الروبوت آلة مكانيكية قادرة على القيام بأعمال مبرمجة سلفا، إما بإيعاز وسيطرة مباشرة من الإنسان أو بإيعاز من برامج حاسوبية. غالبًا ما تكون الأعمال التي تبرمج الإنسالة على أداءها أعمالاً شاقة أو خطيرة أو دقيقة، مثل البحث عن الألغام والتخلص من النفايات المشعة، أو أعمالاً صناعية دقيقة أو شاقة.
ومن الواضح أن التصاميم التقنية في مجال الذكاء الاصطناعي تتمتع بإمكانات هائلة وفرص واعدة. وفي كل يوم، يتعلّم الذكاء الاصطناعي ويصبح أكثر دقة في إجاباته وتوقعاته وأفعاله. وفي محاولة لتوقع كل العواقب المحتملة جراء التطور المتسارع للروبوتات، أجرى الخبراء في روسيا أول محاكمة تجريبية على الروبوت.
ومع مرور الوقت، يمكن أن تحل الروبوتات محل الإنسان في عدد من المهن، وليس في أماكن العمل وحدها. على وجه الخصوص، وفق قول غيرمان غريف، رئيس مصرف «سبير بنك»، فإنه لا يوجد مجال في إطار الأعمال المعاصرة لا يجري فيه تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي. ووفق توقعاته، لن يكون هناك خبراء من البشر بعد مرور ما يتراوح بين 3 و5 سنوات يعملون في منصب المستشار التجاري أو في الإدارة الماليّة.
صعوبة صنع آلة تفكر كإنسان
مع ذلك، لن يحلّ الروبوت محل الإنسان، خصوصاً في الأماكن التي يلزم فيها بناء الأنظمة واتخاذ قرارات إدارية متوازنة. إذ إن عملية بناء تلك النظم المركبة تعتمد على الفكر بشكل كامل، ولا يمكن الروبوتية أن تصمم آلة تستطيع التفكير بتلك الطريقة.
من الضروري الإشارة إلى وجود فارق بين التصاميم في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات بحد ذاتها. إذ إن بعض تلك الآلات تحتوي على مجموعة محددة من عناصر من الذكاء الاصطناعي، وبالتالي فهي لا تجسد علومه كلها بالضرورة، وكذلك لا تقتصر تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الروبوتات وحدها!
هناك فئتان رئيسيتان يشدد عليهما الباحثون عند استعراض مفهوم الذكاء الاصطناعي، وهما النوعان القوي والضعيف من ذلك الذكاء، مع ملاحظة أن مصطلح «الذكاء الاصطناعي القوي» جرى تعريفه وتنظيره على يد الفيلسوف الأميركي جون سيورل.
ويعتبر الذكاء الاصطناعي الضعيف بمثابة أداة تسمح بحل بعض المهمات، في حين أن نظيره القوي هو عبارة عن حاسوب قادر على التفكير والتعرف وإدراك ماهية الأشياء، بما فيها أن يتفهم نفسه وآلياته وذكاءه! الأرجح أن صنع تلك التصاميم هو الذي يشار إلى إمكان أن يشكل خطراً محتملاً على البشرية. وفي المقابل، ما زال إمكان تحقيق تلك التصاميم المتقدمة موضوع جدل كبير لدى العلماء، لكن يحذر الكثير من الخبراء باستمرار، على وجه الخصوص الباحث إيلون ماسك، من خطر ذلك النوع من الذكاء الاصطناعي على البشر.
وعلى رغم ذلك، ذهب البروفسور ألكسي سامسونوفيتش من قسم «علم التحكم الآلي» في «الجامعة الوطنية (الروسية) للبحوث النووية» (اختصاراً «ميفي») إلى رأي فائق الواقعية، إذ رأى أن من المستطاع التكهن بأن الروبوتات سوف تتعلم في المستقبل استخراج الثروات الباطنيّة، وبناء المصانع، وتأمين الطاقة لعملها وغيرها.
رائد فضاء وحارس و…
في المقابل، ما زالت الآلات الذكية كلها (وضمنها الروبوت) تعتمد بشكل كبير على الإنسان، بمعنى أنها حتى لو كانت قادرة على تدمير البشر، فإنه لا يمكنها أن تبقى «على قيد الحياة» لوحدها وبنفسها!
وفي الواقع، من الأفضل النظر إلى الروبوت بوصفه مرحلة جديدة من الثورة التكنولوجية، مع ملاحظة وجود تصاميم عدّة فريدة من نوعها تتصدر مختبرات الجامعات المتقدمة، خصوصاً في الدول الكبرى.
وفي ذلك السياق، أعدت جامعات روسية رائدة، في مقدمتها الجامعات المشاركة في البرنامج الفيدرالي المعروف باسم «مشروع 5-100»، كوادر مختصة رفيعة المستوى في مجال الروبوتات. وتدأب تلك النخبة العلمية المتقدمة على العمل في صنع تصاميم لروبوتات تكون فريدة من نوعها، بل تسعى إلى ترويجها في الأسواق أيضاً.
وقبل فترة وجيزة، جرى تأليف فريق موحّد من العلماء من 38 جامعة في روسيا، بما فيها «معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا»، و «جامعة قازان الفيدرالية»، و «جامعة تومسك للعلوم التطبيقية»، و «جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية»، و «جامعة البلطيق الفيدرالية» وغيرها. يعمل ذلك الفريق على تصميم برمجيات لأول روبوت يعمل رائد فضاء. ويحمل الروبوت اسم «فيدور» FEDOR اختصاراً لمسمى المشروع الذي يصنعه وهو «موضوع البحث المتصل بالبرهنة التجريبية الأخيرة» Final Experimental Demonstration Object Research. وفي سياق متصل، هناك روبوت يقدر على العمل حارساً، جرى تصميمه من قبل شركة «تقنية الأندرويد» Android Technology و «مؤسسة الدراسات الواعدة» بتكليف من وزارة الطوارئ الروسية. يشار إلى أن بعض القطع والشرائح يجري إنتاجها في مختبرات جامعة جنوب الأورال الحكوميّة.
وحاضراً، يتقن الروبوت أعمالاً كفتح الأبواب، والتعامل مع المثقاب، وإطلاق النار بمسدسين في اليدين، والجلوس في السيارة والدرجات النارية الرباعية الدفع وقيادتها بشكل آلي. وفي وقت قريب، سيجري إطلاق روبوت «فيدور» إلى الفضاء بواسطة مركبة الإطلاق «أنغارا» من مركز «فوستوتشني» الفضائي.