يعود عيد الأضحى مرة أخرى ومعه يعود الافتراضات والجداول التي تحتوي على كل الخير .. وبالطبع ، مثل كل عيد ، نحن نفرط في الأكل. في كل عام ، مع اقتراب عيد الأضحى ، هناك الكثير من النصائح حول كيفية التعامل مع المشاكل الناجمة عن الإفراط في الأكل
الطعام هو حلقة مفرغة تشمل العقل وحالتنا النفسية والسير وفق التيار.. وعليه سنبدأ من نهاية الحلقة المفرغة لنصل في نهاية موضوعنا الى بدايتها لنظهر لكم كيف الامور البسيطة مثل تناول الطعام بكثرة خلال الأعياد يمكنها أن ترتبط بمجموعة كبيرة من العوامل النفسية والإجتماعية المتداخلة والمعقدة.
الجميع يفرط في تناول الطعام خلال الأعياد وعليه تجد نفسك ملزم باللحاق بالركب، فالأمر أشبه بعرف إجتماعي لا يمكنك القفز عنه. ناهيك عن واقع أن الضيافة في عالمنا العربي وخصوصاً خلال فترة الأعياد تصبح «إلزامية» إذ أن الرفض هو إهانة للمضيف.. وبالتالي عدم الإفراط في تناول الطعام ليس خياراً للغالبية.
المشاعر المختلفة والطعام .. علاقة تبادلية
الأعياد من الناحية النظرية من المفترض أن تثير مشاعر الفرح عند الجميع، ولكن الواقع يؤكد بأنها أيضاً تثير مشاعر الإكتئاب عند البعض الاخر. وبما أن الاعياد باتت ترتبط بإنفاق ما بعده إنفاق فإن الغالبية تميل لان تصاب بالإكتئاب قبل العيد وخلاله وبعده وذلك في ظل تردي الاوضاع الإقتصادية في غالبية الدول العربية.
الأكل العاطفي شائع جداً خلال فترة الأعياد يضاف الى ذلك واقع أن البعض وحين يشعرون بالفرح يميلون الى الافراط في تناول الطعام والعكس صحيح، أي ان الذين يشعرون بالحزن والتوتر والإكتئاب يميلون أيضاً الى الافراط في تناول الطعام.
في المقابل الطعام يمكنه أن يحفز المشاعر القوية، فكما هو معروف الروائح والنكهات والشكل يمكنها أن تحفز الذكريات والمشاعر المرتبطة بها. وعليه فنحن هناك امام علاقة تبادلية، المشاعر تجعل الشخص يفرط في تناول الطعام وهذا الاخير يمكنه أن يحفز المشاعر وبالتالي يجعل الشخص يفرط في تناول الطعام.
علماء النفس يكشفون أغرب سمات العباقرة
عقلك إنتهازي
العقل البشري هو نتيجة ملايين السنوات من التطور ومن الصمود بوجه قلة الطعام وعليه فإن عقلنا مبرمج للتعامل مع الطعام بطريقة غريبة. واحدة من المقاربات هي المكافأة، وهذه المقاربة تجعل الوعي يصبح في أدنى مستوياته.
عقل كل شخص مبرمج بطريقة معينة من أجل البحث عن الامور التي تعتبر مفيدة له والتي تتضمن الراحة الجسدية، التفاعل الإجتماعي، الماء وطبعاً الطعام.. ولكن ليس أي نوع من الطعام بل الطعام الذي يحتوي على الدهون، السكريات والبروتين والنشويات، وكلما كانت الكمية اكبر كلما كان ذلك أفضل بالنسبة للدماغ. فكلما تناولت هذه الأطعمة كلما منحك مكافأة المشاعر الإيجابية.
في المقابل العقل البشري إنتهازي.. وكل واحد منا إختبر المشاعر التي سنتحدث عنها وربما في سره خجل منها. عندما نتواجد في مكان يوجد فيه الكثير من الطعام فكل همنا يكون تناول أكبر كمية ممكنة من الانواع التي نفضلها أو تناول كميات صغيرة من كل نوع متوفر على المائدة.
التفكير بهذه الطريقة طبيعي، ولا داع للخجل منه لان الكل تراوده هذه الافكار وذلك لان العقل البشري إنتهازي حين يتعلق بالطعام. الإنتهازية هذه تبرز في أوضح صورها حين يتواجد الشخص بالقرب من الطعام فالعقل دائماً يبحث عن «الصفقات» المثالية فهو يريد الفوائد كلها بأقل قدر ممكن من «التضحية» وفي هذه الحالة الطعام من دون عناء تحضيره أو تحمل تكلفته . التواجد بالقرب من الأطعمة يحفز الرغبة في تناول الطعام حتى ولو كان الشخص قد تناول خلال الساعات السابقة ما يحتاج اليه جسمه من مواد غذائية ومن سعرات الحرارية.. وفي الوقت الذي يصل فيه الدماغ الى مرحلة «الاكتفاء» ويبلغك بانه حان الوقت للتوقف ستكون قد تجاوزت المعدل الطبيعي لكميات الطعام التي يجب تناولها خلال يوم واحد.
عود على بدء
كما ذكرنا في بداية الموضوع الإفراط في تناول الطعام في عيد الاضحى وكل الاعياد هو حلقة مفرغة. فنحن نقلد الذين يتناولون الاطعمة بكثرة ولكننا كلنا نخضع للمشاعر ولآلية تعامل العقل مع الطعام.. ما يجعلنا نصل الى النقطة الاولى وهي ان الفرد يقلد الاخر، الذي يقلده هو أيضاً بدوره.
الطعام خلال عيد الاضحى هو أشبه بتلك اللوحة الإعلانية التي تم وضعها منذ مدة، المرة الاولى القيت نظرة عابرة عليها ولكن بعد اسبوع لم تعد تمنحها اهتمامك لانها باتت جزء من الخلفية العامة للمكان وجزء منه. وهذا هو تأثير الطعام خلال الأعياد، تتناول ما تألفه من دون ان تفكر بالامر مرتين ولكن ما هو مختلف هو الذي يجعلك تريد المزيد. فأنت شبعت من تناول طبق معين ولكنك مستعد لتجربة طبق اخر بنكهة اخرى، الامر هناك كما لو انك تملك معدتين، الاولى تشعر بالتخمة من الأرز واللحوم والمعدة الثانية ما تزال تملك مساحة لتناول الحلويات.. والمعدة الثانية هنا هي العقل.