مولد الإمام أبو حنيفة النعمان هو فقيه الدين الإسلامي، وصاحب المذهب الحنفي، أول المذاهب الفقهية الأربعة، له من العلم والتقوى والورع والحكمة وحسن القول ما جعل الإمام الذهبي يذكره بعد وفاته قائلًا: “وسيرته تحتمل أن تُفرَد في مُجلَّدَيْن رضيَ الله عنه ورحمه”.
مولده ونشأته
ولد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي بالكوفة عام ثمانين من الهجرة، وهو من التابعين؛ إذ أنه عاصر أنس بن مالك أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نشأ في أسرة مسلمة غنية كريمة، فكان يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة. أما تعليمه فقد تلقاه على يد مجموعة كبيرة من الأساتذة، منهم “حماد بن أبي سليمان” الذي ظل أبو حنيفة يتردد عليه طلبًا للعلم، حتى قال عنه “استنفزني أبو حنيفة”، وهي كناية عن كثرة ما نهل أبو حنيفة من علم بن أبي سُليمان. وتوفِّيَ الإمام أبو حنيفة النعمان وهو في السبعين من عمره، عام مئة وخمسين من الهجرة.
مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان
المذهب الحنفي هو ذلك المذهب الفقهي الذي سعى الإمام أبو حنيفة إلى وضعه، فكان بذلك أول المذاهب الفقهية الأربعة المُتَّفق عليها، وهي: المذهب الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي. وقد كان منهجه قائمًا بالأساس على اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى أخذه بالإجماع والقياس والاستحسان والعرف والعادة والرأي في غير حدود الله والكفارات والتقديرات الشرعية. ويُعتبر الإمام أبو حنيفة أقل الأئمة في رواية حديث رسول الله، إلا أن السبب في ذلك يرجع إلى حرصه الشديد على تحري الحقائق في الوقت الذي انتشرت فيه الفتن والأكاذيب وخاصة في بلاد العراق.
تواضُع أبو حنيفة النعمان
على الرغم من كل ما بذله الإمام أبو حنيفة من جهد ووقت في تحري الحقائق، ووضع مذهبًا فقهيًّا سليمًا ينير الطريق لمن تبعه في شتى شئون دينهم، إلا أنه كان جم التواضع وشديد الحياء والخوف من الله عز وجل، وقد كان له من الأقوال ما يؤكد ذلك، نذكر منها:
- “لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه”.
- “إذا قُلت قولًا يُخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فاتركوا قولي”.
- “حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي، فإننا بشر، نقول القول اليوم ونرجع عنه غدَا”.