك تبا ترتاح مني وتبعدني ...) نزل من الدرج باتجاهي....ومسك ايدي بقوه ...وقال : ( بعد ما صغرتيني بعيونهم يا عليا جاية تتأسفي...اسفك ما يعنيلي شي ذلحين..) كرهت نفسي على ما بدر مني تجاهه...تمنيت لو ما رحت بيت عمي محمد هالليله.... كان راح يكون الفرق شاسع ، كنت راح اتجنب كل هالخناجر اللي تطعن بقلبي..... ادري ان باسل ذلحين يبا ينتقم مني لطلبي الطلاق.... ولاتهامي له قدام اعمامي بأنه يبا يسجلني بالجامعه اللي يحاضر فيها عمي عبدالله حتى يرتاح من مسؤوليتي..... ولكل ما صدر مني من كلام جرح مشاعره كرجل... بمحاولة تخلص من قبضته وببكاء قلت : ( مابا اصعد...مابا...الله يخليك باسل لا تعذبني اكثر ...كافي اللي سمعته.....) ما اتعب نفسه بجدالي..ثنى ايديه حول جسدي ورفع جسدي على كتفه... بنحيب ورعب صرخت : ( باسل لا ..لا ...الله يخليك ..ما اقدر...) لكنه ما اهتم في رجائي...ولا صرخاتي الجزعه ...واصل خطواته الى جناحه حيث مكتبه... اغلق الباب بيده الحره....ونزلني على الأرض..وجذب يدي واكمل خطواته ... جلس على الكرسي امام طاولة المكتب ، وانا واقفه جنبه... بعيون ارهقتها الدموع، وصدر اتعبته تبعات البكاء.... وكفي الصغير مقيد بقبضته القويه... فتح احد الأدراج ، واخرج ذات الملف اللي تصفحته هذا الصباح ... قلّب الأوراق ، ثم فجأة توقف...التفت لي وقال بابتسامه : ( تدرين لو انك قريتي هالورقه كنتي راح تجنبين نفسك وتجنبيني كل هالمهازل...) نزع الورقة من وسط الملف وقربها من وجهي وقال بأمر : ( اقريــها يا عليــا ) جامعة فينكس، جامعه امريكية عريقة ومعتمده ..تقدم ميزة التعليم الافتراضي عن بعد، كل ما تحتاجه هو فقط اجتياز التوفل.....! رجعت عيوني لباسل بعد ما انهيت قرائتي لمجمل ما ورد في الورقه..... رجع سحب ورقه بختم رسمي من احد الأدراج ومثل سابقتها قربها لي حتى اقرأها... ورقة اعتماد لباسل صادره من ادارة مستشفى الجامعه بمسقط من أجل عمله هناك...! ملامحي تسائلت باستغراب....باسل راح يرجع للطب ..لكنه راح يترك صلاله.......؟؟؟!!! وكأنه فهم استغرابي لأنه جاوب : ( هذا اللي كنت مخطط انه يصير يا عليا، نستقر بمسقط ...اشتغل بمستشفى الجامعه.. تواصلي تعليمك عن بعد بالمجال اللي تبيه، وبشرط انه يوفر لك فرصة ، اذا حبيتي تشتغلي في احد القطاعات العامه المحترمه ....) ثم اردف : ( على فكره، ولا يوم فكرت في حرمانك من تعليمك يا عليا ، لكني كنت متأكد أنه هذي السنه كنتي محتاجه لتعليم شرعي، والتزام ديني اكثر من حاجتك للعلوم الدنيويه... لذلك كان من المفترض تأجيل دراستك ...حتى تحصلي على حقك من التربية الدينية والعلوم الشرعيه ... حتى تستوعبي بنفسك البعد الديني اللي كنتي تعيشيه في السابق ، ومن بعدها تملكي زمام الأمور بنفسك ....واعطيك حريتك...) تربية ومن ثم حريه .......!! يعني ويش ...؟؟؟؟ سألت برعب : ( يعني ...قصدك....طلاق...؟؟) قال بتمتمه : ( انتي خليتي كل الجوانب الإيجابيه بحديثي...وما ركزتي الا على السلبي...آآه من الحريم.. انتو كائنات غريبه ...كيف الواحد يقدر يفهمكم...؟؟) ثم قال بجديه : ( مو انتي اللي طلبتي الطلاق...ويش اللي مخوفنك منه ذلحين...) يعني بالفعل في باله الطلاق ، وهذا هو قصده .. نقلته السريعه في الكلام من قسوه الى لين الى حده لها تأثير سيء جداً ... كأني انتقل من جو ساخن الى جو بارد ومن ثم اعود الى جو ساخن ..بصورة مسقمه ..... خصوصاً ان الطنين اللي برأسي ما خفت حدته إلى الآن ....ببساطه اعتقد ان احداث اليوم اكبر مني.. الأرض تميد...بزلزلة ظاهريه....وحسيه كذلك......! عدلت وقفتي وانا احاول اتماسك واحافظ على ثباتي وانا اشوف كل شي بالأرض يتحرك... حتى باسل صار يتحرك.......؟؟! ليش كذا....هذا هو الزلزال....؟؟؟؟؟؟ صرخة باسل بإسمي رنّت بأذني بحدة مزعجه ومؤلمه ومتضخمه في رأسي..... سحبت ايدي من يده ورفعتها لأذني في محاوله لحجب كل صوت مزعج يتردد ....... |
رد: يا صلاله خبرينا عن قلوباً تهتوينا
(( الجـــــزء / الــــرابـــع والعشــــرين )) أيها الجبل "الأخضر" . . . . . . : يا جبل " الكور" وجبل "شمس". . . : ويا جبال "ظفار" الشمّاء . . . . التي تتناسل في أحشائها النمور : أيتها الجبال العُمانية .. .. .. .. : توائم الأحقاب وقرّة عين الأزليّة منذ أزمان وأزمان ونحن نصعد إليك لكننا لا نصل ! لكننا لا نصل ! لكننا لا نصل ! .. .. .. .. .. .. .. .. ( ســــيف الــــرحـــبي ) تمتمت بضيق : ( ذلحين حد يترك أجواء الخريف بصلاله ، ويجي لمسقط لمقابل الحر والرطوبه..!) رد بنرفزة : ( يا كثر إزعاجك ، اسكتي خليني اركز فشغلي...) ثم اردف : ( روحي ذاكري، تعلمي، اقضي وقتك بشي يساعدك على اجتياز التوفل بدل هالإزعاج ) رديت بتعالي : ( ما يحتاج ....لأني متأكده وضامنه نجاحي ) وبعدها اضفت باعتراف: ( اصلاً ما يصير طول وقتي اذاكر ..راح انفجر..!! يكفي طول الصبح وانا مقابله الكتب والنت..) نزل الأوراق اللي بيده على الطاوله بضيق ورجع لجهاز اللاب توب وقال : ( عــليا ..تراني مو فاضي ولا رايق لك ) وانت متى روقت هذي الأيام ...! باضطراب من هالحال السائد طلعت من الصاله... وتوجهت لغرفتي .... .. إلى اليوم وباسل زعلان مني .....حتى بعد مرور قرابة اسبوع ، الضيق باين في ملامحه... وبنظراته دايم صاد عني ، وكلامه معي قليل ........ يعني لازم يحسسني بغلطي من خلال هالصد ...! غادرنا صلاله قبل عدة ايام وجينا لمسقط ... في جو من عدم الارتياح والمعارضه من جدتي ..واعمامي ....لكنهم علناً ابدوا تفهمهم ... جدتي رفضت اقتراح باسل بالسفر معنا بعد عودتها للبيت .. وفضلت البقاء بصحبة عمي عبدالله وخالتي .. اللي اعطوا انفسهم اجازه مفتوحه .. بدون أي التزام بالعمل .. الى أجل غير معلوم ..!! بعد استقرارنا في بيت عمي عبدالله بالخوير، بدأ باسل دوامه الرسمي من أول الصباح ويرجع آخر الظهر.. وطوال هذي الفتره ..اقضيها بروحي..ما بين تصفح الانترنت الى قراءة أي شي تطاله يدي...! وبعد عودت باسل من عمله .. نادراً ما يتكلم معي الا في حال انا بديت الحوار......! في بعض الأوقات صدوده يقطع قلبي لشظايا ، لكن في اوقات أخرى احط له العذر انه بعده مجروح من كلامي... ليش ...هو الحريم بس اللي عندهم مشاعر ، ويتضايقون ويزعلون ...؟؟! كذلك اللي مصبرني الضغوطات الممارسة عليه من ادارة المستشفى .. بسبب السنوات اللي توقف خلالهن عن مزاولة عمله .... ما بين تعب وارهاق من الدوام يرجع المساء للبحوث..وللكتب... وأحياناً إذا ما له خاطر يطلع ..المسكين يضطر لطبخ العشاء لي وله....! تجولت في غرفتي كطقس من الطقوس اليوميه ..بدون أي هدف...! طلعت من الغرفة مروراً بالصاله .... لكن لما لمحني باسل صرخ من مكانه : ( ياااربي ....ما كملتي خمس دقايق من رحتي....)! اوووف ويش هالمزاج النحس اللي صايبه ...! رديت بقهر : ( تطمن ما جايه اجلس هنيه .....رايحه المطبخ اطبخ..!) قال بضحكة قهر : ( والله اللي يسمع كلمة اطبخ يصدق ....وآخرتها نصفى على شاهي وقهوه وحلويات جاهزه ..!) رديت عليه : ( عادي انا دوري المغرب اسوي شاهي وقهوه ..وانت دورك تسوي العشاء) قال بقهر : ( دوري ودورك...! عزالله فلحنا.....روحي روحي سوي اللي تبا تسويه وخليني اركز في شغلي) صديت عنه بقهر ...انا ما كلمته من الأساس ..كنت مارّه بدربي..لكن هو اللي تسبب فيني وعصب نفسه من لاشيء، ومن بعدها طردني ..!!!!! مزاج باسل صاير لا يطااااق......! سألته وانا احط صينية القهوة على سطح الطاولة : ( الليله بنطلع ...؟؟؟) قال وهو يترك اللاب توب من يده : ( لا...مشغول ..وتعبان ما اقدر اسوق في زحمة الصيف وفي هالحر ..) قلت له بتذكر وانا امد له فنجان القهوة : ( طيب .. في كثير من اغراض المطبخ مخلصه ...وانت قايل بنروح اليوم السوبرماركت..!) قال بتذكر : ( اوووه صحيح ...خلاص لما بروح اصلي بمر السوبرماركت ..) لا يمكن تفوتني فرصة الطلعه ...انا احسب واعد على هذي الفرصة وبالأخير تفلت مني ...! لا وألف لا .. قلت برفض : ( أنا بروح معك...بس خلاااص مليت من هالخنقة ...من لما جينا مسقط ما طلعت ..؟؟) رد بلامبالاه أعرف أنها تعني لا ولكن بطريقة غير مباشره : ( يصير خير...) مافي إلا حل واحد، سحبت العباية وحقيبتي وحطيتهن فالصاله عشان قبل لا يروح يصلي ، يشوفهن قدام عيونه واكسر خاطره ...ويقتنع بذهابي معه ...! شفته يحرك رأسه بعدم رضا...ومن بعدها ابتسم ابتسامه خفيفه... رفرف لها قلبي...واخيراً ، ما بغينا نشوفها ........! بالسوبرماركت همست له : ( نبا على العشاء باستا بالدجاج مع الفطر...) قال بهدوء : ( انزين اخذي مكوناتها ....) مكوناتها...! وانا ويش عرفني بمكوناتها...!!! جاوبته بتردد : ( ما اذكرهن ...بس بشوف من النت ) قال بأمر : ( لا تطلعي جوالك قدام العالم ..ما احب هالحركات ) بديت اتذكر مذاقها ، و قلت بتذكر : ( اكيد باستا اول شي ، ودجاج ومشروم واكيد جبن..وحاجه بيضاء مدري اما كريمه ولا صلصه جاهزه ولا ويش بالضبط...ومدري اذا شي ناقص بعد...) قال بقهر : ( وهذي من بيطبخها ان شاء الله ...؟؟؟؟ ..) ثم اردف : ( اخذي مقاديرك وخلصينا ...وسويها بروحك لما بنوصل البيت ...اما انا بآخذ لي أحلى مندي من المطعم ) قلت باستنكار : ( مندي...! واحنا ويش متغدين العصر ؟؟!!! ...) ... قربنا ننتهي من تسوقنا لشراء حاجيات البيت ...من مؤونه للفطور والعشاء ...اما الغداء في الغالب يجيبه باسل وهو جاي من الدوام .. وقف باسل جنب الثلاجات يختار المشروبات وانا ابعد عنه بخطوات قليله واقفه جنب عربة التسوق .... ( دكتور باسل....ههه...ويش الحظ الحلو اللي خلانا نلتقي فيك ....) سرت القشعريرة بكامل جسمي...وأنا اسمع الصوت الأنثوي الناعم يرحب ويضحك وما باقي الا يتغزل بالدكتـــــــور باســـــل...! تجمدت في مكاني اراقب العرض اللي يقدمنه البنتين اللي قدامي...! باسل التفت لهم باستغراب في وجهه لكنه ما نطق... قالت الثانية اللي جنبها بنفس نوعية الصوت : ( آآه أكيد ما عرفتنا ...أنا حنان ...وهذي كلثم ..ممرضات ....ومعك في نفس القسم دكتور...) ثم اختمت حديثها بضحكه ..... لو افكر لمليون سنة ما راح احصل لها سبب...!!!! وتوالت أحاديثهن الغزليه: ( ماشاء الله عليك دكتور باسل باين عليك انك مجتهد ومخلص في عملك من اول حضورك ...) ولعبت صاحبتها بالكلمات حتى تصنع جمله بنفس المعنى ..... وانا واقفه اتابع بصمت خارجي...وايدي ماسكه العربه بكل قهر... اما دااخلي فهو اعصار من نار ......وكلي رغبة بتفتيت هالمخلوقتين اللي قدامي...! نفسي افهم ويش الفايدة من الشيلات اللي يلبسنهن ...؟ اذا كانت مقدمة الشعر والخصل الأماميه كلها ظاهره.... اما ما تبقى من الشيلة فهو معرض للإنزلاق بين الثانيه والأخرى لأنه موضوع بآخر الرأس..!!!! أما الوجه.....فحدث ولا حرج من الماكياج ...وعطورهن جريييمه ...!! ( ساكن هنيه دكتور ...بالخوير...؟) لااااا ....وصلت فيهن يسألن عن مكان سكنه ...؟؟ ويش هالوقاحه ....؟؟؟ ويش هالجراءة هذي ...؟؟ الأمور وصلت لحد لا يمكن السكوت عنه .....!!! قلت من بين اسناني وانا بمكاني : ( ان شاء الله ساكن بجزر الواق واق انتي وهي ويش لكن فيه ......؟؟ هااه ما تخبرني عن هالعروض الرخيصه التافهه ويش المغزى منها ....) قالت وحده منهن بانفعال : ( وانتي من .......وويش لك من دخل ...؟؟) قلت لها وانا اقترب ..: ( انا زوجة الدكتور باسل....لكن انتي وهي من...؟ وبأي صفه تتمادن بالكلام مع رجل غريب عنكن) قالت صديقتها بدفاع : ( عادي احنا ما تمادينا ...لأنه تجمعنا بالدكتور باسل زمالة عمل ..فجينا نسلم بما اننا زملاء واصدقاء ) رديت عليها باستهزاء : ( اووووه ويش هالتطورات اول مره اعرف انه الصداقات الافلاطونيه صارت تطبق معنا اسمحيلي ما كنت اعرف هالشي من قبل.....!!! ) هنا استيقظ باسل من سباته...وقبل لا يشتد الموضوع اكثر .. قال وايده على ذراعي..... : ( هيا عليا .........خلينا نمشي....) من طلعنا من السوبرماركت الى ان وصلنا للسياره وانا في حالة جهاد مع أعصابي مع كل دقيقه تمر احاول أكتم غضبي ، وأهدي أعصابي .. .. .. ولكن من دون فــائده...! الغيرة أتلفت أعصابي ، وبكل دقيقه تجي يصبح حالي أسوء من سابقتها... بالأخير الغيرة افلتت لساني وقلت : ( باسل ....ليش ما تعزم حنان وكلثم..مسكينات ودهن بصداقه افلاطونيه ..! وعاد شكلهن حصلنك انت الشخص الوحيد اللي عاطنهن وجه في المستشفى .. عشان كذا ما صدقن يشوفنك بالسوبرماركت .....) لا رد....!! اردفت بقهر : ( بصراحه مع هذاك الماكياج وهذيك الخصل المصبوغه ....... شكلهن شي....) لا رد.....!! اضفت بضحكه قهر : ( عاد ما يحتاج اقولك ...انت من صدمتك فقدت القدره على النطق...اسحرنك بالأصوات الناعمه والكلام الحلو ...) لا رد....! صمته صار يجلب المرض لروحي....! وجهت له سؤال : ( وانت صدق ما تعرف اسمائهن وما تذكرهن...؟ ولا اصطناع يعني انك مسوي نفسك ثقيل) لا رد....!!!!!!!! بكل قهر ضربت بقبضة يدي بقوة في مقعد السيارة ... قلت له بغضب : ( أنا أسألك ليش ما تجاوب ...؟؟؟) قال ببرود : ( ششششش مابا اسمع ولا كلمه !) حارمني من أي كلمة تطمئن روحي... ...! بس خلاص يا باسل ...كاافي زعل ...ما اقدر اتحمل اكثر من كذا.... رأسي بدا يثقل .....و صوت الطنين المزعج يعلى بأذني ....انفاسي بدت تتقارب والرجفه تنشط مع كل لحظه..... هديت نفسي...وحاولت آخذ نفس عميق... مابا أحداث الليله المشؤومه اللي طلبت فيها الطلاق تتكرر.... انخفاض بضغط الدم....اسقطني بين يدين باسل كالميته .... عجز عن ايقاظي...واسرع بي الى المستشفى ....قبل لا يفتك بي انخفاض الضغط.. ومع العلاج و المحلول المغذي رجع لي الوعي بشكل تدريجي..... ما زلت اذكر غضب الطبيب المناوب ..وجداله مع باسل ....وارجاعه سبب انخفاض ضغط دمي للظروف النفسية السيئة ..وفي الحقيقه هو ما كذب... ... وصلنا البيت ...فكيت غشوتي ...وحررت الشيله ...وبديت آخذ انفاس عميقه مهدئه .... مابا اسقط ...ولا ابا اروح للمستشفى...يالله تصبرني ..... اخذت حقيبتي...ورجعت حملت كيسين بيدي..وباسل احضر الباقي وراي... وقفت بالقرب من طاولة المطبخ...حاولت ارفع الأكياس واحطهم فوقها. ..لكن ايديني ما طاوعوني بالارتفاع ... شهيق عميق....ثم زفير بواسطه الانف وراح اعدي.... صوت ارتطام الأكياس بالأرضيه.......كان راح يلحقه صوت سقوطي... لو ما حمتني ايدين باسل من السقوط على الأرض بسبب تخاذل رجليني... بعدته عني لأني ما ازال بوعيي وان كانوا رجليني ضعاف.... قلت له : ( بعـــد عني ....ابا أجلس .....) ما رد ..ولا ابتعد ....ايده ارتفعت لوجهي ..ونظره تركز على عيوني .. حتى يتأكد من زوغان عيوني المصاحب للإغماء لكني بعدت وجهي بأكمله عن قبضته.. لما شاف عنادي ...ثنى ايديه حول جسمي و رفعني ... قلت له بضعف وتنفس مضطرب : ( باسل لا تضايقني...اتركني... ..) قال بهدوء : ( اهدي اهدي ......ما عليك باس......) مددني على الكنب...وجمع المخدات تحت رجليني....وراح... وين راح وتركني ....ناديته بجزع ......... بس ما رد بعد لحظات حسيت بمنشفه رطبه تستقر اعلى جبيني ... ( انا هنيه ...ما رحت بعيد...اهدي واخذي نفس عميق...وحاولي تسترخي..) قلت باضطراب : ( مافيني شي....) قال وهو ياخذ معصم يدي في يده ويتأكد من النبض: ( اذا لسانك يبا يكذب...عيونك ونبض وحواسك كلهن صادقات..) رديت بارتجاف : ( لا توديني المستشفى مابا اروح...ابر المحلول المغذي لما الحين مشوهات يدي..) رجع ايده لوجهي وتأكد من عيوني ...وبعدها مدد كفه على وجهي..وقال : ( لا تضايقي نفسك عشان شي ما يسوى يا عليا... ضغط الدم مو زين يكون مختل وانتي بعدك صغيره ...اذا ما تحكمتي فيه من ذلحين راح يصير ملازم لك طول العمر ) قلت بإتهام وشفاه مرتجفه : ( كله منك انت......) قال بعد ما اخذ نفس عميق : ( بويش ضايقتك انا ...الممرضات اللي بالسوبرماركت اول مره اشوفهن، وان كانن يشتغلن بنفس القسم اللي انا فيه ..فهذا ما يعني شي، وكلامهن التافه حول الصداقه ما يعنيلي شي..وبروحك شفتيني ما رديت عليهن...) غمضت عيوني للحظات...وبعدها من دون تفكير سألته بشكل مفاجئ : ( باسل انت كرهتني....ما قدرت تسامحني على اللي قلته ...لحد اليوم بعدك متضايق مني ...انا مو قادره اتحمل هالحال ...تعبت من الضيق اللي ملازمك ... ) نهض من جنبي وقال بجديه : ( الأسبوع الماضي تضمّن أحداث وجدالات وقرارات كثيره يا عليا ، وهذي كلها لا بد تترك أثرها على أي شخص بموقعي.....) ثم أردف : ( صحيح اني متضايق من كلامك ، لكن هذا ما يعني الكلمه القاسيه اللي استخدمتيها بحديثك .. تطمني يا عليا عمر الكراهيه ما كانت الكلمه الصحيحه اللي توصف اللي احمله لك...العكس تماماً....) انهى حديثه ..واتجه للمطبخ.... مثل من يفكر بحل لغز ..كذا كانت حواسي في حالة استيقاظ .. ما بين تذكر كلمات باسل في البدايه .......ومن ثم تنتقل الى مرحلة تحليلها... ومن بعدها تحط الرحال لتستقر بين حنايا القلب...! عكس الكراهيه لا يمكن ان يكون الا المحبه......اسعدت قلبي حتى ولو بكلمات بسيطه.. لأن أفعالك دائماً تثبت الكثير....لكن لا مفر من النطق يا باسل....لأن لقلوب النساء ابصار واسماع ما تكل و لا تهـــدأ إلا عند اسناد القول بالفعل والفعل بالقول.. .. .. ! شكرت باسل بعد ما اخذت منه وعاء الشوربه اللي تحوي كمية مضاعفة من الملح لتعيد التوازن لضغط دمي.... قال وهو يجلس : ( اوووف نسينا كتب الطبخ ...كنت ناوي آخذهن قبل لا ننتهي من تسوقنا ) سألت وانا اعرف الجواب : ( لمن تاخذهن ...؟؟) رد بجديه : ( وهذا سؤال ..؟؟ لك انتي اكيد...لا يكون تبيني انا اللي اخدمك...صدق الحريم ماحد يعطيهن وجه..!) قلت باستياء : ( لا مو كذا ...لكن قدّم على عامله ..لأني ما اعرف اطبخ ..!) قال : ( وين تجلس الشغاله..الطابق اللي فوق حق ابويه ...ومستحيل اجيبها بقسمنا تضايقنا بوجودها ...) ثم اردف : ( اما انتي مصيرك راح تتعلمي الطبخ ...والكتب ما تقصر ...اما من تحملي .. يصير خير بعدها ) لدرء التوتر والحرج قلت : ( باسل تقدر باكر الصباح توديني السيب...؟؟) رد باستغراب : ( السيب..؟؟؟؟ ويش يوديك للسيب...؟؟؟) رديت بهدوء : ( مفكره آخذ عامله بالأجره من مكتب ..هنيه موجود رقمهم بالجريده...واخليها تساعدني في تنظيف الشقه ..ومن بعدها احصر الأشياء المهمه ..واتخلص من الباقي...) واضفت بحزن : ( حال الشقه كان مأسآوي .....) سكت لفتره طويله ....وسلط نظراته لوجهي.... ثم قال باستفسار متردد : ( من بعد وفاتهم ...ما قد احد دخلها ...ظلت لسنين مهجورة صحيح ...لحد هذيك الليله اللي امسيتي فيها..؟؟) رديت بإختصار : ( صحيح....) قال بهدوء : ( هروب من الأحزان...؟؟؟) حطيت وعاء الشوربه في الطاوله وقلت بنرفزه : ( ويش لزوم هالكلام ذلحين ...) قال بإصرار : ( تذكريهم ...ولا نسيتيهم ....؟؟) قلت بصرخه : ( باسل خلاص...) رفعت ايديني لأذني وقلت باتهام : (اصلاً انت ما ترتاح الا لما تشوف دموعي ....) واضفت بوجع وانا ابعد يده الممتده لي: ( بروحي تعبانه ...وانت تزيدني ..) سحب جسدي بأكمله له..وارخى رأسي على صدره.... وكفه تتحرك بلطف على ظهري وقال : ( لا ..انا ما ارتاح لما أشوف دموعك..لكن الهروب من الواقع، والهروب من الذكريات،وهروبك من المواجهه خطأ.. وهذي الصفه ما احب انها تكون فيك يا عليا... لازم تتعلمي الاعتدال لا التسرع ولا الهروب راح يزرع بداخلك الراحه النفسيه ...) مشاعري ما اختارتك عبث يا باسل .. .. قلبي ما خانّي لما ضمّك بين حناياه... وصلني صوته المتذمر : ( وضاع علي المندي......كله بسبب حنان وكلثم ..!) وانا ضاعت علي الباستا .. ما عاد لي خاطر فيها لحظه...لحظه ... باسل قال حنان وكلثم ..طارت عيوني ....!! نهضت بعنف من بين ذراعيه وقلت له من بين أسناني : ( وحافظ أسمائهن بــــعد ...) ما رد سوى بضحكه تردد دويها بأركان الصاله ..... .... لليوم الثالث على التوالي نتوجه من الخوير إلى السيب ، ونقطع المسافه الطويله والمرهقه بين المنطقتين.... في رحلة ذهاب واياب يوميه ..... فتح باسل باب الشقة ودخل .. ومن بعده دخلت انا والعامله اللي تساعدني في تنظيف الشقه ...وفرز محتوياتها ...من أشياء تذكاريه رؤية البعض منها جلب ذكريات حلوه لقلبي. ... تأكد باسل مثل كل يوم من كل جزء بالشقه حتى دورات المياه ..خوفاً من انه احد يكون بالمكان...! وقبل لا يطلع اعطاني جمله من التوصيات اليوميه .... جوالك خليه جنبك...لا تجهدي نفسك فوق طاقتك... اذا حسيتي بأي تعب اتصلي فيني مباشره ... انتبهي للعامله ولا تثقي فيها واجد...ولا تفتحي الباب لأحد.. واخيراً طلع مثل كل يوم ...وملامح عدم الارتياح على محياه وان كان كاتمها.. كنت بغرفتي القديمه ...منهمكه في جمع بقايا من أشيائي وذكرياتي لما كنت طفله .... وفجأه أيقظتني صوت طرقات باب الشقه... رجعت لساعتي اتأكد من الوقت باستغراب .... الساعه ما جات ثنتين ...وباسل بالعاده يتأخر ما يوصل بهالوقت.... لما سمعت صوت فتح الباب رميت اللي بيدي ...ونهضت بفزع .....طلعت من الغرفه باتجاه الصاله وكلي غضب من هالمساعده اللي معي .. سبق ونبهتها وباسل بعد بأنها مو مخوله تفتح الباب لأي احد... باسل قبل لا يوصل يتصل وانا بنفسي افتح له الباب.... وقفت بمنتصف الصاله بتجمد لما شفت مهند واقف قدام الباب.... الرعب افقدني أي قدره على النطق والحركه ...حتى تنفسي وقف.. ( مين انته .....روح ...آووت ) بعد ما فتحتي له الباب صار روح آوت .... ( عليا وين رحتي وتركتيني ....) قالها مهند بصوت ضعيف صوته..شكله ...اضطرابه...عوامل غير مطمئنه...زادت الرعب في قلبي... حالة مهند العقليه بالسابق كانت متأرجحه.....لكنها اليوم مو مستقره ابداً بحسب هيئته العامه.... قضت العامله على بقايا الاطمئنان من قلبي لما وجهت حديثها لي : ( مدام اتصل في زوج مال انته ...هذا نفر حرامي ....) انتفض مهند من جملتها وقال بعنف : ( مو تقول هذي ...مو قصدها بزوجش ...) ثم اردف بحده : ( عليا انتي تزوجتي شخص غيري) وقتها عرفت أن الجنون اللي ما قد اظهره مهند قدامي في السابق ... راح يظهر اليوم بأكمله .... ................... |
الساعة الآن 04:18 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية