الجزء العشرون : * * * في محطاتنا الأخيرة يصبح الانتظار أخطر لأن الوقت حينها يداهمنا على عجل .. * * لممته لصدري كا طفل تائه بلله المطر و هربت به من كل عدو بنا يترصد .. يأن و قلبي يردد أناته .. متسائلا هل هو مريض أم أستشعر الخطر قبل أن أعرف به ؟ .. إذا لهذا كان يطلب وداد .. أكان يرسل لي الإشارات ؟.. أكان يريد مني أن أنتبه من المترصدين لي في الخفاء ؟! .. أعتقد أنني أفهمه من دون حتى أن ينطق .. ما الذي حصل ؟ .. هل يعقل أنني سخرت كل تفكيري في مسألة رجوعي لفينوس حتى فقدت بصيرتي ؟!! أي كانت الإجابة .. فأنا تعبت .. نعم تعبت من الهروب و من هذا الإحساس الذي يجعل شراييني تمتلئ با الخوف.. و الأفكار بشتى اتجاهاتها تعصف برأسي حتى يكاد الصداع يفككه ليسقط أمامي .. و ها أنا مرة أخرى أهرب بعلي .. فا كشف حقيقة تواجده ستكشف الكثير من الأمور التي ستنهي حياتي كا شخص حر ! .. يااا كم تحمل هذه الجملة من سخرية .. أخي حي معناه موتي و موته معناه استمراري حيا .. و كم أنا خائف عليه من نفسي ! .. أعطيته الكثير من المخدر و هو مريض و الآن لا يبدوا لي أنه بخير .. لكن ما بيدي حيله .. علي أن أرتب الأمور قبل أن تطلع شمس يوم الغد .. و على الرغم من قصر الوقت إلا أنني متأكد أنني لم أفقد قدرتي على قطعه .. و أنا واثق أن كل شيء سيصبح كما أريد .. كل ما علي فعله هو البدء .. * * * شملان يفتح باب شقته ليفاجأ با خالد أمامه : خير بغيت شي ؟ خالد بعينين متلصصتان : طالع ؟ شملان بنبرة أصطنع فيها الكثير من ألا مبالاة : أي طالع للمخفر واحد من موكليني ماسكينه .. خالد يرفع حاجبه متعجبا : و بتخلي ضيفك بروحه ؟ شملان بدهشة ظاهرة : ضيفي ؟!! خالد : أي ضيفك اللي توك جاي معاه .. توني شايفكم من البلكونه .. شملان يرسم ابتسامة ترافقها أحد كذباته التي يتقن صناعتها بمهارة : شكلك كبرت يا أبو نسب و ما صرت تشوف با الظلمة .. هذا عامل جبته يشوف شنو مشكلة التكييف .. ما تشوفني غرقان بعرقي .. خالد بسخرية واضحة : أوف عامل التكييف .. الظاهر فعلا ما عدت أميز .. زين وينه العامل ما له حس .. شملان يطلق ضحكه متحكمه لينطلق بنبرة تقريع : شكلك أدور التعب يا أبو نسب .. أجل أخذ مفتاح الشقه و انطر العامل بيجي ومعاه عامل ثاني ياخذ مكيف الصاله .. منها تأكد من كلامي و منها تختصر علي التعب و الوقت .. أنا تأخرت على موكلي .. عن إذنك .. * * أرجعت مفتاح شقته له قبل أن يغادر من دون أن أنطق أي حرف زائد .. اكتفيت بنظرة تشكيك و احتقار حتى يعرف أنني لم اصدق أن الذي أتى به تحت جنح الليل و من الباب الخلفي مترنحا يسنده مجرد عامل .. لكن لن أترك الأمر يقف عند هذا الحد .. سأنتهز الفرصة .. أليس منتهزوها هم الأكثر سعادة ! .. و هذه فرصة تخرجني ببسالة من هذا السجن. * * شملني بأكثر من نظره بدئها بشك لينتهي با الاستحقار .. و كم وددت أن أحطم رأسه و اقتلع عينيه من محجرهما .. فليس على هذا الشكل يرد الإحسان .. ألم يستوعب أنني قدمت له فرصة أخرى .. أخرجته من مأزق و أعدت له حبيبته و وفرت له بيت يجمعه معها بعيدا عن تدخلات الكل ... ألا يعرف كم هو محظوظ و كم هو كبير جميلي عليه ؟!! .. على كل حال ليس الكل يحب كما أحبها ! .. و كم أتمنى أن تؤمن فينوس بهذه الحقيقة و تهدم الأسباب التي خلقتها بيدي حتى لا تضعف و تعود إلي .. فا أنا كنت مدرك حينها أني في يوم سأضعف و أتخلى عن ضميري.. سأطلب عودتها لي و أختلق كل كذبه مهما كانت لئيمة حتى أحظى بها من جديد.. لذا حينها فكرت بشيء واحد قبل أن يموت قلبي العاشق و أنسى معنى التضحية .. يجب أن يكون نبذي لها جارح أمام الكل حتى تأبى كرامتها أن تستلم لي .. و حتى تنساني من دون أن تلتفت و تحلم با العودة من جديد !.. ............................................................ ..... * * * عدنا من جديد لنقطة الصفر و خيمتنا البالية أصبحت من دون أعمدة لكن هذه المرة أرفض أن يشار إلي بأصابع الاتهام فا هو من قطع كل وسيلة لتواصل فا منذ أن ثار و استرجع هديته ركب موجة التجاهل و أبى أن ينزل عنها على الرغم من محاولاتي الحثيثة لتفاهم .. نعم الحثيثة .. فقد اعتذرت مرة و مرتان و حتى نسيت العد .. و وصلت لمرحلة اليأس و رميت نفسي بصدره أرجو عفوه لكن أضاف على تاريخه و خذلني من جديد و أنا من كنت ألوذ بوجهه كلما أرعبتني كرامتي الثائرة .. كنت استمد قوتي من محاولاته المتكررة للم الشمل و أنبه نفسي لمدى احتياجي له حتى أن أبيت الاستسلام لمثل هذه الحقيقة .. لكن أرفض أن يأخذ مكاني و يغير عنواني و يشملني بقهره فليس أكثر جلبا لدموع من تصفية الحساب مع ضحية توجت مجرمة من جاني .. * * ماذا أفعل بها تلك الأنثى التي تأبى الاستسلام حتى أرقمها عليه بتسليط كل ما املك من أسلحة في وجهها الذي يهزم عزمي .. و ما أنا إلا رجل أحمق أعتقد أن الخطأ يبدد بحجر .. لذا رميت بكل قوتي حجرا و راء حجر لعل واحد منها سيصيب رأسها العنيد لتفيق من غيبوبة الحزن التي أرغمت نفسها على دخول بها .. * * * وضوح مختنقة بعبراتها : تكلم .. رد لي الصوت .. لا ترد و تقسى ترى قلبي سامحك مره يعني ما يقدر قلبك يسامحني هذي المرة ؟ * * أكره الوقوف خلف ستار الصمت و هي تستجدي مني الصفح و با الأخص أني من قبل كنت في مثل موقفها .. * * ساري : المشكلة مو في قلبي لأن قلبي على كثر خطاج ما يزعل .. المشكلة في كرامتي .. وضوح اقتربت بسرعة لتحيطه قبل أن يعيد إنزال سدوده : مستعدة أعتذر لك قدام الكل .. * * ليس هذا ما خططت له .. كنت اريد أن أغيظه و استعمل غضبه ضده .. كنت أريد أن أعذبه و اجعله يندم و أفكر أنا كيف سوف أصفح عنه .. لكن أصبحت ضعيفة با التحكم في ردود أفعالي فا مجرد أن نطق حتى تبعت مصدر الصوت لأشكره ! * * ساري : تلبسين القلادة اللي جبتها لج و ما تنزلينها من رقبتج ابد ؟ وضوح بحماس : يله عطنياها و بلبسها اللحين .. ساري : أي بس في مشكله .. أنا أهديتها .. وضوح بصدمة بانت على ملاحها : أهديتها ؟ّّّ!! .. لمنو ؟!! ساري يتأملها : تثقين فيني ؟ وضوح بتردد : أي .. ساري : أجل أهديتها و خلصنا و أبشري با العوض .. وضوح بدى عليها الوجع : جعل راسك سالم .. بس أنا ما أبي إلا سلامتك .. ساري يقبل كفها : ها المره عاد بتعلم من خطأي و باخذج تختارين هديتج .. وضوح : بس أنا تعلمت من خطأي قبلك و الهدية منك بمعناها مو في شكلها أو قيمتها ..أختار لي على ذوقك .. ساري : لا يا بنت الحلال ما ترضين ان راعين الذهب يقصون علي .. تراني قعدت يومين عشان أشتري القلادة لج .. وصار لي موقف لا احسد عليه .. * * عاد من جديد .. و كأنه صديق لتو عاد من سفر مشتاق لأعز أصدقائه و يريد أن يخبره بكل ما حدث له هناك في بلاد الخواجات ! .. و الآن قدرت هديته .. فا مواقفه التي سردها مضحكه و مبكيه لكنها دلت على مدى تفانيه في اختيارها لي .. أم هذه خطته .. أن يجعلني أغرق في ذنبي حتى أعتذر كما يريد ؟ * * بسرعة أفقدها.. فا في لحظة تكون معي بكل حواسها و في الثانية التي بعدها تفقد اهتمامها ! .. و يمكن لي أن أتخيل ما تفكر به في هذه اللحظة .. لابد أنها تحاول أن تنفي كل ما قلته و تبحث عن أجندة خفيه لكل ما أفعل و أقول .. فا يبدوا أنها دوما ترى في حبي لها شيء من الخلل و لا تريد أن تستوعب أن قلبي أرض بكر لم تطأها إلا هي .. * * اختفى صوته لكن في وجهي وجدت عِباراته .. كتب و قرأت و قرأ وأعدت أنا الكتابة حتى قطع ذاك الكريه انسجامنا ! * * وضوح : ليش يبيك بها الحزة ؟!! ساري بقلق : مدري عنه .. تسمعيني أحلفه إذا هند فيها شي و هو يقول لا .. و أقول له اجل و شتبي فيني بها الوقت يقول موضوع ما يتأجل لبكره .. وضوح بفزع : أخاف شملان فيه شي .. ساري يسارع لطمأنتها : لا يا بنت الحلال لا يروح بالج بعيد .. * * لن أرضى بطمأنته .. أريد أن أحدث أخي الآن و اطمأن عليه بنفسي .. و هذا ما سارعت لفعله .. * * من دون تفكير مني استقبلت المكالمة أول ما لمحت أسمها .. فا وضوح لا تتصل إلا لأمر مهم .. * * وضوح : الحمد الله أنك بخير .. الخبل خالد زوج هند هاجدنا بها الليل يبي يكلم ساري و يقول الموضوع ما يخص هند .. خفت احسب فيك شي .. شملان بخوف حاول مداراته : و ساري راح له ؟ وضوح : لا هذا هو معاي يبي يتطمن عليك .. شملان على عجالة : عطينياه .. * * * إذا لم يقتنع خالد بكلامي و أراد أن يصنع فضيحة في منتصف الليل و لكن إلى الآن الحظ بصفي .. و كم أتمنى أن لا يخذلني في النهاية ... * * ساري باستهزاء : و هذي كل السالفة ؟! شملان : واضح أن نسيبك يدور حجه عشان يتهرب من وعده .. و أنا أعتقد ما قصرت بس إذا وصلت لحد هني قوله بيتي يتعذره و ما يشوف شر هو و مرته .. ساري بتفهم : أنت رايتك بيضة و ما قصرت بس ها النسيب صار علينا عقوبة .. بس ما عليه أنا أوريك فيه .. شملان : يا بن الحلال فكنا من شره و قل له مرخوص .. ساري : هذي النوعية من الناس ما ينفع فيهم الطيب . شملان : تكفى ساري لا تزيد الطين بله .. و هند قريب تولد ما له داعي توترها .. خله يلحق مشتاه و يطلع من البيت و يفكنا من شره * * * يقضي المساجين نصف مدتهم فقط عندما يحسنوا التصرف أما أنا أطلق سراحي في أول محاولة لتمرد .. من كان يظن أن هذه الليلة الكئيبة كانت ستنتهي بإطلاق سراحي .. * * طبعا لا يمكن له أن يلاحظ .. أمامه أبكي و الدمع يلهب عيني و هو في قمة التفاني يلملم حاجياته يريد أن يعود لهم و لم يلتفت و يرى كيف سيكون حالي .. سأأسر من جديد في مملكة سأكون أنا في بلاطها مجرد تابعة .. سأكون جارية أخدم الكبير و الصغير في ذاك البيت الذي تأبى صاحبته أن تستقدم له من يمكن أن يساعدها في أعماله .. ستتقيد حركتي و كل سلوكياتي في محيطٍ يحتله الذكور .. * * خالد أخيرا ألتفت لهند : بسج بجي يا بنت الحلال ذبحتي نفسج .. واحد و طردنا من بيته .. شتبينا نسوي يعني .. هند بصوت مبحوح : يعني أنطردنا منيه و الطريق .. خالد بعتب : يعني تبيني أشوف و اسكت ؟!! هند : و أنت و ش شفت ؟!! خالد : يوووه عاد ما راح نخلص .. هند : يا بن الحلال حنا قاعدين في أمان الله محد ضرنا بشي و فجأة تبينا نغير حياتنا كلها .. خالد : أنا غيرت حياتي على شانج .. و نسيت أن اللي يطلع من بيته يقل مقداره .. هند : بس .. خالد يقاطعها : ما أبي أسمع إلا أنج معاي للآخر .. يله تعوذي من الشيطان و نامي و لأصبحنا بساعدج تلمين اغراضج .. * * * هناك أكثر من بضع حاجيات عليك لملمتها .. و منها على وجه الخصوص مشاعري اتجاهك .. فيك من الخصل السيئة الكثير و الكثير منها تطفوا على السطح من دون أي تمهيد .. و أنا دوما على أهبة الاستعداد معك لا أعرف أي طريق سوف تسلك و أي طريق سيسعنا أنا و أنت ! ........................................................... لا يمكن أن يتسع لأكثر من عائلة أفرداها اثنان .. المكان جدا صغير و ضيق و به شيء من الكآبة .. و على الرغم من الفقر الذي ينبض بكل زاوية منه إلا أن صاحبته تفانت في تزيينه .. يبدوا أن لديها حس فني فريد لا يلاءم هيئتها البسيطة ! أيعقل أن هذا من صنع يدها ؟! .. هل هذه هوايتها ؟ .. تجميع الأشياء التي تنطق بالتناقض لتجبرها على التمازج منتجة عمل فني ممهور بتوقيعها .. لابد أن لها فلسفه خاصة .. فا كيف تصنع كل هذا الجمال من هكذا تعقيد ؟! * * * ما إن أشرقت الشمس حتى كنا في منزلي الصغير الذي بدا جدا مختلفا هذا الصباح .. كأنه يسخر مني في السر ! أو يودعني لوجهتي الغير معلومة ؟! لكن على الأكيد أن من هنا سوف أنطلق للحرية ! .. * * * سالم بتذمر : بعد نريقهم ؟!! وداد بهمس : قصر حسك مو من كبر البيت .. و عيب يا ولد ..هذولي ضيوفنا .. سالم : أنا مو ولد .. أنا رجال و ولي أمرج .. وداد تهاوده في الحديث : زين يا رجال البيت خلصنا قبل ما تجي أم زينب وتوديني لعلي .. روح للخباز قبل ما يصير زحمة و أتأخر بريوق .. سالم : يا سلااااااام تبيني أخليج بروحج في البيت مع ها الشايب وولده ؟!! وداد بنبرة تقريع : و الله يا ولي أمري كنت في بيتهم أشتغل و ما شفت منهم إلا كل خير .. و إذا خايف علي خل الباب مشرع ما أظن احد بيدخل و هم في الحوش قاعدين .. سالم يقطب جبينه برفض : لا يعني لا .. في بيتهم حريم أما هني بيصير راسج و راسهم .. وداد بغضب : أنا مدري شلون تفكر ؟!! .. سالم : أفكر مثل خلق الله .. تبين تضيفينهم حطي لهم من اللي عندج وداد برجاء : سالم فشله خبزنا صارله يومين و يابس .. روح جيب لنا خبز حار .. لا تفشلنا .. سالم بحزم : لا يعني لا .. * * * لم أعرف إن كان علي أن أضحك أما أتوجس من سلوكه الجديد لكن من المؤكد أن أخي كبر و يشعر با المسؤولية اتجاهي .. و هذا مدعاة للفرح .. أليس هذا ما أحتاجه .. سند .. رجل أعتمد عليه في مجتمع شرقي يدين أي سلوك غير مفهوم من امرأة وحيدة ! * * * أبو عذبي : وين سرحت يا أصيل ؟ أصيل ينتبه : لا ما سرحت بس أطالع ها التحف الغريبة .. أبو عذبي يبتسم : الغريب أنك مستغرب .. أصيل يبتسم با المقابل لوالده : و وين الغرابة ؟!! أبو عذبي : هذا أول دليل أن علي حي و أن وداد أقرب شخص له .. أصيل بانزعاج حاول أن يخفيه : أقرب شخص له ؟!! .. ما فهمت . أبو عذبي : تذكر التحف اللي كان يصنعها علي و يهديها لك .. تراك تارس فيهم المخزن إذا ما تذكر .. أصيل ينفي ما يعرف : هذي أيام المتوسطة إذا حبسه عمي جمع كل شي يطيح في أيده و لصقه في بعض .. بس لما كبرنا نسى ها الهواية .. أصلا من أيام الجامعة و كل شي يهندسه عبقري .. بسيط في مكوناته و سهل في تصميمه بس يفك فيه عقد ! أبو عذبي يبتسم بحنان : يمكن معاها رد طفل .. اللي يحب يا أصيل يخلق من كل شي معقد شي جميل .. أنا اللحين متأكد أن علي حي و أن كل ها السنين كان سعيد لأن ربي ربطه في إنسانه حبته لذاته .. أصيل يشدد على النفي : و من قال أنها تحبه .. نسيت كلامها .. أبو عذبي : ما شفت في كلامها شي .. هي مشكلتها مع شملان .. شايفه أنه محاصر علاقتها مع علي .. علي لا يمكن يعيش معاها طبيعي و شملان حابسه .. أكيد هي ملت و تبي حل ينقذها و ينقذه يمكن اللحين فكرت أن لازم يكون عندها عيال منه و لازم تحل المسألة لو حتى بمساعدة ناس ما تعرفهم .. * * * اختنقت بعبره لم أعرف كيف أفسر تصاعدها .. هل اتضحت لي الرؤيا بعد أن عانيت با البحث عنها في ذاتي ما هي إلا حلم .. تلك المعشوقة التي ألبستها ألف وجه .. فأنا من صهرتها و ذوبتها بشراييني حتى أصبحت وقودا لنبض قلبي .. لكن أحاسيس المعطوبة دوما ظللتني .. فا كل أنثى جعلتها هدفا لمشاعري انقلبت ضدي و اتجهت لأقرب شخص لي .. أم هو ذنبي .. نعم ذنبي .. أنا من كنت أرمي مشاعري كا طعم و أمسك الصنارة من غير مبالاة منتظرا من دون أمل .. * * * لم يتناولوا شيئا .. يبدوا أن أبو عذبي جامل و أكل بعض الخبز لكن ذاك المغرور الذي على وجهه بدى التقزز من كل ما يحيطه لم يجامل .. نعم ليس من مستواه كل ما قدم له ! .. ليس مهم .. فا أم زينب قادمة و هم سيتبعوني و ننتهي هناك حيث علي و يتغير كل شيء كما آمل .. * * انتظرنا طويلا المدعوة أم زينب و لم تأتي .. و طالبنا حينها وداد با الاتصال بها لكنها ردت ببلاهة أنها لا تعرف لها رقما.. غير معقول و ثغرة أخرى في قصتها الغريبة ! .. * * لم يتوانى عن رسم علامات عدم التصديق على جبينه .. لكن لا يهم فا أبو عذبي ما زال يصدقني بل حثني على الإسراع معهم لحيث البيت الذي أحفظ طريقه كما أحفظ أسمي .. ترددت في البدء و با الأخص أن سالم تأخر على مدرسته و لا يريد الآن الذهاب و تركي أذهب معهم .. * * سالم أخذ وداد بعيدا عن ضيوفه : رجلي على رجلج .. ما أخليج تروحين معاهم بروحج .. وداد : زين مو عليك اليوم امتحان ؟ سالم بعناد : ماني رايح لا تحاولين .. * * و قبل أن أنطق برجائي له أن يذهب لمدرسته و أنا لا يخاف علي حتى سمعنا أبو عذبي مناديا له أن هناك من يسأل عنه ! و كم هو عجيب كيف تبدلت قناعاته من محادثه قصيرة مع هذا الصديق ! * * * سالم : شوفي أخذي معاج سكين و اقعدي ورى .. وداد تكتم ضحكتها : حاضر .. بس وش غير رايك .. سالم بإرتباك : آآآ .. هذي صديقي فلاح يقول أستاذنا متحلف في اللي يغيب عن الامتحان يقول حتى اللي يجيب عذر طبي ما راح يعيده له .. * * بطبع ليس هذا السبب و لدي الكثير من المواقف التي يمكن لي تذكرها لترتفع عندي نسبة الشك في سلوكياته الجديدة .. و كل مره أقنع نفسي أنه يمر بأول مراحل المراهقة و كل سلوكياته ستكون غريبة و علي أن أكون مرنة معه حتى ينتابني القلق كلما رأيت أحد من أصدقائه فكل منهم يبدوا بهيئة غريبة ! * * تحركنا و آثرت الصمت و تركت لأبي مهمة التحدث مع وداد التي كانت تصف الطريق بسهولة حتى وصلنا لأحد الجسور و ما إن رفعت عيني في المرآة متسائلا أي طريق أسلك حتى وجدتها في قمة حيرتها تردد أنها غير متأكدة ! .. * * كنت في قمة تركيزي و أن أصف الطريق الذي أحفظه عن ظهر قلب لكن ما إن وقعت عيني با المرآة التي عكست لي عيني ذاك الشرير حتى اختفت ملامح المدينة و لم اعد أرى الشوارع و جسورها فقدت تماما بصري و أصبح كل ما أمامي فراغ .. وعاد ضميري يعذبني و وددت لو ابكي حتى أتطهر ! * * لا أعرف ما علتها لكنها بكل تأكيد خلقت العلل لنا ... * * أصيل بغضب : الطريق هذا و إلا هذا ؟ وداد بخوف و تردد : أعتقد هذا .. أصيل : شنو يعني تعتقدين .. أنتِ عارفه الطريق أو لا ؟ ابو عذبي الذي لم يعجبه نبرة أبنه و أن عذره : ما عليه أن ما طلع هذا طريقنا نرد ثاني مره و ناخذ الطريق الثاني .. وداد بخجل : أن شاء الله أن هذا هو الطريق .. * * * وصلنا لوجهتنا حيث الحواري الضيقة و الأرصفة التي تأن تحت وطأة القاذورات .. كان كل شيء هنا ينطق باستحالة تواجد بشر.. و وقفنا في طريق مقطوع لا يمكن أن تقطع السيارة أكثر مما قطعت لذا ترجلنا و بدأنا با المشي و أكاد أجزم أن هذه آخر مره سألبس فيها هذا الحذاء فا من المستحيل أن يعيش بعد كل ما علق به من طين .. ما الذي دهاني أفكر بحذائي و مدى اتساخه بدل أن أعالج مشاعري و أجعلها تتحضر لما هو آتٍ .. كيف سيكون اللقاء .. و كيف ستكون ردة فعل علي .. هل سوف يعرفنا أم كل ذكرى لنا اندثرت في عقله الذي تفشى به المرض ؟! * * * إذا ها هنا خبأه .. حيث لا يمكن لأي بشر أن يعيش .. نعم هذه مقبرته و بها مات من دون أن يصلى عليه ! كيف أستطاع أن يترك أخيه في هذا المكان التعيس بينما هو نفسه من كان يأبى دخوله لمشفى المجانين ؟!! ما الذي كنت تفكر به يا شملان و أي خطأ ارتكبت .. و أي خطأ أنا صنعت ؟.. و الآن علي يتخبط من أسر السحر إلى قيود المكان على عقله المتعب .. لابد أنه هنا جن .. لابد أنه هنا فقد الاتصال مع إنسانيته .. لا أريد أن اصدق .. لا أريد .. نعم لابد أن هناك ما تبقى منه و هذه الأنثى منعته من المغادرة .. نعم هو هنا بلا شك .. * * * وداد تقف بعينين جاحظتين: وين البيت ؟!! أصيل بغضب يتأفف : أففف .. و اللحين بعد بتقولين أنج مضيعه البيت ؟! وداد : لا .. لا .. أنا متأكدة أن هذا هو البيت ... أبو عذبي : يا ابوج و شلون يكون هذا هو البيت و اللي قدامنا هدام ؟ * * أقسمت أمامهم أن هنا كنت أعيش لسنوات مع علي.. هنا كان المنزل قائما حتى الأمس .. لكن في عيني أبو عذبي رأيت التشكيك و في ملامح أصيل الشامتة رأيت المناداة بمعاقبتي ! و من يمكن أن يلومهم ؟.. فا الذي أمامهم لا يمكن أن يطلق عليه بيت .. هو مجرد بنيان متهالك أحتضن سقفه أرضيته بينما جدرانه تهاوت تحضن بعضها البعض في محاولة لتآزر ! * * * وداد مدافعة عن نفسها أمامهم : أكيد شملان عرف و أنحاش بعلي .. أصيل بسخرية ظاهره : و هدم البيت في نفس الوقت ؟!! .. هذا سوبرمان مو شملان .. وداد المضطربة تحاول التماسك : اللي موت أخوه و جذب على أهله ممكن يسوي كل شي . أصيل المنفعل : هذا إذا كان اللي تقولينه صحيح .. إذا كان فعلا علي حي و أنتِ زوجته مو مجرد وحده عرفت بقصته و تبي تنتفع من وراها .. أبو عذبي يقاطع شملان : وداد حنا ما راح نضرج و ما نبي منج شي .. روحي يا أبوج في حال سبيلج ولا عاد تعرضين لأحد فينا .. * * * تركوني ورائهم غاضبين بينما أنا هنا أقف وحيدة في مكان مهجور تملكني الحزن و الخوف و كم تمنيت لو كان سالم معي ليشهد معي و ليحميني .. * * ما إن وصلت السيارة حتى استوعبت أننا تركنا تلك الشريرة في هذا المكان المخيف وحيدة و هذا أيضا ما خطر في بال والدي الذي طلب مني أن أذهب لأتأكد أنها بخير و أن أعرض عليها إيصالها لحيث منزلها .. * * * وداد الجالسة بضعف با القرب من المنزل المتهالك تتأهب : أنا ما جذبت عليكم .. و عندكم أخوي سالم اسألوه .. أصيل يصرخ بها : بس .. بسج جذب.. إذا الموضوع عندج تربح مادي على حساب قضية تهمنا أو تصفية حساب مع شملان فا أنتِ ما حسبتيها صح .. و أكبر غلطة سويتيها أنج لعبتي معانا .. وداد المذعورة : أنااا .. أصيل يقاطعها : مروءتي تمنعني أني أخلي مرة بروحها في مكان مثل هذا و إلا ما رديت آخذج لأن هذا مكانج في الحقيقة .. يله أمشي أوصلج بيتج .. * * * لم أستطع النطق و تبعته بصمت و كل ما أفكر فيه أن شملان الآن يعد لي مصيبة و الآن أنا وحيدة و علي مواجهته من دون أسلحة و لا حتى تلك المذكرات التي لغبائي لم اقرأها .. المذكرات.. نعم مذكرات علي التي كانت بحوزة سالم .. لا .. لا أعتقد أن سالم أتلفها أعرفه يحب أن يحتفظ بأي شيء و با الأخص تلك التي يجد الكل ينافس على اقتناءها .. لكن و إن كانت مذكراته بحوزتي هل هذا دليل على وجوده .. يمكن أن أكون سارقة و هذه المذكرات مفقودة من مكتبة شملان .. و لا شيء يدينه و كل الأدلة تدينني أنا ! .. ............................................................ ..... * * * عادوا لديار يرتدون الهزيمة .. كل منهم مطأطأ رأسه ويأبى التحدث أبي الأكثر حزنا و في وجهه بانت علامات التعب و ما إن طلبت منه والدتي أن يذهب معها ليرتاح حتى سلم نفسه طواعية و من دون أي نقاش على غير عادته .. فا هو أبدا لم يستريح يوما و هي بقربه و لم يلجأ لها و لا للحظة في قمة حاجته و ضعفه ! أما أصيل فا حزنه و ضيقه أختلط مع غضبه و ما إن ذهب والدي حتى جلس أمامي و هو يتوعد و يهدد بفناء وداد ! * * فينوس : و ليش بتخلق جذبه بها الحجم .. ها الكلام ما يدش العقل .. أصيل بإنفعال : بس يدش العقل أن علي حي و شملان خاشه عن الكل ؟!! فينوس بتشتت واضح على ملامحها : مدري .. مدري شلون لازم أفكر .. معقول تجذب .. يا ربي قويه الجذبه .. يعني رايحه معاكم و عارفه أنكم با الأخير بتكتشفونها و مع كل هذا أستمرت با الجذب ! أصيل منفعل ينطلق ملخصا كل ما حصل من وجهة نظره : البنت هذي داهية خططت تشتغل في ها البيت عشان تطلع بتأمين مادي يعيشها طول العمر براحة .. فينوس : معقول ؟! .. زين شنو علاقتها بشملان .. واضح أنها تعرفه ! أصيل بغضب يقف : محامي و وحده مجرمة .. يعني شنو بتكون علاقتهم .. فينوس بحيرة : ما فهمت ... قصدك شملان هو اللي دلها علينا .. أصيل يشد ياقة ثوبه كأنه يختنق : يووووه و انا و شدراني عقلي أحتاس .. يا هي راعية سوابق و ماره على شملان و شافها عندنا بصدفة و كلمها و إلا شملان حاطها هني تسرق أوراق تخص المؤسسة بما أن وصايف أحترق كرتها .. * * * ليس أنت فقط من تعاني الالتباس .. أنا أيضا عقلي تجزأ و يأبى العمل .. و شملان و وداد بينهم علاقة و أي كانت هذه العلاقة فأنا أحترق ها هنا من دون وجود حل ! * * فينوس : أمش خلنا نروح لها مدام أبوي نام .. اليوم ما أطلع منها إلا عارفه الحقيقة .. أصيل : أقول استريحي تبيني آخذج لمكانهم المشبوه .. أصلا هذي وداد ما أبيج تكلمينها ثاني مره في حياتج .. حنا ما ندري ها الأشكال شلون تفكر و شنو تخطط عليه .. فينوس : خلاص مثل ما تبي .. خلنا من وداد .. روح لشملان وشوف شسالفته معاها .. أصيل بعد صمت قصير : اللحين أنا تعبان و أبي أنام .. أحتاج لراحة عشان أفكر بشكل صحيح .. * * * تركني أصيل و تركت أنا المكان لأتوجه لملاذي لكن أستوقني عذبي متسائلا بغضب : وين أمي ؟ فينوس : في غرفتها .. اليوم هي و أبوي متفاهمين لا و الحلو أصرت عليه يستريح حسيتها تبي تقوله أنا هني و بآزرك .. عذبي : و أنا ما يصير أستريح ؟.. أبوي لمتى بيعيش بقلبين .. قلب معانا و قلب معاهم .. فينوس تعقد حاجبيها : شصاير ؟!! عذبي : أبوي حاط ملف وصايف با الموارد البشرية يبي يعيد تعيينها !! فينوس بدهشة : لا مو معقول .. شفيه أبوي مسرع ما نسى ؟!! عذبي : و القهر أمي موقعه على إعادة التعيين .. فينوس : خلاص مدام أمي موقعه أجل أمي عندها هدف من إعادة تعيين وصايف .. فلا التعب نفسك و تعترض .. عذبي بتحدي : أن تعينت وصايف مشيت أنا .. فينوس : عذبي لا تتهور .. شنو بتستفيد لخليت لها المكان .. خلني أنا اليوم أروح لها و أعلمها مكانها .. وقبل ما تباشر العمل تستقيل .. عذبي : فهميني يا فينوس .. وصايف شنو جنسها .. ليش لما اختارت الفراق ما ألتزمت فيه .. ليش أشوفها تحاول ترد لمحيطي بأي طريقة .. با الأول عن طريق العيال و اللحين عن طريق الشغل فينوس : وهذي عاد يبيلها سؤال .. هي نفذت قرارك اللي مأجله عشان تطلع هي اللي باعت مو اللي أنباعت .. عذبي : ما كنت راح أطلقها على أني مليت منها .. أحيان أحبها و أحيان عادي .. بس الأكيد أنها أم عيال وبنت عمتي و كنت أشوف وجودها في حياتي مهم و طبيعي .. فينوس : بس عاطفيا انفصلت عنها و كنت مقرر تبعد أكثر و هي تحبك هذي كل المشكلة .. لو ما كانت تحبك جان رضت با الوضع اللي كانت فيه .. سيدة عاملة و متزوجة و فوقها مترفة .. بس هي ما كان يهمها كل هذا قدام حقيقة ابتعادك عنها .. عذبي : بس ما في شي يبرر تحالفها مع الشيطان .. فينوس : هذا أنت سامحته و تحالفت معاه ضدي .. عذبي يبتسم : أنا عندي مشكله مع شملان .. ما اقدر أكرهه على كل عيوبه .. يمكن لأني متأكد أنه يحبج .. أكيد اللي يحبج فيه شي ينحب .. و إلا شرايج .. فينوس : عذبي تكفى لا تعور لي قلبي .. أنا الموضوع عندي انتهى و انت بنفسك كنت معصب من سالفته اللي قال أبوي أنها سبب طلاقه لي .. عذبي : لما فكرت شوي عذرته .. فينوس تطلق ضحكه متهكمة : بس ما عرفت تعذر وصايف ! ............................................................ ......... * * * هو الزمن من ينحت دواخلنا .. حتى تصبح أحاديثنا مسطحة .. فيها تعرى أمانينا و تختتم هزائمنا ! * * * و حتى الملتقى سلامي .. |
الجزء الحادي و العشرون : * * * للفضاء .. لأبعد .. لما وراء الأماني التي تجلت فيها التعاسة نذهب لنصل حد الذنب من دون أن نعرف من فينا أجرم ! * * * أهرول في العتمة لأتعثر في الفراغ .. وهذا القلب ينبض بشدة متذرعا با الهلع ! أصل أليه و أردد علي ..علي.. صغيري علي .. لا تفزع أنا هنا با القرب منك ... لكن سكونه و هدوء ملامحه و هو يقط في نوم عميق يربكني بقدر ما يبعث الطمأنينة في قلبي الفزع .. لأعود لفراشي غير مستوعبة ما حصل .. و تمر الليالي لأدرك أن علي الصغير بريء من ذاك الصدى المجلجل لوحش مسلسل ! لا أعرف إن كان يسكن أحلامي أم هو مارد ينذر باحتلالي .. كل ما أعرف أن النوم بات معضلة و أرقي الذي أصبح ممتد لأيام الكل لاحظه .. * * * أم ساري : وضوح عسى ما شر تونسين شي ؟ وضوح المرهقة : لا يا خالتي ما فيني شي .. وصايف التي لم تتحدث مع وضوح منذ أيام : شراح يصير لقلتي تعبانه و بينتي السبب .. ترى حنا مو عدوان .. أم ساري تنهر وصايف : علامج على وضوح أكلتيها .. وضوح المستنفذة قواها : معاها حق يا خالتي .. أن ما شكيت لكم من راح أشكي له .. أم ساري باهتمام يطغى على نبرتها : خير يا بنيتي .. وضوح بصدق تختصر ما وصلت إليه : الظاهر أني بنجن .. أسمع أصوات غريبه محد يسمعها غيري .. أم ساري تقفز من مكانها و تقترب من وضوح لترقيها بينما فينوس تحثها على التفسير : شلون يعني تسمعين أصوات غريبة ؟ وضوح : صار لي أسبوع أسمع صراخ يروع .. و أفز من نومي و أنا متأكدة أني ما أحلم .. و ساري عندي نايم و لا سامع شي .. و لما طولت السالفة أصريت عليه يسهر معاي عشان يسمع الصوت اللي أسمعه بس ذاك اليوم بذات غاب .. أنا أنجنيت.. فينوس ارتخت ملامح وجهها بعدما كان القلق يطغى عليها : ساري نومه ثقيل و أكيد ما سمع شي بس الأكيد إن أنفال أسمعت اللي سمعتيه .. وضوح باهتمام : أنفال بعد تسمع أحد يصرخ با الليل ؟! أم ساري بذعر حقيقي : بسم الله عليكم .. أنا من رحتن عرس جيرانا و أنا قلبي قارصني .. أنا اعرف أم السعف و الليف نفسها حاره و ما تذكر الله .. فينوس بامتعاض : لا حول و لا قوة إلا با الله .. يمه شفيج خلطتي الأمور .. الصراخ اللي يسمعونه البنات حقيقي .. أنا سهرت مع أنفال و سمعته و أنا لا رحت العرس و لا شفت أم السعف و الليف وضوح تبتعد عن أم ساري لتجلس ملاصقة لفينوس التي تفترش الأرض : حقيقي ؟ .. فينوس تعض على شفتيها في محاولة جاهدة لترتيب مفرداتها : الظاهر شملان معصب و مخنوق من سالفة خطبته اللي ما تمت و يفرق شحناته السلبية با الصراخ .. وضوح مستنكره : شقاعده تقولين ؟!.. شلون يعني شملان بيقعد يصارخ كأنه مجنون بنص الليل ؟!.. فينوس: هذا التفسير الوحيد .. منو الي بيته لاصق في بيتنا و درايشه تطل على دريشتج و دريشة أنفال بذات ؟ أنفال التي وصلت على آخر الحديث و فهمت عما يدور : قبل أمس لما وقف صراخ طليت من الدريشه و شفته واقف في البلكونة كأنه كان مخنوق و توه يتنفس .. وضوح التي وضعت كفها على صدرها كأنها تمنع قلبها من الهروب : يا ويلي على اخوي .. أنفال تنهرها : وضوح لا تويلين الويل لأهل النار .. أذكري الله .. * * * حمل و تخلصنا منه .. كنت أنا و وصايف نفكر في كيفية مساعدة شملان .. فا لصراخ المرعب الذي سمعته لعدة ليالي كان لمأسور يطلب الخلاص كأني به ينادي أنقذوني من عذابي .. كان مؤذي لدرجة هروبي لأحضان أختي .. كنت لعدة ليالي أبنتها التي تخاف من النوم في الظلمة و تعتقد بوجود وحوش تحت السرير وبين الملابس في دولابها الصغير .. و ها هي وضوح كانت تشاركني المعاناة من غير أن أعرف لكنها عانت لمدة أطول و لو لم تعترف بمخاوفها لاعتقدت بجنونها .. لكن أنا في موقف أفضل من موقفها فا هي الآن تحارب الظنون بجنون أخيها الوحيد و تقرر التوجه لمنزل أخيها عازمة على المحاربة من أجله و إنقاذه مما هو فيه ... بينما والدتي هي الأخرى قفزت لهاتف المنزل لتتصل با ساري لتخبره أن شملان يعاني ! * * سيموت على يدي .. أنا سأصبح قاتله .. لا اكف عن تخديره .. و هو لا يكف عن الصراخ كلما أستعاد وعيه و ها أنا هنا خائف مرتبك أفقد عزمي و تركيزي بات في قمة التشوش .. اعتقدت أني أنقذه و ها أنا أتمادى في تعذيبه .. يجب أن انقله من هنا فورا .. سيكشف أمره لا محالة .. ركز .. فكر.. تنفس .. هذا كل ما اردده على نفسي كلما ضاقت بي الحيلة .. الهروب به تحت جنح الليل كان أسهل مما تخيلت و حتى الخلاص من ذاك المتطفل خالد كان أسهل مما خططت له .. و حتى هدم المنزل المنعزل الذي كان علي يعيش به لسنين كان أبسط ما فعلت .. فا المال دوما يجد من يتعاون معه .. لكن .. شراء شخص كا وداد صعب .. من يمكن أن أثق به و أترك أخي في عهدته .. من الذي أعرف أن مخاوفه تهزمه و الخلاص منها مستحيل بتعاظم مشاعر مرهقة لا يوجد لها تفسير ! * * * لم يستجيب لطرقاتي لكن عندما ناديت " شملان طلبتك أفتح الباب و طمني عليك " .. حتى وجدت نفسي بين ذراعيه .. محتضنا لي بشدة كأني أتيت له منقذة ! أخي الذي كنت ألهث وراءه لعدة أيام و يحاول هو أن يبعدني بكل ارتباطاته المنهية التي لا تنتهي الآن أمامي في حالة يرثى لها .. بلغ من الهزال ما جعلني أتحسس عظامه و هو في أحضاني و عندما أبعدته و أردت التأكد أن هذا وجه أخي وجدت الحزن مربكا في عينيه .. و بدأت أتأمله و أقارن و أقارب .. الهالات السوداء و تشقق شفتيه و حتى لحيته التي دوما كانت مهذبة أخبرتني انه المارد ! * * * وضوح : شفيك .. تكلم .. شنو اللي صاير لك .. و لا تقول فينوس .. أنت عايش سنين من غيرها .. أصلا في بعدها صرت اقوى .. شملان بألم : و أقسى .. وضوح برجاء : تكلم .. أنا أسمعك .. شملان يتأمل عينيها : خسرت قضية .. وضوح بتعاطف : و منو فينا ما عمره خسر ؟! شملان بإنكسار : محد خسر كثري .. وضوح على حد البكاء : خسرت شغلك ؟ .. عندنا خير .. أعطيك كل اللي عندي و تبدأ من جديد .. خسرت فينوس ؟ .. لا .. هي اللي أخسرتك .. بس طلبتك .. تكفى يا أخوي لا تخليني أخسرك .. شملان يحدق في عينيها متسائلا : و إذا أنا غلطت في حقج .. منو الخسران فينا ؟ وضوح بصدق: محد .. أنا و أنت أخوان و هذا ربحنا .. مهما ضرينا بعض ما نخسر بعض .. تذكر شملان .. تذكر شلون كنت أغار عليك من فينوس .. ياااا شكثر تحملتني و هي تحملتني بعد .. كنت خايفه أخسرك و كنت با نفس الوقت أسوي كل اللي ممكن يخسرني أخوي ! * * * دفعت الباب الذي لم يكن من الأساس مغلق .. كان شملان يضع رأسه في أحضان وضوح و يبكي .. نعم يبكي و دموعها تغسل رأسه ! .. لم أعرف ما سبب كل هذا العرض المبالغ فيه من العاطفة الأخوية التي دوما كانت تخصهم ! .. لكن لم أجد إجابة فقد فضل كلاهما الصمت .. و فضلت أنا التغاضي عن وضع لم أجربه في يوم .. * * ساري : خلاص عاد شملان لا تعاند .. شملان : أنتم اللي لا تعاندون .. وضوح : أنا اللي طابخه الغدا .. ما يغريك ها الشي .. شملان يحيط بذراعه وضوح ليقبل رأسها : تخلينه لي عشا ؟ وضوح : وتاكل أكل بايت ؟ .. لا يمكن .. أنت بس تعال على العشا و بتشوف قدامك بوفيه .. ساري مقاطعا لحماس وضوح : شوف الحريم !! .. اللحين مو أنتِ اللي كل ما قلت لج عشيني تقولين نام خفيف أصح لك .. وضوح : يله عاد بدت الغيره .. شملان مراقبا لساعة : شكلكم مطولين و أنا أبي أجهز نفسي و أطلع لشغلي .. وضوح تختفي ابتسامتها و يبدو القلق عليها : شملان شكلك تعبان أستريح اليوم و أنا بروح البيت بجيب لي ملابس و بقعد أخدمك ها الشهر كله وما أنت مفتك مني لين يزود وزنك .. شملان الذي يحاول ضبط أنفعاله : لااا .. أنا أحب اللمة .. خليج في بيتج و با أنتظم عندكم . .ريوق و غدا و عشا .. بعد شنو تامرين عليه ؟ * * * نعم ..يبدوا شملان جدا متعب .. لكن لم يعجبني أن تغفل وضوح عن حقيقة مسؤوليتها اتجاهي و اتجاه علي .. أليس شملان رجل بالغ عاش لسنين كا عازب .. يمكن له أن يصرف أموره و أن يهتم بنفسه و نحن هنا با القرب منه .. * * ساري أول ما وصل شن الهجوم بحذر : يا بنت الحلال خنقتي أخوج .. وضوح متسائلة بعدم فهم : خنقته ؟.. ساري : أي خنقتيه .. اوكلك .. أشربك .. ليش شايفته كبر علي و محتاجج .. وضوح تنتبه لما يلمح له : في الواقع شملان يحتاجني أكثر من حاجة علي لي .. علي عنده أبوه و جدته و عماته و بكره بيجي و يدور على أمه .. أما أخوي ماله غيري .. ساري يتجاهل تلميحها : ليش حنا وين رحنا ؟!! .. كلنا هني أهله .. و شملان مو صغير و أكيد ما يحب احد يتدخل في أموره او يعامله كأنه صغير و هو لما يشكي لج ما يحتاج تعاطفج هو بس يبي يفضفض .. فا لا تخلينه يندم .. وضوح تبتلع عبراتها و بنبرة ترتجي بها التعاطف من ساري : الصراخ اللي اسمعه كل يوم طلع صراخه .. ساري : عرفت من أمي .. عادي مضغوط من شغله و من سالفة فينوس .. و صرخ .. شنو يعني ؟ .. أنا و أنتِ و كل من في البيت عنده طريقه تختلف عن طريقة الثاني في تفريق الغضب و الحزن و كل التعب .. با العكس اللي يسويه صحي أجل تبينه يكتم لين يجي يوم و ينفجر .. وضوح تصمت قليلا و كأنها تبحث في كلام ساري عن تعزية : يمكن معاك حق .. يمكن بالغت في ردة فعلي .. بس أنا مو ندمانه أني رحت له و خليته يعرف أني حاسه فيه .. ساري : و أنا ما ابيج تندمين .. با العكس ابيج تهتمين بشملان بس با الحد المعقول .. انتِ أخته مو أمه .. * * * أخته ! .. و لست .. أمه ! .. و ما الفرق ساري ؟ .. أم تريدني أن أصنع الفرق حتى أحصر عاطفة الأمومة لأبنك الذي لم أنجبه ! ما زلت أناني .. و لا تعرف كيف تحب .. * * * منذ أن ذهبت وضوح برفقة ساري و أنا ها هنا أراقب الباب الذي خلفه ضحيتي لأعود و ألمح الساعة .. فا موعد استيقاظه أقترب و أنا ها هنا خائف .. خائف من أن أفتح الباب و أقترب لأنظر لوجه أخي المخدر .. و كم أكره أن أملأ تلك الإبرة و أعاود غرسها في لحمه حتى يتمدد المخدر و يهزم حواسه .. أنني حتى لم أعد أنتظر أفاقته بل أسبق انسحاب المخدر و أخدره من جديد .. فا صراخه أصبح يهدد بكشفي و ها هي وضوح و كل من في ذلك البيت على بعد خطوة من كشف أمري .. * * * علي يفتح عينيه قبل أن يغرس شملان الأبرة في ذراعه : ابي ماي شملان تجمدت كفه في الهواء : هذا أنت علي ؟ .. علي يضحك من أعماق قلبه رغم وهنه : سؤالك غبي .. شملان يتنفس الصعداء و يرمي الإبرة في سلة المهملات : ثلاث أيام بلياليها ما تقوم لحظة إلا تصارخ جنك مارد عنده مية حنجرة .. علي يجلس بتأني على فراشه : وداد هني ؟ شملان يتهرب من الإجابة و يمد كاس الماء لأخيه : أستريح في مكانك على ما أسوي لك شي تاكله .. علي بوهن : شملان .. ما راح آكل .. لا تعب نفسك .. شملان بغضب : كل هذا عشان ست الحسن .. علي المتعب : أنت وعدتني تجيبها .. وينها ؟ شملان بنبرة أمر : تاكل و تاخذ دواك و بعدين اجيبها .. علي بغضب هده التعب : قلت ها الكلام من قبل و ما جبتها .. شملان يتلطف في الكلام : بس ها المره بجيبها .. وعد .. * * * انطلقت بحماس اعد له كل ما اعرف أعداده من طعام .. و للحظة وجدت الابتسامة تتسلل لشفتاي .. ابتسمت و أنا أردد كم أشبه وضوح .. و كيف من السهل أن تعبر عن الحب حتى بإعداد أسهل وصفة .. من السهل أن أعتني به و أتحدث إليه عندما يكون أخي الذي أحب ! * * علي بعد أن انتهى من تناول حساءه : من كنت أتكلم قبل ما تدخل علي ؟ شملان يتوجه لطاولة حيث أدوية علي مرصوصة : ما كنت أكلم إلا أنت .. علي يسترخي في فراشه قبل أن يغلق عينيه : أجل لا تحاتي .. ما خسرتني .. * * * خسرت حريتي له .. هذا كل ما كنت أفكر به لسنوات بل كان ما أعتقد به .. لم أفكر يوما بأنه موطني الذي ولدت بين أحضانه لكن اليوم أعرف أنني سوف أختاره بحرية كاملة لو خيرت و هذا قد يفسر شعور الغربة الذي احتلني ببعدي عنه و من المضحك أنني دوما كنت مشتته بين آلاف العواطف بقربه .. و الآن كل عاطفة تخسر أمام قوة شوقي لرؤيته ! إذا لم يكن ذنب شملان بل ذنبي أنا ! .. أنا من أحكمت القيود حول معصمي و قررت أن المفتاح بيده بينما القيد و المفتاح كان بيدي لكني لم أرد الخلاص .. لا .. لم أكن دوما خائفة و مترددة .. بل كنت أحيانا أثور و أقرر التحرر .. لكن ذاك الإحساس با الفراغ في خيالات المستقبل هي من كبلتني .. لم يكن متواجدا في مستقبلي و أنا محررة .. و هذا ما لم أكن أستطيعه .. جربت الابتعاد .. و عدت في أول محاولة ابتزاز .. لم أكن أعي وقتها أنني فعلا لم أكن خائفة بقدر ما أنا محتاجه لوجودي بقربه .. أحتاج رؤيته و سماع صوته و حتى تلقف ضحكاته ليتردد صداها في ذاكرتي ..حتى اصغر أشياءه كنت فخوره با الاعتناء بها .. كنت أحب ثيابه و استمتع بملمسها و حتى ملعقته كنت أستعملها حتى لا تصدأ ! ... كنت عبقرية بخلق المسببات من دون أن أفكر ما هو السبب ؟!! .. و ها أنا نادمة على فوات الأوان و تضييع الفرص .. * * * كان يتبعها بعينيه من دون خجل و كم من مره نهرته لغيرتي الشديدة فا لم أرد أن يفكر أخي الصغير بزوجتي المستقبلية .. لكن الأهتمام كان متبادل فقد كانت دوما تخصه با الأبتسامات و التدليل .. فا دوما كانت تصنع له ما يحب و هي من لا تحب العمل ! .. لذا أستسلمت سريعا و ركنت لظل فا أحساسي به أعمق من أحساسي يا أنثى جميلة .. لكن جذبني من خلف الستار الحقيقة التي أقت بها وضوح من غير أهتمام .. رددت أمامي ان وصايف فقط تشقف عليه و لم تحبه قط .. هو فقط صديق الطفولة التي تعرف أنها المفضلة لديه من بين أقرانه و أصبح ذاك المراهق المجنون الذي تتعاطف مع حالته .. ليس أكثر .. هو مجرد عاشق في سلسة ضحاياها .. و كم هي جاهلة الأنثى بقدرتها على خلق حرب و قتل شعب .. فقد أشعلت جنونه و أدمت قلبه .. و رأيت بأم عيني هلاك أخي الذي رغم جنونه لم يؤذها و تركها في أقصى الذاكرة .. لم أسمعه يذكر أسمها مجددا أمامي بل بدا لي في لحظات صحوه مسافر لا يريد أن يذكر أحدا أمامه أحد أحبابه حتى لا يبكي و هو لا يملك حق تذكرت السفر ! ... و عندما أردت أن أستبدل أنثى بأخرى في حياته وجدته يحور خطتي و يستبدلها بأخته التي فضل أن لا يذكرها مجددا أمامي .. كل محاولاتي لتقريبه من وداد على مر السنين التي مرت ببطء علينا فشلت و عندما وهن عزمي وجدته مفتون بها و أنا أجهل ! .. وعدته و سأنفذ وعدي و لن اسمح أن يجرح مرة أخرى .. وداد ستكون الليلة زوجته .. هذا ما كان يدور في ذهني و أنا في طريقي لابتزاز وداد بكل ما املك من صكوك رهن قامت بتوقيع عليها عن جهل .. لكن غيرت اتجاهي و سلكت الطريق المؤدي لمخفر الشرطة حيث تم استدعائي على عجل و ما إن وصلت حتى صدمني السبب ... سالم هو من طلب من الضابط الاتصال بي بعدما تم القبض عليه بتهمة ارتكاب جريمة الكترونية يعاقب عليها القانون .. جلست لدقائق حتى استوعب الملف الضخم الذي عرض أمامي فيه من التهم ما سوف يدمر مستقبل هذا الصغير .. و عندما أحضروه أمامي مكبلا با القيود و على وجهه علامات البكاء قفزت صورة علي في نفس الموقف عندما ذهبنا أنا و عمي لننقذه من أحد حماقاته كما كان يردد أبي .. أذكر بكاء علي و أبي يعنفه و يعنفني أنا على طلب العون من عمي .. و كيف لا أطلبه من أكثر شخصا أثق بمقدرته على التعاطف مع يتيم مشاعر ! * * * شملان يمسح بكفيه وجه علي : يا كثر دموعك .. لا تضحكهم عليك و يقولون عنكم بنيه .. سالم يشهق بين كلمه و أخرى : من الصبح الشرطة يطقوني .. شملان : يبونك تعترف .. سالم الشاحب : ما أعرف إلا اللي قلته لهم .. شملان : يعني كنت تساعدهم من دون مقابل ؟! .. ما يعطونك فلوس .. مخدرات .. شي ثالث ؟ سالم مازال يتنفس بصعوبة : لا .. أنا ما كنت أبي منهم شي بس كنت ابيهم يكفون شرهم عن اختي .. شملان بدهشة : أختك ؟!! .. ليش هم تعرضوا لوداد ؟! سالم : هددوني فيها .. و أنا خفت عليها . شملان بغضب لم يستطع إخفائه : و ليش ما قلت لي ؟ .. أنت تدري أني محامي و اعرف أساليب ها الناس الواطيه و أقدر أحميك منهم .. الدنيا مو فوضى .. سالم يثبت عينيه المرهقتين من الدموع : أنت مثلهم تهدد وداد فيني و هم يهددوني فيها .. و هي دايما تحميني و صار الدور أحميها .. شملان يبتلع الحقيقة بمرارة : بس هذا أنت طلبت مساعدتي .. ما أنت خايف ابتزها فيك من جديد .. سالم بخجل : إذا ساعدتني بعطيك مذكرات علي و ما راح أقول لأحد أنه حي .. شملان من دون شعور ضحك بدهشة : تبتزني ؟!! سالم لا يعرف إلى أين يبعد نظراته : أنا أبي أطلع من هني .. شملان يمسك بوجه سالم ليثبت نظرته : لا تخاف .. .أنا أطلعك .. بس أبيك تحفظ كل كلمة أقولها لك و تثبت عليها و لا تخليهم يرهبونك .. ............................................................ ........ * * * دعتني لنبدأ من جديد .. و هذا ما فعلت .. أصبح خروجي من هذه الغرفة فقط من أجل محاكمتها و تعرية فضائلها المنسوخة عن فضائلي المشوهة .. لكن عندما كنت أهم بشن غارة جديدة تراجعت فقد كانت وضوح أمامي تلك الصديقة التي تطلب مساعدتي في إعداد قالب الحلوى الذي يعشقه علي ! .. * * * وصايف : أنتِ متأكده أن هذي هي وصفة الكيكة اللي يحبها شملان وضوح : أي متاكده .. وصايف : غريبه .. اتذكر قبل لما كنت اساعدج تسوينها كنتِ تقولين أن علي ما ياكل غيرها من الكيك .. وضوح تبتسم لذكريات : كنت اجذب .. ما كان لي خلق أسوي كيكتين فا كنت اسوي الكيكة اللي يحبها شملان و أحبها أنا و أما علي كان يكتفي بأنج مسويتها معاي و ياكلها و هو ما يحبها .. وصايف ترتبك : انتِ فعلا سخيفة .. شلون كنتِ تجذبين علي و على أخوج .. وضوح تنطلق بضحكة مجروحة من أعماقها : شفيج وصايف عصبتي .. السالفه من زمان ايام المدرسة و أنتِ اللحين معصبة ؟! ... و بعدين علي الله يرحمه كشفني و ما زعل نفسج إلا كل ما تذكر ضحك . وصايف : أي أكيد أعصب لأني خايفه أني راح اكتشف حقايق ثانيه أثرت على مجرى حياتي من غير ما اعرف .. في شي ثاني و إلا بتخليني عميه .. وضوح تتجاهل تعليق وصايف : أنتِ للحين ما خليتي طبعج لصرتي معزمة على الهواش تخلقين سبب من أي سالفة .. وصايف بدهشة : يعني أنا أزعل نفسي بنفسي و هاوية مشاكل ؟!! وضوح بصراحة جارحة : أي .. هذا طبعج والكل يعرفه .. و أولنا أبو عيالج .. وصايف ترد الهجوم : و أنتِ بعد ما خليتي طبعج لما تعرفين انج غلطانه بدال ما تعتذرين تهاجمين .. ما ألوم ساري يوم اعرس عليج وضوح وجدت الطحين أداة لغضبها لتقيه في وجه وصايف : تنفسي الطحين يمكن تموتين و تفكين العالم من شرج .. وصايف التي وقفت مذهولة من تصرف وضوح أنطلقت لتمسكها من شعرها : إذا بتصرفين مثل الأطفال تحملي اللي يجيج .. * * * دخلنا معركة سخيفة .. لا هي و لا أنا نعرف كيفية التعارك جسديا فا حدودنا لفظية !.. و كل ما كنا نفعل هو خلق الفوضى و التصرف بحماقة .. و لم نتوقف إلا مع دخول أنفال لاهثة تخبرنا أن خالي و عذبي في مجلسنا و علينا أن نحضر القهوة بسرعة ... * * * وضوح بإستعجال : أنا راح أسوي القهوة روحي أنتي رتبي نفسج و أكشخي وصايف : أكشخ ؟!! وضوح بحماس : أي تكشخين .. يعني يا عبقرية عمي و عذبي مع بعض جايين ليش .. * * * ارتبكت .. نعم هذا ما خطر في ذهني عندما ذكرت أنفال أن عذبي أتى برفقة خالي .. و عندما حثتني وضوح على أن أتزين تساءلت هل سوف يتم استدعائي .. نعم أن تم استدعائي و هو متواجد سأكون في أبهى حالاتي .. سيسألني خالي إن كنت أريد العودة لأبنه و سأجاوبه .. لكن .. بماذا ؟! .. هل سوف أتسلق كبريائي أم أستسلم لكل ما يعرض علي من تسوية قد تعود بي لوضعنا السابق .. لا ..لم يأتي هنا لنعود لما كنا عليه .. لابد أنه أشتاق لي و عرف بمقدار أهميتي في حياته ..لكن .. هل سامحني ..هل عفا و صفح عن خيانتي الغير مبررة .. نعم لابد أنه سامح و إلا لم يكن هنا .. يا ألهي كيف لي أن أقابله من دون أن يسقط قناعي و يعرف أني مهزومة أمامه .. علي أن أعود بشروطي فا أنا قطعت كل هذه المسافة و سيكون من الغباء الرجوع لخط البداية .. * * * أنفال بعد أن استأذنت بدخول : ليش ها الكشخه كلها ؟!! وصايف أرتبكت : لبسي مبالغ فيه ؟ أنفال : خليني أعرف وين بتروحين و اقولج مبالغ فيه أو لا ؟ وصايف بتردد : مو خالي هني ؟ أنفال : أي هني بس معاه عذبي ..مو معقول تفكرين تنزلين ترى بيطلع شكلج بايخ .. وصايف : طبعا ماراح أنزل إلا لما ينادوني .. أنفال : و ليش ينادونج ؟!! .. وصايف نفذ صبرها : اللحين عذبي شيبي جاي مع خالي .. أنفال تعض على شفتها : يوووه لا يكون كنتي تحسبين أنه جاي يردج .. لااا .. أنا ما قلت لج عن ديمة ؟!! وصايف أنشطر عالمها و لم تعرف كيف تصيغ المفردات : شسالفة ؟!! أنفال : ديموووووه الجاهل كبرت و بتعرس .. صارلها أسبوع مجننتنا تبيني أناديها مدام مسامح .. و هذا خالي و عذبي جايين يعطون عمتي خبر .. وصايف تبتلع عبراتها : أي الله يهنيها .. هند تقتحم الغرفة : أبي ماي .. اللحقوا علي بماي .. أنفال و وصايف هرعوا لهند التي تكاد أن تلد : شفيج خرعتينا .. هند تشرب الماء على عجل : ديممموه الخبله صارلها أسبوع تتغزل في عريس الغفله آخر شي طلع شايب كبر أخوها و عنده مره .. يعني هي الثانية .. و عمتي يا عمري تحت تبجي .. أنفال و الدهشة تشتت أفكارها : زوجة ثانيه ؟ .. و المعرس كبر أخوها الشايب .. خير أنجنت هذي .. وصايف : بس أنتِ وياها .. إذا مسامح رفيج عذبي فا باركوا لها بتعيش معززة و مكرمة .. و يله روحوا عاونوا وضوح مسويه عشى لشملان .. * * * عذبي هنا من أجل صديقه لتكون أخته زوجة ثانيه له .. هناك سر خلف هذا الموضوع .. عذبي لم يكن يوما مهتم لأمر ديمة و لا أعتقد أن زواجها يهمه في شيء لكن من المؤكد أنه مستفيد من عقد هذه الصفقة .. بدل .. زواج البدل أحد فروع الزواج التقليدي . لما لا .. عذبي الآن عازب و يحق له الزواج مره أخرى .. و من سوف يتزوج ؟ .. با الطبع طفلة تمنعها قصر قامتها عن رؤية عيوبه التي رسمت على جبينه .. و المضحى بها ديمة الأخت التي لم يكترث لتواجدها أبدا .. الصفقة جدا رابحة ! * * * أنفال : أمج مو راضية .. لا تعاندين و فكري .. ديمة عبر الهاتف : و من متى أهم أمي و إلا درت عني .. أنفال تنهرها : عيب تقولين ها الكلام .. في أم ما تهتم في بنتها خاصة لصارت وحيدتها .. ديمة : أفففف ... المشكلة راح نختلف على شي أنا و انتِ نعرفه .. أمي مو موافقه لأنها ما تبيني أعيد تجربتها .. بس نست أني ما تربيت على أيدينها .. أنفال مشككه : ديمووه لا يكون أم عذبي هي اللي أقنعتج .. ديمة : لأ .. و بعدين سكري ها الموضوع و أفرحي معاي .. أنا مقتنعه في خطيبي عذبي وراني صورته .. و انا حييييل صرت مقتنعه .. أنفال بخيبة أمل : شفتي صورته و اقتنعتي .. مالت عليج و على اللي ينصحج يا ناقصة العقل .. * * * اعتقدت أن نتائج علاقتي به انحسرت على قلبي الممزق لكنها ها هي كا طوفان تغرق أغلى ما املك .. مأساتي تولد من جديد على يديه في صورة أبنتي ديمة .. ديمة التي عاشت كا روح ممزقة بيني وبينه سيتركها على قارعة الطريق لرجل مهم في قلبه لا يوجد شاغر لتتكرر ماساتي .. ما هذه الخيبات المتوالية التي تأبى أن تبطأ من سرعتها .. و أي كومة حزن ستتراكم أمامي عندما تصبح أبنتي ضحية أخرى .. * * * عذبي : الرجال أنا أعرفه من سنين و لا يمكن اعطيه أختي إلا و أنا عارف أنه كفو .. أم ديمة : أنا كلامي مو معاك .. أنا كلامي مع اللي عطيته الأمانة .. أبو عذبي الذي يمنع عينيه من التواصل معها : و أنا حفظت الأمانة أنتِ تعيبين في تربية بنتي شي ؟!! .. و هذي سنة الحياة .. البنت في سن زواج و جاها اللي ما أشوف في دينه و لا أخلاقه عيب ..و رجال حسب و نسب .. و شا للي أطلبه اكثر لبنتي .. أم ديمة الغاضبة : أنا رافضة .. أبو عذبي بغضب مماثل : رفضج من غير سبب مرفوض و أنا أبوها و ولي أمرها موافق و حنا ما جينا نشاورج كل مجينا لج مجاملة .. أم ساري تسارع في التدخل : تعوذوا من الشيطان .. و أذكروا الله .. هذي ما هي طريقة لتفاهم .. يا أبو عذبي ديمة جاهل و اللي خاطبها حيل أكبر منها .. أبو عذبي : أنا أخذت أمها و هي كبرها .. أم ديمة مقاطعة : لا تكمل و توجع قلبي .. لا تخليني أتخيل ديمة ترد تعيش اللي عشته .. و مثل ما قلت لك أنا رافضة و بنتي ما تتزوج ها الرجال بذات .. أبو عذبي يتجاهل تلميحها با مدى معاناتها كا زوجة له ليهب من محله : تحديني ؟!! عذبي يقف بجانب والده مهدئا : خالتي أم ديمة ما تقدر تحداك .. هي بس تقول رايها و إلا الراي الأول و الأخير لك أنت ولي أمرها .. أم ديمة قبل أن تغادر : لا تحسب أني ما اقدر أشتكيك .. أبو عذبي : هذا اللي بقى بعد تشتكيني في المخافر لأني بزوج بنتي أم ديمة : أنا ما أدل المخافر أنا أدل اللي ما تنام عينه .. بشكيك لله .. أبو عذبي المقهور : وأنتِ تعرفين ربج ؟! .. أنتِ أكثر وحده ما تخافين الله و سوالفج و علومج أنتِ أخبر فيها .. لا تخليني أبيح سدي ترى ما ينظلم وقتها إلا ديمة .. * * * لا أعرف لِما أختار أبي أن يتلفظ على أم ديمة بتلك الكلمات الجارحة .. هل يعقل أنها خانته ؟! .. لا أحب أن أفكر بها بهذا الشكل لكن هذا يفسر الكثير .. انفصاله عنها و تربية ديمة في منزلنا بعيدا عنها.. و الآن موافقة والدي السريعة بتزويج ديمة من أول خاطب من دون الالتفات لأي مانع يوافق ما استنتجته ! * * ممتنة جدا بتجريدك لي من أخلاقي أمام الكل .. نعم ليظنوا بي ما شاءوا فا كل ذنب أمام ما فعلت يبدوا ضئيلا .. فا صورة علي تعذبني أكثر مما عذبتك .. و أتهامي و تمريغي في الذنب هو ما احتاجه للخلاص من تأنيب ضميري .. لعلي في يوم أطلب السماح منهم و أجد منهم من يقبله .. لكن متى هذا اليوم ؟ ... دوما تساءلت .. و قد يكون اليوم قريب بعد انفجارك الذي باغتني به و لم تسمح لي أن أستعد له .. * * * أم ساري التي كانت تتخبط با الأفكار المظلمة منذ أن غادر أخيها اتجهت لمحادثة أم ديمة المعتصمة في غرفتها : ليش ما رديتي عليه .. كلامه اللي قاله عيب في حقج .. أنا من الصدمة أنشل لساني. أم ديمة تمسح آخر دمعة علقت بين رموشها و قررت أن تكمل ما بدأه أبو عذبي : أم ** تذكرينها .. أم ساري با نبرة ملئها الاستغراب : ما غيرها أم السعف و الليف ؟ .. قطع طاري و شذكرها عليج .. أم ديمة بخجل أختلط بأحساس مذنب تساقط دموعا : رحت لها تسوي لي سحر عشان اجنن فيه أم عذبي و ما أكله إلا علي اللي تجنن .. هذا ذنبي اللي يعايرني أبو عذبي فيه .. * * * التففنا كلنا حول والدتي التي لم تكف عن البكاء و كلنا من دون شعور بكينا معها .. لم يتحمل أي أحد منا رؤيتها بهذا الشكل .. فا هي حتى و إن عودتنا على بكائها لأتفه الأمور إلا أن في بكائها هذا ألم و حزن و شيء لا نستطيع تجاهله .. لم نراها أبدا تقسو على نفسها بهذا البكاء الذي تشهق به حتى كدنا أن نقسم أنها سوف تحطم أحد ضلوعها .. منهارة أمامنا و كل منا يستنتج السبب.. كل منا غير مصدق أن خالي أبو عذبي قد قال ما يجرحها أو أن هكذا تعترض على زواج ديمة الذي تعارضه عمتي أيضا .. لم نفهم ! * * حزمت خوفي و أعددت حقائب ملآ بذنوبي .. و ذهبت لهم حتى أخلصهم من حيرة سكنت مآقيهم ..تسببت بحزنهم و ها هم أمامي يبكون على هذه الرفيقة التي بي فجعت .. اعترفت .. من دون مقدمات أخبرتهم بإثمي و عيناي على تلك التي وقفت مذهولة في الزاوية تردد لا اصدق .. لا أصدق أنكِ قتلتِ أخي ! * * كانت ليلة مرعبة بكل ما فيها من تفاصيل .. الكل هنا رمى بنفسه في زاوية محاولا أن يحل المعادلة الصعبة التي بين أيدينا .. مذنبة أم ضحية جاهلة .. تستحق العقاب أم عوقبت بشكل كافي لأعوام .. لم نعرف التوصل لحكم .. فعلا صعب أن تحاكم من أحببت ... * * وصايف : هند ردي بيتج و أنسي الموضوع و لا تفتحينه قدام زوجج و تفضحين عمتي .. فاهمه ؟ هند المرهقة : ما اقدر أروح بنام هني اليوم .. أحس أني بولد .. أنفال بقلق : وصايف خلينا نوديها المستشفى .. شكلها فعلا بتولد .. وصايف : وين أوديها و أخلي وضوح .. ما اقدر لين يرد شملان .. أتصلي في خالد .. هند المتألمة : خالد طالع الحداق مع ربعه .. أنفال : هذا وقت بحر في عز الغبره .. صج متفرغ ... وصايف : خلاص أتصلي في أم خالد .. خليها توديج مع واحد من حمانج .. هند : لا . . لا خلاص ما في داعي أنا ما فيني شي .. * * * هند تتقلد شجاعة زائفة ... من الواضح أنها تعاني و لكن لا تريد أن تغرق أحد بمسؤوليات ذاك الأحمق .. لذا تجرأت و اتصلت بوالدته أطلب عونها فا أنا لا يمكن أن أترك هند أمامي تعاني بينما الكل هنا لا يمكن أن يساعدها في هذا اليوم الذي لا يريد أن ينتهي .. * * أم ساري : وين أخوج .. تأخر .. وصايف : يمه أنا ما قلت له تعال بس أكدت عليه يجي للعشا أخاف أقوله أن وضوح تعبانه يجي طاير و يصير فيه شي حنا مو ناقصين اليوم كله تعيس .. و بعدين أكيد شملان بعد بيجي خلينا ننطرهم أحسن .. أم ساري بقلق : و عمتج ؟ وصايف : عمتي ما تبي تفتح الباب لين تجي ديمة ..و عاد ديمة مأساة ثانية .. شكل عمتي تبي تعلمها بسالفة .. أم ساري و علامات الإرهاق متضحة في ملامحها : أنتِ اتصلتِ في ديمة ؟ وصايف : لا عمتي هي اللي كلمتها و طلبت منها تجي .. و هذا أنا با قعد هني لين تجي و ما راح أخليها هي و عمتي بروحهم .. روحي أنتِ يمه ارتاحي .. أم ساري بحزن : لا . .أنا بروح لعلي .. * * * و أنا أيضا أمي أتمنى أن أذهب له ! .. أستغفر الله من كل ذنب عظيم . .أستغفر الله .. كيف أطلب أن ألتحق با ميت بينما كنت أهرب منه و هو حي ؟!! علي .. كيف سلبك الشر منا ؟.. لِما لم تقاومه بكل الحب الذي كنت تكنه لنا ؟! علي .. آسفة على كل كلمة رددتها أعني بها أني لا أعرفك .. فا أنا الآن فهمت ما الذي تغير بك .. ما الذي جعلك بعيني غريب .. سألتني مره و أن أعد لك ما تتمنى .. هل سوف تخذليني في يوم .. يومها أذكر كيف نظرت بعينيك و قلت لك أنصرف أيها المجنون فمازلنا مراهقين ! .. هل أصابك الفال .. هل كلماتي المخبولة آذتك و أنت من كنت دوما تحميني حتى و أنت تتصنع إيذائي .. و كم كنت أقهقه كلما أخبرتني .. لو كنتِ حتى سمكه برائحة زفرة سأحبك دوما و أصبح من أجلك قطة ! .. كيف زهدت بك علي .. و تركتك كأني أتخلص من عقوبة .. و أنت رغم الآفات التي احتلتك لم تدعهم ينتهكون صورتي في قلبك .. ظللت تحبني حتى آخر أنفاسك بينما أنا كنت أتنفس عذبي عن قرب متناسيه أنك ورائي ! آسفة .. أتمنى أنك تسمعها .. ............................................................ ..... كان في منتهى القسوة .. يتعمد أن يهمس في أذني كلمات جميله تبكيني .. و كنت أتذرع بقسوته لأرتمي في أحضانه أنشد بعضا من حنانه .. و لم يصدقن هن ما كنت أردده .. أني حظيت بمن يتفنن في بوح مشاعره .. ما زلت أذكر كيف كن يمررن النظرات بينهن و كأنهم يهمسن سرا " هل يعقل أنها تصدقه " .. و في أعماقي كنت جدا أوافقهن .. نعم لابد أنه يردد علي كلمات عفوية يجبره الموقف على ابتكارها بينما هو لا يعني ما تحويه من مشاعر .. لا أعرف إن كنت ما أزال غاضبة منه أم بدأت أغضب من نفسي أنا .. يمكن لو أخبرته بما كنت أراه في أعين الكل لكان أراحني من كل أكاذيبه و لم اسمح لنفسي أن بتعلق به.. أنا من أجبرته على ممارسة الكذب و هو فقط كان يمارس دوره كا رجل ! * * * أم عذبي : عشتو .. تحب أيدها ظهر و بطن أن واحد مثل مسامح ال** خطب بنتها .. فينوس : هي أمها و أكثر شخص يهمها مصلحة ديمة .. أم عذبي : و من يقول مصلحتها مو مع ولد الحسب و النسب .. رجال الكل يشهد له في أخلاقة و طيبه .. فينوس : ومدام كل ها الصفات فيه ليش يا يمه ما بغيتيه لي .. أم عذبي ارتبكت : أنتِ .. أنتِ مالج إلا ولد عمج .. يحبج و شاريج بعد شتبين .. فينوس تمضي فيما خططت له : عرفتي من أبوي سبب طلاقنا .. أم عذبي : تعالج و ما فيه إلا العافية .. تعوذي من الشيطان و ردي له .. لا تضيعين عمرج .. فينوس : أن طعتج ضاع عمري مع جذاب مع واحد كان بيتركني طول عمري أخمن سبب طلاقنا لو ما لقى علاج لنفسه .. أم عذبي : في بعض الأمور يا فينوس ما ينفع معها التحليل .. صارت و خلصنا .. ردي لولد عمج و إلا بيجي يوم و تندمين و تقولين ليتني رديت له و جبت عيال يشيلوني .. فينوس : و من قال أني بحط أيدي على خدي لين يجي اليوم اللي أندم فيه .. أم عذبي : سمعيني شنو اللي في بالج .. فينوس تقف : ما عمري طلبتج على اني دايما كنت أحتاجج .. طلبتج تصيرين أمي أو حاولي تصيري مثل أم ديمة وحسي فيني من دون جمع و طرح و حسابات لربح و خسارة .. أم عذبي بنبرة فيها الكثير من التهكم المترامي بتعالي : و شلون تبيني أصير مثلها ؟ فينوس : خلصيني من شبح شملان ... * * * نتهور لنراهم يقفزوا عن السحب لتدق أعناقهم أو لتنكسر قلوبنا .. و هل يوجد فرق ؟! * * * كل عام و انتم بخير و عساكم من عواده .. |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أولا أبي السموحة من كل اللي ما رديت عليهم لأني حاليا ما عندي كمبيوتر خاص فيني بس بأذن الكريم برد عليكم كلكم .. و تأخيري ماله عذر أعتبروني كنت بإجازة إذا تحبوني .. و أتمنى يعجبكم البارت لأنه أطول بارت كتبته و أكثر بارت جنني و أنا أعيد كتابته من الذاكره .. * * * الجزء الثاني و العشرون : * * * تتسع أرض الغربة لكل سر قرر الرحيل و في كف الغريب يُحتسى العلقم كا رحيق * * * نبرتها الآمرة اخترقت طبلة أذني و لوهلة بدت لي بصورة زوجة أبي الشريرة .. اعرف أنها غاضبة لكني لا أقر بأحقيتها بإبداء الرأي بمصيري فا هذه ليست القضية التي أود أن تحتل بها مكان ولي الأمر .. و با المختصر هي دوما رددت على مسامعي أن والدي و زوجته الأعرف با مصلحتي .. إذا ما الذي تغير ؟!! .. * * * كا عادتها عندما تحتار تطرق بابي على استحياء .. و كا عادتي أفتح ذراعي لها لترمي برأسها العنيد في أحضاني فا شعوري بها يتجاوز عاطفة الأخوة ليرقى لعاطفة أقرب للأمومة .. و كم هو شعور طاغي يحاصرك ويضعك في موقع ضعف باسم الحب ! * * * فينوس تدعي عدم المبالاة : أنتِ مالج كبير و أنا مالي خص .. ديمة : لو مالي كبير ما طعت أبوي و تصرفت من كيفي .. فينوس : تجذبين على منو ؟!! .. أبوي ما وافق إلا لما شافج موافقه و باصمة با العشر .. ديمة بعناد : انا موافقه عن أقتناع .. فينوس : فعلا أنتِ موافقه عن قناعة أنزرعت براسج .. على العموم بكيفج و مثل ما قلت لج أنا مالي خص .. ديمة بنبرة رجاء : فينوس مهما صار بينا أنتِ الوحيده اللي اعرف أن مصلحتي تهمها . .ساعديني .. فينوس :.. قلت لج ها المسامح ما يناسبج و أنتِ معنده إلا تبين تزوجينه . .شتبيني بعد أساعدج فيه ؟!!! ديمة : أمي .. شلون أقنعها ؟ .. أنا ما أبي أخسرها لأني مخططه بعد ما أتزوج أجيبها تعيش معاي في بيتي .. فينوس و لتو أدركت السبب : اهاااا .. و هذا سبب الزواج طبعا .. ديمة : بس هذا مو السبب الوحيد .. مسامح عاجبني .. فينوس بتهكم : خلاص روحي لأمج و قولي لها بكل بساطه عاجبني .. ديمه تقترب من أختها الكبرى لتمسك كفها ممره في نفس الوقت نظرتها المترجية على وجهها : محتاجتج .. تكفين فينوس تعالي معاي .. امي تحبج و تقدرج و أكيد بتقتنع لما تشوفج موافقه .. فينوس تنفض كفها من كف ديمة : و من قال اني مقتنعه ؟!! ديمه تدعي الصلابة و الثقة : كل اللي أطلبه منج تحبيني مثل ما أنا .. أنا جذيه تقبليني و أحترمي قراري .. أنا بتزوج مسامح سواء رفضتي أو وافقتي و با المثل موافقة و رفض أمي ما راح تغير شي .. اللي بيتغير بس أنكم بتكونون يا قراب أو بعاد عني في حياتي الجديدة .. * * كنت دوما أقرأ هوامشها و لم أتطلع يوما لسطر الذي وقفت عليه طويلا متأرجحة تدندن يمكن لي أن أستمر من دون رفقة .. هكذا هي عنيدة حتى لو أصبحت وحيدة .. و ستمضي بما خططت له بعد أن تجبرنا أن ننحني لمطالبها أو نقع في فخ التخلي عنها .. و في كلا الحالتين يبدوا الخيار لنا ! وافقت مبدئيا و أنا لا أعرف على وجه الدقة ما علي فعله لتجنيبها ارتكاب أكبر حماقاتها كل ما أعرفه أني ضد هذا الزواج و بما أني تبينت السبب الحقيقي لموافقتها فأنا لست بصدد تغيير رأيي .. سارعت بارتداء عباءتي و التقاط حقيبتي التي كنت قد تركت هاتفي النقال بداخلها و قبل أن أهم با الخروج هزمت إرادتي و أخرجته أنظر لشاشته و أتأكد إن كان هناك رسائل واردة .. فمنذ أن استلمت رسالته با الأمس و أنا أخفي هاتفي كا لغم و أراقبه عن بعد ! .. و عندما لم أجد رسالة جديدة كما أملت تحماقت و أعدت قراءة رسالته التي لم استطع إلغائها .. " ليتني رحلت و لوحت لج مودع و لا رميت قلبي عليج و قلت طالق .. تحلليني يا بنت عمي ؟ " يريد أن يرضي ضميره و يودعني مره أخرى بشكل لائق حتى لا لا تلحق به ذنوبه و تقتص منه في وقت عاثر .. إذا هكذا نوى أن يبدأ من جديد و يرحل لأرض بعيده ليزرع بها ما لم يفلحه في أرضي ! .. أحللك ؟!! .. دعني أبدأ بانتشالك من كل هوة تركتها في قلبي و أبعدك عن كل شريان تجري به مع دمي قبل أن أطلق سراحك و أموت ! * * فينوس : من متى تهتم ؟! .. و إلا ها المره لك أكبر مصلحة .. عذبي يهم بإغلاق باب سيارته : تحبين تركبين قدام أو ورى .. فينوس تركب بجانبه : لا تشيل ذنبها .. و تصرف كا أخ .. عذبي يربط حزام الأمان : و هذا أنا أتصرف كا أخ .. قالت لي أبيك توقف معاي و أنا قدام أمي و قلت لها على ها الخشم .. فينوس تهمس له قبل أن تصل ديمة للباب الخلفي : تراني من اللحين أقولك أنا بصف أم ديمة .. * * * هذه ثاني نصيحة جادت بها زوجة أبي علي .. أن دوما أجعلي برفقتكِ متضادان لتحضي بقوة الجذب ! و هكذا اخترت فينوس و عذبي الذي اعرف أن كلاهما يحب الآخر مهما اختلف معه .. سيقفان بجانبي أي كانت أرائهم و أجندتهم لأن أي منهم لن يتخلى عن الآخر عندما يراه يسقط ! * * فينوس تلتفت لديمة : جيبي من الأخير ليش قلتِ لعذبي يودينا .. ديمة بنبرة تدعي بها البراءه : لأن مسامح صديقه و يقدر يتكلم عنه أفضل مني قدام أمي .. فينوس بغضب : جذابه .. ديمه بغضب مماثل : كل يرى الناس بعين طبعه .. عذبي ينهر كلاهما : بس .. أنتم ما تستحون كل وحده لسانها و شطوله و لا كأني معاكم .. * * * يمكن لي أن أرى وجهي من غير مرآة .. لابد أنه أصطبغ بلون الأحمر .. جعلتني ديمة أتصرف كا طفلة أجادل و أرمي التهم و لا أهتم للمكان أو لمن صف خلفها في دور مساند ! .. * * أعذر فينوس أنها خرجت عن ما ألفنا من هدوء في تصرفاتها .. فهي كانت في مهمة إنقاذ و أتيت أنا بخطة مضادة أنقذ بها مصالح لا تكترث لها .. كنت قد هممت بتجهيز حقائبي و قضاء نهاية الأسبوع بعيدا عن صخب حياتي و جنون أطفالي الذين أصبحوا عبأ علي كا عازب حتى قاطعت ديمة خططي بطلبها الذي كنت سأرده لو لم اعلم بان فينوس سوف ترافقها .. "لن أتركها لفينوس التي تستميت لإنهاء هذا الزواج قبل أن يبدأ" .. هكذا حدثت نفسي .. ......................................................... كلما داهمني المخاض ردد الضعف أنها أطول الساعات و أقساها .. و ذهني المستباح بآلاف المخاوف يرفع رايات العصيان و يأبى امتصاص الوهم و تبديد الوقت حتى تشرق الشمس من جديد و ترجع حياتي لروتين ! لكن هذه الدقائق الممتدة أقسى جدا من أي مخاض مررت به .. فا وطئت الوقت محمل بمأساة امتدت لسنين و لا تنبأ بولادة أمل جديد ! و ها أنا منذ أن خرجت أنفال مع هند للمستشفى و دخل ساري على عجل ليواسي وضوح أقف خلف ستائر النافذة متلصصة منها لعلي ألمح قبل الكل توافد المغدور بهم ( شملان و ديمة) خائفة و غير واثقة من قدرتي على إحجام انعكاس الحقيقة على أفعالهم التي دوما بدت للكل في منتهى الثورية .. فمن يصدق أن ذاك الشاب الخدوم و الودود مع الكل سيصبح شيطان يتجول على سطح الأرض و أن تلك الطفلة الخجولة التي تهاب من تحرك الظل معها ممكن أن تتحول لجاسوسة و لصة ! و في زحمة أفكاري لمحت شملان يترجل من سيارته و يتجه لمنزله و في تقاسيم وجه بانت علامات الشرود ! .. ما خطبه ؟ .. هل أستشعر الحزن في أرجاء الحي أم لاحظ الظلام المحيط بمنزلنا التعيس .. أم حزنه يشبه حزني الذي مصدره الفقد .. كم هو مضحك مبكي أن شملان و أنا تركنا في ذاك القصر قلبينا و هربنا بشكل مخزي .. من المؤكد أن فينوس أصبحت حلم ليس وارد تحققه على ارض الواقع كما أصبح عذبي بنسبة لي ! .. أي كان السبب الأقوى لحزنه و أي كان وجه التشابه بيننا فا وجهتي تغيرت لطريق الذي يجمع منزل التعساء بمنزل الأشباح و ما إن وصلت حتى جبُنت و رددت على نفسي أن علي التراجع قبل أن يشعر بتواجدي لكن تفكيري تشتت بحركته البطيئة و شروده الذي تجلى في تأنيه عندما مدي يده و اخرج المفتاح ليضعه بتردد في القفل و يفتح الباب ببطء كأنه يستكشف المكان .. و في لحظة كأنه أفاق ليلتفت خلفه و يجدني متسمرة و في عيني الذنب ! .. * * * شملان الذي تفاجأ من تواجد وصايف : بسم الله الرحمن الرحيم .. وصايف شموقفج هني ؟! * * * لم اعرف من أين علي أن أبدأ .. و كيف لي أن أشرح له كل ما جرى الليلة و كل ما كان من أسرار خبأت لسنوات عنا .. و في غمرة أفكاري زجر بي متسائلا ما خطبي و لخوفي و ارتباكي لم أدقق باختيار كلماتي .. ألقيت الحقيقة مجردة كما هي من دون أي مقدمات .. و كم كان وقعها عليه مخيفا .. و كم ندمت ! * * * كنت آخر من خرج من السيارة .. تعللت بعباءتي من ثم بحذائي و با الأخير وجدت أن لا مفر من إغلاق الباب ! .. كان كلاهما يقف أمامي و في أعينهم بان التحدي .. فينوس تتحداني أن أواصل ما يعرف كلينا أنه الخطأ و عذبي يتحداني أن أكسب أهم صفقه في حياتي ! .. لا يهم أي منهما سيفوز با التحدي لان الآخر سينتهي به الأمر غير راضِ ليفسد لحظة الفوز على الآخر .. و أربح أنا في كل الأحوال ! * * كان عذبي هو من قاد الخطى و تبعته أنا تاركة ديمة تجتر خطواتها خلفنا لتتعثر فجأة بعباءتي فقد توقفت متعمده حتى أعطيها فرصة لتراجع و العودة لطريق السوي .. لكن قبل أن أنطق أعتلى صوته المزمجر سكون الليل لينتهك كل جوارحي و يأسرها في لحظة صمت ليتوقف كلاهما ينظر لي كأني بهم يتساءلون هل صوته أنفطر من قلبي أم أتى مع الريح العاصفة التي تكاد تقتلع الشجر المائل على سور الحديقة ؟!! * * عذبي غير متأكد مما سمع : سمعتوا شي ؟ ديمة تقطب حاجبيها : كأنه صوت شملان . .الظاهر معصب و يهاوش !.. فينوس تضع كفها على قلبها لتهدأ روعه : عذبي تكفى روح شوف شصاير .. صوته أختفى ! * * لم أحتاج لهذا الرجاء المثخن با الخوف حتى أسارع لمصدر الصوت القادم من الحديقة الخلفية الذي وصلته بلمح البصر ليتراءى لي من خلف بضع شجيرات هيئتها التي أعرفها من بين ملايين البشر .. كانت هناك راكعة بجانبه و شالها الأسود الذي تمرد تحته شعرها يكاد يسقط بأحضانه .. تبكي و تهمس له بكلمات لا تصلني و هو يمد كفه المرتعشة لها ! زوجتي .. بل زوجتي السابقة ... لا .. ابنة عمتي .. بل أم أطفالي .. مع رجل آخر تحت الظلام و خلف الشجيرات ! . .صورة تشوبها كل شائبة .. و تشعل في القلب موجة حرائق ليتحول الدم لنيران و تُشل الأطراف و يصبح السير محال .. * * * ذهب هو لاستكشاف الوضع و دخلنا نحن لمنزل خالي حيث الباب كان مفتوح كأنه يستقبلنا .. دخلت فينوس قبلي و بدت خطواتها خجولة و تبعتها و أنا خائفة أن تقفز والدتي أمامي و تبدأ المواجهة لكن أختي الأضحوكة قررت أن تقف في أول الممر لتعيد تاريخها و تتصرف بحماقة ! * * فينوس بهمس : هدي أيدي .. ديمة بهمس مماثل : وين رايحه ؟!! .. ما سمعتي عذبي يقول أدخلوا البيت و أنا وراكم .. فينوس على عجالة : وهذا حنا دخلنا و ما في صوت لأحد و أخوج طوّل .. أنا بروح أشوف شا اللي صار .. ديمة : وين طوّل ؟! .. حتى خمس دقايق ما مرت .. فينوس تتوقف لثانية لتضع يدها على قلبها الذي زادت نبضاته : أنا خايفه .. أحس صاير شي .. ديمة أنا مو سامعة صوت في البيت و لا برى ... ديمة تسيطر على خوفها المماثل لخوف أختها : زين نطلع ندور عذبي بس يمكن نلقاه يسولف مع شملان و مو صاير شي و آخرتها يصير موقفنا بايخ .. و با الأخص انتِ .. فينوس بحل طفولي : بنطل من بعيد .. ديمة تخرج هاتفها : أنا بتصل بأنفال عشان تنزل لنا و هي اللي تروح تشوف شنو اللي صاير .. فينوس تنطلق لما عزمت الأمر عليه : سوي اللي يريحج .. بس أنا ما اقدر أنتظر .. * * عجيب ! .. كيف تبادلنا الأدوار ؟ .. قبل ساعة كانت هي الأخت الكبرى الأكثر نضوجا و أنا الطفلة التي تختلق الأعذار و الآن أنقلب الحال و أصبحت طرفة في ثوان ! .. و حتى لو أصبحت طرفة و للحماقة أستاذة فا ليس أمامي إلا ألحاق بها فا الجو هنا مريب و أنفال حلي الأخير على هاتفها لا تجيب .. و أنا لا أملك الشجاعة الكافية لأن أقف وحيده أو أتحرك شبرا بمفردي في هذا المنزل الذي يبدوا مهجورا .. * * أتلف نفسي لأصبح مادة لزينة على موائد الشفقة .. هذا أنا أخطأ من جديد في حق نفسي و أعرضها في طريق من أقسمت أني عنه تبت .. لكن رسالته الأخيرة و صوته المزمجر بهلع سلبا إرادتي و لم تعد بي طاقة على تمثيل القسوة , و تأجيلها ليوم آخر لن يحدث أي فرق في حالتي الميئوس منها ! .. * * كنت أريد أن أساعده و انتهيت باغتياله .. ليتهاوى أمامي ينشد الهواء الذي استعصى على دخول لرأته .. انفجرت باكية و لدقائق تهت في دوامة الهلع حتى طلب مني با الإشارة أن أساعده في فتح ياقته التي تكاد تقطع عروق النبض في رقبته .. تنفس .. تنفس ببطء .. شهيق زفير .. هكذا رددت .. لكنه فقد الوعي أمامي خلال ثواني ! * * * وصلنا لنتلصص من بعيد على أخينا الذي لا نرى إلا ظهره .. و لم نعرف على ماذا نتلصص و هو واقف لوحده !.. محنط هكذا بدا و عندما اقتربنا و شعر بنا ليتلفت و يلجمنا بهالة الغضب التي أحاطت به و جعلت من الخطر الاقتراب منه ! .. لكن تصاعد صوت بكاء أنثى قادم من خلف الشجيرات التي وقف تحتها عذبي سبق أسئلتنا التي أردنا بها توضيحا .. لتنفلت فينوس من بيننا تركض كا مجنونة .. ويكتمل المشهد ! * * * وصلت النجدة هكذا صغت الجملة التي هممت بنطق بها ما إن رأيت فينوس تركض باتجاهنا .. لكن شل لساني ما إن رأيت عذبي يراقب الوضع من بعيد و على وجهه ظهرت علامات ألا مبالاة ! مسحت دموعي بباطن كفي بغضب و هرولت باتجاهه كأني قنبلة موقوتة تهرول لساعة الصفر .. * * وصايف تصرخ بعذبي : ولد عمك يموت قدامك و أنت واقف هني مثل الصنم ؟!! .. تحرك .. سو شي .. * * عادت الدماء لعروقي و الحرارة بكفي التي هبطت بقوة على خد وصايف .. لتسقط تحت قدماي و تنتشلها ديمة التي رددت بذعر " شااللي صار ؟؟ .. شفيكم ؟ " .. لم أجبها بل اتجهت لأفرغ غضبي في تلك الغبية التي احتضنت رأس طليقها تغسله بدموعها المنسكبة بغزارة متناسية الدين و العرف و كل ما مرت به من ألم مصدره هذا الرأس ! * * فينوس التي أنتشلها عذبي تصرخ بأخيها بهستيريا : شملان مات .. مااااات .. * * اخترق صوتها المذبوح قلبي و كفي التي كانت تشد على ذراعها بعنف حاوطتها لتستكين بين ضلوعي و رغما عني قطعت لها وعدا بمساعدته .. فا موته سيعقبه نهايتها هذا ما قرأته سريعا في عينيها ! * * لا أعرف ما الذي أصابني هل تعثرت ووقعت قبل أن أصل إليه أم عاجلني هو بصفعة أسقطتني تحت قدميه ؟! .. لوهلة كنت حائرة في كيفية تفسير ألامي الجسدية التي جعلتني كا خرقة بالية و لم أعد من شرودي إلا و أنا محاطة بذراعي ديمة الصغيرة كأنها تسندني و تستند علي و تحاول بكلمات غير مرتبة أن تهون الأمر عليها و علي ! .. دفعتها بعيدا عني في إشارة غير محكية باني لست بحاجة لمساعدتها و باني قادرة على الوقوف و تسديد ضربة أقوى له أرد بها اعتباري .. لكن قبل أن أهم بما عزمت الأمر عليه مر سريعا بجانبي و هو يحمل على كتفه العريضة جسد شملان الهزيل و فينوس تقع بأحضاني تبكي بمرارة و تردد متسائلة " وصايف شفيه شملان.. ليش ما يرد علي .. هو مات و إلا مت أنا ؟! " .. كدت أن اقسم لحظتها أن قلبي توقف لثانية .. فا كيف لي أن أعرف من منا مات الليلة و كلنا نتنفس ؟! .. * * عندما أبعدتني وصايف تهت لم أعرف ما علي فعله و لم أكن أبدا بصدد التوجه لمساندة أختي التي تبدوا أنها فقدت الشعور با المكان و الأشخاص لذا تبعته هاربة و قبل أن ينطق رميت بنفسي بمقعد السائق المجاور و تركت الرجاء في عيني يطل أن لا تتركني هنا و أجعلني أذهب معك في دور مساعد لسائق .. و هكذا طار بنا سريعا للمستشفى ليودع شملان في غرفة الملاحظة و يتفرق لي أنا !... * * * ديمة بعد أن أنهى عذبي اتصاله مع أصيل : لهدرجة مثقله عليك عشان تتصل بأصيل يجي ياخذني ؟ عذبي المرهق : أنتي فهمتي غلط .. أصيل بيجي يقعد مكاني هني .. مثل ما تعرفين أنا ما لغيت رحلتي عشان أقابل شملان في المستشفى و إلا نسيتي .. أو تراجعتي ؟!! ديمة بخجل : لا .. ما تراجعت .. * * * لم يرد متابعة الحديث و كأنه اكتفى بتأكد أني لم أتراجع هذا ما فهمته بعد أن قاطع كلامي بوقوفه المفاجأ و هو يخبرني أن أنتظر هنا بينما يذهب هو للبحث عن ماكينة القهوة .. لم يسألني إن كنت أرغب با القهوة و لم أتوقع منه أن يسأل .. نعم هو أخي الأكبر لكن لا أذكر أنه في يوم جلب لي و لو قطعة حلوى ! * * * كنت مشتت الذهن .. أفكر بفينوس التي تركتها ورائي منهارة و با تلك التي أريد أن أمحو صورتها و هي تذرف الدمع من أجله أما هو فا زادت حيرتي معه ما أن شخص الطبيب حالته بانهيار عصبي ! و هكذا لم أشعر بقلة ذوقي إلا بعدما عدت للجلوس بجانبها على مقاعد الانتظار لأجد نفسي مجبرا على الكلام معها و هذا ما كنت أتحاشاه طوال الوقت , فأنا لا أجيد التعامل مع ديمة .. فا هي ليست طفلة و لا راشدة و لا حتى غريب يمكن لي أن أجامله فا هي في ذاكرتي بقت دوما تلك الرضيعة التي جلبها والدي و اخبرنا مرارا و تكرار ألا تقتربوا منها فقد تؤذوها من دون أن تشعروا و هي كا اليتيمة ستحتار لمن تشكوا ! * * * عذبي يجمل الموقف : تصدقين زادو مسميات القهوة على الماكينة و ما عرفت با الضبط شنو اطلب لج .. كنت رايح على اساس بلقى نوع واحد و توهقت .. ديمة : أنا ما أحب القهوة .. عذبي : فيه كافتيريا بطابق الأول إذا تحبين تجيبين لج شي على ما يجي أصيل و نمشي .. ديمة وقفت بشكل آلي ثم عاودت الجلوس : ما تبي أجيب لك شي .. عذبي يرفع فنجان قهوته : بكتفي با القهوة .. شكرا .. * * * سلوكيات عذبي لا تناسب ما يعد طبيعيا في أعراف مجتمعنا .. لكن هذا هو عذبي مختلف بكل شيء .. و لا يمكن أن يوضع بقائمة ما هو صحيح أو ما يعتبر خطأ مثلي أنا ! ............................................................ .... * * تلقفته بأحضاني و لم أجد في نفسي الغضب الذي كان يستشيط في دمائي .. هو هنا .. بخير .. و هذا يكفي .. فا الساعات الطويلة التي قضيتها بانتظاره و الخوف ينخر قلبي جعلني منهكة القوى و ليس باستطاعتي تناول الغضب أو لفظه .. * * وداد : يعني للحين ما جعت ؟ سالم الذي يمثل انغماسه في الدراسة : مو قلت لج تعشيت مع شملان وداد : مو هذا اللي محيرني .. شوداك لشملان ؟!! سالم بغضب : يووووووه عاد ما راح نخلص من ها التحقيق .. من دخلت الباب و أنتِ سين و جيم مو كافي باجر وراي امتحان .. وداد تستقيم بوقفتها و بلهجة حادة : مو لأني طوفت لك غيبتك عن البيت يوم كامل تحسب أنك كبير و مالك والي .. و اللحين أبيك تفهمني شموديك لشملان .. .و شلون يجيبك و لا يوجه لي لو حرف كأنه بينكم أتفاق .. سالم : أي بينا أتفاق .. أني ادرس و انجح و هو بيتكفل بكل مصاريفي و مصاريفج .. وداد و شعور بريبة يقتحم نبرتها الغاضبة : و المقابل ؟!! سالم : المقابل أني ما اسلم دفتر علي لأحد .. وداد تطلق ضحكه متهكمة : و تبيني أصدق أن شملان يفيد معاه الأبتزاز .. و لا من واحد ما يجي ربع عمره .. أضحك علي بغيرها سالم بقلة حيله : عاد هذا اللي صار يعني تبيني أجذب عشان تصدقين .. وداد بعد صمت قصير كانت تراقب به سالم الذي عاد لدراسة : زين وين دفتر علي ؟ سالم من دون أن يرفع عيناه عن كتابه : شايله و ما راح اعطيه لأي أحد .. وداد : يا سلام و أنا أكيد ها الأي احد .. سالم : أنا حلفت و أقسمت قدام شملان .. تبيني أقطع حلفي ؟!! وداد : علي زوجي و دفتره يخصني .. * * * وجدت نفسي خارج غرفته .. لقد حركني بقوة لم أعلم أنه يملكها ! عدت سريعا لأطرق بابه بغضب ليزجر بصوت يمكن أن يستخدم لطرق الحديد أن علي أن أحترم حدودي و أن لا أتعدى على خصوصيته .. " كفي عن إزعاجي " .. آخر ما نطق به قبل أن أعود لغرفتي مذهولة .. اندسست بفراشي خائفة منه و عليه و في راسي تسبح مخاوفي بهيئة أسئلة تبدأ با كيف و تنتهي با متى .. كيف سأتعامل مع مراهق و متى ستنهي مهمتي اتجاهه , علمي بثقل عبأ تنشئته و مراقبته ينمو بطريقه صحيحة ليس بجديد لكن في هذه اللحظة أدركت أني أشهد أهم مرحلة من رحلته لبلوغ سن الرشد و علي أن أكون في منتهى الحذر بتعامل معه و أي كان مستوى تعليمي و فهمي و إدراكي لما حولي و اعترافي بفشلي الشخصي إلا أنني أمام كل ما يتهدد أخي عازمة أن أملك القوة حتى و إن سلبتها من مخدع أعتا الجبابرة ! .. ............................................................ .. * * * قفزت من أعلى قمة اختبأت بها عن كل البشر لأغوص لأقصى نقطة تسلب مني التفكير با الذي مضى ... عدت من إجازتي القصيرة و ارتميت بأحضان العمل من جديد و لم أترك أي فسحة و لا حتى لساعة إلا و ملأتها بكل ما قد يشغل ذهني و جسدي حتى لو كان ذلك يعني أن أقوم بعمل مضاعف لا يندرج تحت مسماي الوظيفي ! .. و هكذا عندما طلب مني عذبي أن أتواجد با المستشفى لأرافق شملان الذي لا أتذكر انه مرض من قبل بمرض يستدعي دخلوه للمستشفى لكن هذه الحقيقة لم تسقي فضولي و لم أسال عن أية تفاصيل لم يتبرع عذبي با الإدلاء بها و اكتفيت بتحرك بشكل آلي لملأ الوقت ! * * * أصيل : ديمة معاك ؟!! عذبي يريد أن يختصر التفاصيل : أي لما أغمى على شملان كنا في بيت عمتي و ما حبت تقعد هناك و أخذتها معاي .. أصيل : زين من متى راحت للكافتيريا ؟ عذبي : يعني صار لها يمكن عشر دقايق . أصيل مقرعا لأخيه الكبير : عذبي الله يهداك تخلي أختك الصغيرة أدوج في المستشفى بروحها .. يعني ما قدرت تروح معاها الكافتيريا عذبي : ترانا بمستشفى مو بشارع .. يعني شنو بيصير .. * * * فضيحة جديدة .. هذا بكل بساطة ما قد يحدث .. لم أشرك عذبي فيما يدور في خلدي فانا لست بصدد معالجة أي قضية أنا فقط أريد أن أحد الضرر و أترك الأمور تسير في مجراها الطبيعي , لكن علي البحث عنها أولا قبل أن تفرغ الكافتيريا من جميع محتوياتها .. و هكذا توجهت لحيث مكان تواجدها الذي لم أجد أي أثر لها به , انتابني القلق و بدأت أراها في مخيلتي تدس الإبر و الأدوية في حقيبتها الكبيرة و هذا سيكون الأمر الذي لن تفلح معه تسديد فاتورة مضاعفة لصاحب البقالة فا الدكاترة عقلياتهم تختلف و يشخصون أي حالة شاذة بكل بساطة و على حسب التزامهم بمسؤولياتهم يتصرفون , مما قد ينهي مرض ديمة بأحد المصحات ليتسرب ملفها المليء با العقد كا مقال رئيسي على صفحات جرائد الفضائح لتنتهي أكبر صفقه خططت لظفر بها والدتي التي ابتدأت معاناتها بدخول أنثى جميلة لحياتها الرتيبه لتصبح لها غريمه و الآن من حقها أن تنهيها في صفقه يضحى لها أغلى ما تملك أم ديمة !. * * ديمة التي وجدت أصيل أمامها و في عينيه قرأت قائمة مليئة با التهم : كنت أسال الصيدلي عن كريم أستخدمه للحبوب .. أصيل : أفتحي جنطتج .. ديمة تتدفق الدموع لمقلتيها و تهمس برجاء : أصيل شلون أبطل لك جنطتي و تفتشها قدام الناس ؟!! .. ما يكفي أني أحلف لك أني ما سرقت شي .. أصيل : أنا و أنتِ نعرف أن السروق ما تفرق معاه يحلف .. على كل حال أمشي قدامي للمصافط عذبي في سيارته ينتظرج .. * * * كنت قد مددت يدي بخفه انوي على قطعة السكاكر الأخيرة ليوقفني صوت متوسل أن اتركها له .. كان طفل صغير يمثل على محترفة البراءة .. تركتها له و قلبي مستنفذ القوى فقد كان لعدة دقائق يستجمع كل تهور ذاب في دمي ليضخه في أطرافي التي احترفت السرقة .. كدت أن أتسبب لنفسي بفضيحة و عذبي ليس كا أصيل .. لن يبتزني و يصمت بمقابل بل سينزل بي عقوبة تناسب اختلافه ! .. قد ينهي حلمي با الاستقرار مع والدتي بعيدا عن والدته .. قد يحبسني بجانب طرفة لأكون أضحوكة .. و يُسرق عمري أمامي من دون أن يجرم أحد و أصبح أنا العقوبة و المجني عليه و الجاني ... * * * عذبي الذي لاحظ غياب ديمة : صار شي بينج و بين أصيل .. ديمة بارتباك " شنو يعني بيصير ؟!! عذبي : يعني تهاوشتوا .. طالبته شي و رفض .. ديمة بأختصار : لا .. عذبي : أنا ما أدعي أني اعرف طبيعتج بس شكلج مو طبيعي .. ديمة تستحضر روحها المراوغة : يمكن لأني سرحت شوي تحس أني مو طبيعيه .. عذبي بفضول : بشنو سرحتي ؟ ديمة : فيك و في أصيل .. أنا أدري أنكم ما تعودتوا تتحملون مسؤوليتي بس أنتم أصلا في حياتكم مسئولين .. بس لما أستند عليكم ترتبكون و أخاف لا أطيح .. عذبي أبتسم بتعجب : كلامج كبير يا صغيرة .. ديمة تبتسم با المقابل : مو الكلام الكبير ما يطلع إلا من الصغير .. عذبي يأخذ نفسا عميقا و يبدأ بحديث لا يعرف إلى ما سوف ينتهي إليه : أسمعي يا ديمة أنا و أصيل نتحمل مسؤولية مؤسسة تقوم على أصول و رؤوس أموال لان ندخل بمبدأ الربح و الخسارة .. بس في العلاقات الإنسانية صعب الواحد يخلي نفسه مسئول و يعرض نفسه لاحتمال الخسارة .. ديمة : على جذيه راح تعيشون بروحكم ... لأن إذا بتخافون الخسارة ما راح تنشئون أي علاقة .. عذبي يبتسم مجددا : صحيح .. بس في علاقات من قبل ما تنشأ يكون احتمال الربح فيها اكبر من الخسارة .. ديمة تكمل : و في علاقة تشبه علاقتنا .. أنا الخسرانه من يوم انولدت.. عذبي : ديمة أنتِ يوم أنولدت كنت داخل العشرين .. كان ممكن أصير أبوج .. و احساسي فيج أكبر من أحساس أخ .. أنا خفت أتحمل وقتها مسؤوليتج و للحين أرفض ها المسؤولية بس تأكدي أني حبيتج من أول مره شلتج فيها و قبل لا تعرفين أني أخوج .. ديمة تغالب دموع استثارها حديث عذبي : و مسامح بيشيل مسؤوليتي ؟ عذبي يصمت لدقيقة : تبين الحقيقة أنا واثق في مسامح و قدرته على تحمل المسؤولية بس مو واثق فيج .. هو يناسبج بس أشك أنج تناسبينه .. ديمة بتساؤل حقيقي : أجل ليش تشجعني أتزوجه ؟ عذبي : لان أنتِ و أنا و كل اللي في البيت بنستفيد حتى أمج بتستفيد .. و هو مو جاهل أكيد حاسب ربحه و خسارته .. ديمة تستجمع شجاعتها و تنتهي بسؤال الذي كانت تريد أن تبدأ به : لو وحده من بناتك في مكاني بتشجعها تتزوج مسامح .. عذبي تنزلق منه الحقيقة على عجاله : لا .. * * * كنت لتو أخبرها أني أحبها فطريا حتى و إن لم أتصرف كأخ لتعاجلني بسؤال كبلني با الخطايا و وسمني با العار في هيئة جواب عفوي لم أتمهل في صياغته .. و الآن تركت حائر في كيفية تصحيح الخلل و ترميم ما هزه جوابي .. * * * كأني بكل أنوار الشوارع تختفي و كل ما كان يمر بنا من أصوات لسيارات تنقطع .. أصبح شعوري بين عدم وضوح برؤية تسبب به دمعي و ضجيج مصدره قلبي صم أذني .. إذا هذه الحقيقة .. و كل ما كان قبله كذب .. لم يشعر بي كأب و لم يحبني في أول مرة حملني بين يديه .. بل أنا عبأ فرضه والدي على كل من سكن ذاك السجن و حتى لا يخسروه تركوني في زاوية التجاهل و عندما استدعت الحاجة أصبحت الأخت التي كانوا يجدون صعوبة في التعامل معها لخوف منبعه حب أكبر من التعبير ! * * عذبي يركن سيارته في حارة الأمان : ديمة بس لا تبجين ... خليني أشرح لج جوابي .. ديمة التي تشهق بدموعها الحارة : لا تخاف أنا مو شرهانه عليك .. أنت أصلا ما تعرف تحب .. و وصايف أكبر مثال .. * * توقفت هنا عن أي محاولة لرأب الصدع .. الضرر تم و ها هي تنتقم مني بتشخيص حالتي العاطفية .. هي فعلا ليست بطفلة و لا للبراءة تنتمي .. أختي ذكية و تتلاعب بعواطف أي شخص منها يقترب .. و جلبت وصايف في المنتصف لتقلدني المشنقة من دون أن اعترض . ............................................................ ............... * * * لو أضعها في الميزان لما اشتكى لكن يدي الخاملتين رددت الشكوى و أنا أحارب ضعفي لأسند ثقلها .. كم هو عظيم هذا الحزن و الألم الذي يقبع كا ثقل بين عظامها الواهنة ! .. لم أرد أن أجرها للمنزل ليوقظ بكائها و مناجاتها لشملان كل من بات حزينا في منزلنا , و با الأخص و وضوح تنام أخيرا في أحضان ساري آمنه .. فا هذا ما أخبرني به با المختصر في رسالة قصيرة أراد بها أن أطمأن عليها و أنام .. و كيف يا ساري لي أن أنام ؟!.. و لك كل العذر في الاختباء فا حزن وضوح يكفيك لهذه الليلة , و حزن فينوس سأتكفل به لعلي أعوض على صديقة كل لحظات الخذلان التي منيت بها على يدي .. و كأنها قرأت أفكاري و بنظرة أعلنت بها الموافقة رافقتني لندخل من نفس الباب الذي تردد في فتحه لتمتد أناملها لمفاتيحه الباردة التي ظلت بعده معلقة , و بكل قوة تحتضنها و تزيد في نحيبها المكتوم .. * * فينوس : أبي أروح شقته .. وصايف بتردد : هذي شقة هند اللي أطلعت منها علي يمينا و اقرب لنا خلينا نستريح فيها .. فينوس : وصايف أنا مو طفلة تخافين عليها تنكسر لصعدت مكان عالي .. أنا بصعد لشقته و أنتِ معذوره إذا ما بغيتي تجين معاي .. وصايف : أنا بروح معاج لأي مكان .. بس أحس فشلة ندخل شقة واحد عزوبي و في غيابه .. فينوس تضحك بإنكسار : هذا كان ردي عليج و انتِ تترجيني أدخلج جناح عذبي في غايبه .. وصايف صدمت من جر فينوس لواقعة قديمة لتقيس بها الحاضر : أنا أكبر من أمس و انتِ دايما كنتي أكبر .. شنو اللي خلاج تصغرين ؟!! فينوس بمرارة : خبرج تغير .. و أنا وحده غير اللي عرفتيها .. و لا تكثرين أسئلة أنا تعبانه .. ............................................................ ...... * * * كانت حلمي الذي ادخرت له لأعوام و يوم امتلاكي لها نمت بأحضانها متحديا ليالي الشتاء القارصة .. لكن اختطفت مني و تحت ناظري تحولت بثوانِ لبركة من الملوثات ! بدأ الأمر بوالدتي تحثني أن أسارع الخطى لمنزل أهل هند لنقلها للمستشفى فا هي على مشارف الولادة و خالد على شاطئ أحد الجزر حط رحاله ليقضي نهاية الأسبوع من دون أن يهتم بمسؤولياته التي تكفلت بها كما يجب على الأخ لكن لم يدر في خلدي أن تبدأ ولادة طفلته في سيارتي و تستفرغ من الخوف أختها على مقاعد سيارتي الرياضية .. * * سند : يمه الله يهداج ليش تبجين . .أنا اللي لازم أبجي على سيارتي . أم خالد تمسح دموعها وتضرب كتف أبنها : و هذا كل اللي همك .. الحديد أهم عندك من بني آدم .. سند يأخذ كف والدته ويقبلها بحرارة : مزح يمه مزح .. أبيج تبتسمين بدال ها الدميعات .. أم خالد المتأثرة بولادة أول حفيدة لها : تلومني يا سند .. صار عندي بنية.. سند : يوووووه قولي أن كل ها الدميعات عشان صار في بيتنا بنت . كدينا خير بعد ها السنين كلها بتجي بنت خالد و تحكم البيت و تسرق قلب أميمتنا .. أم خالد تضحك من أعماقها : جعلي أشوفها تامر و تنهي و الكل يقولها سمي في بيت أبوها .. سند بإمتعاظ يرفع من صوته ليسمع الجالسة في الزاوية : يعني بتخربون البنت و تخلونها دعله .. أم خالد بغضب مصطنع : أشوفك جاورت ها البنيه و توها طالعه من بطن أمها .. سند : أنطري علي خليها بس تعرف العلم و اقصص أقرونها .. العوبة ما أقدرت تقعد في بطن أمها لين نوصل المستشفى .. * * * هذه قصتي معه .. فصول من الإحراج .. يبدو أن في كل موسم حتم علي إلقاء به في حدث لا ينسى , سند من الأشخاص الذين يتواجدوا بحياتك لتشك بنفسك و سلوكياتك و تصبح غريما و ناقدا غير صادق لروحك , و ها أنا مهما تحاشيت كل تقاطع يجمعني به أجد شخصيتي المضطربة الخائنة تقع بشكل درامي أمامه في أضيق زقاق يؤدي لطريق مسدود يعود بي له ليتفحص أخطائي من جديد عن قرب ! .. و من الخوف و الرعب استفرغت .. ما هو الجرم الذي ارتكبته ؟!.. أنا إنسانة و لا يمكن لي دائما أن أسيطر على انفعالاتي في موقف لم يمر علي من قبل ما يشبهه .. أختي بصياح زلزل عظامي تخبرني أنها سوف تموت و أنا بكل قوتي أتشبث بها بكفي المرتعشة و في نفسي خوف عميق بأنها سوف تغادر لأعود بيدي الأخرى الأكثر ارتعاشا للأمام لأبحث عن من يمسك بي في سيارته الضيقة التي يطير بها بجنون على الشوارع المتهالكة .. لينتهي بي الأمر مذنبة و أُقرع بدل أن يتم المباركة لي بسلامة أختي و بلقبي الجديد كا خالة. * * * ما إن عادت الإشارة لهاتفي المحمول حتى توافدت رسائل عدة تستعجلني الرد .. كان أولها من هند و آخرها من سند .. و النتيجة التي وصلت إليها مرعبة .. من المؤكد أن هند في المخاض .. اتصلت بسند و أنا متأهب لسماع الأسوأ لكن ما إن بدأ الترحيب بي بنبرته الفرحة حتى علمت أن الأسوأ قد مر و هذا ما أكده و جعلني أتنفس الصعداء .. نعم كنت قد تأهبت و أعددت الخطط المطلوبة منذ زمن طويل استعدادا للحظة التي سوف تلد بها طفلتي و لكن في قرارة نفسي لم أكن مستعد و كنت عن غير وعي أتهرب من هذه اللحظة و قد يكون اختياري لعطلة هذا الأسبوع بذات لممارسة هوايتي دليل على خوفي و عدم استعدادي الحقيقي , و هذا ما أخشى أن تكون توصلت إليه هند قبلي .. * * * سند بعد انتهى من سرد القصة كاملة بما فيها خسارته الفادحة : عاد كنت باخذ منك تعويض بس هونت .. خالد الذي يراقب أبنته من خلف الزجاج : و شا اللي خلاك تهون ؟ .. و لا تقول لأني أهديتك لقب عم .. و عفوا قبل ما تقول شكرا .. سند يضحك بعمق : عاد تحسب لقلت عفوا بنتعادل .. لا يا الحبيب أبي من الحين تقول تم .. خالد : على شنو .. سند : على زواج ولدي من بنتك .. خالد يقطب حاجبيه : و أنت من وين لك ولد ؟! سند : أنت لا يكون تحسب بقعد عزوبي طول عمري .. إن شاء الله بتزوج و أجيب عيال ينافسون عيالك على قلب أميمتي .. خالد : أي قول جذيه . السالفة كلها متعلقة في قلب أميمتي .. الظاهر خفت من بنتي .. سند : الصراحه بنتك تخوف .. من اللحين جا لها غلا أجل و أشلون لنادت أمي يا جده .. خالد : يوووه و قتها كلنا بنكون صفر على الشمال عند أمي .. سند : إلا ما قلت لي منافستي الجديدة و شسمها .. خالد : توه أمي حلفت علي ما اسمي عليها و تقول أشور عليك تسميها على خالتها .. سند و الخوف توسط عينيه : خالتها منو ؟ خالد : منو بعد .. خالتها اللي أول من شافها .. سند بإعتراض : لا تكفى خالد .. مو حلو أسم انفال .. خالد : با العكس حلو أسمها .. سند : لا ما أحس حلو ..يعني حتى لو بغيت أدلع بنتك صعب .. خالد : لا عاد التدليع سهل بأي حرف من اسمها .. سند باستهزاء : لا تكفى خلنا ندلعها بأول حرف من أسمها و نقولها أوأو.. خالد بغضب : أي عادي كل شي لايق لها .. سند متجاهلا لغضب أخيه : أقول بس لا تستعجل و تورط بنتك بها الاسم .. خالد بإمتعاض واضح بنبرته : واضح أن اللي مو عاجبك صاحبة الاسم مو الاسم بنفسه .. * * عندما هممت بتوضيح أستسخفت محاولتي .. أنفال فتاة غريبة و من المروءة أن لا أتكلم عنها بسوء و الطفلة بأي أسم ستنادى ستكون في النهاية ابنة أخي التي أحبها و مجموعة حروف على شكل أسم لن تغير من الأمر شيء . ............................................................ ................... * * * للأسماء أرض تحتفي برموز الحروف ليغرب حاملها في يوم تاركا وراءه وسم كا اسم ! ............................................................ ............... لقائنا الأسبوع المقبل بأذن الله ... |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. شكرا لكل اللي للحين يهتم با القصة و يحب يبين لي اهتمامه .. متابعتكم و تعليقاتكم هي الدافع لي للقفز فوق المشاغل و ممارسة هوايتي اللي أحبها .. و هذا الجزء أهديه لأختي اللي أكتشفت أنها اتابع بصمت .. * * * الجزء الثالث و العشرون : * * * ماهرون في صب القوالب و صنع الحاويات لكل شيء .. بدأً من حاجياتهم حتى مشاعرهم ! * * * للأمكنة ذاكرة من صور وروائح و هنا أستوطن عطره .. رائحته المتكلفة التي دوما وجدتها في علاقة تضاد مع بساطة أحاسيسي كلفتني رجاحة عقلي ! .. كنت جدا واضحة عندما سألني إن كانت تزعجني لأهمس له خجله " لا أحب استنشاق غيرها " و في ابتسامته الماكرة كان أكثر وضوحا و هو يمرر لي رسالة مفادها لكنها سلبت إرادتكِ و جعلتكِ دمية .. و كم كنت كاذبة أمام صدقه ! و ها هو حان حديث الصادقين أمام مقعده و فنجانه و هذا الكم من أوراقه .. كل ما لمس و كل ما حرك من ساكن أشعر معه با الألفة .. نعم أنا و الجمادات بيننا صلة قربى فا كلنا طوع بنانه .. يحركنا و ينسانا و نحن هنا بانتظاره ! كم من صباح تكاسلت نسيانه و شرعت لذاكرة باب خلفه يقبع الماضي .. حضوره الآسر و المربك .. في صمته و كل ما ينطق و فضولي المحترف في التلصص على سكونه و اختلاجاته و نبض الحياة في عنقه .. و كم من مره عدت غير مدركة أني خنت نفسي بل كم من مره تماديت في التحايل على قلبي و واربت بابه لعله يعود و أخرق عهدي الذي عذبني و لم يشفي أي جرح خلفه هجره .. و ها أنا أعود و أجلس أمام غيابه أستحضر صورته و ألونها اشتياقي تسكني الحسرة و الأسى و خوفا مرعب من فقدانه .. ألهي أطلبك أن يعود .. ليعود .. لأي كائن أو أي جماد لا صلة له بي . .فقط يعود .. و يكفي أن أعيش حياتي على شرفة الماضي المطلة على خيباتي ! * * * بين مطار و طائرة و إحساس هجر و شوق لوصل كنت زوجة مستشرق فتن في أرض العجائب يبحث عن كل ما هو ساحر و لم يلتفت يوما لجمال ماثل أمامه .. هو ... سيد أحاسيسي .. مخرس صهيلي و الناطق بكل عروقي .. منبع اندهاشي و انبهار جميع حواسي ..المترئس لكل آهاتي .. هو المتناسي .. هو من خسرني قبل أن أخسره ليعود في هبوط اضطراري و ينهي غيابه باغتيالي .. لأرتمي هنا بقايا رفات لعاشقة تجاورها صديقة تتفوق عليها في جميع المآسي ! تركتها تستكشف المكان و تواري أحزانها خلف أشياء شملان و ركنت لزاوية أحسب خساراتي من جديد .. لكن ما الذي أضفت على خساراتي السابقة ؟!! .. أنا انسحبت من حياته مهزومة من دون فرصة للعودة مرفوعة الرأس مرتدية كامل كبريائي .. و هذا يكفي عن مجمل خسارات و خط ألا عودة في آخر النهايات .. يا هذا الشعور الحارق با المهانة و ذاك الضعف الذي لوث كل تعالي مثلته في مسلسل انكساراتي .. و ها هو الخد النابض با الحرارة لا يكفي دليلا على الحرائق التي في عروقي مشتعلة .. لماذا صفعني ؟! .. اهو حساب لم ينتهي أم كره لي متصاعد .. أم أصبح و جهي وقود غضب به ساكن ؟! .. * * * فينوس عادت من أبحارها في عالم شملان لتنطق باستغراب : التكييف مفتوح و إنارة الممرات .. مو طبعه .. غريبة ! وصايف تلحق با فينوس : وين رايحه ؟ فينوس تبتسم بتهكم : باخذ جولة في الشقة يمكن في يوم أسكنها .. وصايف بجدية: فينوس وقفي و فكري .. ما تعتقدين أنج تقتحمين خصوصية شملان ؟ فينوس : أقتحم ؟!! .. و الله هو اللي مقتحم حياتي و محولها جحيم .. أنا بس بجدد ذاكرتي يمكن ألقى له عذر .. وصايف تبسط الأجوبة : ما يحتاج لقام بسلامة بتلقين له عذر .. فينوس تمد يدها فجأة لتتحسس خد وصايف : شنو اللي بخدج ؟!! وصايف باضطراب : أخوج مو صاحي قلت له أتصل با الإسعاف بدال ما أنت واقف مثل الصنم و ما حسيت إلا و هو معطيني كف ! فينوس متعجبة : كف ؟!! .. غريبة ! وصايف بنبرة و ملامح تدل على مزاج لسرد فكاهة : ما عليه راح اطوفها له و أقول أنا الغلطانه اللي رفعت صوتي عليه .. بس خلينا اللحين نطلع من هني .. أنا مو مرتاحة .. * * ما إن أنهيت جملتي حتى زُلزِلت مسامعنا بصوت قاهر .. ذعرنا و لم نستطع إلا الاندفاع باتجاه الباب لنخرج بسرعة كأن هناك وحش في أعقابنا .. لم نتوقف إلا بعدما دخلنا للمنزل نلهث لنغلق الباب على عجل و نحكم أقفاله .. * * فينوس بأنفاس متقطعة : شنو ها الصوت اللي سمعناه .. وصايف تبتلع ريقها : هذا نفس الصوت اللي صار لنا كم أسبوع نسمعه .. كنا نحسبه صوت شملان .. بس الظاهر أنه جني ! فينوس مستغرقة با التفكير : جني ! .. أو انسي مجنون ؟! وصايف المذعورة : أحس قلبي أنقطع . .با أتصل في أبوي يجي يشوف شا اللي صاير .. ما أبي أقوم ساري و تحس وضوح بسالفة فينوس : لا .. لا تتصلين في أبوج .. أنا شاكة بشي .. و أبي أتأكد .. وصايف : من شنو تأكدين ؟! فينوس : وصايف .. شا اللي صار لشملان اليوم .. ليش أنهار و أنتِ معاه ..أنتِ سألتيه عن الصوت أو أحد منكم دخل البيت في غيابه ؟ * * جوابي كان جاهز و معلب .. و لم تكن هي الأخرى بمنأى عن الألم .. ما أتقنت نقله لكثرة تكراره تركها خرساء لا تقوى على النطق .. * * وصايف بخوف : تكفين فينوس تكلمي .. لا تخرعيني عليج .. ترى أنا مو ناقصه .. فينوس بذهول : و عمتج بتعلم ديمة بها السالفة ؟!! . .أكيد ديمة راح تنجن .. مو كافيها عقد .. تبون تعقدونها أكثر .. وصايف بنبرة جادة تدافع بها عن نفسها : انا مالي شغل . .عمتي معزمة تعلمها و أنا كنت أنتظرها عشان أواسيها لان عمتي و أنا متأكدين أن ردة فعلها الأولى بتكون عنيفة .. فينوس : و عمتج تبي تريح ضميرها حتى لو ذبحت بنتها ؟!.. المعلومة هذي ما راح تفيدها بشي .. ديمة مالها علاقة بعلي وما عادت تنفع معرفتها لأن علي مات .. إلا إذا .. وصايف : إلا إذا شنو ؟! فينوس : إلا إذا اللي قالته وداد مربية عيالج صحيح و الصوت اللي سمعناه اليوم هو الدليل .. و عمتج أو أحد ثاني يعرف بها الشي .. عشان جذيه قالت أعترف و اشرح موقفي قبل ما أنفضح و ينسلب حقي بشرح و أكون على الأقل كسبت بنتي بصفي .. وصايف بحيرة بانت في نبرتها و ملامحها : ما فهمت .. * * * هنا حان دوري في نقل ما كان سرا .. و لم تكن صدمتها أقل من صدمتي ... تركتها تختلي بنفسها حتى تتجرع ما احتست من مر في كلامي من دون مراقبة مني , و احتجت أنا لشيء يعين على إلهائي عن بقايا الذعر الذي هز أوصالي لذا اتجهت للمطبخ أجهز القهوة لها و لي فكلانا نحتاج لأي منبه يساعدنا على التركيز حتى لا نسقط إلى الهلوسة في زحمة الشكوك .. * * وصايف : يا الله .. في راسي تتجمع الصور و أشوف أسئلة بكامل أجوبتها مرتبة قدامي اللحين .. و اللحين فهمت و أقدر أفسر كل شي .. تصرفات شملان كل ها السنين و تصرفاته الأغرب في آخر فترة .. معقول .. معقول فينوس .. فهميني .. أنا أعيش واقع و إلا هذا كابوس .. فينوس كأنها في حديث داخلي مع نفسها : مدري .. مدري .. بس ما في غيره يساعدني با الفهم .. وصايف : من تقصدين ؟ * * * الجلوس من دون فعل شيء يجرني نحو التفكير بكل ما هو خاطئ و بين جلد الذات و عض أصابع الندم بكل سادية أكاد أفقد الخيط الرفيع الذي يصلني بأهليتي في مجتمع لا يأبه بمدى عقلانيتي مادمت لم أجن رسميا ! صحيح أني أملك بين يدي ما هو مثير للفضول لكن الذهاب بعيدا في استكشاف ما قد عاهدت نفسي على نسيانه ذنب في حق نفسي لا يغتفر ! .. إذا لأجلس هنا و أتأمل المارين و أخلق لكل منهم قصة تأخذني بعيدا عن قصة حياتي المشينة ... نعم مشينة و جدا . .لا أجد فيها ما يذكر و يشرف .. كنت أخ خائن و أبن عم خائن و صديق خائن حتى أصبح أسمي مع الخيانة مقترن ! * * * أصيل يستقبل مكالمة فينوس بتململ : نعم خير ؟ فينوس : أصيل أنا في بيت عمي و ابي تجي تاخذني .. أصيل باختصار و بنبرة غير مهتمة : ما أقدر .. فينوس رجاء : تكفى أصيل تعال عندي شي مهم أبي أناقشك فيه .. أصيل ببرود مستمر : سولفي أسمعج .. فينوس : ما ينفع بتلفون بس الموضوع بخصوص شملان و وداد ... أصيل بسلبية : أها بخصوص شملان ! ... بس أنا ما أقدر أتحرك من مكاني .. أنا في المستشفى عنده بأمر من أخوج الكبير .. فينوس بتوجس : حالة شملان خطيرة لهدرجة ؟! أصيل كمن أراد أن يؤلمها متعمدا : انهيار عصبي و يمكن با الأخير يصير مجنون مثل علي .. و تتكرر القصة و يمكن لنفس النهاية تتجه .. فينوس تختنق بعبرات داهمتها : لا تفاول على ولد عمك .. و لا تشمت و يصيبك شي من شماتك .. أصيل بضحكة مبتورة متهكمة : بدتيه علي في جملة عفوية يا فينوس .. بس مو غريبة هو حتى على نفسج بديتيه .. فينوس بخجل فرض عليها ليغرق في نبرتها : أنا على نفسي أبديكم يا أخواني .. لا تشك بها الشي .. أصيل تجاهل ردها : عذبي جايكم بطريق تقدرين تردين معاه و أي موضوع تبين تناقشيني فيه أجليه لين أشوفج .. * * * ماذا كنت أنتظر من استفزازها .. هل أردت أن أتأكد من شيء أعرفه أم أردت أن تعرف حقيقة تدركها قبل أن ندركها نحن .. فينوس قضية فاشلة . .أنثى ارتضت المهانة باسم الحب .. و ها هي تتذرع باكتشاف جديد لتفتح قضية أغلقت لعلها تخلق من جديد طريق ينتهي بها مضحية و في الحقيقة سنردد سرا كم هي في منتهى الأنانية لأنها ستعود له لإرضاء قلبها و ستتركنا ورائها نتوجع على حالها .. و أي معادلة غارقة في الحماقة تستخدم لإتعاس نفسها ؟! .. ستعود إليه في النهاية و ما كل ما يحدث إلا مقدمات لعودة علاقتهم المسمومة من جديد و هو الرابح الوحيد بكل تأكيد .. * * * ما أتعسني من مجروحة أجلس مفضوحة على مقعد شبهة حيث الكل يذر الملح على جروحي المفتوحة .. هل يعتقدون أنهم لي غير مكشوفين ؟ .. أم اعتقدوا أن تعفنهم الذي لبس الأبيض أوهمني بأنهم لطهر منبع .. جدا مخطئون ولذنب أكبر هم حاملون.. أنا أنثى لا اعرف التصنع ... و هم ذكور .. يحبون لمجرد الهواية يبدءون با الغواية و ينتهون بجلد من أحبوا بسياط قيم لم يحترموها .. أنا و هم نختلف من مولدنا حتى خروج الروح ..هذه الحقيقة بكل بساطة .. * * * وصايف التي لتو انتهت من غسل فناجين القهوة : شفيج سرحانه في وجهي .. لهدرجة كف أخوج معلم على خدي ؟ فينوس تعود من شرودها : في ها اللحظة أنا فهمتج .. وصايف ترفع حاجبها متسائلة : و شنو اللي فهمتيه ؟!! فينوس : حسيتي انه نوى الفراق .. و سبقتيه ... و بدال ما تخسرينه و تخسرين نفسج قررتي تربحين كبريائج .. فضلتي الكل يكرهج و لا يطبطب على جراحج بشفقه أو يذر الملح عليهم لتسلية ! .. وصايف تداري تعرية مشاعرها : لا تزرعين فيني أماني عليج مفروضة .. أنتِ موقفج صح و هو اللي غلط في حقج و انتهت القصة و ما تحتاج تحليل .. فينوس : عشان جذيه سامحتيه ها المره على ها الكف المعلم في خدج .. تبينه يعرف أن موقفج صح و هو اللي غلط في حقج .. وصايف تبعثر ما أدركت : ما فهمت قصدج و ما يهمني أي تفسير فينوس : في داخلج أكيد تتمنين أني أروح و أقول له بتفصيل اللي قلتيه لي .. و با الأخص وقفتج مع شملان في الحديقة الخلفية .. تبينه يعرف انه توهم شي يعكس طبعه .. فصل خيانته على موقف وصايف و عبرة تختلط بأنفاسها القصيرة : يعني كنتي تعرفين بخيانته .. فينوس : ما أدري عن أي خيانة تكلمين بس الي أعرفه انه كان ناوي يتزوج الثانية بس ما عزم و ألغى الموضوع في ثاني يوم من فتحه مع أمي .. تراجع لأنه مو مقتنع .. وقتها يمكن كان يدور لحل لعلاقتكم المتوترة .. و أكون صريحة معاج يا وصايف مدري شلون صنفتي زواجه الثاني خيانة حتى لو صار .. أنا شخصيا كنت راح أرضى بثانية و أعتبر طلاقه لي خيانة .. وصايف : أنا ما أفكر مثلج .. يدخل مره ثانيه لحياته لو بصيغة شرعية أعتبرها في قاموسي خيانة .. و هو صحيح نوى و تراجع .. بس المره الثانية بينوي و يقدم عليها .. الفكرة مرت في باله و بتعشش فيه لين تبيض .. و ما كنت راح أتحمل يا فينوس .. ما كنت راح أتحمل .. فينوس : بدال ما كنتِ تنبئين في اللي بعلم الغيب كان الأجدر أنج تتفائلين با الخير و تشوفين تراجعه تمسك فيج .. وصايف : يعني كنتِ تبيني أحسن النية مثلج لين آخر لحظة حتى و هو يرميني تحت رجلينه أقول له أنا للحين متمسكه فيك ؟!! كنتِ تبيني أخلي القرار له و أصير أنا شي يقرر مصيره من دون ما يحرك ساكن ؟ فينوس تبتلع الإهانة التي حشتها وصايف في سؤالها : أحسن ما تتخذين عنه قراره و تهدمين بيتج و تخسرين عيالج .. و أنا ما أحب ادخل معاج بمقارنة لأن أنا وياج ما نتشابه . .انتِ أقوى و عندج أكثر من اللي عندي عشان تخسرينه و ربحج في كل الحالات مؤكد وصايف قبل أن تغادر: تصدقين .. أول مره أشفق عليج يا فينوس ... معقول يخدعج و يخليج تعتقدين أنج كنتِ معاه تملكين كل شي و خسرتي كل شي في أول لحظة تخلى فيها عنج ؟!! .. يعني انتِ انولدتِ ميتة و معاه عشتي و من بعده رجعتي ميتة ؟! فينوس تلحق بوصايف لتوقفها و بغضب تنطق : دايما تتركوني بعد ما تنهوني .. مشكلتي اعرف و أفهم بس قلبي دايما يخوني .. و أنتِ و وضوح مثال .. قلبي قدامكم هزمني على أن عقلي كان يردد تراهم مو صديقاتج و بأبسط موقف تحتاجينهم فيه راح يتخلون عنج * * * لم أعرف بماذا أجيبها بغير أنني أحتاج ان أبتعد في هذه اللحظة عنها و لا أريد أن أفهم أي شيء مما حدث اليوم , حتى الصوت المخيف الذي بث الذعر في قلبي أريد أن أنساه .. و قد يكون توجهي للمستشفى لاصطحاب أنفال و الاطمئنان على هند و مولُدتها عذر كافي للابتعاد قبل أن ينتصف الليل .. لكن ها هي فينوس لا تستطيع أن تقسو أو أن تخفي اهتمامها الحقيقي لتصر علي أن أتمهل حتى الصباح للاطمئنان على هند و هي مع عذبي سيقومون بمهمة إرجاع أنفال من المستشفى لكن جوابي كان حاسما على عرضها .. أنا قررت لو غرق كل ما حولي با العتمة أن أسير وحيده و أعتمد على نفسي التي سوف تجد لي العذر دوما ! * * * الهالات السوداء تحيط بعينيها المغلقتين بتعب .. نائمة على ما أعتقد أو حيلة منها لتأجيل المواجهة حتى تستعيد قوتها .. أي كانت الحقيقة لا أجد فائدة من جلوسي هنا .. * * خالد : يله يا أم خالد و يا خالة أنفال خلونا نسري .. أنفال : لا أنا راح أبات عند هند ما أقدر خليها . أم خالد مؤيدة : أي خليج عند أختج أخاف لقعدت تبي شي و الممرضات لاهيات عنها .. و أنا بجيكم أن شاء الله أول ما تشرق الشمس بريوقها .. أنفال مبتسمة : لا تعبين نفسج يا خالة أكيد أمي بتجي الصبح معاها ريوق هند .. أم خالد : ميخالف كلن يجيب ريوق ما يضر .. يله فمان الله .. * * * ما أن خرجوا حتى خلعت عبائتي و حجابي و تمددت براحة على الكنب الموضوع بجانب سرير هند و قبل أن أغمض عيني انتبهت لعينيها ... * * أنفال التي قفزت لسرير أختها : هنوده شفيج تبجين .. يعورج شي .. هند تمسح دموعها بكفها الواهن : يعورني قلبي .. أنفال بجزع : سلامة قلبج ... أكيد من خويلد الخبل .. هند تنفجر باكية : يقهر يا أنفال يقهر .. هو يدري أن هذا موعد ولادتي التقريبي اللي حدده الدكتور و هو بكل بساطه قطني وراه و لا همه .. أنفال بتعاطف :.. بس لا تبجين تراني على طريف .. طلبتج هند هدي نفسج أنتي توج والده و مفروض ترتاحين .. هند بنبرة حزينة تجرها من وهن امرأة لتو عادت للحياة بعد أن ظنت أنها تموت : توني أستوعب غلطتي .. وين أرتاح و أنا تأكدت اليوم أني ورطت نفسي مع شخص قاسي و أناني و ما عنده إحساس إلا بنفسه .. أنا با النسبة له مكينة تفريخ تضمن استمرار نسله .. أنفال لا تعرف أي المفردات انسب لمواساة أختها التي لتو خرجت من تجربة الولادة للمرة الأولى : يمكن ها الصفات فيه اللحين بس أكيد راح يتغير .. الأبوة راح تغيره و تخليه يضحي و يصير مسؤول .. و بعدين الله كرمج و عطاج من فضله فلا تشبهين نفسج بجماد و أحمديه .. هند بأسى : الحمد الله .. الحمد الله .. أنفال بعد صمت لاحظت ابتسامة تتسلل لثغر أختها المتعبة : ضحكيني معاج .. هند : قاعده أخمن جمل تضحك .. جمل أمي اللي ساعدتها ترفع معنوياتها بكل موقف خيب أبوي ظنها فيه .. مسكينة امي من يوم ولادة ساري لين اللحين و هي تخدع نفسها و ترتجي أبوي يتغير.. صدق من قال من شب على شيء شاب عليه .. أنفال : هذا المثل سخيف .. الإنسان يتغير للأسوء أو للأحسن بس يتغير .. و مو معقول بيشب على شي و يشيب عليه .. و بعدين لا تعممين .. و مو كل الناس مثل بعض .. و من الأحسن أبوي لا أدخلينه بسالفة و تخلينه عقده لان أبوي ممكن يكون تغير و حنا ما ندري .. أنتِ يعني كنتِ تعرفينه قبل ما تنولدين ؟ هند : أعرف أمي يا أنفال اللي حيل صرت أشبها .. لا تخلين حبج لأبوي ينسيج معاناتها معاه .. أبوي شخص مغامر يتصرف في أغلب الأوقات كا عزوبي و كل خططه هدفها منفعته .. أحيانا أفكر و أسأل نفسي معقول أبوي يشوفنا عبأ و غلطة شبابه ؟ أنفال بعصبية : لا أنتِ صرتي تخبصين واجد .. أنا بروح اجيب لج شي تشربينه عشان تروقين و نصيحه حاولي تلقين في أبو بنتج شي أيجابي لان هو با الأساس كان أختيارج و أكيد كنتي تشوفين فيه شي ما كنا نشوفه .. * * * لم أكن أرى أنفال .. كنت ساذجة أحلم با الحب و الحياة الوردية الهادئة الخالية من أي منقصات عرفتها والدتي و عمتي مع من أحببن و عندما التقيت خالد ألبسته كل ما تمنيت من صفات بفارس الأحلام و لم أسمح لنفسي أن اشكك بأحاسيسي اتجاهه من موقف عابر .. كانت كل الدلائل أمامي لكني كنت أفندها بأحاسيسي .. كنت فقد أريد أن أغير حياتي و أي تغيير مهما كان سيكون حتما إيجابي و بهذه القناعة كنت ادفع نفسي اتجاهه غير مدركة أني اتجه للهاوية .. و الآن ما الذي عليه فعله .. هل أستمر با الحياة معه لأكرر قصتي من خلال أبنتي أم أنقذها و أنقذ نفسي من النهاية الحتمية لزواج بنيانه هش ؟ .. ............................................................ ............. * * * كنت أشعر با الوحشة قبل وصولهم فقد كنت أجلس بتأهب كا غريبة في كهف على أرض أجنبية .. فقد تركتني وصايف مكررة أني لست بغريبة و من أهل الدار لكن شعور بضيق لم يفارقني حتى وصلوا , لم أعرف هل علي أن أتنفس الصعداء أم أحبس أنفاسي لكن من المؤكد أني تركت القيادة و إصدار التعليمات لعذبي لتتوجه ديمة لاستدعاء والدتها و لأخبر عذبي على عجل بصوت المخيف الذي سمعناه .. لكن عذبي لم يهتم و أنهى النقاش بتفسير غير منطقي بأن الصوت لأب غاضب على زوجته و أبناءه و الليل دوما يحمل الصوت ليقذفه بشكل مرعب على أسماعنا ! لا ألومه على هذا التفسير فقد حكيت له نصف الحقيقة .. لم أخبره إننا كنا بشقة شملان لأني لتو استوعبت أني كنت حمقاء أتصرف بجرأة لا أتقنها .. و حضرت أم ديمة و جلسنا حولها لتطلب منا الإنصات من دون مقاطعة و هذا ما حدث فلم ينطق احدنا بحرف قبل أن تنهي حديثها برجاء المسامحة و هي تمسح دموعها التي لم تتوقف منذ أن نطقت بأول كلمة .. و بما أنني كنت أعرف كل ما صرحت به لم أغيب في ردة فعل بل وجهت نظري لديمة و عذبي لاستكشف ردة فعلهما .. عذبي لم يعطني فرصة و وقف مرتبكا ليغادر المكان بسرعة .. أما ديمة التي كانت تجلس مذهولة تحدق بوالدتها و كأنها تعيد كل ما قالت في ذهنها فاجأتني و فاجأت والدتها بارتمائها باكيه في أحضانها ..... لتنطق على عجل و بمفردات طفلة منبوذة تشكل سؤال بسيط تريد به إيجاد جواب شافي لجراحها .. * * * ديمة : يعني أبوي اللي كان ما يبيني أعيش معاج مو أنتِ اللي ما كنتي تبيني ؟.. صح يمه .. قولي لي الحقيقة .. أم ديمة : أنا و هو أتفقنا اني ما أصلح أربيج .. و لأني احبج يا ديمة ما بغيت تعيشين معاي و أأذيج مثل ما أذيت نفسي و اللي حولي .. ديمة التي بللت الدموع خدها تبكي بألم : خلاص أنا كبرت ما احتاج أحد يربيني أنا أحتاج أحد يحبني .. مو أنتِ تحبيني ؟ أم ديمة بأمومة : أحبج أكثر من نفسي .. أنتِ قلبي و عقلي و كلي . ديمة : أجل لا تخليني و أنا أسامحج عن سنين يتمي .. * * * لم أستطع البقاء أمام هذا الموقف الذي لم يمر علي من قبل .. لم أرى نفسي أو أحد من أخوتي يرتمي هكذا بأحضان والدتي و يبكي و تبكي معه .. نعم أمي كانت معنا دوما .. و نعم لم تقترف ذنب يوازي ذنب أم ديمة لكن لم تعبر في يوم عن عاطفتها و لم تسمح لنا أن نعبر با المقابل عن عاطفتنا اتجاهها .. حقا .. لم تكن يوما أما با المعنى المعروف .. حتى عندما توسلت أحضانها في ذاك اليوم الذي أتيتها مكسورة عاجلتني بصفعة و بنبرة غاضبة أمرتني أن لا أبكي على رجل . و كم أرى الآن ذنبها لا يغتفر ! * * * فينوس تركب بجانب عذبي الذي منذ أن خرج توارى في عتمة سيارته : عذبي شفيك ؟ عذبي ينتبه لفينوس : ما فيني شي .. وين ديمة ؟ فينوس : بتنام الليلة عند أمها ... عذبي باستغراب : بتنام عندها ؟!! فينوس تربط حزام الأمان و بتململ : شنو يعني كنت متوقع تسوي ؟ .. تذبح أمها مثلا لأنها كانت تبي تجنن أمنا .. عذبي بتهكم : الظاهر أخيرا لقت شي مشترك بينها و بين أمها .. فينوس : أو أخيرا تبدد الغموض اللي لف حياتها .. دايما كانت تبي تعرف سبب تخلي أمها عنها لأنها كانت متأكدة أن أمها تحبها ... تخيل عذبي .. ديمة من كانت صغيرة و هي متأكدة من عاطفة أمها اتجاهها على أن كل شي كان يقول لها العكس ... شي مذهل صح ؟ عذبي بنبرة تحمل الملامة : و أنتِ شنو أكتشفتي اليوم ؟ .. أن امج ما تهمج و أن يمكن لو أنسحرت بتحبينها أكثر لأن وقتها بتلقين عذر لها عن كل شي ما يعجبج .. فينوس : لا تحاول تحطني بموقف ما اتخذته .. و خلني أقرب لك الرؤية .. لو وصايف ما انسحبت من حياتك بشكل يصعب فيه رجوعكم لبعض كان ممكن هي اللي تسيطر عليها الغيره وتخليها ترتكب شي أبشع .. و إذا كنت تشوف اللي سوته شي ما ينغفر تخيل بس لو تزوجت عليها شلون بتكون ردة فعلها .. عذبي بثقة : لا يمكن وصايف تنزل لها المستوى .. وصايف على كل الأخطاء اللي فيها إلا أنها تخاف الله و لا يمكن تكفر فيه بفعل مثل السحر .. فينوس : غريبة أنك للحين تشوف فيها شي زين و أنت قبل كم ساعة معطيها كف عشان شي ما فهمته .. ترى وضوح عرفت بسالفة و انهارت و ساري عندها و وصايف كانت با الحديقة تعلم شملان بسالفة .. عذبي : أنا ما شكيت فيها بس ما رضيت لأم عيالي الموقف اللي حطت نفسها فيه .. كان ممكن تاخذ أنفال و تنقل الخبر لشملان أو تنتظر لصبح و ساري ينقله .. فينوس : شملان كان معزوم على العشا عندهم و كان بيجي و يكتشف السالفة و هي حبت تمهد له و أنفال مع هند با مستشفى الولادة .. عذبي : مو عذر . .كان ممكن تتصل عليج و تقولين لي و أنا أتصرف .. فينوس : لا يمكن كانت راحت تطلب مساعدتك و الدليل هذي هي رايحة بآخر الليل تجيب أنفال من المستشفى .. عذبي بعصبية : أنجنت هذي ؟!! .. ما عاد تستحي ولا تميز .. بس الشرها مو عليها الشره على الابو و الأخو اللي مخلينها على كيفها فينوس بعصبية مماثلة : مو توك تقول وصايف تخاف الله .. عذبي : أي تخاف الله بس ما تخاف من اللي ما يخافون الله .. تحط نفسها بمواقف شبه .. تقهر .. فينوس تتسائل بعفوية : لا يكون تقصد شملان ؟!! عذبي : يا ها الشملان اللي حاشرينه في كل موضوع .. * * * وددت لو أمتصني المقعد لأختفي .. غبية.. غبية .. دوما أفضح نفسي بردات فعلي الغير متزنة .. لما جلبت شملان للحديث و لما أهتم إن كان يقصده ؟ .. ألا اكف عن الدفاع عنه و تبيض صورته أمام الكل .. فمن حوله يعرفونه ربما أكثر مني و ما أفعل و أقول لا يخدمني بل يزيد من شفقتهم علي . * * * عذبي : ليش ما تردين علي ؟! فينوس تدعي الغضب لتداري إحراجها : نعم آمر .. أسمعك .. عذبي: أتصلي بوصايف شوفيها وين .. و إذا للحين با المستشفى لا تطلع لين نجيها .. * * * هممت بدخول للمنزل و فكرة واحده تدور بعقلي كيف سيفسر الجيران المتلصصين وصولي للمنزل وحيدة في منتصف الليل .. لكن قبل أن أرسم تخيلات أوسع تلقيت مكالمة من فينوس تطمأن بها علي , فأخبرتها بأني الآن با المنزل بعدما اطمأننت على هند و مولدتها و تركت أنفال ترعاها حتى الصباح لتقوم هي الأخرى بطمأنتي أن الأمور سارت بشكل جيد بين ديمة و عمتي .. * * موقف غريب فقد كنت قبل شهور قليلة الوحيد المعني بها و الذي من حقه الاتصال بها في أي وقت و معرفة كل تحركاتها الصغير منها و الكبير .. على الرغم أنني تنازلت عن هذا الحق منذ سنوات !.. و لم يكن السبب راجع لعدم اهتمامي أو نقص بفضولي حول كل ما يخصها إلا أنني كنت أحتال لأعرف من أين و إلى أين ذهبت و كيف قضت يومها و ما ارتدت لحفل صديقتها من دون أن أسالها مباشرة حتى لا أعطيها الحق في استجوابي واضع أمامها أطروحاتي حول الحياة المتزنة التي لا يخنقها الزواج و تعقيداته حول ماهية الآخر و إلى أي حد أصبح ملكية !.. و من المثير لسخرية أني اكتشفت أنها كانت تسمح لي بمعرفة ما تريد أن أعرف فقط .. من المؤكد أنها كانت تعرف أني ألتقط كل ما يخصها و أتبع كل خطواتها حتى لو أدعيت العكس .. و من المؤكد أنها لم ترى في ذلك اهتماما لأني لم أظهره لها لتهتم .. قد تكون رأته محاولة مني لاصطياد أخطائها و إطلاقها عند أي بادرة خلاف من المحتمل أن أخسره .. * * فينوس : عذبي يسألك سؤال سخيف بس أتمنى تجاوب عليه من دون ما ترد تسألني ليش سألت ها السؤال .. عذبي أبتسم لهذه المقدمة الغير متقنة : تفضلي .. فينوس : برأيك .. من اللي طلع ربحان من فشل زواجه أنا و إلا وصايف ؟ * * اكتفيت بصمت جوابا و أكتفت هي بإلقاء السؤال من دون حثي على الإجابة ... أي منهن ربحت ؟ .. كيف لي أن أعرف و أنا أحد أركان الفشل ؟!! ............................................................ ......... * * * و جاء الصباح متكاسلا أمام نشاط سالم الذي توجه لمدرسته و في وجهه بدت الهمة .. هناك ما تغير و سبب التغير من المؤكد مصدره شملان .. نعم شملان و من غيره يؤثر في حياتي و حياة أخي .. و بكل تأكيد لا يؤرقني إيجاد الأجوبة في دوافع شملان فلن تؤدي بي إلا إلى الحيرة و الزيادة في تشويش فكري الذي أحتاجه لتوضيح مساري .. فا انا أريد أن أعرف إلى أين يجب أن اتجه و ما علي فعله و كيف لي أن افعله .. لكن هذا المكان لا يسمح لي للوصول إلى أفاق فكري .. و لن تترتب أفكاري و تكون أكثر تناسقا و وضوحا إلا بترتيب مكاني .. لكن بعض الأمكنة لا تتغير مهما أعدت ترتيبها فا كيف با الأمكنة الخالية .. نعم منزلنا لشدة بساطته يبجوا خاليا و على الرغم من ذلك أصر على تزيين أركانه بكل ما اقتنيت على شكل هدايا فريدة من علي .. لكن هدياه لم تعد مميزة من دون وجوده .. فقد كنت أعود أليها دوما عندما أبتعد عنه حتى أشعر بتواجده معي لكن هذه المره طال تباعدنا و أصبحت هداياه مؤلمة ! لا .. الأشياء لا تؤلم إلا إذا استخدمت بشكل مؤلم .. فا نحن من نعطيها وظائف لا تناسبها ثم نتهمها عند حدوث أي ضرر .. و ها أنا أتمادى في إيلام نفسي .. أغير أمكنة التحف التي صنعها علي كأني أغير الأمكنة لبدأ حديث جديد معه .. و أعيد تنظيفها في اليوم ثلاث مرات كأني أطعمها الوجبات الرئيسية حتى اتأكد من أنها سوف تشيخ معي و أواصل النظر إليها كأني أنظر لتبسمه لي من دون سبب و أعقابها أحيانا بتجاهل كلما ظننت أنها تشي لي بما أتمنى و أخجل الاعتراف به .. و رغم كل هذا التلاهي إلا أنني ما زلت بائسة ! لكن لما ها هنا أغرق في البؤس ؟ .. أليس هذا ما أردته .. أليس أنا من أردت أن أبدأ من جديد بعيدا عنه .. أليس أنا من رددت دوما أن علاقتنا لا هدف منها و لا تنتهي لشيء .. أليس أنا من أردت التحرر من وضعي الغريب معه ؟ .. و ها هو كل ما تمنيت حصل فمبالي لا أكف عن تذكير نفسي به .. لماذا يتآكل عقلي كلما فكرت به .. و قلبي يتوجع من الخوف عليه .. لماذا كل ما أريده الآن هو البكاء و كل ما أقدر عليه دمعة متحجرة في مقلتي ؟! تبا لهذه الجمادات ما عادت تنفع لتلهي ... أريد مفرداته المجنونة و جمله الغامضة و صمته الساحر .. أين ؟ .. أين أخفى سالم دفتره ؟ لكن من المستحيل أن يكون في منزلنا الصغير الذي أنظف كل ركن فيه يوميا من دون أن أغفل عن أحد زواياه .. أيعقل انه أستأمنه عند أحد أصحابه ؟ لن أجعل هذه الفكرة تحبط آمالي باكتشاف مكانه و بما أني عاطلة عن العمل فلدي كل الوقت و الجهد في استكشاف الكنز ! ............................................................ ...... * * * في عينيه انطفأت إشارات الحياة .. فلا وجود لنظرة التحدي و لا الخبث المتخفي تحت ابتسامة ساخرة غير مهتمة .. و ها هو يستلقي بهدوء على فراشه و يمد نظره لسقف حيث لا يبدو على وعي مما حوله .. و ها أنا أجد نفسي مجبرا على مجالسته ! .. في الواقع لا أحد يجبرني لكن أجد ضميري يردد أن هذا هو التصرف الصحيح . أتمنى لو أن عذبي لم يحجز له غرفة خاصة حتى يكون لي متنفس و أتسلى بمراقبة ذاك الكهل الآتي من البادية في السرير المجاور لسرير شملان في الجناح العمومي .. فقد بدا قويا رغم المرض الذي أتى به للمستشفى فا قد أذهلني بفطنته و سرعة بديهته و تيقظ حواسه .. و من المثير للإعجاب أن حالته العقلية لا تقارن بتفوق عواطفه الشابة فا رغم كل السنين التي تجعدت حول عينيه إلا أنه لم يترك للمرض فرصه لمنعه من إلغاء الأشعار على الممرضات بنبرة خاصة متوددة , و كم هو مضحك أن الممرضات اللاتي تعاملن با جدية و مهنية مع كل الشبان في الجناح وجدن اهتمامه محبب و غير منفر بل كن يطالبن با المزيد ! .. أود أن أتخيل أنني أصبحت بعمره ليس من أجل الممرضات بكل تأكيد لكن من أجل الحياة .. هل كانت تصرفاتي سوف تحاكي تصرفاته ؟ .. هل سأملك قلب ينبض ؟ .. أشك ! .. فا ها أنا ما زالت شابا و أبدوا دوما متجهم .. بل أنني لم اعد أرى أي جمال في كل ما يحيطني .. أيامي كلها سيان و ساعاتي مثقلة بالوحدة .. * * * أصيل يقترب من سرير شملان حالما سمعه يتمتم : عطشان .. تبي أجيب لك ماي ؟ شملان بصوت متعب : علي .. أبي أروح البيت .. أصيل الذي يعتقد أن شملان يهذي : الله يرحمه و يجمعنا فيه با الجنة .. أنا أصيل يا شملان .. شملان يحاول أن يرفع نفسه ليستوي على فراشه : أصيل . .أسمعني .. أصيل يمنعه من الجلوس : أستريح يا ابن الحلال و أنا أسمعك .. شملان : أبي اطلع من هنيه .. أصيل : الدكتور يقول يبيلك يومين على الأقل في المستشفى بعدها ينصحك بمراجعة طبيب مختص في الأمراض النفسية .. شملان تقفز من عينيه دمعه : كانوا يقولون انه مجنون .. عذبوه بعلاجاتهم .. لأ .. حنا اللي عذبناه .. و هي اللي أجرمت .. أصيل الذي يعتقد أن شملان يهذي بقصة وصايف و علي : شملان حاول تنسى واضح أن الماضي و تراكماته قضوا عليك .. شملان متجاهلا ما قال اصيل : علي بروحه يا أصيل .. في البيت بروحه .. أصيل يتجاهل ما يعتقد أن شملان يهذي به : أنا بروح للمرضة تعطيك شي يريحك .. شملان يمسك بيد أصيل بكل قوة استطاع استجماعها : كل اللي قالته وداد لكم صحيح .. و علي في بيتي .. لا تخليه بروحه .. * * * * الأخطاء ترهقها ثقل الأكاذيب .. ليكون أصلاحها ختم نهاية بدل مقولة لنبدأ من جديد ! ............................................................ ......... إلى اللقاء عن قريب بأذن الله .. |
الجزء الرابع و العشرون : * * * نهرول مع أول سرب نحو السعادة أنطلق و نسقط بطلقة على يد منتحر لم يستطع ألحاق با السرب ! * * * ضوء الشمس المتسلل بخوف عبر الستائر الرمادية لغرفتي الكئيبة أنحبس في مرآتي و لم يكفي لتعرية الشحوب الذي غطى مساحات شاسعة من وجهي المتعب , ليسقط الظل واهنا على زمن تسرب تحت عباءة الفقد السميكة .. لأرجع با الزمن لذكرياتي مع ذاك الصديق و ألتقط كل ما أوقعته متعمدا في رحلتي نحو نسيانه , ليتحالف حنيني له مع اشتياقي لي ! مشتاق لكل ما كنت عليه .. حتى مع كل النواقص التي كنت أرزح تحت وطأتها إلا أنني كنت إنسان أفضل, أملك من المميزات ما يعادل عيوبي , و حتى إن كان من المستحيل العودة لما كنت عليه سأكتفي با الولادة من جديد .. سأتخذه عذرا لأتغير من دون أن أُهزم , سأخبر الكل أن حدادي لم يعد له معنى بعودته للحياة و سأرمي الآفات النفسية التي ارتديت لزمن طويل لأتزين بحلل جديدة تواكب وضعي الجديد ! و ها هو شوقي يزداد قوة ليهزم خوفي من لحظة التلاقي التي لم اعتقد بإمكانية تواجدها على رزنامة هذه الدنيا الفانية .. لأرمي الساعة غير مكترث لعقاربها و أنهي الزمن بقفزة كبيرة نحو المستقبل ! * * بثقل الهموم كان يجتر صوته عبر أسلاك الهاتف ليرجوني أن أتواجد أمامه على وجه السرعة من دون أن يشعر بي أحد , و بعد أن وبختني أمي كا طفلة أهملت وجبتها بسبب لعبتها التي جلبتها على المائدة , انسحبت بهدوء تاركة أمي و أبي يتباحثون بأمر ديمة التي اتصلت هذا الصباح لتخبرهم أنها لن تعود ! و على أول عتبات السلم توقفت بتردد متسائلة , هل أصيل يريد أي شخص يشاركه البؤس و يمكن أن يبوح أمامه بما كان يجول في ذهنه هذا الصباح عندما وجد نفسه في معركة لا تخصه .. أم استدعاني ليواسيني ! .. أيعقل أنه يحمل أخبارا سيئة حول حالة شملان ؟ .. لكن لو كان يحمل أي أخبار سيئة عنه سأكون آخر شخص يفكر بأعلامي بها , إذا ما الداعي لكل هذه العجلة مع التأكيد على أهمية السرية ؟! .. تابعت صعودي بعد أن أخرست تخميناتي لأفاجأ به ينادي من أسفل السلم الذي وصلت لقمته معتقده أنه كان بانتظاري عنده لأهم بنزول لأسفل السلم مجددا لكن هذه المرة على عجل و من دون التفكير بأي أسئلة ! * * * أصيل بهمس : تأخرتي .. فينوس بهمس مماثل : مو قلت ما تبي أحد يحس فيني .. لو قمت أول ما كلمتني جان حسوا في شي .. أصيل على عجل : خلاص مو مشكلة .. المهم أنا مشغل سيارتي وراي إذا تبين تروحين معاي ألبسي عباتج و ألحقيني .. فينوس بفزع : أروح معاك ؟! .. وين ؟ .. أصيل شسالفة ؟ .. صاير شي ؟ أصيل يتلفت حوله ليتأكد من عدم تواجد أحد با القرب منهم : بروح لوداد و أبيج تجين معاي عشان نقنعها تروح معانا لبيت شملان .. فينوس تبتلع مخاوفها و تكمل بصيغة السؤال ما تردد أخيها عن إكماله : لأن شملان قال لك أن علي هناك ؟ * * * تجاوزني و هو يهمس " خلينا نخلص من ها السالفة " .. لأقف و فوقي غيمة تساؤلات تصدرها سؤال مخيف .. ما الذي سوف ننهيه عندما نكشف الستار عن سر شملان ؟! ............................................................ ......... * * * لم يكف هاتفي عن الرنين و المتصل واحد ... أمي ... أكره تجاهل اتصالاتها لكن لعجزي أجد شراء الوقت مع إفلاسي تحايل .. يجب أن تعرف أمي أنه لا يوجد بين يدي أي حلول .. و أني لا أوازي عبقريتها في تصريف الأمور و لا قلبي بسماكة قلبها القادر على تجفيف أوردته عندما يكره ! .. و كم كانت و مازالت تكره تلك المرأة التي زلزلت عالمها عندما دخلته .. و ها هي تتخلى عن حذرها و تثبت لنا أنها دوما رأت في ديمة مصدرا لاستمرار هذا الكره حتى مع ابتعاد أبي باختياره عن تلك الأنثى التي سلبته قلبه و لم تعده ! أمي هذا الصباح أخرجت كل ما في جعبتها من ألم , فأخذت تصرخ بي حالما أخبرتها بما حدث ليطال غضبها والدي الذي أتى من مكتبه على عجل ليخبرنا أن ديمة لتو أنهت اتصالاً مفاده أنها لن تعود أبدا , لنقف أنا و هو نراقب ثورتها بتعجب كأننا تلاميذ نستقبل تعنيف معلمتنا بصمت !! .. و تحررنا من دون أن نحاول عندما سقط نظرها على أفشل تلامذتها و هو يريها أسخف ابتساماته , و هكذا أصبح أصيل بمروره غير المكترث محور غضبها لتوقفه بهاتفها الذي رمته باتجاهه ليصيب ظهره و يتناثر ! .. فا يمتثل .. و يقف لثواني ثم ينحني ليلتقط أجزائه على مهل و يرميه في سلة المهملات كأنه يتخلص من أداة جريمة ! .. و قبل أن يكمل طريقه لعالمه الخاص رمى عليها لفظيا ما زاد اشتعالها " عيدي حساباتج و تقبلي الموضوع .. ام ديمة تملك قلوب اللي حوالينها بسهولة من دون ما تشتريهم " .. لتعاجله بصفعه لم تهزه و لم تغير ملامحه بل انعكست على والدي الذي صرخ بها ناهرا لترتمي بأحضانه باكيه ! .. لم نعهدها عنيفة تستعمل القوة عند العجز و لا منكسرة تستدر عطف من حولها و الاكثر إدهاشا أنها اليوم استنجدت با أبي و ارتمت بأحضانه ليمدها بدعم عاطفي لم نعتقد أنها تحتاجه منه هو على الأخص أو هكذا تظاهرت لأعوام حتى صدقنا .. أمي تلك المرأة الحديدة التي لا تحتاج لظل رجل لتدبير أمورها لم تكن فقط مستقلة ماديا بل مستقلة عن والدي بكل شؤونها و لم تكن تحتاجه إلا أبا لنا ! و أمام هذا الموقف المشحون لم أجد بدا من الهرب .. و جعلت وجهتي الأولى المستشفى حيث شملان لأجد وضوح و ساري و كل عائلة عمتي متواجدة ! .. لم تكن هي من بينهم و لم أجد نفسي مرتاحا بتواجد معهم في نفس الحيز .. لذا عاودت الهرب لأكثر الأماكن ضجيجا في هذه المدينة التعيسة لعلي أسكت الأصوات التي تضج في رأسي , لكن فشلت و عاودت الهروب فا الأصوات التي تحتل تفكيري ترفض الصمت .. و إلى ألا مكان وصلت متمنيا أن أجد بقعة على وجه هذه البسيطة أُنسى به ! .. لكن لا مفر ؟ .. فا طيف أبنائي يوشوش لي بكل ما يؤرقني , و لا يمكن للأمكنة أو أي من الأزمنة أن يخفي آثارهم في قلبي المنهزم .. و ها هي أمي تثبت مجددا أن لا مفر ! لا تستسلم أمي لتعاود اتصالاتها برنين متواصل غطى على كل الضجيج المعتمل بي ! .. لأتردد مجددا با الرد على اتصالها, لكن طيف أبنائي كان يحثني على الاستسلام و عند الرنة الأخيرة اتخذت قراري برد لعل ما تبقى من شجاعتي يسعفني لأسقط بعض المسؤوليات التي ألقيت على عاتقي قسرا .. * * * عذبي على عجل : و الله يكفيني مسؤولية عيالي .. أعفيني .. وصايف بصوت مبحوح : أعفيك ؟!! .. أنت أعفيت نفسك و هذي بنتي جايتني مع السايق بروحها .. طفلة ضعيفة لا حول و لا قوة لها تجي ميته بجي مع السايق .. أنت شنو فهمني .. عذبي الذي أستوعب أن محدثته هي وصايف : فطوم عندج ؟!! وصايف تدفع عبرتها لتتكلم بصعوبة : أي عندي يا أبوها .. فهمني شلون خليتها تجي لي مع السايق بروحها ؟! ..انجنيت أنت ... عذبي المشتت ذهنيا : أنا مو في البيت و العيال كانوا نايمين لما طلعت ... و بعدين قبل ما تحاسبيني حاسبي نفسج يا مدام .. مو أنتِ اللي خليتيهم وراج .. وصايف المقهورة تصرخ به : اللحين تجيب لي عيالي .. تسمعني .. اللحين ابيهم كلهم في حضني و ما نبي منك شي .. * * * أنهيت اتصالي بعد أن رميت بكل الكلمات الدالة على الكره و التي لا أعرف كيف استخرجتها من القاموس من دون أن اطلع عليه .. و لكن أليس الكذب لغة من دون معجم , و أنا قد أتقنت أبجدياته .. لأردد على مسامعه كم أكرهه و قلبي يتقرح من شدة شوقي له .. لأعود بنظر لوجه أبنتي التي ارتمت بأحضاني حالما أنهيت اتصالي فا أجد في تقاسيم وجهها بعض تفاصيله لأذكر لما تركتهم خلفي و كيف هربت من آثاره في ملامحهم التي أعشق .. احمد الله .. احمده كثيرا أنني لم أغادر مع أسرتي للمستشفى لزيارة هند و شملان و آثرت البقاء هنا لراعية علي الصغير بدل أن يصطحبه ساري معه , و إلا كانت فاطمة ستضيع أبعد من ضياعها الذي تنطق به عينيها المتعبتين من البكاء .. لم تجب طفلتي عن أي من أسئلتي التي كان منبعها خوفي و أكتفت بترديد كلمات الحب و الاشتياق لي و هي تحضنني لدقائق لتعود مجددا لعلي المتوحد صديقها الجديد ! .. * * اتصالها أكمل ما ابتدأته أمي هذا اليوم لأتشتت أكثر و أجد نفسي عاجزا حتى عن التصدي لكلماتها الجارحة .. اعتقدت أنني با الأمس هزمتها بآخر حرب بيننا لكن لم يمر يوم على هزيمتها حتى باغتتني با القاضية ! .. لكن غضبي منها لا يمكن أن يقهر ما بقي من عزيمتي في النجاة بما تبقى من عائلتي , من الصواب أن لا أقف متحديا لها بهذا الأمر , فا مصلحة أطفالنا يجب أن تكون هذه المرة من أولياتنا .. تريدهم .. سأرسلهم لها , فا أنا أعترف باني فشلت في استيعاب احتياجاتهم . لذا من المنطقي أن تكون أول خطواتي و على وجه السرعة نحو المنزل لأتأكد من أن طفلاي الأخريين بخير .. و من ثم فتح تحقيق في كيفية خروج فاطمة من المنزل من دون أن يشعر بها أحد, بدأ من تلك المربيات اللاتي يكلفنني ثروة حتى أمي التي أصبحت فاطمة ظلا لها خلال الفترة الأخير , و الأهم أريد أن أعرف , كيف قام السائق بإيصالها لمنزل جدها من دون أن يُعلم أحد منا ! * * * أبو عذبي : أقولك السووايق ثنينتهم من الفجر طالعين معاي للمخيم يجهزون الخيام .. عذبي بحيرة : أجل من وداها لأمها ؟! أم عذبي التي تحتسي قهوتها على مهل : يمكن أمها اللي أخذتها و سوت كل ها السالفة عشان توصل للي تبيه من دون ما تخسر شي .. و هذا اللي صار ..هذا أنت منجن علينا و تبي تودي عيالك لها .. أبو عذبي الذي كان يردد الاستغفار كلما تمادت أم عذبي باتهاماتها : أستغفر الله و أتوب إليه .. لا توثمين بنفسج و ترددين ظنون .. أم عذبي : أتوثم بنفسي لخليت الغير يستضعفني و يقص علي .. و أنت خلك جذيه ظنك حسن با الكل من أم ديمة لين وصايف .. أبو عذبي المغتاظ : لا حول و لا قوة إلا با الله .. يا مره أنسي ترى أنا وأنتِ شيبنا و ترديد الماضي ما يفيد .. أم عذبي بعناد : إلا يفيد .. تبي ولدي يطيح فا اللي أنت طحت فيه .. تبي وصايف تاخذ عياله و تعلمهم على كرهنا .. مثل ما خليت أم ديمة تنام في مخ بنتك لين أكرهتنا و آخرتها راحت لها و خلتك وراها .. نست أبوها و نست أهل ها البيت اللي عزوها .. عذبي في محاولة لإنهاء هذا الحوار العقيم : أنا بروح بنفسي لبيت عمتي و بعرف من فطوم السالفة كلها .. أم عذبي بضحكة متهكمة : يمدي أمها حفظتها كم كلمة تقص فيهم عليك .. أبو عذبي بغضب مكتوم : بس يا مره لا تشبين النار .. و أنت يا عذبي أقعد في محلك أنا اللي راح أجيب بنتك .. أبو عذبي : مالك لوا يا الغالي .. بس أنا أبي أكلم فاطمة قدام أمها و أعرف السالفة كلها .. * * * أصر والدي على مرافقتي و لم استطع أن أتهرب منه , و لم استطع أن أنهر الخيبة التي احتلت وجهي الذي قرأه والدي بسهولة , ليحرجني بنبرته الحنونة و المؤنبة في آن واحد عندما أخبرني أنه يعرف أني أتحين الفرص للانفراد بها و أن ما أفعله و حتى إن كان عن غير وعي هو إثم , و تصرف لا يليق بشخص تربى على يديه .. * * عذبي المحرج : راح فكرك لبعيد يا أبو عذبي .. أبو عذبي : فكري في محله و أنا أبوك .. أسمع مني و لا تضيع عمرك .. وصايف ذنبها ينغفر فلا تعاقب نفسك أكثر .. ردها و لم عيالك لحضنكم . عذبي يعتصر مقود السيارة و بنبرة حازمة : أنا قلتها من قبل في قلبي ما لها محل بس إذا تبي ترد بيتها عند عيالها أنا ما عندي مانع أبو عذبي ينهره : أقولك أقطع بس و لا عاد تردد ها الكلام .. تبيها ردها من دون شروط و أكرمها بعد .. أما إذا بتقعد تمنن عليها أنثبر أجل في محلك و مت قهر .. عذبي بغرور : أنا أموت قهر على مره و الحريم واجد ؟! .. لا مو أنا اللي أموت قهر و هي بذات ما عاد تهمني و مالها محل في قلبي أبو عذبي بخباثة لا يتقنها : أجل ما راح تنقهر لتزوجت مسماح .. عذبي الذي بهت ردد على عجل : مسامح .. مسامح ما غيره ؟! أبو عذبي يواري أبتسامته : هذي خطة أمك الجديدة . عذبي يطرد غضبه ويركز على طريقه : و النعم في مسامح رجال كفو و لصار ما له نصيب في ديمة على الأقل نكسبه في العايلة .. أبو عذبي : و هذا رايي بعد .. و الموضوع مو بس مصلحة و شغل الرجال فعلا ينشرى و نسبه يشرف .. عذبي بعد صمت : عاد وصايف بتنفذ خطط أمي ؟! .. لقالت لها أمي أخذي ها الطريق بتقول سمعا و طاعة ؟! أبو عذبي بنبرة الغير مبالي : وصايف ذكية و حتى لو أمك هي اللي مقترحة مسامح بتوافق عليه لأنها بتحسبها صح .. حسب و نسب و فوق كل هذا من عمرها و أكيد بيدللها و بيقدر جمالها .. فرصة ثانية في الحياة .. و كم واحد منا تجيه الفرصة مره ثانية و هو في عز شبابه ؟ * * * لم أستطع أن اترك أبي يتمادى برسم الصورة فقد شعرت بجسدي يلتهب كأنه مصدر لألسنة لهب اشتعلت بسيارتي الباردة التي أوقفتها فجأة على جانب الطريق و طلبت من والدي برجاء أن يتوقف عن تعذيبي .. فا أنا لا أطيق أن أقترب منها و تقتلني فكرة خسارتها للأبد .. و بأن كل ما كنت أحب بعدها أصبح لا يعنيني , حتى السفر الذي كنت أنطلق به لعالم يأخذني منها كرهته .. فلم يعد له فائدة ! سفري كان تكرار في محاولات فاشلة لتحرر من مشاعري المعقدة اتجاهها , و استقراري الآن على ارض لم تعد تجمعنا ما هو إلا إمعان في تشريح مشاعري بمشرط "كيف".. كيف لي أن أغادر أرضا قد تجمعنا في أي لحظة تحت مسمى صدفة ؟ .. و كيف لي أن أنسف الفرصة التي أتوق لها ؟ .. و كيف لي أن أبدد ساعاتي خارج الوطن و أنا مجمل وقتي أستهلكه بتفكير بها ؟! * * * أبو عذبي : اجل خل عنك الكبرياء اللي موجع قلبك . عذبي يضع رأسه المثقل بين كفيه : ما أقدر .. ما اقدر أقولها أحبج و هي ما تحبني .. ما أقدر أترجاها ترد لي و هي اللي خانت ثقتي و أهانتني و خلتني مسخرة قدام الكل من ولد عمي لأخوي اللي أصغر مني .. أبو عذبي : وهذا سبب ثاني رددته أمك علي , تبيك تلتفت لنفسك و تبدأ من جديد لما تتأكد أن الأمل أنقطع .. خلنا نتبع أمك يمكن كلنا نسلم .. ............................................................ ......... * * * منذ زمن بعيد لم يجتمع أفراد أسرتي بمناسبة سعيدة , و قد يكون أبي أكثر من أدهشني , فا سعادته طغت على ملامحه , حتى صوته البارد اليوم يصل لي دافئا حنونا ! ساري هو الآخر نبذ التجهم و أصبح مشاكسا ظريفا يردد أنه يريد طفلة تشبه طفلتي و على الكل أن يمشي معه بمسيرة نحو غرفة شملان لإقناع وضوح بضرورة انضمام فتاة جديدة للعائلة , و كم بدت وضوح هذا الصباح مختلفة .. يبدوا أنها تصالحت مع الماضي بلمح البصر و خلال ليلة واحدة ! .. فقد زارتني هذا الصباح بعدما أطمئنت على شملان و شاركتني سعادتي بطفلتي حتى أنها حملتها و طبعت على يديها الصغيرتين مئات القبل .. وددت لو كانت بحوزتي كاميرا حتى التقط سعادتها و تعابير الأمومة التي طغت على ملامحها , و على وجه الخصوص و ساري ينظر لها كأنه يرجوها أن لا تسمح لأي شيء أن يسرق منه ابتسامتها العذبة .. * * * أبو ساري موجها حديثه لسالم : شراح تسمون ها المزيونة ؟ خالد مبتسما : بنسميها على خالتها أنفال .. أنفال نطقت من دون تفكير : لااا .. أم ساري : شنو اللي لا ؟! . .مانه بأسمج .. أنفال بخجل : لا ما أقصد , بس مو حلوه تكرار الأسامي باجر تعقد البنيه بنقول أنفال الصغيره لين تعجز أو أموت أنا .. أبو ساري معقبا بضيق : أعوذ با الله من الشيطان .. وش جاب طاري الموت ؟!! أنفال تواصل التبرير بخجل أكبر : أقصد .. هند أخيرا قررت أن تنقذ أختها بعد أن استمتعت برؤيتها محرجة : أنفال تقصد لازم نسميها أسم جديد ما سميناه في العايلة من قبل .. شرايكم نسميها دانة ؟ ..و لما تكبر نقول لها أن أبوج ليلة ولادتج راح البحر وجابج .. ساري سبق الكل بردة فعله : أي و لصارت بسن المراهقة أول من راح تكره أبوها و تقول له كنت آخر من دريت بولادتي لأنك كنت في البحر أدور دانة ... عاد حلوها مع عقد المراهقة .. اختاروا أسم حلو من ها الكتب اللي يحطون فيها أسامي المواليد ... * * * الكل أدلى بدلوه باستثنائه فقد استرخى على مقعده و أطلق نظراته الحادة اتجاهي كأني به يتوعدني با الهلاك حالما ينفض اجتماع أهلي من حولي .. * * يمكن لي احتمال أي شيء إلا أن أقرع علنا .. حتى أمي التي لا يمكن لأحد أن يشكك بعمق عاطفتي اتجاهها لم أكن أستسيغ أن تقرعني علنا و هذا ما استوعبته سريعا من خلال مشاعر الحب الخالصة التي تكنها اتجاهي , و باتت تؤنبني سرا و تنصحني في جلسات لا تضم سونا , أما هذه الأنثى التي ارتبطت بها بميثاق قوي و أنجبت لي طفلة أختلط بها دمها و دمي انتهزت أول فرصة لمعاقبتي علنا بعد أن جعلتني اعتقد أنها سامحتني ! .. كنت أضم كفها هذا الصباح بعدما طبعت عليه قبل الاعتذار و استشرتها با الاسم الذي ستحمله أبنتنا , لم تبدي أي اعتراض و لم تبدوا حتى مستاءة مني لأي سبب , لتفاجئني الآن با اسم لم تستشرني به و سبب خلفه أستشعره الكل بصمت حتى و إن كان ساري الوحيد الذي نطق به .. * * خالد منتبها : سم يا عمي ؟ أبو ساري : أقول شرايك تسمونها أفراح .. و الله اني من شفتها و قلبي فرحان و أحس الخير كله بنشوفه من فتحت عيونها .. أنفال بفرحة صادقة جعلتها تسبق خالد : يا حلو فروحه و من قدها جدها اللي سماها و فرح فيها .. أبو ساري مؤنبا أنفال : أنفال علامج يا أبوج ما أذكر أنج ملقوفة .. خالد يبتسم بصعوبة : أنفال ما قالت إلا اللي بقوله يا عمي .. * * * كان من السهل الموافقة على الاسم الذي أقترحه جد أبنتي فا يمكن لي أن أتخيل طفلتي مراهقة تريد أن تعرف أنها كانت محبوبة منذ أن علم الكل بوجودها , لكن بنفس الوقت أشعر بغصة و خيبة ثقيلة ترزح تحتها أنفاسي , كنت أتمنى أن أسميها أي اسم من اختياري لعل أسمي يورد عندما تسمع قصة ولادتها للمرة الأولى ! * * راقني جدا الاسم الذي أختاره أبي , و من المضحك أنني كنت سأوافق على أي أسم سيقترحه حتى لو كنت أمقته من قبل ! فا اهتمام أبي بطفلتي أذاب كل الجليد الذي تراكم حول ذاك الجزء الذي يخصه في قلبي , و أفراح قد تكون حياة جديدة ابني فيها علاقة صحية معه حيث أكون بها الابنة المحبة و يكون هو السند . سأمنحه فرصة أخرى لأني أصبحت متأكدة أنه كان دوما يحبني من دون أن افهم .. و هذا أول درس تجود به الأمومة علي ! وقد يتفوق على نفسه , و يقوم بدور الجد بأفضل مما أدى به دوره كا أب ! و كم أتمنى أن أجد عاطفتي الجديدة تقف بصف خالد هذه المرة لكن تجربتي السابقة كا أبنه تؤرقني و تزيد من مخاوفي .. فكم هو مخيف أن تتكرر معاناتي مع أبي من خلال أبنتي و أبيها . لا أريد لأفراح أن تذرف الدمع و هي مختبئة خلف سور المدرسة ترصد حركة المارة لعلها ترصد خطوات أبيها الذي نسي موعد انصراف الكل ! .. و لا أن تستيقظ في الصباح بكل حماس لتعود لنوم في أحضان والدتها بعد نوبة بكاء كان سببها نسيان والدها لوعده با اصطحابها بنزهة لمدينة الملاهي .. لا أريد لأفراح أن تنسج الأكاذيب على شكل أعذار لأبيها الغائب دوما عن كل التزاماته , لا أريدها أن تغفوا كل ليلة و هي تتمنى أن يهدي لها الغد أبا جديدا يحبها .. لا أريد لأفراح أن تغضي مراهقتها ترسم الطريق للخروج من منزل والدها لمنزل رجل لا يشبهه لتفاجأ بان الذي نهرب منه ننتهي إليه ! ............................................................ ..... كان خوفنا مبرر فا نحن على وشك كشف سر خطير يهدد و يبشر بنشر الحزن و الفرح , لكن كلانا كان يريد أن ينتهي الأمر بأي نتيجة , فا الكابوس أصبح يهدد صحتنا العقلية و النفسية و النهاية حتمية .. وصلنا إلى هنا مع وداد التي لم تعترض و لم تتردد با الذهاب معنا عندما أخبرناها بمرض شملان و باحتمال وجود علي في منزل عائلته وحيدا , لكن إلى الآن و بعد ثلاث ساعات طويلة لم نحل أي شيء ! .. أو با الأحرى لم نجد إلا دلائل لوجود علي لكن لا وجود له فعليا في مسرح الجريمة ! .. * * فينوس تواسي وداد : خلاص عاد .. بسج بجي .. وداد المرهقة من البكاء : علي كان هني .. هذي أغراضه و أدويته .. بس وين راح .. وين راح .. أنا خايفه عليه .. فينوس بصوت أقرب للهمس : كله مني أنا .. أنا اللي دخلت شقة شملان و لما سمعت الصوت تخرعت و أنحشت و خليت باب الشقة وراي مفتوح .. وداد تعاود مسح دموعها : لا تلومين نفسج .. مثل ما قدر يكسر باب غرفته كان سهل عليه يكسر باب الشقة .. أكيد كان خايف و جوعان و آخرتها ثار و كسر كل شي حوالينه .. فينوس بعدما أطلت في ساعة معصمها : أصيل طوَل .. وداد : و بيطول أكثر .. الشرطة ما راح تساعده في البحث عن ميت. * * * الصورة القديمة لعلي و التي كنت احتفظ بها في محفظتي بدت خياري الوحيد عندما طلب ضابط التحري أوراق المفقود الثبوتية و وصف دقيق لهيئته عندما غادر المنزل قبل اختفاءه , لكن كان أخراجي لها مدخلا للاستخفاف من قبله .. * * ضابط التحري : أكيد نبي صورة بس ها الصورة قديمة و مو واضحة و بعدين مو معقول ما عندك و لا شي يثبت شخصه .. أصيل : يا حضرة الضابط يمكن هذي ثالث مره أردد أنه طلع و معاه كل أوراقه الثبوتية و ما عندي إلا ها الصورة له .. ضابط التحري : و هذي بعد ثالث مره يا أخ أصيل أقولك ها الشي ما يدش العقل . مدامه فاقد للأهلية كان من المفروض تحتفظون بأوراقه المهمة .. و بعدين على حسب كلامك المفقود ما يختلط مع الناس و ماله أصحاب يعني ما عندنا خيط أولي نبدأ منه .. أصيل بغضب لم يستطع كتمانه : يعني تبي تقول ما عندي سالفة و الشرطة مو فاضيه لنا .. ضابط التحري : أنا راح أسوي نفسي ما سمعت شي .. و على العموم اللحين بعمم على الدوريات يمكن يلقون أحد تايه و يكون هو ولد عمك .. * * * شعرت بأني طردت حتى مع محاولة الضابط التخفيف من امتعاضي باقتراح حل بديهي ! .. نعم من البديهي أن تخرج قوات الشرطة التي تعلمنا أنها في خدمة الشعب لتبحث عن أحد أفراد هذا الشعب , و لو كان الأمر بيدي لجعلت كل قوات الأمن يبحثون عنه معي .. منذ أن رأيت كل ما يخصه في تلك الغرفة التي حبسه شملان داخلها و أنا أتلفت بكل ركن أمر بجانبه لعلي ألمحه , أكاد أجن و أنا أتخيله تائه يتخبط على الأرصفة حافي القدمين , أود أن أصرخ عاليا " وينك يا عليوي " ليرد علي " أنا هني يا العتوي " .. لا .. هذه مجرد أمنية .. علي لن يكون إلا بقايا .. ميت و إن كان يتنفس .. علي صديقي الذي أعرفه مات مع تلك التي خذلته .. و مات قبلها بأعوام في نظر الكل عندما فقد عقله .. عقله الذي كان دوما حاضرا أمامي حتى في لحظات جنونه , عقله الذي سلب على يد تلك الحقيرة التي لم تكتفي بسلب قلب أبي بل أرادت سلب أمي منا لتنتهي بسلب علي من بين أحبابه و هو بينهم , لا عجب أن أبنتها احترفت السرقة , ديمة ما هي إلا نسخة مصغرة من والدتها , أفهم الآن لما كان قلبي يأبى أن يحبها ! ............................................................ .. * * * تأخروا جدا ! أيعقل أنهم مستمتعون بزيارة شملان أو بزيارة هند الحزينة ؟! أم أنهم وجودها فرصة للهرب من هذا المنزل الذي تطبق جدرانه يوما بعد يوما على أرواحنا المرهقة , أي كان سببهم فا هم في قمة الأنانية , كيف لم يفكروا بي أنا ! * * أبو عذبي الذي لاحظ إحراج وصايف : يابوج حنا أهل بيت .. وصايف تضع هاتفها جانبا : أكيد يا خالي أنت من أهل البيت .. بس لو ما اتصلت على أمي عشان أقولها انك هني بتزعل علي .. أبو عذبي : وين فطوم ماني شايفها ؟ وصايف تبتسم : فطوم لقت لها ونيس و بس مقابلته .. أبو عذبي يبتسم : الله يستر من ولد ساري لياخذ قلب بنيتنا .. وصايف تبتسم بخجل : لحظة أجيبها .. أبو عذبي حالما غادرت وصايف لكز أبنه الصامت بعضده : أستح على وجهك و أحشمني أبو عذبي : لك الحشيمة يا ابو عذبي .. بس شنو اللي بدر مني أزعجك .!! أبو عذبي : عيونك طايره في وصايف و أنا قبل ما أدخل منبهك أن عينك ما ترتفع عن فنجالك . عذبي بإحراج : منك السموحه .. * * * أثبتت لي المرآة صدق شكوكي , كنت أتجاذب الحديث مع خالي و أنا أشك بأن وجهي يتحول تدريجيا لسلة طماطم , و ها هو وجهي تنتشر عليه الحمرة التي لا استطيع أن أمسحها .. كم أنا غبية ! كيف سمحت له أن يجلس هناك بصمت يتفحص وجهي ؟ّ! كان علي أن أكون أذكى و أن أرمي على وجهي حجاب يمنعه من التمتع بما عنه صد و أهمل .. * * ساري : وصايف علامج متنحه قدام المنظرة ؟!! وصايف ارتبكت : انتم جيتوا ؟!! ساري يبتسم : شرايج أنتِ ؟! وصايف بإحراج : بروح أجيب فطوم لأن .. ساري مقاطعا : عرفت السالفة كلها جيبها و تعالي معاها .. وصايف : أن شاء الله ... ساري : وصايف لحظة .. لا تدخلين إلا و أنتِ مغطيه وجهج .. وصايف : بس أنا مو منقبة .. وبعدين توني كنت عندهم و .. ساري مقاطعا : أدري بس لمصلحتج أطلب منج ها الطلب .. وصايف : ما فهمت ؟! ساري : وجهج يا وصايف يفضحج .. و أنا ما أبي تحرجين نفسج و تحرجينا . وصايف بإنفعال : لا يكون أنت بعد تحسب أني أنا اللي رايحه لبنتي وجايبتها و حطيتها براس السايق .. ساري متسائلا با دهشة : من يقول ها الكلام ؟!! وصايف عرفت أنه لم يعني ما استنتجته : قبل ما يوصل خالي كلمتني أم عذبي و غثتني بكلامها .. ها العجوز قلبها اسود .. ساري قبل أن يغادر : وين لا أطولين .. وصايف : لحظة ساري .. إذا ما كنت تقصد اللي قالته ام عذبي .. أجل شنو كنت تقصد بان وجهي بيفضحني ؟!! ساري بغيض يواريه خلف نبرته الهادئة : أقصد ما شفت وجهج بها الشكل إلا لما جى عذبي بعد الملكة عشان يشوفج .. * * * تركني ساري أعتصر خديي من شدة الإحراج .. إن كان ساري لاحظ إذا عذبي قبله دوّن ملاحظاته بسخرية .. * * * أبو عذبي يُقبل فطوم و يحتضنها بحنان : هلا بحبيبة جدها الغالية فطوم . .أفا يا فطومي تطلعين من البيت ما تقولين لأحد و تخوفين ماما و بابا وجدتج ردينه .. فطوم التي كان الكل يصغي إليها : ماما ردينه ما تحبني .. أبو عذبي : من يقول ؟!! فطوم بتذاكي : مخي .. أبو عذبي يبتسم مستغرب : و ليش مخج يقول ماما ردينه ما تحبج .. فطوم ببراءة : لأن الصبح ما تريقت معاي .. أبو عذبي يقبل جبينها : حتى أنا ما تريقت معاي لأنها مريضة مو لأنها ما تحبج و ما تحبني .. زين فطوم منو اللي جابج هني ؟ فطوم : السايق الرجال .. أبو عذبي : و منو هذا السايق .. الرجال ؟! فطوم بعد تفكير قصير : واحد جديد يعرف ماما .. عذبي بغضب يوجه حديثه لوصايف المذهولة : منو هذا اللي دازته يجيب بنتج يا مدام .. ساري يقاطع عذبي : يا ابن الحلال أستهدي با الله و خلنا نفهم السالفة بتفصيل .. عذبي الغاضب : شتبوني أفهم . .الأمور واضحة و لا يبي لها تفسير وصايف تتجاهله و توجه حديثها لابنتها : فطومي حبيبتي .. منو هذا السايق اللي يعرفني ؟ .. تعرفين أسمه ؟ فطوم تسرد كل الحكاية .... * * * فطوم في الحديقة : أنا فطوم عذبي .. علي مبتسما : حيل تشبهين أمج .. فطوم : تعرف ماما ؟ علي : أي أعرفها .. كانت تبي تجيب لي بنت حلوه مثلج بس لما شافت أبوج غيرت رايها .. فطوم لم تفهم شيئا و بتمني تساءلت : أنت سايقها .. صح ؟ علي يطلق ضحكة قصيرة : تبين أصير سايقها أصير .. فطوم بحزن بان في مآقيها : أبي أروح لماما .. علي بتعاطف : و ماما وين ؟ فطوم : في بيت جدي .. علي يمد كفه لتمسك بها فطوم : أنا سايق ماما و جيت آخذج لها .. * * * ساري بعد أن حل الصمت على جميع الجالسين : فطوم حبيبتي .. السايق هذا وينه ؟ فطوم : راح يجيب لي أنا و علي كاكاو من الجمعية .. أبو عذبي يهب واقفا بعد أن استيقظ من صدمته : بروح الجمعية .. عذبي يهدأ من روع أبيه : يبه الله يطولي بعمرك أهدى وأستريح .. أم ساري التي كانت طوال الجلسة صامته : يا اخوي أستريح و العيال بيطلعون يدورونه .. ساري المضطرب : علي .. علي !!! وصايف تقترب على عجل من ساري المذهول : ساري أسمعني .. * * * انطلقنا نبحث بأرجاء الحي عن علي و ما هي إلا دقائق حتى توقف أصيل في منتصف الشارع متسائلا عن سبب خروج الكل , فا أخبرته با المختصر عن السبب من دون أن يثير وجوده هنا في هذا الحي بذات بوصلة شكوكي لكن من دون أن أسال تبرع أخي با الإجابة . * * * أصيل : فعلا أنا غبي .. شلون ما شيكت على سيارة شملان إذا با المواقف أو لا .. عذبي المشتت ذهنيا : و الحل اللحين .. أصيل يلتقط هاتفه من جيبه : بتصل على المحقق و أعطية أسم شملان با الكامل أكيد راح يقدر يطلع رقم السيارة اللي با اسمه و يعرفون أوصافها .. * * عندما خرج ساري و عذبي للبحث عن علي انطلقت أنا و أنفال نبحث في أرجاء المنزل بينما عمتي التي علمت با الموضوع كله من أنفال فضلت أن تتوارى عن الأنظار في غرفتها التي كانت دوما المعتزل .. * * * أنفال : ديمة روحي أقعدي مع أمج .. ديمة تتجاهل أنفال : لا ما راح أروح اقعد مع أمي و بدور على علي معاكم .. أنفال : أنتِ حتى ما تذكرين شكله .. فا شلون بتعرفين علي لو شفتيه ؟! ديمه : يا ذكيه حنا ندور في البيت يعني أي واحد بلقاه بيكون علي .. أنفال التي تبحث في المخزن تحت السلم : زين ليش مهتمة با علي .. توج من كم ساعة تقولين أن علي مو مهم لأي أحد و الأهم هي أمج و لازم كلنا نسامحها ونوقف معاها ... ديمة : لا تبهرين كلامي .. أنا قلت مدام وضوح أكبر المتضررين من الموضوع قدرت ها الصبح تعامل أمي بشكل عادي فلازم كلكم تسون نفس الشي لان علي ما عاد مهم و أمي الأهم لأنها للحين بينا أنفال : خليني أصحح نظرتج .. اللي شفتيه اليوم من وضوح مو تسامح .. هذا تجاهل .. وضوح تجاهلت وجود أمج و خلت الكل يتجاهلها من ساري لين أمي .. و اللحين عاد برجوع علي تصوري موقف أمج الجديد .. ديمة تهم للخروج من المخزن : هذا مو موضوعنا .. يله خلينا نطلع من هني اختنقت .. و امشي لسطح ندور هناك .. أنفال توقف ديمة : فهميني .. ليش مهتمة .. ديمة : و ليش ما اهتم ؟!! .. مو أنا وحده منكم و علي ولد عمي .. و إلا فجأة صرت أنا و أمي حزب بروحنا .. * * * لا أعرف ما هي الحقيقة و إن كانت ديمة تحورها , لكن لدي شعور قوي أن ديمة تريد أن تجد علي قبل الكل و لسبب صعب تخمينه ! * * * كنت أقطع المسافة بين منزلنا و بين منزل شملان و الخوف هو ظلي , كنت قد انتهيت من البحث في الطابق الثاني عندما طلبت مني والدتي أن أذهب مع أنفال لمنزل شملان للبحث هناك , لم أنادي أنفال لأن فينوس قد أرسلت لتو رسالة لهاتفي المحمول مفادها أنها مع زوجة علي في شقة شملان .. الجو متوتر و الكل يبدوا ضائع و يمكن لي أن أتخيل علي جالسا فوق أحد الشجيرات يراقب الوضع , فقد كانت هذه عادته منذ أن كان طفلا , يختبأ ليخرج الكل بحثا عنه .. * * * كانت تتجول با الحديقة الخلفية و تتوارى وراء جذوع الأشجار العملاقة و عيناي تنقادان من دون إرادة لكل حركاتها , حتى و هي شاردة تمشي ألهوينا , تبدوا كا ملكة محسوبة خطواتها . * * * وصايف تضع كفها على صدرها لتعود لها أنفاسها : بسم الله خرعتني .. شتسوي هني ؟! عذبي بهمس : جيت آخذج .. وصايف بتعجب : تاخذني ؟! عذبي : أنا اليوم جيت آخذ فطوم و آخذج .. وصايف بتهكم : صج ؟!! .. مو هذا اللي فهمته .. لأني حسيت أن كنا في محاكمة و أنا المتهمة .. عذبي يتجاهل تهكمها : يمكن هذا اللي فهمتيه و ممكن أنا طلعت بفهم مختلف .. وصايف بتكبر : و القصد يا ولد الخال ؟ عذبي المقهور : القصد أنج تبين تردين بس تبيني أركع لج أول .. تبيني أترجاج و أطلع أنا الغلطان و اردج بأعتذار على أن لجينا للحق أنا المطعون اللي ما يفيد العلاج بجروحه .. أنا اللي بكل الحالات رديتي أو ما رديتي خسران .. وصايف تتمادى في تهكمها : لا تقول لي أنك ما تنام من كثر ما تعدد خساراتك .. عذبي يتجرأ ويزيل الحجاب الذي أسدلته وصايف بينها وبينه ليحاصر وجهها بين كفيه : لا تغطين وجهج عني .. أنتِ ملكي . * * * خبأني وراء ظهره و طلب من أصيل الابتعاد , شعرت لوهلة أنني ملكه و أن هو الوحيد من له الحق با الأختلاء بي .. لكن هذه الفكرة تبخرت تحت وطأة الذنب الذي تفشى في قلبي حالما وقعت عيني ساري علي , شعرت أني محاصرة من جميع الأعين المؤنبة , أصيل الذي تشبع كرها لي و أخي الذي أشبعته خيبة , و الأصعب من كل هذا أن كلاهما أستعمل القوة فا أصيل سحب عذبي مؤنبا و ساري سحبني وراءه ليرميني في سيارة عذبي ! * * * عذبي المحرج : ساري أنت الظاهر فهمت غلط .. ساري الذي يكتم غيضه : سود الله وجهك و وجه بنت عمتك .. ما فيكم اللي يعرف يحشم و يقدر .. عذبي بعصبية لم يقدر أن يثبط من قوتها : ساري ما اسمح لك .. أصيل تدخل على عجل قبل اشتعال الموقف : عذبي أنت غلطت فما له داعي تمادى با الغلط ... يله خلنا نمشي با اللي أمر فيه ساري .. ساري قبل أن ينطق عذبي : لا تحاول حتى تعترض .. و إلا و الله لأدفنك و أدفنها الليلة هني .. عذبي الغاضب : أنت أنجنيت .. اللي يسمعك يقول شفت شي يمس الشرف .. ساري يلتفت حلوله : أنا ما شفت .. بس كم واحد أو وحده ورى ها الدرايش المضلله طل على الحديقة و شاف شي يستحق التصوير , يمكن الليلة أنت و المدام موضوع الواتس أب .. عذبي بقلق يلتفت حوله : أولا ما صار شي .. ثانيا من بيشوف شي و الشجر حوالين السور .. ساري بصوت لم يستطع السيطرة على نبرة الغضب فيه : و أنا عاد بقعد لين أتأكد أحد شاف و إلا ما شاف .... يله خلنا نمشي و أنا بكلم أبوي يسبقنا للمملك . * * * بكائها لم يتوقف منذ أن انطلاقنا لوجهتنا , و للحقيقة كنت أتلذذ بنحيبها , أكرهها و لم اعد أحبها , هكذا و بكل بساطة .. و قبل أن نجد علي سيكون من الحكمة التخلص منها , فا علي بكل حالاته عاقل أو مجنون يعشقها و وجودها حوله عازبة سيجدد ألمه و أمله , لكن ماذا عن وداد و ما هو دورها في حياته و ما الذي تعنيه له أو ما الذي ستعنيه له عندما يعود حيا ؟! .. وداد قد تحدث الفرق الذي لم يقدر شملان أو أنا أن نحدثه في قلب علي .. وداد قد تكون المنقذ له من تلك الأفعى التي أبتلي بها هو و أخي الأحمق الذي لم يقدر خلال سنوات زواجه أن ينقي دمائها من السم الذي يجري فيها , لذا من الطبيعي أن يعاود الفشل و من الطبيعي أن تكون هي عقوبته , فا ليعود إليها و يعاود نسج أخطائه حول علاقتهم القبيحة .. فانا لم اعد أكترث ! * * * أود أن أواسيها لتتوقف عن النحيب الذي يؤذي حنجرتها لكن الجو المشحون بسيارة لا يشجع على أي مبادرة إنسانية مهما كانت صادقة و خالية من أي أجندة , فا أصيل مستمتع جدا با الموقف الضعيف الذي وضعت نفسي به و ما همس به لي عند ركوبنا السيارة اختصر شماتته , أما ساري يكتم غيضه و لم ينطق بأي حرف طوال الطريق و لا يبدو أنه مهتم لنحيب أخته .. و على أن هذا ما تمنيته .. رجوعها لي مكسورة .. لكن لم أتخيل نفسي مصابا بجانبها .. * * * أشعر بأضلعي تتصدع و تحتها قلبي يئن , هذا الشعور لا يطاق أحاول و أكرر المحاولة على كتم أنفاسي و اقتلاع عبراتي لكني لا استطيع فا عند كل محاولة أنهار , أشعر با المهانة و الضعف كلما تذكرت نظرة ساري ... و ها أنا أعود لمن جعلني عار , أعود منكسة الرايات مهزومة من دون شرط و لا قيد . سيحلو له معاودة الكرة و معاملتي كا شيء ليس له أهمية . ولم لا ؟ .. فا أنا أصبحت ملكه للأبد من دون سند .. ساري لا يمكن أن يكترث لحالي بعد الآن , و عائلتي التي كل أفرادها يعيشون بقلوب هشة سيسعدون بتخلص من عبأ وجودي للأبد . و ها أنا أتوقف عن البكاء مرغمة بصفعة ألقتني تحت قدمي أصيل كان مصدرها أبي الذي وشوش له ساري بذنبي , فقد أتى أبي مسرعا و في نيته الاعتراض على عودتي لعذبي , فا أبي لم يحب عذبي يوما و لم يستطع أن يقبل به ابن ثاني له .. لكن ها هو يجرمني و هو المجرم و رأس الشر ومن عمل المستحيل لتقريبي من عذبي ليصعد السلم سريعا لثروة ردينة .. وهو الذي بعد سلسلة هزائم قرر الانتقام و لم يكترث أن بإشراكي ينهي حياتي الزوجية .. و ها هو يقرر خسارتي للأبد بذنب لم أقدم عليه ... بينما أنا حاربت كل شيء حتى لا اخسره في يوم ! * * * عذبي يسارع لالتقاط من أصبحت لتو زوجته من تحت قدمي أصيل : قومي معاي .. أصيل يستعجلهم : يله امشوا شكلنا غلط و العالم تلتفت علينا .. وصايف تستجمع قوتها لتدفع عذبي عنها : ما راح أروح معاك .. و اللحين أطلقني .. * * * نتنافس على القلوب لتسيدها و عند التتويج نغتصب كرامتها ! لنزرع بذرة ثورة تلتهمنا بحصاد لم نستعد له .... ............................................................ ..... ملاحظة : اللي كانو متأملين إن يتم لقاء علي با عائلته .. يعذروني ... لأني حابه حضور شملان في الجزء القادم ... و اتمنى ما تشوفون ها الأمر تمطيط لأن بجذيه تمشي الأحداث مثل ما رسمت لها ... و التقيكم على خير بأذن الله .. |
الساعة الآن 03:30 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية