خلال السنوات الخمس الأخيرة، طالت تغيرات كثيرة الواقع الزراعي المصري، وانتقلت مصر من كونها هبة النيل والدولة الزراعية التي تزرع ما لذ وطاب من محاصيل، إلى دولة تصدر قانوناً يقضي بتقليص المساحات المخصصة لزراعة الأرزّ من 300 ألف فدان في العام الماضي إلى 182 ألف فدان في العام الجاري، أي بتقليص نسبته 45%، وذلك بسبب حاجة الأرزّ إلى الكثير من الماء.
أطلقت وزارة الزراعة، حملة قومية التوسع في زراعة محصول الكينوا في مصر، باعتباره واحدا من أهم الأنشطة ذات العائد الاقتصادي المرتفع.
وأكد وزير الزراعة، د. عبد المنعم البنا، أن محصول “الكينوا” يعد من المحاصيل الهامة التي يمكن أن تقوم عليها عدد كبير من الصناعات الغذائية، لافتًا إلى أن التوسع فيها يسهم في توفير فرص عمل للشباب، وخاصة بمناطق الاستصلاح الجديدة، والتجمعات الزراعية الصناعية.
وأشار وزير الزراعة، في بيان له، اليوم الجمعة، إلى أن مركز البحوث الزراعية ادخل محصول الكينوا عام 2005 من خلال قسم بحوث التكثيف المحصولي بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، حيث تمت زراعته بمدينة نويبع في محافظة جنوب سيناء كمحصول غذائي يسهم في تقليل الفجوة الغذائية.
وأوضح أنه تم تجريبه في العديد من المحطات البحثية ولدى المزارعين بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، حيث تم تقديم الدعم الفني الإرشادي المجاني للعديد من الأفراد والجمعيات الأهلية والشركات بالأراضي الجديدة وتطبيق نظم الري الحديثة لترشيد استخدام مياه الري.
وقال: إن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، أدرجت الكينوا ضمن المحاصيل الرئيسية التي ستلعب دورًا هامًا في ضمان تحقيق الأمن الغذائي خلال القرن الـ21، وذلك نظرًا لما له من قيمة غذائية مرتفعة ومقاومته الشديدة للظروف المناخية المعاكسة، لافتًا إلى أن “الكينوا” تعد من المحاصيل التصديرية والتي ستسهم في جلب المزيد من العملة الصعبة للبلاد.
ومن جانبه، قال رئيس مركز البحوث الزراعية، د. محمود مدني، إن “الكينوا” محصول حبوب حولي شتوي يُزرع في شهر نوفمبر، وتمتد فترة الزراعة إلى منتصف ديسمبر، حيث يحتاج إلى نهار قصير ودرجات حرارة منخفضة للنمو الجيد، مشيرًا إلى أنه بالرغم من أنه ينمو في مختلف أنواع الأراضي حتى الملحية، إلا أنه يجود في الأراضي الخفيفة حسنة الصرف حيث يتميز المحصول بتحمله للجفاف والملوحة وينمو بنجاح في الأراضي الرملية الجديدة.
وأشار إلى أن هناك تطورا مستمرا في مساحات محصول الكينوا، كما يتم توفير الدعم الفني الإرشادي المجاني، نظرا للإقبال على المحصول؛ لقيمته الغذائية نظراً لعائده الاقتصادي الكبير مما يُسهم في تحسين دخل المُزارع ، حيث وصلت المساحات موسم 2017/2018 لأكثر من 80 فدانًا موزعة على 20 موقعًا بمحافظات: جنوب سيناء، الإسماعيلية، الشرقية، المنوفية، الجيزة، البحيرة، والإسكندرية.,
ولفت إلى أن القدرة الإنتاجية للفدان تجاوزت حاجز إنتاجية الطن تحت ظروف الأراضي الرملية والجديدة كمناطق مُستهدفة لزراعة المحاصيل الجديدة دون الإخلال بالتركيب المحصولي الحالي وعدم منافسة المحاصيل الشتوية الأخرى بمناطق وادي النيل والدلتا، حيث أظهرت النتائج المجمعة مجموعة مُتميزة من التراكيب الوراثية التي يُرجى من الانتخاب منها إنتاج أصناف واعدة مبكرة النضج.
وأوضح أنه يجرى حالياً تسجيل صنف كينوا جديد ” مصر-1 ” لتوفير التقاوي للمزارعين والمستثمرين والشركات.
وفي سياق متصل، نظم مركز البحوث الزراعية، يوم حصاد لمحصول الكينوا بقرية زوير مركز شبين الكوم، في محافظة المنوفية، تحت رعاية وزير الزراعة، عبد المنعم البنا، وتحت إشراف رئيس مركز البحوث الزراعية، د. محمود مدني، وبحضور وكيل المركز لشئون الإرشاد والتدريب، د. علاء عزوز، ومدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية، علاء خليل.
كما شارك في يوم الحصاد أيضا وكيل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالمنوفية، د. حمدي جامع، ومسئول محصول الكينوا بمعهد المحاصيل الحقلية، د. عمرو شمس، ومدير عام الإرشاد الزراعي بالمنوفية، المهندس رجب غنيم، ولفيف من المُرشدين والمُهندسين الزراعيين وأعضاء الجمعيات التعاونية الزراعية بالمحافظة، وعدد من المُزارعين من مختلف القرى والمراكز التابعة لمحافظة المنوفية.
وعقدت قيادات مركز البحوث الزراعية ومسئولو الإرشاد الزراعي بالمحافظة، لقاءًا مفتوحًا مع المزارعين لتوعيتهم بأهمية هذا المحصول، واستخداماته وقيمته الغذائية، والصناعات التي يمكن أن تقوم عليه، كأحد المحاصيل الجديدة الواعدة، وشرح أهمية التوسع فيها في المستقبل، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.
وأوضح مسئولو المركز، خلال اللقاء، أن العديد من الشركات أنتجت العديد من المنتجات منها حبوب الكينوا العادية والعضوية والدقيق والمُعجنات مثل البسكويت وكذا البُن والسحلب بالكينوا، وذلك بدعم فني مجاني من معهد بحوث المحاصيل الحقلية خلال عمليات الزراعة والحصاد ومعاملات ما بعد الحصاد، لافتين إلى دخول الكينوا في صناعة أغذية الأطفال، حيث يُرشح بقوة في تغذية تلاميذ المدارس لارتفاع مُحتواه من الليسين والكالسيوم والحديد على وجه الخصوص، كذلك تتميز الحبوب بارتفاع قيمتها الغذائية حيث تصل نسبة البروتين إلى 16.5%، إضافة إلى ارتفاع محتواها من الأحماض الأمينية الأساسية وبخاصة الليسين مقارنة بباقي محاصيل الحبوب، وارتفاع نسبة الكالسيوم والحديد والمغنسيوم والبوتاسيوم والعناصر المعدنية عن محاصيل الحبوب الأخرى.
ومن جهته، قال مسئول المحصول بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، د. عمرو شمس، إن الكينوا تدخل أيضا في صناعة الأغذية الخاصة للمرضى الذين يُعانون من الحساسية لجلوتين القمح لعدم احتواء الحبوب على مادة الجلوتين، كما يصنع منه العديد من المخبوزات والكيك والرقائق والبسكويت والحلويات وتستخدم حبوبه في الإفطار كرقائق ويستخدم في إعداد وجبات متنوعة ويستخرج من الحبوب زيت غذائي ويمكن استخراج مادة السابونين التي لها العديد من الاستخدامات لاسيما في مجال تصنيع الأدوية.
وأشار إلى أن الكينوا تحصد، بعد حوالي 100-120 يومًا للأصناف المُبكرة النضج وقد تصل إلى أكثر من 160 يومًا للأصناف المتأخرة النضج، لافتًا إلى أنه تختلف كمية محصول الحبوب باختلاف الصنف ونوع التربة وميعاد الزراعة حيث يتراوح بين 0.75 إلى 1.25 طن/ فدان وبقدرة إنتاجية تصل إلى 1.8 طن/ فدان عند الالتزام بكل التوصيات الفنية والزراعة بالأراضي الجيدة