خلال الأشهر الماضية عملت شركة “أمازون” على سد الفجوة بينها وبين أبل، وارتفع سهم أمازون بنسبة 83 فى المئة خلال العام الماضى مدعوما بنمو سريع فى الإيرادات بفضل زيادة التسوق على الانترنت.
وفي الوقت الذي تحاول فيه أمازون شق طريقها بصورة أعمق في حياة عملائها، ماديا ومن خلال شبكة الإنترنت، أخذت تقلص المسافة بشكل حاد خلف “أبل” في سباقهما لاحتلال مقعد أول شركة عامة تصل قيمتها إلى تريليون دولار، وأصبح جيف بيزوس، المؤسس، أغنى رجل في العالم.
في الوقت نفسه، أمازون منذ فترة هي الشركة الأولى في تقديم خدمات الحوسبة السحابية للشركات، وتدفع بمجساتها إلى مجالات جديدة مثل الإعلانات والرعاية الصحية – التي يقول محللون إنها تمثل فرصا إضافية تعادل قيمتها مليارات الدولارات لشركة ضخمة حققت إيرادات بلغت 178 مليار دولار العام الماضي.
وبأخذ هذه العناصر معا، تعمل الشركة على إيجاد توليفة من الشركات ذات الهامش المرتفع والهامش المنخفض، يحدد توازنها ما إذا كانت ستبلغ المعلم البارز المتمثل في قيمة تبلغ تريليون دولار.
ويعتقد محللون أن المحرك الأكبر لتقييم أمازون هو تجارتها الأصلية والكبيرة؛ تجارة التجزئة عبر الإنترنت. وتذكر منصة الأبحاث “جي بي إتش إنسايتس” GBH Insights إن الحجم الهائل لهذا النشاط المنخفض الهامش يجعل قيمتها 650 – 700 مليار دولار. ومن المتوقع أن تزيد حصة أمازون في سوق التجارة الإلكترونية أكثر من 50 في المائة بحلول العام المقبل.
وقال دانيال إيفيز المحلل في “جي بي إتش إنسايتس”: “أود أن القول إن 75 في المائة من القصة في المستقبل المنظور هي الجانب المتعلق بالمستهلك. سيكون وقود المحرك النفاث حقاً في دولاب بيزوس الدوار لسنوات مقبلة”.
تعمل الشركة على إدراج مزيد من الناس في نظامها الأيكولوجي من خلال مشروع العضوية “برايم”، والذي يشمل الشحن المجاني والبث الحي للفيديو بالمجان، حتى وهي ترفع سعر الاشتراك السنوي من 99 إلى 119 دولارا على الأعضاء.
ويمكنها أيضا اكتساب دَفعة من حلال التكامل بشكل أكبر مع شركة هول فودز، سلسلة محال البقالة التي تمتلك 400 موقع التي استحوذت عليها العام الماضي، حيث بدأت في تقديم خصومات وتسليم مجاني لأعضاء برايم.
لكن من وجهة نظر الربحية، توسعات أمازون إلى ما وراء البيع بالتجزئة هي التي مكنت الشركة من البدء في تحقيق ربح منتظم في الأعوام الأخيرة، ما أدى إلى مضاعفة الدخل الصافي في الربع الأول ووصوله إلى 1.6 مليار دولار.
كتب بن شاشتر، محلل “ماكواري”، في مذكرة حديثة إلى العملاء فعليا، كل فرصة تستثمرها أمازون ستكون ذات هامش ربح أعلى هيكليا من هامش ربح أعمال التجزئة الأساسية المنخفض جدا”.
وقال في مذكرة أخرى منفصلة: “نعتقد أنه حتى من دون التوسع في الهوامش في بيع أعمال التجزئة الأساسية، تستطيع الأقسام الأخرى تحقيق نمو كبير في الأرباح على مدى العام المقبل وجعل أمازون أول شركة تصل قيمتها إلى تريليون دولار”.
والقسم الأبرز هو شركة أمازون لخدمات الشبكة، شركة الحوسبة السحابية، التي حققت هامش أرباح تشغيلية بلغ 25.7 في المائة في الربع الأول. وفي بقية أقسام الشركة، حقق فرع الشركة في أمريكا الشمالية – يشمل البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، واشتراكات مثل برايم، ومبيعات منتجات أمازون مثل الأجهزة الصوتية الذكية – هامش ربح بلغ 3.7 في المائة، أما قسم الأعمال الدولية فقد مني بخسائر.
وفي مجال الإعلان، تسعى “أمازون” إلى أعمال أخرى ذات هوامش جذابة وإمكانات نمو، كما يقول المحللون، على الرغم من أنها لم تقدم حتى الآن سوى لمحات من ذلك. زادت إيرادات الشركة “الأخرى” – المستمدة غالبًا من الإعلانات – أكثر من الضعف إلى ملياري دولار في الربع الأول. وقال بريان أولسافسكي، المدير المالي لأمازون، للمستثمرين إن الإعلان كان “مساهما قويا في تحقيق الأرباح”.
وتحقق الشركة أرباحا من الإعلانات التي تظهر عندما يبحث المستخدمون عن السلع الموجودة على موقع أمازون الإلكتروني، لكنها بدأت أيضا في استخدام جميع المعلومات التي تملكها عن المستهلكين لبيع الإعلانات التي تظهر على مواقع الشبكة الأخرى أيضا. ويتوقع محللون أن تصبح أمازون، مع مرور الوقت، منافسا قويا لشركة جوجل وفيسبوك في سوق الإعلانات الرقمية.
وبالجمع بين ما تعرفه حول مشتركي “برايم” وبيانات أجهزة “أليكسا” وزيارات المستهلكين إلى “هول فودز”، يرى إيفيز، من “جي بي إتش إنسايتس”، “فرصة ضخمة في أن تكون لديها رؤية شاملة من جميع الجوانب عن أي عضو في برايم، ومع هذا تأتي الإعلانات. هذه فرصة ستصل فعلا خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة إلى عشرات المليارات من الدولارات.”
لكن نمو أمازون تترتب عليه مجموعة من التكاليف. فالشركة تنفق الأموال على مراكز التوزيع ووسائل النقل لتلبية طلب التوصيل في الولايات المتحدة. وتستثمر بشكل كبير في الأسواق الدولية الخاسرة من أجل التصدي لتحديات من منافسيها، مثل وولمارت، التي وافقت على دفع 16 مليار دولار لشراء حصة أغلبية في شركة التجارة الإلكترونية الهندية “فليبكارت”.
وتشمل النفقات الأخرى الحفاظ على تقدم خدمات شبكة أمازون AWS على مايكروسوفت وجوجل، وتطوير أليكسا، وتكامل هول فودز، وبناء الأنشطة التجارية الجديدة التي تتضمن الإعلان. ومن المتوقع أيضا أن تنفق الشركة ما يزيد على أربعة مليارات دولار على التلفزيون والأفلام هذا العام، حيث تتنافس مع نتفليكس في البث، وتخطط لاستثمار ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار في بناء مقر ثان للشركة.
لم يُظهر بيزوس أي ندم في الماضي في التضحية الربحية من أجل الاستثمار وجذب العملاء. وفي فترات مختلفة من تاريخه أثبت المستثمرون استعدادهم إلى حد ما لقبول ما يسميه إيفيز “الألم على المدى القصير لتحقيق مكاسب طويلة الأجل”.
ومع مرور الوقت يتوقع المساهمون من الشركة إظهار أن هذه الاستثمارات تؤدي إلى تحقيق الأرباح، كما قال إيفيز. “قصة الهامش يجب أن تترسخ خلال الأشهر الستة إلى الـ 12 شهرا المقبلة من أجل دعم التقييم”.