![]() |
وابتعدت عنه . اذ بدا لها للحظة وكانه سيمسك ذراعها , وهى لا ترد ان يمسها ابدا0 لم تكن السيدة بانكس فى احسن حالاتها فى تحضير الفطور . لعل ذلك بسبب عودة صاحب البيت , فربما هى مهتمة باعداد فطور خاص له ليتناوله فى غرفته . وتساءلت فانيسا عن المكان الذى كان فيه جدها . من المحتمل انه كان مسافرا . انها لا تعرف طبيعة الاعمال التى يقوم بها , خاصة ان اباها تكتم جدا فى هذه الناحية 0 -هل انت قادرة على تقسيم قطعة الجبنة ؟ فاجاها سؤاله : ماذا ؟ آه , اجل استطيع تدبر امرى 0 وقالت فى سرها : وكاننى ساسمح لك بان تقوم بالمهمة عنى . وتساءلت عما سيحدث فى عطلة نهاية الاسبوع , هل سيطلب منها العمل خلالها ؟ من الممكن ان تقبل العمل صباح السبت , اما بعد الظهر ويوم الاحد فلا . قررت الخروج فى سيارتها الى نزهة غير بعيدة , بعد ذلك ستقرا , ثم تكتب رسائل الى الاصدقاء او تكتفى بمشاهدة التلفزيون فى غرفتها ... على الاقل ستكون هناك فى مامن من ايحاءات كال ونظراته الباردة المتحدية 0 رفعت عينيها فجاة فوجدته يحدق فيها ، وتشابكت نظراتهما للحظة فى حوار صامت غريب . حبست فانيسا انفاسها . ما هو المعنى الذى تحمله نظراته ؟ هناك شئ لا تستطيع فهمه . لم يكن العداء الذى عهدته منه , وحتى لو كان كذلك فانه عداء خفى ... والى جانبه تعبير لم تتعوده من قبل , اذ لم يكن هناك ذلك الاعجاب الواضح الذى يظهر في نظرات معظم الرجال . اعادت نظرها الى صحن الجبنة وتشاغلت بالاكل . ستريه انه لا يستطيع ازعاجها 0 قالت له : ساباشر العمل فى المكتبة بعد الفطور 0 ونظرت اليه مباشرة بعد ان استعادت رباطة جاشها 0 -ممتاز . واعتقد ان لورى سيكون هناك للمساعدة . على فكرة كيف تسير امور العمل ؟ -على ما يرام . وهو يساعدنى كثيرا , لقد اكتشفت ان ترتيب الكتب امر مثير للاهتمام اكثر مما كنت اتصور 0 وقطعت جملتها . لماذا تزعج نفسها باخباره عن العمل ؟ ابتسم وكانه يشجعها على المضى فى حديثها : اذن انت مستمتعة فى عملك ؟ انه قادر على استفزازها بمجرد كلمة يقولها او تعبير يظهره ... والاسوا من ذلك انه يعى قدرته تلك . وقد ادركت فانيسا انه تعمد الاستفزاز الجديد 0 -ولماذا لا ؟ فالكتب مثيرة للاهتمام . وتابعت ببرود : ام انك لا تجدها مهمة فعلا ؟ هز راسه موافقا :انا مهتم جدا , خاصة بالكتب التى تتحدث عن الدول الاجنبية .. والتى ستجدين عددا كبيرا منها فى المكتبة 0 اجابته وقد نسيت استفزازه السابق : لقد فرزت عددا منها من بين الكتب التى احصيتها حتى الان 0 |
وفكرت فى نفسها انه يبدو جذابا جدا فى بعض الاحيان . وتابعت: احد هذه الكتب قديم جدا وبحالة سيئة للغاية 0 -ان بعض الكتب قديمة ومغطاة بالغبار . لذلك اقترح عليك ان تبقى الضمادة الى ما بعد انتهاء العمل ثم تغيريها مساء 0 نظرت الى يدها وقد اعجبها الاقتراح . قالت : سافعل ذلك 0 -ولا تحاولى ان تحملى الكتب بيدك المصابة , ليس خلال اليومين المقبلين فى اى حال 0 -لن افعل . اريد ان اسال : هل تعرف ما هى ساعات عملى غدا باعتبار انه السبت ؟ -لا . على كل ستتفاهمين مع السيد ماكلين حول ذلك ، فهو ليس من اختصاصى . لكننى لا اعتقد انه سيصر اذا ما اردت الراحة غدا . هل هناك مكان محدد تريدين زيارته ؟ نظرت اليه : تقصد زيارة احد ما ؟ لا , فانا لا اعرف احدا هنا . لربما خرجت فى نزهة لاستكشاف الريف الاسكتلندى ... وهذا كل شئ 0 رفع احد حاجبيه وهو يقول : وحدك ؟ حتى بعد الذى تعرضت له مؤخرا ؟ -لا اعتقد اننى سالتقي الشابين مجددا , على الاقل ليس فى الجوار 0 واعترف قائلا : معك حق , فلم يحصل ان حدثت مثل هذه الامور فى المنطقة . لكن من الممكن ان تضيعى فى الريف الواسع ! ابتسمت وهى تقول :هل لديكم خريطة ؟ صدق او لا تصدق , لقد جئت من لندن الى هنا مستعينة بالخريطة فقط . والواقع اننى خبيرة فى قراءة الخرائط واشارات السير 0 وابقت الابتسامة على شفتيها لكى تشعره بانها لا مبالية 0 ضحك كال عاليا :انا متاكد من خبرتك 0 ثم رفع وعاء القهوة وسالها: مزيد من القهوة ؟ -نعم 0 وراقبته وهو يسكب القهوة ثم يضيف الحليب . وفجاة انفتح الباب ودخل رجل فى الستينات من العمر , طويل القامة واشيب الشعر 0 لم تكن فانيسا بحاجة لمن يخبرها بان هذا الرجل هو جدها 0 انتهى الفصل الرابع |
5- المواجهة الاولى 0 خشيت فانيسا ان تظهر على وجهها اثار الصدمة التى اصابتها , فى حين وقف الرجل عند الباب بثوان معدودة . احست بانها ترى والدها مرة اخرى لكنه اكبر عدة سنوات . كل شئ بدا لها مالوفا : الطريقة التى يقف ويمشى فيها , الوجه النحيف ذو التقاطيع الحادة , والعينان الزرقاوان النافذتان تحت حاجبين كثيفين . واخيرا تكلم : ها انتما هنا معا 0 وحتى صوته بدا مالوفا بحيث شعرت برغبة فى القفز اليه واخباره عن شخصيتها ... لكنها تمالكت اعصابها ، فقد كان كال يراقبها , ثم استدار الى الرجل القادم ووقف له 0 سار اندرو ماكلين باتجاههما: صباح الخير يا كال 0 ثم حول نظراته الحادة الى فانيسا وقال: صباح الخير يا انسة كولينز 0 اضطرت فانيسا الى مصافحته عندما استدار نحو الطاولة ، فاعتذرت له لانها استعملت يدها اليسرى ... وكانت ساقاها ترتجفان0 -هل تريد فنجانا من القهوة يا سيد ماكلين ؟ ساله كال وهو يسحب له الكرسى حول المائدة 0 -طبعا . لقد شربت فنجانا فى غرفتى ولكن لن امانع من فنجان اخر 0 استدار نحو كال الذى انشغل بسكب فنجان القهوة , ثم التفت نحو فانيسا مرة اخرى0 -اعتذر لاننى لم اكن هنا لاستقبالك . واتمنى ان يكون كال قد قام بالواجب . هل جال بك فى البيت ؟ -اجل , شكرا لك . كنا نتحدث عن اهمية الكتب الموجودة فى المكتبة 0 -اذن انت تجدينها ملفتة للنظر ؟ هذا جيد لاننى اؤمن دائما بانه من الافضل للانسان ان يعمل فى المجال الذى يحبه . هل واجهتك اية مشاكل ؟ -كلا يا سيد ماكلين 0 كان عليها ان تنطق اسمه - او بالاحرى اسمها - فى وقت ما . وكلما بكرت كلما كان الافضل . وعندما فعلت لم تجد الامر صعبا كما كانت تتخوف 0 -لكن حادثا مؤسفا وقع ليدك ! انا متاسف لذلك 0 كان الاهتمام الحقيقى واضحا فى صوته 0 -كانت غلطتى فى الاساس . وانا متاكدة من انها ستتحسن خلال ايام قليلة ... والحادث لن يؤثر على استمرار العمل 0 اعتقدت فى البدء انها تستطيع التحدث اليه بشكل طبيعى ، لكنها استطاعت . وكانت ستجد الامور اكثر سهولة لو ان كال غير موجود , هذا الرجل غير المتوقع الذى خلق لديها شعورا بالذنب وعدم الارتياح والذى يبدو انه يستمتع بذلك 0 وهنا تدخل كال : لورى يساعد الانسة كولينز الان 0 -حقا ؟ اعطاها جدها ابتسامة خفيفة وقال : يظهر اننى اسات فهمه , لقد رفض فى البدء باعتبار انه مشغول جدا 0 -لعله اكتشف انه يستطيع تدبر امره فى اى حال 0 ولم يكن فى صوت كال اى معنى , لكن فانيسا فهمت مقصده وتمنت لو انه يغادر الغرفة . والان ، بعد ان زالت صدمة رؤية جدها لاول مرة , وجدت نفسها تراقبه فى محاولة لتبين ملامحه بعيدا عن اية مشاعر شخصية , كما لو انه غريب تماما . فهذا ما يجب ان تفعله اذا ارادت ان لا تنكشف قبل ان يحين الموعد الذى لم تحدده بعد 0 اكتفت فانيسا باحتساء قهوتها بينما كان اندرو ماكلين يسال كال عن احوال البيت وعن الضيفتين اللتين زارتاه امس 0 رد كال : لقد انزعجتا قليلا لانك لم تكن هنا ، لكننى حاولت جهدى ان اهتم بهما 0 التفت الى فانيسا مبتسما , فردت عليه بنظرة باردة 0 -ساتصل بهما هاتفيا فى وقت لاحق . لم يكن بالامكان الحضور امس , فالرحلات من باريس محجوزة كلها 0 ابتلع اخر رشفة من قهوته ووقف قائلا : يجب ان اذهب لاداء بعض الاشغال . اراك فيما بعد يا انسة كولينز0 |
وغادر الغرفة مثل جندي طويل يسير ثابت الخطى . خيم الصمت بعده للحظات , ثم نهضت فانيسا : يجب ان ابدا العمل 0 وفجاة خطر على بالها خاطر . التفتت الى كال وسالته : ماذا عن الغداء ؟ نهض ببطء وهو يقول : الغداء ؟ ماذا تقصدين ؟ كانت تود ان تقول له : انت تعرف تماما ما اقصد , لكنك تجد متعة فى لخبطة الامور بالنسبة لى 0 لكنها قالت : اقصد اين ساتناول الغداء , فى غرفتى ؟ رفع حاجبيه ببطء : هنا مثلما فعلت امس 0 تنفست فانيسا بعمق وهدوء : لقد عاد السيد ماكلين الان . كان لطفا منك ان تدعونى الى غرفة الطعام اول مرة ، لكننى مجرد موظفة فى هذا البيت واتوقع ان …. -موظفة ؟ يا لها من طريقة رائعة للتعبير عن الذات ! صحيح انك موظفة , لكن هل تعتقدين ان ذلك يعنى دعوتك الى المطبخ لتناول الطعام فى احدى زواياه ؟ احست بان دمها يغلى وهى تكبح جماح غضبها . يا له من رجل مكابر عنيد0 -انا متاكدة انك تعرف ما قصدت . انت ضيف هنا , ولا اعتقد انك تقدر موقفى 0 -الا اقدره فعلا ؟ وضاقت حدقتاه بغضب وهو يضيف: ستفاجاين اذا عرفت ان السيد ماكلين سيندهش , بل سيغضب , اذا ما اقترحت تناول طعامك فى اى مكان اخر 0 ولم يعد فى يدها حيلة . كيف يمكن ان تخبر رجلا كهذا بانها لا تريد ان تاكل معه لانه يخيفها ؟ انها لا تستطيع , وعليها قبول الواقع . وبدون ان تتفوه بكلمة استدارت خارجة من الغرفة . وقبل ان تصل الى الباب كان هو هناك اولا , وقال لها:اسمحى لى ان افتح لك الباب 0 -شكرا لك 0 وخرجت بسرعة بدون ان تنتظر لترى ما اذا كان يلحقها , قاصدة المكتبة لتبدا العمل . فهناك , وهناك فقط , ستجد نفسها قادرة على التفكير فى الرجل الذى التقته لاول مرة اليوم , الرجل الذى هو جدها ولكنه لا يعرف ذلك 0 اغلقت الباب وراءها ورمت الحقيبة على احد المقاعد . ارتدت الرداء الواقى وتساءلت عما اذا كان لورى سياتى لمساعدتها , ومتى ؟ احست ان الحادث الذى جرى بينهما اصبح من الماضى , مع انه وقع بالامس فقط 0 وكم تتمنى الان لو انه لم يحدث ابدا ! لقد عمل بنشاط وقدم مساعدة قيمة , لكنها بغنى عن اية اشكالات جديدة قد تزيد فى اضطرابها الداخلى . ولذلك قررت ان تقمع على الفوراية محاولة جديدة منه , اذ تكفيها المشاكل مع كال وظهور جدها المفاجئ ... كانت منهمكة فى العمل عندما قرع لورى الباب ودخل , حيته بابتسامة صداقة وقالت : صباح الخير يا لورى 0 -صباح الخير 0 ركز نظره على يدها المصابة وقال : كيف حالك اليوم ؟ -افضل قليلا , شكرا لك 0 |
لكنهاعادت وتساءلت : كيف عرفت ؟ -اذا قضيت وقتا طويلا هنا فستكتشفين ان الاخبار تنتقل بسرعة فى البيت . على كل , الطاووس يفزع كل الناس . المهم ان تكونى حذرة فيما يتعلق بيدك , وانا ساقوم بكل ما يلزم 0 -شكرا لك . يجب ان نعمل اولا على الكتب التى انزلتها , اذ انني كنت بطيئة بالامس 0 من الافضل لها ان تركز الحديث على العمل والكتب . ووجدت فانيسا الفرصة لتكتشف الجانب الاخر من لورى الغارق فى غبار العمل . انه يحب الكتب فعلا , كما انه يجهد للتصرف بشكل طبيعى وكانه احس مزاجها المتعكر اليوم 0 مضى قبل الظهر بسرعة , بحيث فوجئت فانيسا عندما فتح الباب ودخل جدها المكتبة . وعندما شاهده لورى توجه للسلام عليه 0 -صباح الخير يا سيد ماكلين . ان شاء الله كانت رحلتك موفقة ؟ -اجل , وشكرا يا لورى . يظهر انك مشغول ايضا . هل تعرف كم الوقت الان ؟ واندهشت فانيسا عندما عرفت ان الساعة تجاوزت الواحدة , وعليها ان تغتسل بعد . نهضت عن الارض وهى تقول : انا اسفة , لقد استغرقنا فى العمل 0 -اعرف ذلك , لكن يجب ان تاكلى يا ابنتى . فهيا بنا . الكتب ستظل هنا عندما تعودين ! وانتظر على الباب حتى خرجا 0 حمل لورى سترته ووقف ينتظر خروج فانيسا لكن كم الرداء الواقى علق بالضمادة , بحيث اضطر لورى الى مساعدتها 0 -شكرا لك 0 وادركت فانسيا ان شيئا مما دار لم يفت جدها . قطعت المسافة الى غرفتها ركضا ثم غسلت وجهها وفكت الضمادة عن يدها وعادت مسرعة الى غرفة الطعام لتجد ان الرجلين على وشك الانتهاء من الحساء 0 -انا اسفة 0 لكن اندرو ماكلين قاطعها باشارة من يده وقال : لا ضرورة للاعتذار . من الجميل ان نجد انسانا يحب عمله الى الحد الذى ينسى معه الوقت . ثم نظر الى كال وقال : ما رايك انت ؟ -طبعا .. طبعا 0 كانت عيناه ترقبان فانيسا وكانهما تسخران منها . ثم اضاف فجاة: هل عملت من قبل فى مثل هذا المجال ؟ -كلا 0 لقد رددت القصة المختلقة فى ذاكرتها لاكثر من اسبوع , والان سترى ان كانت ستبدو معقولة فى نظر الاخرين . يجب ان لا تظهر شعورها بالقلق 0 |
الساعة الآن 07:57 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
شبكة ليلاس الثقافية