هناك مواقف تغني عن
قصص مطولة
والقارئ لكتب الأدب العربي يصادف كثيرا من هذه القصص التي يصنفها البعض اليوم تحت بند قصص قصيرة جدا
( 1 )
قصة في موقف......عن الكلام:
مرّ إبراهيم بن أدهم برجل يتحدث كثيرا بما لا يعنيه فوقف عليه وسأله: كلامك هذا ترجو به الثواب؟!
أجاب: لا.
قال: أفتأمن عليه من العذاب؟؟
قال: لا.
قال: فما تصنع بكلام لا ترجو عليه ثواباً وتخاف منه عقاباً!؟
********
يروى أنّ عبد الملك بن مروان استأذن على معاوية (ر) في الدخول فأذن له، ثم سلم عليه وجلس وبعد أن فرغ من حديثه قام وانصرف.
فقال معاوية: ما أكمل أدب هذا الفتى!
فقال بعض الحاضرين : نعم يا أمير المؤمنين.. لقد أخذ بأخلاق أربعة وترك أخلاقاً أربعة، أخذ بأحسن البشر إذا لقي.. وبأحسن الحديث إذا حَدَّث.. وبأحسن الاستماع إذا حُدِّث .. وبأحسن الوفاء إذا وعد.
وترك المزاح مع من لا يثق بعقله.. وترك مجالسة من لا يرجع إلى الحق.. وترك مخالطة من لا أدب عنده .. وترك من القول والعمل كل ما يتعذر منه.
********
اجتمع الخطيب المفوّه قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي فقال أحدهما لصاحبه: كم وجدت في ابن آدم من العيوب؟
قال: هي أكثر من أن تحصى .. وقد وجدت خصلة واحدة إذا استعملها الإنسان سترت عيوبه.
قال: وما هي ؟
قال: حفظ اللسان.
********
زعموا أن يمامة كانت آمنة مطمئنة في عشها بأعلى شجرة مورقة، فجاء في مكانها صياد وجعل يبحث عن طير يصيده فلم يجد شيئاً ولما همّ بالرجوع برزت اليمامة من عشها وترنمت بجميل صوتها، فتوّجه إليها الصياد وصادها، فلما وقعت في يده قالت لنفسها " سلامتي كانت في صمتي ولو ملكت منطقي لملكت نفسي".
********
( 2 )
قصة في موقف......عن الفطنة السياسية:
ظفر الرشيد برجل من الخارجين عليه فقال له : ما تريد أن أصنع بك ؟!
قال الرجل: الذي تريد أن يصنع بك الإله إذا وقفتَ بين يديه.. وهو على عقابك أقدر منك على عقابي.. (بالذي أنت أذل بين يديه مني بين يديك أسألك الرأفة).
فأطرق الرشيد برهة ثم قال : اذهب حيث شئت.
فأغراه جلساؤه به وحذروه منه. فأمر بردِّه، فلما حضر قال: يا إمام الأئمة لا تطعهم فيّ!.. فلو أطاع الله فيك خلقه ما استخلفك عليهم.
فعجب الرشيد من قوله وكمال فطنته وخلى سبيله لقوة حجته وتمام ذكائه.
********
قيل، أتى الحجاج بامرأة من الخوارج فقال لأصحابه : ما تقولوا فيها؟!
قالوا: عالجها بالقتل أيها الأمير.
فقالت: لقد كان وزراء صاحبك خيراً من وزرائك يا حجاج.
سألها: ومن صاحبي؟!
أجابت: فرعون.. استشارهم في موسى عليه السلام فقالوا أرجه وأخاه.
********
دخل النابغة على النعمان بن المنذر وأنشده:
تخِفّ الأرض إن تفقدك.... وتبقى ما بقيت بها ثقيلاً
فنظر إليه النعمان نظر الغضبان.
وكان كعب بن زهير حاضراً فقال: أصلح الله الملك، إن مع هذا البيت بيتاً ضلّ عنه هو:
لأنك موضع القسطاس منها ..... فتمنع جانبها أن تميلا
فضحك النعمان وأمر لهما بجائزتين.
********
دخلت امرأة عجوز على السلطان سليمان القانوني تشكو إليه جنوده الذين سرقوا لها ماشيتها بينما كانت نائمة.
فقال لها السلطان: كان عليك أن تسهري على مواشيك ولا تنامي.
فردّت العجوز: ظننتك ساهراً علينا يا مولاي فنمت مطمئنة البال.
********
شكا بعض أهل الأمصار والياً إلى المأمون فكذبهم وقال: قد صح عندي عدله فيكم وإحسانه إليكم.
فاستحيوا أن يردوا عليه.
فقام شيخ منهم وقال: يا أمير المؤمنين! قد عدل فينا خمسة أعوام فاجعله في مصر غير مصرنا حتى يسع عدله جميع رعيتك وتربح الدعاء الحسن.
فضحك المأمون واستحيا منهم وصرف الوالي عنهم.
********
يروى أن بعض الوزراء قال لهارون الرشيد وقد رآه ينفق أموالاً طائلة على العيون والجواسيس: إنك يا أمير المؤمنين تذكرني بالراعي الذي خاف على غنمه من الذئاب فاصطحب كثيراً من الكلاب؛ ولكنه اضطر بعد ذلك إلى ذبح نصف قطيعه لإطعامها.
-
يتبع -