كاتب الموضوع :
saleee
المنتدى :
رجل المستحيل
الفصل الأول : أنياب الخطر
1- الصندوق الأسود
رفع مدير المخابرات المصرية عينيه في هدوء يتأمل رجل المخابرات الواقف أمامه بقامته الممشوقة وكتفيه العريضتين ووجهه الوسيم الهادئ الذي يجمع في مزيج عجيب ما بين الحزم والقوة والسخرية والاستهتار ثم أشار إلي المقعد المجاور له وقال وهو يحول عينيه عن رج المخابرات :
اجلس يا ( ن- 1) هناك مهمة عاجلة تحتاج إلي رجل مثلك .
جلس ( أدهم صبري ) في هدوء وابتسم وهو يقول :
إنني أتشوق لذالك يا سيدي فمنذ عودتي إلي الصفوف في الشهر الماضي لم تسند إلي أي مهمة مثيرة .
مط مدير المخابرات شفتيه وغمغم في هدوء :
مهمتك هذه المرة ستكون أكثر من مثيرة يا ( ن – 1 ) ثم اعتدل وشبك أصابع كفيه أمام وجهه وهو يستطرد :
أمس فجرا عبرت مجالنا الجوي طائرة استطلاع وتصوير مجهولة الهوية على ارتفاع شاهق وأطلقنا خلفها صواريخنا المضادة للطائرات فراوغت وناورت في مهارة ونجحت في الإفلات منها ولم يكن أمام قوات الدفاع الجوي حينئذ إلا اعتراضها بطائرة مقاتلة فأصابتها وأسقطتها .
عقد ادهم حاجبيه وهو يغمغم :
من أسقط من ؟؟
غمغم مدير المخابرات في استنكار :
طائرتنا أسقطتها بالطبع يا أدهم هل تشك في كفاءة مقاتلينا ؟؟
هز أدهم كتفيه وقال :
لا بالطبع ولكنني ظننت أن هذه النتيجة تلغي وجود مهمة ما .
قلب مدير المخابرات كتفيه وقال :
كان هذا هو المفروض يا ( ن -1) ولكن الطائرة لم تسقط هنا .
عاد حاجبا ادهم ينعقدان في تساؤل وتابع مدير المخابرات في اهتمام بالغ :
حينما لحقت طائراتنا بطائرة التجسس واشتبكت معها كانت تلك الأخيرة قد وصلت إلي شاطئ الإسكندرية وعندما أصيبت أمكنها مواصلة انطلاقها بعض الوقت ولم تستطع مقاتلاتنا تعقبها نظرا لخروجها من مجالنا الجوي ولكنها لم تلبث أن اشتعلت وسقطت بعد جزر أيوني وانفجرت أمام السواحل اليوغسلافية وهوت أشلاؤها في البحر الأدرياتي .
صمت مدير المخابرات لحظة ولم يحاول ادهم التعليق بكلمة واحدة حتى عاد المدير يستطرد :
في كل الطائرات المقاتلة يوجد ما يسمى بالصندوق الأسود وهو ذالك الجهاز الذي يسجل كل ما مر بالطائرة منذ انطلاقها وحتى عودتها وهذا الصندوق الأسود مقاوم لكل أنواع الانفجارات وفي حالة طائرة التجسس هذه سيحوي الصندوق الأسود كل ما التقطته الطائرة من معلومات وصور عن خطوطنا الدفاعية .
غمغم ادهم وقد فهم مهمته :
سنعثر عليه يا سيدي .
ابتسم مدير المخابرات لفطنة أدهم وقال :
لن تكون وحدك من يفعل أو من يحاول أن يفعل يا أدهم .
ثم زفر في قوة قبل أن يردف في اهتمام وقلق :
لقد أكدت معلوماتنا أننا لم نكن أول هدف لطائرة التجسس هذه فلقد انطلقت من نقطة مجهولة لتحلق فوق الأراضي السوفييتية و إيران والعراق والجزء الشمالي من المملكة العربية السعودية ثم مصر حيث انتهت رحلتها بإسقاطنا لها وهذا يعني أن صندوقها الأسود سيحمل بالضرورة بعض المعلومات عن هذه الدول وأن بعضها لن يفرط في تلك المعلومات التي قد تضر بأمنه .
بدأت المهمة تأخد أبعادا جديدة في عيني أدهم وهو يغمغم في اهتمام:
ستكون المعركة عنيفة إذا .
هز مدير المخابرات رأسه وقال :
في اجتماع لوزارات الخارجية أمس قررت العراق والسعودية ترك هذا الأمر لمخابراتنا وعلى الجانب الآخر قررت إيران وروسيا إسناد المهمة للمخابرات السوفييتية ( كي.جي.بي ) ولقد اختارت روسيا لهذه المهمة أخطر وأشرس رجالها على الإطلاق .
ثم أردف في لهجة تؤكد خطورة الرجل : اختارت سيرجي كوربوف
تألقت عينا أدهم في جذل وتراقصت ابتسامة شبه ساخرة على شفتيه وهو يقول :
الكوبرا ؟! لقد قرأت عن هذا الرجل كثيرا في ملفاتنا يا سيدي ولقد تمنيت مواجهته دائما .
عقد مدير المخابرات حاجبيه وهو يقول :
انها ليست عبة يا ن-1 فالمخابرات السوفييتية لم تطلق على سيرجي كوربوف اسم الكوبرا عبثا فهو يفوق تلك الحية شراسة وقوة وهو بارد كثلوج سيبيريا التي ينتمي اليها قاس كالفولاذ قوي كالأسد حاد الذكاء.
ابتسم ادهم وهو يقول في سخرية :
إنه غريم مثالي يا سيدي .
مط مدير المخابرات شفتيه وغمغم وهو يهز رأسه :
يدهشني استهتارك بمثل هذا الرجل يا ن-1 فستعملان هذه المرة في يوغسلافيا وهو ينتمي إليها بأكثر منكما وسيزيده هذا قوة وشراسة .
نهض أدهم من مقعده وسأل في اهتمام :
ماذا تعني بكلمة ستعملان هذه يا سيدي ؟ هل تراجعت منى عن استقالتها ؟ ( راجع قصة شيطان المافيا )
هز مدير المخابرات رأسه نافيا وقال :
ستعمل مع زميل هذه المرة يا ادهم .
وسرت في ملامحه سحابة عابرة من قلق غامض وهو يستطرد :
الملازم خالد أحدث من انضم إلي سلك المخابرات .
ثم وضع يده على كتف أدهم وأردف في لهجة عاطفية أدهشت هذا الأخير :
أريد منك أن تصنع منه رجل مخابرات لا يشق له غبار يا أدهم .
غمغم ادهم وهو يتفرس في وجه مدير المخابرات في اهتمام :
إنها مهمة مزدوجة إذا
عقد مدير المخابرات حاجبيه وهز رأسه نافيا في قوة وهو يقول في صرامة :
لا إنها مهمة واحدة ستحاولان الحصول على الصندوق الأسود فحسب .
سأله ادهم في هدوء :
مهما كان الثمن ؟!
ارتفع حاجبا مدير المخابرات في انفعال واضح ثم عادت إليه صرامته وهو يجيب :
نعم .... مهما كان الثمن .
ساد الصمت لحظة ثم قال أدهم في هدوء :
سنفعل يا سيدي بإذن الله
|