رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس والعشرون)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
مساء الخير على الجميع عندي طلب ورجاء صغير لحبيبتنا تفاحه فواحه....أذكر قبل كده نزلتي الفصل قبل موعده بكثيير ...ياريت إذا بتقدري اليوم كمان نزليه بدري ...متشوقييييين للفصل جدااااا ...وربنا يعطيك العافيه ....وشكرا على تعبك... (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب أليك) |
رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس والعشرون)
ان شاء الله الفجر اليوم انزله لكم
والعفو وشكرا لكل القراء وللكاتبه ميشو |
رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس والعشرون)
يسعد صباحكم وكل أوقاتكم بكل حب
أول شي أوجه الشكر لحبيباتي في المنتدى الآخر واشكرهم على ردودهم وأعتذر من الغالية أم سطام لأنها طالبت بالفصل 27 مثل البنات هنا لكن لأن الفصول المكتوبة في جعبتي قليلة وغير مكتملة لأن جزئية ردين ما كتبتها فما قدرت أنزله لكم ولها زهرة القمر أسعدني إنك حبيتي جزئية نواس ووسن واتغيرت فكرتك عنهم وأشكركم كلكم ولو نسيت وما ذكرت اسم فاعذروني وأترككم مع الفصل الفصل السابع و العشرون اتكأت برأسي على جذع الشجرة وأغمضت عيناي لتعود بي الذكرى لذاك اليوم الأول والأخير الذي تعتب فيه قدماه غرفتي حين أشعل عنقي بقبلته تلك وكأنه ينقص القتيل طعنات وهمس قائلا " سامحك الله يا أمي أي كارثة هذه التي أوقعتني بها " فشددت قبضتي على اللحاف بقوة أشعر بحسرة لم أشعره بها سنين حياتي الماضية ، لا تفتأ تذكرني يا نواس أنك أجبرت على الزواج بي ، لما تهوي ذبحي بسبب وبدونه ، لم أستطع تمالك النار المشتعلة في قلبي وخطواته تبتعد ليخرج ، كبريائي المجروح لم يرضاها فأدركته بكلماتي قائلة " بل سامح الله والدي الذي لم يزوجني بذاك التاجر رغما عني قبل أن يموت " وقفت خطواته حينها ولاذ بالصمت وكأنه صُدم من كلامي أو كوني مستيقظة فقلت عندما طال صمته " جحيمه أرحم لي من إذلالك لي يا نواس فتوقف عن تذكيري بفضلك الذي أجبرتك والدتك عليه " قال بسخرية " بل احمدي الله أنه لم يتزوجك لكنتِ أرملة منذ شهور " زدت قبضتي على اللحاف وكأني أعصره عصرا وابتسمت بألم وقلت " أفضل من مطلقة " تحركتْ حينها خطواته مبتعدة أكثر وقال " لن أطلقك وبي نفس يا وسن وافهميها كما يحلو لك " جلست حينها ونظرت ناحيته وقلت بحدة " بل ستفعلها ، عهدك لها وأوفيت به وانتهى أم عاهدتها على أن لا تطلقني وبك نفس " أمسك مقبض الباب بقوة ولازال موليا ظهره لي وقال من بين أسنانه " وسن يكفي " قلت بضيق " لا ليس يكفي لما أنت فقط يحق لك جرحي بكلماتك ، زوجتك التي تزوجتها بلا عهود وفضلتها علي هناك في الأعلى , ما تفعله بي أم بت تهوى إهانتي " كان جرح كرامتي هوا من يتكلم ولم استغرب وقتها أن أقول أي شيء لأن قلبي كان يتألم وبشدة ، التفت وقال بضيق " وسن اتركيني في صمتي لأني لا أريد جرحك بالفعل " وقفت خارج السرير وقلت بحدة " أجل قلها ، أنت من تحمّل على نفسه وكرامته وتنازل وتزوجني , لما تسجنها في نفسك لتقتلك " قال بغضب " وسن بحق الله لا تفقديني أعصابي أكثر ومبتغاك لن تناليه بإثارة غضبي " قلت بسخرية " نعم ارفع صوتك أكثر لتأتي زوجتك وتمسكك عني وترى كم أنت مسكين وتعاني بسببي " توجه حينها نحوي بخطوات غاضبة وأنا لم أتراجع من مكاني قيد أنملة فما يحركني حينها كان شيء آخر ليس قلبي ولا عقلي كنت أشعر بمهانة واستصغار لم أشعر بهما حياتي وممن من نواس الذي كل خلية في جسدي عشقته لوحدها ، من لو خيروني سنين حياتي الماضية بين فراقه أو الموت لاخترت أن أموت مئة مرة ، اقترب أكثر ورفع يده لوجهي فأنزلت رأسي وأغمضت عيناي أتنفس بقوة وانتظر مصيري وما هي إلا لحظة وكان وجهي بين يديه رفعه له ليقابل وجهه وأنا على حالي لم أفتح عيناي أبدا وقال بحدة " هل تعلمي ماذا يا وسن هل أخبرك ما هوا أكثر ما يجرحك " لذت بالصمت ولم أتحدث أو افتح عيناي فقال بحدة أكبر وأنفاسه تلفح وجهي بقوة " عدم اعترافك بذنوبك اتجاهي ، تشعرين بالاهانة من إهاناتك لي يا ابنة خالتي ، تطعنيني وتشتكي ألم طعنتك بي " ضغطت على عيناي أكثر وقلت بسخرية " نعم مارس حقدك عليا أكثر " ضغط بيديه على وجهي وقال بغضب " أصمتي يا وسن " فتحت عيناي حينها وقلت بغضب مماثل " لما تكره سماع الحقيقة " فلم أشعر حينها سوى بحرارة شفتيه الغاضبة تسحب الهواء من رئتاي وتستل حقها من شفاهي الغاضبة ولا أعلم عقابا كان أم إسكاتا لي لأنها شلت حواسي وأطرافي وأعادتني لوعيي , رفعت يدي وقبضت بها على قميصه بقوة فأبعد شفتيه وقال بأنفاس متلاحقة " أعديها ما تريدين لأني إن لم أفعلها الآن لفعلت ما سأندم عليه باقي سنين حياتي " فتحت حينها عيناي مجددا لتقع في عينيه ينظر لي بتبات وقوة ولكن ليس بغضب كما كان , تبثثُ نظري عليهما وقلت بألم " ليس رجلا من تمتد يده على النساء يا نواس " أبعد حينها يديه عن وجهي وقال بسخرية " ليتك مرة لا تضنين بي ضنا سيئا ولكنك لا تتغيري أبدا " ثم غادر وتركني لأهوي جالسة على السرير وبدأت بفرك شفتاي بظهر يدي ونزلت دموعي التي اسجنها منذ وقت ، كنت أفركهما بقوة فلا أريد أن أشعر بخفقان قلبي وتدفق مشاعري وأنا أشعر بأثر شفتيه عليها ... لا أريد لا أريد , عليك أن تكرهي هذا الشعور يا وسن فتلك الشفتين عرفت غيرك وقبّلتها قبلك , هي ليست لك لأنك لست وحدك لها ، يقول ظنا حسنا ما سأضن به وهوا يقول ذلك وما الذي كان يفكر فيه غير ضربي ، ارتميت على السرير أكتم بكائي كي لا تخرج عبراتي وتصل إليه ، ومنذ ذاك اليوم لم نعد نتقابل سوى على طاولة طعام العشاء وليس دائما ولم يخاطب لسانه لساني وحتى مي لا يكلمها إلا نادرا وأنا لا أخرج من الغرفة إلا لتلك الوجبة لأني مجبرة عليها فالنهار أقضيه في الجامعة نزلت دمعة حرقت جفني ليلفحها نسيم الخريف ويزيدها حرقة فشعرت بأصابع مسحتها ففتحت عيناي بسرعة فكانت ملاك وضعت حقيبتها وكتبها وجلست بجواري قائلة " لا تزوجتما وارتحتما ولا قبله أيضا فما الحل لما أنتما فيه " ابتسمت بألم ولم أعلق فقابلت وجهي وقالت " وسن احكي لي ما حدث , ما بك في كل يوم تنغلقي على نفسك أكثر " رن حينها هاتفي فوقفت ورفعت حقيبتي ومذكراتي وقلت مغادرة " لم يحدث شيء لكنت قلته لك " وابتعدت وأخرجت هاتفي فكانت فرح فاستندت بالجدار وأجبت عليها فقالت مباشرة " وسن وأخيرا فتحتِ هاتفك , لما تفعلين بي هذا وتضعيني في رحمة جواد أترجاه كل مرة كي يتصل بشقيقه وأطمئن عليك " قلت بهدوء " كيف حالك يا فرح " قالت من فورها " بخير مادمتِ أنتي بخير " قلت بابتسامة حزينة " أنا بخير لا تشغلي نفسك بي " تنهدت وقالت " أتمنى ذلك ولا تغلقي هاتفك ثانيتا وسن أرجوك " اتكأت بطرف جانب جبيني على الجدار وقلت بهمس " ما العمل يا فرح دليني على حل " قالت بقلق " وسن حبيبتي ما بك " حضنت مذكراتي بقوة وقلت بحزن وضياع " قلبي يؤلمني إنه يتمزق لما أنا من يحدث معها كل هذا ؟ لما قربه نار وبعده عذاب .... تعبت يا فرح تعبت " قالت ببكاء " وسن شقيقتي الحبيبة لا تقسي على نفسك هذا عوض أن يتعذب هوا تتعذبي أنتي " مسحت دمعتي وقلت " توقفي عن البكاء ما الذي يبكيك يا غبية " قالت بحزن " وسن جربا أن تتحدثا معا وجدا حلا لخلافاتكما " قلت بسخرية " أنتي يا فرح تقولينها " تنهدت وقالت " لأنه يكفيك ضياع وحزن فيبدوا لا شفاء ولا مفر من ذاك الجلمود " ابتسمت بألم ولم أعلق فقالت " جربي فقط يا وسن ولن تخسري شيئا " ابتعدت عن الجدار وقلت " أبدا ولا على قطع عنقي , تزوجني مرغما يا فرح من أجل وعده لوالدته وقدّم أخرى علي هل تعي معنى أن تكوني الثانية في حياة رجل هوا الأول بالنسبة إليك " قالت بضيق " والحل يا وسن أنتي تدفعين الثمن صحتك ولا هوا أو هي سيصيبهما شيء " قلت مغيرة مجرى الحديث " كيف حملك " تنهدت وقالت " أصبح يتعبني أكثر حتى حركتي أصبحت بحسابها " قلت مبتعدة بخطواتي " وداعا الآن يا فرح ورائي محاضرة " قالت من فورها " حتى متى سأُخرج الكلام منك بالحيلة وتتهربي سريعا من الحديث ، لا أعلم أي طاقة هذه التي لديك على الصمت , لو كنت مكانك لانفجرت " قلت بابتسامة حزينة " فيما سيجدي الكلام من عدمه " قالت بضيق " رأيتِ بعينك نتيجة الصمتِ أن فقدت صحتك " قلت وأنا اقترب من ملاك عند باب القاعة " وداعا الآن وسنتحدث لاحقا " قالت ببرود " أعلم أنه لن يكون هناك لاحقا , على الأقل طمئنيني برسالة ووالدتي تسأل عنك كثيرا لأنها تجد هاتفك مقفل دائما " وصلت عند ملاك قائلة " سأتصل بها لاحقا وداعا الآن وسلمي لي على جواد " ثم أنهيت الاتصال معها ودخلنا القاعة معا * * ضممت رأسي بين يداي انظر لأوراق التقارير التي أرسلها جواد بعدما اطلع عليها ذاك الطبيب هناك وقال أن الأمر إن تأزم معها يصل لأن يتحول لورم سرطاني وأن لا نستهين بأنها قرحة نفسية وشيء يسهل علاجه ، مسحت وجهي وتنفست بضيق ورفعت هاتفي واتصلت بجواد فأجاب بعد وقت قائلا " نواس كم مرة سأقول أن الوقت عندنا ليس كعندكم وفي كل مرة توقظني من نومي " قلت بضيق " أعرف الوقت عندكم جيدا وهذا ليس وقت نوم وعليك أن تُفهمني ماذا قال لك مفصلا " قال مباشرة " قلت لك المفيد ورقمه لديك فكلمه و... " قاطعته قائلا " جواد غبي أنت أم تتغابى أو تفعلها عمدا ، كيف أتحدث معه وهوا لا يعرف أي كلمة عربية وأنا لم أكمل دراستي يا نبيه " تنهد وقال " الراحة النفسية يا نواس كم مرة سأشرح قال عليكم إبعادها عن مصادر الضغوط النفسية وستشفى من تلقاء نفسها ولتبتعد عن الكبت عادتها السيئة , فرح منذ قليل فتحت لي مناحة وقالت أنها اتصلت بها ونفسيتها سيئة ولا تريد قول شيء " تنفست بقوة وقلت " وما بيدي أفعله ، ها أنا أجنبها رؤية الجلمود نواس طوال الوقت , حتى مي لا تتحدث معها أبدا " قال بهدوء " تعلم أن هذا ليس حلا " حركت جبيني بأصابعي وقلت " وداعا " وأغلقت الخط ورميت الهاتف جانبا واتكأت على ظهر الكرسي وأغمضت عيناي , لن أخسرك أيضا بنفس الطريقة التي خسرت بها والدتي ارحميني يا وسن فذاك سيكون فيه نهايتي ولن أتوقف عن لوم نفسي ما حييت , أجريت بعدها اتصالا بطبيبها الذي شخص حالتها هنا لأفهم منه ما قاله المتخصص هناك وكانت النتيجة واحدة ، نظرت لساعتي فكان وقت صلاة العصر اقترب فوقفت لأغادر مكتبي على صوت طرقات خفيفة على بابه ثم انفتح وكانت وسن , نظرت لي بصمت وأنا جمدت مكاني ولم أتحرك فأنزلت رأسها وقالت بهدوء " هل لي بطلب " بقيت أنظر لها باستغراب ، غريب وسن تطلب طلبا مني والآن ، قلت بذات هدوئها " بالتأكيد " لعبت بطرف بيجامتها بين أصابعها وقالت " تلك الفرس ... أعني " رفعت بعدها يدها لتدس خصلات شعرها خلف أذنها وتابعت ونظرها لازال للأسفل " أعني أريد أن أبقى أزورها فأنا لم أذهب منذ تلك .... " وسكتت حينها وعادت تعدل طرف بيجامتها فخرجت من خلف طاولة المكتب واقتربت منها حتى أصبحت أمامها وهي على حالها لم ترفع رأسها فمددت يدي ليدها وأمسكت أصابعها التي تعزف على قلبي قبل القماش وتعصره عصرا وقلت بهدوء " فقط " استلت يدها مني وعادت لدس خصلاتها المتمردة دائما على وجهها وقالت بهمس خافت " فقط " رفعت يدي لوجهها وأصبحت أنا من يدس لها خصلاتها ورأسها لازال للأسفل وقلت " تواجدك هناك في الليل فيه خطر عليك يا وسن ولا تنسي أن العمال منزلهم هنا في المزرعة " استدارت لتغادر فأمسكت يدها وقلت " سأُعلم الجميع ولا تخرجي لها بعد منتصف الليل " قلت بهمس " حسنا " ثم غادرت في صمت ودخلت غرفتها وتركتني واقفا مكاني أصارع الشوق واللهفة والحنين لتسير بي قدماي خلفها ووقفت أمام باب غرفتها وأمسكت مقبض الباب بيدي لأجمد مكاني قبل أن أديره وأنا أسمع بكائها المكتوم , البكاء الذي تحجبه عني بقوتها وقسوتها ولم تنزل منه دمعة أمامي ، لماذا يا وسن وكيف أجد لنا حلا ... لا أريد أن أخسرك يا عينا نواس وقلبه يا فرحته التي خرج بها من الدنيا التي خسر منها كل شيء حتى والديه ، أغمضت عيناي بقوة ومنعت نفسي بصعوبة من الدخول لها لأنها لن تقبل بوجودي معها وهي في هذه الحالة * * قفز جالسا على أعلى خشبة للسياج وقال " ماذا فعلت في جنية الليل " ضحكت وقلت " ملاك الليل وليست جنية " رمى بيده وقال " لا توجد امرأة ملاك كلهن أعوذ بالله جنيات يسببن الجنون " لبست نظارتي الشمسية وقلت " حتى حبيبة القلب " قفز واقفا وقال بضيق " اسمها زوجتي أو كسرت لك نظارتك " ضحكت في صمت فقال " وكيف تعرف عنك تلك كل شيء حتى وجبتك المفضلة ولا تعرف من تكون " وضعت يداي وسط جسدي وقلت " لا أعلم من هذه الخبيثة تحاربني بما تعرفه عني وفي كل مرة تكشف شيئا جديدا يخصني " ضحك وقال " يا عيني على اللذين يحبونهم أشخاص غامضين ويتغزلون فيهم في المذياع " نظرت له بضيق فقال بمكر ومشيرا لأذنه " لو لم أسمعها البارحة بأذني لقلت أنك تكذب ، تبدوا الفتاة متيمة بك يا رجل " تركته قائلا " معتصم لا تجعلني أندم أني تحدثت معك " قال صارخا لأسمعه " هيه لما لا تعترف أنه شعور متبادل " تجاهلته وتابعت سيري , لا أعلم كيف تعلم عني كل هذا وكأنها تعيش معي , لو لم أكن متأكدا من أن صوتها مختلف عن شقيقتاي لقلت أنها إحداهما صنعت بي مقلبا ، تلك المشاكسة لقد نجحت في شغل دماغي بها طوال الوقت حتى أنها أصبحت في كل حلقة تقول رقما من أرقام هاتفي بين كلامها وأنا عجزت أن أحصل على رقمها من الإذاعة والغريب أنها لم تتصل بي ورقمي لديها ، كنت أسير منشغلا بهاتفي في يدي فاصطدمت بأحدهم ويبدوا من خفته وقع ووقعت نظارتي فنظرت له بسرعة لأجد صديقة ابنة خالة نواس تقف وتنفض التراب عنها وتتأفف فرفعت نظارتي وقلت " آسف لم أنتبه لك " قالت وهي ترفع كتابا وصندوقا صغيرا من الأرض " هذا ولك أربع عيون " نظرت لها باستغراب ثم ضحكت بصوت مرتفع حين فهمت أنها تعني نظارتي وعيناي يصبحون أربعة ، فتحت الصندوق وشهقت بصدمة وقالت وهي تحركه " كسرتها لقد كسرت المادة التي كلفتنا كثيرا لنحصل عليها " حككت شعري وقلت " أنا حقا آسف وسأدفع لك ثمنها " رفعت نظرها لي لأول مرة وقالت " بل تحظر واحدة مثلها فما نفع المال والحصول عليها أصعب منه " ثم فتحت الصندوق ونفضته لتتساقط منه قطع الزجاج وقالت باستياء " كله من وسن لما أصرت أن احضرها هنا ، لا أعلم لما أنتم هكذا طوال القامة لا تنظرون للمخلوقات القصيرة تحتكم " حاولت أن امسك ضحكتي لأنها تبدوا مستاءة جدا لكني لم أقدر فعدت للضحك مجددا وأنا أتخيل أنها تعتقد أننا الطوال لا نرى النساء القصيرات فقالت باستياء " ما المضحك أنت " قلت مبتسما " حسنا أنا لا أرى سوى زجاج لا مادة سائلة ولا صلبة " قالت بسخرية " لأنها تبخرت يا ذكي ما أن تعرضت للهواء " حككت أذني وقلت " أخبريني من أين يحضرونها وسأجلبها بأي طريقة " مدت يدها وأخذت نظارتي من يدي وقالت " هذه مقابلا لها " قلت مبتسما " حسنا إن كانت ستعوض ما فقدتموه " قالت مغادرة " فقط لكي مرة أخرى ترى أمامك والأنبوب كان فارغا منذ البداية " تبعتها بخطوات سريعة قائلا " هيه أعيدي نظارتي إذا " وقفت عند باب منزل نواس والتفتت لي وقالت وهي تلعب بنظارتي في يدها " هذه ثمن الأنبوب طبعا " ثم دخلت راكضة تضحك كي لا أدركها ، محتالة نالت مني بسهولة وأنا لم أراها سوا مرتين * * دخلت عليا راضية الغرفة وقالت أن ملاك تنتظرني ، طبعا هي أوصتني إن رأيت معاذ هنا أتصل بها فورا لتأتي وهوا يبدوا مسافر دائما ولم أره سابقا ولأني حين عدت منذ ساعة رأيته يدخل أمامنا فاتصلت بها وهي لم تكذب الخبر ولا أعلم كيف أقنعت خالها ليجلبها ، مسحت بقايا دموعي التي لم تتوقف منذ خرجت من مكتب نواس ثم غادرت السرير وغيرت ثيابي وخرجت ، توجهت لغرفة الضيوف ودخلت فوقفت ما أن رأتني وضمتني لصدرها وقالت بسعادة " شكرا لك يا وسن لا تتصوري كم كنت أشتاق لرؤيته وكم أسعدني هذا " أبعدتها وأمسكت كتفيها وأجلستها وجلست وقلت " توقفي عن كثرة الثرثرة وأخبريني كيف جئتِ وما حدث معك " نظرت لملامحي مطولا ثم قالت بحيرة " وسن ما بك يبدوا بكيتي حتى تشققت عيناك " أشحت بوجهي عنها وقلت " لا تهتمي لهذا وأخبريني عما حدث " تنهدت بيأس ثم حرك نظارة شمسية أمام وجهي وقالت " أحزري هذه لمن " نظرت لها بحيرة وقلت " هل أخذتها من سيارته " ضحكت وقالت " بل من يده " ثم ضمتها لحظنها وقالت " يالا سعادتي بها ، هي عندي تساوي كل كنوز الأرض مجتمعة " تأففت وقلت " احكي لي ما حدث واتركي عنك حركات الأفلام " عدلت جلستها وقالت " دخلت ومن سعادة حظي الذي لا يبتسم لي إلا معه ما أن اقتربت من المنزل حتى رأيته يقترب من سيارة منشغلا بهاتفه فقطعت طريقه ليصطدم بي " نظرت لها بصدمة فضحكت وتابعت باقي ما حدث معها وما أن انتهت حتى انفجرت ضاحكة في وقت أبعد ما كنت أفكر فيه الضحك فضربتني على كتفي وقالت بضيق " حمقاء ما الذي يضحكك " قلت بضحكة " كم أنتي خبيثة أين كنتِ تخفين كل هذه الحيل " تنهدت وقالت " لو الأمر بيدي لسرقته هوا وليس نظارته " عدت للضحك مجددا فرفعت وسادة الأريكة لتضربني فقلت ضاحكة " توقفي يا مجنونة " لكنها استمرت في ضربي وأنا أضحك حتى سمعنا صوت نواس مناديا " وسن " فيبستْ كل واحدة منا مكانها وتوقفت عن الضحك وأنا أشعر أن كل حرف منها شق قلبي وعبر خلاله فوقفت على طولي وصفقت ملاك دون صوت وقالت بهمس " يا عيني على الأزواج الخجولين اللذين ينادون من الخارج " رميتها بالوسادة وخرجت له ووقفت أمامه عند الباب وأنزلت نظري للأسفل حين وقعت عيناي في عينيه فقال بهدوء " وجدت خال صديقتك عند بوابة سور المزرعة وأصررت عليه ليدخل لكنه رفض وطلب مني أن أناديها له " التفت لأدخل لها فأمسك يدي وقال " هل أطلب منه تركها معك حتى الغد " رفعت نظري له بحيرة فترك يدي وأبعد هوا نظره هذه المرة وقال " هي وحدها من أسمعتنا صوت ضحكتك هنا فسأطلب منه تركها " قلت بصوت منخفض " لن يوافق لأن والدها يمنع ذلك عنها " غادر من فوره دون أن يضيف شيئا أو ينظر إلي وأنا بقيت مكاني أراقبه حتى شعرت بشيء ضرب ظهري فالتفت فزعة فضحكت ملاك وقالت " هل كل هذا شوق يا حمقاء وأنتي ترينه كل يوم " أبعدت يدها عني وقلت ببرود " خالك قال أن تخرجي له " لمست حقيبتها بحيرة ثم فتحتها وأخرجت منها هاتفها وقالت بصدمة " ويلي ما كل هذه المكالمات منه ويبدوا أني نسيته على الوضع الصامت " ثم ركضت جهة الباب قائلة " سنتقابل غدا إن لم يرميني في الطريق " ابتسمت أراقبها حتى خرجت وتوجهت جهة ممر غرفتي وماتت ابتسامتي حين تقابلت ومي تنزل آخر عتبات السلالم فاجتزتها مسرعة ، أسوء واقع في حياتي أنتي يا مي لأنك تذكرينني بأقسى جرح من بين جراحي وهوا أنه استبدلني بأخرى ، دخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي وغيرت ثيابي وشغلت نفسي بدراستي لأبتعد عن أي شيء آخر فامتحاناتي أصبحت قريبة جدا وعليا أن أجتهد أكثر ، بعد قليل صليت المغرب وعدت لمذكراتي مجددا حتى وقت صلاة العشاء , صليت واستحممت ليس لسبب سوا طرد الملل أو الهروب من التفكير في أي شيء ، لبست بيجامة قطنية بأكمام لأن الجو أصبح يبرد لاقتراب الشتاء وجففت شعري ومشطته مغطيا كتفاي فطوله لا يتجاوز نصف ذراعاي دائما لأني لم أتركه يتعدى ذلك أبدا فلم أحب الشعر الطويل يوما عكس فرح التي كانت لا تقص منه شيئا ، أخرجت مشبك شعر صغير وجمعت شعري وخصلاتي من الأمام للجانب الأيمن وأمسكتهم به وتركته مفتوحا لابد وأن نواس بات يحب الشعر الغجري كشعر زوجته وشعري لم يعد يعجبه , هذا إن كان يعجبه من أساسه من قبل أن يعرفها تأففت ووقفت مبتعدة عن المرآة وعن كل هذه الأفكار السخيفة القاتلة ، انشغلت بعدها بجمع كتبي ومذكراتي حين طرق أحدهم الباب ودخلت راضية وقالت " العشاء جاهز " التفت لها وقلت " هل نواس هنا " قالت مبتسمة " نعم ولا مهرب لك اليوم من تناوله " تنهدت وقلت متوجهة نحوها " حتى الطعام بالإجبار " قالت سائرة أمامي " ليته يتناوله هنا كل ليلة كي لا تهملي طعامك " ابتسمت بحزن ولذت بالصمت حتى وصلت طاولة الطعام التي كانا يجلسان عليها وأنا طبعا آخر الحاضرين ككل مرة فهما بالطبع ينزلان من غرفتهما وأنا من على راضية أن تخبرها ، جلست في مكاني المعتاد وأنزلت رأسي لينسدل شعري ويخفيهما عني لأني أشعر بكل شيء أمامي يتلون بالسواد من هذه الأفكار فليته فقط يدرك أنه يحول حياتي لجحيم كلما رأيتهما معا ، ليته يدرك معني النار التي تشتعل في قلبي من وجود أخرى تأخذ مكاني لأكون أنا في المؤخرة ، يا رب أي عذاب هذا وأي جحيم أعيش فيه " متى ستبدأ اختباراتك يا وسن " رفعت رأسي ونظرت جانبا له بحيرة فهوا لم يحدثني على طاولة الطعام منذ تلك الليلة بل لم يخاطب لسانه لساني من شجارنا ذاك إلا اليوم ، بقي نظري معلق به وهوا نظره على طعامه حتى رفع نظره لي فعدت بنظري لصحني وقلت بصوت منخفض " أسبوعان أو ثلاثة " صعقتني حينها مي وهي تشاركنا الحديث قائلة " السنة الأخيرة صعبة دائما فهي تستنزف كل قدرة الطالب " ثم ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " أذكر أني بكيت آخر يوم لي في الجامعة والجميع يضنه حزنا على فراق صديقاتي وهوا من فرحتي أني تخلصت منها أخيرا " بقيت على حالي نظري على الطبق أضغط بأصابعي على الملعقة بقوة حتى بت أشعر بالألم في يدي ورحمني الله أن نواس لم يبادلها الحديث والضحك لكنت غادرت وأنا لم آكل شيئا وأصبحت في مشكلة معه ، لا أعلم كانت تود فتح مجال للحديث معي أم مع نواس ، لو كانت شخصا آخر لكنت أبديت رأيي في كلامها لكن هي لا يمكن مستحيل ولن تخرج الحروف من حنجرتي مهما حاولت ، وضعت الملعقة من يدي وأمسكت كوب العصير لأشرب شيئا يبرد حر قلبي ، وقف حينها نواس وغادر طاولة الطعام ووقفت مي وتوجهت جهة المطبخ وحركت أنا الملعقة في الطبق كثيرا وبدهن شارد ونظرة حزينة وكأني أحكي لهم عما في داخلي من حزن وضياع ، لما لا أكون كمي لا مبالية وكأني لست زوجة زوجها لا تعير الأمر أي اهتمام وكثيرا ما كنت أسمعها تضحك مع راضية في المطبخ وقت عودتي من الجامعة ، ترى هل أخبرها نواس شيئا ككوني عهد بينه ووالدته وأنه تزوجني لأجل ذلك فقط هذا هوا الاحتمال الوحيد والدليل أمامها فهوا ينام معها كل ليلة ولم ينم عندي قط ، تنهدت بأسى ورميت الملعقة وغادرت أيضا لكن ليس جهة ممر غرفتي بل باب المنزل وخرجت أتتبع بنظري خطواتي على الأرض أسير ببطء حتى وصلت إسطبل الوسن وفتحت الباب ودخلت وما أن رأتني حتى رفعت رأسها وأنزلته عدة مرات فركضت جهتها وحضنتها من عنقها قائلة " اشتقت لك يا صديقتي سامحيني لأني لم أعد أزورك لكنه كان رغما عني " بقيت أمسح على وجهها لوقت ثم قبلتها وقلت " سآتي لك دائما فنواس سمح لي أن أزورك " تنهدت بعدها وقلت بحزن " ليتك تفهمين علي " ثم حضنتها مجددا وقلت بصوت مخنوق مرتجف " أحبه يا الوسن أحبه فأخبريني ما العمل " شعرت حينها بيد على كتفي فابتعدت بسرعة وبشهقة فكان نواس أمامي ينظر لعيناي بهدوء وأنا أتنفس بقوة وصعوبة لأني ظننته أحد العمال ، قال بهدوء " آسف هل أفزعتك " هززت رأسي بنعم ثم هربت بنظري للأرض أفكر فقط إن كان سمع ما قلت ومؤكد سمعه إلا إن كان لم يفهمه ، وصلني صوته الهادئ قائلا " خشيت أن يأتي أحد هنا ويجدك فالعمال يراقبون الخيول في أوقات متفرقة من الليل ولن أتوقف عن لوم نفسي إن آذاك أحدهم " أنزلت رأسي أكثر ورفعت شعري خلف أذني أخفي توتري من قربه وصوته الهادئ الدافئ وكأن نواس القديم عاد ، تماما كما كان قبل أن يحدث كل ما حدث وكأن السنين عادت بنا لأكثر من عامين مسح بيده على وجه الوسن وقال " هل تعلمي ما قصة هذه الفرس " رفعت رأسي ونظرت له فكان ينظر ليده على وجهها وتابع قائلا " ولدت على يداي في مزرعة رجل عملت عنده في أول عام عدت فيه إلى هنا ، كانت ليلة شتاء ماطرة شديدة البرد والطُرق مسدودة بسبب الأمطار ولا مجال لإحضار بيطري لوالدتها ولأني عملت في الماضي في مزرعة خيول لعامين وشهدت أكثر من ولادة فغامرت واستلمت أنا زمام الأمر , كانت مخاطرة كبيرة أن أطبق شيء رأيته بعيني فقط " تنهد بعدها بحزن وتابع " لكن والدتها ماتت صباح اليوم التالي ورغم أن البيطري قال أن توليدها لم يكن السبب إلا أني لمت نفسي ومنذ ذاك الوقت تعلقت بي هذه الفرس كثيرا وصرت أهتم بها لوحدي , لن تصدقي أنها كانت حتى طعامها لا تأكله إلا إن وضعته أنا لها وحار الجميع في أمرها " ثم ابتسم بشرود وكأنه يسترجع ذكريات جميلة فقدها وقال " أسميتها منذ ذاك الوقت باسمك أناديها به وحدي ولم أكترث بأحد حتى نسي الجميع اسمها الذي سماه لها مالكها وأصبحوا ينادونها بالوسن وحين قرروا بيعها تركتها كمن يترك روحه تخرج منه أخرجوها من قلبي قبل أن يخرجوها من هناك وأول شيء فعلته عندما بدأت تجارتي أن اشتريتها وكنت مستعدا أن أدفع فيها كل ما سيطلبه مالكها الجديد لتصير لي " كانت عيناي معلقتان به وهوا ينظر لها ويتحدث وكأنه يسرد قصته معي وليس معها فأنا أذكر حين كانت تحكي لي خالتي أني لم أقبل أحد بعد وفاة والدتي لأن عمري كان أقل من عامان بقليل ولا حتى زوجة والدي ووحده نواس حينها من عرف كيف يتعامل معي وحتى الطعام لم أكن آكله إلا من يديه ليبيعوني فيما بعد كما باعوا هذه الفرس وتركوه دون أن يكترثوا لمشاعره لكن الاختلاف أنه دفع المال بلا تفكير وكان على استعداد أن يدفع أكثر ليستعيدها أما أنا ..... سحبت الهواء لرئتاي وقلت بهمس خافت " نواس " نظر لي من فوره وبصمت فأنزلت رأسي وقلت بحزن " لماذا تزوجتني أصدقني القول " لاذ بالصمت مطولا ورأسي لازال للأسفل أتنفس بقوة وأغمضت عيناي أخشى من إجابة الصمت هذه ثم شعرت بدفء كف يده على وجهي رغم لسعة البرد الخفيفة في الجو كان دافئا جدا شعرت وكأن سنين حياتي انطوت أمام هذه اللمسة وكأني لم أجرب ملمس الأشياء سابقا ، أمسك بعدها وجهي بكلتا يديه وشدني لحظنه ولف ذراعيه حولي وكأنه يشعر بارتجاف أوصالي من لمسته وقرر لملمة روحي المبعثرة , غمرتني رائحة عطره وحوتني أضلع صدره كالفقيد الذي وجد المأوى لتنزل أولى دمعاتي تحكي للمكان معنى ما أشعر به وليلحقها ارتجافه في كل أوصالي جعلته يزيد من شد ذراعيه حولي فشهقت بقوة أمسك عبرتي وقلت ببحة " لماذا يا نواس أجبني أرجوك " زاد من احتضاني أكثر وكأنه يجعل من هذا جوابا في كل مرة ثم قال بهمس " لأني لم استطع تسليمك لغيري لم أقدر يا وسن " قلت بعبرة " فقط ؟؟ " زاد من احتضاني أكثر وكأنه سيدخلني داخل صدره لأطلق العنان لدموعي تنسكب في الحضن الذي لم يحوي يوما سوا بكائي وحزني ومأساتي ، الحضن الذي لم أحضا به سوا في النكبات والمصائب فأول مرة كانت حين قرر قتلي بأخرى والثانية حين احتوى صرختي في فقدي لخالتي واليوم وآه كم أخشى من عاقبتها ، قبل رأسي وقال بأسى " يكفي يا وسن وارحميني " رفعت يدي لظهره وقبضت على قميصه وقلت بحرقة " لماذا استبدلتني بأخرى يا نواس لماذا فعلتها بي لما قتلتني بها " ثم شهقت بقوة وقلت " ليتك شعرت بنارها ليتك تعلم معناها يا نواس لما كنت رضيت بها لي " أبعدني عن حضنه وأمسك وجهي بيده وقبل جبيني وخداي وشفتاي ثم حضنني مجددا وقال " يكفي يا وسن أرجوك " صهلت حينها الوسن فهمس لي " سميتك ستتسبب لنا بمشكلة الليلة إن لم تسكتي فهي لا تحتمل فيك شيئا " ابتعدت عنه والتفت لها ومسحت على وجهها وحضنتها من عنقها فوضع نواس يده على كتفي ومررها على ذراعي حتى أمسك يدي وسحبني منها خارجا بي من الإسطبل يسير وأنا خلفه ممسكا يدي وفي صمت حتى وصلنا المنزل ودخل بي وتوجه لممر مكتبه ثم أدخلني لغرفتي حتى أجلسني على السرير في صمت من كلينا وجلس بجواري وأمسك يدي وقبل كفها قبلة طويلة ثم نظر لعيناي وقال " أقسم يا وسن وربي يشهد على صدق كلامي أني لم أفكر يوما في الانتقام منك لا أن أحرق قلبك بأخرى ولا أن أتركك بلا زواج لتريني أتزوج وأنتي لا ولم أجلبك هنا لأجل ذلك أيضا " بقي نظري معلقا به لوقت ثم قلت ببحة " لما تزوجتها إذا " أخفض رأسه ولاذ بالصمت فقلت بحزن " كم مرة سألتك الليلة هذا السؤال ولا تريد أن تجيب " قال ورأسه لازال للأسفل " قد تكون مجرد نزوة " قلت بصدمة " نزوة !!" رفع رأسه ونظر لي ثم أشاح بوجهه بعيدا عني فقلت " وهل ستتكرر نزواتك " خرجت منه ضحكة صغيرة وأمسك عيناه بأصابعه وقال مبتسما " هل تخافي أن أتزوج الثالثة " استللت يدي من يده وقلت بضيق " هل تعي معنى ما قلت يا نواس ربطت مصير فتاة بك وأحرقت قلبي ودمرت صحتي وفي النهاية تقول ..... نزوة " نظر لي وقال " قلت قد تكون " وقفت وقلت بضيق " لما لا تكن واضحا وتجيب جوابا محددا " وقف وأجلسني مجددا وقال " اتركينا من كل هذا الآن " ثم شدني لحظنه ودس وجهي فيه وقال " اتركينا من الأوجاع والماضي والهموم ودعينا ننساها ولو يوما يا وسن " قلت بألم " أنت من رفض ذلك يا نواس ولأشهر طويلة , أنت من لم ينسى " قبل رأسي وتنهد بقوة وبقيت في حضنه لوقت دموعي تنسكب على صدره ويده تمسح على شعري ولا شيء سوا شهقاتي المتفرقة وسكون الليل وحضنه الدافئ , بعد وقت وبعدما هدأت أبعدني عن حضنه وأمسك وجهي وقال " هل ينسى كل واحد منا جرح الآخر ونعيش الواقع كما هوا " بقيت أتنقل بين عينيه بحيرة ثم قلت بهمس مخنوق " كيف ؟؟ .... لا أستطيع " نظر للأسفل وأبعد يداه عن وجهي وقال " مي خارج حساباتنا يا وسن بل وخط أحمر حتى علي أنا " بقيت أنظر له بصدمة لوقت ثم قلت بهمس " وأنا " رفع رأسه ونظر لي ثم أمسك يدي ووضعها على قلبه وقال " أنتي هنا يا وسن " لذت بالصمت سوا من دموعي التي عادت للنزول , كيف يقول أنها خط أحمر ويقول أني في قلبه كيف ! إن كنت أنا في قلبه فأين تكون هي , مسح بيده على خداي وقال " يكفي بكاء يا وسن أين كنتِ تخزنين كل هذا عني في السابق " فتحت فمي لأسأل السؤال الذي يخنقني وقتلني به فوق موتي وهوا مكانتها لديه لكن شفتيه لم تعطيني أي مجال لأنها أغلقت أي طريق لخروج الكلمات ليرشف بهما رحيق شفتاي بل وبقايا روحي لتخرج مني شهقة ليست صدمة كتلك المرة بل شيء لا أعرفه ولم أفهمه جعله يشد على شفتاي أكثر ويضمني له بقوة أكبر لتنتقل قبلاته الحارقة لعنقي ونحري , أردت أن أقول لا ويكفي وابتعد ... دعني أفهم حدودها وحدودي لكني لم أقدر , نعم لم أقدر وعجزت عن كل شيء سوا التنفس بقوة وهوا يرجعني للخلف لأنام على السرير ليرسم حدوده في حياتي وليختم على جسدي ملكيته الأبدية ويتركني معلقة في أفكاري بين السماء والأرض عند الصباح فتحت عيناي بصعوبة وجلست مسرعة أنظر حولي هل كان حلما أم حقيقة كل ذاك ؟ وتأكد ذلك حين وقع نظري على النائم معي على سريري فأمسكت اللحاف وشددته على جسدي وكأني أخفيه عن نظري ثم رفعت شعري خلف أذني ونظرت مجددا للجسد النائم بهدوء بجانبي يخفي عيناه بذراعه وأول ما وقع عليه عيناي ذاك الحرق في كتفه بمنظره المؤلم وارتجف كل جسدي حين تذكرته البارحة في طلبه الوحيد مني وهوا أن أقبّل هذا الحرق وحين فعلتها تبث وجهي عليه بيده وقال ( نعم يا وسن اشفيه فهوا لم يشفى حتى الآن ولازال يحرقني ) ولا أعلم ما علاقتي أنا به تحديدا وما قصته ! تسللت من السرير ببطء ودخلت الحمام وفتحت المياه على أقواها ووقفت تحتها مغمضة عيناي بقوة وكل ما حدث البارحة يدور في رأسي , كل همساته وقبلاته وأنفاسه الساخنة نبرته المفعمة بمعاني كثيرة كل شيء كان كالحلم وحدث فجأة ولا أعلم كيف فكل تصرفاته بالأمس كانت غريبة , خرجت بعد وقت أتحرك في الغرفة ببطء كي لا يستيقظ ويبدوا لا يفكر في ذلك ولا زال على حركته تلك لم يغيرها , لبست أقرب بيجامة وجدتها أمامي ومشطت شعري دون تجفيف وخرجت من الغرفة كمن يفر من الواقع , دخلت المطبخ محطتي الوحيدة لأفاجئ بمي تجلس هناك تتناول فطورها فوقفت وجمدت مكاني ثم هربت بنظري عنها وأبعدت شعري الرطب خلف أذني ثم عدت بنظري لها فكانت تنظر لعنقي بتركيز أو استغراب فرفعت يدي وجدبت بعضا من شعري أماما , مؤكد رأت شيئا وفهمت ما حدث البارحة فيكفيها أن تفكر أنه لم ينم معها لتدرك كل شيء , رفعت نظرها لي بسبب حركتي ثم سافرت بنظرها للأسفل سريعا عندما وجدتني أنظر لها وإن لم أكن جُننت أو أتوهم فإنها كانت مبتسمة ابتسامة رضا وكأنها فرحت بما خمنت أنه حدث بيننا فجمِدْت أنظر لها بصدمة أحاول تفسير هذا " صباح الخير " ليرتجف كل جسدي من اليد التي لمست ظهري والصوت الرجولي الذي عبر أذناي ليكمل طريقه وسحب الكرسي وجلس معها فهربت منه بل ومنهما وعدت مسرعة لغرفتي * * التفتتُ أنظر لها حتى اختفت وأعاد نظري صوت مي قائلة " كنت أنتظر كل يوم أن تنهيا خلافاتكما وحدث أخير " لذت بالصمت ودخلت حينها راضية وقالت مبتسمة " صباح الخير ما صباح النشاط هذا " قالت مي بعد ضحكة " لا يسمعك أحد ويضن أننا ننام للظهيرة " توجهت للمغسلة قائلة " يبدوا أني أنا من تستيقظ متأخرة وتظن أن الجميع كانوا نيام , لما لم توقظيني لأعد لك الإفطار " قالت مي " لا داعي لذلك أقوم بهذا وحدي" وأنا طبعا لم أشارك بشيء سوا شرب شاي مي وأمسح قفا عقني بيدي كل وقت لأني على ما يبدوا لازلت مخدرا من ذكرى البارحة , فبعدما قررت أن لا أخسرها بمرض مميت هي أيضا لأنها ستكون نهايتي قبلها فرأيت أن أحُد على الأقل من مشاكلنا أن أدوس على نفسي كي لا أخسر الحياة بعدها لكن كلماتها للوسن جعلت الحصن ينهار بكامله وأنا أسمعها تبوح لها بحبها لي وكأني كنت أنتظر فقط أن أسمع شيئا يدعوني إليها فلم تبرد نار قلبي إلا وهي في حضني لأحقق ما حلمت به منذ رأيتها أول مرة بل ولم أترك شيئا في قلبي لم يقله لساني وهي تستسلم بين يداي وقبلاتي , كانت أغرب ليلة عرفت فيها نفسي وعرفت فيها معنى الحب والعشق والنساء أجل كانت ليلتي , تنفست أزفر الهواء بقوة ومررت أصابعي في شعري ثم رفعت نظري لهما فكانتا تنظران لي وتضحكان فقلت ببرود " ما يضحككما " رفعت راضية كتفيها وقالت " لا شيء طبعا " نظرت لمي فضحكت مباشرة ثم وقفت ودارت حتى أصبحت خلفي ومالت لرأسي وهمست في أذني قائلة " مبارك لكما يا نواس أقسم أني اليوم فقط شعرت بالراحة " ثم استوت في وقفتها وهي تمسح بيدها على ظهري وغادرت المطبخ فتنهدت بأسى ووضعت الكوب من يدي ووقفت مغادرا أنا من لن يرتاح يا مي حتى تجدي أنتي الراحة وعلى وسن أن تقتنع قبلي أنك ما أن ترضي بالعيش معي كزوجان فلن تخرجي من هنا وليلتك معي كليلتها أو أسلمك لغيري برضا منك , أقسم وبي نفس أتنفسه أن أسعى جهدي لتسعدي وتنسي كل ما قاسيته خرجت للخارج ووقفت تحت مظلة الباب مستندنا بالجدار أنظر للجزء الذي تركه نزار من المزرعة من أجل حديقة وألعاب للأطفال وأتخيل أن يصبح أبنائي بالفعل يلعبون هناك بعدما رأيت الأمر أصبح بعيد المنال وأنا زوج لاثنتين وكل واحد منا ينام في غرفة لوحده ويبدوا أن ليلة البارحة أيقظت الحلم من سباته ، حلم ظننت أن سنين الغربة قتلته خصوصا بعدما سلبوني حبيبتي وأعطوها لغيري لأشعر أكثر أن لا فرص لي لأكون سعيدا في الحياة ، مررت يدي على مكان الحرق في كتفي حرق عمره عامان وأكثر ولم يبرد إلا البارحة فكم ظننت أن ناره لن تخمد ما حييت ، نظرت للأسفل وأغمضت عيناي بشدة وأنا أتذكر تلك الليلة التي صارت فيها وسن خطيبة لذاك فمن صدمتي ذاك اليوم خرجت من العاصمة بأكملها وبقيت وحدي في البر ، كانت ليلة لم أنساها ما حييت بل كانت النار تشتعل في داخلي كالسعير ، جمرة تكوي قلبي وحتى شمس الصباح أبت الظهور كنت أبحث عما يطفئ تلك النيران عن شيء ولو يكويني أكثر منها ويلهيني عما أنا فيه ، وبدون تردد أو أدنى تفكير حرقت نفسي هذا الحرق لعلي أشعر بوجع آخر أقسى من وجعي وأنساه بحرارة الآخر لكني أصبحت في حرقين ووجعين لم يبردا رغم كل اعتذاراتها وأعذارها ورغم مرور الأيام والشهور والسنين ، أخرجني من أفكاري صوت كعب حداء خرج مسرعا ثم وقفت خطواته فجأة فالتفت من فوري فكانت وسن تحضن معطفها ومذكراتها وهربت بنظرها للأرض ما أن رأتني فسرت أمامها قائلا " تعالي سأوصلك أنا " وصلني صوتها المنخفض وأنا أصل سيارتي قائلة " اتصلت بالسائق " فتحت باب السيارة وقلت دون أن التفت إليها " تعالي يا وسن " ثم ركبت وأغلقت الباب فنزلت الدرجات بهدوء ودارت حول السيارة وفتحت الباب وركبت في صمت فشغلتها وتحركت بها خارجان من المزرعة واتصلت بالسائق فأجاب من فوره فقلت " أين أنت " قال " في غرفتي سيدي " قلت بحدة " ومنذ متى وسن متصلة بك " قال بارتباك " من منذ لا أذكر لكنه ليس كثير ومحاضرتها بعد سـ " قاطعته قائلا بغضب " وما علاقتك بوقت محاضرتها , كم مرة ستوقفها في الخارج تنتظرك ، لم أوافقك على جلب زوجتك هنا لتنام معها وتترك أعمالك " شرقت حينها وسن وبدأت بالسعال فنظرت لها بسرعة ثم مددت لها قارورة الماء الصغيرة فأخذتها دون أن تنظر إلي على صوته قائلا " حاضر سيدي لن يتكرر هذا " أغلقت عليه الخط وقلت " إن تأخر عليك ثانيتا أخبريني " نظرت جهة نافذتها وقالت بحزن " كنت سأنتظره لما توصلني وأنت لا تريد هذا " نظرت لها وقلت بصدمة " وسن ما هذا الذي تقولينه " قالت ببرود " ولما كل هذا الغضب والاستياء إذا وكأنك مكره على إيصالي " تنهدت وهززت رأسي وقلت " لا أعلم لما أنا وحدي من تفسرين كل شيء يخصه بشكل سيء " قالت بضيق " لأنه كذلك " قلت بضيق أكبر " لا ليس كذلك أنتي من يريده أن يكون هكذا وعليه أن يكون كما تريدين رغما عن الجميع " قالت بأسى " أعدني للمنزل فورا فالسائق بكسله أرحم منك " تأففت واستغفرت الله ولذت بالصمت فلم يكن عليا صنع مشكلة من لا شيء وكأني أقتنص لها الفرص ، بعد قليل دخلنا للعاصمة وبقينا على صمتنا حتى وصلنا لجامعتها ، أوقفت سيارتي وقلت " متى تنهي محاضراتك اليوم " فتحت الباب لتنزل دون أن تجيب فأمسكت يدها وسحبتها نحوي وقبلت باطن كفها وقلت " لم يكن قصدي ما فهمته أقسم لك " سحبت يدها من يدي وضمتها لحظنها وقالت وعيناها في عيناي " لم أعد أفهمك يا نواس " حضنت خدها بيدي وقلت " ما الذي لا تفهميه بي يا وسن لتريحي نفسك وترحميني " أرخت نظرها وكأنها تنوي قتلي بعينيها وقالت بهدوء " مكانتي لديك " أمسكت وجهها بيداي وقبلت عيناها وقلت بهمس " سبق وأجبتك البارحة وسأعيدها ، أنتي في قلبي الذي عاندني فيك يا وسن " رفعت نظرها لي مجددا وقالت بنظرة حزينة " ومي " أبعدت يداي عن وجهها بل ونظري عنها وقلت " سوف آتيك وقت العصر " فنزلت دون أن تضيف شيئا وأغلقت الباب وغادرت فاستندت بذراعاي وجبيني على المقود ، ليتك ترحميني من هذا السؤال يا وسن وتشعري بي ، حتى متى سنبقى نبني الحواجز بيننا رفعت رأسي على صوت رنين هاتفي ونظرت للمتصل باستغراب , رقم غريب ومميز بل ليس أي رقم ! أجبت بتوجس " نعم من معي " جاءني الصوت الرجولي الواثق الحازم قائلا " نواس خالد شاهين معي " قلت مباشرة " نعم وصلت " قال بذات النبرة " معك جابر سيد حلمي من مكتب الشرطة الجنائية " تجمدتْ جميع حواسي وتوقفت عن العمل , هذا شقيق معتصم لكن ما يريده بي ولما يتصل ولم يرسل طلب استدعاء ، فتحت فمي لأتحدث لكنه لم يعطني أي مجال لتحيته وقال من فوره " وزوجتك وسن أحمد عمران عامر " انفتحت عيناي من الصدمة ليضيف قائلا " علينا مقابلتها " قلت " هل تريد أن تزور مكتبك أم قسم التحقيق ولما " قال " بل أنا من سأزوركم " قلت بصدمة " أنت تزورنا !! " قال بثبات " نعم وبسرية تامة ولا يسمع أحد بما دار بيني وبينك حاليا ولا زوجتيك " أخذت نفسا كبيرا أحاول أن لا أفكر في شيء حاليا وقلت " والسبب " قال " أود أن أحقق معها في مقتل والدها " فتحت فمي من صدمتي وقلت " والدها مات مقتولا !!! " قال من فوره " نعم وباقي مجريات الأمور لديها وحدها " **************************************************** ****************************************** |
رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس والعشرون)
بقيت لوقت واقفا أمامها وأنظر للأرض وكأني أحاول جمع
الكلمات المتزاحمة في رأسي بل وكأني لم أتحدث لفتاة من قبل ولم يكن لي خطيبة حادثتها لسنوات , قد يكون الوضع الآن مختلفا فأنا أمام فتاة حساسة أكثر من رهام بملايين المرات فتاة تحركت مشاعري نحوها بشكل مختلف فيكفي أنها أنثى لم أضع لها عيبا في صفحتها معي ولا حتى خطأ بسيط ، ما سأحاول قوله أن أقنعها بأي طريقة أن تنتظرني فقط ليكون كل واحد منا مهيأ للأمر ، عليها أن تختارني بعقلها وبقلب أكثر نضجا من الآن لا أريد أن أظلمها ولا أظلم نفسي ، أريدها لا أنكر ذلك لكني لست بمستواها وأريد أن تحبني من منظوري أنا وليس من منظور فتاة في الخامسة عشرة ولم تعرف من الرجال سوا القليل جدا ولم تحتك بسواي ، رفعت رأسي ونظرت لها وهي تنظر لي بترقب وحيرة فتنفست الصعداء ثم ابتسمت بحمق على نفسي حين شعرت بنبض قلبي اطرب فهززت رأسي يمينا ويسارا وعدت برأسي للأرض وقلت بهدوء " سما أنا .... " قاطعتني بسرعة قائلة " اصمت نزار " رفعت رأسي ونظرت لها بصدمة فسالت دمعة واحدة على خدها وقالت بحزن " لا تتحدث عن موضوع تزويجي حلفتك بالله إن كان في الموضوع زواج فلا تفتحه " مسحت دمعتها بكف يدي وقلت بابتسامة حزينة " حسنا فقط لا تبكي وليتك لم تقسمي فالموضوع كان سيحسم الأمر " هزت رأسها بلا وقالت بأسى " عفت ذلك ولم أعد أريده بل وكرهته أيضا " أبعدت يدي عن الشجرة خلفها وابتعدت عنها وقلت " ما كنت أخشاه حدث يا سما وزدتك تعاسة مع تعاستك وأريتك العالم من زاوية مظلمة جديدة " وغادرت وقلت مبتعدا " الحقاني فلن اطمئن وأنتما بعيدان " ثم عدت حيث البقية ووقفت انتظر حتى اقتربا من بعيد عندها فقط استطعت الجلوس معهم لكن بجسدي فقط أما دهني فلم يكن معهم ولا أعلم مما يقولون شيئا وأنا مسافر بنظري للأرض وسما طبعا لم تجلس معنا وأكملت باقي وقتها عند النافورة حيث الأطفال وها قد صنعت منك ما أريد يا سما فتاة ميت إحساسها اتجاهي لكني لست سعيدا بذلك مطلقا يا طفلة نزار الحبيبة " نزار هيه أتعبت صوتي " رفعت نظري له وقلت بضيق " ثقبت لي طبلة أذني يا أحمق ... ماذا تريد " وضع ذراعه على كتفي وقال مبتسما " يبدوا صديقنا وقع وسنفرح به قريبا فاعترف بسرعة من هذه التي سلبت العقل " أبعدت ذراعه عني وتأففت وقلت " عوني يالا ثقل دمك يا رجل " قالت والدتي " ايئس منه كما يئست أنا وأيقنت بأنه لن يتزوج ما حييت فهوا لا ينفع سوا لجرح نفسه أو غيره " قلت بضيق " أمي حلفتك بالله يكفيني ما بي " قالت ببرود " لم ترى شيئا يا ابن أم نزار فالنتائج لم تظهر بعد " نظرت لها بضيق وكنت سأتكلم لولا أوقفني الصوت الناعم والهادئ الحزين من خلفي قائلا " نزار أريد أن أرجع للمنزل " التفت لها وقلت " لماذا وخروجنا كله من أجلك " قالت مغادرة بخطواتها جهة مخرج الحديقة " وأنا أريد المغادرة " وقفت وقالت والدتي " ما بها هل تحدثتما " نظرا عوني وزوجته لبعضهما باستغراب فقلت " لا شيء دعيني أساعدك لتجلسي على الكرسي فسنغادر " وقف عوني وزوجته وجمعنا الحاجيات وحملاها لسيارتهم وخرجت أنا بوالدتي فكانت سما تنتظرنا عند مدخل الحديقة , في رحلة البحر كانت معترضة على عودتنا رغم أننا قضينا أغلب النهار هناك أما الآن صارت سما جديدة تكره حتى وجودي بقربها لأنه يحزنها ليتك تفهميني يا سما وتقدري أن هذا الأمر سيجرحني أكثر منك وضعنا الأغراض وركبنا جميعنا وعدنا للمنزل وركب أحمد معنا مصرا أن يركب مع سما وكان طوال الطريق جالسا في حجرها وينظر من النافذة ويتحدث معها حتى وصلنا ودخلت قبلنا أدخلت والدتي ولم تكن في الأسفل ومؤكد صعدت لغرفتها ، أجلست والدتي على السرير فقالت " يبدوا تحدثتما " طويت الكرسي وقلت وأنا أضعه مكانه " حاولت يا أمي لكنها رفضت أي حديث عن زواجها وأقسمت أن لا أتحدث " قالت مباشرة " هي تظن أنك ستكلمها عن أحدهم " قلت ببرود " النتيجة واحدة " تنهدت وقالت " كم تناقض نفسك تحبها وتتهرب من التحدث معها عن أمر يحسم ما بينكما وتتحجج بحجج واهية " قلت بضيق مغادرا الغرفة " لا أحد سيفهمني مهما شرحت وأعدت " خرجت للسيارة وأنزلت الأغراض منها وأعدت كل شيء مكانه ثم صعدت لغرفتي استحممت وصليت ونمت أحاول أن لا أفكر في شيء وسأحاول فيما بعد أن أجد حلا لكل هذا * * دخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي ووقفت عليه وأطلقت العنان لدموعي التي أمسكها منذ ساعات ثم مسحت عيناي بقوة ودخلت الحمام واستحممت ، عليا أن أكون أقوى من كل هذا فقد واجهت ما هوا أصعب وفقدت حتى والداي وشقيقي واجتزت ذلك فعليا أن أهزم حبه في داخلي كي لا أضعف أكثر وأطلب وجوده في حياتي أكثر ولا أنسى أنه عاملني بلطف وود وفعل الكثير والكثير من أجلي وهوا لا يقرب لي وغير ملزم بهذا ثم هوا لا يعلم عن مشاعري نحوه فكيف ألومه ، نزلت بعدها لخالتي وما أن دخلت حتى قالت " أردت بهذه النزهة أن ترفهي عن نفسك ويبدوا زادتك تعاسة فوق تعاستك " نظرت للأرض وقلت " قررت أن أتوقف عن التفكير في كل هذا وألتفت لأمور أخرى " قالت من فورها " قرار جيد يا سما وكما أخبرتك ستجدين كل شيء في انتظارك فما كتبه الله لك لن يأخذه غيرك منك " نظرت لها وقلت بحزن " هل باعتقادك سأنجح وأنا أراه أمامي " تنهدت وقالت " سيكون الأمر صعبا لكن من لا يحاول يحكم على نفسه بالفشل " قلت بهدوء " ما يهون الأمر أنه لا يعلم عن مشاعري نحوه لأنها حينها ستكون إهانة لي لأنه سيكون رفضني بتصرفه هذا " هزت رأسها بقلة حيلة فقلت " خالتي هل لي بطلب " قالت على الفور " بالتأكيد بنيتي " قلت مبتسمة " أريد أن أقرأ جزء كبير من الرواية فعندما أقرأها أنسى نفسي وكل شيء وأنا سبق ووعدتك أن أقرأ كما كنا نقرأ " قالت مبادلة لي الابتسامة " بالتأكيد صغيرتي ففي السابق كان لديك دراسة أخاف أن تلهيك عنها أما الآن فافعلي ما يحلوا لك وابقي دائما هكذا تحترمين وعودك " هززت رأسي وقلت " بالتأكيد " ثم صعدت لغرفتي وأخرجت الرواية وجلست على السرير وبدأت بالقراءة ((جلست أمام الخزانة أرتب باقي أغراضي كي أكون جاهزة قبل أن يأتي فريق خبيرات التجميل ، أرمي ما لا أريده جانبنا وأضع الباقي في حقيبة حتى سمعت أصوات ركض ثم فتح أحدهم باب غرفتي بقوة لأقف فزعة وأنا أرى عمتي سعاد تقف أمامي بوجه مسود من كتم صرخة أو صدمة وعينان حمراوان من كتم الدموع تتنفس بقوة وصعوبة ثم قالت " مات يا ردين " وضعت يدي على قلبي وقلت بصدمة " ليس هوا جميعهم إلا هوا ، أرجوك عمتي قولي أنه ليس عمي رياض " وضعت يدها على فمها لينزل طوفان دموعها وقالت بعبرة " مات سندي وسندك يا ردين مات عمك رياض " صرخت بكل صوتي " كذب كاذبون " وركضت خارجة مجتازة لها وفي صرخة واحدة ونزلت السلالم متوجهة جهة الباب كالمجنونة لأصطدم بذاك الصدر العريض وتكبلني ذراعيه بقوة فقلت بصراخ باكي " أتركوني أذهب له لأنكم كاذبون جميعكم كاذبوووون " استمر في احتضاني دون كلام حتى قلت بوجع وعبرة " مات يا فراس مات والدي ليتنا جميعا متنا وليس هوا " ولم أرى أو أسمع بعدها شيئا لتسود الدنيا في عيناي مثل قلبي وحياتي بعده ولم استيقظ إلا في سريري وأول ما قابلني سقف الغرفة ، نظرت يمينا فكانت عمتي سعاد تجلس ممسكة رأسها بيدها تنظر للأسفل وبجانبها امرأة وضعت يدها على كتفها وقالت " اذهبي وارتاحي يا سعاد ها أنا بجانبها هذا لن ينفع بك ولا بها ثم المعزيات يسألن عنك في الأسفل " قلت ببحة وصوت مرتجف " عمتي " فهرعت لي بسرعة وجلست على السرير بجانبي فجلست وحضنتها ودخلنا في بكاء مرير وموجع كل واحدة منا تبكي نفسها والأخرى بعده بل وحدي يبكون عليها فهي لديها أبنائها وشقيقها ووالدها أما أنا فلم يترك لي شيء سوا زوج لا يريدني وكل واحد منا قبل بالآخر من أجله واحتراما له بل تزوجني هوا انتقاما مني أي تركني في هم أسوء من همي ، قلت بعبرة " تركني وحدي يا عمتي كيف يفعلها ولا أحد لي قبله ولا بعده تركني بلا سند ولا أحد " زادت من احتضانها لي وقالت " لا تقولي هذا يا ردين فأين ذهبنا نحن وزوجك سندك أكثر حتى منه " قلت بنحيب " لا زوج لي ولا أحد لا أحد هوا كان كل شيء وغاب ليتركني بلا شيء هوا والدي وزوجي وجميع أهلي واختفوا جميعهم اختفوا باختفائه فقدتهم اليوم فقط " وبقينا على حالنا هذا حتى تجمعوا علينا يحاولون تهدئتنا وما كان هناك شيء ليهدئني ويطفئ النار في قلبي لأفقد وعيي مجددا ولم استيقظ هذه المرة إلا في المستشفى ولازمته أربعة أيام لا أعلم من جاء ومن ذهب ومن زارني وماذا قالوا لي فلست أرى إلا السواد ولا أسمع إلا بكاء قلبي ونحيب صدري جلست ببطء بمساعدة الممرضة التي ساعدتني في لف حجابي أيضا لحظة دخول فراس واقترب مني وقال " هل نغادر يا ردين هل كل شيء جاهز " هززت رأسي بنعم دون كلام ودون أن أرفع نظري فيه فأوقفني وقال " إن كنت لا تستطيعين المشي أحضر كرسيا " هززت رأسي بلا وقلت بهمس " أمشي وحدي " فترك يدي وحمل كيس أدويتي وخرجنا معا أسير بجانبه لا أرى شيئا سوا الأرض تحتي وأقدام المارين حتى وصلنا السيارة وفتح لي الباب وركبت وانطلقنا في صمت موحش أنظر للفراغ وذهني ليس معي ، قال شيئا لم أفهمه ولم أهتم به فأمسك كتفي وقال مجددا " ردين وصلنا انزلي والدتي تنتظرك هنا عند الباب لأنه عليا المغادرة لأمر ضروري " نزلت في صمت ودخلت ووجدتها بالفعل تنتظرني هناك أمسكت يدي وأدخلتني تقول أيضا أشياء لا أفهمها ولا تعنيني ، وصلنا للداخل وكانت هناك جوري وامرأتان أو ثلاث أو مجموعة نساء لا أعلم ولم أركز ، توجهت جوري نحوي وسلمت علي فقلت لعمتي بصوت متعب " خذيني لغرفتي " ففعلت في الفور ورافقتنا جوري وبقيت معي في الغرفة تواسيني أو تسليني لا أعلم ولا أفهم شيء مما تقول سوا كلمة موت وأنا دموعي لا تتوقف عن النزول في صمت ومر شهرين وأنا سجينة غرفتي لا أستقبل أحدا سوا عمتي سعاد ولا حتى فراس ولا جوري لا أحد غير وحدتي وحزني تجاوزت الصدمة لكن الحزن وشعور الفقد لم أتجاوزه بعد فمصابي أكبر منهم جميعا ، انفتح الباب ودخلت عمتي تحمل صينية في يدها وضعتها على الطاولة وجلست بجانبي ثم أمسكت يدي وقالت " ردين هذا الذي تفعليه في نفسك وفي زوجك غير صحيح بنيتي فهوا يسأل عنك يوميا ويريد رؤيتك وأنتي ترفضين حتى هاتفك لم تفتحيه " قلت باستياء " لا أريد أن أراه ولا أرى أحدا ارحموني وافهموني أرجوكم " تنهدت وقالت " جوري أيضا تسأل عنك استقبليها هنا على الأقل فأنتي بحاجة لمن يسليك ولو قليلا وهذه العزلة لن تزيدك سوا هم وغم وحزن , مصابنا فيه جميعنا كبير حتى أبنائي لم يغادرهم الحزن بعد لكنه قدرنا وما مات أحد بعد ميت وها أنتي فقدتِ عائلتك جميعهم وعشتِ حياتك بعدهم كالبقية والله لم ينساك وأوقف رياض رحمه الله في طريقك ولن ينساك الآن ورزقك بزوج يعوضك عنه " ابتسمت بسخرية أنظر للفراغ وقلت " يعوضني عنه ! ابنك لا يريدني وما وافق إلا من أجل والده ولينتقم مني وقالها لي بلسانه سابقا " تنهدت وقالت " لو كان كذلك ما كان يسأل عنك كل يوم " اكتفيت بالصمت ولم أعلق كي لا أجرحها بكلامي فيكفيها ما بها ، أمسكت يدي مجددا وقالت " جوري على الأقل استقبليها هنا ولا تنزلي فهي تريد رؤيتك قبل أن تسافر " تنهدت وهززت رأسي بحسنا فوقفت من فورها وخرجت وعادت بعد قليل وهي معها وغادرت عمتي سعاد وبقينا معا , جلست معي وتحدثت في أمور كثرة وأنا أشاركها بكلمات قليلة جدا وعلمت منها الآن فقط أن جدهم والد عمتي قرر البقاء هنا والعيش معهم وأن زواجها ووائل تحدد على أن يكون عقد قران فقط بعد أشهر والزواج حتى إشهار آخر أو ينهي دراسته العليا كما فهمت ، ودعتني بعدها وخرجت وبقيت لوحدتي وحزني , وقفت وتوجهت لخزانتي وأخرجت ألبوم الصور وتوجهت به للسرير وجلست أقلبه , كان كله صور لي مع عمي رياض رحلاتنا للبحر والمدن التي زرناها والدول التي سافر بي لها فقد في كان وقت إجازتي في النزل الداخلي يحاول دائما قدر الإمكان أن يخرجني من هناك ويسليني حتى إن كان سفر من أجل عمله يأخذني معه , كان كل شيء بالنسبة لي وآخر ما كنت أتوقعه أن يذهب ويتركني ، ضممت الألبوم لحضني وقلت بعبرة " لازلت صغيرة يا والدي لازلت أحتاجك في كل شيء تركتني معلقة بين السماء والأرض زوجة لابن لا يريدني أو مطلقة لا أحد لها سوا الشارع فبقائها هنا حينها لن يكون منطقيا تركتني وأنا في عز احتياجي لك لماذا يا عينا ردين وحياتها " ونمت ليلتي وصورته في حضني ودمعتي على خدي ، في الصباح دخلت عليا عمتي وشدتني من يدي وقالت " لو عمك رياض يعز عليك تخرجي معي الآن يا ردين وترحمي نفسك والدي يريد رؤيتك ولا يستطيع صعود السلالم فانزلي له يا ابنتي " سحبت يدي منها وضممتها لصدري وقلت بعبرة وحسرة " لم يعد شيء في الحياة يعنيني انتهت حياتي وسعادتي انتهت " حضنتني وقالت بحزن " ردين ارحمي قلبك من هذا , لا يجوز يا ابنتي هذا ظلم في حق نفسك وزوجك " ابتعدت عنها وقلت باستياء " زوجك زوجك لا يريدني وأجبر علي لما لا يفهمني أحد أنا لا أظلمه لأن أمري لا يعنيه " تنهدت وقالت " حسنا فقط انزلي لرؤية والدي ويكفيك عزلة ووحدة فهذا لن يعيد رياض حيا ولن يغير في واقعك شيء " ثم أوقفتني مجبرة وقالت " لم تكوني ضعيفة هكذا أبدا عرفتك فتاة قوية كما سمعت عنك قبل أن أراك فلا تدعي الضعف يسيطر عليك وينهيك " خرجت معها مجبرة ونزلنا معا ودخلنا للمجلس العائلي كل مكان هنا يذكرني به ليثني أموت أو أخرج من هنا , كان ثمة شيخ كبير في السن جالس وبجانبه فراس لكني لم أرفع نظري به وما أن دخلت حتى حاول الوقوف وهرع فراس له ليساعده فأسرعت له وأعدته مكانه وقبلت رأسه وقلت " أنا من آتيك يا جدي لا تتعب نفسك " أمسك يدي وشد عليها وقال " أحسن الله عزائك يا ابنتي اعذريني لأني لا أستطيع صعود السلالم " قبلت يده وقلت " بل أنا من عليها أن تعزيك في زوج ابنتك وليس أنت " ثم قلت بغصة ودمعة " ليخلفنا الله فيه خيرا جميعنا أقسم أنها كانت كسرة لظهري وستبقى ما حييت " وقف حينها فراس وغادر الغرفة فيبدوا كلامي لم يعجبه أو لا يكون يعتب عليا لأني لم أسلم عليه وفي الحالتين لا يعنيني ما يفكر فيه , جلست بجانب الجد يتحدث وأنا أستمع له بانتباه فكم عشقت كبار السن وحديثهم وطريقة كلامهم وحتى طيبتهم وتهميشهم للحياة ومظاهرها , تنهدت بحزن وقلت " لكن الأمر ليس سهلا عليا يا جدي ولن يفهم أحد ما عناه لي عمي رياض رحمه الله " قال بهدوء " أعلم يا ابنتي ونعلم جميعنا رياض كان طيبا مع الجميع وفقده أوجع كل من عرفه لكن هذه الحياة وهذه سنتها هل سنعترض على أمر الله , انظري لجدك هذا أمامك دفنت زوجتي ثم ابني ثم ابنة شابة قبل زواجها بأسبوع ولم يبقى لي سوا عمتك سعاد وابني قصي وعشنا بعدهم وضحكنا وفرحنا ولم تتوقف الحياة والميت لا أحد ينساه يا ابنتي مكانه في القلب لكن الحياة تستمر " هززت رأسي بلا وقلت " ليس مثلي ليس كمصابي فلم يكن لي غيره كان ظهري وسندي وكل شيء كان أهلي الذين فقدتهم ولم أحتج معه لأحد " أمسك يدي بيده المجعدة الضعيفة وقبض عليها بوهن وقال " ترك لك زوج من صلبه من صلب الرجل الذي كنتي تتحدثين عنه الآن وهوا من اختاره لك وفضله على الجميع فكيف تقولين هذا الكلام " نظرت للأسفل وقلت بحزن " لن يفهمني أحد مهما قلت وشرحت يا جدي أقسم لن تفهموا ولن تشعروا بي " ربت على كتفي وقال " أخرجيني للحديقة الجلوس هناك أفضل من هنا " ساعدته وخرجنا للطاولة في الخارج وجلسنا هناك وبدأ يحكي لي حكايتهم القديمة التي أعشقها وقصص تحرير البلاد من الاحتلال والثورات الطلابية وحياتهم قديما وأنا أستمع باهتمام ونجح في رسم ابتسامة صغيرة في ملامحي الحزينة ثم انضمت لنا عمتي سعاد وجلست وقالت " ها ما رأيك في زوج ابني يا أبي " قال مبتسما " عروس بدون ثوب جيد أن رياض زوجها لابني فراس " ماتت ابتسامتي وأنزلت رأسي ولويت شفتاي بعدم رضا فضحكت عمتي سعاد وقالت " لا يسمعك حفيداك الآخران وتصبح في مشكلة " قال ببرود " وهل ثمة من لديه اعتراض " غيرت مجرى حديثنا بغيره وكثرت الأحاديث وتشعبت يحكي عن طفولتها وكيف كانت مشاكسة رغم أن هذا لا يظهر عليها وهي تنكر أغلب الأمور , كم هوا رائع جدهم وأدخل البهجة على المكان وكل ما أخشاه أن أعتاد عليه وأتعلق به أيضا ويفجع قلبي فيه نظرتْ عمتي لشخص خلفي مبتسمة فالتفت له فكان فراس فعدت بنظري سريعا للأمام فوصلني صوته قائلا ببرود "هيا يا جدي عليا أخذك لموعدك عند الطبيب " كانت كلماته جافة وباردة جعلت عمتي سعاد تنظر لي فورا وكأنها ترسل لي رسالة لأفهم أنه عاتب علي فتجاهلت الأمر تماما وقال الجد " وأين أشرف ألم يقل بأنه سيأخذني حتى متى ستبقى وحدك من يشعر أن لك جدا " قال فراس " لن أنتظر حتى يتذكرك سيادته ولم أطلب أن يساعدني أحد على خدمتك " وقفتُ حينها لأستأذن وأغادر على دخول صوت آخر علينا قائلا " أسمع اسمي يذكرونه بالسوء " قال الجد من فوره " وهل ستمانع أين من سيأخذني لموعدي " اقترب ينظر لي بصدمة ثم ابتسم ابتسامة جانبية وقال " ردين هنا هل سقطت الشمس على الأرض ولا نعلم " تجاهلته ولم أعلق فصفر تصفيره طويلة ثم قال " ردين تقال لها كلمة ولا تردها بعشرة لابد وأن السماء ستقع علينا " قلت مغادرة " بعد إذنكم " ولففت خلف الشجرة ليقع سواري فنزلت لأرفعه وسمعت عمتي سعاد تقول " لم نصدق أن نزلت للجلوس معنا لتأتي أنت تعكر لها مزاجها بكلامك الذي لا داعي له " قال أشرف ببرود " وماذا قلت لها أردت ممازحتها فقط " تابعت طريقي على صوت فراس قائلا " أمي كم مرة قلت أبنائك تعاملهم مع ردين لا يجب أن يكون كما قبل زواجنا ولم يسمع كلامي أحد فتحملوا النتائج وها قد حذرت " فابتعدت وغابت أصواتهم عني ولم أعد أفهم شيئا , يا عيني هذا ما كان ينقص يتحكم بي على مزاجه من يحادثني وكيف يتكلمون معي صدّق نفسه حقا العريس , دخلت لغرفتي أو عدت لسجني السابق , فعلا أشعر أن ردين القديمة ماتت بداخلي وكأني تحولت لعجوز لا قدرة لها على المرح والركض وصنع المقالب كما كنت دائما , آخر ما كنت أتخيله أن تموت ردين التي أحبها من داخلي وآخر ما أتصور أن كلام الناس عن تغير شخصية الإنسان صحيح لأنني كنت أنكر هذا وأكذبه دائما سمعت طرقا على باب غرفتي فانتظرت أن يدخل صاحبه لكن الطرق تكرر فنظرت للباب باستغراب عمتي سعاد والخادمة يطرقون ويدخلون فورا وفراس كان يدخل دون حتى طرق فمن يكون هذا والجد لا يمكنه الصعود !! لم يبقى سوا أشرف ووائل وكأنه ينقصني مشاكل مع شقيقهم , توجهت جهة الباب وفتحته لأفاجئ بفراس هوا من كان يطرق نظرت له باستغراب فدخل وأغلق الباب فوقفت جانبا مستندة بالجدار ووقف أمامي وسند يده بجانب رأسي وقال وعيناه في عيناي " لا تنسي يا ردين أني زوجك ولم يتغير شيء بوفاة والدي " ابتسمت بسخرية وقلت " تعني كرهك لي أم انتقامك مني " نظر لي مطولا بصمت ثم قال " أعني أنك زوجتي وأني زوجك بعيدا عن الطريقة التي تزوجنا بها " أشحت بوجهي عنه وقلت ببرود " نعم لن يتغير شيء تزوجنا بناءا على رغبة والدك ومجبر كلينا وخصوصا أنت وانتقاما مني وآخر رسالة لك لي يوم زفافنا تشهد على كلامك الذي قلته يوم أمرك بأن تتزوجني أمرا " أمسك ذقني وأعاد وجهي للأمام وقال ونظره على عيناي " لا تُعلنيها حربا معي يا ردين لأنك ستكونين الخاسرة " حركت رأسي لأبعد ذقني من قبضة أصابعه وقلت بجمود " لم يعد لدي شيء أخسره عمي رياض كان أول وآخر وأعظم خساراتي ولولاه ما تزوجتك حياتي يا فراس ولو بقيت دون زواج فأنا لا أعرف سوا قول الحقيقة ولا تهددني ثانيتا فموت عمي رياض لا يعني أني بث بلا سند ولا ظهر تفهم " أمسك قفا عنقي بيده التي خللها في شعري وشدني ناحيته حتى التصق وجهي بوجهه وقال بهمس " هكذا إذا " قلت بجمود ونظري في عينيه " نعم والخاسر أنت في كل الأحوال " شدني له أكثر حتى التصقت شفتيه بالجزء الموجود بين أنفي وشفتي العلوية وقال بذات الهمس " والطلاق مطلبك " لم أستطع قول لا رغم أني أريد الطلاق منه لكني بذلك سأصبح خارج هذا المنزل ومكاني الشارع فقلت بثبات " نعم " ولم أدفعه عني طبعا لأن هذا غرضه وأعرف الرجال جيدا في هذه الأمور صد المرأة لهم يعتبرونه تحدي وهوا لا يريد سوا قهري أكثر بما يفعل خصوصا إن أظهرت امتناعي عنه أخرج يده من شعري وترك عنقي كما توقعت ثم وضع يديه في جيوبه وقرب وجهه من أذني وهمس فيها " وأنا لن أطلقك ومهما حدث فجِدي لك منها مخرجا " ثم فتح الباب وخرج وها هوا من أعلنها حربا وليس أنا ولا يخبره عقله أني لن أكون ندا له وأقوى مما يتصور وبعمي رياض أو بدونه ردين تبقى هي ردين ولم يعرفها بعد أول ما فعلته بعدها أن ركضت لصورة عمي رياض وحضنتها بقوة وقلت " أحتاجك يا والدي أقسم أني أحتاجك ليتك تعلم أي مصائب تركتها لي ورحلت " )) أغلقت الرواية ومسحت دموعي التي لم تتوقف طيلة قراءتي لها وتوجهت أيضا لخزانتي جلست وأخرجت صورة عائلتي وضممتها لحضني وبكيت أيضا فقدي لهم واحتياجي لوجودهم * * جلست من نومي مفزوعا ومسحت وجهي أتعوذ بالله من الشيطان ثم أخذت قارورة الماء وشربت منها مباشرة ودون توقف حتى امتلأت معدتي ثم نظرت لقميصي الذي تعرق بشكل كبير في هذا الجو البارد ، غادرت بعدها السرير أتمتم بخفوت " أعوذ بالله من الشيطان ما هذا الكابوس " دخلت الحمام نزعت ثيابي ودخلت تحت الماء البارد وصورة سما في الحلم لا تفارقني وهي تمسك فخذها المجروح تنزف منه الدماء بقوة وتبكي بشدة وأنا واقف أشاهدها بصمت حتى هجمت عليها السباع واختفت بينهم وأنا مكاني لم أتحرك ، ياله من كابوس يبدوا لأني نمت متضايقا وأفكر في موضوعي معها ، خرجت من الحمام لبست ملابسي وخرجت من الغرفة ووقفت أمام باب غرفة سما بدلا من أن أكمل طريقي ، آه يا سما ما الذي جلبك لحياتي وما الذي وضعني في طريقك ، وضعت كف يدي على الباب وحرت ما سأفعل وإن أخرجتها ما سأقول لها ؟ لا أريد أن أجرحها أكثر وأريد أن أفهمها الأمر من وجهة نظري وأن أقنعها به ، أبعدت يدي لأغادر فوقفت مكاني وأنا أسمع صوت بكائها المكتوم فأمسكت عيناي بيدي مغمضا لهما بشدة بل وبحيرة وضياع ثم أبعدتها وكنت سأطرق الباب لكن يدي تحركت مباشرة لمقبضه وفتحته ببطء فكانت تجلس على الأرض أمام خزانتها وتحضن صورة عائلتها وتبكي وجهها يخفيه شعرها عني لكن نحيبها المكتوم لا يخفيه شيء يصيب القلب قبل الأذنين ، كنت سأتحدث لكني تراجعت فلا الزمان ولا المكان مناسبان رغم أن أوصالي تتقطع من بكائها ومنظرها وهي لم يبقى لها سوا صورة عائلتها أما نحن البشر فلم نزدها إلا ألما مع ألمها ، ألوم رهام لتخليها عني في محنتي ولم أكن أرحم منها ، أغلقت الباب بهدوء كما فتحته وغادرت بقلب ينحب مثلها ولا يملك من أمره شيئا ، وقفت عند باب غرفة والدتي وقلت " اتصلي بسما تنزل لك " قالت باستغراب " ما بها !! " نظرت للأرض بصمت فقالت " ما الذي حدث ولما تريدها أن تنزل لي ؟ " قلت ورأسي لازال أرضا " تبكي في غرفتها " قالت ببرود " إذا المنديل لديك وليس لدي " نظرت لها بضيق فقالت مباشرة " اتركها لعلها تُحرم أن تحب كل حياتها فأنتم الرجال لا تستحقون وخصوصا مثيلاتها " فتحت فمي لأتحدث فقالت بحدة " والمصيبة أنك تعلم أن الفتاة تحبك يا نزار ولا تزيدها إلا عذابا فوق عذابها ، يؤسفني أن أقولها لك لكنك لا تستحقها " هززت رأسي متأففا ثم خرجت من عندها لأصدم بسما واقفة أمامي تنظر لي بصدمة ويبدوا سمعت حديثنا لكن كيف لم أشعر بها ! نظرت لقدميها فكانت حافية وهذا هوا السبب والغريب أنها ليست عادتها ، عدت بنظري لعينيها اللتان ما تزالان تنظران لي بصدمة ثم ركضت للأعلى مسرعة كنت سألحق بها لولا جرس الباب الذي بدأ يرن دون توقف حتى خفت أن أحدهم به مكروه فتوجهت نحوه و فتحته فكانت دعاء أمامه ويدها على الجرس فأبعدتها وابتسمت ما أن رأتني وقالت " مرحبا نزار أين أنت لم أعد أراك ولا مصادفة " قلت بهدوء " كنت مشغولا طوال المدة الماضية ثم نحن لم تكن تجمعنا سوا المصادفات " تغيرت ملامحها ولم تعلق فأنا الحظ تحركاتها مؤخرا تريد أن تجدني هنا ونهارا وبأي شكل ولا أكون نزار إن لم يكن ورائها شيء ما ، رفعت يدها فيها كيسا وقالت " هذه فاكهة ناذرة تحدثت عنها مع والدتك سابقا وجلبتها لها " ابتعدت عن الباب قائلا " شكرا لك وتفضلي لما تقفين في الخارج " دخلت من فورها لكنها توجهت جهة المطبخ قائلة " هلا ساعدتني فأنا لم أعد أعرف مكان الحاجيات بعد قدوم سما " تنهدت بضيق وتبعتها وأخرجت لها السلة المخصصة لغسل الفواكه والأطباق والسكاكين ، كانت تتحدث دون توقف لكني لم أكن أفهم من حديثها شيئا فبالي مع التي ركضت للأعلى بعدما باتت تعلم أني أعرف عن مشاعرها نحوي ومؤكد الآن جُرحها مني زاد أضاعفا ، كنت واقفا عند الطاولة بذهن شارد أفكر فقط ما سيكون القادم وكيف ستكون ردة فعلها ليوقظني من أفكاري أصوات الأجراس في حدائها وهذا دليل أنها تنزل السلالم الآن ومؤكد تضن أني خرجت وما أن اقترب الصوت أكثر حتى وقفت دعاء بجانبي مستندة على الطاولة تمسك رأسها بيدها فلففت جهتها وقلت بقلق " دعاء هل أنتـــ.... " وما أنهيت جملتي إلا وقد فقدت توازنها وأمسكت بقميصي جهة الصدر فأمسكت بخصرها بسرعة كي لا تقع لحظة وصول سما لباب المطبخ بخطوة واحدة لتصعقني دعاء وقد لفت ذراعاها حول عنقي على دخول سما لتجدها متعلقة بي وأنا أمسك خصرها ففتحت فمها من الصدمة وخرجت منها شهقة قوية حتى ضننت أن روحها ستخرج معها ودعاء على حالتها بل تعلقت بعنقي أكثر فدفعتها بعيدا عني لحظة ركض سما عائدة للأعلى ثم خرجت أركض خلفها مناديا لها بصوت مرتفع لكنها لم تكترث لي بل دخلت غرفتها وأغلقت الباب فطرقته قائلا " سما أخرجي لنتحدث " طرقت وناديت مرارا وتكرارا لكنها لم تفتحه ولم تتحدث ففتحته ودخلت فكانت نائمة على الأرض تعطي الباب ظهرها وتخفي وجهها في ذراعيها وتبكي بشدة فقلت بهدوء " سما توقفي عن البكاء واستمعي إلي " قالت بعبرة " اتركني وحدي " قلت بضيق " انهضي من الأرض ويكفي نحيب أو دخلت ورفعتك بنفسي " وقفت حينها ونظرت باتجاهي تبعد شعرها عن وجهها ونظرت لي بنظرة حقد أو كره أو غل أو لا أعلم ما تكون ولأول مرة أراها في عينيها ثم رفعت يدها لعنقها وأمسكت السلسال الذي أهديته لها سابقا وشدته بقوة حتى انقطع ثم رمته على صدري ليقع بعدها على الأرض وقالت " أعطه لها أيضا أنا لم أعد أريده بل هي أولى مني به " ثم دخلت الحمام وأغلقته خلفها فنزلت للأرض ورفعت السلسال المقطوع ووقفت أضغط عليه بقبضتي بقوة وأنا أستمع لبكائها يخترق باب الحمام المغلق ، كنت سأحاول إخراجها لتتوقف على الأقل عن البكاء في الحمام لكني بهذا لن أزيد الأمر إلا سوءا فعليها أن تهدأ قليلا وهناك ما عليا فعله قبلها ، نزلت للأسفل لأجد دعاء واقفة عند أول السلالم تنظر لي حتى وصلت للأسفل وقالت " ما بها ماذا فعــ .... " قاطعتها بحدة مشيرا بسبابتي جهة ممر باب المنزل " أخرجي حالا ولا أراك هنا ثانيتا " نظرت لي بصدمة فقلت بغضب " هل تضنين أني طفل ستنطلي عليا تمثيليتك السخيفة تلك ، أخرجي فمبتغاك قد تحقق " قالت بصدمة " تطردني بلا سبب من أجلها " أشرت بإصبعي مجددا وقلت " نعم ولم نعد نتشرف بزيارتك " قالت بسخرية " تحبها لهذا الحد " قلت مباشرة " نعم " زادت صدمتها وقالت بدهشة " وتعترف يا نزار " قلت بحدة " لا أعتقد أني وعدتك بشيء وسما أجل أحبها حبا لم أحبه ولا لرهام وهي بالنسبة لي لا امرأة توازيها " صفقت بيديها وقالت " عاشت الشعارات القديمة الهابطة " أمسكت ذراعها وسحبتها منها جهة الباب فاستلتها مني بقوة قائلة " أخرج لوحدي وبكرامتي فأبعد يدك التي نجستها بجسد طفلة " فارت الدماء في رأسي فصفعتها بقوة وقلت بغضب " سما أشرف من أمثالك وأنا لم أنجس يدي برهام وبك سابقا لأفعلها الآن يا سيدة الشرف ، أقسم إن رأيتك هنا مجددا حطمت وجهك " خرجت تمسك خدها وتبكي متوعدة لي بأني سأندم على هذا فأغلقت الباب خلفها بقوة وعدت جهة غرفة والدتي التي تناديني منذ أن سمعت شجارنا معا ، وقفت عند الباب أتنفس بغيض فقالت بقلق " ما بك ومن هذا الذي تطرده ؟ أليس هذا صوت دعاء " قلت بضيق " نعم وطردتها ولن أقبلها هنا ثانيتا " ألجمتها الصدمة عن الحديث فغادرت من عندها بل ومن المنزل برمته ولم أرجع حتى مر أغلب الليل ، جربت الاتصال كثيرا بسما لكنها لا تجيب فعدت للمنزل عند الثالثة فجرا ودخلت متوجها للسلالم من فوري ليوقفني صوت أمي منادية لي فعدت جهة غرفتها ووقفت عند الباب وقلت " ألم تنامي بعد " قالت " وكيف أنام وأنت خرجت ولم ترجع حتى الآن ولا تجيب على اتصالاتي " نظرت جانبا بصمت فقالت " ما الذي حدث ولما حين عدت قبل ساعتين لم تجب عليا وأنا أناديك " نظرت لها بسرعة بصدمة وقلت " أنا لم أعد هنا منذ خرجت " قالت باستغراب " من فتح باب المنزل وأغلقه إذا في هذا الوقت المتأخر " قلت مباشرة " سما هل رأيتها " قالت " لم أرها منذ عدنا " تركتها وصعدت السلالم ركضا وفتحت باب الغرفة بقوة ولم تكن هناك ففتحت باب الحمام ولا أحد فيه ، إذا هي من خرج ومنذ الواحدة ، وقفت ممسكا رأسي بيداي ولم أعرف كيف أتصرف فأخرجت هاتفي واتصلت بها فرن هاتفها عند الطاولة لأكتشف أنه هنا وليس معها ، توجهت للخزانة فتحتها فكانت ثيابها كلها هنا فنزلت للدرج في الأسفل وفتحته فكان حليها جميعه موجودة وفقط صورة عائلتها التي اختفت والتفسير واحد وهوا أنها تركت المنزل وبدون حتى ثياب بل وبملابس المنزل **************************************************** ****************************************** |
رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس والعشرون)
**************************
عدت للقصر عند منتصف الليل فلم أستطع الرجوع قبل هذا الوقت فتحت باب الجناح ودخلت الغرفة ولم يكن هناك أحد , رفعت الهاتف المرمي أرضا مفتوح بدون شريحة ورميته على السرير بغيض ثم توجهت لغرفة الملابس وفتحتها فكانت ثيابها كلها هنا خرجت وتوجهت لممر غرف الأطفال وفتحت الباب فكانتا هناك نائمتان وجلست ترف مباشرة وقالت " ظننتك ماما هل عادت " قلت " وأين ذهبت لتعود " مسحت الدموع من عينيها وقالت " لم أجدها صباحا ولم تأتي طيلة النهار وجدتي قالت أنها رحلت ولن تعود " تأففت وهززت رأسي وهممت بالمغادرة حين استوقفني صوت بيسان قائلة " هل ستذهب لإرجاعها " قلت مغادرا " لم أخرجها لأرجعها لو تريدكم لبقيت معكم " نزلت للأسفل وغادرت القصر وتوجهت لغرفة السائق وضربت بابها لينفتح على وسعه ويقفز من نومه واقفا وقال بخوف " نعم سيدي هل من مشكلة " أمسكت قميصه وشددته نحوي بقوة وقلت من بين أسناني " أقسم إن أخفيت عني شيئا فصلت جلدك عن لحمك " هز رأسه بحسننا فقلت " أين أرجوان " قال من فوره " في منزلها طلبت مني .... " هززته بقوة وقلت " أين كنت تأخذها وتطلب منك أن لا تخبر أحدا " ارتجف وقال " لم يحدث ذلك أبدا " هززته بقوة أكبر وقلت " لا تلعب معي وقل الحقيقة أو لا تلمني يوم الحساب على موتك " ارتجفتا حدقتا عينيه دليل إخفائه شيء يخاف من اكتشافه فقلت " إذا تكذب يا عمر " هز رأسه بلا بقوة فأطبقت يداي عل عنقه أشد من خنقه شيئا فشيئا حتى توقف تنفسه فأرخيت قبضتي قليلا وقلت " إن قتلتك فلن يلومني أحد فيك فتذكر هذا جيدا " هز رأسه بلا بقوة فتركته وقلت " تكلم بالحقيقة إذا " سعل كثيرا ثم قال " لمركز التسوق والمدعوة سوسن فقط ومن قال غيره يكذب " أمسكته من ثيابه وخرجت به من غرفته أجره جرا على الأرض وقلت " لم أعرفك كتوما هكذا لكنت شغلتك معي في القسم " سحبته على الحجارة في الحديقة ركبتاه وقدماه تنسلخان على الأرض حتى قال " دار الرأفة للعجزة والمسنين " وقفت ورفعته حتى وقف على طوله وقلت " فقط " قال " نعم " هززته وقلت بصراخ غاضب " ولما تخفي عني أمرا تطلب منك إخفائه , لا وتكذب وتنكر وأنا أواجهك " قال برجفة " لأنها قالت ستقتلني إن قلت لك " غلبتني ابتسامتي فرميته وقلت مغادرا " في الصباح لا أجدك هنا أو رأيت حسابك معي واحمد الله أني رحمتك الآن " عدت بعدها للقصر وصعدت لأجدهم ثلاثتهم في انتظاري فأشرت بإصبعي جهة الممر وقلت بحزم وأمر " لغرفكم بسرعة ما يوقظكم حتى الآن " قالت ترف " ولكن .... " قاطعتها بحدة " لا أسمع صوتا وكلن في سريره فورا " غادروا من أمامي وأمجد يسحب ترف من يدها باكية فتركتهم وتوجهت لجناحي دخلت الغرفة ونزعت سترتي وربطة العنق ورميتهما على السرير بغيض ودخلت الحمام أطفأ بالماء هذا التعب والإرهاق وحتى الغيظ ، أي تصرف أحمق هذا يا أرجوان يبدوا أنكن النساء نفس التفكير ولا تختلفن في شيء , حمقاء لو كان لك عقل لأثبت للجميع من معه الحق لأني إن تكلمت حينها لن يزداد الأمر إلا سوءا , ثم يفترض أن ما يهمك نظرتي لك وبراءتك أمامي فأنا أعلم من أي نوع تكونين والدتي لن يقنعها شيء وخروجك لذاك المكان كان ما يكون بغير علمي جريمة وزيدي عليها موضوع موانع الحمل إن كان صحيحا تستغفلني وتعاملني وكأني طفل لكن الذنب ذنبي أرخيت لها الحبل حتى سخرت مني ، خرجت من الحمام لبست ملابسي وغادرت مجددا عائد لمكتبي * * منذ جئت صباحا وأنا أنظف الغبار الذي تراكم في المنزل طيلة الأشهر الماضية ، وها قد عدت وأسرع بكثير مما كنت أتوقع تنهدت بأسى ورميت منشفة التنظيف أرضا وجلست على الأريكة غريب أن يسكت عن خروجي هكذا أو قد يكون لم يرجع للقصر ولم يعلم لأنه لن يرحمني بالتأكيد ولن يطلب أن أرجع كما قالت والدته المصون ولن أرجع ولو مت هنا جوعا ، كان يفترض بي أن جلبت أبناء شقيقتي معي فلم أعد غريبة عنهم لكنها ستكون فكرة فاشلة أكرر بها خطأ حسناء وسيرجعهم مني بسهولة تحملت كل شيء حتى ضربها لي وجرح كرامتي لكن أن تصل لشرفي شيء لن أسكت عليه وإن كان ثمنه خسارتي لأبنائي الذين ربيت بل ووالدهم الذي لم أعرف الحب إلا معه لكن عند هنا ويكفي فلم يكلف نفسه عناء أن يسكتها عن قول تلك الأمور التي يخجل منها الجدار وهوا وكأنه يوافقها الرأي لم يعنيه ولا اتهامها لأم أبنائه كل يوم أكتشف أكثر أنك لا تعترف بالحب يا جابر وأن وجودي عندك كعدمه ، مسحت دمعة سالت كالجمرة على خدي بل خرجت ملتهبة من أعماق قلبي ثم وقفت وتابعت التنظيف وكأني أهرب به من كل شيء وحتى التفكير , وعلى ذلك الحال قضيت أغلب الليل ونمت بعدها من شدة التعب ولم أستقض إلا وقت متأخر حتى أن صلاة الفجر فآتتني , صليت وأخرجت هاتفي القديم وركبت فيه شريحتي وشغلته لتصل الرسالة المعلقة فيه وكانت من سوسن فتحتها فكان فيها ( أرجوان ماذا يحدث معك ) نظرت لأحرفها مطولا بحيرة فما يدري سوسن أنه حدث معي شيء !! اتصلت بها فأجابت بسرعة قائلة " لا الأمر غير طبيعي أبدا مادمتِ اتصلتِ بي ولم تراسليني برسالة " قلت بحيرة " وما أدراك بما حدث " قالت " إذا ثمة أمر ما " قلت مباشرة " عدت للمنزل " قالت بصدمة " ماذا !! ولما " جلست وقلت " لأنه لا مكان لي هناك وهذا هوا مكاني " قالت " إذا كما توقعت من كلام حامد أن ثمة ما حدث معك " قلت بحيرة " وما دخل حامد بالأمر " قالت بعد ضحكة صغيرة " عاد اليوم من عمله في حالة مزرية وقال ما أن رآني ( أخبري صديقتك تخف على زوجها قليلا ليرحمنا ) " فتحت فمي وقلت بصدمة " ولما قال هذا " قالت مباشرة " يبدوا زوجك لم يرحم اليوم أحدا من غضبه حتى أنه قال بأنه وبخ رئيسهم وأمام الجميع ولم يسلم منه أحد فما هذا الذي حدث جعله هكذا " قلت ببرود " هذا طبع جابر دائما فما تغير في الأمر " قالت " أعلم لكن حامد لم يتحدث عنه هكذا من قبل " تنهدت وقلت " الموضوع يطول شرحه فاجلبي ابنيك وتعالي ولنا حديث " * * نهضت قليلا من السرير مستندا بمرفقي أنظر للمختبئة عني خلف الوسادة وضحكت بصمت , كانت ليلة البارحة ليلة مأساوية فلم ترضى أن أنام معها حتى وضعت هذا الحاجز بيننا , مددت أصابعي أبعد بها خصلاتها الذهبية عن وجهها وعيناي تسافران في ملامحها الفاتنة , زهور يا متعبتي وعذابي لا تعلمي أي حريق أشعلته بقلبي البارحة وأنا أسمع بكائك المكتوم وأنتي نائمة , أي عذاب هذا الذي تعيشينه حتى نومك بكاء وأنين , اقتربت منها وفكرة مجنونة تسيطر علي وعبثا سأحاول منعها , اقتربت أكثر وقبلت شفتيها قبلة سريعة لتقفز جالسة تنظر لي بصدمة فابتسمت وقلت " نعتذر عن تدني الخدمات الصباحية لكن هذا العربون فقط " تنفست بغيض ثم رمتني بالوسادة وقالت بغضب " ابتعد عني كم مرة سأقولها لك ألا كرامة لديك " اتكأت برأسي على طهر السرير وقلت بابتسامة " آه يا حبيبة رضا وقلبه وعيناه " نظرت بعدها للأعلى حيث السقف وقلت " اشهدي يا سماء يا سحب الحب يا حكاياتي مع مطر الشتاء ضاع قلبي حين عرف الكبرياء بل ضاع عمري حين تركت أميرتي الحسناء .... قالوا ضاع منك الكبرياء .... أغبياء فلا كرامة حين تُعشق الأشياء " وقفت وقالت متوجهة للحمام " كاذب وممثل أيضا " قفزت من السرير ولحقت بها وسددت عليها باب الحمام بذراعي وقلت " سنخرج معا " قالت ببرود " لا " قلت بإصرار " بل سنخرج ولو لجلب بعض الأغراض فمعتصم قادم الليلة بعدما اعتذر المرة الماضية " أمسكت ذراعي تحاول إبعادها فلففتها حول خصرها فقالت بضيق وهي تحاول الابتعاد " ابتعد عني بأي لغة تفهم أنت " حملتها عن الأرض بين ذراعاي وقلت " بلغة الحب طبعا وستخرجين معي أو خرجت بك هكذا " دفعتني من صدري وقالت " مجنون ... أتركني قلت لك " لففت بها حول نفسي فتعلقت في عنقي وقالت " توقف رضا ... لا " زدت من قوة دوراني أكثر قائلا " يا يومك اليوم يا رضا وهذه الشفاه تقول اسمك " قالت بذعر " توقف سوف أقع أقسم لك " قلت " نخرج " تشبثت بي أكثر وقالت " حسنا حسنا توقف " توقفت عن الدوران وأنزلتها وجلست عل السرير وقلت بنفس متقطع " أصبتني بالدوار كله من أجل نزهة صغيرة , مهرك غال جدا يا زهور " أمسكت فمها وركضت جهة الحمام فتبعتها ودخلت خلفها مسرعا فكانت تحاول أن تتقيأ ولا شيء يخرج من معدتها فرفعت لها جبينها بكف يدي وقلت " هذا كله بسبب إهمالك للطعام ... معدة خاوية تماما " ابتعدت عني وقالت " بل بسبب جنونك لقد أصبتني بالغثيان , أخرج من هنا حالا " قلت مغادرا الحمام " إذا لا تتأخري لكي نرجع مبكرا " وصلت الباب ليوقفني صوتها قائلة " أخرج وحدك أنا لا أريد الـ..... " رجعت من فوري نحوها مسرعا فعادت للوراء قائلة " أقسم إن أعدتها مجددا صرخت ولممت عليك الناس " وصلت عندها وحملتها مجددا وقلت " وإن يكن فليأتوا ليروا فاتنتي وسيعذرني الجميع , قرري نخرج أو نأخذ لفة هنا " أبعدت وجهها عني وقالت " نخرج فاتركني " أنزلتها للأرض وخرجت من الحمام وغيرت ثيابي لا بأس نزهة ولو مجبرة خير من لا شيء * * سمعت طرقا على الباب ففتحت لها ودخلت قائلة " ما هذا يا أرجوان كاد رجال زوجك أن يزجوني في السجن " نظرت لها بحيرة وأغلقت الباب وقلت " عن أي رجال تتحدثي !! " قالت وهي تدخل لصالة المنزل " اللذين عند الباب طبعا , ألم تريهم " تبعتها وقلت باستغراب " أنا لم أخرج ولم أرى أحدا " جلست على الأريكة ورمت حجابها وحقيبتها وقالت " لم يتركني أقرع الجرس حتى اتصل بأحدهم وأعطاه اسمي كاملا من بطاقتي طبعا وأذن له وكان يناديه بسيدي فلن يكون غير زوجك " وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ومن قال أني أريد من يحرسني ، أو لا يكونون هنا لمنعي من الخروج " رفعت كتفيها وقالت " لا تصرخي بي فلا علاقة لي بما يجري ثم قد يكون خائفا عليك ويريدهم أن يحموك " قلت بسخرية " بل يخاف على سمعته يا نبيهة , إن كانت خادمة تجسست عليه أعدّها إهانة وجريمة في حقه فكيف أن يؤدي أحد أعدائه زوجته ، أما أن يخاف علي فلا تنطبق علينا أبدا " لوحت بيدها قائلة " لما لا تجلسي وتحكي لي ما حدث أولا " جلست وقلت " نعم فلا شيء لدي أضيّفك به ولم آكل شيئا منذ صباح أمس " شهقت وقالت " ولما تعاقبين نفسك " قلت بتذمر " غبية أي أعاقب لنفسي هذا ، لم آكل لأنه لا طعام في المنزل وأنا انشغلت في التنظيف ولا رغبة لي في أكل شيء " هزت رأسها بمعنى اتركينا في موضوعنا فتنهدت بأسى وسردت على مسمعها كل ما حدث حتى وقت خروجي فقالت بصدمة " ولم يتكلم أبدا !! " ابتسمت بألم وقلت " لا طبعا بل لحقني ليستجوبني إن كان ما قالته صحيحا كما حكيت لك " قالت بعد صمت " أنا معك أنه أخطأ في حقك لكني أراه تصرف بحكمة " قلت بضيق " حكمة !! أي حكمة هذه التي تصرف بها " قالت بهدوء " لا تغضبي مني يا أرجوان لكن إخفائك لتلك الأمور عنه تصرف أحمق ، توقعت أن يجرك من شعرك طاردا لك أو يضربك وأستغرب كيف أن كلام والدته لم يؤثر به " قلت بصدمة " تضعين اللوم عليا يا سوسن أليس هوا من قال لي بعظمة لسانه أنه يعرف جيدا من أكون ويثق بي حد أن ترك لي أبنائه يوما كاملا واختارني زوجة لنفسي ولم يهتم بما قيل عن والدي " تنهدت وقالت " أنا لم أقل أنك المخطأة لكنه حد من خطأه وكان يفترض بك التصرف مثله فهوا لم يدافع عنك أمام والدته لكنه أيضا لم يستخدم معك أسلوب سحب المعلومات وتعرفي جيدا براعته فيه أو أهانك وجرحك وصدق كلامها , وأنتي كان يفترض بك أن تصرفتِ مثله خاصمته وعاتبته أو حتى هجرت جناحكما لكن فكرة خروجك من القصر كانت غبية وهوا لن يأتي لإرجاعك مهما حدث لأنك أنتي من خرجت من تلقاء نفسك دون حتى أن يطردك " هززت رأسي وقلت " ومن قال أني أريد أن أرجع إلى هناك " قالت بصدمة " ما قصدك بهذا " قلت " لم يعد لي مكان ولا حياة معه فقد بدأها بكذبة وانتهت بتهمة في شرفي فأنا في غنى عن كل ذلك " قالت " حتى الأطفال " نظرت جانبا وقلت " حتى الأطفال " قالت بشبه همس " مستحيل ليست أرجوان من تتحدث " قلت بحسرة " تبعت عواطفي كثيرا وما جنيت شيئا غير أن كثرت خساراتي , كان في البداية الأطفال فقط والآن أصبحوا هم ووالدهم وإن استمر الأمر ستتضاعف النسبة وتزيد بأبناء لي منه وأنا من غبائي استمعت لنصائحك وأوقفت موانع الحمل من مدة وجيد أنه لم يحصل حمل لأنه سيأخذ طفلي مني بالتأكيد " هزت رأسها بيأس وقالت " تلك العجوز عرفتْ كيف تلعبها " قلت بسخرية " لا وتذكرني أنه لن يركض خلفي ليرجعني تضنني أفعل ذلك عمدا ليراضيني فلتزوجه بابنة راضية تلك علها ترتاح " نظرت للأرض بشرود وقالت " لكن كيف لم تكوني تعلمي عن شقيقتك " هززت رأسي وقلت بحيرة " بل لم يخطر ذلك في بالي ولم أتخيله ويبدوا والدتي بتكرارها لكلمة ابنتي تعنيها هي وليس أنا " نظرت لي وقالت " وما ستفعلينه الآن هل ستخبرينه عن أمر زياراتك لوالدتك " قلت بجدية " مستحيل فيكفيها ما رأته من رجال الشرطة والسجن والذل حتى فقدت ثلثي إدراكها وحواسها ولم تسلم منهم إلا حين ظنوا أنها ماتت دماغيا وسجلوا لها شهادة وفاة ، حتى متى ستبقى تدفع ثمن جرائم اتهم بها والدي ظلما " تنهدت وقالت " وماذا ستفعلين الآن " قلت ببرود " لا شيء سأعود لحياتي السابقة وسأكمل دراستي وابحث عن عمل " هزت رأسها بيأس وقالت " وكأنك لا تعلمين من يكون زوجك وكيف أجبرك على الزواج به سابقا فلن يحدث هذه المرة سوا ما يريد " قلت بجمود " سيطلقني ولو خلعته في المحكمة " قالت بصدمة " ماذا هل تعي معنى أن تحدثي هذه الشوشرة وهوا صاحب مركز حساس كهذا " قلت " بل وحضانة أبناء شقيقتي أيضا " ضحكت وقالت " بربك أرجوان كيف تطالبين بحضانتهم من والدهم " قلت بلا مبالاة " لا يهم يكفيه الفضيحة " قالت بجدية " أرجوان هل تنتقمين من والدته فيه أم تنتقمين من جرحك منه فلا تنسي أنه يمكنه ردعك عن كل هذا بأبسط الطرق بل وزجك في السجن دون أن يحتاج لتهمة " أشحت بنظري عنها ولم أتحدث فوقفت وقالت " لو تريدين نصيحتي عودي للقصر وتفاهما هناك وإن على الطلاق فقدومك هنا واتخاذك لقرارات فردية لا يعلم زوجك عنها خطوة أغبى من الغباء ذاته " قلت ببرود " لن أرجع لمكان أهنت فيه لتسخر والدته مني لأني رجعت بنفسي ولن أرجع في كل الأحوال فأموت عزيزة نفس خير من أن أحيا بلا كرامة " قالت مغادرة جهة الباب " تذكري أنه لن يحصل إلا ما يريد هوا حتى في موضوع الطلاق " ثم وصلت عند الباب قائلة " لقد تركت الأبناء وحدهم سأعود لك في وقت آخر " ثم خرجت وتركتني كما كنت ، جلست مكاني لوقت أفكر في كلامها أعلم أنه سيفعل ما يريد هوا أن يحدث لكني لن أسكت عن جرح كرامتي مهما حدث فهوا لن يضره فراقي بما أنه لا يحبني وسيعتاد على غيري من مبدأ عشرته الفاشل وقفت وارتديت حجابي وعباءتي وأخرجت النقود التي تركتها هنا من قبل زواجي به وهذا ما تبقى لدي فحتى مهري حجرت عليه المحكمة ولا يمكنني الانتفاع به إلا في المسائل القانونية لما قوانين هذه البلاد جائرة وظالمة ؟؟ لما مهر الفتاة يسلم لوليها وإن لم يكن لها ولي حجروا عليه في المحكمة ليدفع في الإجراءات القانونية كالكفالة عند السجن يالهم من ظالمين فتحت باب المنزل ليقف أحدهم أمامي قائلا " عذرا سيدتي لا يمكنك المغادرة دون أوامر من السيد جابر " قلت بضيق " وهل أموت جوعا من أجل أوامر سيدك " قال بهدوء " اعذريني سيدتي يمكنك التحدث معه ليسمح هوا بهذا " ضربت الباب بكل قوتي ودخلت أخرجت هاتفي واتصلت به وهذا آخر ما كنت أفكر فيه وطبعا لم يجب ولم أكرر المحاولات بل أرسلت له ( أخبر رجالك يتركوا الباب ) ولم يصل منه أي رد طبعا فأرسلت له ( أريد أن أخرج ... بأي حق تمنعني ) ولا جواب طبعا ليتركني آكل نفسي من الغيظ وبعد أكثر من ساعة أرسل رسالة فيها ( عندما تضعين عقلك في رأسك اتصلي بالسائق الجديد ليعيدك للقصر ) ثم رقم السائق فضغطت على الهاتف وعلى أسناني من الغيظ * * جلست على طرف حوض الاستحمام دون حراك لوقت طويل حتى طرق الباب وقال " زهور لدي مفتاح آخر للحمام وسأجلبه حالا " تأففت ووقفت وفتحت الباب فكان واقفا أمامه فأمسك يدي وسحبني منها قائلا " أقسم أن كل ما تفعليه على قلبي كالشهد وكوننا معا وحده يكفيني " استللت يدي منه بقوة وقلت " اتركني وشأني إذا " وضع يديه وسط جسده وقال بابتسامة جانبية " يبدوا أن الدوران في الهواء أعجبك وتريدين تجربته مرة أخرى " تأففت وتوجهت جهة الخزانة وفتحتها قائلة بضيق " لا أطيقك يا رضا لما لا تفهم هذا " أخرجت ثيابي منها بغيض فأمسك يدي وقبلها وقال " هل أخبرك سرا " قبلها مجددا ثم نظر لعيناي وقال بابتسامة " عندما تذكرين اسمي في عبارة لا اسمع منها شيئا غيره " بقيت أنظر لعينيه لوقت أترجم تصرفاته وأستغرب أكثر أنه رغم كل الشتائم التي يسمعها مني لم تتغير ولا حتى ملامحه للسوء , نفضت يدي منه وأبعدت وجهي وقلت ببرود " أخرج أريد أن أغير ثيابي " ضحك ضحكة صغيرة وقال " ما رأيك تتركين لي المهمة " نظرت له بصدمة فضحك وقال مغادرا الغرفة " أمزح حبيبتي ما بك " قلت صارخة " لست حبيبتك فلا تقل حبيبتي تفهم " نظر لي من عند الباب وقال " حسنا لستِ حبيبتي فلا تتأخري كما في الحمام يا حبيبة رضا " ثم أغلق الباب بسرعة قبل أن يسمع جوابي , غيرت ثيابي بتذمر مجبرة وأخذت حقيبة يدي وخرجت له فكان جالسا على الأريكة فوقف ما أن رآني ووضع يداه وسط جسده وقال " ما هذا يا زهرتي " نظرت له باستغراب فتوجه نحوي وعاد بي للغرفة قائلا " هل ترسمين لي على شجار مع المارة في الشارع ما كل هذه الأناقة " أخرج عباءتي وألبسها لي قائلا " حبيبتي لي أنا وحدي أقسم أن نساء الأرض في كفة ووحدها في كفة , لم أقل زهور فلا توبخيني , قلت حبيبتي أنتي لا تعرفينها " ثم وقف أمامي وقال وهوا يغلقها على جسدي " ليتها تعلم فقط أن حياتي من دونها كانت ظلام وأن أيامي معها بكل ما فيها تساوي عندي الحياة وبهجتها حتى إن جلدتني " قلت بحزن " قتلتني يا رضا أنا انتهيت فلا تبحث عندي عن شيء " رفع وجهه لي بسرعة ونظر لي بضياع وحيرة ثم أمسك وجهي بيديه وألصق أنفه بأنفي وقال بهمس " أعطنا فرصة يا زهور فرصة واحدة فقط وأقسم أن أعوض كل ذلك " أمسكت يداه وأبعدتهما عن وجهي وابتعدت عنه وقلت " ظننتك لم تسمع من عبارتي سوا اسمك " ضحك وأمسك يدي وخرج بي من الغرفة قائلا " ومن قال أنني سمعتك " خرج بي بعدها من الشقة وأغلقها ونزلنا لا يتوقف عن الحديث أبدا ولا أعرف من أين له كل هذه القدرة على الكلام وكأنه يخرج بطفلة وليس امرأة , نزلنا للشارع فسار بي على الرصيف قائلا " لن نركب السيارة طبعا , أريدها نزهة مختلفة " استللت يدي منه لكنه لم يتركها فقلت بتذمر " قلت سنشتري أغراضا للمنزل وليس نتنزه على قدمينا أعدني فورا " تجاهل طبعا كل ما قلت واجتاز بي الشارع يركض ويسحبني خلفه راكضة كي لا تصدمنا السيارات حتى وصلنا وقال ضاحكا " أريد أن تصدمني سيارة حمراء لا أريد السوداء هل تذكرين هذه العبارة يا زهور " وقفت ووقف هوا لوقوفي ونظر لي وقال مبتسما " لم تنسيها إذا رغم السنين الطويلة " نظر بعدها للسماء وقال " اشهد يا رب هي حبيبتي منذ كانت تريد أن تصدمها سيارة حمراء وتنكر هي ذلك " أشحت بوجهي عنه وقلت بحزن " كنت طفلة أراك كل شيء لأني لم أكن أرى شيئا غيرك لكنك لم تكن كذلك لقد شوهتني من الداخل فحتى إن تزوجتك كنت سأشعر بالنقص كل حياتي " أمسك يدي وتابع سيره قائلا " ناقصة في نظر نفسك وفي عقلك فقط , اقسم لو تزوجك عشرة قبلي ما اعتبرتك إلا امرأة كاملة " سرنا لمسافة ثم دخل بي لمتجر كبير أخذ عربة وبدأ باللف بها ممسكا لي طبعا وكأني سأهرب منه , واشترى الكثير من الأشياء المهمة والغير مهمة يقف عند كل واحدة يقرأ كل ما كتب عليها قبل أن يشتريها بعدها قابلنا رجلا ناداه من خلفنا من بعيد فالتفت له وعاد بخطوات وحده وسلم عليه ومضى الوقت يتحدثان فعدت للخلف قليلا ناحيتهما لأسمع ما سر كل هذا الحديث فنظر لي ذاك الرجل ثم نظر لرضا وغمز له وقال " ما هذه القذيفة هل لديها شقيقة حلفتك بالله تتصدق بها علي " قال بضيق وظهره لي " عثمان تصمت أو أقسم أفقأ لك عينيك " لكم كتفه وقال " قلت شقيقتها وليس هي فلما الغضب " قال ببرود " لا شقيقات لديها وغض بصرك أو تنسى من أكون " قال بدهشة " لا شقيقات لها لا تقل أنها حبيبتك تلك التي صرعتنا بها لسنين " ابتعدت حينها عائدة للخلف بل اجتزت الكثير من الرفوف مبتعدة أسير وأنظر للأرض بشرود أفكر كيف يفعل ذلك بي يتركني أواجه مصيرا هوا السبب فيه ويقول للجميع أنه يحبني , من يحب لا يدمر حبيبه وينهيه , لو أنه أخبرني فقط بذلك كنت قتلت نفسي وما تزوجت ذاك الرجل , كنت هربت معه حتى الهروب على أن أوجه ذاك المصير وحدي " زهور " التفت للصوت الذي يناديني فكان رضا قادما نحوي مسرعا بعربته ووصل عندي قائلا " آسف أمسكني من حديث لآخر ذاك الثرثار فهوا يعمل معي في الجريدة " تابعت سيري قائلة " يعمل معك لذلك هوا ثرثار " ضحك وقال " مقبولة منك بل وجميلة أيضا " قلت متوجهة جهة المحاسبين " ها قد انتهينا لنعد للشقة " تحرك بجانبي قائلا " بل سنتناول الغداء في الخارج أيضا " تأففت وابتعدت عنه فيبدوا لا خلاص منه وعليا استحماله باقي الشهر * * مرت الساعات تلو الساعات ومضى النهر وأنا على حالتي لا خروج ولا طعام فإن كان قصده بهذا أن يعاملني كالحيوان حين يدخل جحره ينتظروه ليجوع ليخرج فقد أخطأ ولن أعود لذاك القصر ولو مت من الجوع , أمسكت هاتفي وأرسلت له ( أخبرهم يتركوني أخرج أو سببت لك فضيحة في الشارع إن منعوني مجددا ) ليفاجئني برقمه يتصل ففتحت الخط على صوته قائلا من فوره " أرجوان لا تشتغلي لي مثل منظومة الهواتف أنا مشغول حتى عن فرك عيناي " قلت بضيق " أنا أيضا لا أريد سماع صوتك فأخبر رجالك في الخارج يتركوني أخرج لأشتري طعاما فأنا لم آكل شيئا منذ صباح يوم أمس " قال ببرود " القصر مليء بالطعام أمامك " قلت بجمود " أموت ولا آكل منه رغيف خبز " تأفف وقال " أرجوان هل تعلمي معدل غبائك كم وصل عندي " قلت ببرود " لا يهم وإن صرت في الحضيض فأنا عندك لا أستوي شيئا في كل الأحوال " قال بحدة " أرجوااان متى سننتهي من هذه الاسطوانة " قلت بحدة أكبر " لن ننتهي منها أبدا لأنها الواقع الذي كنت أجهله طوال الوقت " ثم قلت بخيبة أمل " آخر ما كنت أتوقع أن أتهم وأم أبنائك في شرفنا وتسكت , أقسم أن الموت هنا جوعا أهون عندي من العودة هناك " ثم أغلقت الخط ورميت الهاتف بعيدا عني أزفر بغيض وأشعر بقلبي يتمزق فما أقساه من شعور هذا شعور الخذلان من أعز الناس لديك , هذه هي الحقيقة التي كانت أمامك وتغفلين عنها فأنتي وحدك الملامة يا أرجوان ولا يحق لك لوم غيرك , كله بسببه كنت قبله مرتاحة البال فمنذ دخل هذا الرجل حياتي حولها لأعاصير فلم تنفع معه لا حيل نساء ولا غيره , هه وقالت سوسن تصرف بحكمة أي حكمة هذه التي تهدي بها , أمسكت هاتفي مجددا واتصلت بالقصر فأجابت إحدى الخادمات فقلت من فوري " نادي لي سيلا " تركت الهاتف دون تعليق وبعد لحظات وصلني صوت سيلا باكية وهي تقول " سيدتي لا تتركي القصر أرجوك لا ترحلي أنتي أيضا " قلت بحزن " يبدوا أنتي السبب يا سيلا فكل من تحبينها تهج من هناك " قالت بصوت منخفض " لما تعطيها المجال لتحقق غرضها بإخراجك , الأولاد لا يتوقفون عن البكاء وخصوصا ترف عودي ولو من أجلهم " مسحت دموعا غلبتني وقلت بحزن " اعتني بهم يا سيلا أرجوك وحدك من أضمن أن تقوم بذلك " شهقت شهقة قوية وسمعت صوت تلك المتوحشة وهي تصرخ بها " أقسم إن اتصلت بها مرة أخرى طردتك , لعملك فورا " جاء بعدها صوتها من سماعة الأذن قائلة " نعم يا ابنة الـ..... " فأغلقت الخط عليها قبل أن تنهي شتمها وسبها وتشفيها لتنزل دموع القهر والذل الواحدة تتبعها الأخرى , بعد نصف ساعة دق جرس الباب فوقفت ولبست حجابي وتوجهت نحوه لابد وأنه أحد الجيران فهؤلاء الرجال سيتسببون لي بفضيحة , فتحت الباب فكان الرجل الواقف في الخارج ويده مليئة بالأكياس مدها لي قائلا " السيد طلب إيصالها " نظرت ليده ثم له وقلت " لا أريدها ولم أطلبها " قال بهدوء " لا تسببي لي مشكلة سيدتي " قلت بحدة " قلت لا أريد فكلها أنت أو أرسلها له " ثم أغلقت الباب بقوة * * وقفت بجانب الباب ألعب بمفاتيحي حتى خرجت تتذمر وهي تُخرج يد عدي من شعرها قائلة " ما بك دائما مع شعري لا أعلم متى ستكبر وارتاح من تربية الأطفال لباقي عمري " قلت ببرود " هذا في منامك هل تريدي حرماني من الأبناء " نظرت لي بصدمة بادئ الأمر ثم أمسكت خصرها بيدها الأخرى وأمالت وقفتها وقالت بغنج " تزوج بأخرى إذا لتنجب لك واتركني وشأني " شد عدي شعرها بقوة فصرخت بتألم وبدأت بضربه على ظهره لتنطلق ضحكتي مرتفعة وقلت " تستحقينها كي لا يطول لسانك على زوجك ثانيتا " أخرجت يده بصعوبة وشعرات منه لازالت بين أصابعه فأخذته منها قائلا " عند هنا ويكفي هل يريدون أن أجدك بعد عامين صلعاء " جمعت شعرها المبعثر تتأفف بضيق فأمسكت ذراعها وقربتها إلي وقبلت خدها بسرعة وقلت " انتظرك في السيارة البسي عباءتك وحجابك " انتفضت مبتعدة عني تمسح خدها بقوة وقالت بضيق " وقح كم مرة قلت لك أبعد وجهك الخشن عني " ضحكت وقلت " حسنا سأحلق ذقني وشاربي كلما أتيت لمنزلكم اتفقنا " قالت بحدة " لا ولا تقترب مني ثانيتا " قبلت خد عدي وقلت بمكر " لا بأس أصبر نفسي بهذا حتى أنزل للعاصمة غدا " نظرت لي بصدمة فقلت بلامبالاة " لا تنظري لي هكذا فأمري كما أضن لا يهمك " قالت بصدمة " تعرف نساء يا معتصم " قلت بمكر " ومن لا يعرف النساء هي تصبيرة فقط قبل الزواج " غيرت نظرتها للبرود وقالت " كاذب من هذه التي تقترب منك أنت يا قبيح يا ثقيل الدم حتى المعز تعافك " ضحكت وغمزت لها وقلت " أشم رائحة غيرة " ضحكت بسخرية وعادت باتجاه الباب فأمسكت ذراعها مجددا وسحبتها نحوي وقبلت خدها بقوة وهي تحاول الهرب مني ثم عضضت خدها كالعادة وقلت " يكفي أني تركت شفتيك إرضاء لك , بسرعة وخذي شقيقك معك ولا تتأخري أو صعدت لك بنفسي " أخذته مني بقوة وقالت " لن أخرج لأي مكان فاذهب لإحدى نسائك تخرج معك " ضحكت وشددتها لي وقبلت خدها مجددا وقلت " أقسم أنك تغارين يا أناناستي وأنه لا امرأة في العالم سواك تعنيني فبسرعة سنذهب لخالك وزوجته " قالت بسعادة " حقا سنذهب لهم " اتكأت على الجدار خلفي ولعبت بمفاتيحي مجددا وقلت " نعم لكن أمامنا مشوار قبله " نظرت لي باستفهام وحيرة فمددت أصبعي ورسمت به على خدها الصغير الناعم قلبا بحركة بطيئة وقلت مبتسما " أريد أن أشتري شيئا وستختارينه أنتي " أبعدت يدي وقالت متوجة نحو الداخل " المهم أن أزور خالي وابنة عمي " ثم نظرت لي من عند الباب وقالت بابتسامة ماكرة " وإن كانت هدية فلا بأس وأريد آلة كمان فوالدي رفض شرائها لي بسببك " أشرت على شفتاي بسبابتي وابتسمت بمكر فنظرت لي بصدمة ودخلت قائلة " لا أريده غيرت رأيي " فضحكت بصوت مرتفع وخرجت لسيارتي * * وقف فوقي ويداه على الطاولة وقال " هذه ثالث رسالة " وقفت وقلت " ليكن الجميع حذرا فهذه الرسائل المجهولة أمرها أصبح مريبا " قال خليل " لما لا نستغلها طعما " حملت حقيبة حاسوبي وقلت " قد تكون هي الطعم منهم المهم كونوا والمقربين منكم على حذر أنا بقي منزل عمي وشقيقتي وزوجها سأضع عليهم حراسة أيضا وعليا المغادرة الآن وسأعود خلال ساعات قليلة فوفوني بكل جديد " ثم خرجت من عندهم ومن القسم برمته , ها قد أصبحتم تقتربون من قبضتي يا ميتين الضمير ، ركبت سيارتي وشغلتها وانطلقت وركّبت سماعات الأذن بهاتفي واتصلت بمن كان يتصل بي من مدة وقال من فوره " رفضتهم ثانيتا سيدي حاولت كل جهدي لكنها رفضت " تأففت وقلت " حسنا خدهم أنت ولا يغب ناظركم عن المنزل مفهوم " قال من فوره " مفهوم سيدي " أغلقت الخط ورميت السماعات وتابعت طريقي لمدينتي وللقصر فورا وما أن دخلت بخطوات قليلة حتى سمعت بكاء ترف الهستيري والغريب أنها في الأسفل ، توجهت نحو مصدر الصوت لأجد سيلا عند باب المجلس من الخارج تنظر لداخله فقفزت مذعورة ما أن رأتني وكانت تبكي فتركتها ودخلت فكانت أمي تشد ترف من أذنها بقوة وهي تقفز باكية وأمي تصرخ قائلة " أنا تقولين عني هذا يا عديمة التربية قليلة الأدب " شددتها منها بقوة لتنتبه لوجودي وقلت صارخا " ما بها ماذا يجري " قالت وهي تحاول إمساكها مني مجددا " أتركني أربي من ربتها ابنة تربية الشوارع " أبعدتها عنها أكثر وناديت سيلا بصوت مرتفع لتدخل راكضة وكأن ساعة الفرج أتتها فأخذتها وخرجت بها بسرعة ونظرت أنا لوالدتي وقلت بضيق " ما هذا يا أمي حتى نحن لم تربينا بالضرب ولم تمتد يدك على أحدنا يوما " تنفست بغيض وقالت " أنتم لم تدخل عليكم تربية أبناء المجرمين , هؤلاء يحتاجون لتربية جديدة " قلت بذات ضيقي " أمي أنا أراهم هنا منذ أشهر ليست بقليلة ولم ألحظ عليهم سلوكا يحتاج الضرب ولا حتى التوبيخ فلما نصنع مشكلة من لا شيء " قالت بغضب " نعم قلها قل أن تربيتها لا تحتاج معها توبيخا ولا تقويم , هذا وهي تلعب بذيلها من ورائك " قلت بحدة " أمي لا داعي لهذا الكلام وتوقفي عن رمي المحصنات " صرخت بغضب ووجه محمر " نعم يا ابن تربيتي فأنت ستقول هذا في حقها فهي قد سلبت قلبك وعقلك حتى أنك لم تبقى في القصر ليومين ولا دقيقة منذ غادرته سيدة الحسن غاضبة منك " قلت بضيق " ما الداعي لهذا الكلام الآن " قالت بسخرية " نعم لما لم تذهب لإرجاعها أيضا وترجيتها لترجع معك " قلت بحدة " لو كنت من أخرجها أقسم لفعلتها هل ارتحتِ " ثم خرجت من عندها أتأفف بغيض وصعدت السلالم وتوجهت لغرفة الفتاتين ليصلني بكاء ترف من قبل أن أصل ، فتحت الباب ودخلت لتركض جهتي مسرعة وحضنت ساقاي فنزلت لها وشددتها لحظني وقلت " توقفي عن البكاء يكفي يا ترف " ثم نظرت جهة سيلا وقلت " ماذا حدث أريد سماعه منك لا من ترف ولا والدتي " ثم قلت مهددا " وبلا كذب وتلفيق لأني سأرى التسجيل " ارتجفت وقالت بخوف " لن أكذب أبدا سيدي وأنت تعرفني " ثم بلعت ريقها وقالت " ما أن رأت ترف سيارة السائق من الشرفة تدخل القصر حتى نزلت فارة مني تضنها السيدة أرجوان وحين وصلت للأسفل أوقفتها السيدة الكبيرة وقالت لها أن تنساها وأن ... " سكتت ونظرت للأسفل فقلت " وماذا أيضا " قالت " شتمتها كثيرا ولا أستطيع إعادته فبكت ترف وقالت لها أنها هي التي تكرهها وبسببها ذهبت من هنا وأنها تريد الذهاب لها فشدتها من أذنها وسحبتها منها للمجلس " هززت رأسي بيأس ووقفت فنظروا لي للأعلى ثلاثتهم وقالت ترف من بين شهقاتها " هل صحيح لن ترجع ماما أبدا " انحنيت لها ومسحت بيدي على أذنها المحمرة وقلت بهدوء " سترجع فتوقفوا عن البكاء وإتعاب سيلا معكم " ثم وقفت وقلت بحزم " ولا أريد أن ينزل أحد منكم للأسفل ولا تردوا الكلام على جدتكم مفهوم " هزوا رؤوسهم بحسنا وقالت بيسان " اتصل بها لنكلمها ونطلب منها أن ترجع لنا " تنفست بقوة وقلت مغادرا الغرفة " في وقت آخر وكما قلت يكفي حديثا في الأمر " * * رتبت الكعك والعصير وحدي وزهور طبعا منذ عدنا وهي في السرير لا أعلم نائمة أم تدعي النوم وكأنها تعاقبني على إخراجي لها اليوم مرغمة ، أنهيت تجهيز كل شيء فأنا اعتدت على حياة العزوبية وأن أفعل كل شيء وحدي ومدللتي تلك قد اعتادت حياة الرفاهية ويخدمها الخدم ، لا أمانع وإن عشت في خدمتها كل عمري فيكفي أن تحقق الحلم الذي ظننت أنه لن يتحقق مهما طالت السنين ، شعرت بحركة عند الباب فالتفت بسرعة فكانت زهور تقف هناك ببيجامتها الحريرية فعدت لما كنت أفعل وقلت بابتسامة " هل كل هذا نوم يا كسولة معتصم اتصل وقال أنه في الطريق " قالت ببحة " ولما لم تخبرني " التفت لها بكامل جسدي لأرى سبب هذا الصوت وركزت على عينيها فأرخت نظرها للأسفل فقلت بعتب " لن نخرج مجددا لا نزهة ولا غداء فارحمي نفسك لترحمي قلبي على الأقل " قالت مغادرة " لا تخف سأرحمك مني بجميع تفاصيلي فاصبر قليلا " هززت رأسي بيأس أراقبها حتى دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفها ، لو أعلم ما الذي تخططين له يا زهور ؟ إن كنتِ ستطلبين الطلاق فلما تزوجتني هل لتزيدي عذابي بأن تتركي لي ذكرى في باقي تفاصيل حياتي لأعيش باقي عمري أهدي بك في يقظتي بل أصبح مجنونا يلف الشوارع يحدث الناس والجماد عنك ، أخرجني صوت جرس الباب من أفكاري فتركت ما في يدي وخرجت له لحظة خروج زهور من الغرفة وقد غيرت ملابسها فتحته وابتسمت للواقف أمامه مصافحا له وقلت " مرحبا بالمعتصم زارتنا .... " ولم أنهي جملتي طبعا لأنه اندفع للأمام قليلا ليخرج صوت بتول الرقيق من خلفه قائلة " ادخل هيا سددت الباب كله ولا أرى شيئا ما كل هذا الجسد المخيف " ضحكت بصوت مرتفع وسحبها هوا من خلفه قائلا " ستري ما يفعله هذا الجسد المخيف ثم خالك لا يقل عني بشيء " تجاهلته وحضنتني وقبلت خدي قائلة " مبارك لكما حبيبي رضا , ها قد أخذت الفاتنة أخيرا " سعلت حينها زهور من خلفي ويبدوا شرقت من الصدمة لكلامها أو الإحراج ودخل معتصم وأغلق الباب قائلا " أحضان بالمجان وحبيبي رضا وأنا لي الشتائم والتأفف " ضحكت وقلت " من أراد الورد " تجاهلتنا ودخلت تسلم على زهور ودخل معتصم ومد لي كيسا كان في يده وتوجه لزهور واحتضنها وقبل رأسها وقال " كيف حالك يا زهور " قالت بهدوء " بخير " دخل بها جهة الصالة ممسكا كتفها وتبعناهما أنا وبتول ودخلت المطبخ ووضعت الكيس هناك وعدت لهم وقلت " اجلسوا هيا لما أنتم واقفون " سحب معتصم بتول من يدها وأجلسها بجانبه مرغمة فضحكت وقلت " الحب من طرف واحد مصيبة " نظر لي ببرود ولف ذراعه خلفها ووضعها على كتفها وقال " نعم والدليل لديك " أنزلت زهور حينها رأسها للأسفل فأمسكت يدها وأجلستها بجانبي أيضا وأحطت خصرها بذراعي وقلت " واهم واسأل زهور لتتأكد " كنت أعلم أنها ستنتهز الفرصة لتحرجني أمامهم وستنكر طبعا لكن المفاجأة أنها وضعت يدها على يدي المحتضنة لخصرها وقالت بهدوء " نعم والسنين تشهد " وضغطت على يدي بقوة , لو أفهم ما تنوين عليه يا متعبتي ضحك معتصم وقال " كله عند والدتي وويلكما منها يا عاشقان " سحبت يدي من خصرها ووضعت ساق على الأخرى وقلت بابتسامة " المهم أن لا يعلم جابر " ضحك مجددا وقال " كله إلا جابر فلا أحد يعلم ما يخفي تحت صمته وذكائه فلا تستهن به " وقفت حينها زهور وتوجهت للمطبخ وأبعدت بتول يده عنها بقوة وقالت بضيق " أبعد يدك عن عنقي يا وقح " ضحك وقال " دعيني أتلمس الهدية التي كلفتني الكثير " قالت بضيق " ومن أجبرك على شرائها أنا قلت أريد كمان لا سلسال به كمان من ذهب " قرص خدها وقال " ومرصع بالألماس فلا تنسي " قلت بضحكة " ما قصة الكمان هذه " وضع معتصم ساق على الأخرى وأعاد يده على كتفها وقال " ابنة شقيقتك تريد شراء آلة كمان لتصدع به رؤوس الجميع وهي لا تجيد حتى العزف عليها " جاءت حينها زهور بصينية الكعك والعصير فقلت وأنا أتبعها بنظري " قد تكون موهوبة كابنة عمها " قالت بتول بحسرة " من أين لي بصوتها الجميل يا حسرتي قلت لعل وعسى بما أن زهور وجابر يجيدان عزف البيانو ووالدي العود قد تكون لدي موهبتهم " ثم أبعدت يد معتصم عنها مجددا وتابعت بضيق " لكن هذه العائلة لا تعترف بالمواهب ويبدوا أني أشبه أحدهم بلا موهبة " ضحكت وقلت " لابد وأنه أنا فمعتصم رسام ماهر " وضعت زهور الصينية وعادت للجلوس لكن مبتعدة عني هذه المرة وقال معتصم " بلى أنت كاتب مميز يبدوا أنها الطفرة في العائلة " نظرتْ له ببرود ثم تجاهلته ونظرت لزهور وقالت " كيف خالي معك " أنزلت نظرها وقالت بابتسامة مغصوبة " كما تعرفيه " ضحكت بتول وقالت " لا من ناحية أعرفه فأنا أعرفه " ثم غمزت لي بعينها وقالت " اسأليني أنا فكم أتعب لي ساقاي أجمع الأوراق الممزقة لأحظرها له " نظرت حينها زهور لي بصدمة وقال معتصم باستغراب " أوراق ماذا " قلت مغيرا مجرى الحديث " ما هي أخبار جابر هل مازال على قيد الحياة " تنهد بضيق وقال " لا تبدوا جيدة ولم أدخل القصر اليوم بسبب الموجات الكهرومغناطيسية التي تملأه " نظرنا له بحيرة وقالت زهور " هل حدث شيء " لوح بيده وقال ببرود " أنقدك الله من ذاك الجحيم المسمى قصرا فلا ترجعي له أبدا " تبادلنا نظرات الاستغراب وقالت بتول " لم أكن أعلم أن ثمة شيء حدث لكنت ذهبت " نظر لها وقال ببرود " نعم فأنتي لا يأخذك شيء إلى هناك سوا الفضول " تجاهلته وقالت ببرود " بل وزوجة جابر وأبنائه " قالت زهور " ماذا هناك يا معتصم يبدوا الأمر يخص جابر " تنهد وقال " يبدوا أن شجارا حامي الوطيس قد حدث بينهما ووالدتي وغادرت زوجته القصر منذ يومين ولا أحد لديه تفاصيل الحكاية غيرهم ثلاثتهم " وضعت زهور يدها على صدرها وقالت بقلق " ولما تخرج أرجوان كانا على وفاق كما يبدوا وتبدوا عاقلة أكثر من ذلك " رفع كتفيه وقال " هذا فقط ما علمته فأبنائه لا يعلمون ما حدث ولا شيء لديهم سوا الدموع وبكاء ترف الهستيري " قالت بتول بهدوء " مساكين هم متعلقون بها كثيرا " قالت زهور بحزن ونظرها للأرض " أرجوان امرأة رائعة وعلى جابر أن لا يخسرها بسبب والدتي " قلت مبتسما " هل كل هذا فيها لقد شوقتموني للتعرف عليها " شهقت حينها بتول بقوة ووقفت زهور على طولها وأنا أنظر لها بصدمة على صوت بتول قائلة " أي جريمة هذه التي ارتكبتها وتستحق عليها عقابا قاسيا من زهور " قالت حينها زهور مغادرة " عن إذنكم أريد الحمام " ثم دخلت غرفة النوم ونظري المصدوم لا زال يتبعها ، تغار يا رضا غارت من كلامك أقسم أنك لا تتوهم , لا ومن زوجة شقيقها ولم تستحمل أن أتحدث عنها ! أعادني من أفكاري صوت معتصم قائلا بعد ضحكة " جد لك الليلة مكانا تبات فيه " حككت شعري وقلت بإحراج " لم أقصد ما فهمت " قالت بتول بضيق " معها حق لو كنت مكانها لقطعت لك لسانك " نظر لها معتصم وقال بمكر " ما أروعها من امرأة أرجوان جمال وقوام ممشوق وجاذبية و... " قاطعته بابتسامة جانبية " نعم معك حق " وقف وأوقفها معه وقال بضيق " هيا الزيارة انتهت " قالت مغادرة أمامه " نعم فلم يعد لهم بك حاجة بعدما تسببت بمشكلة بينهما " ثم توجهت جهة الباب ونظر لي معتصم ثم قال مغادرا " ابنة شقيقتك هذه إما أن أقتلها أو تصيبني بالجنون " تبعته مبتسما وودعتهما وأغلقت الباب ثم عدت للداخل نظرت للكعك والعصير الذي لم يقربه أحد ثم توجهت نحوهم لأنظف كل شيء لكني تراجعت بنظرة واحدة لباب غرفة النوم ولحقت القطعة من قلبي الموجودة هناك وأنا مبتسم وأشعر بالنشوة فقط لأنها تغار , نعم تحبني لازالت كما كانت وهذا أكبر دليل لها ولي ، دخلت الغرفة فكانت ما تزال في الحمام فخرجت محترما رغبتها في البقاء وحدها قليلا وعدت للصالة ورفعت الصينية وأعدتها للمطبخ ورتبت كل شيء مكانه ثم عدت للغرفة فكانت ما تزال في الحمام حتى الآن فطرقت على الباب قائلا " زهور أخرجي ويكفيك سجن لنفسك " لم تجب طبعا وكنت سأتحدث ولكن أوقفني صوت هاتفي فأخرجته وأجبت قائلا " ما هذه المفاجأة ظنناك ميت زر شقيقتك على الأقل " قال بأمر " اسمعني جيدا يا رضا سيصل رجلان ستكونان في حراستهما ولا تخرجا إلا للأمور الضرورية وبرفقتهما " قلت بتوجس " ماذا هناك " قال من فوره " حماية للمقربين لي جميعهم فكونا حذرين " قلت بقلق " يبدوا الأمر خطيرا " قال " لم يصل لمرحلة شديدة في الخطر لكنه سيكون كذلك وعلينا التحسب لأي خطر وداعا الآن وسلم لي على زهور وسأزوركم ما أن أجد وقتا " نظرت لباب الحمام بتوجس على إنهائه للاتصال ثم طرقت الباب مجددا وقلت " زهور افتحي أو فتحته أنا " ولم تجب طبعا فشعرت بالخوف من أن تكون حبيبتي أول ضحاياهم فباقي عائلته في حماية الحراس في القصر ، أدرت مقبض الباب والمفاجأة أن الباب كان مفتوحا ففتحته ببطء ودخلت فكانت جالسة على طرف حوض الاستحمام وتنظر للأرض فتوجهت نحوها وجلست بجانبها عليه ومسحت بيدي على شعرها وقلت " زهور أخبريني ما الذي يريحك وأنا سأفعله , فقط أرحمي قلبي الذي يتقطع عليك " خرج حينها صوت بكائها فضممتها لحظني وهي لم تقاومني ولأول مرة تفعلها , ضممتها بذراعاي لصدري بقوة وقلت بهمس " يكفي يا قلب رضا يكفي أقسم إن كان هجري للبلاد هوا ما سيريحك ويعيدك كما كنتِ لأفعلها , أقسم لو العمر يهدى لأهديت عمري لك ولو أن السعادة تشترى بالمال لبعت أعضائي لأشتريها لك وأراك سعيدة أمامي ليوم واحد فقط قبل أن أموت " لم تزدد إلا بكاء فزدت من احتضانها أكثر وقبلت رأسها وقلت " آسف إن كان كلامي ما أزعجك أقسم لم أقصد ما فهمتموه " ابتعدت عني حينها وقالت ببرود ورأسها للأسفل تمسح دموعها " لا دخل لي بما قلت ولا يعنيني " ابتسمت وشددتها لحظني مجددا قلت " حسنا صدقتك فقط توقفي عن البكاء " قالت بعبرة " لما نحن فقط والدتنا هكذا لما لا تحبنا ولا تريد لنا السعادة ... لماذا " قبلت رأسها وقلت بهدوء " ومن قال أنها لا تحبكم قد تكون هذه هي طريقتها في التعبير فقط " شهقت شهقة صغيرة وقالت بأسى " كيف تحبنا وهي تدمر حياتنا , كيف وهي من زوجتني بغيرك وحرمتني منك لأدفع ثمن ما أخفيته أنت عنا , كيف وهي تدمر أي زواج لجابر وبدون أسباب وحرمت معتصم من دراسته لسنين ليدرس مع من هم أصغر منه بسنوات , قل لي كيف تحبنا كما تقول " أبعدتها عن حضني ومسحت دموعها وقلت " أششش يكفي بكاء وعليكم أن لا تستمروا في تدمير ما دمرته هي يا زهور عليكم أن تبنوا أنتم السعادة لأنفسكم مادمتم ابتعدتم عنها " بقي نظرها معلق بعيناي دون كلام فمسحت بيدي على طرف وجهها وقلت بابتسامة حزينة " ليس وحدكم من دمرته فحتى أنا قتلتني وقتلت حلمي وجرعتني الأسى حين حرمتني منك وليتك تعلمي ما رأيته من عذاب بعد زواجك وسفري وأنا لست ابنها لكني لم أيأس وما أن وجدت الفرصة وعلمت بخبر طلاقك ولو متأخرا عدت لأحاول بناء ما هدمته هي ولا أبقى واقفا أشاهد حطام ما فعلت بي وبك " بقيت على صمتها تنظر لعيناي وتتنفس بهدوء وكأنها تستمع لكلامي منهما أو تبحث فيهما عن شيء ما ولا تعلم ما تحدثه بهذا من براكين بداخلي , لا تعلم أني أقاومها منذ أيام بقلب رجل عاشق وعطش لكل تفاصيلها وأنها حتى بأنفاسها المتلاحقة تعبث بي حد الجنون , مررت أصابعي في شعرها وقربت وجهها لي غير مصدق استجابتها لما فعلت وكل شيء بي يقول لا تتراجعي يا زهور لا تقتلي الشوق في أوجه لا توصليني لآخر محطة عند شفتيك وتتركيني ظمئانا , انحنيت لثغرها وقربتها لي أكثر حتى كانت في قبضتي نعم تلك الشفاه الناعمة الوردية وأخيرا تعبث فوق صفحات شفتاي , أجل يا زهور علميني معنى العشق معنى الجنون في الحب معنى تذوق رحيق الشفتين من امرأة لا ينساها الرجل مهما طال به العمر امرأة حتى رائحة نفسها توصل للثمالة سمعت كثيرا عن هذا الرحيق عن هذا الإكسير عن هذا الطعم والمذاق لكني لم أعرف أنه هكذا فهوا أقوى مما سمعت عنه وأروع من كل ما قيل فيه , كانت مستسلمة لي تماما وكأنها منومة مغناطيسيا لكن الوقت يحسدني وحتى الفراغ لا يتفق معي ليقطع رنين هاتفي تلك اللحظات برنينه المرتفع لتنتفض مبتعدة عني ووقفت تنظر للأرض بخجل وارتباك وتغطي شفتيها بظهر أصابعها ثم خرجت راكضة وتركتني لم أشفي غليلي بعد ولم أروي عطش السنين الطوال فدسست يدي في جيبي وأغلقته دون حتى أن أرى المتصل من يكون * * مر اليوم الثاني ودخل الثالث وأنا على حالتي سجينة المنزل وبلا طعام ومنقطعة عن العالم , وقفت وشعرت بدوار خفيف يبدوا من قلة الأكل حتى أن سوسن مرضت ابنتها ولم ترجع لزيارتي ، صليت الظهر وجلست على الأريكة فلم يعد بإمكاني الوقوف أكثر ولا أعلم ما بي ففي السابق كنت أبقى لأيام دون طعام حينما يبدأ مصروفي بالنفاذ ولم تكن تأتيني هذه الحالة بسرعة هكذا ، يبدوا أنك اعتدتِ على العز والرفاهية يا أرجوان وتبطرت معدتك ، سمعت طرقا على الباب فوقفت بهدوء وبطء وتوجهت له لأفتحه فلابد هذه سوسن إن لم يكن الواقف في الشارع عاد لمحاولاته من جديد ، فتحت الباب فكان شخص آخر لكنه دون أكياس في يده ، قال بهدوء " السيد سمح بأخذك حيث تريدين لكن للمشاوير الضرورية فقط وبرفقتنا " نظرت للخارج لأرى من هم فكانا اثنان بلباس شرطة فقلت " ولما كل هذا " قال " الأوامر تقول بحمايتك ولا يحق لنا أن نسأل وما فهمته منهم أن أفراد عائلة السيد جميعهم تحت الحراسة " غريب يبدوا ثمة أشياء تحدث ولا أعلم عنها وتبدوا خطرة جدا فجابر لا يأخذ حذره من فراغ ، قلت " ومن تكون أنت " قال " أحد حرس القصر سيدتي والسائق الجديد " جميل يبدوا لم يعد يثق ولا في السائقين , هززت رأسي بحسنا وقلت " لدي مشوار ضروري ستأخذونني إليه لكن ليس اليوم وسأعطيك أنا نقودا لتشتري لي بعض الأغراض " تنهد وقال " حسنا وأتمنى أن لا يسبب لنا هذا مشكلة " قلت داخلة " لا تخف مادام سمح بخروجي فلن يمانع " أعطيته النقود وورقة بالأشياء التي أريدها وأحضرها سريعا فأعددت طبقا خفيفا وأكلت منه ما يسد جوعي فبالرغم من أني لم آكل منذ أكثر من يومين لم أشعر برغبة في الطعام فلست أشعر سوا بالاكتئاب والإحباط وها أنا الآن حتى وضيفة لن أستطيع البحث عنها مع كل هذه الحراسة , لا بأس فلن يدوم هذا الأمر طويلا فبعد أن يطلقني لن يحتاج الأمر لحمايتي ومنعي من الخروج ، ترى هل جد شيء في قضيته تلك أم مشاكل أخرى وثمة من يهدده ، آه يا رب أحمي أبنائي أقسم أن أفقد عقلي إن أصاب أحدهم مكروه ، وقفت بعدها بسرعة قبل أن تأخذني الأفكار في أن يصاب جابر بمكروه فلا علاقة لي به فلتقلق عليه والدته الحنون البار بها ثم ضحكت على نفسي وقلت بهمس " أقسم أنها لو كانت أحن الخلق ما شعرت به مثلي لأني حمقاء وقلبي أحمق مني لكن كرامتي لن أهدرها من أجله مجددا ولو تعذبت باقي حياتي بحبه " ومرت بي باقي أيام الأسبوع مسجونة في المنزل لا خروج ولا أحد يزورني فحتى سوسن تعبت ابنتها ونامت بها في المستشفى ولم تعد تحدثني سوا في الهاتف وباختصار وأنا لا شيء لي سوا مشاهدة التلفاز والهرب من الحسرة والألم كلما فكرت بما حدث معي وجابر طبعا لم يكلف نفسه ولا عناء الاتصال بي ولا أعلم عن ذاك القصر شيئا فحتى سيلا لم أتصل بها مجددا كي لا تجدها تلك العجوز المجنونة فرصة وتطردها , تأففت وأمسكت عباءتي ولبستها نزلت وغادرت المنزل برفقتهم طبعا فعلى الأقل لن أطر لدفع المال لسائق سيارة الأجرة ، أوصلوني للمكان الذي أزوره أسبوعيا فأنا لم أزرها طوال هذا الأسبوع وأخبرتهم أني سأزور صديقة قديمة لعائلتنا موجودة هنا فمؤكد ذاك السائق أخبر جابر عن هذا المكان لكنه لا يعلم لما آتي ولن يعلم خصوصا إن أخبره من في الخارج ما قلت لهم طرقت باب غرفتها ودخلت واقتربت منها مبتسمة وأمسكت يدها وقبلتها فابتسمت لي فقبلت رأسها وجلست بجوارها قائلة " كيف أصبحت اليوم آسفة لأني لم أزرك " ثم تنهدت بأسى أعلم أنها لن تسمعني لأنه أقل من ثلث نسبة حواسها تعمل فقط وقد أصيبت بجلطة مرتين فهي لا تسمع جيدا مهما صرخت ولا تستطيع قول سوا كلمات متقطعة وقليلة ونظرها ضعيف جدا لم ترى إلا بعد العدسات ولا تستطيع المشي أيضا وكنت عاجزة عن إخراجها لتعيش معي لأني لا أقدر على تكاليف علاجها وطعامها وأجهزتها وحتى بعدما تزوجت من سوء حظي أني تزوجت برئيس الشرطة في البلاد وهي في نظر القانون ميتة فلن أفتح أعينهم عليها فلن يصدقوا حينها أنها لا تستطيع الكلام وسيعذبونها باستجوابها وهذا إن لم يسجنوها مجددا ، مسحت بيدي على وجهها وقلت " ليتك تسمعينني وتتحدثين فقط لأعلم كيف تكون حسناء شقيقتي ولما لم يخبرني أحد سابقا وتركتموني أعيش في كذبة مرتين أن أبنائها أشقائي ثم أبناء لزوجي ثم أكتشف الواقع الجديد وهوا أنهم أبناء شقيقتي , لما يعشق الجميع الكذب علي لما أنا أضحوكة لهم دائما " " الحقيقة لن تغير شيئا في الواقع يا أرجوان " وقفت والتفت بسرعة أنظر بصدمة للواقف عند باب الغرفة ثم تقدم بخطواته نحو سرير والدتي قائلا ونظره عليها " لو بقيتِ في قصرك وسألتِ لعرفت الحقيقة " أشحت بوجهي للجانب الآخر ولم أتحدث لأني إن تكلمت فلن يعجبه ما سأقول ثم لا حاجة لقول شيء لن يغير في الواقع شيئا ، توقعته سيسأل ماذا أفعل هنا ومن تكون هذه لكنه جلس على طرف السرير وأمسك يدها وقبلها وقال " كيف أنتي الآن يا خالة " لتنفتح عيناي من الصدمة وتزيدني والدتي بأن وضعت يدها الأخرى على يده وابتسمت له وكأنها تعرفه من سنين ************* لحظات رجوع نواس للمزرعة بعد زواجه من وسن للكاتبة همس الريح ومشكوووورة يا عمري الصراحة إبداع ******* [ فتح الخزانة الموجودة في المكتب و اخرج صندوقا متوسطا من الخشب ..فتحه و هو ينظر الي القطع الذهبية الموجودة داخله .. كل قطعة عمل جاهدا ليجمع ثمنها .. و كلما اشتري قطعه بدا في تجميع ثمن القطعة الاخري ..كل قطعة كان لها انشودة عشق خاصة بها .. حلم كيف سيلبسها اياها و هو يهمس في اذنها بعبارات الغرام .. تخيل احمرار وجهها خجلا و هو يقبل اصبعها بعد ان يلبسها المحبس .. و معصمها بعد ان يلبسها الاسورة ..... سحب الاسورة الموسومة بتاريخ زواجهم الذي لم يتم سابقا قبل ان يعيد الصندوق الي مكانه و يغلق الخزنه ..وقف طويلا امام باب غرفتها .. يبتعد قليلا ليجد اقدامه تشده الي بابها .. هل سيظل هكذا طوال عمره .. مصلوبا امام محرابها .. تنفس بعمق قبل ان يفتح الباب ليجدها مكورة علي الارض .. اقترب منها لتلفت نظره علبة دواء .. ليست اقراصها المعتادة .. عقد حاجبيه و هو يقرا النشرة الطبية المرفقة .. مسكن الم من اقوي انواع المسكنات ... اعاد العلبة الي مكانها قبل ان يركع امام تلك الغافية الغافلة عن كل شئ في الدنيا .. لم يكترث لقطع القماش الممزقة تحتها .. نظر لوجهها النائم بسكينة جعلت قلبه يصرخ بالم ... ضغط علي كفه بقوة لينتبه للاسورة في يده .. ثبتها علي يدها و هو يطبع صورتها الوديعة في عقله .. اقترب منها ليحملها للفراش لتتمتم بعبارة غير مفهومة و تتنهد ثم تهمس "نواس" ..ليحس بنار تستعر داخله .. نزع قدميه انتزاعا من مكانه لينزع اللحاف و يغطيها به قبل ان يخرج تاركا الغرفة كلها . .. و بدون ان يغلق الباب ]] قراءة ممتعة للجميع ......................... |
الساعة الآن 09:20 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية