المنتدى :
الارشيف
99 ريال
صبّحهم بالرضا والعافية ..
مصافحة :
في حارتنا حديقة !!
* قصة مبنية على واقع ( قال إيش قال : هيا بنا نتمشاا )
استيقظت من النوم .. على نداء أبي ( يالله .. بدت خطبة الجمعة ) .. راددتهُ الصوت معلناً انسحابي من النوم وقتياً !! لأني لست على أتم الاستعداد لدفع ضريبة حرصه فالأذان الثاني لم يحن بعد !! وما إن ذهب أبي حتى مارست عيناي هوايتها المعتادة ( غفوة ) .. على أمل اللحاق بالركب سريعاً وقبل أن تكون أربعة ركعات !! طبعاً هي استجابة لقرار أتى من أطراف عدة !.
هب هواءٌ حار، يخدش الاسترخاء .. يبدو أني لن أهنأ باستراحة ما بعد النوم !! نظرت صوب كل اتجاه، فنهضت لغلق مخلفات الهجوم الإيقاظي المدمر الذي قام به أبي " الدريشة "، ولكن سرعان ما تبدل الحال ! حينما اقتربت من الدريشة .. هب نسيمٌ عليل ، يحمل أريج الورود ، وعبير الزهور !! اقتربت أكثر .. فإذا بزخات مطر تلاطفني مع شوية قطن متساقط !! توجست خيفة .. ولكني اقتربت أكثر وأكثر .. فإذا بكيلو منجا يترامي بين يدي مع حبتين كيوي !! نظرت من الدريشة باستغراب تام .. فإذا هي مروجٌ وأنهار " جنة الله في أرضة " للحظة تمنيت أن أنفي لا يحوي أية شعيرة !؟ لكي أتخمر داخلياً وأسكر بنقاء الطبيعة ..
قطع العم " جون " تأملي قائلاً بعد إلقاء التحية ( ألن تصلي معنا ؟ كود الرب يغفر خطاياك ) .. قلت والابتسامة تُغرقني ( إلا إلا ) .. ثم ذهب .. ومازلت أرقب ذلك العبد الصالح حتى توارى عن ناظري بين تلك الأشجار التي يداعب غصونها الهواء .
فجأة .. حط عصفور فسفوري اللون .. رحاله على شرفة الدريشة .. ثم قال بغنج ( شلّنِي ) .. لم يكن هناك مجال للاستغراب ولا الدهشة .. فقلت( يا إلهي عصفور على الشرفة !! ).. حملته يداي بكل لطف ، بينما نظراتي تسابقت وتتابعت وتعبت وهي تستجدي جماله الساحر، رفعته حتى مستوى رأسي .. فقال العصفور ( حطني على كتفك ، بقولك سر ) .. فقلت ( يالله عاد .. عن التميلح .. قل ، وإلا والله لأمصع رقبتك ) .. فقال العصفور بانكسار ( الخادمة ميري في الجوار الثالث تبلغك التحايا وترسل لك القبلات .. وتقول أنتظرك في بوفية فلافل أبو عدنان الساعة 9.. لنحتفل بعيد ميلادي )
رحل العصفور .. بعدها أغمضت عيناي وبدأت الرحيل مع نسمات الهواء المنعشة .. غير مدرك لما يدور حولي .. حتى سمعت صوت صكت الباب الخارجي " أبوي رجع " بسرعة البرق لبست ثوبي ! وهذا كافي ليصدق أني كنت في الجماعة !! ثم سمعته يقول ( محمد .. محمد ) ..
يا إلهي يبدو أنه لم يمارس عادة الشراء من الباعة الجوالة .. فعاد باكراً وأكتشف أمري !! أجبته وأنا أنزل من الدرج ( نعم .. نعم ) فقال بعد ما حضرت عنده ( هيتب القهوة .. وتعال بالمجلس فيه بو براهيم وبو صالح .. جيرانا ، جو يودعونا ).. انطلقت ملامحي في استغراب متضارب وقلت متمتماً ( والله ياهم نشبات ، دايم يودعونا ، يوم ننقل من حارتهم لحي الملقا ....!!! ) .. سَكتُ قليلاً ثم قلت مندهشاً ( يبة وين ننقل منه ؟ مالنا أسبوع في بيتنا ذا !! ).. فقال أبي ( تراي بالمجلس .. منب حولك ) رفعت رأسي واكتشفت أني أقف وحيداً في الصالة !!
دخلت المجلس وبيدي دلة القهوة .. متسائلاًً وخارج من نطاق الحديث الذي يدور بين الضيفين وأبي .. يعني معقولة نقلوا معنا .. والله ما أستبعدها عن أبو براهيم دامه يزرف زنوبات الوضوء حقت المسجد !!
لا أبوي يقول " يودعونا " ما زلت لا أدري كيف يأتي الوداع بعد الرحيل .. هل هذا بيتنا القديم .. لاااااااا مهوب لهذه الدرجة أبوي كاش عاد !!
وهكذا بين الهنيهة والأخرى أتسأل " هاه ؟ هاه ؟ " حتى قال أبو ابراهيم موجهاً سؤاله لأبي ( إلا صدق يبو محمد .. يقولون والعهدة عالراوي أن بيتك اللي بتنزلة بحي الملقا أرضة " مرفق حكومي .. حديقة" وإلا ؟ ).. هنا فقط أنصتُ منتظراً الإجابة من أبي لتتضح الصورة .. ولكن هيهات فقد تدخل أبو صالح وقال ضاحكاً ( عاد هالحديقة اللي بحارتنا تسمى حديقة !! أظن مهوب مسموح لأكثر من عائلة يستخدمونها في وقت واحد خخخ يا حيل الله بس ) ..
اندهشت .. فانطلقت أسرح وأهيم في غابات عقلي .. فجأة .. قطع أبي أشجار الأفكار اللي المتعلقن فيها " أنا " .. وقال متلعثماً ( يبو براهيم .. أنت تتكلم عن المخطط القديم .. أللحين الملقا حي نموذجي .. يعني كله حدايق وممشى ومشجر.. نموذجي نموذجي )..
لحظة أحسست فيها بتنمل في كتفي وصداع حاد .. ثم سمعت أبي يقول ( صب لعمك بو براهيم .. صب لعمك بوبراهيم ).. كان صوتاً بصدى مترنح ثم إختفى منسحباً !!
وعاد الصوت مرة أخرى أقوى .. أقوى .. قائلاً وعلى لسان أبي ( قم قاااامه .. لا صلاة جمعة ولا عصر ولا مغرب ولا عشا .. وش أنت عايشن له ؟ قم الله يخس العدو )
استيقظت من النوم مرعوباً .. وبنظرات خطافية شاهدت أبي خارجاً من الغرفة المظلمة.. لم أعي ما قال .. جلبت البطانية الملقاة بعيداً عني وتلحفت مرة إخرى !.. أرتجف من شدة البرد .. تلمست فانيلتي الرابصة عرقاً !! ثم تسألت ( من متى وأنا نايم ؟ ) ..
لحظة توقفت فيها عن التفكير وأنا ملقى على الفراش .. ثم فجأة ألتفت وتمتمت قائلاً (أللحين حنا في الليل ) التفاته أخرى أعقبها تمتمة ( الدريشة مغلقة ) !!
نهضت متوجهاً نحو الدريشة بدافع التأكد من شيء ما ! كلما اقتربت منها زاد الجو حرارة وشوباً ! اقتربت أكثر فأكثر وإذا بي أشم رائحة شواء !!!؟ فتحت الدريشة .. فوجدت
حقيقة !! نمووووذجي جداً
انتهى
|