سيرة فرانك كابريو هناك شخص واحد يفهم روح القانون في محكمة ولاية “رود آيلاند ” الإبتدائية في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يقدم مصلحة الإنسان وظروفه على هذه القوانين الصارمة ، والذي يدعى القاضي “فرانك كابريو” ، هذا الرجل الذي يبلغ من العمر واحدا وثمانين عاما ، والمكلف بقضايا مخالفات السير والجرائم الصغيرة ، ولقب ب”القاضي الرحيم” نظرا لمواقفه الإنسانية وطريقته المميزة في حكمه على القضايا المختص بها ، ولذلك أصبح نجحما بارزا على مواقع التواصل الإجتماعي مؤخرا في وقت قصير .
ولادته ونشأته
ولد القاضي كابريو في أسرة فقيرة جدا ، ومر بظروف معيشية شديدة الصعوبة في بدايه عمره ، وتمكن من دراسة القانون بعد أن شغل العديد من الوظائف ، حيث عمل في التدريس فترة زمنية ، وكان يعمل في غسيل الأطباق بالعديد من المطاعم لفترات طويلة ، ويعتقد هذا القاضي الرحيم أن القانون قد وجد ليساعد الناس ويكون معهم لا ضدهم .
صفات القاضي
يحكم هذا القاضي الرحيم في القاضايا التي يختص بها بطريقة غير تقليدية وخارجة عن المألوف ، حيث يقوم بدعوة الأطفل إلى جلسات المحاكمة ، وأبناء الأشخاص المتهمين بشكل خاص ليعينوه على الحكم ، ويأخذ كلامهم بعين الإعتبار غالبا ، ويكون الحكم الأخير لهم في معظم الأوقات ، ويعتمد في ذلك على صدق الأطفال وبرائتهم فهم لا ينحازون إلى أحد الاطراف ولا يكذبون ، وانتشر العديد من الفيديوهات الخاصة به عبر مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية ، حيث يهتم بآراء الأطفال وباحكامهم .
يضع القاضي كابرو في اعتباره بالظروف التي يعيشها المدعي عليه ، ويعتبرها من الأولويات التي يستخدمها للحكم ، فربما يخفف الأحكام على بعض الأشخاص الذين ليدهم معاناة ما ، وربما يقوم بإلغائها تماما ، وبالتالي يستطيع تحقيق العدالة الإجتماعية بطريقة مختلفة عن الآخرين ، ويميل إلى الجوانب الإنسانية ، ولا ينحاز إلى المؤسسات والقوانين التي لا تنظر إلى هذه الاعتبارات والظروف .
أبرز أقوال القاضي كابريو :
«إن شككت بوجود ظروف قاهرة لدى المتهم، أو أن حياته قد تكون مهددة، فإنني أقبل صحة تفسيره لما حدث، لأنه من العار عليّ أن أمثل سيادة القانون وأحكم على الشخص بما لا يستحق».
موقفه مع أحد اللاجئين السوريين :
تم تداول شريط مصور يظهر رحمته في محاكمة لاجئ سوري في الثّمانين من العمر متهم بمخالفة تتعلق بركن سيارة في غير مكانها.
المسن شرح للقاضي عذره في ارتكاب المخالفة، متكلما بلغة إنكليزية واضحة على الرغم من تقدمه في العمر ، وقال إنه ركن السيارة بالقرب منىالمتجر وذهب لإحضار العشاء، ولم يتجاوز الأمر عشر دقائق، ولدى عودته وجد على السيارة مخالفة بقيمة 30 دولار.
ثم طلب من القاضي الأمريكي مستنجدا: “أنا بحاجة إلى المساعدة، فأنا من دمشق من سوريا”.
القاضي الذي يبلغ من العمر بدوره 80 عاما بدت عليه معالم التعاطف، وسأل المتهم عن عمره وصحته. فأجابه الرجل الدمشقي : “صحتي جيدة والحمد لله، وأنا أشكر الله كل يوم على كل ما أعطاني، وأدعوه أن يعود السّلام لبلدي وللناس جميعا”.
وبكلمات متعثرة لكن مؤثرة، أضاف الدمشقي : “السّلام، السّلام، السّلام، الحرب شريرة وقاسية. نحن نحتاج للسلام من الله، وأنا أريد السّلام لكل النّاس”.
ولدى سؤال القاضي: “ما الذي تريدني أن أفعله؟”
أجاب اللاجئ السوري: “أحتاج مساعدتك لإزالة المخالفة“، وتابع: “أريد المساعدة لبلدي ولكل أبنائه لأنّ كلّ شيء مهدّم… الكنائس والمساجد والمدارس والمخابز، لا يوجد كهرباء… أريد المساعدة لتحقيق الحرّيّة لكلّ أبناء بلدي”.
فقال القاضي: “بإمكاننا جميعاً أن نأخذ درساً من الاستماع للسيّد سيف، نحن نقرأ الجرائد، ونشاهد التّلفاز في الّليل، ونظنّ دائما أنّنا نعلم جيدا ما يحصل في العالم، البعيد عنا ولايؤثر علينا بشكل مباشر.”
وأضاف القاضي: “عندما نقف وجها لوجه أمام الأشخاص المتضرّرين مما يحدث في ذلك الجزء من العالم، ونرى أثر ذلك عليهم، والحب الذي يحملونه لوطنهم، فإنّ هذا أمر مؤثّر جدّا ، يدفعنا لفتح أعيننا على ما يحدث، ولنتذكّر أنّنا جزء من هذا العالم فكل منا لديه أسلافٌ قَدِموا من أماكن أخرى”.
وماكان من القاضي الأمريكي، المولود لأب مهاجر إيطالي، إلا أن أسقط الدعوى عن السيد سيف، وأعفاه من دفع المخالفة. وقال له في النهاية: “لقد أحسنت صنعا”.
وهذه الحادثة ليست فريدة، فالقاضي الشهير على مواقع التوصل الاجتماعي بفضل برنامج تلفزيوني يبث جلسات الحكم من “محكمة بروفيدانس” الأمريكية، عرف عنه كثير من الحوادث التي تظهر أن العدل والرحمة صنوان.
القاضي اشتهر كذلك بمجموعة من الحالات من بينها إعفاء سيدة من دفع مخالفة بقيمة 50 دولار بعد أن عرف أنها لاتملك سوى 55 دولارا، قائلا لها : “لن أدعك تغادرين وليس بحوذتك إلا خمسة دولارات”.