قال تقرير أصدرته شركة كوينتايلز آي.إم.إس القابضة يوم الثلاثاء إن الإنفاق العالمي على الأدوية التي لا تصرف إلا بوصفات طبية سيصل إلى 1.5 تريليون دولار تقريبا بحلول عام 2021 على الرغم من أن المعدل السنوي للنمو سيتناقص مقارنة بالأعوام القليلة الماضية.
ويستند هذا الرقم إلى أسعار الجملة. وستسهم الولايات المتحدة بما يصل إلى 675 مليار دولار من 1.5 تريليون دولار.
وقال تقرير التوقعات العالمية للأدوية حتى عام 2021 الذي أعدته الشركة إن بعد حساب الخصومات والتخفيضات المتوقعة لشركات التأمين الصحي وغيرها من جهات السداد سيكون صافي الإنفاق تريليون دولار تقريبا في عام 2021.
توقع مختصون في مجال الصناعات الدوائية أن يزيد إجمالي الإنفاق العالمي على الأدوية، بمقدار 367 مليار دولار أمريكي حتى عام 2021، وذلك مع تحسن آفاق الطلب.
وبحسب التقديرات الدولية، يتوقع أن يبلغ إجمالي الإنفاق العالمي على الأدوية والعقاقير 1.5 تريليون دولار بحلول عام 2021، بزيادة تصل إلى 33 في المائة عن مستويات عام 2016، مع تطور اتساع النطاق الحضري.
بينما ستنمو الصناعات الدوائية بمعدل سنوي من 4 – 7 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة، بانخفاض عن مستوى النمو الذي تحقق قبل سنوات، البالغ 9 في المائة.
وحول أسباب هذا الانخفاض، يقول لـ”الاقتصادية”، الدكتور جرين ديف من شركة Astra Zeneca البريطانية للأدوية، “التراجع مؤقت، وقابل للتغير إذا تم اكتشاف أدوية جديدة للأمراض الخطيرة أو المزمنة، ويعود الانخفاض لقضايا تتعلق بالتسعير، وضغوط الوصول إلى الأسواق، وتحديات المنافسة، وكذلك مزيد من الإفراط في إنتاج الأدوية الجنسية على حساب أدوية أخرى أكثر أهمية لحياة المريض، أما ارتفاع النمو في سنوات سابقة فيعود إلى اكتشاف أدوية جديدة لعلاج أمراض الكبد والسرطان، ولكن يجب أيضا أن نشير إلى أن الحجم الإجمالي للأدوية المستهلكة عالميا سيزيد 3 في المائة حتى عام 2021، أي أعلى قليلا من التحولات الديمغرافية والسكانية في العالم”.
وتقع الصناعات الدوائية ضمن فئة الصناعات الاستراتيجية، التي تحظى باهتمام الحكومات، متابعة وتطويرا، حيث يتضمن هذا الاهتمام سعيا دائما لوضع تشريعات خاصة لحمايتها، والمساعدة على تحسين إنتاجيتها، ورفع مستوى الأداء فيها بصورة مستمرة.
ولا يقف ذلك الاهتمام عند حدود الفوائد الاقتصادية التي تعود بالنفع على الدولة من تلك الصناعة، وإنما أيضا لأن نزوح أعداد كبيرة من المواطنين من البادية والريف إلى المدن، واتساع نطاق الحضر، يجبر دائما الحكومات على الاهتمام بالقطاع الصحي، وإبلائه أعلى درجات الحرص، ومن ضمنه أعطى الأولوية للنهوض بالصناعات الدوائية.
وينعكس هذا الاهتمام كله في منحنى دائم الصعود – في معظم السنوات – لجميع مؤشرات الصناعات الدوائية، أما الهنات أو التراجعات التي تحدث لتلك المنحنيات من حين لآخر، فإن الأمر سريعا ما يتم تداركه، ليستقيم المنحنى مرة أخرى ويواصل الصعود، حتى يعود إلى تحقيق نمو إيجابي من جديد.
ورجح الدكتور جرين ديف ارتفاع إجمالي الإنفاق العالمي على الأدوية، بمقدار 367 مليار دولار من الآن وحتى عام 2021، مبينا أنه إذا تم التخلص من الخصومات السعرية والضرائب، فإن تأثير تلك العوامل على خفض النمو سيقدر بـ127 مليار دولار.
والابتكارات في علم الأدوية وتحديدا في أدوية الأورام والمناعة وعلاج السكري ستلعب دورا مهما في مدى الانتعاش أو التراجع في السوق مستقبلا.
وفي كل الأحوال سيحتل سوق الأدوية والعقاقير المرتبة التاسعة بين أكبر 20 سوقا للسلع في العالم، وبالطبع ستظل الولايات المتحدة أكبر أسواق العالم في مجال المستحضرات الطبية، وستحدد معدلات الاستهلاك فيها مسار النمو العالمي.
من جهتها، أكدت لـ” الاقتصادية”، الدكتورة اندروا كلارك الرئيس التنفيذي السابق لفرع شركة ميرك الأمريكية للمستحضرات الطبية في أوروبا، أنه في عام 2016 شكلت أمريكا الشمالية نحو 50 في المائة من مبيعات الأدوية العالمية مقارنة بـ21.5 في أوروبا، وقرابة 65 في المائة من مبيعات الأدوية الجديدة خلال الفترة من 2011 – 2016 كانت في الأسواق الأمريكية مقارنة بـ17.5 في المائة في الاتحاد الأوروبي، وهذا الاتجاه سيستمر في السنوات الخمس المقبلة.
وأشارت إلى أن العقاقير الجيدة ونتيجة تطور الأبحاث الدوائية ستصل إلى مستويات عالية تاريخيا، ولكن هناك تحديات تواجهها صناعات الدواء الأمريكية من قبل الصين والهند، حيث إن الصين بمفردها تسهم في نحو 12 في المائة من معدل النمو الإجمالي في الصناعة على المستوى العالمي.
وهو ما تؤكده الدكتورة راشيل كوك الأستاذة في كلية الصيدلة، حيث قالت لـ”الاقتصادية”، إن “الصين حاليا تفوقت على أوروبا وباتت ثاني أكبر سوق للمستحضرات الطبية وأسرع الأسواق الناشئة في هذا القطاع، نتيجة ارتفاع مستوى الطبقة المتوسطة، وزيادة عدد سكان المدن، حيث اتجه المجتمع نحو الشيخوخة نتيجة سياسة الطفل الواحد، وارتفاع متوسط العمر، ما زاد من احتياجات الرعاية الصحية في البلاد، وفي العام الماضي بلغ استهلاك الصينيين من الأدوية 122.6 مليار دولار”.
وأوضحت أن الأسواق الناشئة تشهد مزيدا من الاستهلاك الدوائي الذي سيرتفع من 145 مليار دولار العام الماضي إلى 175 مليارا عام 2022.
وفي الواقع فإن صناعة الرعاية الصحية عامة والأدوية خاصة لا تزال في مهدها في الصين، فنفقات الرعاية الصحية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي لا تزال منخفضة، وهناك مساحة كبيرة لنموها مع زيادة عدد السكان، ومن ثم زيادة الحاجة والطلب على الدواء.
وتظهر الطموحات الصينية في تلك الصناعة، عند معرفة أن عدد المستحضرات الصينية التي حصلت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية زاد من 22 دواء عام 2016 إلى 38 دواء في العام الماضي.
ويعتقد الخبراء أن القول الفصل في من سيتحكم فعليا في تلك الصناعة سيتوقف على الأكثر قدرة على توجيه مزيد من المخصصات المالية لمجال الأبحاث والتطوير، إذ إن أكبر 15 شركة في هذا المجال تستثمر حاليا 20.5 في المائة من مبيعاتها في تطوير عقاقير جديدة، بينما بلغ إجمالي إنفاقهم على مجال الأبحاث والتطوير نحو 90 مليار دولار، من إجمالي استثمارات تقدر بـ120 مليار دولار لأكبر 37 شركة عالمية في مجال الأدوية.
بدوره، قال لـ”الاقتصادية”، الدكتور جون جايمون رئيس القسم الفني في شركة بريستول مايرز للأدوية “شركات الأدوية العالمية وعبر ضخ تلك المليارات في مجال الأبحاث العلاجية، في محاولة للوصول إلى أدوية جديدة أكثر فاعلية، أو تطوير الأدوية المتاحة، تستثمر بكثافة في مستقبلها، فالعام قبل الماضي قامت أكبر 15 شركة دوائية في العالم بزيادة إنفاقها الاستثماري بنسبة 5.8 في المائة، وجاء في المقدمة شركة Celgene بنسبة 40 في المائة من المبيعات”.
وأكد أنه لا تزال شركة فايزر الأمريكية للأدوية تحتل المرتبة الأولى عالميا، وكذلك المرتبة الأولى في السوق الداخلي في الولايات المتحدة، حيث يصل نصيبها من سوق الدواء العالمي 5.56 في المائة، ومن السوق الأمريكي 6.7 في المائة، حيث رسخت الشركة وجودها في الأسواق خلال العقدين الماضيين حيث تنتج حاليا معظم أنواع الأدوية.
وكان مختصون قد توقعوا في وقت سابق ارتفاعا في الإنفاق الصحي، على الصعيد العالمي، حتى عام 2021 بمعدل 4.1 في المائة، وعلى صعيد ألمانيا، من المتوقع أن ينمو نحو 2.45 في المائة في الأعوام الثلاثة المقبلة. وحتى عام 2020 يتوقع أن يقفز الإنفاق الصحي إلى 8.7 تريليون دولار في العالم.
ويتوزع الإنفاق في القطاع الصحي على ثلاثة مراجع رئيسة، هي المستشفيات والأطباء والأدوية. وعلى الصعيد الألماني تغطي حكومة برلين 756 مليار يورو سنويا لصالح المستشفيات (مقارنة بتريليون دولار تخصصها حكومة واشنطن للمستشفيات الأمريكية)، يتبعها ما إجمالية 420 مليار يورو لصالح الأطباء (مقارنة بنحو 635 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية)، ثم الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية لما مجموعه 23 مليار يورو (مقارنة بنحو 34 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية و45 مليار فرنك سويسري في سويسرا).
وتسعى معظم دول العالم إلى إنعاش اقتصاداتها الصحية التي تتقدم كل يوم بفضل التكنولوجيا التي تستعمل الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض المزمنة، والروبوتات لتقديم العناية اللازمة للمسنين، والمجسات البيولوجية للسيطرة على التكاليف وتحسين الرعاية الصحية. وتنفق ألمانيا نحو 740 مليون يورو كل عام لتطوير هذه التكنولوجيا.
وتعد صناعة الدواء في العالم من الصناعات الضخمة حيث تبلغ حصة أكبر عشر شركات عقاقير طبية في العالم من المبيعات 429 مليار دولار من بينها خمس شركات أمريكية.
ورغم أن المنطقة العربية تعد من أكبر الأسواق استهلاكا في العالم فإن إمكاناتها لإنتاج الدواء لا تزال هزيلة بالمقارنة بالكميات الضخمة التي تستوردها. وتطمح شركات الأدوية الكبرى إلى الاستثمار في هذا القطاع في العالم العربي سواء من خلال تأسيس فروع لشركاتها الأم في المنطقة أو بالاستحواذ على شركات وطنية.
وبلغ حجم مبيعات سوق الدواء في العالم قرابة تريليون دولار، وتستحوذ الشركات الأمريكية على 30 في المائة منها والشركات الأوروبية على 30 في المائة واليابانية على 21 في المائة والباقي موزع على بقية دول العالم.
ومن الغريب أن 80 في المائة من الأدوية في المنطقة العربية هي مستوردة من الخارج بينما الباقي تصنع في المصانع العربية وحتى التي تصنع في المصانع الوطنية تكون المادة الخام مستوردة لذلك فإن أسعار الدواء دائما ما تكون تحت رحمة الشركات العالمية وتقلبات أسعار الصرف.
وقال تقرير التوقعات العالمية للأدوية تقرير أصدرته شركة “كوينتايلز أي إم إس” القابضة، حتى عام 2021، إنه بعد حساب الخصومات والتخفيضات المتوقعة لشركات التأمين الصحي وغيرها من جهات السداد، سيكون صافي الإنفاق تريليون دولار تقريبًا في عام 2021.
ومن المتوقع أن يراوح معدل النمو السنوي للإنفاق على مدار الأعوام الخمسة المقبلة بين 4 و7 في المائة مدفوعًا بأدوية أحدث لعلاج السرطان والسكري وأمراض المناعة الذاتية في الأسواق بالدول المتقدمة.
وهذا بالمقارنة بمعدل نمو في الإنفاق 9 في المائة في عامي 2014 و2015 كان مدعوما جزئيا بزيادة الطلب على الأدوية الجديدة لعلاج فيروس التهاب الكبد (سي)، وقد استقر المعدل منذ ذلك الحين.
وتجمع المؤسسة بيانات عن الأدوية التي لا تصرف إلا بوصفة طبية بشكل دوري من أجل قطاع صناعة الأدوية.
ومن المتوقع أن يمثل الإنفاق في الولايات المتحدة – أكبر سوق بأعلى أسعار للأدوية بفارق كبير – أكثر من نصف النمو العالمي خلال الفترة المذكورة وبمعدل نمو سنوي بين 6 و9 في المائة أو بين 4 و7 في المائة، بعد حساب الخصومات والتخفيضات.
ويتوقع التقرير تباطؤا في زيادات أسعار الأدوية ذات العلامات التجارية الأمريكية، وقد ينتج ذلك عن زيادة الضغوط السياسية. كما يتوقع زيادة أسعار مبيعات الجملة السنوية بما بين 8 و11 في المائة وزيادة صافي الأسعار بما بين 2 و5 في المائة.
ويتوقع التقرير أيضا طرح 45 دواء جديدا سنويا في المتوسط، وهو ما سيكون معدلا قياسيا.