معلومات عن أبو البقاء الرندي كان الشعر في العصر الاندلسي اهم نوع من انواع الادب، ولذلك فقد شاع بين الناس في الاندلس على نحو كبير، وفي ذلك الحين شجعت طبيعة الاندلس الجميلة الشعراء على قواعد الشعر، وخصوصا في الحنين الى المشرق، فقد نظموا العديد من القصايد في الغزل، والهجاء، والمدح، والرثاء، كما ان الشعراء في الاندلس قد ابتكروا شكلا جديدا للقصيدة؛ واعتبر ذلك الشكل مغايرا لشكل القصيدة التقليدية، وفي ذلك الحين عرف باسم الموشحات الشعرية، ومن ابرز شعراء الاندلس الذين ابدعوا في رثاء المدن، هو ابو المكث الرندي صاحب المرثية الشهيرة، والذي لقبه المورخون بشاعر رثاء الاندلس.[١]
نسب ابي المكث الرندي وحياته
ابو المكث الرندي هو صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن ابي القاسم بن على بن شريف النفري الرندي، وفي ذلك الحين ولد في عام 651 للهجرة، في مدينة رندة الواقعة في في جنوب الاندلس وفي ذلك الحين نسب اليها، وفي ذلك الحين اختلف في كنيته التي كان يكنى بها، فقد اوضح انه كان يكنى بابي البقاء، الا ان الارجح انه كان يكنى بابي الطيب، وفي ذلك الحين كان الرندي من اهل العلم، كما كان شاعرا، وفقيها، وحافظا، كما انه تولى امور القضاء في بلده، واشتهر ببراعته اللغوية؛ حيث كان ينظم في النثر والشعر، فبرع في الوصف، الا ان اكثر ما اشتهر به ابو المكث هو المراثي الحزينة ذات الطابع الملحمي.[٢]
مولفات ابي المكث الرندي
كانت لابي المكث الرندي مشاركات ضييلة في القضاء، والفرايض، والتاليف، فقد الف كتاب “جزءا على جديد جبريل”، وكان له كتاب في الشعر سماه “الوافي في معرفة القوافي”، وله كتاب عظيم سماه “روضة الاندلس ونزهة النفس”، بالاضافة الى تصنيف في العروض، واخر في الفرايض.[٢]
وقد امتاز شعر ابي المكث بجزالة الفاظه، ووضوحها، ورقة معانيها، فقد قد كانت له قصايد بديعة في اغراض شعرية متنوعة، فوصف النفس البشرية وما ينتج ذلك عنها من سوء وخير، ووصف الطبيعة من جبال وبحار وانهار، وقد كانت له قصايد متنوعة ومتنوعة، ومنها:[٢]
- قصايد في مدح ابطال المسلمين وذل الكفار، كقوله:
وكتيبة بالدارعين كثيفة
- جرت ذيول الجحفل الجرار
روض المنايا بينها القضب التي
- زفت بها الرايات كالازهار
فيها الكماة بنو الكماة كانهم
- اسد الشرى بين القنا الخطار
متهللين لدى اللقاء كانهم
- خلقت وجوههم من الاقمار
من كل ليث فوق برق
- خاطف بيمينه قدر من الاقدار
من كل ماض قد تقلد مثله
- فيصيب اجالا على الاعمار
- قوله في الصحبة المزيفة التي تزول نحو الحاجة:
ليس الاخوة باللسان اخوة
- فاذا تراد اخوتي لا تنفع
لا انت في الدنيا تفرج كربة
- عني ولا يوم القيامة تشفع
- قوله في وصف البحار والانهار:
البحر اعظم الامر الذي انت تحسبه
- من لم ير البحر يوما ما راى عجبا
طام له حبب طاف على زورق
- مثل السماء اذا ما مليت شهبا
- قوله في وصف الريحان:
واخضر فستقي اللون غض
- يروق بحسن منظره العيونا
اغار على الترنج وفي ذلك الحين حكاه
- وزاد على اسمه الفا ونونا
مرثية ابي المكث الرندي
ان الرثاء غاية شعري قديم، وفي ذلك الحين انتقل الى بلاد الاندلس، فعمل شعراوها على تعديل مفهومه والتوسع به، حتى ظهر بالشكل الذي نعرفه، فلم يتوقف نحو رثاء الاحباب، والاقارب، والملوك، لكن تمدد ليشمل رثاء المدن والدول، فعند وقوع المدن الاسلامية في يد النصارى، وتعرض المسلمين للطرد والتشريد، ادرك شعراء الاندلس هول المصيبة واخذوا ينظمون القصايد التي تستنهض عزايم الملوك لاخذ الثار، وبعد ان فشل الملوك في الحفاظ على مدنهم، بدا الشعراء برثاء مدنهم وممالكهم ودولتهم التي غلبوا فيها، حتى صار رثاء المدن والمماليك فنا شعريا قايما بذاته في الادب الاندلسي.[٣]
نظم ابو المكث الرندي قصيدة رثاء الاندلس، التي تعتبر من اشهر المراثي على الاطلاق، وهي ليست مجرد مرثية لمدينة محددة كقصايد غيره من الشعراء، لكن قد كانت لوحة كبيرة تتغنى بالاندلس كلها، فكتب قصيدته ليستنصر اهل العدوة من المرينيين، عندما بدا ابن الاحمر في التخلي عن عدد من القلاع والمدن لصالح الفونش من اجل ارضايه، وفي ذلك الحين عرفات القصيدة كذلك بنونية ابي المكث الرندي في رثاء الاندلس، والتي يبدوها بقوله:[٣][٢]
لـكل شـيء اذا مـا تم نقصان
- فـلا يـغر بـطيب العيش انسان
هـي الامـور كما شاهدتها دول
- مـن سـره زمـن سـاءته ازمان
وهذه الدار لا تبقي على احد
- ولا يدوم على حال لهـا شــان
تمزق الزمن حتما كل سابغة
- اذا نبت مشرفيـات وخرصـان
وينتضي كل سيف للفناء ولو
- كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
اين الملوك ذوي التيجان من يمن
- واين منهم اكليــل وتيجان؟
واين ما شاده شداد في ارم
- واين ما ساسه في الفـرس ساسان؟
واين ما حازه قارون من ذهب
- واين عاد وشـداد وقحطـان؟
والناظر في القصيدة يجد ما تحمله من دلالات عميقة والفاظ سهلة، دون تكلف او اصطناع، فقد كان يعني من هذا ان تبلغ قصيدته الى كل انسان يرفض الذل والهوان، وقلبه معلق بوطنه، يرفض عدم تذكره او استبداله حتى لو اجبر على مغادرته، فيقول:[٤]
وماشيا مرحا يلهيه معقله
- ابعد مدينة حمص تغر المرء اوطان
وفاة ابي المكث الرندي
توفي الشاعر ابو المكث الرندي في عام 684 هـ، واوصى ان يكتب على قبره هذان البيتان:[٥]
خليلي بالود الذي بيننا اجعلا
- اذا مت قبري عرضة للترحم
عسى مسلم يدنو فيدعو برحمة
- فاني محتاج لدعوة مسلم