لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


89 - زهرة لفرجينيا - ديانا كلارك - روايات عبير الجديدة ( كاملة )

السلام عليكم أنا حبيت أشارك أول مشاركة لي بالمنتدى بهذي الروايةالروعة و إنشاءالله تعجبكم وهي من روايات عبير الجديدة 89- زهرة لفرجينا ل ديانا كلارك

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-09-08, 09:32 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي 89 - زهرة لفرجينيا - ديانا كلارك - روايات عبير الجديدة ( كاملة )

 

السلام عليكم
أنا حبيت أشارك أول مشاركة لي بالمنتدى بهذي الروايةالروعة
و إنشاءالله تعجبكم وهي من روايات عبير الجديدة


89- زهرة لفرجينا
ل ديانا كلارك

الملخص

فرحت فرجينيا كثيراً , لتسنح لها الفرصة كل يوم بأن تتبع فترة تدريب عملي في احد فنادق الدوننغ فايف ستارز.
ولكن هل ستتم فترة التدريب بعد ان بدأ مالك ومدير هذا الفندق , السيد فترة التدريب بعد ان بدأ مالك ومدير هذا الفندق , السيد كريغ دوننغ التقرب منها؟
هل كانت روزا تكذب عندما اخبرتها عن زواجهما المرتقب؟



-1-


"البوسادا دون كريستوبال" قال السائق الذي يرتدي الزي الرسمي و هو يتشدق بكلامه ، و كان يشير إلى الجدران التي تعلوها الأسلاك الشائكة ، ثم اضاف بتعالي .
"كل هذا هو البوسادا دون كريستوبال " توقفت السيارة الكاديلاك امام السياج الحديدي ، واطلق السائق زمور سيارته ، فأسرع حارسان ليفتحا الباب، ثم دخلت السيارة في الممر الطويل ، و كانت الشمس قد غابت ، و لكن المصابيح الكبيرة المنتشرة في الحديقة كانت تضيء كل المكان .
في آخر الممر ظهر بناء كبير يعود للعصر الكولوني ، و كانت اعلام كل البلاد ترفرف فوق ابراجه العالي ، رأت فريجينا الازهار تزين المدخل ، و النوافذ المرتفعة ، وحوض السباحة الذي تتلألأ مياهه تحت نور المصابيح في الظلام .
"رائع" قالت فرجينا بدهشة .
"رائع جدا " قال جونثان باعجاب شديد "اشعر انني في إجازة لا بد أننا محظوظان لأننا أرسلنا إلى هنا "
"إجازة ؟ أتعتقد أن وظيفة متمرن مريحة جدا ؟ سيطلب منا غريغ دوننغ أن نبدأ العمل بسرعة ".
"أولا لا شيء يثبت أن كريغ دوننغ موجود في المكسيك الآن، ثانيا . مالك فنادق فايف ستارز سيهزأ كثيرا من متمرنين صغيرين مثلنا ".
و كان جونثان بيرنت و فرجينا سبرنغيل قد أنهيا دراسة الفندقية في جامعة كورنيل ، أشهر جامعات الولايات المتحدة و التدريب الذي سيقومان به الآن يتمم دراستهما ، و عندما علما أنهم ينتظرونهما في البوسادا دون كريستوبال ،في كيرنافاكا ، كادا يطيران من الفرح ، فالمكسيك أكثر إثارة من مدينة صغيرة في ميسوري أو في داكوتا.
توقفت الكاديلاك امام مكاتب الاستعلامات التي تشرف على بهو كبير ، و كان خلف البار يتجمع حشد غفير ، الرجال ببدلات السموكن ، و النساء بأثواب السهرة الرائعة ، اعضاء في الجت سيت ، فنانون و عدد كبير من الامريكيين .
و كانت الأوكسترا تعزف لحنا جميلا ، و المطرب كان ذا شوراب طويلة مكسيكية ، و الفرقة كانت مؤلفة من طبلين و فيولان و عدة غيتارات .
"تعجبني هذه الموسيقى كثيرا " قالت فرجينا ، لدي شريطا كاسيت لفرقة المارياشيت في المنزل" .
هبت نسمة هواء داعبت شعلات الشموع و حملت معها رائحة الزهور و الأعشاب ، و كان الخدم يتنقلون بين الزبائن في البار و في الصالة الكبيرة التي يقام فيها حفلات الكوكتيل .
"ياله من ديكور رائع" تمتمت فريجينا .
"إنه الفخامة عينها ".
"أنه وجه المكسيك الآخر ، الخاص بالأثرياء" قالت بصوت منخفض .
"أنا أفضل هذا الوجه، أرجوك ، دعينا من خطابات الأخلاق...".
لم يكن من طبيعة الفتاة أن تحتفظ بأرائها لنفسها ، منذ ساعات قطعت هذا البلد من أوله إلى آخره ، في ناحية وجدت الغنى الفاحش المختبئ خلف جدران الفيلات الفخمة و لقد مر بهما السائق عبر شوارع و أزقة تدل على الفقر المدقع ، هذه الصورة بددت فرحها بزيارة هذا البلد ،
وكانت فرجينا فتاة رقيقة لا يمكنها أن لا تبالي بمثل هذه الفوارق الأجتماعية...
الفتاة التي كانت في مكتب الاستقبال ، كانت أمريكية جميلة ، استقبلتهما بحرارة .
"أوه المتمرنان من جامعة كورنل ، أنا أدعى كورال ، و أنا نفسي كنت طالبة في كورنل ، و ارسلت للتدريب هنا ، و لا أزال منذ عامين... يبدو أن الإقامة هنا جيدة" أضافت ضاحكة .
ثم عادت إلى جديتها و استقبلت زبونتين امريكيتين مسنتين.
اتجه نحو مكتب الاستقبال شاب مكسيكي يرتدي بدلة سموكن بيضاء ، فاعتذرت كورال من زبونتها و نادت على السيد مارتينيز .
"سنيور مارتينيز ، لقد وصل المتمرنان الجديدان " و التفتت نحوهما و اضافت " إنه السنيور مارتينيز مدير البوسادا ".
مد جونثان يده نحو المكسيكي .
"جونثان بورنت، و هذه فرجينا سبرنغيل".
كان أرتور مارتينيز بالكاد يصل إلى كتف فرجينا ، و هذا لم يمنعه من أن يتأملها باعجاب ، بالنسبة لهذا الرجل القصير الأسمر ، تعتبر هذه الفتاة الشقراء ذات العيون الزرقاء بالنسبة له حلما لا يمكن بلوغه .
"تفضلا إلى مكتبي ، لو سمحتما " قال المكسيكي ثم التفت نحو خادم يرتدي زي الخدم و اضاف "باكو ، أنقل حقائبهما إلى الغرف التي ستعطيك أرقامها كورال " أمره بلهجة إسبانية سريعة بالكاد فهمتها فرجينا .
كانت قد درست القليل عن هذه اللغة قبل مجيئها إلى المكسيك ، تبعا السيد مارتينيز في ممر طويل يبدو أنه مخصص للإدارة و قرأت بوريتا لوحة على أحد الأبواب " المحاسبة " و قرأت على أخرى "أرتور مارتينيز المدير " و في آخر الممر قرأت لوحة تحمل اسم "غريغ دوننغ".
"السيد دوننغ موجود هنا؟ " سألته الفتاة .
"لا، نحن لا نراه كثيرا ، في كيرنافاكا" أجابها المدير بفخر " عندما يكون فندق كبيرا يعمل بدون صعوبات ، فالسيد دوننغ لا يزوره إلا نادرا ، لماذا يضيع وقته في البوسادا حيث يسير على ما يرام ؟ أنه الأن في بورينو ، لديه صعوبات كبيرة في افتتاح فندق دوننغ فايف ستار السابع و الأربعين ".
"السابع و الأربعين ؟" سأله جونثان بدهشة و إعجاب.
"نعم" أجابه أرتور و هو يدفع باب مكتبه " بالنسبة لشاب يريد النجاح ، فنادق دوننغ تقدم إمكانيات عديدة ".
جلس جونثان على كنبة جلدية و جلس المدير وراء مكتبه الكبير الفخم .
"تفضلي بالجلوس آنسة " و بدأ السيد أرتور بالحديث باللغة الإنكليزية المطعمة باللهجة الإسبانية .
"لا أريد أن اؤخركما كثيرا لا بد إنكما متعبين بعد هذا السفر ، و أعتقد أنكما جائعان ، الطعام سيكون جاهزا بعد أن تبدلا ملابسكما و تنتعشا ".
"و لكن اليست هذه البوفية معدة للزبائن؟" سألته فرجينا .
"ستكون تحت تصرفك ، و كذلك حوض السباحة و ملعب التنس و الغولف ، أما في البار و النايت كلاب ، فأنت ستوقعين على فاتورة تخصم من راتبك الشهري بحسم و أنا أحذرك أنه غال جدا ". و اضاف ضاحكا ثم فرك يديه.
"و الآن تكلمت عن أوقات فراغنا ، فما هو عملنا؟ " سألته فرجينا بالإسبانية لأنها تفضل أن تتعلم هذه اللغة جيدا .
"فتاة جميلة مثلك تفكر بالعمل ؟" سألها بنظرة دهشة .
"و لكن هذا هو سبب مجيئي".
"أعلم ذلك ، اسمعي ، المتمرنون عادة يساعدون في كل مكان يحتاج فيه إليهم ، في الاستقبالات ، في قسم السكرتارية ، في المحاسبة... ايناسبك ذلك؟". لم يكن بامكانها سوى الموافقة ، رغم أن هذه المعلومات لم تكن دقيقة .
"و ستبقيان معا كفريق واحد ، أنا متأكد أنكما ستتعلمان المهنة جيدا هنا " .
و كانت فرجينا تفضل أن تتعرف على الأعمال في كل الاقسام .
"أتمنى لكما إقامة طيبة في البوسادا ".
عاد جونثان و فرجينا إلى البهو الكبير ، فالتفتت نحوه ووجدت أنه مذهول أكثر منها .
كان جونثان في مثل عمرها ، في الثانية و العشرين تقريبا ، و كان طويلا أشقر و جذاب ، لكن شكله لم يكن يهم فرجينا التي تعتبره كسولا ، و لم تحب طباعه ، كان قادرا على جعل أهم المواضيع تبدو سخيفة... و خلال مدة الدراسة في كورنل ، لم تكن تستلطفه ، و لكن وجودهما معا في المكسيك جعلهما يتقربان رغما عنهما و رغم عدم وجود نقاط مشتركة بينهما ، ادركت فرجينا ذلك في الطائرة من نيويورك و مكسيكو ، و كان هذا أول نقاش طويل يحصل بينهما .
"أنه يعتبرنا ضيوفا أكثر مما يعتبرنا موظفين " قال جونثان " على كل حال ، هذا أفضل ، الحياة جميلة ، المسبح التنس البوفية ".
"هذا إذا بقي السيد مارتينيز على رأيه ".
"لا تكوني متشائمة ، لماذا سيغير أرتور رأيه؟" .
"صه، لا تناديه هكذا لو سمعوك ؟" .
"من يدري ، قد اتمكن من أن أدير رأس وريثة فاحشة الثراء ، الزواج من فتاة ثرية هو حلمي الكبير ".
"لكل واحد أحلام التي يستحقها " أجابته بحدة .
"إذا اهتم بك أحد زبائن البوسادا ، أراهن أنك لن تديري له ظهرك " ثم ضحك واضاف " تصوري أن يقع كريغ دوننغ بحبك ؟".
"هو؟ يقع في الحب ؟ هذا سيدهشني كثيرا ، و الحب بالنسبة له شيء حقير".
" أنت من نوعه المفضل طويلة شقراء رشيقة ".
"لا ، أبدا ، إنه يرافق دائما ذوات الشعر الأحمر أو البني ، يبدو أنه يهوى التغيير ".
و كان كريغ دوننغ يظهر دائما بجانب رجال الأعمال المهمين ، في أرقى مطاعم العلم ، و أفخم الشاليهات و اليخوت...
"إنه يغير خطيبته كل أسبوع " اضافت فرجينا " و لا أرغب أبدا في أن يضمني إلى لائحة ضحاياه".
"أنا لست من النوع الذي تعتقده" قال جونثان بسخرية مقلدا صوت فرجينا " أنا مغامرة ليلة واحدة؟ لا أنت تحلم يا عزيزي ، اما أكون للحياة كلها أو لا أكون ".
"كم أنت غبي جونثان". اقترب منهما الخادم باكو .
"سنيور ، سنيوريتا... أتريدان أن أرفقكما إلى غرفتيكما ؟".
"ألن يكون لنا غرفة واحدة مشتركة ؟ طالما إننا سنعمل كفريق ؟" قال جونثان ممازحا .
"شكرا "قالت فرجينا " القليل من الهدوء لو سمحت " ثم اضافت ضاحكة " لا بد أنك تشخر ".
"هذا صحيح ".
"الوريثات الغنيات لا يحبن الشخير " أجابته بسخرية .
رافقهما الخادم إلى جناح العاملين ، و اعجبت فرجينا بغرفتها الواسعة المطلة على الحديقة ، و التي تحتوي على حمام من الموزاييك الأزرق ، و توقفت أمام الشرشف المشغول على اليد الذي يغطي السرير ، و كان يمثل مسخا يملك أربعة ايد .
"يا إلهي ، لا بد أنني سأرى الكوابيس كثيرا" تمتمت فرجينا و هي ترتعش .
"إنه من صنع هنود الميشوكان" أجابها جونثان ضاحكا "لقد قرأت ثلاثة كتب عن حضارة المكسيك قبل السفر الماياس و الازتاك لا يخفون عني".
ثلاثة غرف أخرى تفصل بين غرفتها و غرفة جونثان ، و كانت غرفته مشابهة لغرفتها باستثناء المسخ المشغول على الشرشف ، و الذي استبدل بصورة عصفور غريب ، و افترق الزميلان على أن يلتقيا بعد نصف ساعة أمام البوفيه .
كانت كورال تنتظرهما في البهو ، و قد حل مكانها في الاستعلامات شابان مكسيكيان .
"أنهما يؤمنان الحراسة الليلية " قالت كورال " أنا لست على مستوى الزبائن الغير مرغوب بهم ليلا ، و الذين تكون قد أنهكتهم التاكيلا ماء الحياة المحلي ".
"ثوبك جميل جدا " قالت لها فرجينا .
فدارت كورال حول نفسها بسرور .
"إنه من موديلات بوتيك الفندق ، و ثوبك أيضا جميل جدا".
و كانت فرجينا ترتدي ثوبا طويلا من الحرير الاسود عاري الكتفين .
"إنه الثوب الأنيق الوحيد الذي أحضرته معي ، و لكني أنوي أن أشتري من هنا مجموعة من الأثواب المكسيكية ".
"أنا سعيدة جدا برؤية طلاب من جامعة كورنل كيف هي الآن؟".
"لا تزال كما هي ".
"هل أعجبتكما غرفتاكما؟".
"رائعة ككل هذا الفندق ".
"لقد مضى على وجودي هنا عامان ، و لم أمل منه".
"ألا تفتقدك الولايات المتحدة ؟" سألتها فرجينا .
"أنا أزورهم أثناء الإجازات ، كل عام يأتون لقضاء أسبوعين في المدينة و سأتزوج من بوب سترن ، مدير العلاقات الخارجية ، أنتما لم ترياه لأنه سافر بالأمس إلى اكستابا".
"هل هو أمريكي ؟".
"أمريكي الوالد ، مكسيكي الوالدة " أجابتها ضاحكة ، ثم رافقتهما إلى البار ، حيث كانت الفرقة لا تزال تعزف .
"سأقدم لكما المارغاريتا ، إنه مزيج من التاكيلا و الحامض ، ثم اصطحبتهما إلى البوفيه المليئة باصناف عديدة من أشهر المأكولات .
رفع الخادم غطاء فضيا ظهر تحته نوع من الدجاج المحمر .
"أنه طبق مكسيكي مميز " شرحت لهما كورال " بالنسبة لي إنه لا يعجبني أبدا ".
"سأتذوقه في يوم آخر " قالت فرجينا " لن أكثر من الطعام هذا المساء ، أريد أن أكون غدا في أفضل حال ".
"لن يكون العمل قاسيا ، ونحن لسنا منهمكين هذه الأيام ، و لكن هذا يتغير بين يوم و آخر ، سمعت أن مارلون براندو سيمثل فيلما في المنطقة ، و في هذه الحالة سينزل كل الفريق في البوسادا".
كان القمر منيرا و السماء مليئة بالنجوم ، و النسيم يحرك اوراق الأشجار فيسمع حفيفها ، فتناول كل منهم صحنه، و جلسوا حول طاولة ، فرجينا طلبت كوب ماء ، و طلب جونثان كأس نبيذ أبيض .
"المشروبات الروحية غالية جدا هنا "حذرته كورال " أطلب بيرة ".
"و لكني أرغب بالنبيذ " أجابها الشاب .
"إذا طلبت النبيذ مع وجبة طعام ، فيجب عليك دفع ثمنها ، و بهذا الشكل لن يبقى شيئا من راتبك آخر الشهر ".
"هل يأتي كريغ دوننغ إلى هنا دائما ؟" سألتها فرجينا و هي تتذوق طعامها.
"نراه ثلاثة أو أربعة مرات في السنة ، و يأتي دائما بدون إنذار سابق، و هذا ما يفرض علينا أن نبقى دائما على أهبة لتجنب مفاجأة سيئة".
"ألا يأتي أبدا وحده؟" سألها جونثان .
"أحيانا".
"دون جوان العصر لا يجب أن يخسر سمعته".
"و لكنه بحاجة للراحة من وقت لآخر " أجابته كورال ضاحكة .
"إنه يحب الشقراوات ، فرجينا لديها حظها".
"إنه يفضل التغيير ، وآخر مرة جاء بها تصور في الحديقة مع حسناء بيضاء عاجية و هي عارضة أزياء فرنسية مشهورة ".
"أهي عشيقته؟" سألها جونثان .
"لم أسأله ، حتى انني لم أرى ضيفته ، لكنني رأيت صورتها في إحدى المجلات بالصدفة ".
"إذا جاء و كان الفندق مليئا ، ماذا يحصل؟" سألتها فرجينا.
"إنه يملك فيلا خاصة به هنا ".
"هنا؟".
"نعم في وسط حدائق البوسادا في الممر الطويل خلف حاجز أبيض عليه لوحة خاص".


"خاص" قرأت فرجينا اللوحة التي على مدخل الفيلا ، و كانت مكتوبة باللغة الإسبانية و إلى جانبها لوحتان مماثلتان واحدة بالإنكليزية و أخرى بالفرنسية.
"يبدو أنه متمسك بهدوئه" تمتمت فرجينا بصوت منخفض .
و كانت تنزل إلى الحديقة و الفضول يلتهمها ، و تتمنى لو تستطيع أن تعبر الحاجز و تلقي نظرة على الفيلا التي لا يبدو غير مدخلها الأبيض ، و كان قد مضى أسبوع على وصولها إلى البوسادا و قضت أول أيام لها في الاستقبالات مع كورال ، ثم طلبت منها أنيتا أمينة الصندوق أن تساعدها في تفقد الغرف التي تم افتتاحها بعد أعمال الترصيص ، ثم ساعدت المحاسب و يجب عليها أيضا أن تنوب عن الدليل المرافق الذي تعطلت سيارته على بعد مئة كيلو متر من هنا ، و كان قد اتصل و اعلن عن عدم تمكنه من الوصول بموعده.
منتديات ليلاس
و فرجينا التي رافقته مساء أمس بالباص الصغير ، اضطرت لاصطحاب مجموعة أميركية لزيارة الكاتدرائية و قصر الكورتز و حدائق بوردا ، و انتهت الزيارة في السوق حيث سرت الفتاة كثيرا بالمعروضات المتنوعة .
هذا الصباح عادت فرجينا إلى مكتب الاستقبال ، و بعد الغداء جاءت موظفة مكسيكية لتنوب عن كورال .
"الآن جاء وقت الراحة " قالت كورال " لقد عملت كثيرا اليوم فرجينا ارتاحي قليلا".
"لكنني لست متعبة كثيرا".
"نحن لسنا في الولايات المتحدة ، و هنا لا يعني الوقت نفس الشيء كما بالنسبة للأمريكيين ، فلماذا الركض دائما ؟عيشي حياتك ".
"أتساءل لماذا يطلب السنيور مارتينيز متمرنين ، إنه لا يهتم بهم ، و لا يعطيهم عملا...".
"السيد غريغ دوننغ هو الذي يصر على وجود بعضهم في فنادقه ، لقد كان هو أيضا من طلاب الكورنل ".
"أهذا يعني أنه ليس كبيرا؟".
"إنه في السابعة والثلاثين فقط من عمره و لم يبلغ الأربعين بعد إنه ليس عجوزا".
"أنا أجد أن الرجل في الأربعين مثير أكثر من الشباب الذي في العشرين ، أنظري إلى جونثان مثلا ، أنه صبي ".
"أما غريغ دوننغ ، فرغم كونه في السابعة و الثلاثين ، إلا أنه مثير و فاتن ، و غني و لطيف و ذكي و ...".
"أنت تصفين الرجل المثالي ، و أين عيبه ؟".
"أنت تعرفين ذلك مثلي تماما ، غريغ دوننغ دون جوان متمسك بعاداته ، و في المجلة التي اشتريتها مؤخرا ، صورة له في تاهيتي...".
"مع تاهيتية؟".
"طبعا ، و كانت تقبله و تضع له عقدا من الصدف حول عنقه".
"قد يكون هذا من الفلكلور أو صورة للصحافة فقط" قالت فرجينا.
"إذا كان الأمر كذلك ، فمن المؤكد أن غريغ دوننغ سيستفيد من ذلك أثناء إقامته في تاهيتي".


تنهدت فرجينا ، لا لن تقضي ساعات أمام فيلا دوننغ و خرجت إلى الحديقة و كان الطقس رائعا ، فتوقفت أمام طاووس يزهو بريشه الملون و أخذت تتأمله بإعجاب ، أليست هي أيضا أنيقة مثله ؟.
توقف سائح ياباني بقربها و أبدى إعجابه أيضا بهذا الطاووس .
"الجميلة و الوحش " قال بإنكليزية ضعيفة ، إبتسمت فرجينا و اتجهت العصافير في قفص كبير .
"أوه ، أنت هنا ، فرجينا " سألتها كارمن الفتاة المسؤولة عن الديكور الداخلي " أيمكنك أن تسديني خدمة ؟".
"طبعا".
"لقد نسيت أن أجدد الأزهار في صالون السيد دوننغ ، أيمكنك أن تطلبي من جوانيتا أن تهتم بذلك ؟".
"نعم ، هل أعلن السيد دوننغ عن قدومه؟".
"لا، و لكننا نبدل الزهور كل يوم في المنزل ، في حال ...".

وجدت فرجينا جوانيتا في قسم البياضات .
"لقد طلبت مني كارمن أن أحمل الزهور إلى منزل السيد دوننغ" قالت لها فرجينا.
"أأنت من سيضع الزهور في منزل السيد دوننغ؟ " سألتها جوانيتا و كأنها لا تصدق .
"نعم أعطني الزهور".
"أأنت متأكدة أن كارمن طلبت منك الذهاب إلى هناك ؟عادة أنا و هي فقط الوحيدتان اللتان...".
"ماذا؟ أتشكين بي؟ " سألتها فرجينا بلهجة اللوم ، و كانت قد وجدت هذا الحل الوحيد لإرضاء فضولها ، و ليس هذا بالشيء المضر باحد...
"هيا ، جوانيتا ، لا تبالغي "، هزت جوانيتا كتفيها .
"أوه لا ، أيها تريدين ؟" و رافقتها إلى إحدى الزوايا حيث توجد أنواع مختلفة من أجمل الزهور .
"أنظري ، لقد وصلت هذه المجموعة لتوها ".
فاختارت فرجينا باقة زهور حمراء و اسرعت في الاتجاه المعاكس و هي سعيدة بهذه الخدعة ، و إذا انبتها كارمن ستقول لها أنها فهمت خطأ ، و ستدعي أنها لم تفهم الإسبانية جيدا ، ثم هزت كتفيها و تابعت سيرها و حاولت أن لا تعير اهتماما لهذه القصة ، الفضول عادة سيئة و قد تلقى عقابها ، و فجأة انبها ضميرها ، و همت بالعودة ، لكنها التقت بجونثان في أحد الممرات يحمل راكيت التنس تحت ابطه .
"زهرة بين الزهور " قال لها باعجاب " إلى أين أنت ذاهبة ؟ تبدين على عجلة من أمرك ".
"سأضع هذه الزهور في فيلا السيد غريغ دوننغ ".
"وهل سيأتي؟ يجب إذا أن أهتم جديا بعملي".
"هذا أفضل ".
"تصوري أن يلاحظ وجودي" قال جونثان يهزأ من نفسه ."تصوري أنه عندما يرى مميزاتي ، يعهد إلي بإدارة الفندق".
"كي تكون مديرا لاحد فنادق دوننغ فايف ستارز يجب أن تثبت مهارتك".
"بامكاننا دائما أن نحلم ".
"احلم كما يحلو لك " أجابته فرجينا "غريغ دوننغ ليس موجودا في المكسيك إنما في بورنيو ، أو في تاهيتي... و أينما كان يجب أن تبق الزهور تزين فيلته".
"و أنت من سيحملها إلى هناك ؟ يا لهذه الثقة ، سأرافقك ، احب أن أرى كيف يعيش سيد الفايف ستارز".
"لا سبيل لذلك ، أبدا".
"لا تغضبي هكذا ، على كل حال ستخبريني فيما بعد... ".
لم يكن باب الحديقة مقفلا ، فدخلت فرجينا إلى الحديقة الغناء ، دخلت إلى الفيلا و ضمت الزهور إلى صدرها و وقفت تتأمل الكتب المكدسة على طاولة قصيرة .
"إذا ، اخترت المونتاني؟" قال صوت ساخر من خلفها .
فالتفتت بدهشة كبيرة ، و رأت رجلا يقف و يتأملها ، فتراجعت خطوة للوراء و احست بالخوف الكبير .
"من... من أنت؟" سألته متعلثمة "ماذا... ماذا تفعل هنا؟".
"بإمكاني أن أطرح عليك نفس السؤال ".
"ألم تر اللوحة التي على حاجز الحديقة ؟ خاص ، خاص، خاص ؟".
"و أنت ألم تريها" سألها بحدة .
ففتحت فمها ، ثم أقفلته بسرعة و جحظت عيونها و هي تتأمل الرجل الذي ينظر إليها بإتهام ، و بدأ الشك يعبر فكرها... و كان الرجل الذي يرتدي بدلة قطنية زرقاء ، و قميصا أبيض شعره أسود قصير ، و وجه جميل و عيونه عسلية...
يا إلهي ، لماذا لم تتعرف عليه فورا ؟ إنه غريغ دوننغ نفسه.
"أوه" و ضمت الزهور إلى صدرها من جديد "سيد... دوننغ... اعذرني... لم أعرفك". فهز رأسه و قال لها بجفاف.
"و الآن قد عرفت ، قولي من تكونين ، آنسة و ماذا تفعلين هنا ".
ندمت فرجينا كثيرا مالذي دعاها لزيارة هذه الفيلا ؟ لقد رمت نفسها في موقف حرج قد يعرضها للطرد ، فغريغ دوننغ مشهور بقوته مع الموظفين ، فبلعت ريقها وشرحت له.
"لقد جئت لأجدد الزهور ، هذا يحصل كل يوم..."
من المحتمل أنه في كل فيلا من فيلاته تستبدل موظفة باقات زهور ، و لكن لا يجب أن يلاحظ ذلك .
"أعلم " أجابها كريغ "هنا هذه المهمة منوطة بكارمن وجوانيتا فقط " إنه يعلم ؟ و يذكر حتى أسم الموظفين ؟ غير معقول... فاخفضت رأسها و احتارت كيف تشرح له سبب وجودها و كان لا يزال ينظر إليها بجفاف ، هل سيبدي أقل تفهما ؟.
"من أنت يا آنسة ؟ و ماذا تفعلين هنا؟ ألن تجيبي ؟".
"أنا فرجينا سبرنغيل ، و جئت لأتمرن في البوسادا بعد أن أنهيت علومي الفندقية في جامعة كورنل".
"أنها الافضل في الولايات المتحدة ، كل عام نستقبل متمرنين في البوسادا و أحيانا كثيرة يبقى بعضهم للعمل في الفندق ".
تجنب ذكر دوننغ فايف ستارز ، أمن أجل عدم ذكر اسمه ؟ و هذا ما جعله لطيفا في نظرها ، فرفعت رأسها و ابتسمت .
"حسنا ، آنسة سبرنغل ، إذا أنت متمرنة في البوسادا ، و لكن هذا لا يشرح سبب وجودك عندي ". فقررت أن تقول الصدق .
"إيه... أنا... أنا شعرت بفضول يدفعني لرؤية فيلاتك" اعترفت و احمر وجهها " و لم أكن أعتقد أنك ستصل الآن ، هل ستطردني ؟".
"لماذا تروين لي هذه القصة بدل أن تقولي الحقيقة مباشرة ؟".
" أنها الحقيقة طلبت مني كارمن أن أطلب من جوانيتا أن تغير الزهور فقررت المجيء بنفسي... " و تجرأت و نظرت إلى عيونه ، وكانت عيونها الزرقاء تلمع في وجهها الجميل .
"و الآن هل ستطردني؟" سألته مرة ثانية .
فضحك الرجل و بدا أكثر شبابا ، فرغبت الفتاة أن تضحك معه.
"حسنا ، أنك لا تنقصك الصراحة ، كنت أنتظر سيلا من الاكاذيب... " ثم عاد لجديته " الاعتراف بالخطأ يغفر الذنوب".
و بطرف اصبعه رفع خصلة شعر عن وجهها ، و داعب جبينها ، و هذه الملامسة الخفيفة ، جعلتها تشعر بالشفافية .
"آه ، لا لن تقعي في سحر غريغ دوننغ " قالت لنفسها .
"أنت رائعة و زهورك أيضا " تمتم بهمس ، و كأن كل غضبه تبدد " أطردك ؟" اضاف مبتسما " بالتأكيد لا" و أشرقت عيونه العسلية و كان صوته عذب ناعم .
ثم وضع يده حول خصرها بحركة طبيعية ، فارتعشت الفتاة رعشة غريبة ثم سمعا خطوات تقترب منهما .
"غريغ"
فالتفتا و رأت فرجينا فتاة ترتدي ثوبا حريريا تدخل من الحديقة ، يبدو أن فرجينا ليست الوحيدة التي تخطت لوحة خاص .
هزت القادمة الجديدة شعرها الأسود الطويل ، و كانت جميلة بعيونها السوداء و بدهشة احصت فرجينا مجوهراتها عقدان ذهبيان عدة أسوار و أقراط و خواتم في كل اصابعها تقريبا .
"روزا ماذا تفعلين هنا ؟" سألها غريغ بدهشة .
"لماذا لم تقل لي أنك هنا ؟" سألته روزا بدلال ، "أنت لا تقل لي سيئا أبدا".
" أنا هنا من أجل العمل " أجابها بايجاز .
" العمل؟" و توقفت نظراتها على فرجينا " أرى ذلك "
اضافت بحدة ، بإنزعاج واضح ، قام غريغ بالتعريفات .
"فرجينا سبرنغل ، متمرنة في البوسادا ، روزا غيريرو".
"آه موظفة ؟ " قالت برؤوس شفتيها ثم ادارت ظهرها لفرجينا ، و وضعت يدها على ذراع غريغ بحركة تملكية .
"كيف علمت أنني هنا ؟" .
"والدي أخبرني ؟".
ابتعدت فرجينا فورا ، و لم تكن تدري إذا كان أفضل أن تستأذن أو أن تنسحب دون أن يلاحظاها ، لكن روزا حلت لها هذه المشكلة .
"بإمكانك الإنصراف الآن " قالت لها بتعالي ، و كأنها تتكلم مع خادمة حقيرة ، شعرت فرجينا بالإشمئزاز ، فإذا كانت الفوارق اللإجتماعية لا تزال كبيرة في اميركا الجنوبية ، فهذا الأمر مختلف في اميركا ، و مع شعورها هذا ، انسحبت بسرعة ، و التفتت نحوها عندما وصلت إلى الباب ، فوجدتهما يتحدثان بالإسبانية بانسجام كبير ، ودون أن يعيراها أقل اهتمام ، حتى أن غريغ لم يقل لها كلمة وداع ، و لم يلق نظرة نحوها .
كانت وقت القيلولة ، و أغلب الزبائن يرتاحون في غرفهم أو يتمددون على الكراسي الطويلة في فيء الأشجار ، و لم تكن فرجينا قد اعتادت بعد على النوم بعد الظهر ، و كذلك جونثان الذي كان ينتقل من مكان لآخر محاولا لفت النظر إليه ، و منذ علم بوجود غريغ دوننغ في البوسادا ، و قد أصبح أكثر العاملين نشاطا ، تراه في كل مكان مشغول ومنهمك ، مع أنه منذ وصوله إلى البوسادا لم يكن قد رفع إصبعه .
"يالها من سخرية " تمتمت فرجينا و هي تربط شريط حذاءها الرياضي ، و كانت كورال قد دعتها لأن تلعب معها بعد ظهر هذا اليوم ، و لم تكن الفرصة قد سمحت لفرجينا بلمس الراكيت ، و كانت لعبة التنس لعبتها المفضلة .
تأملت الفتاة نفسها في المرآة ، ورفعت شعرها بشريطة مطاطية ، و كان جسدها رشيقا و خاصة بهذه التنورة البيضاء القصيرة التي تظهر جمال ساقيها البرونزيتين .
"هيا ، تمرني قليلا ، و إلا ستصابين بالكسل هنا ، طعام كثير ، و قليل من العمل سيضران برشاقتك " قالت لنفسها و هي تحمل الراكيت و تتجه إلى أرض الملعب حيث يوجد مقهى صغير .
كان هناك عدد من الأطفال يرتدون بناطلين قصيرة و بلوزات قطنية مطبوع عليها اسم البوسادا ، و كانت مهمتهم التقاط الطابات ، هنا لا يكلف الزبائن أنفسهم عناء الانحناء لالتقاطها ؟ أهم بحاجة للأولاد ؟ و نقلت إلى كورال امتعاضها ، لكن كورال قد اعتادت على هذا المكان فاكتفت بأن هزت كتفيها .
"السيد مارتينيز هو الذي أشرف على تدريبهم و هذا يسمح لهم بالحصول على بعض البيزوس ، فاللاعبون هنا كرماء جدا ".
"الأفضل لهم أن يتناولوا طاباتهم بانفسهم ، ألا يخجلون من تشغيل هؤلاء الصغار ؟".
"أكثر الأولاد يعملون في المكسيك ، و الركض خلف طابة أفضل من دهن الأحذية في زوايا الشوارع ، أو حمل الأثقال أو مد أيديهم..." .
لم تتمكن فرجينا من فهم هذا البلد المختلف جدا عن بلدها ، مع أن المكسيك له حدود مشتركة مع الولايات المتحدة ، الا أنه يبدو و كأنه في الطرف الآخر من الدنيا ، و كانت كورال ترتدي بنطلون طويل و ترتدي قميص أخضر و تشرب قهوتها فطلبت فرجينا فنجانا .
"ألست جاهزة ؟ هيا بدلي ملابسك ".
"لا أملك الشجاعة فرجينا ، الطقس حار جدا ".
"أنت تبالغين ، كما و أنت وعدتني باللعب... ".
"مرة أخرى ، اللعب تحت أشعة الشمس في هذا الوقت من النهار هو ضرب من الجنون ، أقسم لك إنني سألعب معك غدا ، لكن ليس خلال النها ، بل بعد المغيب ، لا تنسي أن الملعب مضاء ".
"و لكن غدا هو يوم عطلتي ، و أفكر بالذهاب إلى تاكسكو ".
"إنها مدينة جميلة ، و تبعد مسافة ثمانين كيلو مترا من هنا ، و بساعة واحدة تصلين إليها في الباص... ".
انضم إليهما جونثان و هو يمسح العرق عن جبينه .
"أشعر بأنني سأموت ... من حسن الحظ أن الغد هو يوم إجازة " قال لاهثا .
"أنك تتعب نفسك هذه الأيام لماذا ؟" سألته كورال ضاحكة .
" أنت تعلمين أريد أن الفت نظر غريغ دوننغ فمن يدري متى سيدرك أنني الشريك الذي يحلم به " أجاب و هو يسخر من نفسه .
"في البداية كنت أكثر تواضعا ، كنت تريد فقط أن تكون مدير البوسادا ". قالت له فرجينا ضاحكة " و الآن ترغب بأن تصبح شريك دوننغ بكل بساطة ؟".
"يجب أن تصوب عاليا ، و لهذا السبب أنهك نفسي منذ وصول السيد غريغ دوننغ و سأكون أكبر غبي إذا لم أجعله يلاحظني طالما أنه موجود هنا " و لكن هل غريغ دوننغ ساذج جدا لهذه الدرجة ؟ لا بد أنه معتاد على رؤية الكثيرين من المتشدقين .
"أفكر بالذهاب غدا إلى تاكسكو ، أترغبين بمرافقتي فرجينا ؟".
"بكل سرور ، كنت أقول ذلك لكورال منذ لحظات ".
"حسنا سنلتقي غدا في الساعة الثامنة إذا ".
"جونثان ، ألا ترغب باللعب معي بالتنس قليلا ؟".
"الآن ؟ بالتأكيد لا ، الطقس حار جدا ".
"ليتني لم أرتد هذه الملابس " أجابته فرجينا بيأس .
"أطلبي من غريغ دوننغ أن يلعب معك بعض الطابات ".
"لماذا لا أطلب من رئيس المكسيك نفسه ؟" أجابته و هزت كتيفيها ، كانت تعتقد جونثان يمزح ، و لكنها أرتبكت كثيرا عندما رأت غريغ دوننغ يدخل إلى المقهى ، و كان يرتدي شورت و تيشرت قطنيين مكتوب عليهما باللون الأصفر اسم أشهر مصممي الأزياء الرياضية ، و كان ينظر إليها فلم تستطع تحمل نظراته ، فاخفضت رأسها ، و كانت بعد لقائها به في منزله ، قد التقت به عدة مرات ، لكنهما لم يتبادلا الكلام ، و كان يكتفي بأن يحييها بإشارة من رأسه من بعيد .
"أنظري إلى عضلاته و إلى لونه الأسمر ، و مشيته الواثقة ، أنه أفضل اللاعبين ، وهذه الآنسة يبدو أنها صديقة لهذا الدون جوان... " قال جونثان باعجاب .
و كانت تلك الآنسة هي روزا التي التقتها فرجينا في منزل غريغ ، و كانت ترتدي تيارا رسميا ، و حداء عالي الكعبين ، من الواضح أنها ليست شريكته باللعب ، وكانت تجلس في الناحية الأخرى ، ونادت على الخادم بتعالي ، فجاء و احضر لها علبة السجائر ، فتناولت واحدة و قربتها من شفتيها ، فانحنى غريغ و أشعلها لها ، ثم عاد الخادم و وضع أمامها صحنا من البوظة التي يعلوها الكريم شانتيل .
"إذا أتبعت مثل نظام الأكل هذا دائما ، فأنها لن تحتفظ برشاقتها مدة طويلة " قالت فرجينا ، ثم ندمت ، فلتأكل روزا ما يحلو لها ، ماذا يعنيها هي من كل هذا و لكنها تكرهها ، لأنها كلما التقت بها تتذكر احتقارها لها ذلك اليوم .
" إذا لم تنتبه روزا إلى جسمها فإنها ستصبح مثل والدتها " قالت كورال .
"أتعرفين والدتها ؟" سألتها فرجينا بدهشة .
"نعم... " و ضحكت كورال " لو ترينها، أنها جبل... جبل ضخم... والدي روزا هما كوبيان ، و لقد نجحا من الهرب عندما أمسك فيدال كاسترو بزمام السلطة ، و هربا كل أموالهما إلى الولايات المتحدة ، أنهم أصحاب فندق الكاريب الشهير ".
"فندق الكاريب ؟ لقد سمعت كثيرا عنه خلال دراستي ".
"غريغ يرغب بوضع يده عليه ، لكن حتى الآن يرفض السيد غريرو بيعه".
"ألان غريغ لا يدفع له مبلغا مناسبا ، لكل شيء ثمنه... " سألها جونثان .
"إذا كان بإمكان أحد أن يقدر قيمة فندق ، فهو غريغ دوننغ بالتأكيد ".
" و ماذا دخل روزا في كل هذا ؟" سألها جونثان .
"أنها ترمي نفسها عليه ، و هو يتركها تفعل... ".
"لو كنت مكانه لفعلت مثله " أجاب جونثان " روزا هذه مثيرة جدا".
" أنها مسألة ذوق على كل حال غريغ مضطر لملاطفتها في سبيل الحصول على فندق الكاريب ، كما و أنها تتبعه أينما ذهب ، أنها كلب حقيقي ، و تكاد تلتهمه بنظراتها... أوه لو سمعتني لخنقتني ، فهي تحت ستار الدمية الجميلة تخفي مكرا كبيرا ".
"أنت لا تحبينها ؟" سألتها فرجينا .
"أنا أحذر منها ، و من ردات فعلها ، في هذا البلد يستعملون السكاكين و المسدسات بسرعة ".
"أهي عشيقته ؟" سألها جونثان .
"لست أدري ، لكن لا يدهشني أن يستغل غريغ ما تقدمه له... "
"عادة هو لا يتستر على مغامراته... ".
"لكن الحال يختلف في أمريكا الجنوبية فالتقاليد صارمة ، و الفتيات هنا لا يزلن متمسكات بسمعتهن ، و بعضهن ينتظرن الزواج و لا يسمحن بأي شيء آخر تصور ، إذا تزوجها غريغ يكون قد حصل على فندق الكاريب بكل سهولة ".
"زواج لأجل المال فقط ؟" قالت فرجينا بحدة و عقدت حاجبيها .
"أنه زواج مصالح ، غريغ غني جدا " قالت لها كورال مبتسمة .
"أتسكن روزا في فيلاته ؟ " سألها جونثان بفضول .
"لا ، لقد استأجرت جناحا في الفندق".
"لإنقاذ المظاهر " قال جونثان " لا بد أنها تلقاه ليلا ".
و كان غريغ في هذه الأثناء يجلس أمام روزا و قد أنهى شرب قهوته و اخرج ركيتته و كان يبدو و قد نفذ صبره فنظر إلى روزا و هي تأكل البوظة ثم أنحنى و همس بأذنها بضعة كلمات فهزت كتفيها بدون مبالاة .
اقترب غريغ بمشيته الواثقة من طاولة المتمرنين و فتاة الاستقبال ، فارتبكت فرجينا و خافت أن يوجه لها ملاحظات أو أن يقول لها مثلا أنه ليس لها مكانا هنا . نهض جونثان بسرعة و بدأ بالكلام باحترام شديد .
"سيد دوننغ...".
لكن السيد دوننغ لم يعره أي انتباه ، و كان يثبت نظراته على فرجينا فقط ، و توقفت نظراته على شفتيها ثم على صدرها و نزلت إلى ساقيها و كأنها تداعبهما .
"أهذا الزي الذي ترتدينه فقط للإثارة ؟".
"لا أنا... "
"ألم تنزلي إلى أرض الملعب ؟".
" لقد وعدتني كورال بأن تلعب معي ، ولكن...".
"و لكن الطقس حار جدا " قاطعتها كورال .
"أعتقد أن شريكي غير رأيه أيضا ، كان يجب أن يكون هنا... ".
"أعتقد أنه تأخر بسبب زحمة السير " شرحت له كورال ، ثم ابتسمت و اضافت " لا أعتقد أن أصدقاءك يجعلونك تنتظر إذا أمكنهم تجنب ذلك ".
"كل شيء ممكن كورال" أجابها غريغ ضاحكا .
"يسعدني جدا أن ألعب معك سيد دوننغ " قال له جونثان بحماس " أنا لست لاعبا محترفا و لكن... ".
"منذ خمسة دقائق فقط ، رفض أن يلعب معي بحجة الحر " فكرت فرجينا بسخرية .
"لا تحمل نفسك هذا العناء " قال له غريغ برؤوس شفتيه " شكرا لك".
ثم التفت نحو فرجينا و اضاف " طالما أنك في زي التنس ، أتريدين أن تلعبي معي بعض الطابات ؟ بانتظار وصول شريكي".
"بكل سرور " و نهضت.
"ستخسرين يا فتاتي " قال لها جونثان ممازحا.
"من يدري ؟" سألته غاضبة و كانت لاعبة ماهرة ، و بقليل من الحظ قد تتغلب على غريغ ، ويكون هذا نوعا من الأنتقام... أنتقام؟ و لكن من من ؟ و لماذا؟.
فقدت روزا لا مبالاتها ، ونظرت بعيون تقدح شررا إليهما و هما يتجهان نحو ملعب التنس ، و بحركة عصبية ضربت الطاولة فوقع فنجان القهوة و طبق البوظة و انكسرا .
فترددت فرجينا قليلا ، و لكن غريغ تابع سيره و أمرها بحزم .
"لا تهتمي لها".
و كان جونثان قد هب واقفا و اقترب من طاولتها يرفع بقايا الزجاج ، و كان يجهل أن حركته هذه لن تفيده بشيء ، و ستبقى روزا تنظر إليه كخادم فقط .
"إذا أنت كنت ترغبين حقا باللعب؟" سألها غريغ عندما وصلا إلى الملعب " و أنت لم تأتي فقط للحصول على الإعجاب بتنورتك القصيرة هذه ؟".
"ما هذه الفكرة ؟" سألته غاضبة " أتعتبر ملابس التنيس فقط من أجل الأستعراض ؟".
"روزا ترتدي مثل هذه التنورة البيضاء عندما تتنزه قرب الملعب ، لكنها لا تبتعد عن البار"
"ليست كل النساء مثل روزا" .
"ماذا؟" سألها ممازحا .
احمر وجه الفتاة و تجنبت نظراته .
""أي جانب تفضل ؟ " سألته متعلثمة .
"أختاري أنت ".
و بدأ اللعب بحماس ، و كانت فرجينا ترد كل ضرباته ، و تضرب له الطابة في زوايا يصعب عليه إمساكها بسهولة ، و بعد عدة ضربات اقترب منها و هو يمسح العرق عن جبينه و يضحك .
"لك حيوية الهر ، لم أكن أتوقع أن أواجه منافسة مثلك أنت بطلة... ".
"ألن تحسب النقاط الآن ؟".
"أوه نعم ".
و بنفس اللحظة أقترب منهما رجل أمريكي وقف خلف السياج ، و كان يحمل ثلاثة مضارب تحت ذراعه .
"غريغ أنا آسف ، لقد علقت في زحمة سير خانقة " ثم ابتسم و اضاف " ولكن أرى أنك وجدت شريكة رائعة... أتريد أن تؤجل مباراتنا ليوم آخر؟".
"لوكن لا... ".
هل كانت فرجينا تتخيل ؟ أم أنها لاحظت حقا أن غريغ لم يكن سعيدا برؤية شريكه...؟.
"كنت ألعب بعض الطابات مع فرجينا بانتظارك ".
فرجينا... أنه يذكر اسمها؟ هذا يسعدها كثيرا .
قام غريغ بالتعريفات ، و ارتبكت الفتاة كثيرا لأنها نسيت بسرعة اسم الأمريكي .
"شكرا لك " قالت أخير " أنا سعيدة لأنني لم أرتدي هذا الزي بدون جدوى ".
ابتسم لها غريغ ابتسامة مشرقة ، و لم يعد نفس رجل الأعمال الحازم ، و بدا أصغر سنا و أكثر مرحا ، فأحست الفتاة أنها أمام رجل لطيف جدا يمكن لها الوقوع بحبه بسهولة... و أمام هذه الفكرة احمر وجهها ، و كان بوب قد ابتعد قليلا .
"بل أنا أشكرك فرجينا " ثم ابتسم و اضاف بمكر " كنت أعلم منذ البداية أنك لم تأت هنا من اجل الأستعراض فقط أنا مضطر للعب مع بوب ، لقد ربحت منه بالأمس ، و هو مصر على الثأر ، أترغبين بأن نتابع اللعب غدا؟".
كانت ترغب بالقبول ، و لكنها وعدت جونثان بالذهاب معه إلى تاكسكو و كانت تعلم أنه لو سمحت مثل هذه الفرصة لزميلها لما كان يتردد لحظة في التخلي عن موعده معها .
"غدا ، لا استطيع أنه يوم إجازتي ، و لكني سأذهب إلى تاكسكو".
"لا بأس".
"مرة أخرى ، إذا كنت ترغب ".
"حسنا ، ما رأيك بيوم الجمعة ؟".
اسيبقى هنا حتى يوم الجمعة ؟ هذا خبر أسعد قلبها كثيرا .
"إذا أنت ستقومين بسياحة غدا... يجب أن أستقبل في الساعة التاسعة وفدا من الصناعيين الاميركيين ، يا للخسارة ، كنت أتمنى أن أصطحبك إلى تاكسكو ، أنا أحب هذه المدينة كثيرا ".
انتبهي يبدو أن الذئب لا يخفي نواياه ، و لكن لماذا يهتم غريغ دوننغ بمتمرنة بسيطة ؟.
"لقد أتفقت على الذهاب مع جونثان بالباص ".
"آه جونثان" و اختفت ابتسامته فجأة " أتمنى لك قضاء يوم موفق " اضاف بجفاف .
لماذا تعكر مزاجه بعد هذا الموضوع ؟ لو تصرف جونثان هكذا ، لمانت فهمت ، و لكن أن يتصرف رجل أعمال مهم كغريغ هكذا... فهذا شيء لم تكن تتوقعه.
"شكرا" أجابته بتهذيب بالغ ، ثم أتجهت إلى غرفتها محاولة أن تتجنب المرور أمام روزا ، كما حاولت أن تتجنب سماع تعليقات جونثان الساخرة ، كانت تشعر بحزن و خيبة لا تدري سببهما .

و في اليوم التالي ، و في تمام الثامنة صباحا، كانت فرجينا تنتظر جونثان أمام مدخل الفندق ،و كانت حرارة الجو لطيفة في فترة الصباح ، أما خلال النهار فترتفع حرارة الجو كثيرا ، نظرت الفتاة إلى ساعة يدها و عقدت حاجبيها ، لقد تأخر جونثان ، هل نسي موعدهما؟ ثم رمت حقيبة كتفها جانبا .
"لقد وصلت ، لا تفقدي صبرك " صرخ جونثان و هو يركض نحوها .
"يبدو أنك تأخرت في النوم ".
"لم أستطع النهوض من الفراش بسهولة " ثم وضع يده على ذقنه " حتى أنني لم أتمكن من حلاقة ذقني ".
اتجها نحو سيارات التاكسي المتوقفة أمام الفندق .
"اوصلنا إلى محطة الأوتبيس " قال جونثان للسائق .
"محطة الأوتوبيس؟ " ردد السائق "لا يوجد محطة هنا ، إلى أين أنتما ذهبان ؟".
"إلى تاكسكو".
"بإمكاني أن اوصلكما بنفسي ".
"آه؟ " و التفت جونثان نحو فرجينا و اضاف بالإنكليزية
"مسافة ثمانين كيلو مترا بسيارة تاكسي هذا يكلف ثروة لا بد أنه يعتبرنا مجانين " ثم التفت إلى السائق و قال له بجفاف "لا سبيل لذلك ".
"لن أطلب منكما ثمنا غاليا... الباص... بوف!".
"كل الشباب يركبون الباصات في المكسيك فلماذا لا نفعل مثلهم ؟ نحن لسنا من زبائن الفندق الأثرياء نحن نعمل هنا موظفين " و أشار إلى صدره واضاف بالمكسيكية "موظفين هنا".
لم يصدق السائق جونثان ، ومع ذلك أوصلهما إلى ساحة رملية حيث ينتظر باصان قديمان بحالة يرثى لها .
"مستحيل لن نصعد في هذا الباص " قالت فرجينا بدهشة .
"لن يكون السفر طويلا ، لا تخافي ".
تبعته رغما عنها إلى المحطة التي لم ترى من قبل مثيلا لها ، كان هناك بعض المقاعد قرب الجدران المتسخة ، و كانت إمرأتان هنديتان تجلسان و تلفان نفسيهما بشالين عريضين ، و في ناحية أخرى يجلس رجل مسن يضع قبعة واسعة على وجهه ، و يبدو و كأنه نائم ، و كانت الأرض مليئة بالأوراق و قشور الموز و الليمون ، و كأن هذه الأرض لم تنظف منذ أكثر من عام ، فقطعا تذكرتين من إمرأة سمينة ، و سألها جونثان عن موعد الأنطلاق فلم تجبه و ظلت تتشدق بالعلكة التي في فمها فسألها من جديد .
"في الثامنة و النصف " أجابت أخيرا .
"لقد تأخرنا كثيرا" قالت فرجينا و هي تشعر ببعض الراحة .
"تاكسكو ، تاكسكو " نادى السائق أحد الباصين .
"يبدو أنه لا يزال لديه أماكن " قال جونثان و اتجه نحو الباص فتبعته فرجينا بخطوات مترددة .
"ما كل هذه الفخامة " قالت ساخرة و هي تصعد ، و كان المحرك قد بدأ بالعمل و هو يصدر هديرا قويا ، وكانت المقاعد بحالة تعيسة جدا ، و كانت بعض الصور المليئة بالغبار تتأرجح فوق رأس السائق ، و انطلق الباص و بدأ الركاب يتمايلون بكل الاتجاهات و يتمسكون بالمقاعد .
"لن يدوم هذا طويلا فرجينا تحلي بالصبر".
وفي الطريق عرج الباص على عدد من القرى الصغيرة برغم اعتراضات الركاب المتزمرين ، وندمت فرجينا لأنها رفضت عرض غريغ دوننغ بدل هذه الرحلة المتعبة و الغير مألوفة و تخيلت نفسها بجانبه في هذه الطرقات و لكن بسيارة مكيفة .
توقفت السيارة في محطة أفضل بقليل من الأولى بعد أن حصلت معهم حادثة نشل أحد الركاب ، و قررت فرجينا أن لا تعود في مثل هذا الباص و في الليل .
"تاكسكو" أعلن السائق و دخل الباص إلى المدينة .
"يالها من رحلة شاقة " قالت فرجينا وهي تقفز إلى الأرض .
"لا بأس بها " أجاب جونثان " يجب أن يكون لدينا خبرة في الحياة ".
"تجارب من هذا النوع شكرا" .
"كل ما أرغب به الآن هو كوب من البيرة المنعشة في مكان هادئ ".
قال جونثان و هو يتنفس الصعداء ، و اتجها إلى وسط المدينة عبر طرقات ضيقة ، و كانت كل المنازل القديمة مرممة ، وكان بائعوا الأشياء التذكارية منتشرون على الطرقات ، بينما تبيع أكثر المحلات التحف الأثرية و الفضيات ، أليس في تاكسكو اكتشف أول منجم للفضة في المكسيك ؟.
"أوه ، كم هذا جميل " صرخت فرجينا عندما وصلا إلى ساحة فيها كنيسة سانتا بريسكا الكبيرة بهندستها الرائعة ، و فجأة نسيت فرجينا كل تعبها .
"أتريد زيارة الكنيسة جونثان ؟".
"فيما بعد ، أريد أن أشرب البيرة أولا ، اذهبي أنت ، و لاقيني هناك " و أشار إلى المقهى القريب.
دخلت فرجينا إلى الكنيسة و لكنها احست بالعطش الشديد ، "كان يجب أن أشرب شيئا قبل القيام بالسياحة "
فعادت بسرعة و انضمت إلى جونثان الذي بعد أن شرب زجاجتين من البيرة يشرب الآن التاكيلا.
جحظت عيون فرجينا و هي تراه يشير إلى الخادم ليحضر له المزيد .
"كل هذه الكحول في مثل هذه الساعة ؟ ستكون في حالة يرثى لها بعد قليل ".
"نعم يا أمي " أجابها بسخرية .
فعقدت حاجبيها و تأكدت أنه شرب كثيرا البيرة ، أشعة الشمس الحارة، التاكيلا و تعب السفر...
امسكها جونثان بذراعها و اجبرها على الجلوس قربه .
"يجب أن تتعلمي كيف تعيشين ، ياعزيزتي " ثم أشار إلى الخادم
"احضر لنا كأسين من التاكيلا ".
"لا ، أنا أريد مياها معدنية فقط " صرخت فرجينا ، ضمها جونثان إليه و قال.
"أنا أعبد التاكيلا ، والفتيات الجميلات... ".
"أرجوك جونثان " أعترضت بإنزعاج " ماذا أصابك ؟".
"ألا تعلمين بأنك تعجبينني ؟ أنت... "
"فرجينا" قاطعه صوت بجفاف .
فدفعته عنها بسرعة هذا الصوت تعرفه من بين آلاف الأصوات ، إنه يوقظ في نفسها انفعالات غريبة .


********************
نهاية الفصل الأول
يتبع

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Rehana ; 30-05-14 الساعة 09:13 AM سبب آخر: إضافة ملخص الرواية
عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس

قديم 10-09-08, 02:03 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 44675
المشاركات: 6,796
الجنس أنثى
معدل التقييم: majedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسي
نقاط التقييم: 4832

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
majedana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اهلين فيكي ... منورة القسم بوجودك

وهاي الرواية رووووووووعة

وانا بحبها كتيييييييييييييييييييييير

بانتظار التكملة

 
 

 

عرض البوم صور majedana   رد مع اقتباس
قديم 11-09-08, 09:33 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

أهلين فيكي .. majedana
القسم منور بأهله
و إنشاءالله اليوم أو بكرة أكون خلصت الفصل الثاني
لأنه شوي طويل
و عذرا على التأخير

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 01:51 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

بداية الفصل الثاني


-2-


كان غريغ دوننغ يقف على بعد خطوات قليلة منهما ، و يرتدي بنطلون و قميص أبيض ، لا يبدو عليه أي أثر للحر ، فهب جونثان واقفا يترنح .
"سيد دوننغ ، يا لها من مفاجأة ، أيمكنني أن ادعوك ،أقدم لك... ".
"التاكيلا؟" قاطعه غريغ " شكرا أنا لا أشرب الكحول في النهار ، و خاصة في الحر من الأفضل تجنب هذا النوع إذا كنا نتمى الحفاظ على وضوح التفكير ".
بهذه اللحظات احضر الخادم طلبات جونثان و زجاجة مياه معدنية .
"ألن تشربي أنت أيضا التاكيلا؟" سألها غريغ بلهجة حازمة .
لم ترغب فرجينا باخباره أن جونثان طلب التاكيلا ضد إردتها و لكن لماذا يجب عليها أن تلتق بغريغ دوننغ في مثل هذه الظروف السيئة ؟ فسكبت كوب ماء و شربته بسرعة .
"كنت سأموت من الظمأ " ثم نهضت " أريد الآن أن أزور المدينة سنلتقي في كيرنفاكا ، جونثان سأعود وحدي ".
"آه حسنا" أجابها بخيبة "لم يكن الباص مريحا ، و لكن بإمكاننا إيجاد باص أفضل منه للعودة... ".
"لا ، لا تنتظرني جونثان " و كانت غاضبة منه ، و لو علمت أنها لن تراه من جديد لما اهتمت أبدا له .
و بعد أن حيتغريغ دوننغ بإشارة من رأسها ، ابتعدت باتجاه السوق ، وكان السوق يغص بالبائعين و بالمحلات التي تعرض أثوابا زاهية الألوان ، وتحف و مطرزات و لوحات... و لكن للأسف تبدد فرح الفتاة و رغبتها بزيارة هذه المدينة ، و عندما أمتد ظل بجانب ظلها على الرصيف ، لم تكن فرجينا بحاجة لرفع عينيها لمعرفة من الذي انضم إليها .
"أنا آسف لأنني افسدت لقاءك الحميم " قال لها غريغ دوننغ .
"لم يكن ذلك لقاء حميما " أجابته و هزت كتفيها .
"كان جونثان يضمك إليه جيدا... ".
فنظرت إليه بطرف عينها ، أيكون يغار من جونثان؟ لا ، مستحيل ، و لكن أليست هي تغار من روزا ؟.
"جونثان زميل فقط" أجابته بجفاف.
"كان يبدو أنه على وشك تقبيلك ".
"لقد شرب كثيرا اليوم و لم يكن يدري ماذا يفعل ".
"لو نتكلم قليلا عنك ؟". "عني أنا؟ ليس هناك ما يقال " أجابته بدهشة .
و كانت الهيبة و الوقار تنبعثان من غريغ فلم يجرؤ أحد من الباعة على التحرش بها كما فعلوا عندما كانت تمر منذ قليل بالسوق .
"من الغريب أن نلتق هنا " قالت له فجأة .
"أنها مدينة صغيرة ، و كنت متأكدا أنني سأجدك " ثم صمت قليلا و اضاف " كنت أبحث عنك ".
" تبحث عني ؟" سألته و كأنها لا تصدق أذنيها .
"نعم ، ألم تقولي لي أنك ستزورين تاكسكو اليوم ؟ فاختصرت لقائي بالوفد الأمريكي بسرعة ، و فور خروجهم أتجهت إلى تاكاسكو ...".
"لكي تنضم إلي ؟".
"طبعا".
"ولكن... " و لم يكن بإمكانها قول المزيد ، إذا هي تعجب غريغ دوننغ حتى يتبعها إلى هنا ؟ هذا الانجذاب متبادل... يكفي النظر إليها حتى تشعر بأن الدم يسري بسرعة في عروقها ، و بجانبه تشعر بأنها حية... و أكثر أنوثة ، إذا هو يريد أن يرمي شباكه عليها؟ و روزا؟ و فجأة توقفت و نظرت إليه و عقدت حاجبيها .
"ماذا فعلت لأستحق هذه النظرة العابسة ؟" سألها ضاحكا .
"هل جئت وحدك ؟".
"بالتأكيد".
"هل تعلم روزا بأنك في تاكسكو؟".
"لا تكلميني عنها " و بدا عليه نفاذ الصبر.
"قد تتبعك إلى هنا ".
"أكان يجب أن تأتي في ذلك اليوم بنفس اللحظة التي كنا بها على وشك... " و ترك جملته معلقة ، ماذا كان سيقول ؟فغضبت فرجينا كثيرا ، يبدو أنه يعتبرها فتاة رخيصة .
"فلتذهب روزا إلى الجحيم " قال بحدة ثم اضاف بصوت منخفض " هذا اليوم هو لنا ، لنا نحن الأثنان فقط ".
أرتعشت الفتاة ، أوه كم من الجميل لو تترك نفسها للذة هذه اللحظات ... و لما لا؟ هنا في وسط المدينة المزدحمة ، لا يوجد أي خطر عليها و عندما أمسك يدها لم تمانع ، مع أنه وجد عذرا لذلك .
"لا أريد أن أفقدك في هذه الزحمة ".
و تابعا جولتهما في السوق إلى أن وصلا إلى ساحة كبيرة .
"ما رأيك لو تنناول الغداء الآن ؟ ألا تشعرين بالجوع ؟".
"نعم".
"أنا أعرف مطعما رائعا على بعد بضعة كيلو مترات من المدينة ".
بضعة كيلو مترات ؟ لن أخشى شيئا لا يبدو أن غريغ رجل يستغل فتاة ضعيفة ، و لكن للحقيقة لم تكن فرجينا تخاف منه ، إنما كانت تخاف من نفسها ، فإذا حاول غريغ إغرائها ، فهل ستملك الشجاعة لمقاومته ؟..
أسرع سائق سيارته الرمادية ليفتح لهما الأبواب ، و كان الجو داخل السيارة منعشا ، لأن السائق كان يدير مكيف الهواء ، و ما أن دخلا إلى المطعم حتى أسرع مديره و الخدم و التفوا حول غريغ ، كانوا بالتأكيد يعلمون من هو و أرشدهما المدير إلى أفضل طاولة لديه .
"يبدو أنك معروف جدا في تاكسكو".
"نعم " أجاب بكل بساطة "أنا أحب هذه المدينة كثيرا ، و كلما جئت إلى كيرنفاكا ، أستغل الفرصة و أزور تاكسكو... ".
"مع روزا؟" سألته لأنها لم تستطع منع نفسها من طرح السؤال الذي يقلقها ، ولكنه أكتفى بأن هز كتفيه ، ففهمت فرجينا أن لا أهمية لروزا في حياته ، تناولوا طعام الغداء ، و طلب غريغ نبيذا أبيض...
"قلت أنك لا تشرب الكحول في النهار" قالت له مبتسمة .
"كأس أو كأسان من الخمر لا يضران مع الطعام ، و لكنني لا أشرب التاكيلا ، في أشد ساعات النهار حرا ، كما يفعل صديقك جونثان ".
ثم وضع يده على ذراعها فارتعشت لهذه الملامسة التي هزت مشاعرها .
"أنا سعيد جدا لأنني وجدتك ، كان من حسن حظي أنني فور وصولي إلى الكنيسة لمحتك ".
"و كنت تبحث عني حقا".
"نعم كما سبق و قلت لك ".
لم تصدق الفتاة كل كلامه ، و لكن أليس من الجميل أن يهتم بها قليلا ؟.
"أتريدين أن تعودي إلى كيرنفاكا برفقة جونثان ؟" سألها غريغ.
"لن أكرر تجربة الصباح ، و لا بأي ثمن ، تصور أننا قضينا ثلاث ساعات و نصف في الطريق " و روت له كل ما حدث في الطريق ، فضحك غريغ كثيرا.
"هذه المفاجآت تحصل كثيرا في المكسيك ".
"لا أعتقد أن مفاجآت من هذا النوع تحصل معك ، سيد دوننغ ، خاصة و أنك تملك سيارة مرسيدس و سائق خصوصي ، وهكذا لن تضطر لركوب الباص ".
"أرجوك ، فرجينا ناديني بإسمي فقط ".
"و لكن... ".
"ولكن ماذا ؟" و أشرق وجهه بإبتسامة مرحة .
"أنت مدير فنادق الفايف ستارز ، وأنا مجرد متمرنة بسيطة اللياقة... ".
"أنت رائعة عندما تتكلمين عن اللياقة" أجابها ضاحكا .
أنهيا غدائهما بتناول جوز الهند قبل أن يعودا للتجول في شوارع المدينة ، و اصطحبها غريغ إلى محل حيث يعمل فنانين على صياغة الفضة .
"أنهما أفضل من يعمل بالفضة في هذه المدينة " قال لها غريغ ، فأخذت تتأملهما بذهول و هما يذيبان الفضة و يصنعان منها الحلى.
"أريد رؤية ذلك العقد " قال غريغ للبائعة و أشار إلى عقد فضي .
"ما رأيك به؟" سألها.
"أنه رائع حقا ".
"أنه لك أنت ".
"أوه أنا... لا يمكنني أن أقبل هدية مماثلة " أجابته بحزم .
"فرجينا دعيني أقدمه لك ، يبدو و كأنه خلق لك أنت ".
"أنه يكلف ثروة سيد دوننغ ، و... ".
"غريغ أرجوك".
"أنه يكلف ثروة غريغ ... أنت تعلم إنني لا أملك ثمنه... " و كانت تعلم أنه غني جدا ، و أن ثمن هذا العقد ليس مهما بالنسبة له.
"لا أريده" اضافت بإصرار.
و دون أن يستمع لاعتراضها وضع العقد في عنقها ، فارتعشت عندما أحست باصابعه تتأخر على عنقها .
"أنه يناسبك كثيرا " ثم جذبها نحو المرآة " لا تقولي لا ، فرجينا و إلا سأشعر بالخيبة ".
"غريغ... ".
"ستحتفظين به ، هذا أمر " و اضاف مبتسما " منذ متى و الموظفين في دوننغ فايف ستارز يرفضون إطاعة أوامر مديرهم ؟".
"ماذا يجب أن أفعل الآن ؟" سألته بخجل و هي تتحسس العقد " ماذا يجب أن أقول ؟ شكرا غريغ على هذه الهديه الرائعة " ثم ابتسمت و أضافت : " سأحتفظ بها إلى الأبد ".
"يجب أن استعلم عن مواعيد الباص " قالت فرجينا و هي ترى باصا يمر أمامها .
" أتمزحين ؟" صريخ غريغ ، " سأعيدك بنفسي ".
هذا بالفعل ما كانت تتمناه دون أن تجرؤ على تصديق ما سمعته .
"لا يبدو أن جونثان سيعود باكرا إلى كيرنفاكا ".
"لماذا تقول هذا ؟".
"ألم تريه صديقك جونثان ؟".
"أنه ليس صديقي أنه مجرد زميل ".
"أنظري إليه ".
"أين؟".
"هناك في زاوية الشارع ".
و أخيرا رأته يجلس على الرصيف برفقة شبان متسكعين .
"لكنه يبدو مريضا" قالت فرجينا بقلق .
"أنه ثمل فقط ، لا تشفقي عليه ، يستحق ذلك ، أنه ليس بالرجل الجدي ".
شعرت فرجينا بأنها مضطرة لمساعدة زميلها .
"كان كطلاب الجامعة و يمكن مسامحته على بعض أخطائه التي يرتكبها في أوقات فراغه".
"لا تحاولي إيجاد عذرا له ، أنا أراه جيدا ، و أنت تعلمين و عادة لا احتاج لوقت طويل لكي أحكم على رجل ، أتعتقدين أنني لم ألاحظ خططه ؟".
"أية خطط؟".
"قبل أن يعلم بوجودي في البوسادا ، لم يكن يعمل أبدا ، و ما أن علم بأنني موجود بدأيحاول كل جهده لكي ألاحظه ، أنا لا أحب هذه الطرق المخادعة ".
مسكين جونثان ، إذا غريغ أدرك ألاعيبه بسرعة ، و هو يظنه ماكرا ، و هذا أنقلب ضده ...
و كان جونثان يستند على الحائط و وجهه شاحب فهمت فرجينا بالاتجاه نحوه ، لكن غريغ منعها .
"آه لا ، لن تهتمي بهذا السكير ".
"و لكن... ".
"إذا أنت متمسكة به؟" و رمقها بنظرة قاسية مليئة بالاتهام ، فاحمر وجهها .
"ليس الأمر كذلك ، إنه صديقي... و لا أريد أن يصيبه مكروه ".
"صديقك إذا؟".
"أنه مجرد زميل... " و ازداد احمرار وجهها .
"لن يصيبه شيء قد يتعرض فقط للسرقة ".
"و كيف سيعود إذا ؟".
"هذه مشكلته هو ".
"أنت... لا انساني" أجابته غاضبة .
"لا انساني ؟ لم يكن ينقص إلا هذا " أجابها بسخرية .
"أنا آسفة لم اكن أقصد... ".
"لا فرجينا " أجابها بلطف " أنا لست لا انسانيا ، لكنني لست غبيا ، لا تقلقي عليه ، سيجد طريقه إلى البوسادا " فتبعته الفتاة رغما عنها إلى المرسيس ، وكانت الشمس بدأت بالمغيب .
"لقد تأخر الوقت يجب أن نفكر بالعودة ... ".
"نعم... ألن نأخذ جونثان معنا ؟".
"بالتأكيد لا ، لا أرغب بمرافقته".
أدركت فرجينا أنها لن تتمكن من إقناعه ، فلم تلح أكثر ، وجلست قرب غريغ تتأمل أنوار المدينة تختفي شيئا فشيئا .
و بعد ساعة واحدة وصلا إلى كيرنفاكا ، و عندما رأت البوسادا ، أحست أنها تعود بعد سفر طويل ، مع أنها غابت مدة أثنتي عشرة ساعة فقط .
"يجب أن أشكرك " قال لها غريغ و هما ينزلان من السيارة " كان نهارا رائعا ".
"شكرا لك أيضا على هذا العقد لم يكن يجب أن... ".
"أرجوك ، لن نعود لهذا الموضوع " و سارا نحو الفندق .
أحست فرجينا بأنهما مراقبان ، فرفعت نظرها إلى الأعلى فرأت روزا تقف أمام نافذة في الطابق الأول و تنظر إليها نظرات جعلتها ترتجف .
"أتشعرين بالبرد؟" سألها بدهشة .
"لا للحقيقة ... ".
فتبعت نظراته نظراتها .
"آه" قال و بدا عليه الإنزعاج لكنه أحاط خصرها بذراعه و أتجه بها نحو الأشجار و كأنه يسعى لإثارة غيرة روزا أكثر ، و بالتأكيد كانت روزا تنظر إليهما ، و هي تعلم أنهما يسلكان طريق الفيلا ، ماذا ستظن الآن ؟.
و كانت الحديقة مظلمة ، فأخذ قلب الفتاة يدق بسرعة ، و عندما ضمها غريغ إلى صدره لم تقاومه ، بل أغمضت عينيها وتنهدت .
"أوه غريغ ".
"فرجينا يا جميلتي ... " و كان وجهاهما قريبين ، فاقتربت أنفاسهما ، و بنفس اللحظة التي التقت فيها شفاههما ، عاد إليها وعيها ، فوضعت يديها على صدره و أبعدته بكل قوتها .
"فرجينا ؟" همس بدهشة .
"لا" أجابته بصوت ضعيف .
"لا؟" و تأملها جيدا .
و كانت تعلم أنه ليس معتاد على مثل هذا الصد .
"لما لا فرجينا ؟".
فبلعت ريقها و حاولت بيأس أن تجد تفسيرا مناسبا .
"أنا لا أفهم " قال و قد عقد حاجبيه " أنت تشعرين بانجذاب نحوي أشعر بذلك " و كان لا يزال يمسكها ، و كان بإمكانها الابتعاد عنه بسهولة ، لكنها لم تجرؤ على ذلك ...
"و أنا أيضا أشعر بانجذاب نحوك " اضاف بلهجة صادقة .
"غريغ... ".
"إذا ، لما لا ؟ ".
"أنا أعرف سمعتك... ".
"سمعتي؟" و أشرقت ابتسامة على شفتيه الرقيقتين .
"هكذا إذا ، إشرحي كلامك أكثر ".
"أنت شاب لاه ، اليوم مع فتاة ، غدا مع أخرى... ".
"آه؟ و لكن من أين علمت كل هذا ؟ ".
"من الصحف... ".
"الصحف تروي أي شيء ، و لا يجب تصديق كل ما تنشره " و كان يمزح .
ألا يفهم أنها تتكلم جديا ؟.
"غريغ".
"نعم يا عزيزتي ".
"أنا لست إمرأة تسعى لمغامرة بدون غد ".
"و من قال لك إنني أفكر بذلك ؟" و ضمها إليه أكثر " لا تكوني دائما هجومية أنت تعجبينني فرجينا... ".
رائع جدا أن تسمعه يقول ذلك ، و الأكثر روعة أن يناديها عزيزتي ، و لم تقوى على الابتعاد عنه ، و لكن لماذا تقاومه ؟ باسم أية مبادئ ؟ و كانت النجوم بدأت تتلألأ في السماء المظلمة ، والقمر يبتسم لهما ، و موسيقى تصل إليهما .
"كل حياتي سأذكر هذه اللحظات الرائعة " وعدت فرجينا نفسها ، و اغمضت عينيها و قدمت إليه شفتيها ، فالتصق بها ، و كانت نفس الرغبة تجتاحهما ، و عندما تلامست شفتاهما ، أرتعشت الفتاة و دهشت بهذا الاحساس الرائع ، ثم تنهدت و استسلمت لعناقه .
دس غريغ يديه تحت بلوزتها القطنية و داعب ظهرها بلمسات بطيئة جعلتها تعلن عن سعادتها بتنهدات خفيفة ، و عندما تجرأ أكثر نسيت كل شيء ، ونسيت الحذر و الخوف ، و لم يعد هناك أهمية لأي شيء آخر غيرهما... فرجينا و غريغ .
"أنا أحبه " فكرت بسعادة نعم هي تحب هذا الرجل و ستبقى تحبه حتى آخر أيام عمرها .
"غريغ أين أنت ؟".
ابتعد غريغ عن فرجينا رغما عنه عندما سمع صوت روزا .
"هي أيضا ؟" قال بإنزعاج شديد و ترك الفتاة تترنح كالثملة نعم ، أثملتها الرغبة ، و الآن أثملها الغضب و الخوف...
"غريغ ، غريغ " استمرت روزا بمناداته .
و كانت لا تزال تقترب ، إذا رأتهما بهذه الحالة ، كيف ستكون ردة فعلها ؟ و تذكرت فرجينا كلام كورال " لا أريد أن أكون عدوتها ، أنها تستطيع أن تخنقني ، و خلف قناعها الجميل تختبئ حية شرسة... ".
"إلى اللقاء غدا يا حبي " همس بأذنها ثم ركض كالكلب الصغير الذي لا يملك ذرة كرامة .
دون أن تلتفت وراءها هربت فرجينا على رؤوس اصابعها ، و الدموع تتلألأ في عيونها ، لقد عاشت وهما أعتقدت بالمستحيل ، و آمنت بالمعجزات ، و فجأة تهدم كل شيء كقصر من الرمال ، و وصل صوت روزا إلى مسامعها .
"غريغ ، آه ها أنت أخيرا كنت أبحث عنك في كل مكان أين كنت ؟".
قضت فرجينا على شفتها السفلى ، إذا روزا تملك الحق لمطالبته بتقديم تقريرا لها عن قضاء أوقات فراغه ؟ و ها هي تتبعه الآن إلى الفيلا ، و ستكون هي من سيقبلها و يداعب جسدها... و بين ذراعيه ، هي روزا من ستقضي الليل .
أسرعت فرجينا إلى غرفتها و أقسمت أن لا تستسلم مرة ثانية لسحر غريغ دوننغ دون جوان العصر...
هذه الليلة لم تنم فرجينا أبدا ، مع أنها كانت متعبة بعد هذا اليوم المتعب و المرهق بانفعالات ، و تقلبت كثير في فراشها ، وهي تفكر بهذه المشكلة التي وقعت فيها .
و عندما طلع الفجر ، كانت قد استنتجت أن حبها لغريغ لن يكون له أي مستقبل ، رجل مثله قادر على اختراق قلوب كل النساء ، و هي ليست من خشب ، هي تلك المتمرنة البسيطة تمتعت بقضاء يوم كأنها ملكة ، سيارة و سائق خصوصي ، غداء في أرقى المطاعم ، هدية رائعة ، و أنهت نهارها بقبلات رائعة و لمسات ساحرة ، كيف يمكنها أن لا تتأثر بكل هذا ؟.
"عندما سأراه من جديد ، سأفهمه أنني فقدت عقلي مساء أمس ، و لقد استعدت صوابي اليوم ... ".
و كان الوقت لا يزال باكرا ، و لكنها أدركت أنها لن تستطيع النوم أبدا ، فنهضت و دخلت إلى الحمام و ظلت طويلا تحت الدوش ، ثم لفت جسدها بمنشفة بيضاء كبيرة ، وسرحت شعرها ، وارتدت ثوبا من القطن ، و تأملت نفسها في المرآة بسخرية و هزت كتفيها .
"عاشقة أنت؟" قالت لنفسها بتحد "أتحبين غريغ دوننغ؟ ساذجة أنت... إلى أين سيوصلك هذا ؟ أنا أسألك اجيبي اتريدين أن تكوني رقما جديدا في مجموعته ، لكي يستبدلك بأخرى بسرعة... لا تتوهمي كثيرا ، ما أن يحصل على ما يرغب به سيقول لك شكرا و وداعا حان دور التالية".
أما مع روزا ، فهذا سيدوم ، فهي تملك الكاريب أوتيل ، و بالنسبة لغريغ دوننغ ، الفايف ستارز أولا .
عندما خرجت من غرفتها كانت الساعة لا تزال السابعة و البار و الحوض كانا خاليين ، ففضلت شرب قهوتها في الهواؤ الطلق مع الكرواسان، فجأة سمعت حركة خلف الأشجار ، فالتفتت و رأت خيالا ، فعقدت حاجبيها بدهشة ، كيف يجرؤ لص متسكع على الدخول إلى هنا ؟ قد يكون أغتنم غفلة الحرس اقترب الرجل منها و هو يجر أقدامه جرا ، و فجأة تعرفت عليه أنه جونثان و كانت ذقنه لا تزال طويلة كالأمس تماما ، لكن قميصه الأخضر الفاتح أصبح أسود ، و كذلك بنطلونه وحذاؤه الرياضي و كأنه لم يستحم منذ شهور...
"جونثان" صرخت بذهول "و لكن من أين تخرج أنت ؟".
"لقد وصلت لتوي من تاكسكو" و رمى نفسه بقربها .
"أوه قهوة " و صفر بين اصابعه مناديا على الخادم . تأمله الخادم وجحظت عيونه .
"سنيور جونثان... ".
"أرحمني ، و لا تكلمني ، كل ما أريده فنجان من القهوة فقط ".
"جونثان إنك في حالة غريبة " قالت له فرجينا .
"لو لم تتح لك الفرصة لتبديل ملابسك و للاستحمام خلال أربعة و عشرين ساعة لكنت في مثل حالتي ".
"لماذا قضيت الليل هناك ؟ لماذا لم تعد مساء أمس ؟ هل نمت في فندق ؟ كيف وجدت باصا في مثل هذا الوقت المبكر ؟".
"لقد عدت بسيارة تاكسي " أجابها بنظرات اللوم "لم يكن لطيفا منك أن تتركيني بالأمس".
"اسمع جونثان ، أنا... ".
"أنا أعرف أن هناك فرق كبير بيني و بين غريغ دوننغ ، و أنت لست غبية لتفوتي مثل هذه الفرصة ".
"جونثان".
"لقد عدت معه ، أليس كذلك ؟ كيف أنتهى نهارك ؟ أخبريني"
"أنت وقح جدا ".
"أنت كالجميع تفكرين أولا بنفسك ، و بمهنتك و راحتك ، ما الغرابة في ذلك ؟".
فنهضت و كانت غير قادرة على الأعتراف ، لكنها بدأت تتضايق كثرا من جونثان .
"إذا لم يسرق أحد نقودك ، طالما استعطعت أن تنام في فندق و تعود بسيارة تاكسي ".
"أوه لقد قضيت ليلتي في السجن يا عزيزتي ".
"إنك تهزأ بي ، جونثان؟".
"لا أبدا ، لقد رموني في السجن لأنني بعد أن شربت كثيرا أحدثت فضيحة في الشارع و أزعجت جميلات المكسيك ". ثم ضحك بسخرية و اضاف " لم أعد أذكر ماذا فعلت بالتحديد ".
"فس السجن؟ أنت؟".
"و في الصباح طردوني ".
"أوه ، جونثان إذا علم غريغ دوننغ بذلك... ".
"لن يعرف شيئا فهم لم يسألوني حتى عن أسمي ".
يبدو أنه يجد هذه التجربة مضحكة .
"يجب أن تنتبه لنفسك ، لقد وصلت لمرحلة خطيرة..." قالت وهي تهزه بكتفيه .
"أسمعوا صوت العقل " أجابها ضاحكا .
"أنك تضحك من كل شيء ، ولكن ذات يوم سينقلب كل شيء ضدك ، أتعتقد أن غريغ لم يفهم ألاعيبك ؟ إليك هذه النصيحة أنتبه و تجنب أن يراك أحد... " أنحنى جونثان فجأة و داعب شعرها بحنان .
"لا تقلقي من أجلي ، فأنا قادر على التصرف وحدي ، حتى لو رماني غريغ دوننغ خارجا فأنا سأجد فنادق أخرى غير الفايف ستارز ، أما أنت فغريغ دوننغ يمثل العالم كله بالنسبة لك ، لقد حان دوري لأحذرك يا جميلتي " و ضمها إليه وطبع قبلة على خدها .
"الأفضل لك أن تكتفي بجونثان هذا " اضاف ضاحكا .
"أنك متسخ كثيرا " و تركته و أتجهت إلى مكتب الاستقبال ، دون أن تأكل الكرواسان ، لقد قطع ظهور جونثان المفاجئ شهيتها .
كان غريغ يقف في أعلى السلم و عندما رأته أحست بقلبها يخفق بسرعة ، ولكن عندما لاحظت نظراته القاسية ، أحست بأن قلبها سيتوقف عن النبض ، لقد كانا قريبين جدا مساء أمس ، فلماذا هذه البرودة المفاجئة ؟.
"صباح الخير غريغ " قالت له بشء من الخجل .
"إذا عاد جونثان الغالي " قال دون أن يجيب على تحيتها ، " و أنت سعيدة جدا بالأرتماء بين ذراعيه ".
أحست الفتاة و كأنها تلقت صفعة قوية ، لقد رأى غريغ جونثان و هو يقبلها ، و أسرع باستنتاجات خاطئة .
"غريغ أنت مخطئ بالحكم علي من خلال الظواهر ".
"أنا لست أعمى ، بالأمس في تكسكو ، أعتقدت أنني كنت مخطئ عندما فاجأتكما في المقهى ، لكني للحقيقة كنت غبيا ".
"لا يوجد شيء بيني وبين جونثان لا شيء".
"أنا لا أصدقك ".
فغضبت الفتاة كثيرا .
"على كل حال ، لا يحق لك أن تحاكمني ، أنا حرة أليس كذلك ، وإذا طرحت عليك أسئلة حول روزا ، بماذا ستجيبني ؟".
"بأنه لا يوجد شيء بيني و بين روزا " أجابها بسخرية ثم ادار ظهره و ابتعد .
فتبعته بعونها الدامعتين ، نعم أنها تحبه ، فلماذا تخفي مشاعرها ؟.
لم تر فرجينا غريغ طوال النهار ، و في اليومين التاليين أيضا... بالتأكيد كانت تتجنبه ، و لا تظهر في الأماكن التي من الممكن أن يتواجد فيها ، حتى أنها لم تكن تتناول وجباتها في الفندق ، وكانت تأكل في مطعم في الشارع الثاني مع أنه لم يكن يقدم طعاما كالذي يقدمه مطعم البوسادا .
و انتقلت للعمل في قسم البيضات حيث من النادر أن يزور غريغ هذا القسم ، و لكنها اضطرت بعد ظهر هذا اليوم لمساعدة كورال في مكتب الأستقبال بدون حماس .
"أنا مشغولة جدا " قالت لها كورال ، سيرحل وفد بعد ربع ساعة ، و سيحضر وفد آخر بعد ساعة ، و لن أتمكن من إنهاء عملي ، و من غير المسموح به في البوسادا أن أدع الزبائن ينتظرون " جلست فرجينا قرب صديقتها .
"قولي لي ماذا يجب أن أفعل ".
وكانت تتوقع كل لحظة أن ترى غريغ يظهر أمامها ، و لكنه لم يظهر ، مع أنه عادة يبقى يتجول في كل الأتجاهات ، و لا يفوته شيء مما يحصل في الفندق .
قد يكون ذهب في رحلة ؟ إلى تكسكو مثلا ، مع فتاة أخرى بين ذراعيه ... أو إلى إحدى المناطق الريفية ، أو إلى قمة البريو البركان الذي يبعد حوالي خمسة آلاف متر ، يوجد أماكن عديدة في هذا البلد لقضاء رحلة جميلة .
"أين غريغ دوننغ ؟" سألت صديقتها " لم نره منذ أيام ".
"و لكنه رحل ".
"رحل... " كررت فرجينا بذهول .
إذا قصة حبها الجميلة أنتهت ، و غادر غريغ دوننغ الفندق دون أن يبالي بالقلب الجريح الذي تركه خلفه...
اضطربت الفتاة ، وحاولت جهدها أن لا تظهر خيبتها ، ماذا كانت تنتظر ؟ ألم تكن تعرف سمعته ؟ على الأقل من حسن حظها أنها لم تتورط معه أكثر ، و لو لم تناديه روزا في ذلك المساء ، لكان من المحتمل أن لا تتمكن من الصمود أمامه طويلا...
"رحل؟ و لكن ... و لكنه وعدني بأن يلعب معي التنيس يوم الجمعة ".
"أتعتقدين أنه لا يزال يذكر ذلك ؟" سألتها كورال و هي تهز كتفيها .
"أين هو الآن ؟".
"في أكابولكو ".
"أكابولكو ؟".
"يا لك من ببغاء لماذا تكررين كل ما أقوله ؟" سألتها كورال ضاحكة ، ثم عادت فجأة لجديتها .
"أنظري إلي ، فرجينا هكذا أفضل أن ... " لم تتمكن فرجينا من تحمل نظرات صديقتها .
"هل أنت... " فهمت فرجينا ما يجول بخاطر كورال .
"أنت مجنونة كورال ".
"أتعتقدين ذلك ؟".
"أنا أهتم بغريغ دوننغ ؟ شكرا أنا لن أتأثر أبد بدون جوان مثله ".
"أتمنى أن تكوني صادقة " أجابتها كورال بسخرية .
"أسمعي كورال... ".
"حسنا ، حسنا لن نتكلم بهذا الأمر ".
إذا غريغ موجود الآن في أكابولكو ، شاطئ الأحلام على ساحل الباسيفك حيث يملك عدد كبير من المشهورين فيلات رائعة ، لقد غادر غريغ دون أن يقول لها كلمة وداع ، هل ستراه من جديد ؟ فمدة تمرنها ستدوم لشهرين فقط ، و قد لا تسمح لها الفرصة برؤيته فهو لديه عدد كبير من الفنادق في كل أنحاء العالم تحتاج إليه...منتديات ليلاس
للحظة فكرت بأن ترحل عن المكسيك كله ، و لكن الهرب ليس حلا أبدا ، و روزا؟ هل اصطحبها معه ؟ هذا ممكن لأنها لم ترها منذ أيام ، و كأن كورال فهمت تساءلها .
"لا بد أنه اصطحب روزا معه ، لأنها رحلت بنفس اليوم ".
انقبض قلب فرجينا و هي تتخيلهما في المرسيدس الفخمة يتنزهان على الشاطئ...
"هل سافرا بالسيارة معا ؟".
"غريغ لا يضيع وقته على الطرقات ، و هو لا يتنقل سوى بالطائرة ".
"إذا ترك المسيدس هنا ".
"لا تقلقي فرجينا ، سيجد سيارة أخرى تنتظره هناك مع سائقها ".
"و فيلا أخرى أيضا ؟".
"آه ، لا ، لا يملك فيلا في أكابولكو... ".
"مسكين... ".أجابتها فرجينا بسخرية .
"أنه يسكن في الطابق الأخير من فندق الأكوبولكو فايف ستارز ، في شقة رائعة تطل على الخليج ".
"هل ذهبت إلى هناك ؟ أدعاك ذات مرة ؟".
"لقد قضيت أسبوعا في أكابولكو أثناء تمرني ، وسمح لي المدير بأن أزور شقة غريغ هذا كل شيء أم أنك تعتقدين أنه كان يحق لي الاستفادة من غريغ دوننغ ؟".
"كنت أمزح معك... ".
"أنت غريبة اليوم ... لم أعد أعرفك... ألديك مشاكل ؟".
"ما هذه الفكرة ".
"يبدو عليك ذلك " ألحت كورال .
"أنه... صداع خفيف ".
في صباح اليوم التالي ، أنتقل الصداع إلى رأس كورال ، و لكنه لم يكن صداعا حقيقيا ، لقد عاد خطيبها بوب سترن إلى كيرنفاكا ، و أصطحبها ليلة أمس إلى أحد الملاهي و عادا في الساعة الخامسة صباحا ، وكورال الآن تلف رأسها بمنشفة مبللة .
"سيلازمني الصداع لساعات طويلة " اشتكت كورال " كم كنت غبية ، لقد شربت الكثير، و لم أنم جيدا " ثم وضعت يدها على جبينها و هي تتألم .
"يجب أن أخبر السيد مارتينيز لكي يجد من ينوب عني هذا اليوم ... ".
"لا تقلقي " قالت لها فرجينا " بإمكاني أن أهتم بمكتب الأستقبال ".
"يؤسفني أن أحملك أعباء عملي... ".
"لا تنسي إنني هنا لكي أتعلم ، كل شيء سيسير على ما يرام ، و إذا واجهتني مشاكل و صعوبات ، فسأتصل بالسنيور مارتينيز ".
"الذي سيسرع فورا لمساعدتك ، إنك تسحرينه ".
"كان يجب أن يسعدني ذلك ، أنه لطيف جدا ، لكنه ليس نوعي المفضل من الرجال ".
"أترغبين بأرمل عجوز و أصلع ؟"مازحتها كورال .
"لا أصدق أنك مريضة حقا " أجابتها فرجينا ضاحكة ثم اضافت " أرتاحي أنت ، كورال و لا تقلقي على مكتب الأستقبال ".
ثم تركهتها و أتجهت إلى مكتب الأستقبال حيث وجدت موظفا مكسيكيا ينتظر كورال .
"كورال لن تعمل اليوم ، أنها مريضة قليلا ".
فنهض الشاب و ترك لها مكتب الأستقبال و ابتعد ، و لمحت فرجينا إمرأة شابة يلتقط لها زوجها بعض الصور في بهو الفندق .
"لا بد أنهما سيحتفظان بهذه الصور في ألبوم شهر العسل " فكرت فرجينا بمرارة ، و انقبض قلبها ، أوه لماذا خطر ببال غريغ دوننغ أن يزور كيرنفاكا أثناء وجودها ؟ لقد نجح بتدمير توازن حياتها ، و سلبها كل فرحة بالحياة...
أقترب منها جونثان و هو يدخن سيجارة ، و كان كعادته يتسكع في كل مكان قليلا .
"أنت وحدك ؟".
"كورال مريضة ".
"مريضة جدا ؟".
"لا... " أجابته ضاحكة " أنه صداع بعد أن شربت الكثير من التاكيلا ، أنت مررت بمثل هذا... ".
"إذا أرتور مارتينيز القصير طلب منك العمل مكانها ؟".
"لا تناديه هكذا ، جونثان بإمكانك مساعدتي إذا اردت ".
"و لكني لا أريد ، أنت تعرفين مبادئي ".
"أنت لديك مبادئ ؟" سألته بسخرية .
"إيه نعم ، أنا لا أتعب نفسي إذا أمكنني تجنب ذلك ".
"أتساءل إلى ستقودك هذه المبادئ ".
"سنرى ذلك ، أيتها الأخت الواعظة " ثم طبع قبلة صادقة على خدها و ابتعد .
لم يكن غريغ دوننغ قد وجه إليه أية ملاحظة ، فعاد إلى كسله بعد أن فقد الأمل من لفت إنتباه مدير فنادق الفايف ستارز ، أما السيد مارتينيز ، فكان يتركه يلهو على هواه ، فاستغل جونثان ذلك بقضاء النهار قرب حوض السباحة أو في البار ، و من المؤكد أنه لن يعين في أحد فنادق الفايف ستارز ، و لن يهتم لذلك ، كما لا يهتم لأي شيء .
توقفت سيارة تاكسي أمام المدخل ، و اسرع البواب ليفتح باب السيارة .
"أنظري من وصل " قال جونثان بحماس .
جحظت عيون فرجينا عندما رأت روزا تنزل من السيارة ، و تناول النقود للسائق بتعالي و تقول .
"احتفظ بالباقي كله ".
فانهال السائق عليها بالشكر ، و أسرع يساعد البواب بإنزال الحقائب الجلدية .
تفحصت فرجينا دفتر الحجوزات ، فلم تجد اسم روزا موجودا فيه ، فتمنت لو تستطيع أن تقول لها بأنه لا يوجد غرف خالية ، و تساءلت كم ستمكث روزا في البوسادا ؟
فبالنظر إلى حقائبها لا يبدو أنها ستمضي نهاية الأسبوع فقط ، و قد تكون روزا من النساء اللواتي لا يتنقلن بدون حمل كل خزانة ملابسهن معهن .
"روزا يا لها من مفاجأة " قال لها جونثان و هو يسرع نحوها ، لكنها نظرت إليه باحتقار ، و لم تجبه بالتأكيد ، بالنسبة لها ، لا يستحق جونثان نظرة واحدة .
فنظر إلى فرجينا بطرف عينه ثم ابتعد ، وكانت فرجينا تتوقع أن تعاملها روزا باحتقار أيضا ، فقررت أن لا تنفعل ، ألا يجب على موظفة مثلها أن تتأقلم مع كل الظروف ؟.
و لكن دهشتها كبيرة عندما رأت روزا تبتسم لها .
"صباح الخير ... فرجينا ، على ما أعتقد ؟".
"نعم ، صباح الخير ، سنيورة ".
"نادني روزا فقط ".
فالتزمت فرجينا الحذر ، أتريد روزا أن تعقد سلما ؟ غريب .
"أهناك غرفة لي ؟" سألته روزا " أريد أن أقضي يومين في البوسادا " و لا حظت فرجينا أن أظافر روزا أطول من المخالب .
"أنا أعلم " اضافت روزا " كان يجب أن أتصل و أحجز مكانا ، و لكني لم أجد الوقت لذلك " ثم ضحكت و اضافت " عندما يتعلق الأمر بالمقربين من غريغ دوننغ ، أعتقد أن كل فنادق الفايف ستارز تصبح مفتوحة أمامهم ".
"الجناح الذي كنت تشغلينه آخر مرة أخلي اليوم ".
"عظيم ".
ترددت فرجينا ، و تساءلت كيف تسجل اسم روزا ، أتسجلها كزبونة أم كضيفة ؟ و كأن روزا فهمت ترددها فابتسمت .
" أنا أصر دائما على دفع بدل إقامتي في البوسادا ".
"آه " اكتفت فرجينا بهذه اللفظة .
"أنا لا أرغب باستغلال ضيافة أحد ، فوالدي أيضا يملك فندقا ، و أنا أعلم كيف يمكن لبعض الناس أن يكونوا استغلاليين ، و البعض لا يتردد في المجيء لقضاء إجازته في الكريب أوتيل أيضا ".
"هذه صحيح ، فأنت خبيرة في مجال الفندقية... ".
"و أرغب بزيادة خبراتي ".
"حقا ؟".
"نعم ، طالما إنني سأتزوج قريبا من غريغ دوننغ ".
شحب وجه فرجينا ، و أحست بأنها تلقت ضربة قوية على صدرها ، و ظلت روزا تبتسم لكن نظراتها كانت قاسية .
"حتى بعد أن أصبح زوجة غريغ ، سأدفع حساب إقامتي ".
يبدو أنها مصرة على غرز المسمار أكثر و أكثر ، حاولت فرجينا أن تخفي خيبتها و كانت تعلم أن روزا جاءت فقط لتعلن انتصارها ، و فرجينا لا تريد أن تترك لها فرصة لتعلم أنها نجحت في إيلامها .
"لك كل تهاني... ".
"شكرا فرجينا " و تلاعبت بسلسة حقيبة يدها الذهبية .
"أتمنى أن تبقي في الفايف ستارز ، بعد زواجي ، سنصبح صديقتين... ".
صديقتين ؟ يا للسخرية .
صعد الخادم بحقائب روزا ، لكنها لم تكن تبدو تريد أن تتبعه .
"أهذا الخبر فاجأك ؟".
"قليلا ".
"كانوا يعتقدون أنه لا يمكن لإمرأة أن تمتلك قلب غريغ دوننغ و لكن كما ترين ، أنا نجحت في ذلك ".
أنها تكذب ، فكرت فرجينا فجأة ، من المستحيل أن يربط غريغ حياته بإمرأة مدعية و شريرة مثل روزا .
"ألم تعلمي إلا الآن ؟" سألتها روزا من جديد .
"لا ".
"غريب ".
"أنا لا أتابع أخبار غريغ دوننغ " فوضعت روزا يدها على مكتب الأستقبال .
"أنظري " و أشارت إلى خاتم يلمع في اصبعها ، تعلوه حبة كبيرة من الألماس .
و بدون وعي منها ، وضعت فرجينا يدها على عقدها الذي يبدو بسيطا جدا أمام هذا الخاتم الثمين .
"أقدم لك كل تمنياتي بالسعادة " نجحت فرجينا بالقول ، و كان الحزن يلتهم قلبها ، و هكذا لم يعد لديها أي أمل...
و لكن ألم تكن تعلم ذلك ؟ حتى عندما أعتقدت بوجود المعجزات.. لقد جاءت روزا و مزقت أحلامها ، و بجهد كبير اضافت متعلثمة
"غريغ... غريغ يدللك...".
أوه ، لو يأتي زبائن لأنقاذها من هذا الموقف و للأسف لم يأت أحد ، و اضطرت للاستماع لثرثرة روزا .
"و أنا سعيدة ، سعيدة جدا " أكدت لها روزا .
ألن ينتهي هذا الكابوس .
"ألم تكوني تعلمي حقا فرجينا ؟" سألتها روزا من جديد .
"و كيف كنت سأعرف ؟".
"ألم تقرأي الصحيفة ؟".
"لا... أية صحيفة ؟".
"النيوز ، الصحيفة الإنكليزية التي تصدر في المكسيك " ثم فتحت حقيبة يدها و تناولت الصحيفة .
"يجب أن أريك إياها ، أنظري إلى الصفحة الثانية عشرة " ثم ضحكت و أضافت " صفحة الأقاويل ".
فتحت فرجينا الصحيفة بيد مرتجفة و بفضول بنفس الوقت ، و فورا لفت نظرها ، صورة لغريغ و روزا يجلسان في أحد المطاعم... و كانا يبتسمان و يرفعان كأسين من الشمبانيا ، و خلفهما تعزف فرقة موسيقية مشهورة .
"ثنائي اليوم " أعلن عنوان كبير ، تمنت فرجينا أن تمزق الصحيفة ، وتدوسها... لكنها بدأت تقرأ المقال و قلبها يدمي...
"لقد علمنا أن غريغ دوننغ مالك سلسلة فنادق فايف ستارز قرر الزواج ، و سعيدة الحظ ليست سوى الفاتنة روزا غيريرو ، و كما يبدو في الصورة ، الخطيبان سعيدان في مطعم الأكابولكو ، و ستصبح روزا السيدة دوننغ ، أليست هي أيضا أبنة صاحب فندق الكاريب الشهير ؟ غريغ دوننغ كان ينوي شراء هذا الفندق منذ زمن طويل ، لكنه ليس بحاجة لأستعمال دفتر شيكاته ، فخطيبته ستقدمه له كهدية لزواجهما ".
الكاريب أوتيل ، إذن هذا هو السبب الذي من أجله سيتزوج من أجله سيتزوج غريغ من روزا ، و اخفضت وجهها ، لا لن تبكي و لن تدع روزا تفرح ببكائها .
رحلت روزا بعد أن قضت يومين في البوسادا ، و كانت فرجينا متأكدة أنها لم تأت سوى لإعلان انتصارها فقط .
و كانت قد قرأت تلك الصحيفة أكثر من عشرين مرة ، و تأملت الصورة لساعات طويلة ، و حاولت أن تتبين و تفهم ملامح غريغ ، لقد ألتقطت لهما هذه الصورة في أكابولكو ، إذا هناك طلب يد روزا للزواج ، في ذلك المطعم قدم لها خاتم الألماس ، الخاتم الكبير ، ثم وقفت أمام المرآة تلوم نفسها .
"الغيرة هي التي تجعلك تكلمين نفسك ".
و أخذت تعد نفسها للسهة بدون حماس ، و تركت شعرها مسترسلا على كتفيها ، و ارتدت ثوبا مكسيكيا ، اشترته من المدينة .
"ايعجب غريغ لو رآه ؟" تساءلت أمام المرآة .
"لا فرجينا كفى " أجابت نفسها و تلألأت الدموع في عينيها .
لم يكن يجب أن تكون غبية و تتعلق بغريغ ، و كانت تعلم أن التعيسات اللواتي لم يتمكن من مقاومة سحره يعضون الآن مثلها اصابعهن ندامة .
ثم تناولت العقد الذي قدمه لها لتضعه ؟ لا ثم تنهدت و أعادته إلى الجارور ، وتذكرت اليوم الرائع الذي قضته معه في تكسكو ، وخلف مظهره كرجل أعمال ناجح ، اكتشفت فيه رجلا ذكيا فنانا ذواقا قوي الشخصية ، و تساءلت لماذا لا تكتب الصحف عن مزاياه المتعددة ؟ و لماذا تكتفي بذكر مغامراته فقط .
"يجب أن أنساه " رددت للمرة المئة ، و لكنها للأسف ، لم تكن تكف عن التفكير به ، و بزواجه القريب من روزا ، روزا التي ستعيش قربه ليلا و نهارا ، وأحست فرجينا أنها ستصاب بالجنون ، فحاولت أن تتعقل ، غريغ روزا أليسا متناسبين ؟ كلاهما غني و خبير بأمور الفنادق الرفعية المستوى... لا يمكن لأحد أن يلومهما على زواجهما من أجل المال ، أما هي ، الفتاة اليتيمة التي ساعدها الحظ على متابعة علومها بفضل كرم عمها ، يجب عليها أن تمحي من وجوده ، حبها لغريغ كان حلما مستحيلا ، وكانت تعلم ذلك منذ البداية .
و لو لم تكن روزا موجودة ، لكانت فرجينا أصبحت عشيقته لأيام فقط ، فبلعت ريقها ، و لما لا ؟
أكانت ستقوى على مقاومته ؟.
و الآن و قد أصبح على وشك الزواج ، لن يلتفت إليها أبدا ، فقررت الأنضمام إلى أصدقائها ، و كانت السهرة قد بدأت ، و الأوركسترا تعزف في الحديقة أجمل الألحان ، و الراقصون يتمايلون على الحلبة .
كان جونثان و بوب ستيرن و كورال يجلسون حول طاولة يثرثرون فرحين ، لا بد أنهم يتكلمون عن مقال النيوز كغيرهم ممن قرأوه ، و كان بوب ستيرن قد قرأ المقال، و بدا مهتما به ، بينما ظلت كورال صامتة على حذر .
"أتسال إذا كان ذلك صحيحا... ".
"لا تنشر النيوز أي خبر لا أهمية له ".
"لكنهم ينشرون أكاذيب كثيرة حول غريغ " أجابته كورال ، فنظر إليها بوب مهددا باصبعه.
"أنت لن تدافعي عنه ، أتريدين إثارة غيرتي ؟".
"إذا تزوجها ، يكون قد فقد عقله " أجابت كورال بحدة " أنها تجعل حياته مستحيلة ".
"من أجل الكاريب أوتيل ، من لا يفعل ذلك ؟".
" لست أدري لماذا تكرهين روزا " قال بوب "لقد رأيتها عدة مرات و أجدها فاتنة ".
"فانتة يا إلهي ! فلنرى كيف ستصبح بعد عشرة أعوام فقط ".
تخيلت فرجينا روزا تحمل أطفال غريغ ، و تنهدت بأسى .
"أنا أجد أنه محق بوضع يده على فندق إضافي " قال جونثان بسخرية " سبعة و أربعون فندقا لا يكفون ، هو بحاجة للثامن و الأربعين... ".
"أتعتقد دائما أن المال يصنع السعادة ؟" سألته كورال بدهشة .
"المال ، ممكن أن لا يصنع السعادة و لكن روزا تستطيع ".
"أهي تعجبك ؟" سألته كورال باشمئزاز .
"طبعا ، مع أنها تنظر إلي بتعال و كبرياء ، لكنني اؤكد لك أنني لن أقول لا ، إذا دعتني إلى غرفتها ... ".
"هذا لن يحصل أبدا " قاطعه بوب .
"سيمل غريغ بسرعة من روزا " قالت كورال " وهكذا... ".
"و هكذا ماذا ؟" سألتها فرجينا .
"سيطلقها ".
"عندئذ سيضطر لأن يدفع لها بالمقابل " قال جونثان .
لم تعد فرجينا تصغي لشيء كله كلام ، مجرد كلام .
"أتسمحين لي بهذه الرقصة ؟" سألها أرتور مارتينيز ، و هو ينحني أمامها ، و كان يبدو قصيرا أكثر من بدلته السموكن البيضاء التي تشع على بشرته السمراء الداكنة .
أترفض ؟ لماذا ؟ و كيف ستعتذر ؟.
"أنا لا أعرف رقصة التنغو " أجابته مبتسمة .
"لا تهتمي سأعلمك ، سترين كم هي سهلة ".
فتبعته إلى حلبة الرقص ، وضمها أرتور بين ذراعيه" لا بد أنهما يشكلان ثنائيا غريبا و لكنها نسيت ألم قلبها بسرعة ، لأن أرتور مارتينيز رغم قامته القصيرة ، كان يرقص جيدا و استطاعت فرجينا أن تتبع خطواته بدون صعوبة .
"إنك رائعة " قال لها أرتور .
"أبدا ، أنك أنت من يمتلك التانغو في دمائه ".
"ألأن جدتي من بيونس ايرس ؟" و كانت الفتاة بدأت تنسجم بالرقص ، عندما اقترب منهما موظف .
"أنت مطلوب على الهاتف ، سيدي المدير ".
" وجئت لتزعجني هنا ؟" أجابه أرتور بإنفعال " كان بإمكانك أن تقول بأنني لست موجودا و تأخذ منه ملاحظة ".
"أنه مدير الأكابولكو فايف ستارز ، و يقول بإنه يريدك لأمر طارئ ".
فالتفت السيد مارتينيز إلى رفيقته .
"أعذريني يجب أن أذهب لمكتبي لأرد على مكالمة هاتفية ، و لكني سأعود لنرقص التانغو من جديد ".
"حسنا " أجابته ضاحكة .
و لكنها سرعان ما قلقت أكابولكو... غريغ موجود هناك ؟ و قد تكون روزا معه الآن ، و اتجهت نحو جونثان بخطى وئيدة.
" أنت وحدك ؟ أين الآخرون ؟".
"بوب و كورال يرقصان ، و أنت ؟ ماذا فعلت بأرتور ، هل تخلى عن تعليمك أسرار التانغو لإنك دست كثيرا على قدميه ؟".
"لا ، أنه أستاذ ممتاز ، وبفضله أحرزت تقدما و لكنه مطلوب على الهاتف ".
بعد خمسة دقائق عاد بوب و كورال و هما يضحكان ، و بنفس اللحظة عاد أرتور مارتينيز عابسا .
"أهناك أخبار سيئة ؟" سأله بوب بقلق .
و أرتعشت فرجينا ، وخافت أن يكون غريغ أصيب بمكروه ...
"هل السيد دوننغ... "بدأ بوب .
"السيد دوننغ ليس موجودا في أكابولكو أنه في ميامي " أجابه أرتور . فأحست فرجينا بشيء من الراحة .
"عفوا أعذرني ".
"يجب أن تسافري إلى أكابولكو غدا صباحا ".
أصيبت فرجينا بالذهول ، لماذا يجب أن تغادر كيرنفاكا ؟.
"أكابولكو ؟" صرخت كورال " أنك محظوظة حقا ".
"لماذا تتكلم عن أخبار سيئة ؟" سأله جونثان " أنه العكس تماما ، لماذا لا يحصل معي أنا نفس الشيء ".
لأول مرة أظهر السيد مارتينيز أنه لم يكن غافلا عن تصرفات جونثان .
"الموظفون الجيدون يستحقون الترقيات ، أما الآخرون... فللأسف " أدرك جونثان أنه هو المقصود ، فاحمر وجهه قليلا .
"و لكن ماذا يجب أن أفعل هناك ؟" سألته فرجينا أخيرا ، و خطر ببالها مئات الأفكار و إذا كان غريغ هو الذي أمر بذلك ؟ و إذا كان قد فسخ خطوبته بهذه السرعة ؟ و إذا...
"إحدى العاملات في مكتب الأستقبال في أكابولكو فايف ستارز تعرضت لحادث سيارة شرح لها السيد مارتينيز ، " و أنا للأسف ، تكلمت كثيرا عن نشاط فرجينا أمام السيد دوننغ ، وكلامي لم يقع على أذن صماء... " ثم تنهد و أضاف " كنت أتمنى أن تبقى هنا بعد أنتهاء فترة تدريبك " و بدت الخيبة على وجهه .
" هل أنا مجبرة على القبول ؟" سألته فرجينا " و لماذا تقول بأن هذه ترقية ؟".
"لأن الأكابولكو فايف ستارز أهم بكثير من البوسادا ".
"و فرصة كهذه لا يمكن تفويتها " قالت لها كورال .
"الأكابولكو فايف ستارز فندق رائع " قال بوب بحماس .
بالإضافة لكون غريغ غير موجود في الأكابولكو ، هذا ليس سببا لتغيير رأي فرجينا فالمغامرة كلها لا تستهويها ، ثم نهضت بتثاقل .
"إذا كان يجب علي الرحيل غدا باكرا ، فلا يبقى أمامي سوى توديع الجميع قبل أن أصعد لأعد حقائبي " و التفتت نحو السيد مارتينيز " سأطلب من الأستعلامات أن يوقظوني باكرا بالهاتف ، من سيوصلني إلى المطار ؟".
"كل شيء مدبر ، ستنتظرك سيارة غدا ، و سيعطيك تذكرة الطائرة ".
"أيجب أن آخذ معي كل حوائجي ؟".
"هذا أفضل ، لا أعتقد أنك ستعودين إلى هنا خلال فترة التدريب... ".

"لقد وصلنا إلى مطار الأكابولكو " أرتفع صوت المضيفة بالمذياع ثم كررت النداء بالإنكليزية .
فنظرت فرجينا من نافذة الطائرة ، و كانوا قد قطعوا صحراء واسعة و اقتربوا من الساحل .
بعد لحظات حطت الطائرة بهدوء على أرض المطار ، بعد أن أستلمت حقائبها أخذت تتلفت حولها ، بحثا عن السائق الذي ينتظرها من قبل الأكابولكو فايف ستارز.
"لا تقلقي أبدا" كان قد قال لها السيد مارتينيز " سيكون هناك سائق بانتظارك ، هذه هي العادة كل شيء منظم... ".
و كان هناك العديد من الأشخاص يحملون لوحات كتابية ، أنهم المسؤولون محليا عن رحلات السفر المنظمة لأستقبال وفودهم .
كما و أن بعض الفنادق كانت قد أرسلت ممثلين عنها ، و لكن فرجينا لم تجد بينهم من يحمل لوحة باسم الأكابولكو فايف ستارز...
"يبدو إنني مضطرة لأستئجار سيارة تاكسي " وتنهدت و هي تفكر بالمبلغ الذي ستدفعه للسائق ...
"فرجينا".
لا، هذا غير ممكن ، أنها تحلم ...
و لكنه حقا غريغ دوننغ يتقدم نحوها ، و قد لونت الشمس وجهه بهذه الأيام القليلة ، و كان يرتدي بنطلون و قميص قصير الأكمام ، و يبدو وسيما جدا .
"أنت ؟" قالت له و قد شحب وجهها لهذه المفاجأة و تناولت حقيبتها و هي لا تزال مذهولة .
"إيه نعم ، أنا... " و ابتسم لها ، و أشرقت عيونه العسلية ، وكان يحمل بيده زهرة واحدة قدمها لها...
"زهرة لأجمل فرجينا... " همس و أتسعت إبتسامته " لا أزال أذكر أول مرة رأيتك فيها ، و كنت تحملين باقة من الزهر الأحمر... ".
فتناولت الزهرة بيد مرتجفة ، و كانت تشعر بأنها تتلبس شخصية أخرى غير شخصيتها ، ليست هي من تتناول الزهرة ، و ليس هو أبدا من يقدمها لها... كل ذلك مجرد تفكير ، أو مر في فيلم سينمائي ، أو حدث في عالم آخر ...
"كنت... كنت أعتقدك في ميامي " قالت متعلثمة .
"لقد قضيت هناك يومين " ثم ابتسم و اضاف " لقد نجحت في العودة بالوقت المناسب لأصطحبك من المطار " .
و كان يتأملها بحنان بالغ ، و داعب جبينها بهدوء و رفع خصلة شعر عن وجهها .
"أنا سعيد جدا برؤيتك من جديد فرجينا " اضاف هامسا ، فبلعت الفتاة ريقها و كانت مرتبكة جدا ، و لكن صوابها عاد إليها فجأة .
و روزا ؟ ماذا فعل بها ؟ أيلعب لعبة مزدوجة ؟ خطيبة في وجهه ، وأخرى للتسلية و الترفيه ؟ من المؤكد أن غريغ دوننغ ليس رجلا يكتفي بالحب الأفلاطوني .
و كان كبرياء فرجينا كبيرا ، لا يسمح لها بإن يعتبرها أحد بأنها مجرد فتاة لتمضية الوقت ، و للحظة فكرت أن تكلمه عن ذلك المقال في النيوز ، ولكنها غيرت رأيها ، الأفضل أن تلتزم الصمت حفاظا على كرامتها .
و أخذت تفكر بوسيلة للخروج من هذا المأزق بلباقة .
"و ذلك بوضع حدود بينهما " كان هذا قرارها ، أن يبقى غريغ على وضعه كمدير للفايف ستارز ، و هي على وضعها كمتمرنة بسيطة ، لقد كان الخطأ قد وقع في ذلك النهار في تكسكو ... عندما تصور أن كل شيء ممكن معها.
"إذا ، أنت أضعت وقتك الثمين لكي تأتي لأصطحابي من المطار ، سيد دوننغ ؟" قالت له بسخرية " هذا لطيف منك ".
فنظر إليها وقطب حاجبيه ، إن موقف الفتاة يحيره ، هذا واضح .
"هل نسيت اتفاقنا؟" سألها أخيرا.
"أي اتفاق ؟".
"هيا فرجينا كنا قد اتفقنا أن نلعب التنيس يوم الجمعة اليوم " بدهشة كبيرة فتحت فمها ثم عادت و أقفلته ، و عندما عاد إليها صوتها صرخت .
"أمن أجل لعب التنيس استدعيتني إلى أكابولكو ؟".
"استدعيتك ؟ أنا لا أحب هذه الكلمة " ثم هز كتفيه و اضاف .
"لا ، ليس فقط من أجل التنيس جعلتك تأتين ، و لكن هذا لا يمنعنا من اللعب... ".
"أنا... ".
"أوه ليس الآن ، طبعا " قاطعها ضاحكا " لا بد إنك متعبة من السفر ، و يجب أن تعتادي أولا على جو أكابولكو ". و أشار إلى السائق الذي يرتدي زي السائقين و الذي كان يقف على بعد أمتار منها .
"أتسمح بنقل حقائب الآنسة سبرنغيل إلى السيارة لويس ؟" حمل السائق الحقيبتي ،، و أمسك غريغ ذراع فرجينا و أتجه بها نحو المخرج .
لم تكن تدري أين هي أتعيش قصة خيالية أم أن هذا حلما ستصحو منه بسرعة ؟.
"هل كنت تعلمين إنني منت أفكر بك دائما " همس غريغ بأذنها .
"أكان يفكر بوضع خاتم الخطوبة في يدها ؟".
رغبت في أن تطرح عليه هذا السؤال و لكن لا يجب عليها أن تظهر ضعفها أمام هذا الدون جوان ، ستكون هذه لعبة خطيرة و وعرة .
"آه ، نعم ؟ كنت تفكر بي ؟" سألته و هي تضحك " غريب تصور أنت أيضا يا عزيزي غريغ كنت تشغل كل أفكاري ".
فخفف غريغ خطاه .
"في كيرنفاكا و في تكسكو ، لم تكوني ساخرة هكذا " قال لها بحيرة .
"تتغير المرأة كثيرا... " و دخلت إلى السيارة و كان جو السيارة باردا و منعشا.
"و كأننا في الكواريوم " قالت فرجينا و هي تشير إلى اللوح الزجاجي الذي يفصل بين مقدم السيارة عن مؤخرتها "أكواريوم من الأنتعاش وسط جو خانق بالحرارة... آه ، جميل جدا أن يكون المرء غنيا ".
"لا تسخري كثيرا، يا عزيزتي ".
"عزيزتي ؟ أنا لست عزيزتك ".
"ما بك فرجينا ؟ و كأنني لا أعرفك ، أنت لست نفسك كنت أعتقد..." و ترك جملته معلقة و لم تطلب منه الفتاة أن يوضح كلامه ، و تظاهرت بتأمل المناظر الممتدة أمامها .
و كانت أكابولكو قد أصبحت خلال هذه السنوات مليئة بالبؤساء الذين جذبهم وهم الثراء ، و هم يتكدسون في الأكواخ في ضواحي المدينة حيث الأحياء الفاخرة .
"لقد أخبرني السيد مارتينيز أنني سأنوب عن عاملة الأستقبال... ".
"آه ، نعم لقد كسرت مارغا المسكينة ساقها ، و يدها... لا تقلقي كل شيء منظم ، أنت هنا في إجازة ".
"و لكن... ".
" لقد أخترت هذه الحجة ، كان بإمكاني أن أجد غيرها ".
"حجة ؟ و هل أنت بحاجة لحجج و أعذار ؟".
"لم أكن أريد إثارة فضول الموظفين ".
"حقا؟".
"كي أتجنب الشائعات ، بالنسبة لمركزي ، لا يمكن أن أقوم بحركة دون أن ينتقدوها ، و الشائعات تسري بسرعة ، و أنا أحاول تجنبها قدر الإمكان ".
"خاصة لكي لا تثير غيرة روزا " فكرت الفتاة بصمت .
"هل روزا موجودة الآن في الأكابولكو ؟".
"روزا ؟" صرخ بحدة " لماذا تتكلمين عن روزا ؟".
"و لما لا ؟ هل أصبحت موضوعا مزعجا ؟".
"لا ، و لكن يدهشني اهتمامك بها ، لا يوجد أي شيء مشترك بينكما ، أنتما الأثنتان ".
"هل هي في الأكابولكو ؟" ألحت فرجينا.
"لا ، ما هذه الفكرة ".
إذا أنه يغتنم فرصة غياب خطيبته ليقوم بمغامرة مسلية... يا لسخرية الأقدار ، أنها تحبه ، تحبه من كل قلبها ، و بكل قوتها ، بينما هو لا يفكر سوى بالتسلية .
"لماذا جعلتني آتي إلى هنا ؟".
"لعدة أسباب ، و لكن أولا لكي أبعدك عن جونثان ، إنه يؤثر عليك تأثيرا سيئا ".
"جونثان كا لجميع ، لديه بعض العيوب و بعض الحسنات ، و لكنني لست غبية لأتركه يؤثر علي ".
"أتعتقدين ذلك ؟" ثم تنهد " رغم أنه شاب وسيم ، إلا أنه ضعيف ، استغلالي و كسول ".
ظلت فرجينا صامتة ، و اعترفت لنفسها بإن غريغ استطاع بكلمات قليلة أن يحلل نفسية جونثان .
"أنا لا أحب المخادعين ، و أنت أيضا أليس كذلك ؟".
"و ماذا يهمك من ذلك؟" و كانت قد بدأت تغضب منه ، فأضافت " ماذا يهمك من كل هذا ؟ كيف تجرؤ على التدخل في اختياري لأصدقائي ؟".
و كانا قد أصبحا قرب الشاطئ ، لكن فرجينا لم تكن قادرة على الأعجاب بخليج أكابولكو الرائع .
و بعد قليل توقفت السيارة أمام مدخل الأكابولكو فايف ستارز ، فتح لهما السائق فتبعت فرجينا غريغ ، رغما عنها إلى البهو الواسع المزين بالشتول الرائعة .
و شعرت الفتاة أن كل الموظفين الذين يرتدون الزي الأزرق و الذين يجلسون خلف مكاتبهم يتأملونها و هي تدخل برفقة غريغ و تخيلت تعليقاتهم .
"هذه آخر ضحايا غريغ دوننغ ، آه ، يا له من خائن بالكاد أدارت خطيبته ظهرها و... ".
ثم بلعت ريقها ، و حبست دموعها ، ماذا فعلت لكي تجد نفسها في مثل هذا الموقف ؟.
"يبدو أنك متعبة ، فرجينا ، أرتاحي قليلا... سيقودك لويس إلى غرفتك " ثم أنحنى و طبع قبلة خفيفة على شفتيها ، أمام نظرات الموظفين و الزبائن الموجودين .
"إلى اللقاء يا عزيزتي ".
فنظرت إليه بذهول و هو يبتعد ، لينضم إلى رجل يرتدي بدلة سوداء لا بد أنه يعلم بخديعة غريغ...
احمر وجهها و أحست بالدم يغلي في عروقها ، و اجتاحها الخجل والعار ، و اسرعت إلى غرفتها تتبع لويس .
جلست فرجينا على مقعد طويل على شرفة غرفتها المطلة على الخليج ، و كان البحر أزرق صافيا يلتقي بالأفق مع السماء الصافية ، و في الناحية الأخرى تمتد التلال الخضراء حيث تنتشر الفيلات الكبيرة ، قطبت فرجينا حاجبيها و حاولت أن تركز تفكيرها .
منتديات ليلاس
أنها تجد نفسها في موقف حرج ، كيف ستخرج منه ؟
و هل ترغب بذلك حقا ؟ تشعر بأنها في دوامة كبيرة و كل الجهود التي كانت تبذلها للتخلص من هذه الدوامة تجذبها نحوها أكثر و أكثر...
رن جرس الهاتف ، و رغما عنها أخذ قلبها يدق بسرعة هل هو غريغ ؟ و اتجهت نحو الهاتف الأبيض الحديث جدا بموديله .
"ألو ؟".
"فرجينا؟".
إنه هو...
"نعم " أجابته بحذر و فرح بنفس الوقت . هذا الرجل يملك قوة كبيرة على أعصابها و قلبها ، وهذا يدهشها و يرهقها .
" كم تحتاجين من الوقت لكي تصبحي جاهزة ؟".
"جاهزة لماذا ؟".
"لكي نقوم بجولة نحو الخليج " ترددت قليلا ثم أجابت .
"أنا... استطيع التنزه وحدي ، لا تشعر بأنك مجبر على القيام بدور الدليل بالنسبة لي أنا... ".
"هيا ، لا تفعلي مثل الأطفال الصغار " قاطعها بنفاذ الصبر " قولي كم تحتاجين من الوقت ، و سنلتقي في البهو " ما نفع النقاش ؟ أنه دائما صاحب الكلمة الأخيرة .
"بعد نصف ساعة " أجابته مهزومة .
"عظيم " .
فتهيأت لأقفال الخط لكن صوت غريغ عاد يرن في السماعة .
"فرجينا؟".
"نعم ؟".
"لا تنسي... " ثم قطع كلامه ، وساد صمت قصير ، و سمعت أنفاسه العميقة .
"ماذ... ماذا كنت تريد أن تقول ؟" سألته بصوت مرتجف .
"لا تنسي بإنك تعجبينني ، تعجبينني كثيرا... ".
"هذا كل شيء؟".
"كبداية لا بأس ، أنا بانتظارك ، فرجينا ، أرتدي ملابس خفيفة ، فالجو حار جدا بالخارج ".
و كأنها لم تكن تعلم عندما دخلت إلى هذه الغرفة منذ ساعة وجدتها باردة جدا بسبب مكيف الهواء ، فأسرعت و فتحت النافذة و باب الشرفة ، و لم يعد هناك مجال الآن لإعادة تشغيل المكيف ، لأنها ستخرج .
إذا كان غريغ هو الذي يدير اللعبة ، فليس لفرجينا المسكينة أي حظ .
أخذت دوشا و تناولت حقيبة يدها و تأملت نفسها في المرآة .
"ها أنا جاهزة غريغ دوننغ و بأقل من ساعة واحدة"
و خرجت و ما إن وصلت إلى البهو ، حتى ندمت لأنها نزلت بهذه السرعة ، للحقيقة ظل العاملون متحفظين و بالكاد رفعوا عيونهم نحوها ، و لكنها كانت تتخيل أنهم يسخرون منها ، و لهذا لا يعطونها الآن أية أهمية .
تقدمت إمرأة مسنة منها .
"لا بد أنها أميريكية " فكرت الفتاة ، و تأكدت شكوكها عندما بدأت بالكلام بلهجة أمريكية خاصة بولاية تكساس .
"ألا يزعجك أن أجلس بقربك ؟".
"و لكن... لا ، تفضلي ".
"أنت تنتظرين غريغ ؟" سألتها السيدة دون مقدمات .
"إيه... نعم " أجابتها فرجينا متعلثمة .
"كنت أشك بذلك ، أنا أملك رادارات أنت تعلمين... خاصة عندما يتعلق الأمر بابن أخي ".
"أوه ، غريغ هو ابن أخيك ".
وضعت السيدة المسنة البودرة على خدودها ، قبل أن تضع احمر الشفاه الفاقع .
"نعم إنه حفيد أخي ، بالتحديد... أنه صبي جيد... ".
ابتسمت فرجينا غريغ ابن اخيها ؟ و تصفه بإنه صبي ؟ إنه رجل ... نعم رجل بكل ما للكلمة من معنى...
"إنه صبي جيد ، و لديه ميزات عديدة مثلا ، إنه يقدم مساعدات لكثير من الناس ".
"غريغ ؟ يسهم باعمال خيرية للانسانية ؟" سألتها فرجينا بسخرية .
"و لكن نعم ، طبعا لا يمكنه أن يغير العالم ، كما يقول ، إلا أنه يفعل ما يمكنه في هذا المجال ، نقطة في بحر ، هذا كل شيء نقطة ".
ثم كتفت يديها المليئتين بالتجاعيد و تنهدت و اضافت .
"يبدو إنني أضيع ، أنا لم آت لرؤيتك لكي افتخر بمزايا ابن أخي... يا صغيرتي أنا لا أريد أن أزعجك ، و لكن يجب أن أقول لك لا تضيعي وقتك مع غريغ ".
"أنا... " قالت فرجينا بارتباك.
"صه ، دعيني أتكلم كما ترين أنا إمرأة في الثانية و الثمانين من عمري ، ومن حقي أن أقول ما أفكر به ".
تلفتت فرجينا حولها بحثا عن أي مهرب .
"تبدين صغيرة كما يجب " اضافت عمة غريغ " كنت أظنك مختلفة ... " ثم ابتسمت و اضافت .
"و لكن بالتأكيد الصور لا تكون واضحة دائما أليس كذلك ؟ " هل أراها غريغ صور لها ؟ و لكن من أين حصل عليها ؟ هل التقط صورة لها بدون علمها ؟ أم أنه أخذ صورتها من ملفها الذي يملكه السيد مارتينيز في مكتبه .
"نعم أنت جميلة ، و أنا آسفة من أجلك ، يجب أن تصدقي لأول مرة في حياته ، يقع غريغ في الحب ، و أنت ليس لديك أي أمل ".
"و لكني... ".
"صه ، أنت مخطئة بمحاولتك الضغط عليه ، لكنك لن تتوصلي إلى شيء لا يجب أن تتوهمي كثيرا يا صغيرتي".
"مدام ، أنت مخطئة أنا... ".
"صه ، إذا كنت أتكلم هكذا ، فهذا من أجل مصلحتك ، غريغ يريد أن يتزوج و يؤسس عائلة له ، كان يجب أن يفكر بذلك منذ مدة طويلة ، و لكن كما يقال ، الآن أفضل من أن لا يفعل أبدا " .
أخذت فرجينا ترتجف كورقة في مهب الريح .
"مثلا أنا لا ألاحقه ، بل على العكس هو الذي... ".
و لم يتسع لها الوقت لقول المزيد ، لأن السيدة العجوزة نهضت و اتجهت نحو الصالون الثاني .
أنضم غريغ إلى الفتاة التي كانت لا تزال منهارة بعد ذلك الحديث الذي سمعته .
"كم أنت شاحبة " صرخ غريغ "هل أنت مريضة ؟".
"لقد التقيت بعمتك منذ قليل " أجابته بجفاف .
فنظر باتجاه عمته و ارتسمت ابتسامة على شفتيه .
"آه عمتي نانسي ، أتعلمين أنها في الرابعة و الثمانين من عمرها ؟".
"قالت لي أنها في الثانية و الثمانين فقط ".
"يبدو أنها تصغر من نفسها ... أو قد تكون نسيت كم عمرها ".
"أتساءل إذا لم تكن قد فقدت عقلها كله ".
"يحدث معها ذلك أحيانا... و لكن هذا يحدث للكثيرين أليس كذلك ؟ في الماضي كانت إمرأة ذكية جدا ، لقد توفيت والدتها عن سن يناهز المئة ، و أعتقد أنها على نفس الطريق ".
"يبدو أن من عادتها التدخل بما لا يعنيها ".
"أنها إمرأة مسنة ، و المسنات يرغبن دائما بالكلام ".
"أنت تحاول إيجاد عذر لها ".
"ذلك لأنني أحبها كثيرا ... كيف سنصبح عندما نبلغ سنها ؟" أمسك ذراعها و قادها نحو المخرج .
"عاشقين دائما ، أتمنى ذلك " اضاف بهمس في أذنها .
فابتعدت بسرعة .
"أرجوك ".


***************


نهاية الفصل الثاني
يتبع...

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 10:50 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

بداية الفصل الثالث


-3-


أمام باب الفندق كانت سيارة التاكسي تنتظر ، و كذلك سيلرته و سائقها الذي أسرع يفتح الأبواب لكن غريغ هز رأسه .
"لا شكرا ، لويس ".
"ثم التفت نحو فرجينا و اضاف " اليوم نحن في إجازة ".
ثم توجه إلى سيارة المني دوك الخضراء التي تشبه اللعبة .
"ثوبك المقلم بالأحمر و بالأبيض مع هذه السيارة الخضراء ، يستحق صورة ".
فتذكرت الفتاة الصورة التي قالت العمة أن غريغ أراها إياها، و تبدد حماسها.
"ألديك صورة لي غريغ ؟".
"ليس حتى الآن...".
ثم أخرج من جيبه كاميرا صغيرة و كبس على الزر .
"الآن أصبحت أملك واحدة ".
فزمت الفتاة شفتيها ، إذا عمة غريغ تتوهم... لم يكن غريغ يملك لها صورة قبل الآن .
"ماذا ستفعل بهذه الصورة؟" سألته الفتاة .
"سأحتفظ بها قرب قلبي " .
فهزت كتفيها و تنهدت .
"غريغ كن جادا".
"و لكني جاد " و تأملها بحنان كبير لو يكون صادقا ، و لكن ألم تحذرها عمته منه .
"أنا أعلم ماذا ستفعل بها " أجابته بمكر " ستضيفها إلى ألبوم الصور الخاص بمغامراتك النسائية ".
"فرجينا" .
"أين أصبحت الآن ؟ " ألحت الفتاة " في أي صفحة ؟".
ظل غريغ صامتا يتأملها بدهشة .
"لماذا لا تجيبني ؟ لا بد أنك تفتخر كثيرا بانتصاراتك العاطفية أنت...".
"أهذا ما تقولينه ؟" قاطعها غريغ ، و هو يتأملها الآن ببرودة "أنت تغارين ؟".
"لا أبدا ".
"لا يجب أن تصدقي كل ما يقال ، بالتأكيد ، أنا لا أدعي بأنني عشت حياتي كالقديسين ، و لكن مغامراتي ليست بذلك العدد الذي يتكلمون عنه ".
ثم أمسكها بين ذراعيه و ساعدها على القفز من السيارة .
"حاليا ، إمرأة واحدة فقط تهمني ، أتعلمين من هي ؟".
"روزا؟".
"روزا؟" سألها بدهشة "ليس لروزا أي مكان في حياتي ".
"كاذب " رغبت الفتاة في أن تصرخ بوجهه .
"أنا متمسك بك أنت فرجينا وحدك " أكد لها .
إذا كان يعتقدها غبية إلى هذا الحد ، فقد قررت هي الدخول معه في هذه اللعبة .
"هكذا إذا" أجابته ضاحكة "و إلى متى ؟".
"للأبد " و نجحت في اصطناع الضحك .
"ليس إلاهذا ؟ كم عدد الفتيات اللواتي سمعن هذا منك ؟ هيا غريغ ، أنا لست ساذجة لهذه الدرجة ".
فغمرها بنظرة غير واضحة المعالم... يبدو أنه على وشك الأعتراض على كلامها ، لكنه أختار أن لا يقول شيئا ، و عندما عاد للكلام ، كان ذلك بخفة و مرح .
"أنسي النقاشات الكبيرة في الوقت الحاضر ، و لنفكر فقط بقضاء يوم جميل ، موافقة ؟".
"حسنا ".
و قاد سيارته نحو الشاطئ ، لا حظت فرجينا الكثير من السيارات المشابهة لهذه لكن أكثرها بلون الزهر .
"يبدو أن الميني موك منتشرة كثيرا في أكابولكو ".
"السيارات ذات اللون الزهري مخصصة لزبائن لاس بريزاس في ذلك الفندق لكل زبون سيارة خاصة ".
"حقا ؟ ألا ترغب بشراء هذا الفندق ؟".
"لدي واحد في أكابولكو ، و هذا يكفيني ، أنا لست طماعا ".
"لن تصل إلى الرقم خمسين ، إذا فكرت بهذه الطريقة " أجابته ممازحة .
"خمسون فندقا ؟" و ابتسم " هل هذا هدف في الوجود ؟ أنا لا أفكر بذلك " أجابها باشمئزاز .
"لا تدعي الاشمئزاز غريغ ".
"أنت على حق ، إذا سارت الأمور جيدا ، سأصل قريبا إلى الرقم ثمانية و أربعين ".
مع الكاريب أوتيل ، طبعا ، فكرت فرجينا بيأس ، و لكن أليس من الأفضل أن تعيش اللحظات الحاضرة ، من أن تترك الغيرة تلتهمها ؟.
"قد يظننا البعض زوجين سعيدين " فكرت بانقباض في قلبها و مرارة ، "و لكن ليس أولئك الذين يعرفون غريغ ، و هم كثر طبعا ".
بعد قليل توقف غريغ أمام المرفأ حيث كانت باخرة ركاب تنزل السواح ، و مراكب سياحية عديدة تنتظر وجود السواح للقيام بجولة حول الخليج .
"أوه سنقوم بنزهة بحرية ؟" سألته فرجينا بحماس .
"نعم " و قفز من السيارة و اتجه نحو يخت صغير خرج شاب مكسيكي من الكابين و كان يضع على رأسه قبعة عريضة .
"سينور دوننغ ، كل شيء جاهز أتريد أن أشغل المحرك ؟".
"لا سأهتم بذلك بنفسي ، جوزي ، سنعود بعد ساعتين أو ثلاثة بعد القيام بجولة قصيرة ".
"لقد أخرجت لك الألواح ".
"لن نمارس رياضة التزلج على الماء اليوم غدا ممكن... ".
سحب جوزي حبلا ليقرب المركب من الرصيف ، و لكي يتمكن غريغ و فرجينا من الصعود بسهولة .
"رحلة موفقة ، سنيور دوننغ ، سنيوريتا ... " و قفز إلى الرصيف ، بينما بدأ غريغ بتشغيل المحرك .
"ألن يأت معنا ؟" سألته فرجينا بقلق .
"ألا تثقين بي ؟".
"بلى ، و لكن... ".
"أنا أعرف القيادة جيدا " ثم ألتفت نحو جوزي " قل لها إنني قادر على الإبحار بهذا المركب " فرفع البحار رأسه نحو السماء و ابتسم .
"السنيور دوننغ هو أفضل البحارين على الاطلاق".
بما أنه موظف عند غريغ ، فلن يجروء أبدا على الادعاء بعكس ذلك ، أنه يحافظ على وظيفته .
"ليس هذا ما كنت أعنيه... " بدأت كلامها ، لكن المركب كان قد بدأ يبتعد عن الرصيف .
"إذا تخافين أن تكوني وحيدة معي ؟".
"أيجب علي ذلك ؟".
و ابتسمت له و أشرقت عيونها اللوزيتان ، و ألتقت نظراتهما للحظات ، و كانت هي أول من أخفض نظره .
خرج المركب من المرفأ و كانت الشمس و البحر و السماء و الأمواج كلها متناغمة ... فأحست فرجينا و كأنها انتقلت فجأة إلى عالم السعادة ، هذه اللحظات كاملة... كل ذلك هي الحياة .
و تأملت يدي غريغ اللتين تمسكان المقود بهدوء و ثقة ، هاتان اليدان قادرتان على هز كيانها كله ، و تذكرت تلك اللحظات السحرية في الظلام حدائق البوسادا قبل أن تفاجئهما روزا .
و فجأة جف حلقها ، و شعرت برغبة قوية جعلتها ترتعش عندما خلع غريغ قميصه فرأت صدره البرونزي العريض ، و فتحت شفتيها بإعجاب ، و تمنت أن تتحسس هذا الجسد تحت اصابعها و تحت شفتيها .
"فرجينا... " همس غريغ .
فرفعت رأسها ، و اكتشفت في عينيه الرغبة و نفس الأنفعال ، أوقف محرك المركب ، و همس من جديد .
"فرجينا... " و اقترب منها و ضمها إلى صدره فتركته يفعل...
"أوه غريغ... " همست و أعمضت عينيها ، لم تعد تفكر بروزا ، و لا بأي شيء آخر ، بهذه اللحظة لم يعد يهمها سوى قلبها و احاسيسها ، و ألتقت شفاههما بقبلة طويلة ، مليئة بالرغبة ، وبدأت يداه تكتشفان جسدها...
فاستسلمت لعناقه ، و انطلقت تأوهات من أعماق كيانها و خرجت من شفتيها فضمها غريغ إليه أكثر .
"فرجينا ... أنت تجعلينني مجنونا... أريدك أن تكوني لي " أضاف لاهثا .
"أريد أن أكون لك " أجابته بصوت ضعيف .
فعادت شفاه غريغ تقبلان عنقها ، و أرتعشت بين يديه و هي مغمضة العينين ، و نسيت كل تحفظاتها ، و أصبحت هي بدورها تداعب كتفيه و عضلات ظهره و صدره .
"أريدك أن تمتلكني " قالت و قد ثملت من طعم قبلاته و فجأة سمعا صفيرا قريبا .
"إيه أيها العاشقان ".
و كانت سفينة سواح تمر بالقرب من هناك ... فتراجعت فرجينا إلى الوراء ، و أسرع غريغ و شغل المحرك ، فاندفع المركب إلى الأمام و ابتعد عن سفينة السواح .
"سامحيني فرجينا ".
"على ماذا ؟".
"أنا ألوم نفسي ، لم استطع تمالك أعصابي " ثم تنهد و أضاف "أنك تفقدينني عقلي ، أنه عذري الوحيد ".
"و أنا أيضا ، أنا مسؤولة مثلك ".
"إذا فلنقل إننا مسؤولان معا " و ابتسم و ضمها إليه من جديد ، و لكن بحنان كبير و اسند خده على شعرها .
"فرجينا ... أوه يا عزيزتي " همس بأذنها . فاغمضت عينيها تحلم بما كان سيحصل... و لم يحصل...
بعد هذه النزهة البحرية التي لم تطل بسبب سخرية السواح ، عادت إلى الأكابولكو برفقة غريغ .
"هذا المساء سأصطحبك لتناول العشاء و للرقص " قال لها غريغ .
"سنزور أكابولكو ليلا..." ترددت الفتاة قليلا ثم سألته .
"تعتقد أن هذا تعقل ؟".
"تكون الحياة مملة إذا كانت دائما متعقلة ".
فتذكرت كلام عمته العجوزة " أنت تضيعين وقتك مع غريغ لأول مرة في حياته وقع في الحب ، يريد أن يتزوج و يؤسس عائلة له... ليس لديك أي أمل ".
يقع في الحب؟ هو ؟ و لكن هذا لم يمنعه من بعض الترفيه حتى بعد زواجه سيتابع مغامراته ، للحقيقة ، تستحق روزا الإشفاق أكثر من الحسد... و أخذت نفسا عميقا .
"يجب علينا أن نحافظ على علاقة عملي الجديد بيننا ، أنا جئت لأتمم فترة التدريب في فنادق الفايف ستارز ، في البوسادا بالتحديد ، لماذا جعلتني آتي إلى هنا ؟ لماذا تصر على معاملتي... ".
"كضيفة ؟ و لما لا ؟ أليس جميلا أن تتمتعي بأيام من الاجازة بد العمل ؟ و خاصة في مثل هذا الحر ؟".
"لكن الجو منعش في مكاتب الفندق ".
"و منعش أكثر ‘لى الشاطئ".
أيام من الاجازة مع غريغ ، هذا مثير حقا ، لماذا ترفض هذه المتعة ؟ لن تعلم روزا بشيء ، حتى لو علمت ، فهذا ليس مهما .
"أنا أيضا موجودة ، و أنا أيضا أحب غريغ ، لكنه لا يريد سوى مغامرة حب عابرة ، و أنا أريد ارتباطا تاما... و لكن مغامرة قصيرة ، أليس أفضل من لا شيء ؟ أية فضيلة تجعلها ترفض بعض السعادة ؟ " قالت في نفسها .
"لماذا أنت حذرة هكذا فرجينا ؟ مما تخافين ؟ أشعر في هذه اللحظات و كأنك تعتبرينني عدوا لك ؟".
"لا ، غريغ لكن سمعتك... ".
فرفع نظره نحو السماء .
"ها قد عدنا من جديد ، لقد سبق و قلت لك رأيي بالنسبة لسمعتي ، و كل ما ينشر عني ليس صحيحا ، و كلما رأوني بصحبة فتاة جميلة يقولون أنها عشيقتي ، و أكثر الأحيان لا يتعدى ذلك دعوة للعشاء ، أنا أفضل الخروج مع الفتيات الجميلات ، أين الضرر في ذلك ؟ هذا أجمل بكثير من تناول العشاء بصحبة عجوز يهذي ".
آه ، كم يعرف كيف يبرر نفسه تناول العشاء معه ، و الرقص بين ذراعيه ؟ كم تحلم بذلك .
"كوني مستعدة في الساعة الثامنة " قال لها ثم ابتسم و اضاف " كوني جميلة " و ابتسم .
أن تكون جميلة ؟ هذا يسهل قوله... فهي لا تمتلك سوى ثوب سهرة واحد ، و الأثواب المكسيكية تناسب اجتماعات عادية لا سهرات راقصة .
احست الفتاة باندفاع كبير ، و نزلت إلى معرض المبيعات في الفندق ، و كانت إحدى المحلات تعرض ملابس خاصة بالسهرات و الحفلات .
بعد أن وقفت طويلا تتأمل المعروضات ، اختارت ثوبا من الكريب الطويل بكتف واحد يشبه موديلات الأغريق ، و كان لونه الفاتح يناسب لون بشرتها و شعرها الطويل .
بدهشة كبيرة تأملت نفسها في المرآة ، بهذا الثوب تبدو فتاة ثانية ، و لكن أكثر أنوثة و اثارة...
"لا بأس ".
"و كأن هذا الثوب خلق خصيصا من أجلك " قالت لها البائعة باعجاب ، و كانت تتأمل زبونتها و هي تحني رأسها .
"ماذا ينقصك ؟ أنت بحاجة لمجوهرات ؟ و لكن ايها ؟ ايها؟ آه ، لدي ما تحتاجين إليه ، هذا العقد ، إنه بسيط و بنفس الوقت... ".
"لقد فهمت ما تقصدينه" قاطعتها فرجينا "لدي بالتحديد ما أحتاج إليه".
فالعقد الذي قدمه لها غريغ يناسب هذا الثوب كثيرا ، و أخيرا ، تأملت البطاقة المعلقة بالثوب و التي لم يخطر ببالها أن تتفحصها من قبل ، و قرأت السعر المسجل عليها و بدت الخيبة على وجهها ، لم يسبق لها أن دفعت مثل هذا المبلغ ثمنا لثوب ترتديه .
"انه سعر الأوكازيون " قالت لها البائعة "و لكن صدقيني أنه يستحق وزنه من البيزوس" ثم أضافت بصوت منخفض .
"أنت لن تدعي بأنك تواجهين مشاكل مادية " قطبت فرجينا حاجبيها .
"و لكن... ".
أن تصرفات بعض العاملات الأمريكيات الأصل تصبح مزعجة جدا أحيانا ، ماذا تتخيل هذه ؟ أنها تقضي إجازة في أكابولكو فايف ستارز ، و ستنفق كل مالها على الملابس ؟
ضحكت البائعة و أضافت .
"أنا أعلم من تكونين ، كما يعلم الجميع هنا " ونظرت إليها بطرف عينها .
ازداد غضب فرجينا ، يبدو سوء التفاهم واضح ، يعتقدون أنها عشيقة غريغ دوننغ ، عشيقة وصولية متطلبة .
أتعترض ؟ أتدافع عن نفسها ؟ لكن البائعة لم تكن لتصدقها لقد اصبح الوضع مزعجا للغاية...
نعم مزعج ومهين ، لا يجب أن يستمر ذلك ، ستطلب من غريغ أن يسمح لها بالعودة إلى البوسادا لإنهاء فترة تدريبها ، لا سبيل لأن تصبح موضوع الأقاويل في هذا الفندق ، مع أنها حتى الآن لم تفعل ما تلام عليه.
ازداد احمرار وجهها عندما تذكرت أنها كانت على وشك أن تستسلم لغريغ على متن اليخت ... ثم أخرجت بطاقتها و ناولتها للبائعة .
"بإمكانك فقط أن توقعي على الفاتورة " قالت لها البائعة .
"أعتقد أن لديك حسابا مفتوح هنا... ".
"إنني أنا من سيدفع لك " أجابتها فرجينا بجفاف "و من مالي الخاص" ظلت البائعة تبتسم يبدو أنها مقتنعة بأن غريغ يمول حساب فرجينا بالبنك .
شعرت فرجينا بالذل ، و صعدت إلى غرفتها لتكمل استعدادها للسهرة و بعد أن سرحت شعرها وضعت العقد الذي قدمه لها غريغ في تكسكو ، أنه بالفعل يناسب ثوبها الجديد ، و عندما لامس العقد صدرها احست بشعور غريب... انه غريغ الذي أيقظ في نفسها مثل هذه الأحاسيس الرائعة و المخيفة في آن واحد...
في الساعة الثامنة تماما ، نزلت فرجينا و لم يكن غريغ قد وصل بعد ، فجلست تنتظره على نفس الكنبة ، و صدق حدسها عندما رأت العمة نانسي تتجه نحوها ، و كانت ترتدي ثوبا من الساتان الأزرق ، لا بد أنها غاضبة من فرجينا ، و تلومها لأنها لم تتبع نصائحها... و لهذا السبب لم تكلمها ، بل عادت ادراجها و هي تهز برأسها.
"آنسة سبرنغل ؟".
التفتت فرجينا فرأت عامل الأستقبال يقترب منها .
"نعم؟".
"أيمكنك أن تتبعيني لو سمحت ؟".
"و لكن... إلى أين؟".
"إلى شقة السيد دوننغ".
عضت فرجينا على شفتيها ، و غضبت كثيرا لأن غريغ يضعها في مثل هذا الموقف ، و لم يكن بامكانها أن ترفض مرافقة هذا الشاب بأدب و لباقة .
قادها الشاب إلى مصعد خاص بالإداريين ، و لاحظت بدهشة أن الشاب استعمل مفتاحا خاصا ، و لم يضغط على أي زر من الأزرار .
"يبدو أن هذا المصعد خاص بالسيد فايف ستارز"
فكرت الفتاة ، لم يكن من عادتها أن تتأثر بسهولة ، لكنها هذه المرة تأثرت كثيرا... بعد لحظات قليلة ، فتح الباب على صالون كبير ، و ما إن خرجت من المصعد ، حتى نزل المصعد فورا .
"يا للفخامة ؟ أي فخامة و أي بساطة بنفس الوقت... ".
و اعجبت بالكنبات المريحة و الطاولات الحديثة و السجاد الرائع...
"فرجينا".
اسرع غريغ لاستقبالها ، و كان مثيرا جدا ببنطلونه الرمادي الغامق ، و قميصه الحريري الأبيض .
"كم أنت جميلة" همس غريغ ، ثم أمسك يديها بطرف يديه و أخذ يتأملها باعجاب .
"أوه أنت جميلة جدا ".
فحاولت أن تلطف الجو المثقل بالتيارات الكهربائية التي نشأت بينهما فجأة .
"و أنت لا بأس بك " قالت له مبتسمة .
"أنا سعيد جدا باستقبالك في شقتي ".
"أنها إحدى شققك السابعة و الأربعين ".
"لا ، ليس لدي شقق خاصة في كل فندق من فنادقي ، أنا أنزل في شقق خاصة في الأماكن التي أحبها بشكل مميز ، و هي ليست سوى عشرة بالفعل ".
"عشرة بالفعل؟" سألته بسخرية "أنها قليلة حقا ، و لكن أين يوجد مسكنك الرئيسي ؟".
"في نيويورك...".
نيويورك... المدينة التي تفضلها على كل المدن ، المدينة التي تشعر دائما بالإنتماء إليها .
"سنشرب كأسا قبل أن ننزل " قال لها غريغ و هو يتجه نحو البار الصغير في زاوية الصالون.
"ما رأيك بشقتي؟".
"أنها رائعة حقا".
و اتجهت نحو الشرفة التي تمتد على طول الصالون ، شرفة ؟ لا ، أنها حديقة معلقة ، و وقفت تتأمل المدينة التي تتلألأ أنوارها في سكون الليل ، و أنوار المراكب مصابيح السيارات ، و الكثير من لائحات الاعلانات في البارات و المطاعم و المنازل...
فتح غريغ زجاجة شمبانيا ، و سكب في كأسين من الكريستال البراق .
"البريق الفرنسي" قالت فرجينا بدهشة ، و كانت تعلم أن هذا البريق يكلف ثروة كبيرة في المكسيك ، و لكن بالنسبة لغريغ ، المال ليس مهما بالتأكيد .
بلعت ريقها هذا المساء يستعمل غريغ كل إمكانياته لكي يوقعها في شباكه.
"و أنا الغبية التي تظن أنها ستتمكن من إغرائه".
ناولها غريغ الكأس .
"نخبنا فرجينا ".
و دون أية كلمة شربت جرعة من الكأس اللماع ، و كانت قد تعلمت أن تطلب أمنية عندما تلامس شفتاها رغوة الشمبانيا أمنية ؟ و لكن أية أمنية ؟.
"أتمنى أن تكون روزا كاذبة في كل ما قالته" و تنهدت بصمت .
لكي تتخلص من غريمتها ، روزا قادرة على الخداع ، و لكن فرجينا في قرارة نفسها ، كانت تعلم أن هذا ليس ممكنا ، لا يمكن أن تنشر صحيفة النيوز أي شيء دون أن تتحقق منه أولا ؟، و إذا كان ذلك المقال كذبا و إدعاء ، ألم يكن غريغ قادرا على تكذيبه ؟.
شربا كأسا آخر و هما يتأملان أنوار المدينة ، و لم يتبادلا أية كلمة لم يكونا بحاجة لقطع ذلك الصمت الناطق .
و أخيرا قال لها غريغ بأن السيارة تنتظرهما في الأسفل... و أصطحب الفتاة لتناول العشاء في مطعم قريب من شاطئ البحر ، أنه مطعم رائع تنتشر الطاولات الأنيقة بفضياتها في الحديقة الكبيرة ، و تتراقص شعلات الشموع مع النسيم الخفيف ، عندما قدم الخادم لائحة الطعام إلى فرجينا تأملتها بدهشة .منتديات ليلاس
"الأصناف كثيرة ، لا أعرف ماذا أختار".
"ما رأيك لو نبدأ بالسفيتش؟" ، أقترح غريغ .
"و ما هو السفيتش؟".
"أنه السمك مع التوابل و الحامض ، أنه طبق مكسيكي مشهور... و ممتاز".
"حسنا بالنسبة للسفيتش".
"و ماذا أيضا ؟".
"أختر أنت الباقي".
"الكركند و الشمبانيا؟".
"الكركند و الشمبانيا" أجابته بمرح.
فلتستغل هذه اللحظات ، لأنه غدا سيحين الوقت للعودة من عالم الأحلام .
ملأ الخادم كأسيهما ، و رفع غريغ كأسه و أقترب منهما عازفين من الأوركسترا ، وفجأة لمع فلاش و بهر عيونهما ، ثم ثاني ثم ثالث...و كان مصوران يلتقطان لهما هذه الصور .
رفعت فرجينا يديها و أخفت وجهها ، بينما هز غريغ كتفيه .
"يجب أن تعتادي على ذلك ".
"أبدا لن يسمح لها الوقت بذلك" رغبت في أن تجيبه "لأنني لا أريد البقاء في أكابولكو معك...".
"هل سأكون غدا فتاة الشرف في الصحف " سألته بجفاف .
"هذا ممكن ".
"آخر انتصارات غريغ دوننغ العاطفية...".
"محتمل ، ألم أقل لك أن الصحف تبالغ كثيرا ".
اخفضت الفتاة رأسها ، و أحست بانقباض مفاجئ .
أختفى المصوران و عادت الموسيقى لعزف ألحان صاخبة .
تلفتت الفتاة حولها ، و ازداد إنزعاجها ، لأن هذا المطعم أدركت هو نفسه المطعم حيث تناولت روزا عشاءها مع غريغ في ذلك اليوم ، لا تزال الصورة التي نشرتها صحيفة النيوز محفورة في ذاكرتها ، لقد تعرفت على المكان... و قد يكونا تناولا عشاءهما الحميم على نفس الطاولة .
هلا أكلا الكركند و شربا الشمبانيا ؟ هل هنا وضع غريغ خاتم الخطوبة الذي تتباهى به في اصبعها ؟.
"بماذا تفكرين فرجينا ؟".
"لا شيء " أجابته بلهجة حاولت أن تكون طبيعية .
"تبدين حزينة بشكل مفاجئ".
"هل لدي كل الأسباب لأكون سعيدة ؟" سألته بسخرية .
"أتمنى ذلك " فضحكت بمرارة .
"كل الظروف مجتمعة ، أليس كذلك ؟".
"فرجينا...".
"فندق فخم ، شاطئ الأحلام ، اهتمام أفضل دون جوان ... و أشتكي ؟".
"كم أنت حزينة " و نظر مباشرة إلى عيونها و اضاف "لماذا؟".
فهزت كتفيها و قالت ممازحة .
"فلنقل هذا طبعي ".
"تعالي" و أمسك يدها و اتجه بها نحو الرقص حيث كان قد سبقهما عدد من الراقصين و بين ذراعي غريغ أخذت فرجينا ترتعش . و أحست بأنها فريسة لمشاعر لا يمكن وصفها .
داعب غريغ كتفها العاري بحركة هادئة ، فحاولت جهدها أن تنسى أنه منذ أيام قليلة كان هنا يرقص برفقة روزا ، ضمها غريغ إلى صدره .
"إنك تجعلينني مجنونا " همس بأذنها " عندما أضمك هكذا أنا... " ثم ضمها إليه أكثر .
"فرجينا أوه يا عزيزتي ".
و سكتت الموسيقى فعادا إلى مكانهما ، و احضر لهما الخادم السمك .
"إنه لذيذ جدا بالفعل" قالت فرجينا بهدوء .
و كانت تحاول أن تتصرف و كأنه لم يحدث شيء بينهما و لكن هذا صعب جدا ، عندما يضمها غريغ تفقد كل سيطرة على نفسها و يتمنع جسدها عن الإستجابة لعقلها...
بعد السمك أحضر الخادم الكركند المطهو بالزبدة ، و احمرت وجنتا فرجينا و لمعت عيونها ، و بدأت تشعر بأنها لا تدري اين هي من تأثير الشمبانيا.
"لقد شربت الكثير " قالت و هي تضع يدها على كأسها الفارغ عندما حاول الخادم أن يملأه لها .
"لا أريد المزيد ، و إلا سأبدأ بالهذيان ".

**********************



نهاية الفصل الثالث
يتبع ... الفصل الرابع و الأخير

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
دياناكلارك, روايات, روايات مكتوبة, روايات عبير, زهرة لفرجينيا, عبير الجديدة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:40 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية