رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
بسم الله الرحمن الرحيم توكلتُ على الله ، فَقدُ ذّات أصبحت لُغَتَه الألمانية جَيّـدة..من السهل عليه الآن أن يُحادث بائع الخضروات وأن يستفسر من موظف المكتبة عن أحد الكتب التي يحتاجها للدراسة.. كانت الساعة تُشير إلى الثامنة و جليد ! ابتسم بخفة و عيناه تتركان الصفحة ثلاثة و عشرون من الكتاب إلى النافذة يساره..قبل ساعتان كانت ملامح المنطقة واضحة و جليّة..لكن الآن معطف قطني أبيض يغشاها بأكملها مُخفياً لون الأرض الرمادية و هياكل السيارات المتوقفة على جانب الطريق..، حَنيـنٌ داعب أهداب عينيه الواقفتين على ناصية وطنه و هو يتذكر طلب أخته المُضحِك "،:ابي تحمل لي ثلج وتجيبه وياك اذا رجعت،ترى بزعل اذا حقرتني و ماجبت" تلك الشَقِيَّة اشتاق لها قلبه العائش على الصور و المُكالمات التي لا تُشبِع رغبة شوقه..مرَّ على رؤيَتَهُ لها ولأهله ستة أشهر..و لا يستطيع أن يذهب لهم في العُطَل،يُريد أن يُكمِل دراسة اللغة سريعاً ليتفرغ لهم بعد ذلك.. و قبل موعد سفره سَيُفَكِر كيف سيحمل الثلج إلى شقيقته ! Hallo استدار للصوت و للكلمة الألمانية الأولى التي تعلَّمها..وقعت أنظاره على شاب يبدو في مثل عُمرِه..قصيـر نسبياً ذو بشرة قمحية بإحمرار أعطاه طابعاً طفولياً..شعر ذهبـي قصيـر لا يُغَطي أذنيه القابع في إحداهما قرط على شكل حلقة صغيرة..يرتدي سترة بيضاء من فوقها معطف جلدي و سلاسل فضية بأحجام مختلفة تتدلى من عُنُقِه إلى صدره المكشوف أعلاه.. أعاد ظهره للخلف مُستنداً إلى الكرسي و بهدوء ردَّ التحية ،:مرحباً أشار الشاب بإصبعه إلى الكرسي أمامه مُستأذِناً الجلوس..هزَّ هو رأسه،:تفضل جَلسَ و قابله بإبتسامة واســعة استنبط فيها شيءٌ من الغبــاء ! تحمحم يُخفي ضحكة باغتت حلقه وهو يُغَيِر من وضعية جلوسه ليستند بذارعه اليُمنى على الطاولة الخشبية مُتَقدماً بظهره..و بتساؤل ،:هل تعرفني ؟ ضحك ذاك مُحَرِكاً رأسه بالنفي،:لاا لا اعرفك.."استراح في جلسته و أردف" لكن أردت منك بعض المساعدة..بالطبع ان كنت تستطيع عَقَّدَ حاجبيه باستغراب..أيُّ مساعدة يحتاج منه هذا الشاب الغريب..لا يعتقد أن بقدرته تقديم مساعدة له وهو ابن البلد ! لكنه ردَّ مواصلاً معه ليعرف ماهو نوع المساعدة ،:بالطبع..ان كنتُ استطيع رَفعَ ظهره واعتدل في جلسته..قرَّب جسده للطاولة وشبك أصابع كفيه..ضمَّ شفتيه للحظة قبل أن يقول ،:لاحظت أنك تترد على المكتبة منذُ أكثر من شهر..و رأيت أنك تقرأ العديد من الكتب..على الرغم أنهُ يبدو من خلال قراءتك للكتب الخاصة باللغة الألمانية أنك جديدٌ عليها و صَمَت ابتسم بخفة ليقول حاثاً إياه على الإكمال،:حــسنـاً ؟! ابتسم لهُ و أكمل،:والدي يُحِب القراءة،بل يعشقها..وأنا كما هو واضح لست ممن يستمتع عند قراءته لكتاب.."تنهد ليُردِف" لذلك أردت منك أن تُحببني في القراءة..بأي طريقة..فوالدي لن يهدأ إلا وإن رأى كتاباً في يدي "ابتسم بسعة" هذا كُلَّ شيء كان ينظر للشاب بحاجبين ارتفعا تَعجُباً من هذا الطلب الشبيه بصاحبه..،لم يتوقع أن تكون هذه المساعدة ! بالمناسبة..،هل هناك طريقة تُحَبب المرء في القراءة ؟ أليس الأمر فطرياً ؟! أو أن اعتقاده خطأ ؟! انتبه لصوته ،:أنت تفهمني صحيح ؟ هزَّ رأسه،:نعم أفهمك لكـن "بلَّلَ شفتيه قبل أن يُكمل" لكن لماذا تطلب مني أنا ؟ بصـدق قال،:لأن شخصاً مثلك على الرغم من أنها لغة جديدة وغريبة عليه إلا انه لم يجعلها مشكلة بالنسبة له..فأنت تقرأ كُتب في شتى المجالات،فأنا اشعر ان شغفك الواضح بالقراءة سوف يساعدني ضحك بخفة،:يبدو أنك راقبتني جيداً ؟ رفع حاجبه،:بالطبع،لم اطلب منك المساعدة الا بعد أن تأكدت من جاهزيتك تساءل،:بما انك لا تحب القراءة..لماذا انت هنا ؟ مدَّ شفتيه بضيق وهو يقول،:مُهِمة قسرية بعدم تأكد تساءل،:تقصد بالقوة ؟ هزَّ رأسه بالإيجاب،:نعم..فوالدي خصص ساعة كل يوم لأقضيها في المكتبة.. حرَّكَ رأسه بخفة،:هذا من دواعي سروري يا و قبل أن ينطق الشاب قاطع حديثهما صوت أمينة المكتبة وهي تهمس بحدة ،:أيها الشابان،اخفضا صوتكما قليلا أو اخرجا للشارع..انها مكتبة هزَّ رأسه باعتذار،:عُذراً سيدتي رمقتهما بنظرة ضائقة و ابتعدت..عضَّ على شفته السُفلى وهو ينظر للشاب بطرف عينه..انتبه لهُ يمدُّ يده..نظر لها ثُمَّ رفع عينيه لوجهه المُبتسم منذ قدومه..ردَّ الإبتسامة و يده امتدت تُصافحه..يده السمراء تناقضت مع يده الفاتحة..سمع همسه ،:اسمي هــاينز،و أنت ؟ ابتسم لهُ و فخر عانق عينيه قبل أن ينطق بإسمه الغريب على مسامع هاينز ،:مُحَـــمَّد ’ الجزء الثامن ،: مثل لون الخَمر لكن حــلال ضغطت على رأسها بأصابعها المُتَألمة الأطراف من فرط ضغطها المُستمر منذ ساعتان..عانق الهَمْس مسامعها بإكراه حتى سبب وَجعاً لا يُطاق في رأسها..مثل شريـط احتفظ بهذه الجملة فقط،يُعاد مراراً لِيَنحَر أنفاسها المُنتظمة قُبَيل احتلال الذكرى همست بتعب يستنجد و رأسها يميل بإعياء على الوسادة،:ياربــي الصوت لم يصمت،يزداد ضجيجه في قلبها الذي تكاد حُجَراته أن تنفصل و تتبدد قوتها،نبضة غَدَّارة التوت بلؤم شلَّتهُ لثوانٍ كانت كفيلة بأن تَهدُم بُنيان خمس سنوات..،رفعت ذراعها بوَهن، استكانت صفحة كَفَها على بطنها المُسَطَّح..حرّكتها بخفة..تُبعثر غُبار الزمن عن كتابها الأسود الذي أغلقته بعد أن اختتمتهُ بتوقيع كان حِبرُهُ دماً... أيُعاد الجُرح مرَّتين ؟! تنتهي صلاحية وَجَعُه بعد أن يَجرَع إكسير الروح و يُفنيها فوق أرضٍ ابتلعت تُرابها شفقةً لهذه الروح المُحَطمة،لتوسدها قبراً انجلت عنهُ شمس فجرٍ جديد..يصبح الظلام اللغة و الكلمات ريحٌ صرصر تلتف على الأعناق حبلاً من جليد يقطع بقايا عُروق لم يُكمَل مسير دمائها.. و بعـد أن يُعثَر على الضوء،و يجيئ الرَبيع مُلَوِحاً ببتلاته،فارشاً فُستانه الأحضر مُشَيِعاً تابوت الحُزن على أمطار عينٍ مُوَدِعة.. لا تلبث الزهرة أن تتعرى تحت أشعة الشمس الدافئة إلا جاء صيفٌ حــارق يَبصُق حُمَماً تُذيب الجليد المُتَكَتل على جسدها..يُلغي خدمة غُرَزِهَا و يبدأ باستقبال سيل الدماء و الرقص بقسوة على جراحها العارية.. سقطت من عينيها دمعة،شقت طريقها حتى وسادتها التي تشربتها بِرَحَابة..مسحتها بقوَّة و هي ترفع جسدها عن السرير..لن تستلقي كمسكينة هُضِمَ حقها..لن تستسلم لدوامة الذكريات..اكتفت أوجاع..نهضت مُتوجهة إلى دورة المياه..فتحت الماء تملأ حوض الإستحمام،ولَيتَ الروح تُملأ بعد تَسَرُّب جَفَّفَ بَحرَها..خَلعت ملابسها وألقتهم بإهمال في سلة الملابس المُتَسِخة..ففي باطن عقلها ملابسها قد اتسخت من استفراغ ذاكرتها المُقرِف..، استرخى جسدها..أخفت رغوة سائل الإستحمام الكثيفة جِرحَ فخذها..أسندت رأسها للخلف و يُمناها ارتفعت تتكئ برأسها عليها..أغمضت عيناها ببطئ ونفس عميق تَجَرَّعَتهُ رِأتيها..لا بُدَّ أن تبتر يد الماضي الطويـلة قبل أن تسرق ما نَمى من فَرَحٍ في قلبها..! طَرقات على الباب أيقظتها من محاولتها،فتحت عينيها بكسـل و عُقدة خفيفة بين حاجبيها..سَمعت صوت والدتها ،:جنـان بتتأخرين؟ رفعت ظهرها قليلاً و هي تُجيب ببحة،:اللحين طالعة ماما اغتسلت بسرعة عن الصابون،لم يُسعِفها الوقت لتغسل شعرها الذي ظلَّ مرفوع دون أن يُصيبه الماء..ارتدت رداء الإستحمام و خرجت لتُقابل والدتها تقف وسط غُرفتها بتشابك كفين أوجسها.، تساءلت وهي تَشد الرداء على جسدها،:شصاير ماما؟ تنهـيدة فَرّت من صدرِ أمٍ تراكم البؤس على قلبها..تقطع طُرقاً غير مُعّبَدة،تنجرح بصخور يُلقيها عقلها الضائـع عند قدميها،بتَيه تمشي و ذراعاها تتخبطان تُريدان ان تهتديان للحقيقة بعد أن غاب النور عن مُقلتيها...،جلست على السرير بظهر انحنى من حملٍ وَرَثَته إكراهاً عن ابنها الأكبر، ضغطت على كفيها تُصَبِر علَّة التوتر.. هي جلست بالقرب من والدتها،و يدها امتدت تحتضن كفيها..غصَّة باغتت قلبها و كفيها ترتعشان بين يدها مثل طَير انقطح جناحه أثناء بحثِه عن لُقمة تَسد جوع روحه.. ،:ماما حبيبتي شنو فيش ؟ استدارت لها و خطوط انتظار على وجهها أضناها السَهر حتى اشتدت خوفاً،:اخـوش قال بس أربعة أيام و بيرجع من السفر..اللحين صار له اسبوع .. و من سافر ما اتصل سحابة الجليـد التي تمنَّت أن تستشعر سقوطها قبل زمن جاءت لها و ألقت حمولتها حتى تأكدت من تَجَمُّد أقسى عِرق في قلبها لتهمس بسُخرية لاذعة أحرقتها قبل أن تحرق والدتها ،:يمكن اختفى مرة ثانية انتفضت بذُعر و هي تُنفِر يدها بعيداً عنها..عيناها احتوت دمعاً عقد صفقته معها لثلاثة عشرَ عاماً..ضرب على صدره و أقسم أن لا يَترُك ليلاً إلا و هو سارقٌ من عينيها الوَسَن..بتَهَجد همست ،:الله لا يقوله عشان اموت مرة وحدة احتضنت كتفيها بذراعها،:مامااا ليش هالكلام اسم الله عليش بعد عمرٍ طويل بتأنيب،:انتِ ما سمعتين شقاعدة تقولين ؟ قبَّلت كتفها،:آسفة ما كان قصدي رفعت يدها تمسح خيالاتٍ أغشت ملامحها بزفيـر راجف أوجع رئتيها..طبعت جنان قُبلة على خدها قبل أن تهمس،:خلاص ماما والله آسفة "وأردفت" يمكن انشغل و ماصار عنده وقت يتصل نظرت لها والدتها لتبتسم إبتسامة واسعة تُخَفف من وقع جملتها الغير مدروسة التي أطلقها لسانها "المتبري منها" على حد قول والدها..ابتسمت لها والدتها إبتسامة اختلت من جميع المشاعر و تقيَّدت بشعور الحيـرة المُنغرز شوكها في الروح..أخفضت بصرها لفخذ ابنتها الواضح جرحه..همست بقهر استوطنها و نشر أجنحته حاجباً عنها قطرة مطر تروي التياعها ،:كل واحد منكم خاش عني اشياء الله اعلم شنو حقيقتها استشعرت ذراعها الخطر،تركت كتفيّ والدتها بهروب صريـح حرَّكت منهُ والدتها رأسها بأسى لتُكمِل،:ادري مافي فايدة و لا بتقولين الصدق أبعدت وجهها بضيـق..يكفيها ما عاشته من زعزعة مشاعر قبل ساعات،همست،:ماما قلت الصدق من زماان أمسكت ذقن ابنتها بقوّة و أدارت وجهها ليقابلها و بحدة نطقت،:شايفة عقلي عقل طفل عشان اصدق انه جرح عادي هاللي في فخذش ؟ "تراجعت يدها عن ذقنها حتى فخذها لتتحسس الجرح و أكملت" لو كان عادي ما احتاج أنه يتخيط بخمس غُرز زمَّت شفتيها و أهدابها انسدلت تُخفي ما التمع من ذكرى في عينها..اكملت والدتها بحرَّة أحرقتها،:الله يستر من الا خاشينه يا اولاد امكم ,، رمالٌ تجمعت ذراتها على أطراف قدمها،و بأصابع يدها النحيـلة تُمَسّد عليها بخفة،يدها الأخرى التفت ذراعها على رجليها المُرتفعتان..خصلاتها مثلَ حُلم تتطاير بنعومة..بين حينٍ و آخر تُميل رأسها لتُبعدها عن عينيها السابحتين في بحرٍ تَخافُه،و في جوفها قلبٌ يتمنى لو تُبَلِلَهُ قطراته المالحة... تنهيـدة فارغة من المشاعر خرجت من أنفها المٌرتفع بغـرور فِطري،مالت شفتاها الصغيرتين بإبتسامة مُتَمَلمِلة،رأسها انخفض ليستقر ذقنها فوق رُكبتيها..أغمضت تلك العسليتين،الصافيتين كسطح نهرٍ عذب..نسيــم البَحر و قرقعة أمواجٍ استوطنت أُذُنها موسيقى كلاسيكية يدور جسدها حول نفسه على أنغامها الحالمية..فتحت عينيها بكسـل و رأسها يميل على رُكبتيها،منظر شاعِري ينتظر عِناق أنثى و رَجُل تُلهِبهما قُبلة.. ضحكت بسخرية وهي تقف بتمايُل..أيُّ قُبل يُفَكِر فيها عقلها؟..هو و إلى الآن لم يُقرِّبها إليه كزوجة،و هي مُرتاحة لهذا البُعد..لا تستيطع أن ترتبط بعلاقة تَجهل عواقبها..لا مجال لِكَسرٍ جـديد..و إن اختلف السقــوط ! حرَّكت أصابعها على فستانها الأبيض من الخلف تُبعِد ما عَلِقَ من رمال..،استدارت وبأصابعها أرجعت خصلاتها خلف أذنها..رفعت عينيها بهدوء و هي تخطو بقدمها لتصطدم بهِ يقف على بُعد خطوتان من مكان جلوسها..،ارْتَدت في مكانها و وجوده صدمها.. لم تشعر به ! مُنذ متى كان واقفاً ؟! نطقت بما في خاطرها،:من متى وانت اهني ؟ ابتسم لها بخفة وهو يُلغي الخطوتين..رفعَ يده لشعرها يُزيل بعض الرمل الذي علق بين خصلاتها..تراجعت للخلف وهي تُرمِقه بنظرة ضيـق لِلَمسَتِه..تجاهل ما تُرمي إليه عينيها الجميلتين و همس ،:من زمـان.. زمَّت شفتيها..لم يُعجِبها الجواب..فهذا يعني أنه تأملها لفترة طويـلة،و عيناه تَنَبَهت لسكناتها و حركاتها..ليـس هذا البُعد الذي هي راغبة فيه ! زَفرت و قدماها تحركتا..و قبل أن تتجاوزه شعرت بملمس يده على معصمها..ارتعشت من قبضته،يده كانت دافئة بطريــقة غريبة،غرابة أشعرتها للحظة بإرتخاء بغــيض..رفعت عينيها له و عُقدة رافضة بين حاجبيها..حرَّكت معصمها دلالة على عدم ارتياحها،خفف من قبضته و بخفة سحبها وهو يُديرها حتى أصبح ظهرها مُقابلاً له.. تَصَلَّبَ جسدها و حرارة صدره ينسلخ منها جلدها الرقيـق..ذراعاه التفا حول خصرِها ويديه تشابكتا مع يديها المُتَجَمِدة الأطراف..أصابعه ضغطت بخفة تستنبط حديثاً من خطوط كفها غاب عن لسانها المُنعَقِد،أخفض رأسه إلى رأسها وهو يزيد من احتضانها و بتطارد تزداد دقاتها المضطربة،هَمَسَ عند أُذنها باعثاً مع كلماته أنفاسه الدافئة ليُرسِل شرارات نَمَّلت أُذُنِها وجانب عُنُقِها.. ،:ليش دائماً تهربين ؟ رَفَعَ رأسه قليلاً ينظُر إلى جانب وجهها المُتَشنج،احمـرار شديد كان يُعانقه،خجل زَيَّن أنوثتها الفريـدة،ابتسم و رأسه يعود لمكانه..و هذه المرة اقترب حتى لامست شفتاه أُذُنها ،:الى هالدرجة قُربي يضايقش؟ أنهى جُملته بقُبلة خفيـفة خلف أُذُنِها،ناعمة مثل وقع نسيم دافئ على موجات البحر..استنشق بعُمق عَبَقها الأثيري..رائـحة باردة يتعرف عليها للمرة الاولى،مُثيرة أسكرت عقله في ثوانٍ..،أراد أن يتعرف على المزيـد ،أن تنتشي روحه أكثر و تغيب في عالمها الأنثوي،تحرَّكت شفتاه بجرأة إلى وجنتها القريبة..طبع قُبلات بطيئة و مُلهِبة،طرف شفتيه لا يَكاد يلمس وجنتها و كأنهُ يُقَبلها هَمساً ! عَبرَ طريق وجهها لتنحرف شفتيه عند انحناءة عُنُقِها،انجرف مع التيار و واصل طبع بصماته،يستنشق عطرها و يُزفِر عطره ليُسيطر على أماكن النبض في جسدها.. ،:بـ ـ سـ ـااام خَرَجَ صوتها مُهَيجاً من نيران قُبلاته،ازدردت ارتباكها الفظيع..حالة استنفار تعيشها عروقها،حرَّكت رأسها بِخَدر تُريده أن يَعتق عُنُقِها..بتهجد نطقت راجية ،:بـسـ ـ ـام بس خلاااص خفف من وطأة ذراعيه لكن جسدها لا زال في حصاره..رفع رأسه وصوتها أفاقه من سَكرته..ازدرد ريقه بصعوبة وهو يُديرها إليه..لم تستطع أن ترفع عينيها إلى عينيه،مراسم الخجل أغشت ملامحها و شفتيها تميلان برعشة بُكاء..رفع كفيّه يحتضن وجهها البَدِر،مسح بإبهاميه أسفل عينيها..و بهمس مُبتَسِم ،:و لا يهمش خلاااص "و أردف بمزاح" ساعات اقول من هالرفض الا اشوفه هذي اهلها غاصبينها على الزواج تَصلَّبت ملامحها و جُملته خرجت من حلقه تقطع بنصلها مجرى النفس..تجمَّدت عيناها على صدره و ارتعاشة البُكاء استوت رعشة خوف من نبشٍ طالته كلماته...،هو استشعر التَغيّرُ الذي طرأ عليها.. تقلَّصت إبتسامة المُزاح و عيناه تلتهم ملامحها التي بدأ يتلبسها سوادٌ قضى على ملامح الخجل..أرجع رأسه للخلف،تركت كفيه وجهها ببطئ مُتَحفز..تَمَسَّكَ بكتفيها،ضغط و بحذر يخشى الحقيقة سأل ،:حنـين..انتِ مغصوبة على الزواج ؟ ,، حَملَ ابنته ذات السابعة إلى غُرفتها بعد أن غطَّت في نوم سَبَقَهُ حديـث متواصل أفصحت فيه عن كُل ما في قلبها البريء..أنزل جسدها على السرير،غطاها و بحنان امتدت يده الكبيرة تمسح على شعرها القصير.. تصافق رمشيّه يقتنصان الثواني لإلتقاط صورة تحتفظ بها عيناه في قلبه..اشتاق لهذه الصغيـرة التي من فرط حبها استنسخت طِباعه و ما يُحب و مايَكره،حتى أن ملامحهما الطفولية غدت تشبَهه كُلَّما تقدم بها العُمر..طَبع قُبلة على جبينها قبل أن يغلق الضوء و يخرج بهـدوء..، تقابل مع ابنته الكُبرى وهو متوجهاً إلى غرفته..ابتسم لها بحب وهي اقتربت تُقَبل رأسه..تساءل،:وين اخوش ؟ ،:نام من عقب العشا،تعرفه ما يحب السهر ايام الدوام..يله بابا تصبح على خير ،:و انتِ من اهل الخير دخل غرفته..أغلق الباب من خلفه و رأسه يطل للداخل بعينيه يبحث عنها..تجاوز دورة المياه وغرفة الملابس....،اهتزاز وَتَرْ نتج عنه نغمة تراقصت عليها نبضاته..كانت هي المُسبب لهذه النغمة..على السرير يجلس جسدها المُنتمي إليه منذ سبعة عشرَ عاماً..تُرَّطب ذراعيها الناعمتين مثل القُطن..و ساقيها مائلتان بجانبها،قطعة ألماس لامعة تنتظر وقع أصابعه عليها..اقترب منه ببطئ،اقتراب الأسد من لبؤته..انتبهت له،نبهها عطره أم شيءٌ آخر اخفاه القُلب..! نظرت لهُ ببرود على مشارف الذوبان.. بــاذخة الجمال ! يعترف أن جمالها لم تلتقِ عيناه بمثله أبداً، و لا حتى خيالاً بين سطور قصصه..أدارت وجهها عنه تُكمل عملها...هو جلس مسحور على الأرض قُبالتها..أتَخرج الحوريات من البحر ليلاً ؟! تتلصص باحثة عن رَجُل لترمي بشباكها على قلبه.. أمسك قدميها..حرَّكهما بخفة حتى استقامت ساقيها أمامه..بأطراف أصابعه تناول قليلاً من "اللوشن" ذو الرائحة الخفيفة و بدأ بتحريك أصابعه بتمرُّس عاشق على ساقها..ببطئ تنزلق يده إلى الأعلى و الأسفل..تُثير أعصاب حسّها الغافية في غيابه..هَمَسَ و عيناه لم ترتفع لها ،:من جيت للحين ما كلمتيني ! أغلق علبة اللوشن بجانبها و جواباً منها لم ينطقه لسانها..و عيناه بعيدتان،اتكأ بباطن كفيه على السرير الفائز باحتضان جسدها وهو الذي تجاهل عبور مدينته بعد إهداره لتذكرتها المُلَوّحة بها بين أصابعها..رفع جسده بخفة حتى أصبح قُبالتها،استلى على يديها المنقطعة عنهما الحياة فترة بُعده..ببطئ مُخيـف..حد الموت مُخيف،ينظر للقلب بعيني حمراوتين،فيهما شيءٌ من الغُربة و انكسار حُب طاهر،قبَّل باطنها،يُرَبت بقبلته على زعل كفيها..يغسل بقايا الفراق ويلتهم بأنفاسه غُبار اليُتم الذي أحدثه هو...هو بنفسه..بذاته الضائعة بين البينين.. بين حُب امرأتين يتخبط..و هل يعشق قلب الرجل امرأتان في الوقت نفسه ؟ عَشَقَ أولى مُراهقة طائشة..قادتها إليه جُرأتها و فقدها لعضيدٍ كسر قيد الحماية الرابط بينهما وجعلها تائهة تبحث عن وجهه بين الرجال..و كان هو ولا يدري كيف أصبح هو ذاك المُغترب ؟! بنظرة وابتسامة تناقضت فيها البراءة بكَيْد أنثى لم تتعدى السادسة عشر..كيدهن عظيم و هن في المهد ينادونك لتطبع قُبلة على رأسٍ لم يتجرع سُماً من الحياة بَعد ! و الثانية..كان عُشقها سلس خفيف و هادئ..صيبٌ رقيق نسماته الباردة المرافقة للسحاب تملئ جوف صدره..ليبقى داخله فــراغ،إلا من صدى دقات قلب تذرف من شدتها مسامات جلده عَرقاً حفزته أنثى ضاعفت العذاب عليه.. يُحبها و يُحب تلك..أحب تلك و يُحب هذه..أحب مراهقة و عاشر امرأة حتى امتلكت قلبه..و تلك الجريئة باغتت سنينه بعد انقطاع ظن فيه أن قلبه نسيَّ كيف ينبض لأجلها و انعقد اسمه بإسمها..حلالٌ هي أصبحت،لهُ وحده،مثلما تمنى عندما رآها بثوب مدرستها الأزرق..! لم تُقاوم عيناه..رفعهما إليها،كاشفاً ستار بَصَره ليلتقي بفيض أغرق وجنتيها..نَفَسَها لنظرته اضطرب و صوت حاد بحشرجة اخترق أذنه..امتعض من شهقتها،تُجاهد النَفَس بصعوبة..فتحت فمها مُحركة لسانها تُفَرِغ شكوى قلبها..بتقطع خرج صوتها ،:شنو تبيني اقول و انت غايب عن البيت خمسة ايام ؟ ضغطت على يده بوَهَن ترتجي منهُ إنكار وهي تُردف،:كنت عندها صح ؟ أطبق جفنيه و تنهيـدة غادرت صدره المُثقَل..تركت كَفيه وارتفعت يديها لصدره تقبض على قميصه..تهزه تُريد أن ينفلت من لسانه تكذيب لظنها..تتمنى أن تكون قد أساءت الظن ليُطفئ غليان روحها المُسعر.. ارتفع صوتها بصراخ مبحوح استقبلته أُذنه عالياً و حاداً صَلَّب قلبه.. ،:تحجى أحمد كنت عندها..نايم عندها صح ؟ قوول و ريحني قــ ـ ـو بُتِرت كلماتها،و غاب صوتها في نحيـب مريـر استطعمهُ لسانها..بضُعف التجأ رأسها إلى صدره..أحاطت ذراعاه بوقاحة لم يُنَكس رأسها الندم جسدها المُرتعش خيبةً من استيلاء أنثى على زوجها..لسنين ظلَّت تتأمل بوادر فَقدها بين عينيه و في حركاته وشروده الواضح..إحساسها الخاص هَمَسَ لها بوجود امرأة أخرى ذات مرة أخطأ و نادى ابنته الكُبرى باسمها لتتيقن هي و تبدأ رحلة عذابها..أخفض رأسه لرأسها،يستمع لبُكائها بصمت أسود..خبَّأ وجهه في شعرها،يُخفي خطيئته النكراء..خيانة مفضوحة لم يتستر عليها..يُداوي آثارها و يُضَمد ما سببته من جراح لايدري هل ستلتئم،ام أن خلاياها قد أحرِقَت.. وأصبح موتها مُؤبداً...و لا فائدة من أي دواء ! ,، تفاقمت الأفكار في عقلها،غسيلٌ للمخ أجراه الخط الأحمر الذي أوجده ذلك المُتَقلب بينهما،رسمهُ بدمٍ نَضَخَ من قلبها في ليلتهما الأولى،الليلة التي انتظرتها أنوثتها على جبلٍ أخضر زُرِعَت فيه بذورها الجنينية حتى أنبتتها الأرض أنثى طاهرة،يكسو البياض روحها البريئة،جسدها العُذري ارتعش خَجَلاً لِقُربه من الاعتناق مع جسد رجولي يطوي بين كفيه دفئاً لم يُذيب جليد نفثته أنفاسه بقسوة.. حول سبابتها تُدير خصلتها الفاتحة التي اصتبغت بلون كستنائي التمس شيئاً من شعاع الشمس في ساعات الغروب الأخيرة،ليمتزج بحريرٍ ينساب بسحرٍ على كتفيها و انحناء ظهرها المُثير..شاردة بتحليق مُضطرب الجناحين بين مُستقبل زاهر و حاضر يتدثر خوف في قلبها من انقطاع طريق مُستقبله المجهول ! زَفَرت فكرتها المترددة بين سقوط و البقاء مُتَعَلقة في جوف غيمة باردة،تخاف أن تسقط و بدلاً ان تتشربها زهرة يانعة أن يلتهمها بحراً يسوقها بُخاراً بمبلغٍ بخس إلى سماء واسعة تتخبط بين هبات رياحها الشديدة.. نهضت من جلوسها الأقرب من الإنسلاخ على موقد اللهب،رفعت شعرها ذيل حصان بالربطة المطاطية الخفيفة التي تسكن معصمها طوال يومها،رتبت ملابسها،خطوة تعيسة لمرآتها تَتَبِعَها كلما أرادت أن تُقابله..ملابس نوم بسيطة،سروال بحري ضيق يرتفع عن كاحليها بشبر،أطرافه من الدانتيل الرقيـق أُحيط مثله فتحة صدر قميصها الأبيض..خرجت من غرفتها الصديقة،خَطَت الأربع خطوات الفاصلة بين غرفتها و ساحة معركته السرية..تنفست بعمق،سمت بالله ومدت يدها تطرق بابه الموصد..دائماً ! انتظرت بعد طرقتها اليتيمة أذن بالدخول،أصابعها تتجاذب بتصادم لم تشعر بوجعه من تخدير الخوف لأطرافهم..شَجَّعت نفسها و قَرَّبت رأسها من الباب تحاول التقاط همس كسـول قد يكون لسانه قد نطقه..رفعت يدها بتردد لتطرقه ثانية..لكن انفتاحه المفاجئ جعل خطواته ترتد بفزع للخلف.. عـاري الصدر و شعرُ رأسه غارق في الماء دليل عل استحمامه القريب..تقطيبة مُغالية لمشاعرها تَلَبَّست ملامحه،نومٌ يبدو في عينيه المُنسَدِل نصف جفنيهما..يده اليمنى مبسوطة على طرف الباب ويُسراه اختفت وراءه..بهمس مُعدَم الشعور ،:نعــم ؟ رفعت كفيها تتلمس أطراف شعرها،حبلُ إعانة و إنقاذ لمقابلة الجمود الذي أمامها..ازدردت ريقها تُهَيئ أحبالها الصوتية..و بصوت منخفض نطقت ،:بغيت اكلمك في موضوع ضمَّت شتفيها و هاجس حام فجأة فوق رأسها..أتُفتَح المواضيع بين الأزواج بعد الثانية عشرة صباحاً ! ..أليست فظاظة أن تُقاطع نومه ؟ لكنه لم ينم..مُقبِل على النوم،لكن هي تعتقد أن رجلاً مثله لا بُدَّ انه يرفض المُناقشات الليلية..فهو لم يترك طبعاً غريباً إلا و تشَبَعه ! لا خبرة لديها في العلاقات بين الأزواج..، قاطع هواجسها سؤاله،:شنـو ؟ تنهيدة باطنية..إذاً لا يُمانع النقاش..تقدمت خطوة و كلمته الوحيدة رشت قليلاً من الجُرأة على روحها المُتَخَوفة.. ،:كنت ابي اقول لك ان قررت بعد تفكير أسجل في الجامعة و قَبلَ أن تميل زاوية فمها لتكشف عن إبتسامة تُكمل بها حديثها نطق هو،:سوي الا تبينه،شي ثاني ؟ لو كان عالماً بأسرارها عند الغضب و الحَرج لرأت عيناه معالم الإنفجار التي أحدثها تعليقه المَنتَقِص لإهتمام فُغِرَ فم روحها المُتَعطشة للإرتواء منه..قبضة يدها أحمَّرت من شدة ضغطها و شاركها الإحمرار وجهها المُنصَعق من ردّه المُحرج..أرني اهتماماً ولو تَصنُعاً..اسألني عن التخصص الذي قضيت أسابيع أفكر فيه..تحقق عن الجامعة التي سأقضي نصف يومي بين جدرانها..تكلم..أنطق..فالحروف لا تُشترى و إن بيعت فهي لا تُكلف المرء شيئاً..متوفرة بلا انقطاع في سوق الكلام..فرّحني بكلمة..هديتك لي ولو كانت بغلاف أسود،فلا عليك سَأُلَوّنه داخل قلبي بألوان اُسعِد نفسي المسكينة بها،أكذب بها على روحي..اُصمِتُها و أسد فوهة حسرتها..سأخبرها همساً أن رَجُلـ ـ ..لا لن انسبك لذاتي..فأنت لم تكن أبداً لي ..سأخبرها أن يُوسُف قد ابتاع أخيراً حديثٌ مُستَهَلَّه الإهتمام...، أنزل عينيه عنها و أدار نصف جسده مُستعداً لأن يُغلِق الباب..لكن صوتها المُتَحد بهجوم أوقفه ،:انت ليــش ما تحس ؟! التفت لها بقوَّة..عقَّد حاجبيه ..تساءل و كأنهُ لم يسمع،:نعـم ؟! ارتفع صوتها بحَرقة،:ليــش ماتحس..باارد ما تقدرني..ماتقدر اني زوجتك تهتم لي و تشاكرني الكلام بذات البرود الذي الهبها،:اللحين شنو يدخل هالحجي ؟ رَفعَت تلك الغارقتين،:اقول لك ابي اسجل في الجامعة ما سألتني ولا شي بهالخصوص،ما اهتميت ما كأنه هالشي مُستقبلي ! اقترب منها مُبتعداً عن الباب،:يعني شنو تبيني اقول ؟ تبيني اعارضش مثلاً ؟ هذا انا عطيتش الحرية بالتصرف مثل ما تبين اقتربت هيَّ تمشي على جمر،:اسألني عن التخصص الا اخترته،الجامعة اللي ابي اروحها.."رفعت يدها إلى صدرها تُشير" حسسني اني زوجتك خلني اشوف اهتمامك..مابي منك شي صعب..بس ابي احس ان في رجال يساندني رفع يده إلى خصره يقف بميلان و الأخرى ارتفعت لشعره تُرجعه للخلف وهو يهمس بتأفأف،:استغفر الله ياربي أكملت بيأس و قلة حيلة قيَّدت أطرافها،:مافي أمل منك "حرَّكت كتفها و هي تُردف باستهزاء" انا الغبية كنت انتظر تفاعل من واحد مثلك "ارتفع صوتها بقهر" شنو متأملة من واحد ثلاث سنين عايشة وياه في بيت واحد و ما اعرف عنه ولا شي..مختفي كأنك مجرم مادري شقصتك و شنو بلاويك.. انــاني ما يهمك الا نفسك تجيني وقت حاجتك بس "تَهَجَّدَ صوتها و رأسها يميل لكتفها" وبعدين ترميـ ـ ـني بدون أي ذرة احساس..لو كنت ادري انك انـ ـ ـاني هالكثر ما تزوجتـ ــ ـك رَفَع رأسه لها..احتدت نظراته لكنها لم تخف و لم تتراجع خطواتها كالعادة،فهي حالياً غريقة في بحرٍ اختلطت فيه جميع المشاعر المُتعِبة..و لا مجال لشعور آخر..بفحــيح كان سُمه مُوجع أكثر مما توقع عقلها ،:يعني أنـا الا تحسبين سعيت عشان اتزوجش ؟ ذراعها بدفاع ارتفعت تُحيط بها جسدها..درعٌ تصد كلماته القادمة بسرعة السهم قبل أن تخترق قلبها..و لكنها أسفاً ارتعشت لتأوه روح استشعرتهُ عروقها..كلماته أصابت القلب و واصلت حتى انغرست في الروح..دون رحمــة ! اقترب منها و هو يهمس من بين أسنانه يُواصل ذبحها حيَّة،:لعلمش،طول هالثلاث سنين اللي تتكلمين عنهم انا كنت انتظرش تتعبين و تطلبين الطلاق وَقفَ أمامها و أكمل مراسيم ذبحها،:اذا تبين الطلاق ترى انا جاهز في اي لحظة...انا رجال ابي اشتري راحتي أنهى فيضانه المُدّمر و استدار عائداً إلى قصره الذي يُحيك فيه شره..أما هي و آه منها هيَّ..لو تشعر الجدران لبَكت شفقةً و رأفةً على حالها..قدماها تَرجُفان بضُعف،للحظة نسيت كيف تقف..اضطربت عضلاتها،اقتربت من الهوان وموت الإحساس..سقطت بانجذاب مؤلم فاقه ألم روحها..اجتذبتها الأرض الخالية من دفئ يُسنِد كَسرَها..بباطن يدها تَمَسَّكت بالأرض تحبو طفلةً سُلِبت منها عروستها..تزحف لتنجو بنفسها من قصفٍ أودى بحياة قلبها..على الأرض خلَّفت عيناها بُقعاً شفافة انعكست فيها صورتها المُفجِعة..شهقات مُتتالية آلمت صدرها..تتنشق بارتعاش و النحيبُ يَرتفع عابراً حَلقها بعبرة ماراً بأنفها ليُحرِقه ليتوقف عند مَحطة عينيها التي تفتح أبوابها مُفرِجة عن قطرات تُنحِت أثرها على خدها الناعم.. وَصَلت غُرفتها القريبة المفتوح بابها،دخلتها و أغلقته،تتوحد بنفسها،تنطوي مع بُكاءها،تعقد صداقة جديدة مع الأنيـن،استندت على الجدار قُربَ الباب،رفعت ساقيها تحتضنهما لتتوسد قساوة رُكبتيها،خبأت وجهها فيهما،تُخفي جرحها..تَستَتِر على نَفي أنوثتها.. حَطَّمَها..ألغى وجودها بكلمات لم يحسب لها حساب..لم يُفكر قبل أن ينطقها لسانه،نَسيَ أنها تحمل في جوفها روح رقيـقة هَشَّة تنحني بمُجَرد أن يصطدم بها هواءٌ قاسي..نَثرَ أنوثتها على الأرض و بقدمه وطأها يُبَعثِرَها مازجاً إياها بتراب تراكم على رئتيها يمنعها من جَر نَفَس جديـد..أهداها إلى الموت بسخـاء..كَفَّنها بكفن التحقير..دفنها دون أن يُصلي عند قبرها..أشعرها بحجم مكانتها لديه..وضيعة هي بالنسبة له..هُناك بالقرب من قدمه،مُهَمَّشة مثل ورقة مُصفّرة جعدتها قسوة الزمن بعد أن سقطت من غُصن شجرة بَخُلَت عليها بظلٍ يقيها حريق شمس لم تهتدي إلى قلبها قط.. أنهاها..أنهى الحُــور التي انتظرته لزمن على باب جنتها الأنثوية ! ,، ساهرٌ برفقة هاينـز الذي تَمَنى لهُ عدة مرات أن تكون سهرته مع امرأة حسناء تُراقبه و تطمَئن على وجع كَتِفه..مرت ثلاثة أيام على ما حدث،المُهمة و لله الحمد تكللت بالنجاح..في النهاية تم القبض على المُتَهَمِين من قبل الشرطة، و كما أخبره آستور أنه بعيد كُلَّ البُعد عن القضية..حتى الآن استنشق من سيجارته و ذاكرته تعود للأيام الماضية،بالتحديد بعد الإتصال الذي وصله من آستور..تحت ضوء القمر المُتَوَسط سماء الريف المُرَصَّعة بالنجوم، وعلى كُرسي خشبي بجانب كُرسي هاينز المُندمج في غناء اغنية أضاع لحنها،مُشاركاً إياه الإستنشاق وبين اصبعيه تتكأ من يحترق بها ولو القليل من ضيق الروح..قفزت ذاكرته إلى الغُرفة 407 ، وصلته الجَلبة في الخارج..تحرَّك بسرعة إلى الباب و السلاح أرجعه خلف ظهره..وضع أذنه يسترق السمع..أصوات همهمات لم يستطع أن يُميزها..وضع يده على القفل ليفتحه لكن اهتزاز هاتفه في جيبه أوقفه..أخرجه و هو يتراجع للخلف..وضعه في أُذنه دون أن يتكلم وصوت يصرخ اخترق مسامعه ،:موهاميـــد اهرب لقد اكتشفوا أمرنا ! اتسعت عيناه بصدمة..لم يكن يتوقع أن يُكتَشف الأمر..فسذاجة هذا العجوز و رُعبه الواضح جعله يجلس على كُرسي الراحة،فهو لم يتوقع للحظة أن يشعر بغرابة الوضع..تحرَّكت عيناه للباب،و بسرعة أقفله.. ثوانٍ و مقبضه يتحرَّك في محاولة لفتحه..التفت بسرعة يبحث عن مخرج،نظر إلى النافذة من بعيد..تقدم خطوة لكنه توقف و هو يتذكر أنه في الطابق الرابع..عضَّ طرف إبهامه بقهر،لن يستطيع أن يقفز..هو قادر لكن حتماً سيجذب الناظرين..بدأ يمشي ذهاباً و إياباً يحاول أن يتصيد فكرة تنقذه..المحاولات تطورت إلى محاولة كسر الباب.. صوت بيمي الصارخ يصله بوعيـد..وضع يده في جيبه بعد أن أقفل الهاتف،اصطدمت أصابعه المحشورة في جيبه بشيء معدني..تحسسه..ثوانٍ و ابتسامة مَكر حاذق تكونت على شفتيه..رفع بصره للأمام و بهدوء تقدم.. في الخارج بيمي و رجال الأمن يحاولون كسر الباب..لا بُدَّ أن يُقتل هذا الكاذب..لن تُكشَف خطتهم..لا يدري كيف استطاع هذا الرجل أن يعرف بها،باحتراف خدعهم..لن يجعله يفلت من يده واصل رفس الباب بقدمه..كان يقترب من الإنفتاح..لكن صوت حاد قاطع مُحاولته..وضع يده على الباب و الأخرى رفعها أمام الرجلان يوقفهما تحت أنظار رئيسه..نظر للمبقض،أخفضها إليه بخفة أغمض عينيه و أنزلها ليتفاجئ بالباب يُفتَح..نظر بصدمة لديريك،ابتسم بعدم تصديق وهو يفتحه بخفة..انفتح بأكمله لتتراءى أمامه النار وهي تأكل الغرفة..صرخوا بفزع وهم يتقدمون للداخل..النيران التهمت أطراف الستائر الفخمة،و تنتنشر على دعائم السرير الخشبية..همس ديريك بأسى ،:غُرفة فُندقي تقدموا أكثر في الغرفة محاولين إخماد النيران..صوت إغلاق باب قوّي نبههما ليصرخ ديريك بقهر ،:لقد هرب ركض بيمي بسرعة فاتحاً الباب ليسقط بصره على طيف جسد يخرج من الجناح..صرخ بأعلى صوته ،:أوقفـــووه هُوَ يجري بأقصى سُرعته،فوق رأسه وضع معطف بذلته و سلاحه أخفاه تحت بنطاله أسفل ساقه بعد أن ثبته حولها بربطة عُنُقِه..كان يجري بين ممرات الطوابق مُستخدماً السلالم و لسانه يصرخ مُحَذرا بكلمة واحدة ..feuer..feuer كان مقيمو الفندق يخرجون من غرفهم بهلع،بعضهم صدق و البعض حَسِبَها خدعة قبل أن يصدمهم بالواقع جرس الإنذار..تجاوز الناس وهو ينظر بعين واحد من تحت معطفه و لم يتوقف عن الصراخ بكلمة حريق..وصل الطابق الأرضي..تجاوز الرُدهة وهو يَنسل من بين تَجَمع المُقيمين المُرتبك..خرج من باب الفندق الدوار ليُرادف خروجه دخول رجال الشرطة بأسلحتهم بعد أن وصلهم بلاغ قبل نصف ساعة عن وجود اتفاقية مواد ممنوعة في الفندق ! تجاوز الشارع المُقابل للفندق.. وعيناه التقطتا خُلو الموقف من السيارة السوداء..أخرج هاتفه من جيبه وفتحه وهو في غمرة جريه،ضغط الاسم المطلوب و رفعه لأُذنه،ثوانٍ و جاءه الرد.. ،:قُربَ المطعم الفرنسي في الساحة الكبيرة ،:انا في الطريق ســـو سيارة مُسرِعة بتهور شقت طريقها و صدمت جانب جسده المُنهَمك في هُروبه..سقط على الأرض و تدحرج جسده ثلاث مرات حتى اصطدم كَتِفه بعمود إنارة..تأوَّه و صوت فرقعة يرتفع من كَتِفه.. رفع رأسه بملامح منكمشة يبحث عن هاتفه،كان مُلقى على بُعد اربع خطوات عنه..ابتسم بسخرية،مُحال ان تنتهي مُهمة و لا يُصاب فيها ! وضع باطن يده على كَتِفه وبرجليه اتكأ على الأرض ليقف..تناول هاتفه و ابتعد عن السيارة التي خَرَج منها رَجُل لم يرى ملامحه يصرخ بغضب بكلمات لم يُفَكر أن يسمعها..رفع الهاتف و الخط لا زال مفتوح.. ،:موهامــد أين انت ماذا حدث موهاميـد تكلم موهامـ ،:انا بخير لا تقلق،انتظرني و لاتتحرك دقيقتان و انا عندك ، رافق هاينز بعد أن وصل محل وقوف السيارة..حاول معه ليقله المُستشفى ليفحص كتفه..لكنه رفض بشدة و أمره بالذهاب مباشرة لكوخه..و هُناك وضع فوقه قطعة قماش مُبللة بعد أن استلقى على أريكته الواسعة..وصل هاينز اتصال من آستور ليُخبره بنجاح المهمة في اللحظة الأخيرة..فالعضو الذي كان يحمل البضاعة و الذي هو تنكر بشخصيته قد تم القبض عليه أثناء محاولة هروبه من الفندق..و بعد تحقيق اعترف هو و العجوز الجبان..حالياً هو بعيد عن القضية..و لا يدري هل سيمر الامر مرور الكرام أم ان رسماً تَخَيُلياً سيفضحه ! ,، صباحاً..يوم جديد و خطوة جديدة بالنسبة لملاك..على كُرسي مكتبها الخاص تجلس..رافعة سماعة الهاتف الأرضي تضغط أرقام تنقلها من دفتر كبير بجانبها يحوي أسماء و أرقام تخص الطالبات..وضعت السماعة على أذنها و يدها ارتفعت ليستقر ظاهر أصابعها على شفتها..ثوانٍ وجاءها صوت رجولي رخـيم ،:الـو نعم ،:السلام عليكم،صباح الخير ،:و عليكم السلام،صباح الخير ،:الأخ ابو غازي ؟ ،:اي نعم،من على الخط ؟ بثقة نطقت،:عمي وياك الإستاذة ملاك مُشرفة مدرسة بنتك سُمية ،:يا هلا..شصاير يابنتي سُمية فيها شي ؟ ،:عمي بغيت اكلمك في موضوع بخصوص سُمية..اذا تقدر تشرفنا المدرسة ~ انتهى ، |
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد صباحك يا قمر .. فعلا الغموض بلش ينحسر .. وبدأت احط 1+1=2 اولا جنان بتوقع انها اخت محمد ... ﻷنه هو اللي سافر وامه حزينة لبعده. بس لسه قصة الجرح مبهمة بالنسبة لي . وهي زوجة احمد المراهقة اللي حبها .. حزنت ع زوجته اﻷولى موقفها صعب كتير ﻷنها متعلقة فيه . محمد نجا من الفخ ... بس عن جد انه داهية قدر يخلص حاله لووول وعرفنا قصة تعرفه لهاينز كيوت ههههههه بس هل له علاقة بشغله ؟!! يوسف آآآآآآآي هييييييييييت يوووووووووو العمى بقلبك هادا لو عندك قلب من اساسه ...!!!! نحرها قتلها دمرها .. شو فصيلتك انت بين البشر ؟!! انا مكانها لو ما عندي مطرح غير بيته ما بقعدله ولو طلعلو قرون . عن جد وضحلها ببساطة انها غير مرحب فيها وطلب منها تفارقه. يلا يا حور اتوكلي على الله وفارقيه ولا تتأسفي عليه ما بيستاهلك ﻷنه. وبعدين مع حنين ... ؟!! يعني شو مخبية عنه ؟!! وكيف تنغصب من اساسه وهي محبوبة ابوها ؟!! ما اظنها مغصوبة وانما مجبورة بسبب مش قادرة احزره. بسام الله يعينك اقول روح اتجوز لك وحدة تانية وريح راسك من وجعة الراس اللي اسمها حنين. ملاك يا بنت اهجدي شوي ليش تحكي مع ابوها ؟!! اتوقع رح تتسبب بكارثة فعلا بحديثها معه . ﻷنه في عقلية احسن الواحد يتركها في حالها . يسلمو ايديك يا عسل ومتشوووووووووقة كتير للجاي تقبلي مروري وخالص الود ○° الله أغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانتيته وسره .°○ |
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
اقتباس:
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته يسعد مسائش يا حلووة الحمد لله الأمور بدت توضح ، هذا الواضح بالنسبة لحديث جنان و امها أحمد و غرقه في عشق امرأتين..لين و ين بتوصل الامور ؟ ، ههههه خلص نفسه منها محمد ايي قصة تعارف بسيطة ادت لصداقة قوية =) بنشوف اذا له علاقة ولا لا ؟ ، آي هيتيد هيم تووو في هالمشهد دمعت عيوني على حــور المسكينة:e413: بعد هالصدمة ننتظر ردة الفعل الثانية لها ، صحــيح محبوبة ابوها شلون تنغصب ؟! بنشوف جوابها على سؤال بسام في الاجزاء الجاية ههههه لا تحرضين الزوج على زوجته خل يتفاهمون قبل:e412: ، الجزء التاسع بنشوف شنو بيصير.. يمكن توقعش صحيح ، يسلمش ربي حبيبتي ألف شكر على المُتابعة حمــاس يرجف له قلبي:14: يعطيش ألف عافية يا قمـر سلمتِ ، |
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته صبــاحكم/مســاؤكم دعوات مُستَجابة يــارب الجزء التاسع في الطريــق.. دقائق و بيكون موجود ان شاء الله.. *انتبهوا للجُزئية الأخيـرة قراءة مُمتعة ، اشركوني في دعواتكم |
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
بسم الله الرحمن الرحيم توكلتُ على الله ، فَقدُ ذات التذكرة بين يده..ترحاله الجديـد و فصل لا يعلم خباياه إلا الله...أرسلها آستور مع هاينز،التذكرة في اليمين و اليسار انطوت تُخفي إسماً أُجبِرَ على أن يحمله زوراً..تأمل الاسم بإبتسامة أصبحت جزءاً لا فِرار منه في شخصيته المُصَنَّعة.. ديميتري موريـس التقطوا لهُ صـورة بعد أن رآها هو نفسه لم يعرف نفسه ! شعره تم حلقه بأكمله ليس واضحاً منه سوى شعيرات قصيرة تشبه الشوك..شاربه تمت إزالته بأكمله وبه أُزيلت الرجولة من فِطرته..و كان للحيته المصير نفسه..جرَّدوه من اسمه..و ابتاعوا لهُ جسداً آخر روحه فيها غريبة..أصبح ديميتري الشاب الروسي ذو الواحدة و العشرون عاماً..عميـل سري يتنقل بين موسكو و بَرلين..و الإنتقال الأول يبدأ غداً..، ثقل جسد هاينز شاركه الأريكة..رأسه اقترب منه ينظر للذي بين يديه سمع صوته مُتعجباً ،:يا إلهي كُل مرة انظر للبطاقة انصدم..و كأنك لست انت ! ببـرود نطق،:لأنني لستُ أنا "نظر له بنظرة ميَّتة" ذاتي أضعتها أخفض هاينز بصره هارباً عن نظرات مُحَمد القاتلة..تأنيب ضميـر يُخالجه وهو يراه ينسلخ شيئاً فشيء عن مُحَمد الذي تعرف عليه أول مرة..الإبتسامة تحورت إلى سُخرية مريــرة و النظرات أغشاها جليـد لهُ حواف حادة تجرح عندما تلتقي بها..انتبه لصوته ويده التي شدها على فخذه ،:انا لا ألومك هاينز "مُحاولاً تغيير الموضوع" قٌل لي هل شقتي في موسكو جاهزة ؟ هزَّ رأسه بالإيجاب ثُمَّ التفت بجانبه..ثوانٍ وبانت يده تحمل ملفاً كبيراً..فتحه و أخرج منه بعض الصور وهو يقول،:هذه صور الشقة و التقاطات للحي الذي ستسكنه و ما يجاوره من محلات و مطاعم تناول الصور وبدأ يتصفحها بسرعة دون تدقيق..وضعها بعد أن انتهى على الطاولة الصغيرة أمامه وهو يسمع هاينز ،:هناك شيء آخر أيضاً نظر إليه وهو يُخرج كتاب سميك لونه خليط من الأحمر و الأزرق و الأبيض وحروف غريبة مطبوعة على غلافه إلى جانب حروف إنجليزية..رفع عينيه له بتساؤل و أجاب هاينز ،:مُعجم روسي..عليك أن تتعلم بعض الروسية و أنت في الطائرة ستحتاجها عند وصولك رفع حاجبيه وفمه يميل..يتعلم الروسية ! يعني أن تنحشر لُغة جديدة في قاموس لسانه المُلتوي من حروفهم الخالية من التعبير و البلاغة..نَطق وفقد جديـد يلوح في الأفق ،:أخشى أن أنسـى العربية و أنا ضائع بين اللغات ! ، الجزء التاسع اختار البحر ليكون شاهداً على لقائهما المُنسى بين كفي ليلتهما الأولى..لا زالت تهرب و لا زال هو حائـر..يُتابع بدقة التقاء أهدابها و حركة عدستها الشفافة التي حاول ذات مرة وهو واقف أمامها أن يغرس عقله فيها و يُسبِر أغوارها المُتَدَثِرة تحت أكوامٍ من الأتربة..يحفر ليتخلص من بعضها لكنها تتزايد و كأنها نبعٌ لا ينضب.. بالأمس عندما استشكف من ردة فعلها الواضحة التي نَشَّطتها جُملته المـازحة أنكـرت..بفم مملوء دحضت الحقيقة الجليّةَ على ملامحها..قالت لهُ بأنه يَتَوَهم و أضافت كلمة "اوووف" مدت شفتيها من أجل أن تُنطِقَها..تلك الصغيرتين،هاوية الخطر و الإنجراف إلى الخَدَرَ الحلال..الى الآن هي بخيــلة لم تتصدق عليه بقُبلة ينقطع فيها نَفَسه لثانيتان فقط..لا يُريد أكثر..يُريد فقط أن يستطعم شفتيها،حتى اذا جاء يوم و نَسِيَّ أنها زوجته يستذكر لذاذة هذه القُبلة ! نَظَرَ من نافذة غُرفته المُطلة على جزء صغير من البحر..غُرفتها كان نصيبها نافذة بحجم الحائط جعلت من البحر صورة حيَّة أحاطتها بإطاراتها البيضاء السميكة..يعلم جيداً مدى عشقها للبحر..ابتسم بمكر و محبة البحر يُقَسِمُهَا الى نصفين خوف طفولي ازداد نُضجُهُ مع مرور السنين..استدار عن النافذة و خاطرٌ ما استحكم عقله،ابتعد للخزانة التي أفرغ فيها ما يحتاجه من ملابس..ارتدى بسرعة قميص دون أكمام أسود على صدره من جهة اليسار علامة لماركة رياضية مشهورة،أبدَلَ سرواله الرياضي القطني بـ"شورت" أسود أيضاً يصل إلى رُكبتيه..أرجع للخلف خصلات شعره التي جفت سريعاً بعد استحمامه،ارتدى نعليه و خرج من الغرفة..، تجاوز الممر الجامع لغرفتهما..أصبح في غرفة الجلوس..رفع حاجبيه بتعجب و جانب جسدها يتراءى أمام عينيه المُتلصصة أصلاً بحثاً عن وجودها،مُسترخية أمام التلفاز بجلوس أقرب الى الإستلقاء،جانب رأسها الواضح لديه مُستَند على يد الأريكة،ساقيها مُرتفعتان و مطويتان أسفلها،ذراع تحت رأسها و ذارع نائمة على ساقيها المكشوفتين..تقدم أكثر مُنبهاً عن وجوده..فزَّت هي لرؤيته و اعتدلت من إستلقائها،مَسَّت شعرها بربكة سكنت يدها التي انتقلت إلى فستانها القصير تَشده للأسفل على ساقيها.. سلَّم بهمس و ردَّت التحية بمثلها..قابلها بظهره مواصلاً مشيه للباب تحت نظراتها،وقف فجأة و كأنه تذكر شيء..أدار رأسه و هي هربت بعينيها لحظنها،بصوت عـادي لم يتلبس شعور محدد قال ،:بروح اسبح،تبين تجين تسبحين ؟ تَسْبَح ! يعني أن ترتفع قدماها عن الأرض..أن تتهادى بين الأمواج دون أن تستطيع السيطرة على جسدها،سبـاحة يعني غَرق ! دخول الماء إلى حلقها و إختناقها إلى أن ينقطع النفس عنها و تمووت..يطفو جسدها بعد ارتفاع ثقل الروح عنه،زُرقَة تغشى لونها وبرودة موت تُكَبل أطرافها...،شهقت بهلعَ زرعته تخيلاتها المُحاكة بخيوط ابتاعها عقلها الطفولي عندما تعرف لأول مرة على خوف جـديد..الخوف من الغرق ! حرَّكت رأسها بالنفي مرات مُتتالية وهي تقف قائلة،:لا لا مابي اسبح اصلا بروح غرفتي استدار بكامل جسده ليواجهها،:انتِ من كل شي تخافين ؟! نظرت لهُ بامتعاض،أسنانها احتكت مُصدِرَة صوت مُزعج من نبرة السخرية في صوته،بحدة قالت،:ما اخــاف رفع حاجبه مواصلاً بنفس لحنه المُستَخَف،:من الكلام تخافين وبعد من البحر طلعتين تخافين،ما يندرى شنو الشي الثالث بعد ! بقهـر من نبرته الساخرة التي لم تستوعب تَعمُدها،:قلت لك ما اخااف،اروح عنك احسن تابعتها عيناه وهي تبتعد للغرفة..أغلقت الباب لتتكون إبتسامة على شفتيه..همس لنفسه وهو يفتح الباب،:بنشوف تغيرت لو لا ؟ ، في غرفتها واقفة أمام نافذتها الكبيرة..ذراع مُستَقرة أسفل صدرها و الأخرى استقر كوعها على الأولى..إبهامها وسبابتها يَمسان شفتيها وذقنها بتفكير وهي تنظر لهُ يسبح بمهارة أجَّجت قهرها و أحْنَت غرورها الذي لا يُكسَر ! سبـاحة..مُجرد تحريك رجلين و ذراعين..بلا صعوبة،لكن الخوف من الغرق ! تشجعي حنيـن لا تكوني طفلة يسخر منها..تناسي رُعب طفولتك،كُنتِ أقصر و أصغر حجماً..الآن تستطيعين أن تتبللي بالماء بأكملك وقدماكِ تُلامسان الأرض..حسناً لا داعي للسباحة،فقط دعي جسدك يحظى بدقائق من الشعور الجميـل و الأمواج تُدَغده..لكن و إن تعرقلت قدماها بإحدى الصخور و انقلب جسدها رأساً على عقب و ظلَّت تتخبط بذراعيها تحاول النجاة و لكن لا أحد قريب و تموت ! ضربت رأسها تُبعد الأفكار الغبية و ارتفع صوتها تؤنب نفسها،:حنيــن بلا غباااء شيلي هالأفكار ارتفع صدرها وهي تتأفأف و داخلها يعض على إصبعه من إغاظة بسام..استطاع و بجملتان أن يُثير غرورها و و يُوَتر أفكارها..لا لن تسمح له أن يتحكم بانفعالاتها..هي فقط من يتحكم بها و لا غيـر ! ضمَّت شفتيها وهي تتراجع للخلف..فتحت حقيبتها التي لم تُفرغها و غاصت يدها في كومة الملابس تبحث و هي تقول بوعيـد ،:ما عليه يا بسام اللحين بتشوف الا قلت عنها تخاف ، في البحر لم يبتعد كثيراً عن الشاطئ..وكل خمس ثوانٍ يلتفت إلى الباب متوقعاً قدومها..يعتقد أنهُ ضغط على وَترٍ حسـاس...وتر غرورها ! غرورها فائض إلى الحد الذي قد ينزعج منهُ الرَجُل..لكن هو و ياللغرابة انحرف عن القاعدة و تناول هذا الغرور و جعلهُ موضع اهتمامه..اكتشفه و انغرس فيه حتى بات يستشعره ،يستمع لنبضاته و يقيس مدى خطورته ليعلم موعد انفجاره القريب..غرور يراه لذيــذ في شفتيها اللتان تميلان لليسار مثل طفلة لم تُشترى لها حلوياتها المُفَضَّلة..مُثير في تَسارع أهدابها المُطلِقة سهاماً يشعر بها تُداعب جانب عُنُقِه النافر فيه عِرقاً اقترب من الإنقطاع من فرط نبضه..مُضحِك في ارتفاع يدها إلى خصرها و اتضاح أنفاسها المُثقَلة بقهر..جمــيلٌ هو غرورها و منبعاً لانفعالات تجذب روحه قبل عينيه..، التفت مُجدداً...و بانت سَيدة الغـرور ! ابتسم بمُشاكسة وهي تقترب منه بخطوات قرأ التردد فيها..أبدلت ملابسها ببنطال ضاغط يصل إلى كاحليها..و في الأعلى ارتدت قميص أحمر ذو أكمام قصيرة جداً يمتد ليُغطي حتى نصف فخذيها..سَبَح ببطئ حتى اقترب من المكان الذي وقفت عنده..تساءل بابتسامة بريئة ،:غيرتين رايش ؟ لم تُجيبه و أبعدت عينيها عنهُ بعدم اهتمام..ركزت بصرها على الماء..ارتجفت و هي تتخيل جسدها يرتفع عن الأرض..لا تتوتري حنين لن تسبحي فقط ادخلي الماء..استشعري البلل.. خلعت نعلها الناعم...رفعت قدمها اليُمنى و بإبهامها تحسست الماء..كان دافئاً يُغري الى الغرق فيه..ابتسمت في داخلها،لنبتعد عن الغرق..تشجعت مُتَقَدمة بخطواتها..مشت بخفة و الماء يرتفع مع مشيها..توقفت عندما وصل إلى بطنها..سمعت همسه القريب ،:واصلي لم تنظر لهُ و مشت من ذاتها حتى غطى الماء صدرها..توقفت و نبضها تحفز عندما شعر بقدميها ترتفعان قليلاً..أرادت أن تتراجع خطوة لكن ذراعه التي أحاطت خصرها منعتها..استدارت لهُ باعتراض وهو دون أن ينظر لها شدها بخفة معه لتصرخ وهي تشعر بابتعاد الأرض عنها و شجاعتها المزعومة تلاشت سراباً ،:بسااام وقف لا لا خلني خلني مابي اروح واصل سباحته،ذراع تُحيط خصرها وذراع تتحرك في الماء..شعر بكلتا يديها تضغطان على ذراعه من الأعلى ووخز أظافرها آلمهُ قليلاً..سمع رجاءها ،بسام الله يخليك رجعني مابي اسبح توقف لا لطلبها،و لكن لأنه علم أن في هذه البقعة سيستطيع السيطرة عليها..فهي مُستسلمة لخوفها كُلياً..استدار لها بكامل جسده وهي تمسكت بسرعة بكتفيه..أحاطت ذراعيه خصرها وقربها منه حتى لامس صدره صدرها...أنفاسها اللاهثة هلعاً تصطدم بوجهه،هفيف أنقى من هفيف الرياح..نادها بهمس ،:حنــين كان ردها رجاء،:رجعني ،:مو قبل ما تجاوبين على سؤالي أغمضت عينيها وهي تخفض رأسها..دوار البحر حاصرها..فتحتهما بوهن دون أن تُعير سؤاله أي اهتمام و أعادت طلبها بخفوت ،:رجعني تركت ذراعه اليمنى خصرها وزادت هي من تمسكها بكتفيه لإنحسار طوق النجاة،أمسك بأصابعه ذقنها رافعاً وجهها إليه ،:حنيـن أرجوش احتاج توضيح واللي يرحم والديش همست اخيراً،:مو اللحين بسام مو اللحين رفع حاجبيه، اذاً هنالك شيء فعلاً تُخفيه..تساءل،: انزين مــتى ؟! أغمضت عينيها بقلة صبر،:وقت اللي احس اني ابي اتكلم،ارجوك لا تضغط علييّ تنهد برضا..لن يضغط عليها أكثر..ما دام انها ستتكلم،ليتركها الى حين ما أرادت التكلم..ابتسم لها بخفة وذراعه عادت لخصرها..شدّها إليه بحنان حتى لامس طرف أنفه أنفها المرفوع..همس ،:عندي سؤال غير اذا جاوبتين عليه بنرجع بسرعة سألت،:شنوو ؟ اتسعت ابتسامته وهو يقول وعينيه تنظران لترقب مُقلتيها،:من متى ما رقصتين باليه ؟ خَرجَ همسه حميمياً..ارتعشت منه أطراف أصابعها على كتفيه..تمنت أن لا يكون قد شعر بالرعشة..على الرغم أنه وان لم يشعر بها فانتشار اللون الأحمر جانب وجنتيها أعلمهُ بمدى تأثير همسه.. زفرت قبل أن تُجيب بشرود تَلَقَّفَ يَدُ الماضي،:من بعد وفاة خالوو شريفة همس و يده تمسكت بالماضي نفسه،:يعني قبل احدعشر سنة ارتفعت عيناها إلى عينيه تُريد أن ترى تأثير كلماتها..عيناه تنظر للفراغ و صدى ذكرى فرَّ منهما ليتردد وقعه بين الأمواج..أخفضت بصرها عندما عادت عينيه لها ليتساءل ،:و ماتفكرين ترجعين مثل قبل ؟ رفعت كتفها وفمها يميل للأسفل،:مـادري..اذا افكر في الباليه افتقدها زوود خصوصاً انها كانت أكثر شخص يشجعني وصلها صوته وهو يبدو مُبتسماً،:زين و اذا طلب ولدها منش الرجعة ؟"رفعت رأسها إليه وهو أردف بثقة" صدقيني بشجعش بمثل تشجيعها..ها شنو قلتين ؟ أبعدت عينيها عن إبتسامته الواثقة و بهدوء نطقت،:يصيـر خير و الشمس مُستقرة فوقهما تلتقط اللحظة وهما مُتلاحمان..هبات نسيم دافئ تُحرك خصلاتها ليرتطم طرفها بنعومة بخده القريب..و النسيم مواصلاً تعذيبه حاملاً معهُ رائحتها الخفيفة..اقترب وصوت الأمواج ثالثهما..أحد شاهدي الطبيعة على القُبلة التي طبعها على جبينها..مثل وقع رفرفات فراشة داعبت دقاتها..استنشقت بعمق باحثة عن هواء لتصطدم رئتيها بغزو رائحته الرجولية المُختلطة برائحة عطر خفيفة..ابتعد عنها يُتيح لها فرصة استرداد وعيها..ازدردت ريقها قبل أن تهمس ،:خل نرجع ابتسم قبل أن يهمس ليُنقِذَها من خوفها،:زيـــن ,، غادرَ المُستشفى و ضيقٌ لم يَبرح مكانه مُتكِأً على قلبه،هو المغادر الأوحد،غـادر حياتها..غادر جسدها..غادر الارتباط بروحها..غادر مدينتها التي نُصّبَ عليها ملكاً..طُرِدَ على غفلة من عِشق ! كان في السماء طائراً كَسَتهُ بريشٍ تَشَبعَ من رائحتها الخاصة..وهو في غُمرة تحليقه فصلت جناحيه و نَتَفَّت ريشه تاركةً إياه صريعاً على أرضٍ قاحلة من وجودها...،اشتاقها..و الاشتياق كان المُسَبب الأول لجنونه.. عقله لم يستوعب أنها بين يديه..و أن نَفَسَها عاد و اختلط بأنفاسه المتروكة ببعثرة مُهمَلة..اصطدم زفيره بشهيقه و استوى النَفَس اختناق مُزمن..لا شفاء منه..، رَكِبَ سيارته بثقل مُسِن،رمى معطفه على الكرسي المجاور بإهمال،نظر الى المرآة وهو يمسح على شعره المبعثر كبعثرة دواخله..تبادل النظرات هو وعينيه،كلاهما يبحث عن إجابة،يبحثان بين الناس،بين النار والرماد،يحفر في فجوة الماضي بيديه المقرحتين،الداميتين بقطرات تهطل كدمع أطفال.. تنهد تنهيــدة طويلة مشتتة.. حتى المرايا لم تعطه الإجابة، هو متعب والانهاك واضحٌ على وجهه..لم ينم منذ أكثر من أربعة عشر ساعة،ثلاث عمليات خلال عشر ساعات ظل فيها واقفاً على رجليه ولم يذق سوى لوح من الشوكلاتة وكأس ماء.. حرَّك السيارة مُبتعداً عن مبنى احتفظ ببعض من استفراغات روحه..ابتسم بسخرية،فالمباني كانت أحنّ عليه،احتوته جسداً و روحاً..فتحت ملفاً في ذاكرتها حَفظته بإسمه و دونت فيه ما عَجِزَ لسانه عن الإفصاح به..هو أعزل أمام امرأة غزت شعبه الفقير،بلا سلاح و لا جيش..ثائـر يقف على أرضٍ شُقَّت إلى نصفين..نصف يحمل جسدها و نصف يحمل رُفاته ! هل تعيش يومها كما يعيش هوَ ؟ هل تُباغتها الذكرى ليلاً سارقة بيد قاسية النوم من ليله الموحش..تنثر من عبوَّتها الصمَّاء سُهاداً يرتسم كُحلاً تحت عينيه..يتحسس جانب سريره..بأصابع ترتعش ارتعاشة وداع الحي لميته..و ما أكبر الأسى عندما يُوَدَّع الحي،مثل الضوء تراهُ أمامك و لاتستيطع أن تلمسه..مثل ماء يُغرقك و حُرّمَ عليك الإرتواء منه..هي حُلم أصبحَ مُستحيلاً بعدما كان قطعة لؤلؤ يتلقفها من كف إلى الأخرى..بعــيدة عن عينيه و هي جُزءاً من قلبه..و هل يُفَرّط القلب بإحدى حُجراته ؟! أوقف السيارة في باحة منزلهم..خَرجَ يحمل معطفه الأبيض،بياض ليتهُ يستطيع أن يرتديه نفسياً..تجاوز الحديقة الصغيرة و تغافل عن اهتزاز أغصان الشجرة..صاماً أُذنيه عن حفيف أوراقها المُنتظرة منذ عام همسات غزل تسهر عليها..دخل المنزل لتصله أصوات ألِفتها مسامعه..وضع يده في جيب سرواله الأزرق و إبتسامة مُصطَنعة أمالت شفتيه و لم تُجَّعد حول عينيه الرافضة خطوطها أن تُشاركه الكَذِب.. ،:السلام..صباح الخير بإبتسامة واسعة و ترحيب،:هــلاااا عبــووود صباح الخيرات شلونك شخبارك ضحك بخفة على ترحيبها،داعب ابنتها ذات الأربع سنوت المُنهمكة في لَعِبَها قبل أن يجلس بجانبها على الأريكة..أسند ظهره لها و تنهيدة طويلة خرجت من صدره زافرة معها أوشحة تعب تَلبَسها قلبها الشقيق..ابتسمت لهُ بحنية وهي تتأمل وجهه القريب..عيناه مغمضتان..تقطيبة عانقت جبينه اللامع فيه بعض زخات العَرق..عقدت حاجبيها وهي تلتفت للمُكيف،دفعهُ جيداً و الجو هُنا بارد لا حرارة ! عادت أنظارها لأخيها و عقلها لم يستوعب أن مساماته تُرَشِح ما بداخله من سموم..كُل مافيه ينطُق و ما خُلِقَ لينطق أبكم ! همست لهُ بيد ربتت على فخذه حانية،:تعبــان ؟ فتح عينيه و رأسه يميل لينظر لها..ابتسم بخلو مشاعر وهو يجيبها، هامساً:الحمد لله على كل حال ،:حبيبي جيـت ؟ استدار لصوتها..أقبلت تمشي إليه بإبتسامتها المعتادة..وصلت عنده و يدها ارتفعت لرأسه تمسح عنه أسى التقطته عينا الأُم المُبصرة ذات أبنائها دوماً..قبَّلَ كفها الأيسر احتراماً ثُم ابتعدت لتجلس أمامهما.. تساءلت وهي تضع ساق على الأخرى،:ها حبيبي شخبار الشغل ؟ تقدم بجسده للأمام واتكئ بكوعيه على فخذه وهو يقول،:الحمد لله تمام..اليوم كان عندي ثلاث عمليات الحمد لله كلهم نجحوا ،:الحمد لله الله يوفقك يا ولدي ،:موفق عبوود ،:ان شاء الله وياش خووش ،:تبي احط لك ريوق ؟ ،:لا يُمه مو مشتهي "رفع يديه لوجهه بتثاؤب ثمَّ قال قبل أن يُخفضهما" نــور عطيني ماي عضت على شفتها و ملامحها تليـن بشفقة عليه..نظرت بطرف عينها لوالدتها..جمـود استفحل ملامحها لتنطق بحدة،:اسمها غيداء يا عبد الله أبعد يديه و نظر لها بعدم فهم،همس،:شنو ؟ وقفت غيداء و ضحكة مُرتبكة تنفلت منها بحجة تضييع الموضوع لكي لا ينحرف إلى مُشكلة هُم في غنى عنها..سكبت له في كأس من الماء بجانبها،:عبوود اشرب ماي و روح ريح كلش رايحة عليك من التعب تناول الكأس منها و شربه دفعة واحدة،أرجعه لها قبل أن يقف و يقول..،:هذا انا رايح قعدوني قبل أذان الظهر ،:ان شاءا لله حبيبي روح ريح نظرت لوالدتها بعد ذهابه..اقتربت منها و التأنيب في كلماتها،:يُمه ما كان له داعي الا قلتينه وضعت يد على يد وهي تقول باعتراض،:ما سمعتينه شلون نطق باسمها هزت رأسها،:ما عليه بالغلط ما كان حاس بنفسه ،:مو هذاا الا قااهرني..بدون مايحس نطق باسمها اكيـد بعده يفكر فيها بتفهم،:شي طبيعي،ما بينساها بسرعة..سنة كاملة مملوج عليهم و سنة وشوي زواج شلون بينساها بسهولة؟ بتصميم قالت،:لازم بينساها..اللحين لو بعدين بينساها،ما كفاه الا سوته فيه خلته يطلقها غصب و تركته مثل المجنون وهو بعده متعلق فيها،ما تستاهل يضيع عمره عشانها و من اليوم بدور له بنية تنسيه طوايفها ,، يختلي المكان و تضغط جدران الشقة على أنفاسها بعد أن تخرج ابنتها للعمل..تظل وحيـدة تُتابع بعينين أحرقتهما نيران ماضٍ كانت فيه ذات الجناحين الكبيرين تُخَبئ تحتهما صغيريها العابرين أسوء طريق..وَعِر به نهرٌ من دم لَطَّخَ برائتهما..طريق لا تزور سماؤه شمس دافئة و قمره مُعتم دوماً.. هي كانت الخاسر الأكبر..بعد أن كفنت زوجها و أودعتهُ أرض لا ترحم بدأت مُعاناتها مع الزمن..و بدأت نفثات الناس المسمومة..قالوا مُجرم..و آخرون قالوا تاجر مخدرات..البعض قال أنه أراد ذبح ابنه..و الأخيرة كانت الأقسـى..بكل ما لقلبها من قوة حاولت أن تلتقط الكلمات لتُجَمدها..تجعلها صلبة لتستطيع أن تكسرها..و ترى فُتاتها يغرق في بحرٍ انجلى ماؤه و تراكم البوح مكانه..تتخلص من ضيق و تنثره بعيداً مثلما تعتقد..لكن البُعد ليس إلا روحها..هي البحر الذي جَف و ما بقي منه يتوسد جراحها المُنَصّبة نفسها حاكماً على حياتها..لليالٍ تستيقظ مفزوعة من نومها لترى بجانبها طيرٌ يرتعش محاولاً الفرار من كابوس أصبح وسادته و غطائه عند النوم..و تلك الطفلة تحسبُ أنها لا تستمع لشهقاتها المُنفلتة عنوة..و أن دموعها لا تتحسسها أصابعها في الصباح عندما تأتي لتُوقظها لمدرستها..هي تُبصِر ما يحسبون أنهم يُخفونه..ما استوى من تَصدعات خلفتها الدموع على وجوههم تَرَسَّبَ بإمتلاء أحاط قصبتها بحلقة تضيق لِتُعَسر عليها جَرَّ النفس.. كانت عائدة إلى غرفتها من المطبخ الصغير بعد أن انتهت من إعداد الطعام وتركته على النار ينضج..استحمت سريعاً..فهي ليست ممن يهوى المكوث طويلاً تحت الماء..ارتدت ثوب نسائي ناعم مُريح لحركتها في الشقة..وضعت قليلاً من البخور تُصَفي المكان عن رائحة الطبخ..تحرَّكت بخطوات آلية تُعيد نفسها قبل أعوام،جلست على السرير المُتَسع لشخصين كُتِمَ صوت أحدهما و بَقي صوت الآخر يصرخ بصمت أرمل ! مدت يدها للدرج جانب رأسها..فتحته تبحث فيه عن شيء ما..رفعت ما كان مدفون فيه من حاجيات لتلتقط أصابعها ورقة مطوية مرتان..على عكسها هي التي انطوت سنينها بالعشرات حتى أوصلتها إلى بؤرة العذاب..فتحتها تستقبل حبراً سال على قلبها مُخلفاً بُقعة تقرحت أصابعها وهي تُحاول محوها.. تعلَّقت دمعة على أهدابها السُفلى،تطل من عينها تقرأ ما خُطَّ من حروف سوداء شوهت بياض الورقة،تتزود بالسواد و تتلبسه لتسقط ناعية جسداً حقيقة موته دُفِنَت معه في القبر..استنشقت الهواء العابر من بين كلمات الماضي التي تشربتها روحها و جرَّدتها من قُلنسوة الإخفاء..أمحت نقاط و خطَّت حروف أخرى علَّها تحل اللغز الذي استعصى على قلبها جوابه منذ عشرون عاماً.. رفعت أصابعها تتحسس الورقة..تُعيد إحياء همساً رُبما نطقه لسانه وهو يكتب رسالته الغريبة..إعوجاج بعض الأحرف شلَّ عِرقاً توجس من رجفة قد تكون سكنت أصابعه وهو يَكتُب،بـاء البسملة المُبتدأ بها رسالته تبعثرت نقطتها من بقعة دمع التهمت أسرارها العظيمة.. انهمرت كلماته باشتياق مُعَذَب و اسم يُوسف وملاك يُذكَر بانعقاد و تلاصق يوحي باشتداد الدمع في مُقلتيه و ارتفاع أنين الشهقات..رَبَّتَ على قلقه عليهما بواو التوصية،طلب و تمنى ودعى حتى وصل إلى مُنتصف الصفحة..لينصرف في نصفها الآخر بخط كلمات كُتِبَت لها و لأجلها فقط..كُلَّما تقرأها عيناها العاكسة طلعته البهيَّة يرتفع داخلها هواء بارد أوجدته رياح روحها..يرتفع إلى قلبها مُحفزاً نبضاته التي تضرب بقوة قفصها الصدري ليبدأ وَخز الألم مُذكراً حواسها أن من تنتظره لا رجعة له.. همست بدعاء احتكر لسانها لعقدان من الزمن،:الله يرحمك يا بو يوسف ,، لبَّ الدعوة أبا سُمية..حَضَرَ في تمام الساعة الثانيةَ عشرة بعد ان طمأنته أن الأمر ليس خطيراً..يجلس على الكرسي المجاور لمكتبها،رجل خمسيني ذو ملامح جدية سمراء بها شيء من القسوة..يرتدي ثوبه وغترته بترتيب و نظافة واضحَين..تتمنى أن يجري حوراهما بهدوء وتفاهم لينتهي بحل مُرضي..، تقدمت من المكتب شابكة أصابعها قائلة،:والله يا عمي الموضوع اللي بغيت اكلمك عنه هو درجات سُمية عُقدة استغراب تكونت بين حاجبيه،:شفيهم درجات بنتي ؟ تناولت بعض الأوراق و مدتهم له وهي تقول،:هذي نتايجها في امتحان المنتصف و الاختبار الشهري لمادة الأحياء "وهو يتأملهم بتركيز أردفت" الصراحة مُعلمتها انصدمت من النتايج و صدمتني بعد،ابداً ما توقعت أن سمية في يوم من الأيام تنزل لهالمستوى أنزل الأوراق على المكتب و انشداد واضح زاد من قسوة ملامحه،:ما كنت ادري بهالنتايج،انا و امها اذا سألناها تقول أن علاماتها ممتازة و دائماً علامات كاملة بتفهم،:ما الومكم يا عمي على عدم درايتكم بالموضوع،بس كنت ابي اسأل اذا ما تعتبره تطفل،هل في مشكلة في البيت مثلا أدت لهذي النتايج ؟ بثقة نطق،:ابداً الأمور كلها بخير و الحمد لله،مافي أي مشاكل "ضرب الطاولة بباطن يده بخفة و أكمل" على العموم انا بكلم بنتي وبشوف شنو الموضوع ان شاءا لله الامور ترجع مثل قبل و افضل بسرعة نطقت قبل أن يقف،:و شنو بخصوص الجامعة ؟ نظر لها بعقدة زادت على سابقتها،:أي جامعة ؟! بوضوح أكملت،:الجامعة ياعمي اللي بتكمل فيها دراستها،بكون صريحة وياك،انا ادري انك من الرافضين لفكرة الجامعة و اذا تبي رايي اتوقع انه هذا السبب الا وصل سمية لهالمستوى رفع حاجبه و ببرود مُستَخف قال،: و من انتِ عشان تناقشيني في هالموضوع ؟! تجاهلت نبرته،:يا عمي انا مشرفتها و طول فترة وجودها في المدرسة انا المسؤولة عن أمورها،و اذا شفت شي يدمر مستقبلها طبعاً ما برضى و بحاول قدر المستطاع اساعدها،يا عــ قاطعها بحدة وهو يقف،:لو سمحتين انا مو جاي اهني اسمع محاضرات و كلام مصفوف،لا تتعبين نفسش لان اللي بتقولينه ما بغير فكرتي،انا اعلم بمصلحة بنتي،خلاص خليتيني في الصورة وعلمتيني بنتايجها مشكورة و ماقصرتين ان شاء الله انا بتصرف،بس شي ثاني ارجوش لا تتدخلين "و أردف باستهزاء" ما بتكونين احرص على مستقبل بنتي أكثر مني ! حاولت أن تتدارك الوضع وهي تقف،:لحظــة يا عمي لكنهُ خَرجَ دون سلام تاركاً إياها فاغرة فاهها و مُستسلمة لغزو معالم القهر لوجهها..رفعت يديها لوجنتها تتحسس حرارته..أسلوبه أصمتها و قطع كلماتها التي خططت لتُلقيها على مسامعه..لم تتوقع أن يرفض النقاش بكل هذه القوة..توقعت رفض مبدئي لكن كانت واثقة أن حديثها العقلاني و الناصح سيجعله يستمع و يُناقشها بجدية..شعرت برغبة في البكاء زادت من قهرها..و كأنها طفلة تم توبيخها..حُسن نيتها و حبها للمساعدة قاداها للاتصال به،ظنت أنها ستُعيد إنعاش حُلم طالبتها الذكية،لكن صلابة والدها أرطمتها بالواقع المرير لتسقط على كُرسيها غارقة في حَرَجِها..، ارتفعت يداها لجبينها و رأسها ينخفض..أغمضت عينيها وهي تهمس،:ياربي ليش كلما جيت اسوي شي يتعسر "زَفرت وهي تلتفت يميناً تهرب من شيطانها" استغفر الله ياربي استعفر الله رفعت رأسها تنظر للأوراق الذي تركها..تناولتها تنظر للعلامات مُتخيلة نفسها في مكان سُمية..ستتحطم مثلها و ستقطع بيدها خيط أحلامها ما دام أن نهاية الحُلم الموت صريعاً بسيف الفكر المُتَحَجر ! تقلَّدت نظراتها بوسام العزيمة..و أفكارها المُتَحمسة تتخلص من ما سببه من حَرج رويداً رويداً و أُذنها تَبتر موجة صوته المُستهزئة و تُبدلها بكلمات تشجيع ينطقها لسان ضميرها الواعي..لن تقف لهذا الحد،ستحل الموضوع عاجلاً أم آجلاً...مهما كلفها الأمر ! ,، مرت سـاعة و هي مُنكمشة على نفسها في حضن والدتها..تهرب من صدمة البارحة إلى حضنها،تتخلص من وجع كلماته و مانفثته أنفاسه من مرض ينهش روحها..تُلقي بثقلها علَّها تسترجع استقامة ظهرها المُنحَني من حملٍ تراكم حتى أصبغ ميلانين شعرها بياضاً أضاف إلى سنين عُمرها عُمراً آخر،حتى غَدت السبعة و عشرون سبعون وجعاً...، استعادت ما يبعثه جسد والدتها من دفئ عندما كانت طفلة صغيـرة اقتصرت أفكارها و أمنياتها على عُلب الحلوى و فساتين جديدة لعروساتها الجميلات..فارس الأحلام الذي كُن يَحلُمن به بنات أترابها لم يُعانق عقلها صهوة حصانه الأبيض..لم تكن تلك الطالبة المُجتهدة جداً ولم يوصلها عدم اجتهادها إلى الإهمال..كانت مُتوسطة في كل شيء..في درجاتها و حديثها..في طولها المُتناسق مع جسدها الضعيف..عينيها تتوسعان بتوسط،ترنيمة سـاحرة لمعزوفة ملامحها المميزة.. توسطت في كُل شيء..إلا شيئان فاقا التوسط..غِنى والدها و بُعد زوجها..! لطالما كَرهت مُستواهم الإجتماعي الخارق عن العادة ! أموال أبيها في ازدياد لا يتوقف..عشرات الأراضي في البلد هو يمتلكها..عمارات سكنية في كُل منطقة..ثلاثة فنادق بأربع نجوم و آخرهم فاز بالنجمة الخامسة.. شركات بعدة أفرع..الراعي الأول لأشهر الماركات التجارية..ينام على مليون و يستيقظ على مليون ! وهي من بين كُل هذا الترف الفاحش تعيش في زاوية كئـيبة مُنقَطِعة عن الضوء،تُغَطّي شروخ جسدها بخرقة بالية مُرَقَّعة..لا معطف يقيها شتاء زوجها القاسـي المُرتبط بصفقة أبدية مع غيمة ثلوجها لا نهاية لتساقطها...فقيـرة هي من مشاعر افتقدتها في منزل والدها و ظنت أن عُش زوجها سينهل بها على روحها..لكن رأسها لا يزال ينتظر مسحة يد حانية..و جبينها لم ترتاح فوقه شفتين تطبعان قبلة دافئة..و قلبها يعيش بعثرة نبضاته،إلى الآن لم يأتِ من يُعيد استقرارها..، لولا والدتها لكانت خرقة جسدها دون رُقَع،تكشف عن بَوح جروحها المفتوحة..! أصابع يد والدتها الحانية تُفرق خصلات شعرها بخفة وهي تهمس،:ما شبعتين من حضني،صار ساعة ! انكمشت أكثر بعينين مغمضتين وكفيها تزيدان من اقترابهما لقلبها وبهمس،:بعد شوي ماما بمحاولة إحراجها،:الى هالدرجة حضن زوجش ما يكفي ؟ مالت شفتيها تتصنع الخجل ويدها امتدت تشد ذراعها عليها،:حضنش غـيـــر مسحت على بطنها و بتساؤل،:مافي بيبي جاي ؟ فتحت عينيها و دموع البارحة تشوش عليها الرؤية أجبرتها على البقاء داخلها..نطقت بكلمة واحدة،:لا مسحت على خدها،:حــور حبيبتي ليـش ما تروحون تفحصون في مستشفى ثاني ؟ رفعت جسدها تبتعد عن حضن والدتها قبل أن تُفضَح ارتجافة جسدها..أعطتها ظهرها تُشغِل نفسها في ترتيب ملابسها و شعرها،:ماله داعي يُمه،المستشفى الأولي قالوا لنا اثنينا سليمين و التأخير من الله..وقت الا الله يكتب بيجي البيبي رفعت يدها تدعو،:ان شاء الله يارب الله يرزقكم الذرية الصالحة قريـب همست بشرود و أصابعها تعبث بملابسها،:ان شاء الله لم تستمع لكلمات والدتها قبل أن تخرج من الغرفة و تتركها..غاب عقلها في الدوامة التي حُشِرَت فيها..كُل يوم تزداد اتساعاً و تزداد فيها عواصف الكَذِب..تُريد والدتها منهما أن يذهبان لمستشفى ثانٍ للفحص..على الرغم انهُ لا يوجد مُستشفى أول ! صحّياً لا تُعاني من مُشكلة..من ناحيتها طبعاً هي واثقة..أما هو لا تدري عنه..هي واثقة من قدرتها على الإنجاب..صحياً و نفسياً..تُريد طفل تحمله بين ذارعيها،تغمر أنفها في شعره تستنشق رائحته الطبيعية..تسهر على صوت بكائه و تنام بعد أن تسقيه من ثديها حليبٌ يروي عطشه الصغير..كلمة ماما يتفتت قلبها لسماعها..تُريد أن ترى انتفاخ بطنها و تستشعر حركته في رَحمِها..تحفظه بين ظُلُماتٍ ثلاث بعيداً عن ضوء الحياة المُثير لفيض العيون..، رفعت رأسها للمرآة البعيــدة،لم تستطع أن ترى وجهها جيداً من غشاوة عينها و من بُعد المرآة..لكن الألم الذي سببه انشداد شفتيها الجافتين من ملح دموع بإبتسامة ساخرة أشعرها بملامحها..تَسخر من أحلامها هي وطفلها الوهمي ...، فهي ليست مريم العذراء لتَحْمَل بجنينيها دون أن يَمسَسها رَجُل قط ! ,، رَفَعَ الثقل للمرة الثانية و الخمسون..أنزله على صدره،تنفس بعمق ثُمَّ رفعه وهو يعد الثالثة و الخمسين..أنزله مع انفتاح الباب ليرفعه مُجدداً و الداخل يقترب منه..أخفضه مُكتفياً بأربع و خمسين مرة.. جَلس الداخل على الطاولة أمامه وهو يقول بإبتسامة مَرِحة،:صبــاح الخير يالنشيط اعتدل جالساً رافعاً ظهره عن المرتبة الرفيعة الخاصة بتمرينه الرياضي..ابتسم له و يده تمسح وجهه بالفوطة الصغيرة المُستقرة على عُنُقِه..بهدوء قال،:صبــاح الخير يالكسول ضحك وهو يضرب كتفه بخفة،:ياخي انا انسان احب الراحة و النوم،مالي خلق اقعد من صباحة الله عشان العب رياضة..ما استجنيت للحين اتكئ بباطن يُمناه على فخذه و يسراه ارتفعت في الهواء يُعَدد،:أولاً الساعة احدعش و شوي يعني مو تونا الصبح على قولتك،ثانياً اذا ظليت على هالنوم و الأكل جسمك أبداً ما بيتعدل..و ثالثاً و الأهم قعدة الصبح و الرياضة فوائدهم واجد "ضرب بسبابته جانب رأسه و أردف" أولها المخ النظيف أبعد يده عن رأسه و بسخرية،:جان صرت دكتور عشان كل يوم تقول هالحجي لمرضاك رمقه بنظرة ثُمَّ أبعد عينيه عنه وذلك ارتفعت ضحكته..يستمتع عندما يعبث معه..تساءل،:ليش جاي اللحين ؟ جان كملت نومتك ؟ تقلصت ضحكته لإبتسامة وهو يقول بتمثيل،:جـاي اشبع منك قبل لا تسافر ابتسم له بصدق،:والله بفقدك سلمانوو وبفقد جنونك رفع ذقنه بغرور مصطنع،:احسن عشان تعرف مقداري ابتسم له ثُمَّ أبعد عينيه للنوافذ الكبيرة المُنتشرة في النادي..اليوم الشمسُ سَخية،تُريد أن تودعه في آخر أيامه هُنا..تُطَهر بشعاعها الخفـيف ما دنسته الأيام من أتربة قذرة في روحه..قذارة للأسف اشتاقها..وهو عائد ليتشبع منها،مُثير للشفقة هو..يشتاق لقذارة لا يزال مُتَنَجساً منها..قلبه نتن يعشق الغرق في بحر الخيانة..، همس و بصره يعود لرفيقه،:باقي يوميـن ،:اييي عاد يبي لك برنامج طويل عريض عشان تودع لندن عدل ابتسم وهو يُخفض رأسه ينظر لإلتقاء أصابعه و بتساؤل،:تتوقع شنو بتكون ردة فعلهم ؟ شعر بيد سلمان على كتفه،رفع رأسه و ظهره مُنحَني..ابتسم له يُطمئنه،:اتكل على الله و ان شاء الله الامور بتكون تمام " وأكمل بمُزاح وهو يتصنع الجدية ويده تتراجع عن كتفه ليبسطها فوق صدره" فيــصل ياخوي اذا تبيني اجي وياك اساندك انا جاهز ترى اتسعت ابتسامته بصمت..تخلص صدره من تنهـيدة حائرة تبعثرت في الهواء ناشرة رائحة تأنيب ضمير يوسوس لهُ ثأر مُنتقم..همس بتوجس ،:اهلي مقدور عليهم،بعرف شلون اواجههم،بس مواجهة اللي في بالي الله يستر منها ~ انتهى ، |
الساعة الآن 11:54 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية