لشارب عند العرب لطالما دل على الرجولة، وكان مصدر للفخر والتبجح وكان أحياناً دليل الصدق والوفاء بالوعود فجملة «خذها من هذا الشارب» أزلية
كان للشارب أهمية في عدد من الدول العربية خصوصاً في مصر والشام والعراق والأردن، بل وتعد حلاقته من الأمور المعيبة إلى حد ما في بعض الدول، ولكن الحال تغير بعض الشيء، خاصة مع رواج موضة اللحى واعتبار الشارب من الأنماط القديمة، بالإضافة إلى أن البعض يعتبر حلاقة الشارب واللحية من النظافة والأناقة التي يتمتع بها الاشخاص؛ لذا نسلط هنا الأضواء على تاريخ الشارب وأهميته للبعض.
تاريخ الشارب
يعود تاريخ الشارب إلى عام 300 قبل الميلاد؛ حيث إن أول حالة معروفة لرجل كان يملك شارباً ظهرت في هذا التاريخ، وهي صورة لخيال كان من السهوب الأوراسية، ومرت رحلة الشوارب تاريخياً بالكثير من التقلبات، وفي العصر الحديث تجدها ارتبطت في العالم العربي بالمكانة الاجتماعية والمال والنفوذ، وفي الغرب تحوَّل من رمز للقوة إلى رمز للشغب.
الشارب عند العرب
لا توجد دلائل على أهمية الشارب عند العرب، فإذا ذهبت إلى تراث الشعر قبل الإسلام، ستجده خالياً من أي قصائد تتحدث عن الشوارب، وتجد رموز الشجاعة والرجولة ارتبطت بالحصان والسيف والنسب.
وفي العصر الإسلامي نجده حثَّ على حلق الشوارب، واختلف أهل العلم في السنة المستحبة للشارب فالبعض حثَّ على حلقة كاملة، والبعض الآخر حث على قصه مما يعني أن الإطالة لا أهمية لها في عصر الجاهلية وفي عصر صدر الإسلام.
وعبر التاريخ تجد أن العرب لم يهتموا بالشارب إلا في الحكم العثماني للعالم العربي، فظهر الأتراك محبين للشارب الذي تتجه أطرافه إلى أعلى بعد أن تأثروا بشارب الإمبراطور الألماني ويليهيلم الثاني، وفي هذه الحقبة حينها بدأ الاهتمام العربي بالشارب وإطلاقه وربطه بصفات القوة.
الشارب في عصر تدهور القيم الاجتماعية
على مر السنوات الماضية، فقد الشارب قيمته ولم يعد يرتبط بصفات إيجابية في كثير من الأحيان، فنجد الأشخاص الذين يحلفون بالشنب منافقين، رغم ارتباط الشنب عند العرب قديماً بالرجولة والصدق، ولكن تأثر الآن بتدهور القيم الاجتماعية واختلافها عند العرب في الوقت الراهن.
فرجل عصر الشارب دائماً ما يصنف على أنه يملك عقلية منغلقة، لا تريدها أي امرأة في الرجل الذي ترتبط به، خوفاً من إعادة مفهوم “سي السيد”، بالإضافة إلى تمرد الأجيال المتعاقبة على السابقة وعدم الاقتناع بأسلوب تفكيرهم بحكم التقدم الذي يشهده العصر هو أحد الأسباب الهامة التي أفقدت الشارب هيبته.
أما من ناحية الموضة، ففي السنوات الماضية أصبحت اللحى مهيمنة على موضة الرجال، ليس فقط في الوطن العربي، بل في العالم أجمع، وباتت من رموز الرجولة، ولكن انتشار المسلسلات التركية أعاد موضة الشارب شيئاً فشيئاً إلى الوطن العربي وهذه المرة بلا مضمون رجولي يذكر بل عبارة عن تقليد أعمى فقط من شباب العرب.