FILE PHOTO: A tram runs in downtown Lisbon, Portugal March 22, 2018. REUTERS/Rafael Marchante/File Photo

ترميم شوارع لشبونة

تابعوا معنا اهم الأخبار الأقتصادية والأعمال العربية والعالمية وأسعار العملات العربية والعالمية وأسواق المال والبورصة إضافة الي القضايا الاقتصادية التي تهم المواطنين

تنتشر عشرات الرافعات في شوارع لشبونة حيث يقوم عمّال بترميم أحياء بكاملها من العاصمة البرتغالية التي تشهد طفرة في قطاع البناء بعد سنوات من الركود. ويقول رومان كورتيش وهو بنّاء أوكراني متخصص في الأعمال التي تستلزم رافعات وفي صقل الواجهات «كنت أنتقل من مكان إلى آخر مع زميلي لطلب العمل… لا أعرف فعلاً كيف صمدنا».

وبعدما غادر مسقط رأسه في أوكرانيا للعيش في البرتغال في مطلع الألفية الثالثة، زاول مهناً عدة قبل أن يطلق عام 2009 شركة «ركيسا» لأعمال الترميم في المدن مع مواطنه ألكسندر شولياك. وهو يروي لوكالة «فرانس برس» قائلاً: «في تلك الفترة كنا نجني 53 يورو في الشهر تقريباً. وكنا على وشك الاستسلام». لكن الأمور تبدلت في مطلع عام 2014. فبعد ثلاث سنوات من تلقي البرتغال قروضاً أوروبية بقيمة 78 بليون يورو، بدأ البلد يخرج من أزمته وانتعش الاقتصاد، ما انعكس إيجاباً على هذين المواطنين الأوكرانيين.

ويخبر ألكسندر شولياك أن «الطلبات بدأت تنهمر علينا». وباتت «ركيسا» تتولى ما لا يقلّ عن 16 ورشة في العاصمة البرتغالية وحدها.

 وشهد قطاع البناء نمواً شديداً بعد سنوات من التراجع يعزى بجزء كبير منه إلى مشاريع ترميم المباني في المدن. وفي نهاية النصف الأول من عام 2017، كان القطاع يوظّف 310 آلاف شخص، في مقابل 287 ألفاً قبل سنة (ارتفع بنسبة 8 في المئة)، وفق المعهد الوطني للإحصاءات. وقد زاد معدّل الإنتاج في القطاع بنسبة 5.9 في المئة عام 2017، بعد تراجع نسبته 52 في المئة في السنوات الـ19الأخيرة، وفقاً لتقديرات اتحاد قطاع البناء.

ويوضح جوزيه فيليز من مكتب «برايم ييلد» للمشورة في مجال العقارات قائلاً: «خلال السنوات الخمس الأخيرة، كانت أعمال الترميم رافعة مهمة شكلّت أكثر من 80 في المئة» من نشاطات القطاع. وقبل عام 2013، «كان مبنى واحد من أصل ثلاثة خالياً من السكان في العاصمة ومتردياً أو متداعياً إلى حدّ بعيد»، وفق ما يوضح لويس منديس الباحث في معهد الجغرافيا وإدارة العقارات في جامعة لشبونة، لوكالة «فرانس برس».

لكن الوضع تغيّر اليوم. وبات الكثير من الواجهات المصفرّة بفعل الزمن يخضع لعملية ترميم واسعة وتشيّد خلفها عمارات جديدة، مع الحفاظ على الواجهات الأصلية. ويعزى هذا التغيير إلى «سلسلة من الإجراءات» الرسمية، على حد قول الباحث. وهو يذكر، على سبيل التعداد لا الحصر، رفع تجميد سعر الإيجارات المعمول به لعقود وما يعرف بـ «التأشيرات الذهبية» التي تمنح لمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي يتملّكون عقارات في مقابل 500 ألف يورو على الأقل، فضلاً عن منح صفة «المقيم غير العادي» التي تخوّل حاملها التمتع بتسهيلات ضريبية إذا كان مواطناً من الاتحاد الأوروبي انتقل للعيش في البرتغال.

وتضاف إلى هذه التدابير مجموعة من الحوافز المالية، مثل الإعفاء من الضرائب المحلية لمدة خمس سنوات لمن يشتري مبنى قديماً سيخضع للتجديد، وضريبة مخفضة على القيمة المضافة بنسبة 6 في المئة على أعمال الترميم.

ويؤكد رئيس جمعية السماسرة العقاريين لويس ليما، أن «البلد لم يعد يتّكل اليوم على هذه البرامج. وقد ذاع صيته وباتت لشبونة تلقى رواجاً». كما أن القطاع يتمتع بظروف جدّ مواتية، بحسب رئيس جمعية اختصاصيي الهندسة المدنية روي كامبوس، فقد زاره عدد قياسي من السياح عام 2017 بلغ 20 مليون زائر مع نموّ بنسبة 2.7 في المئة، فضلاً عن معدلات فائدة منخفضة. ويقول إن «سوق أعمال الترميم واسعة جداً، فهناك نحو مليون مسكن بحاجة إلى أعمال من هذا القبيل في البرتغال … وتقدّر قيمة السوق بـ24 بليون يورو».

وتتركّز ورش الترميم خصوصاً في لشبونة وبورتو، حيث تشهد الأسعار ارتفاعاً مطرداً، ما يدفع السكان إلى الانتقال للسكن خارج وسط المدنية.

ويشهد حيّ كامبو داس سيبولاس الذي لطالما كان خارج الوجهات السياحية التقليدية بسبب تداعي مبانيه، طفرة اليوم. وباتت شقة مرممة فيه تطلّ على نهر تاجه تكلّف 900 ألف يورو. ويؤكد رافاييل أسينسو الذي يدير شركة «بورتا دا فرنته» للسمسرة العقارية المتخصصة في المساكن الفخمة، أن «إقبال المستثمرين سمح بإنعاش أحياء كانت مهملة. وإنها لفرصة فريدة من نوعها».