منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   ... صرخة في صدري ... (https://www.liilas.com/vb3/t93536.html)

HOPE LIGHT 04-04-09 09:47 AM

الجزء السادس عشر:

روح والت المنية بسبب هم أثقل على الصدر ... لدرجة الانفجار ... لتدوي صرخة استنجاد ... لم يسمعها سوى شخص جديد في حياته ...و في عالمه المليء بالفوضى ....
ما إن وطأت قدمها عتبت الباب حتى تخلل صوته أذنها...
- جنان .....
... فالتفتت ناحية مصدره ... وهي مدركة من هو صاحب الصوت ...
عاد صوته المنهار ... ليدخل إلى طبلة أذنيها ...قائلاً:
- جنان ... أعلم ... أعلم بأن ...بأن طلبي ...سوف ...سوف يكون غبياً ...بل ...
بترت جملته ....قائلة :
- أأنت بخير....؟ صوتك ...صوتك ليس طبيعياً..
- كلا ...كلا أنا ...أنا لست بخير... لست بخير... أنا ضائع يا جنان ... ضائع ... لا أعلم ... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... لا أعلم ماذا أقول .... بل لا أجد الكلمات لأعبر عما بداخلي .... حتى أنني لا أعلم لماذا جئت إلى هنا ... إلي المدرسة ....إليك...
لم يرد منها كلام .... ففهم ما معنى صمتها ...فأنها الحوار بقوله:
- أنا ... أنا آسف حقاً ...كم أنا غبي ...بل ساذج ...اعذريني على غبائي أرجوك ...و على تصرفي ... عن إذنك ِ...
أعطها ظهره ... وهو في داخله يحترق أكثر فأكثر .... وأخذا يخطو مبتعداً....لينساب إلى أذنيه صوتها وهي تقول:
- لحظة ....
ألتفت على فوره ناحيتها .... ليرسم على عينيه نظرة ترقب ...
- أنت ِ اخترت الشخص الخاطئ لتشتكي له .... رب العباد هو الذي يجب أن تشكِ له ... فهو مذهب الهم و الغم ... فذهب ودع ربك .. وصلي ركعتين و سوف ترى صدرك قد أنشرح ....
وخطت تلك الابتسامة التي سلبت لبه .... وكسرت جليد الحزن من شفتيه ... لتخط شفتيه ابتسامة واسعة ... دون أن يشعر ....

..........................................

- هل اكتفيت ؟
هز رأسه بنعم ...وأردف قائلاً :
- شكراً لكِ.
وضعت كأس الماء على الطاولة المجاورة له ...وقالت:
- لا داعي للشكر يا أبا تامر... أتريد شيئاً آخر...؟
- لا ...كلا الحمد لله ... أنا الآن أفضل و لست بحاجة لشيء...لهذا اذهبي يا منى للبيت و ارتاح ِ قليلاً ..
خطت ابتسامة على شفتيها ...و أردفت قالت :
- لن أرتاح حتى أراك خارج هذا المستشفى ....
أخذ يبحلق به لثواني .... مما جعلها تستغرب منه ..فسألت مستفسرة :
- لماذا تحدق بي هكذا يا غسان؟
طأطأ رأسه .... ومن ثم قال:
- أنا ..... أنا .....
- أنتِ ماذا يا غسان ؟
رفع رأسه ومن ثم قال:
- أنا تعب ... وأريد ...وأريد أن أرتاح ...
خيبة الأمل أطفأت شمعة الأمل التي اتقدت في قلبها .. فقالت :
- حسناً ...سوف أدعك تنام .... أنا سوف أكون في الخارج إذا أردت أي شيء.
- لا ...لا داعي يا منى ...اذهبي إلى المنزل ...فكما قلت لك ِ ...أنا بخير .... فلا داعي بأن تتعبي نفسك بي...
هزت رأسها بنعم ... وهي تصرخ في داخله (( لمـــــــــــــــــــــــــــــاذا ... لمــــــــــــــــــاذا ؟؟؟؟ تفعل بي هكذا يا غسان ...لماذا؟؟؟ ))
ومضت ناحية الباب ...تاركة إياه هو الآخر يتساءل ..(( يا الله .... لماذا يا هند .... فعلت بي هكذا لماذا ؟؟؟ ))
...................................................

كانت توضب الأغراض و على طرف لسانها سؤال .... جاهدت من أجل أن يخرج للملأ ...
- هدى ....
كانت هي الأخرى منهمكة في وضع الأغراض في الحقيبة ... فأجابت و هي لا تزال مصوبة بصرها ناحية الحقيبة .:
- نعم ...
- ألا ... ألا ترين أنه من الأفضل بأن تبقي في المستشفى بضع أيام أخرى .
أخيراً ألتفتت ناحيتها ... وقالت:
- لماذا ؟
وضعت ما في يديها جانباً... و من ثم قالت:
- لأنكِ بحاجة لرعاية ...
ابتسمت لها وقالت:
- أنا بخير يا سعاد ... و سوف أكون أفضل في منزلي ... فلا تقلقي عليه ...
- لكن ...
بترت جملتها قائلة :
- لا لكن و لا شيء... هي أكملي ما في يديك ...فأنا أريد أن أخرج من هذا السجن بسرعة..
رضخت لكلمها ..و عادت لعلمها ... لكن هناك سؤالاً يدور في خلدها .... يريد جواباً يريحه ....
أخذت نفساً عميقاً ... وتبعته بزفرة .... ومن ثم عقدة العزم على قوله :
- هدى ...
- ماذا عندك ِ أيضاً يا سعاد ؟ ( قلتها وهي لا تزال منهمكة في وضع الأغراض في الحقيبة)
- هدى ( توقفت لتبلع ريقها ) وو ...و تامر...
توقفت هدى عما كانت تعمله ... و تسمرت بلا حراك ... و عينيها تحدقان في العدم ....
لاحظت سعاد هذا ...لكن على الرغم من ذلك أكملت ما في جعبتها :
- و تامر ... ماذا سوف يكون مصيره في حياتك ؟
ضلت عل حاله ساكنة بلا حراك لدقائق ... ومن ثم عادت توضب الأغراض ... و بهدوء مغلف بجليد قارص ...قالت:
- هو سوف يحدد مصيره بنفسه ...
قوست سعاد حاجبيها إلى أعلى ..و أردفت قائلة:
- ما قصدك ؟....لم أفهم .
- سوف تفهمين حينها ... الآن أكمل ما في يديك ....
أخذت تحدق في أختها وهي متعجبة من كلامها ومن تلك النظرة التي تعتلي عينيها ....
............................................

بابتسامة واسعة .... تخفي ورائها حزناً عميقاً ...قالت:
- أهلا بكِ عمتي ..كم سعدت برؤيتك ِ... كيف حال عمي؟
بادلتها بابتسامة باهتة هي الأخرى ...فالألم و الوجع الداخلي لم يعد يطاق ...وقالت:
- أهلا بك يا نجوى ... الحمد لله عمك بخير...لقد تركته لينام قليلاً ...
- الحمد لله .... الحمد لله لأنه تعد الأزمة ...
- نعم ... الحمد لله ... صحيح قبل أن أنسى .... هل رأيت تامر مؤخراً ...؟
سؤال خنقها ... و أجبرها على العودة للبداية ....إلى ذكر ذلك الخائن ...
هزت رأسها بلا .... وأردفت قائلة:
- كلا ...لماذا تسألين عنه ؟
- أفففففففففففففف من هذا الولد .... أتصل به هاتفه مغلق ..... ولا أحد يعلم مكانه .... أباه في المستشفى وأنتِ كذلك ... كان يجب أن يكون بجانبك في هذا الوقت ...
وجدت شفتيها ترسمان ابتسامة سخرية ... ومن ثم قالت:
- هو ليس لديه وقت لنا ...
رفعت منى أحد حاجبيها إلى أعلى ....و هي تسأل مستفسرة :
- ماذا تقصدين بكلامك يا نجوى ؟!!!
أدركت نجوى ما لفضتها من قول ... وحاولت أن تتدارك الأمر قبل أن يفلت من يديها :
- لا شيء ...لا أقصد شيئاً يا عمتي ... فقط أنا أقول بأنه مشغول بعمله بالمشروع المهم الذي يعمل فيه .
- ولو يا نجوى ...هذا ليس عذراً ... العائلة قبل أي شيء...
في داخلها المحطم ... و في مناجاتها لنفسها قالت: (( أي عائلة يا عمتي ... أنا منذ زمن لم أكون فرداً من عائلته ... لقد مسحن من حياته دون علمي ... ))
- نجوى ... نجوى ...
- هااااااااااااااااااا
- أين كنت ِ ... ؟ ما الذي جرى لكِ؟
- لا شيء يا عمتي لا شيء....
- حسناً عزيزتي .... حاول أن تتصلي بتامر و تخبريه بأن يحضر فأباه في المستشفى ... وبصفته أبنه البكر فمن واجبه أن يحضر و يكون بجانبه و بجانبك ِ... حسناً...
برضوخ أجبرت عليه قالت:
- حسناً عمتي...
قبلتها على جبينها ... ومن ثم قالت ... وقد رسمت بسمة على شفتيها :
- حسناً عزيزتي ... أنا سوف أذهب للمنزل لأبدل ملابس و سوف أعود ...هل تريدين شيئاً ؟
- كلا ...شكراً لك ِ.
- مع السلامة ...
- مع السلامة ...
...........................................................

كان مستلقياً على السرير ... مصوباً عينيه ناحية السقف ... الذي يكاد يتهشم على رأسه من عينيه الساكنتان .... وفي أعماقه يشعر بضياع ..... دوى صوت هاتف الغرفة .... لكنه لم يتحرك ساكناً ... ضل على حاله .... تحول الهاتف إلى المجيب الآلي .... ليخرج صوتها المتردد ... و ينتشر في أرجاء الغرفة ...
- تامر .... إذا ...إذا ..سمعت هذه الرسالة .......
حرر أخيراً السقف ..والتفتت ناحية الهاتف ... وبحركة سريعة .... أخذ السماعة ... و و ضعها في أذنه ... وقال بلهفة :
- نجوى ....نجوى ...كنت أعلم ...كنت أعلم بأنكِ...
قاطعته بقولها :
- تامر ...أنا لم أتصل بك... للذي في بالك .... فأنا ...فأنا مستحيل ...مستحيل أن أسامحك .... ومازلت مصرة على الطلاق... لهذا من الأفضل بأن ..بأن تمهد الأمر للجميع ....
كانت خيبة الأمل جلية على تعابير وجهه التي عادت إليه معالم الحزن ...
قال بصوت باهت .... لا حيات فيه :
- نجوى .... إنها ...إنها... هي ... هي الأخرى تريد ...تريد الطلاق .... ماذا أفعل ...قل لي ..ماذا أفعل؟
لم يرده جواب من على الخط الآخر...لم يتسلل إلى مسمعيه سوى صوت أنفاسها المضطربة .... وبعد طول انتظار نطقت قائلة :
- أفعل ما تشاء ...فهذا شأنك ... والموضوع لا يهمن ... الذي يهمن ِ ... أن تصل لي ورقة طلاقي بأسرع وقت ممكن ...... أوووووو صحيح قبل أن أنسى ... عمي في المستشفى ...لقد أصيب بجلطة البارحة.... وداعاً تامر..........
وأغلقت الخط .... ليتسمر هو بلا حراك ... و الذهول ملء عينيه ....
أما هي فعلى رغم الجلد الذي كان جلياً على صوتها ...لكنها في داخلها تصرخ بأعلى صوتها .... و تسكب الدمع ... على حبها الضائع ....
........................................................

أخذ يلعب بالقلم بأصابعه .... في حين أن ذهنه في عالم آخر .... يحلق ....
- (( لماذا فعلت هذا؟... لماذا صرخة على تامر ...؟ ... و تصرفت بهذه الطريقة مع نجوى ؟... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ما الذي جرى لي ؟ نجوى ..... يا نجوى ..... ))
رمى القلم من يده .... و هجم بكلتا يديه على شعره ... وأخذ ينثره بعشوائية ... وهو يقول :
- نجوى ... نجوى .... ... من أنتِ ...من أنتِ بنسبة لي ...من أنتِ؟
قاطعه صوت الباب وه يقرع ....
فقال بصوت عالي :
- من ؟
- أنا سامر يا سيد خالد... هل يمكنني الدخول؟
أخذ يرتب شعره الذي بات منكوشاً ...ومن ثم قال:
- نعم ... تفضل.
................................................

كانت جالسة و الظلمة تحيط بها من كل جانب .... تماماً كالظلمة التي تسكن قلبها ... فالحزن لازال يرفض أن يهجرها ... و يتركها في حالها ....أخذت تضغط بأصبعه المرتعش على أزرار الهاتف ....وتوقفت ..لتستسلم للانتظار ... فجئت دخل مسمعها صوت أمها ... فانفجرت بها قائلة بكل آلمها و حزنها الذي تجسد في صوتها:
- أمي ... أمي ...لقد ...لقد تطلقت.... طلقني غسان ... طلقني ... طلقني ... ( لتنساب السماعة من يدها و تصبح طريحة الأرض ... تتبعها دموع هند )
..............................................

رفعت يدها المرتعشة ... لتغلف بها يده الساكنة على السرير... وأخذت تتأمله .... وهو محاط بالأجهزة من كل جانب....
وبنبرة صوت شهها البكاء قالت:
- أكنت تظنني لا أعلم بأنك ِ لا تحبني ... أنت ِ مخطأ ... كنت أعلم ... ومن أول يوم من زواجنا .... كان واضحاً بأني أنا ليست المرأة التي تعشق و تحب ... لكنني رغم ذلك دست على قلبي الذي كان يذبح مئة مرة .... و عشت معك ...أتعلم لماذا ....لأنني أحببتك ... نعم أحبك ومن كل قلبي ....لم أكترث بكلام الناس ... و حتى لم أكترث بأنك لا تبادلني المشاعر و الأحاسيس ... لأنني ببساطة لا أستطيع أن أعيش بدونك ... لا أستطيع أن أفتح عينيه ولا أراك أمامي ... لا أستطيع ... لهذا أرجوك ... أرجوك أستيقظ ... أستيقظ ... أستيقظ يا خليل .... أرجوك ...أرجوك ....
وتشق دمعة طريقها من مقلتيها ......
.............................................

كان جالساً في تلك الزاوية ... وهو يتأمل الناس .... وهم يصلون بخشوع ... و سكينة ... و الراحة مرسومة على قسمات وجههم ....
- كيف كانت وجههم حينما دخلوا المسجد ... و كيف أصبحت بعد أن صلوا ... كان الهم على وجوههم و أصبحت البسمة عليها الآن و السكينة .... كيف ... كيف حدث هذا ؟!!!
فجئت تعالى صوت المؤذن يدعو إلى الصلاة ....:
- الله أكبر ... الله أكبر.....
قام الجميع ليقوم بفريضة الصلاة .... إلا هو ضل جالساً في زاويته ...
دخل إلى مسمعه صوت أحدهم و هو يقول:
- ألن تقوم لتصلي ؟
رفع رأسه ... ليرى من هو صاحب الصوت ... لتسقط عينيه عليه ... و تتسع من الصدمة .....

يتبع ....

HOPE LIGHT 18-04-09 04:49 PM

الجزء السابع عشر...

- أنت هنا في البيت ونحن نبحث عنك...
نظر إليها بعينيه الميتتان .... فشعرت بوخزه في قلبها عندما وقعت عينيها على عينيه ...
فقالت على فورها:
- تامر ...ماذا بك؟ ... أأنت بخير؟
رد عليها بصوته الذي سلب منه الحياة :
- نعم ...أنا بخير يا أمي.
لم يكون جوابه مقنعاً لما تراه ..فقالت:
- لكن شكلك لا يوحي بذلك ... ما الذي جرى يا تامر ... ؟ أخبرني ....
أخذ نفساً عميقاً ومن ثم قال:
- سوف أخبرك ِ بعد أن أعود .
وأكمل طريقه ناحية الباب الرئيسي .. غير آبهن بنداء أمه التي زايد خوفها ....
.............................

لم يصدق ما وقعت عينيه عليه ... فقام على فوره .. وقال:
- عبد الله ... أهذا أنت؟
كان حال عبد الله مثله .. فهو غير مصدق لما يراه أمامه ...
فقال و الدهشة على محياه:
- عمر...!!!
تحولت الدهشة التي سكنت قسمات وجهه .. إلى ابتسامة واسعة وهو يقول:
- لا أصدق ما أرى حقاً ... لم أرك منذ زمن ... منذ ...
بتر عبد الله جملة عمر بصوته الثائر :
- منذ أن كنا في السجن ...
قلها ووجهه يرسم الضيق...
هجرت البسمة شفتيه على هذه الذكرى ... وقال:
- عبد الله ......
- لا وقت لدي للحديث معك .. فالآن وقت الصلاة ...
وتركه ومضى بعيداً عنه .. في حين أن عمر تعجب من ردت فعله .. ومن تلك النظرة التي كادت تصهره

............................

فتح الباب بعنف ... ودخل عليها ... وفي وجهه لمحة من الضيق ... نظرت إليه ... وقالت بصوت مغلف بالعصبية :
- ألا تفهم ... أنا لا أريدك .. لا أريدك ...و لا أطيق رؤيتك ...
قال وقد زاد تقوس حاجبيه ناحية الأسفل ... :
- أأنتِ متأكدة بأنك تريدين الطلاق يا نجوى ؟
ردت على الفور وبكل ثقة :
- نعم .
فقال :
- حسنا ً ... لكي ما أردتي ... أنتِ...أنتِ ... طالق...
هجمة تلك الكلمة على مسمعها ... فهزت ثقتها ... و غرست سهماً في قلبها ... فكتفت بتحديق به وهو يوليها ظهره و يخرج من الغرفة ... لتظل هي متسمرة بلا حراك ... تعيد شريط ما جرى منذ قليل في ذهنها ... لتستوعب الذي جرى ....
...............................

خرج من غرفتها وهو غير مصدق لما تفوه به ... وخرج من فمه .... وضع يده على شفتيه ... وأخذ يقول وعينيه تكادان تخرجان من محجريهما:
- أمعقول... أمعقول ... أقولتها ... أنا قلتها ....
لم تعد قدماه قادرتان على حمله أكثر من ذلك ... فاتكأ على ذلك الباب الذي يفصل بينها و بينه ...

...............................

قامت من على الكرسي وصرخت بأعلى صوتها..:
- مــــــــــــــاذا ... ماذا قلتِ ؟
- أشششش آيته الحمقاء سوف تفضحينا .
عادت لتجلس على الكرسي وهي غير مصدقة لما سمعت ... فعادت تسألها لكن هذه المرة بصوت أقصر :
- ماذا ...قلتِ؟
- قلت بأن ذلك الرجل الذي ألتطم بي جاء اليوم وحدثني ...
قوست حاجبيها إلى أعلى وهي تقول:
- متى ...؟
- قبل أن تخرجي من المدرسة بقليل... كنت في الخارج انتظركِ..
- ولماذا هذا الرجل يريد محادثتكِ ؟
- قال بأنه متضايق ويريد أن يتكلم معي ...
- وما شأنكِ أنتِ... أيضنكِ طبيبة نفسية .... ؟
- المسكين كان واضح من صوته بأنه مغتم و متضايق...
- جنان .. ما الذي جرى لكِ ... أأنتِ واعية لما تقولينه ...
- ماذا قلت ...؟ لم أقل شيئاً خاطئاً.
- اسمعي جنان ... هذا الموضوع لا يريح ... وتصرفات هذا الرجل لا تريح أيضاً ... انه بتأكيد يريد التسلية ...
- ما هذا الكلام ؟ لا تتهمين الرجل بدون أي دليل ... ومن ثم هو لم يفعل شيئاً خاطئاً ...
- جنان , ماذا جرى لك ِ ؟ أنا لم أعهدكِ هكذا ... جنان هل أنتِ مدركة لتصرفاتكِ...؟
- أوووووووه أنا المخطأة لأني أخبرتك ِ ..
قامت من جديد ... وقالت:
- اسمعي جنان ... نصيحة مني .. أنا صديقتك ِ التي تحبك ... انتبهي من هذا الرجل .. فأنتِ لا تعرفينه ... ومن ثم جميع تصرفاته لا تريح .. فانتبهي .. فهو بتأكيد يريد أن يستغل ...
قامت جنان هي الأخرى بسرعة ... وحاجبيها معقودان .. وقالت بضيق :
- أن يضحك لأني عمياْ ... أهذا الذي تريدين قوله ... صحيح أنني عمياء... لكن العطب في عينيه ... و ليس في رأسي ... عن أذنك ... فقد تأخرت ...
ومضت قدما ناحية الباب ... غير آبهة لنداء صاحبتها ... المستغربة من ردت فعل جنان...
فتحت الباب .. وأغلقته بكل ما أوتيت من قوة خلفها ...
هزت رأسها بأسى ..:
- الله يحميكِ يا جنان .. الله يحميكِ..

....................................................

كان لا يزال ملتصقاً بالباب ... وعينيه المفتوحتان على مصراعيهما .. تنظران في الفراغ .... تسلل صوت الى مسمعه ... لينتشله من عالم الذهول الذي يعيشه :
- تامر ... ماذا هناك ... أجرى لنجوى شيء...؟
وجه بصره ناحية مصدر الصوت ... ليجد عمه واقفاً أمامه مباشرة .... وفي عينيه نظرة توجس ...و قلق ...
أخذ تامر يمس على وجهه ... ومن ثم قال:
- لا نجوى بخير... عن إذنك عمي ...
وأخذ يمشي مبتعداً ... لكن صوت عمه عاد ليهجم على طبلتي أذنيه ...:
- تامر ...
توقف ... وهو في داخله لم يعد قادراً على تمالك ما في داخله من مشاعر متضاربة ... فقال بصوت جاهد لخروجه من حنجرته :
- نعم عمي...
- ألن تذهب لتزور أبيك ...؟
ألتفت ناحية عمه ... وفي عينيه علامة استفهام ...:
- أزور أبي ... ؟
- ألم تعلم ؟!
زاد تعجب تامر من كلام عمه ..فقال:
- أعلم ماذا ؟
- بأن أباك أصيب بذبحة صدرية ليلة البارحة ...
سرعان ما تحول التعجب إلى صدمة ترتسم على وجهه ....

.......................................

ضلت تغرسها أكثر فأكثر ناحية صدرها .. لعلها تخفف من ألمها ....
- كفى يا هند ... هذا يكفي ....
بصوتها المخنوق بالعبرات:
- لا أستطيع يا أمي .. لا أستطيع ...
- لماذا ... لماذا هكذا فجأة ... يطلقك ِ ... ؟ ماذا ... ما الذي جرى ...؟ ما الذي فعلته وجعله يطلقكِ؟
أبعدت رأسها عن صدر أمها ... وأخذت تنظر إلى أمها بعينيها الغارقتان بالدمع.. وقالت:
- لماذا تضنين بأنني السبب ؟
وضعت يدها على رأس ابنتها و هي تقول:
- هند الرجال لا يطلقون هكذا ... بدون سبب .. لا بد من سبب ...
- و لماذا ... و لماذا لا يكون هو ... بتفكيره المريض ...هو السبب...
- يا بنيتي غسان رجل لا يفعل أمرواً كهذه إلا...
بترت جملتها بصراخها قائلة:
- أمي ... ما هذا الكلام ... أنا ابنتكِ .... كيف ... كيف تفكر هكذا ...
وقامت من على السرير ... وهي مصدومة من كلام أمها ...
- هند ... أنا متفهمة حالتكِ ... لهذا لن أرد عليكِ ... اسمعي لا تخافي .. أنا سوف أكلم غسان ...و سوف أحل المشكلة...
- كلا أمي ... لا تتدخلي .... غسان رجل مريض ...وأنا لا أريد أن أعيش معه ... ومن ثم إذا تدخلت هذا يعني بأني أنا المخطأة في حين أنه هو بسبب شكه و ظنونه هو السبب ...
- هند ... لا تكون حمقاء ... غسان هو الرجل الوحيد الذي رضي بك ِ و...
عادت لتقطع كلام أمها ... بقولها وهي تنظر لأمها بعينيها المذهولتان لما دخل أذنيها من كلام من أقرب الناس إليها...:
- قل هكذا يا أمي ... قل بأنكِ تريدين الخلاص مني ... تريدين الراحة مني ... الراحة من العانس ... التي تثقل كاهليك ِ...
قالتها ودمع عاد ينهمر من مقلتيها ... لكن هذه المرة أكثر غزارة من قبل...
- هند ...ما هذا الكلام ..؟ أنا لم أقصد...
عادت لتقاطعها قائلة بصوتها المشوه بالبكاء:
- أرجوكِ أمي أخرجي ..فأنا أريد بأن أكون لوحدي ... أرجوك ِ...
رفعت يدها محاولة أن تمسك بابنتها وتقول:
- هند ...
ردت عليها بالصد وقالت:
- أرجوك ِ أمي ... أريد أن أختلي بنفسي ... فخرجي ....
رضخت أمها لطلبها ... وخرجت ... لتندفع هند ناحية الباب ... و تغلقه خلف أمها .... و تطلق العنان لآهاتها و دموعها التي لا تريد أن تتركها لحالها. ...
..........................................

رفعت سماعة الهاتف أخيراً بعد طول صياح .... وقالت:
- ألو ...
ليأتيها صوت خالي من المشاعر ... ميت :
- لقد طلقني ... لقد طلقني ... لقد طلقني .. تامر...
رفعت حاجبيها إلى أعلى وهي تقول:
- نجوى ....!!!
ليعود صوتها الميت ليزور مسمعها من على الخط الآخر:
- لقد طلقني يا رنا ... طلقني ... طلقني ...
لتسري رعشة في صوتها ... فها هي تستوعب أخيراً ما جرى ... تدرك حقيقة بأنها لم تعد له ...و لم يعد لها ... لقد طلقها ....
عم صمت رهيب من على الخط الثاني ...
فدب الخوف في قلب رنا ..:
- نجوى ... نجوى أأنت ِ معي ... ؟ نجوى ... نجوى ...
ليهجم على مسمعها صوت شيء يلتطم بالسماعة ... وهي لا تزال تنادي :
- نجوى ... ألو ... نجوى ... يا الله ....
في حين أن الدمع أخير تفجر من مقلتي نجوى التي وعت على الحقيقة المرة ... حقيقة بأن تامر ..حب حياتها طلقها ....

..................................

- أنا آسف حقاً أبي ... لم أعلم إلا منذ قليل من عمي .. فعذرني...
- لقد كنت محرجاً عندما لم تأتي أنت وأخاك ... ماذا سوف يقول أخي الآن ... ها ...
- أعذرني ... أرجوك .. يا ....
قاطع كلامه صوت الباب وهو يقرع ....
فقال أبو تامر بأعلى صوته :
- تفضل ...
ليفتح الباب .. ويكشف من وراءه عن أم هند ... لترتسم ملامح الدهشة على تعابير وجهه أبو تامر الجامدة ..
بادرت أم هند بالسلام:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
رد تامر وهو قد قام من مقعده:
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
ورد فيما بعد... بعد صمت صاحبه أبو تامر السلام...
قالت أم تامر و البسمة الزائفة على شفتيها ترتسم :
- كيف حالك يا أبو تامر...؟
هز رأسه و هو يقول :
- بخير... بخير...
- الحمد لله ....
والتفتت ناحية تامر وقالت:
- كيف حالك يا بني ؟
- الحمد لله بخير .. كيف حالك أنتِ ؟
- بخير الحمد لله ...
قال تامر وهو يشير بها ناحية الكرسي الذي كان يجلس عليه :
- تفضلي ...
استجاب لطلبه ...وقالت:
- شكراً لك يا بني...
جلست ....
فعاد ليقول تامر:
- ماذا تشربين يا خالة ؟
- لا شكر .. لا أريد شيئاً...
ومن ثم ساد صمت مطبق ... قتلته بعد أن ابتلعت ريقها أم هند ..:
- أبو تامر ... أيمكننا بأن نتحدث على انفراد ...إذا أمكن ...
أخذ أبو تامر يحدق بها لثواني .. وهو يعلم جيداً الأمر الذي تريد أن تكلمه به ...ومن ثم وجه بصره ناحية تامر الذي فهم مغزى نظرت أبيه ..فقال :
- عن إذنكما ...
وخرج من فوره ....
ليترك أبو تامر وأم هند معاً ... لوحدهما ....

...................................

حملت هاتفها النقال الذي لم يكف عن الرنين وفي عينيها الضيق يشتعل ... وقالت بصوت مشبع بالغضب:
- كفى يا تامر ... لقد أزعجتني باتصالاتك ... أضني بأني أوضحت لك .. بأنني لا أريد صلت بك حتى ....
توقفت عن الكلام فجأة ... وتسعة حدقت عينيها .... بعد أن دخلت مسمعها تلك الكلمتان من الخط الآخر:
- لقد طلقتها ...
لتتحول علامات الضيق ... إلى الذهول .... فهوت على سريرها .....
في حين عاد صوته يشق طريقه إلى طبلت أذنها :
- لقد طلقت نجوى يا هدى .. طلقتها ... فأنا ... أنا أريدك ... أريدك أنتِ وكريم ... أريدكما في حياتي ....

يتبع ....

النصف الاخر 29-04-09 03:35 AM

اهلين تسلمين على اروايه روعه بصراحه تونى اخلصها



اسلوبك بالكتابه رائع احس انى عايشه مع كل واحد بالقصه لحاله


مدرى وش اقول عنهم كلهم حبيتهم



عمر ليش لجى للمخدرات عشان ابوه يعنى تركهم



نجوى حرام عليه يطلقها احس انه عادل يحبها مع انى اتوقع انه تامر بيرجع لها لانه هدى بتموت وبترجع نجوى لتامر



رنا مدرى احس حسن ما هو لمها ولا يدرى عنها وبتاخذ عادل وبتحبه


هذا توقعاتى ونستناك يالعاليه سلام من النصف الاخر

HOPE LIGHT 02-05-09 06:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النصف الاخر (المشاركة 1941371)
اهلين تسلمين على اروايه روعه بصراحه تونى اخلصها



اسلوبك بالكتابه رائع احس انى عايشه مع كل واحد بالقصه لحاله


مدرى وش اقول عنهم كلهم حبيتهم



عمر ليش لجى للمخدرات عشان ابوه يعنى تركهم



نجوى حرام عليه يطلقها احس انه عادل يحبها مع انى اتوقع انه تامر بيرجع لها لانه هدى بتموت وبترجع نجوى لتامر



رنا مدرى احس حسن ما هو لمها ولا يدرى عنها وبتاخذ عادل وبتحبه


هذا توقعاتى ونستناك يالعاليه سلام من النصف الاخر

أختي النصف الآخر...
أهلا بك في قصتي المتواضعة ...
أشكرك على تواجدك و على ردك و تعقيبك و تحليلك للقصة الأكثر من رائع ...
تواجدك أسعدني ...
ويجعلني أطمع بتواجدك في الأجزاء القادمة ...
أكرر شكري لك ...
وان شاء الله الجزء الجديد ينال على اعجابك ...
وعذراًً على التأخير...
دمتي بود...

HOPE LIGHT 02-05-09 06:07 PM

الجزء الثامن عشر ...

أغمضت عينيها لثواني ... وهو لا يزال مسترسل في حديثه ... كانت منتشية ... فرحة ... لقد اختارها هي ... هي ... انه يحبها ... يحبها .... تامر يحبها ... لكن سهم الخيانة صوب ناحية فكرها ... لتتذكر أنها بسعادتها هذه حطمت سعادة أخرى ...
أخذ ينادي باسمها بعد صمت طول صاحبها من على الخط الثاني..:
- هدى ... هدى ... ألازلت معي على الخط ... هدى ...
دبت الحياة على شفتيها ... لتقول :
- ونجوى ...
- ماذا بها نجوى؟
- ماذا سوف يحدث لها؟
تسللت إلى مسمعها تنهيدة طويلة من على الخط الأخر ... تبعه صوته الحائر..:
- لا ينقصها شيء... سوف يصلها حقها وزيادة أيضاً... فلا تقلقي عليها ... المهم الآن هو أنتِ ... هدى كيف حالك ؟ لقد اشتقت لكِ ... ولكريم ...
- نحن بخير ..
- أيمكنني بأن أزرك في المستشفى الآن ؟
- كلا ...
صرخ بأعلى صوته ... فصدمت تملكته ...:
- لماذا ..؟! لقد ...
بترت جملته ... بعد أن تسللت الابتسامة على شفتيها :
- لأنني لم أعد في المستشفى ... أنا في المنزل ...
عادت الحيوية إلى صوته و هو يقول:
- لقد أخفتني ... أنا قادم فوراً

.......................................

ضلت تترقب شيئاً يبدر منها ... يشعرها بأنها حية .... فهي متسمرة مكنها منذ قدمت إليها ... و لم تنبس بحرف واحد أيضاً ...
لم تعرف ماذا تقول ... أو ماذا تفعل ... فالكلمات لا تفيد و لا تدوي هذا الجرح الذي في قلبها ...
_ ( لا بد بأن أفعل شيئاً .. لا بد ... )
مدت يدها ... واحتضنت بها يدها التي تفترش السرير ... وقالت:
- نجوى ... ( خنتها الكلمات ) ...أنا ... أنا ...
ألتفتت ناحية رنا ... أمسكت بيد رنا وأبعدتها عن يدها ... وقالت بصوت لا يهزه ريح المشاعر التي في داخلها :
- لا أريد أحد بأن يواسيني ... أنا بخير ... تامر ... تامر لا شيء بنسبة لي ... صفحة طويتها في حياتي ...
ردت رنا المذهولة مما ترى و تسمع:
- نجوى ....
بترت جملتها قائلة:
- أريد أن أخرج من هنا ؟
زادت تصرفات نجوى من ذهول رنا .. فقالت :
- نجوى ... لا داعي بأن تدعي القوت أمامي ... فأنا ...
عادت لتقاطعها قائلة:
- أنا لا أدعي شيئاً ... أنا حقاً بخير ... و الأول مرة في حياتي .. أنا بخير ... بخير ... أرجوك نادي الطبيب ...فأنا أريد العودة إلى منزلي ....
..........................................

أخذت تحدق به غير مصدقة لما سمعت ...
أما هو فقد ألقى عليها نظرة كلها ثقة و هو يقول:
- أخبريني الآن ما رأيكِ بتصرفات ابنتك ِ؟
طأطأت رأسها لثواني .. تحاول استيعاب ما قاله لها ... ومن ثم رفعت رأسها و في عينيها لمحة من الذهول و هي تقول:
- هذا مستحيل ... مستحيل هند أن تفعل هذا الشيء ..
رسم على شفتيه ابتسامة سخرية لم تلبث أن رحلت عنهما ... وقال:
- قلت لك بأنه دخل منزلي ... و أخذ يضربني ... أنظري إلى هذه الكدمات... انظري ... ( وأخذ يشير إلى خده الأيمن )
ارتبكت ... لم تعلم ماذا تفعل ... أو ماذا تقول... فأخذت تقول بصوت متلعثم :
- ســ.....يد غسا...ن أنا لم ... لم أقل بأنك تكذب ...لا ... فقط أنا أقصد ...بأنه ... بأن هذا الشاب ... يربد تبلى على ابنتي ... أنا أعرف هند .. هند لا تفعل شيء كهذا ...
- كلا يا أم هند ... هي تعرفه .. نظراتها و تصرفاتها ... و حتى كلامها يدل بأنها تعرفه .. تعرفه جيداً أيضاً ... لقد خدعتني ... ابنتكِ سخرت مني ... و شوهت سمعتي ... وجعلتني سخرية للجميع ... ( قلها وعينيه يتقدان شرراً )
- كلا يا سيد غسان ... كلا ... لم يعش من يفعل بك هذا ... اسمع يا سيد غسان ... أنا سوف أكلمها ...وسوف أسألها عن ها الشخص ... فقط أنت ... أنت لا تتعب نفسك ... كل الأمور سوف تكون بخير ...
- يا أم هند .. أنا مستحيل أن أرجع لها .. مستحيل ...
- يا أبو تامر ... لا بد من حل سوى الطلاق ...
أخذ يحدق بها لثواني ... أما هي فقد ظلت تنتظر رداً منه ... يطفأ نار الخوف التي تحرقها ....
أخيراً نطق قائلاً..:
- هناك حل .. لكن ..لكن بشرط ...
......................................

ما إن خرج من المسجد حتى ركض ناحيته ..مندياً له باسمه ...:
- عبد الله ... يا عبد الله ...
ألتفت للخلف ... ليجد عمر مقبلاً ناحيته ... بانت علامات الضيق على قسمات وجهه الذي اكتسى بلحية كثيفة ...
توقف أمامه عمر ... وقبل أن ينبس ... قال عبد الله بنبرة صوت حادة:
- ماذا تريد بي يا عمر؟
- يا عبد الله ... ماذا بك ؟ لماذا أشعر بأنك تكرهني .. لقد كنا من أعز الأصدقاء...
- لقد قلتها كنا ... و هذه صفحة سوداء طويتها منذ زمن من حياتي ...
قوس عمر حاجبيه للأعلى وهو يقول بصوت فيه نبرة تعجب:
- صفحة سوداء !! ماذا تقصد يا عبد الله ...
صوب سبابته ناحية عمر .., قطب حاجبيه الكثيفين وقال بأعلى طبقة من صوته :
- أسمع يا عمر أبتعد عني الأفضل لك ... وأنسى بأنني كونت يوماً صديقك ... فأنا لا أصادق أمثالك ...
أخذ عمر يبحلق به بتعجب ..وعدم تصديق ...
في حين أن عبد الله أولاه ظهره و في نيته المضي بعيداً عن عمر ... لكن يد عمر التي أمسكت بذراعه ردعته ... ألتفت بسرعة ناحية عمر ... و صرخ به قائلاً ... وعينيه تقدحان شرراً:
- أبعد يدك عني...
قال عمر :
- لن أبعدها حتى أفهم ما الذي جرى لك ... ما الذي جعلك تتغير هكذا .. وتحمل كل هذه الكره لي ...
قال متحدياً :
- أتريد أن تعرف.
هز عمر رأسه ... و تلها قائلاً :
- نعم ...
- حسناً ... سوف أخبرك ... أنت الشخص الذي دمر مستقبلي ... أنت الشخص الذي دمر عائلتي ... أنت الشخص الذي دمر حياتي ... ألا يكفيك هذا ... ( قالها بأعلى طبقة من صوتها ... وبحركة سريعة ... أمسك بيد عمر المذهول ... و أبعدها عن ذراعه ... ومضى مبتعداً )
في حين أن عمر ضل واقفاً غير مستوعب للذي سمع ورأى من عبد الله ...

.............................................

كانت مستندة عليها ... وهي تعينها على المشي ... حين لم تعد قادرة على السكوت أكثر من ذلك ... فقالت :
- نجوى ... أنتِ تبدين مرهقة ... دعينا نعود ... أنتِ بحاجة لتبقي بضع أيام أخرى ....
قاطعتها قائلة ... و ألم بادي على تعابير وجهها :
- أنا بخير... قلت لك ِ بأني بخير يا رنا .. لا داعي لن تقلقي ...
- كيف لا تريدين بأن أقلق ... أنظري إلى وجهكِ ... واضح عليكِ الإرهاق...
قاطع حديثهما صوت رجولي عميق ..وهو يقول:
- نجوى ... رنا ... إلى أين أنتما ذاهبتان ؟
رفعت كليهما رأسهما ناحية صاحب الصوت لتجدا عادل يقف أمامهما مباشرة...
قالت نجوى :
- أنا خارجة من هذا المستشفى وذاهبة إلى المنزل.
- ألا يجب أن تبقي فترة أطول في المستشفى ؟!
قالت رنا :
- قل لها عادل ... لقد بح صوتي وأنا أقول لها بأنها لم تشفى تماماً و هي بحاجة للبقاء في المستشفى بضع أيام أخرى ...
صرخت نجوى قائلة وقسمات الضيق تكتسي وجهها :
- أنا أدرى بحالي ... فكفى ... كفى ... وإذا كنتِ لن تذهبي معي إلى المنزل .. فأنا سوف أذهب بنفسي ....
أخذ عادل ورنا يتبادلان النظرات وهم متعجبان من ردت فعل نجوى ...
عم الصمت لبضع ثواني ... ليكسره صوت عادل قائلاً:
- حسناً... حسناً يا نجوى ... لا داعي بأن تتضايقي ... هيا ... أنا سوف أقلكما ... ( ورسم ابتسامة على شفتيه )
قالت رنا :
- لا داعي لكي تتعب نفسك .. الآن سوف تأتي سيارة الأجرة و تأخذنا .
- سيارة أجرة وأنا هنا ... أبدا ً ... هاتي عنكِ هذه الحقيبة ...
مد يده ناحية الحقيبة التي كانت تحملها رنا بيدها الحرة ... لتلامس يده يدها ... و تسري رعشة في سائر جسدها ... وتبعد يدها بدون أن تشعر بعيداً عن مصدر تلك الرعشة ...
لم يلاحظ عادل شيئاً مما جرى ... فقد مضى قدماً إلى ناحية الباب وهو حامل الحقيبة ...

................................

أقبلت ناحية أختها المتسمرة أمام المرآة بلا حراك ... و باغتتها قائلة :
- ماذا بكِ يا هدى؟
فتسري رعشة في جسدها الساكن ... و الغير مهيأ لسماع صوت انسي ....
فعادت لتقول:
- هدى هل أنتِ بخير؟!!!
أخذت تلتقط أنفاسها وهي تقول:
- لقد أرعبتني ...
وقفت أمامها مباشرة ... وحالت بينها و بين المرآة .. وقالت:
- ما الذي جرى لك ِ ... كنت أناديك ِ حتى جف حلقي ... فلم أسمع جواباً منكِ ... فدخلت ووجدتك ِ تنظرين للمرآة ... أهناك شيء حصل لكِ يا هدى ....؟
أخذت نفساً عميقاً ... ومن ثم أعطت أختها ظهرها ... ومضت ناحية سريرها ... وجلس عليه ... دون أن تنبس بأي حرف ...
تبعتها سعاد المستغربة من تصرف أختها ... وقالت بعد أن جلست جوارها على السرير:
- هدى لقد بدأت أخاف .. أهناك شيء تخفينه عني؟
أخذت نفساً عميقاً آخر ... ورسمت ابتسامة مطمأنة على شفتيها حمراوي اللون وقالت وهي تهز رأسها بنفي وتحضن يد أختها بكلى يديها :
- لا تخافي يا سعاد ...
- إذا ماذا جرى لكِ؟
- تامر...
زادت حيرت سعاد ...:
- ماذا به هذا أيضاً؟!
- لقد ... ( ابتلعت ريقها ) ... لقد طلق نجوى ...
فتحت عينيها على مصراعيهما وهي تقول :
- طلقها ... كيف ...ومتى ... وما أدراكِ ؟!!!
- كيف ... ومتى ... لا أعلم ... ما أدرانِ ...هو أخبرني ...
- هدى ... ربما هذه لعبة من ألاعيب تامر...
أخذت تهز رأسها بنفي وهي تقول :
- كلا ... هذه حقيقة ... لقد طلقها .... وقال .... وقال بأنه يريدني أنا وكريم ... لا أعلم ماذا أفعل ... ( سحبت يديها من يد أختها لتحررها و أكملت قائلة وقد أبعدت وعينيها عن عيني أختها ) لا أعلم ... أنا ... أنا أشعر بفرحة عارمة ... في قلبي ( وضعت يدها على قلبها, لكن يدها لم تلبث وأن انهارت ناحية فخذها وهي تقول بأسى ) لكن ... لكن أشعر بأني أنا المذنبة ... بأنه طلقها ... ( رفعت يديها وغطت بهما وجهها وهي مسترسلة بالحديث ) أشعر بأني وسخة ... حقيرة ... مجرمة ... م ...
أمسكت سعاد بكلى يدي هدى وأبعدتهما من وجهها .. لتكشف عن وجهها ... وقاطعتها قائلة :
- أنتِ لست كذلك ... هذا حقكِ ... لقد ضحيتي بالكثير من أجله ... ومن ثم أنتِ لم تطلبي منه بأن يطلقها ... هو المذنب و لست أنتِ ... يا هدى أنتِ تستحقين هذه السعادة ... تستحقينها ... فلا تفسديها بشعوركِ بذنب .... ( وخطت ابتسامة على شفتيها )
لترسم هدى هي الأخرى ابتسامة ... وتحيط أختها بكلى يديها ... و تضمها إلى صدرها ...

..............................................

- إلى أين أنت ذاهب يا عادل ؟!!
تعجب عادل من سؤالها فقال:
- إلى منزل عمي ...
فردت عليه قائلة:
- أنا قلت لك بأن تذهب بي إلى منزلي .. وليس إلى منزل عمي ....
زادت حيرة عادل ورنا من الطلاسم التي تنطق بها نجوى , فقال عادل:
- أليس بيت عمي هو بيتكِ؟!!
- كلا ... لم يعد بيتي منذ اليوم ...
قالت رنا :
- نجوى أرجوكِ ... لا...
ألتفتت ناحيتها نجوى على الفور ... و بعينين حادتين قالت:
- رنا لا أريد النقاش في هذا الموضوع ...
ومن ثم ألتفتت ناحية عادل ..وقالت:
- عادل خذي إلى بيت أبي ... فهذا هو منزلي .
- حسناً كما تشائين يا نجوى ... كما تشائين ...
..............................................

أخذت تحدق إليها بعينيها التين تكادان تخرجان من محجريهما .... وقالت بنبرة صوت بالكاد تسمع:
- ما الذي قلته يا أمي ؟!!
- لقد قلت يا هند بأن غسان مستعد بأن يرجعكِ إلى ذمته بشرط أن لا تخرجي من المنزل نهائياً .. ألا معه ...
قامت هند المذهولة من مقعدها وقالت :
- أأنت ِ مدركة لما تقولين يا أمي ... ؟
قامت هي الأخرى من مقعدها واقتربت من هند وقالت:
- يا ابنتي ... يا حبيبتي ... أنها مسألة وقت لا غير ...
صرخت هند بأعلى صوتها قائلة :
- أمي أنه يريد أن أعيش في سجن ...
مدت يها وأحاطت بيد هند اليمنى بها وقالت بهدوء :
- يا هند ... كما قلت لكِ هي مسألة وقت ... هو غاضب الآن .. عندما يهدأ بتأكيد سوف يلغي هذا الشرط ... ومن ثم أنتِ بطريقتكِ يمكنكِ بان تغيري رأيه... المهم الآن بأن تطيعيه حتى تعودا لبعضكم البعض...
بسرعة البرق سحبت يدها من يد أمها ... وقطبت حاجبيها ... و صرخت بها قائلة:
- ومن قال لكِ بأني أريد أن أعود له ... أنا لا أريده ... لا أريده يا أمي .. ألا تفهمين ...
هنا فقدت أعصابها ... وردت على صراخها بصراخ ... وقالت ... و الغضب في عينيها يشتعل:
- أنتِ التي يجب أن تفهمي .. نحن بدون غسان لا شيء. .. بدون رجل لا شيء... أعمامكِ لن يرحمونا ... لن يدعونا بحالنا ... سوف يتحكمون بنا ... و ينهبونا ... بوجود غسان لم يجرأ أحدهم على الحديث ... و لا التدخل بحياتنا ... بدون رجل نحن سوف نضيع تحت براثم هذا العالم القاصي الذي لا يرحم ... ففهم أنتِ ... وفكري جيداً قبل أن تندمي ... فكري جيداً ...
واندفعت ناحية الباب ... الذي دوى صوته وهو يغلق بقوة في أرجاء الغرفة ... أما هند فقد ظلت واقفة ... ضائعة ... لا تعلم ما الذي يجب أن تفعله .. رغم أن خياراتها محدودة ...
فتمردت دمعة من مقلتيها و رأت النور من جديد ...
...........................................

ما أن دخلت حتى توجهت على الفور ناحية غرفتها التي هجرتها منذ 10 سنوات ... غير آبهة لشخصين الذين يرافقانها ... فهي لم تعد قادرة على التحصن بالجلد أكثر من ذلك ... فهي تكاد تنفجر ... تنفجر ...
اندفعت رنا هي الأخرى ورائها ... إلا أن يد عادل التي أحاطت بيدها استوقفتها لتعود تلك الرعشة تسري في جسدها من جديد ... لكن هذه المرة أشد من سابقتها ... ألتفتت ناحية تلك اليد القوية التي تحيط بذراعها ... وتتبعتها ... حتى وصلت إلى وجه صاحبها ... الذي ما إن وقعت عيني رنا المفتحتان على مصراعيهما بعينيه ... حتى أدرك فعلته ... فسحب يده على الفر ... وطأطأ رأسه ... وأخذ يبتلع ريقه .. قبل أن يقول...:
- أنا آسف لأنني ... أمسكت بذراعكِ... لم أقصد حقاً...
هي الأخرى أنزلت رأسها وقالت بصوت أقرب منه إلى الهمس :
- لا بأس ... لم يحصل شيء...
- رنا .... ما الذي جرى لنجوى ...؟!!
ارتبكت ... ولم تعرف ماذا تقول :
- في الحقيقة ... لا .. لا أعلم ماذا أقول لك...
- قلِ الحقيقة ...
بعد أن ابتلعت ريقها بصعوبة .. قالت :
- تامر... تامر طلق نجوى ...
رفع رأسه بسرعة ... وصرخ بأعلى صوته بدون أن يشعر :
- مــــــــــــــــــــــــــاذا ؟!!!!
...........................................

أخذ يفتح عينيه المتثاقلتان بصعوبة ... وأخذت الأضواء تهجم على عينيه ... لتصعب عليه عملية الرؤية ... التي لم تلبث حتى اتضحت له ... تسلل إلى مسمعه صوت أحده وهو يقول :
- الحمد لله على سلامتك يا خليل .
ألتفتت ناحية يمينه ... ليجدها جالسة بقربه و مغلفة يده بكلى يديها ... و ابتسامة عريضة مرسومة على شفتيها ...
قال بعد جهد جهيد لإخراج الكلمات من حنجرته :
- أين ... أنا ؟
- في المستشفى ... لقد تعرضت لحدث ... ألا تذكر ....؟
- آآآآآآآآآآآآآآه ...نعم ....
- كيف تشعر؟
- أنا عطشان ... أيوجد ماء؟
- نعم ...نعم ...
تناولت أبريق الماء الذي على يمينها ... وملأت الكأس بالماء ...
- تفضل حبيبي ...
تناول الكأس وأخذ يشرب ...
ومن ثم أعاده لها ...
مسح على شفتيه بيده السليمة ... ومن ثم قال :
- حنان ... أنا ....أنا ...
وضعت أصبعها على شفتيه ... وقالت:
- أنت يجب أن تنام الآن لتستجمع قواك .... وتعود إلى منزلك الذي ينتظرك ...
وخطت تلك الابتسامة المهزوزة بمشاعر الحزن التي تختلجها ...
أخذ يحدق بها ... وهي كذلك .... لبضع ثواني ... ومن ثم أمسك بيدها ... وأبعدها عن شفتيه ... وقال ...:
- حسنا ً .. حسناً ...
وأغمض عينيه ... وهي لا تزال تحدق به ... وفي داخلها تتألم ... وتتعذب ... وهي ترى من أحبت يبتعد عنها .. شيئاً فشيئاً ...

.........................................

دخل سيارته بكل هدوء .. .. أغلق الباب بروية .... أمسك بكلى يديه مقود السيارة .... أخذ يحدق في المقود بعينيه المتسعتان ... أخذت قبضة يديه تشتد على المقود .... وبدأت ترتعش يديه .... وأنفاسه تتسارع ... أنحنى برأسه إلى الخلف ... ليلامس الكرسي ... ومن ثم أغمض عينيه ... ويقول بصوت خافت:
- لماذا ... لماذا ... لمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟
لتدوي صرخته... ودفع بكلى يديه ناحية وجهه ... ويهوي بهما ناحية زمور السيارة ... الذي تعلى صوته في أرجاء المكان... ويعاود ليصرخ بأعلى صوته ...
- لماذا الآن ... لماذا الآن يا تامر ... لماذا تركتها الآن ... لمــــــــــــــــــــــــاذاااااااااااااااااااااااااااااااا ااا؟

يتبع.....


الساعة الآن 05:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية