جوجل أو غوغل أو قوقل هي شركة أمريكية عامة متخصصة في مجال الإعلان المرتبط بخدمات البحث على الإنترنت وإرسال رسائل بريد إلكتروني عن طريق جي ميل. تواصل عملاقة البحث الأمريكية جوجل العمل ببطء وثبات على صياغة استراتيجية جديدة للصين، وذلك لضمان أن لا تخسر الفرصة المتمثلة بالنمو الذي تحققه التكنولوجيا في أكبر بلد في العالم، حيث حاولت الشركة من خلال سلسلة من الإعلانات التدريجية على مدى الشهور الماضية تثبيت أقدامها من جديد ضمن الصين، والآن تظهر المزيد من الأدلة على هذه الخطط من خلال إطلاقها منتج جديد، والذي يتمثل بتطبيق إدارة الملفات لأجهزة أندرويد خاصتها المسمى Files Go.
وكانت الشركة قد أطلقت هذا التطبيق في الأسواق العالمية خلال العام الماضي، ولكنه وصل الآن إلى الصين من خلال عدة متاجر تطبيقات تابعة لجهات خارجية، حيث يساعد التطبيق المستخدمين في الإبقاء على الحفاظ على مساحة التخزين الداخلية لأجهزتهم من خلال اقتراح الملفات لحذفها إذا كانوا بحاجة إلى تحرير مساحة إضافية، كما أنه يتضمن ميزة للبحث عن الملفات ومشاركتها مع الأجهزة المحلية دون اتصال بالإنترنت.
وبالرغم من إطلاق التطبيق في الصين ليس حدثًا كبيرًا بالتأكيد، إلا أن الآليات الكامنة وراء توافره تعطينا نظرة مهمة حول كيفية تفكير جوجل وطريقة عملها في البلاد، وذلك بعد غيابها عن السوق الصينية منذ عام 2010، بعد قيامها بإعادة توجيه خدمة البحث الصينية إلى هونج كونج لمواجهة الضغوط الحكومية.
واتخذت جوجل أسلوبًا يعتمد على الشركاء لتوزيع البرنامج الجديد، وذلك نظرًا إلى أن متجر جوجل بلاي Google Play لا يعمل في الصين، حيث تعمل الشركة الأمريكية بالشراكة مع شركات تينسنت Tencent وهواوي Huawei وشاومي Xiaomi وبايدو Baidu الصينية، وتعمل هذه الشركات بدورها على توفير التطبيق ضمن متاجر التطبيقات المستقلة التابعة لها، والتي تعد أبرز متاجر تطبيقات أندرويد التابعة لأطراف ثالثة في البلاد.
وتعد مسألة استخدام شركة جوجل، المطورة لنظام التشغيل أندرويد والمالكة لمتجر تطبيقات أندرويد الرسمي “جوجل بلاي”، متاجر تطبيقات أندرويد خارجية تابعة لجهات أخرى من أجل نشر وتوزيع أحد منتجاتها أمر مستهجن تمامًا، ولكن في الحالة الصينية فإن الأمر يصبح منطقي تمامًا.
وكان هناك خلال الآونة الأخيرة تكهنات كثيرة مستمرة حول رغبة جوجل في العودة إلى الصين، والتي أصبحت، خلال غيابها عنها، أكبر سوق منفرد لمستخدمي الهواتف الذكية، والبلد الذي يتمتع بأكبر قدر من عدد تنزيلات التطبيقات، والبلد الموفر لأعلى عائدات تطبيقات سنويًا، وتركزت معظم الشائعات حول استراتيجيات جريئة مثل عودة متجر جوجل بلاي Google Play أو عودة محرك البحث الصيني من جوجل، ويعني ذلك الالتزام بمتطلبات الحكومة الصينية.
كما أن العوامل السياسية تلعب دورها في هذا الأمر، حيث تواجه الولايات المتحدة والصين حاليًا أزمة تجارية مستمرة وصلت الى التكنولوجيا، مما يؤثر على الصفقات، إذ اتخذ الرئيس الصيني شى جين بينغ Xi Jinping نهجًا لحماية وتعزيز الأعمال والصناعات المحلية، وخاصة الذكاء الاصطناعي، إلى جانب سياسات أكثر إثارة للجدل، بما في ذلك حظر الشبكات الافتراضية الخاصة VPN، وتركيز الضغط على شركة آبل المتهمة بالتواطؤ مع السلطات لمنع حرية التعبير في الصين.
وتمثل مسألة عودة شركة جوجل بشكل كامل إلى الصين تحديًا صعبًا، إذ يفرض ذلك الأمر أن تبدأ جوجل في إنشاء أنشطتها التجارية من الصفر تقريبًا ضمن سوق تنافسية إلى حد كبير، حيث لا تتمتع علامة جوجل التجارية باعتراف تجاري كبير، وهو ما يدفع الشركة، بشكل غير مفاجئ، إلى عدم القيام بتحركات كبيرة بعد ضمن هذا السوق، ويبدو أن الشركة تحاول بدلًا من ذلك استشكاف أساليب أكثر ذكاء.
واتجهت جوجل خلال الفترة الماضية إلى إطلاق عدة منتجات تجارية بالاعتماد على منصات قائمة، بحيث يبدو أنها عازمة على بناء العلاقات وتعزيز وجودها المحلي بشكل يسمح لشركتها العالمية بالاستفادة من المواهب والتكنولوجيا التي تقدمها الصين، حيث يمثل تطبيق Files Go أفضل مثال، وذلك بعد قيامها في عام 2017 بإعادة إطلاق تطبيق الترجمة، وجلبها مؤخرًا لمنصة الواقع المعزز ARCore خاصتها إلى الصين باستخدام شركاء، بما في ذلك شاومي Xiaomi وهواوي Huawei.
وتعمل جوجل، بعيدًا عن المنتجات، على تنمية العلاقات أيضًا، إذ قامت بإبرام صفقة واسعة النطاق مع عملاقة التكنولوجيا الصينية تينسنت Tencent، البالغة قيمتها 500 مليار دولار والمسؤولة عن تطبيق التراسل وي تشات WeChat، حيث قامت باستثمارات إستراتيجية لدعم شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة XtalPi، ومنصة Chushou للبث المباشر، وشركة الذكاء الاصطناعي Mobvoi.
ونظمت جوجل بعض الفعاليات المختلفة مثل بطولة AlphaGo مع المدرب الصيني Ke Jie in Wuzhen، وحدث مخصص للمطورين في الصين، وحدث Google Asia Demo Day الذي يقام في مدينة شنغهاي في شهر سبتمبر/ايلول، كما تعمل عملاقة البحث أيضًا على زيادة تواجدها على الأراضي الصينية، إذ افتتحت الشركة مختبراً للذكاء الاصطناعي في العاصمة بكين للمساعدة في الوصول إلى المواهب التي تتخذ من الصين مقراً لها.
وكشفت الشركة أيضًا عن تواجد لها في مدينة شنتشن Shenzhen، وهي عاصمة الأجهزة في الصين، حيث يوجد بها مكتب خدمات للموظفين، بحيث ترتبط هذه الخطوات مع عملية اقتناء جوجل لجزء من قسم تصنيع الهواتف الذكية في شركة إتش تي سي التايوانية في صفقة بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار، وبالرغم من أن هذه الإستراتيجية لا تزال في بداياتها، إلا أن تحركات جوجل في هذا الوقت مناسبة جدًا لإعادة تواجدها في هذا الجزء من العالم.