سيرة كعب بن سور كعب بن سور هو قاضي البصرة، عرف عنه الذكاء والفطنة الشديدة وهذه إحدى القصص التي تدل على ذلك، حينما جاءت امرأة تشكو أمر زوجها إلى عمر بن الخطاب، لكن عمر لم يفطن لما أردته المرأة واستحت ان تقوله، إلا أن كع استطاع بحنكته فهم ما تعنيه، وحل مشكلتها فقد كان ذلك سببًا لأن ولاه عمر قضاء البصرة.
فطنة وذكاء:
ورد في كتاب الأذكياء لابن الجوزي أن حدثنا الشعبي قال: جاءَت امرأةٌ إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت : أشكو إليك خير أهل الدنيا إلا رجلٍ سبقه بعملٍ أو عملَ مثل عمله: يَقومُ الليل حتى يصبح، ويصوم النَّهارَ حَتى يُمسي. ثُمَّ أخَذَها الحياءُ فقالت: أقلني يا أميرَ المؤمنين (أي أُعذُرني) فقال: جَزاكِ الله خيراً فقد أحسَنتِ الثناءَ، قد أقلتك. فَلمّا ولت قال كَعبُ بن سور: يا أمير المؤمنين: قَد أبلَغت إليكَ في الشكوى. فقال: ما اشتكت؟ قال: زَوجَها. قال: علي بالمرأة وزوجها، فجيء بهما.
فقال لكعبٍ: اقضِ بَينَهُما، قال: أأقضي وأنت شاهد؟ قال: إنك قد فطنت لما لم أفطن إليه، قال: “فإنَّ الله يقول: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3]، صم ثلاثة أيامٍ وأفطرْ عندها يومًا، وقُم ثلاث ليالٍ وبت عندها ليلة فقال عمر: لَهذا أعجب إلي من الأول، فَرحلهُ بدابةٍ وبعثه قاضياً لأهل البصرة.
كعب بن سور الأزدي:
هو كعب بن سور بن بكر بن الأزدي، من أهل اليمن، كان مسيحيًا قبل إسلامه، وقد اعتنق الإسلام عن إدراك واقتناع فحسن إسلامه، لم يقابل رسول الله صل الله عليه ويسلم لكنه عاصر كبار صحابته رضوان الله عليهم، ويعد من التابعين، أرسله عمر بن الخطاب قاضيًا على البصرة فظل بهذا المنصب اثنى عشر عامًا في عهد عمر وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حتى استشهد في موقعة الجمل وعندما رآه رضي الله عنه قد مات قال: والله ما علمت أن كنت إلا صلباً في الحق، قاضياً بالعدل، وأثنى عليه.
زهد كعب وورعه:
تقول عن ذلك بنت كعب بن سور ألطفنا بعض الحي بلُطف(الهدية) فدخل أبي فرآه فأدنيناه إليه، فأكل ثم قال: من أين هذا لكم؟ قلنا له: أهداه، لنا فلان فتقيأه لأن الهدية إذا دخلت بيت القاضي دفعت إلى الطمع منه والشبهة فيه، وقد فعل هذا كعب لأن عمر بن الخطاب كان قد أوصى قضاته وعماله على الأمصار بأن لا يقبلوا الهدايا وكتب إليهم: “ألا إن الهدايا هي الرشا فلا تقبلن من أحد هدية” فيضرب لنا كعب أفضل الأمثال في الزهد والورع والامتثال لأوامر أمير المؤمنين.
كعب ابن سور واجتهاده في الفتوى:
اشترى رجل من رجل أرضاً، فوجدها صخرة، فاختصما إلى كعب بن سور فقال كعب: أرأيت لو وجدتها ذهباً، أكنت تردها؟ قال: لا. قال فهي لك، وهنا استند كعب بن سور في فتواه وحكمه إلى معيار الشخص العادي في تقدير العيب المألوف، وطبق قاعدة: «الغرم بالغنم»، يعني أن من ينال نفع شيء يتحمل ضرره.