لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-01-18, 02:59 PM   المشاركة رقم: 706
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,521
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

ياتسبدييه لاتقولين انه شاهر وغيسانه وعععع هالثنائي مابعد دخلوا مزاجي خاصه غيسانه ودي اكفخها
تدرين دام احد هالجلاميد نطق فأبشركم الخير قااادم وعقبال باقي الجبابره ههههه
تدرين فيتوو من الحماس نسيت ابطالنا ههههههه

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر   رد مع اقتباس
قديم 01-01-18, 05:44 PM   المشاركة رقم: 707
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2014
العضوية: 284046
المشاركات: 35
الجنس أنثى
معدل التقييم: عمر البعد عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عمر البعد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

تدروون عااد مااقط توقعت شي وقلت عنه وطلع صحيح ههههه
لكن لو اتوقع بيني وبين نفسي يطلع تمااموكأن الكاتبه تناحسني

يااخي الجلاميد كيف ترق قلوبهم ويعترفوون ماايصير !!!!
الا اذا صاار بالوحده شي مرضت او ماتت ممكن يعترف سااعتهاا الجلمود
ممكن اللي بعترف ويقول هالكلمه تكون اللي عنده مرميه تصارع الموت والمرض وهو يقول هالكلمه اللي مابتنفع يذاك الوقت
منقهرره صراحه مثل غسق واكثر لاتضحكون مني

 
 

 

عرض البوم صور عمر البعد   رد مع اقتباس
قديم 01-01-18, 07:15 PM   المشاركة رقم: 708
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2017
العضوية: 326303
المشاركات: 44
الجنس أنثى
معدل التقييم: نوار حوران عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 97

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نوار حوران غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

ههههههههههه عاد تصدقين ماهو أحنا اللي ما أحنا مصدقين
حتى البطله ماهي مصدقته وتقول له كاذب

هههههه تطمني المقطع اللي مقطعكم من اللقافه بينزل
أصلا المقتطفات مختاره من المقاطع اللي بتنزل لكم

والبارت أعتقد بيوصل ل 300 صفحه او قريب منها لأن مازال قيد الكتابه
لآخر وقت قبل نزوله الساعه التاسعه مساء
يعني الفصل ماهو قصير


بما انو فيها كاذب لكن غسق ومطر لانو هو بقللها ياحمقاء وهي بتقلو كاذب هي الصفات اللي بتبادلوها من اول الجرء الثاني &&

 
 

 

عرض البوم صور نوار حوران   رد مع اقتباس
قديم 01-01-18, 08:04 PM   المشاركة رقم: 709
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



الفصل الرابع عشر


المدخل ~

بقلم / نوار حوران

(غسق)
غ: غريبٌ ياسيدتي وسواد عينيكِ لي مأوى
س: سجينٌ ياغاليتي ونبض قلبكِ هو السلوى
ق: قلبي يامعذبتي لم يعد لي ملك وتلك هي البلوى

(مطر)
م :مجنون يارجلأ لم يزد عمري إلا النكبات
ط: طويلٌ طريق الصفح يابطل الحرب والجبهات
ر: روحي تائهة معذبة يامولاي لاينقص قلبي جراحاً وآهات


*******

بقلم / bella snow


من غسق إلى مطر

بينما أنا أقلب صفحات الذكريات فإذ بطيفك رغما عني يزورني
يرسم لي لوحات شوقي و حسرتي
بألوان كانت تغمرني سعادة فأضحت الآن تتعسني ..
قل لي ، لمَ افترقت سبلنا ؟
أحبك كان شرا أم أنه فقط قدري ؟ .
حبي لك كان جنة و حبك لي أحالها جهنما ..
بنارها أتلظى و أكتوي
و بألمي و عذابي ..
و بعشقي لك أحتمي .
أين السبيل و أين الخلاص ..
قد ضقت ذرعا من بحثي عنكَ و توهمي ..
أرنو إلى حياة تكون فيها أنت الشمس و القمرا
أحِنُّ إلى قدرٍ تكون فيه أنتَ البداية و المسرى
لكنني في أحلامي غارقة ..
فنسيت أن طريقنا منذ البداية منتهي ..
و أن قدرنا سيأمر بأن نفترق
ربما قد أحببتك و لم تحبني ..
لكن تأكد أنني لم اكن نصفك لأكملك
و لم تكن لي و لم أكن لك
قلبك في ذنوبه غارق و لم يعرف قيمة حبي
لم يعرف معنى الوفاء
و كيف له ؟
إن كنت أنت له سيدا و هو مجرد تابعِ
كنت قد وعدت أنك لن تخون العهد فخنته و خنتني .
كنت قد حلفت أن لن تغادر فنكثت بيمينك و رحلت و تركتني .
أأبتغي العزة في حبك و هو من أعزني مرة و مرات أذلني .. ؟
أرضى الهوان لأجل حق مني قد سلبْ
لكن لا أرضى المهانة إن كانت مع الحب تجتلبْ
فإن في قلبي حبك و كرهك اجتمعْ .
فاعلم أيا حبيبا أن الخيار على نبذك قد وقعْ .
فما أنا في فنون الغرام سيدة
لكنني في أصول الخيانة بفضلك أضحيت متمرسة


********

لم تكن تتوقع أن الطريق للمدينة التي تسكنها عمتها ستكون

بطول المسافة التي يسلكونها من حوران لمنزل والدتها فقد

شعرت بأن ذاك الطريق لا نهاية له والجالس بجانبها لم يتوقف

هاتفه عن الرنين ولا عن استقبال المكالمات وأغلبهم تحدث

معهم بلغة ليست عربية ولا انجليزية ولا حتى فرنسية ولم

تسمعها يوما وخمنت فورا بأنها ستكون لغة الثنانين وهذا

هو المتوقع مع الأحداث الأخيرة فما فهمته من حديثه مع

بعض رجاله أنه ثمة فتاة منهم مختفية في أراضي البلاد وتبدوا

ليست أي فتاة ومؤكد ستكون التي أخبرها عنها رعد فهي ابنة

زعيمهم أو شقيقته لم تفهم جيدا لكن الوضع يبدوا سيئا جدا ،

نظرت جهة النافذة وتنهدت بعمق .. تلك الفتاة شجاعة حقا

واتخذت قرارا صعبا كانت تعلم تبعاته جيدا وإلى ما قد يجر

البلاد ! لا تتخيل أن تقدم هي على فعل مثله من أجل رجل تحبه ،

هي تخشى حتى مخالفة أوامر والدها فكيف بقبائلها أجمع فقد

تصل لرعد ويعيدها لهم بنفسه ، انقبضت أصابعها لا إراديا

فقط لتفكيرها في ذلك ... ترى أيفعلها ؟ هل يكسر قلبها

ومستقبلها أيضا بسبب البلاد ؟

لا تستبعد أن يفعلها فالرجال يحكمون عقولهم قبل عواطفهم

ولا يرون إلا ما فيه مصلحة المرأة مهما كان ذلك مدمرا لمشاعرها

ومستقبلها المرتبط وبشكل مباشر بعواطفها ، لكن رعد يحبها حقا

وعزف عن الزواج كل تلك الأعوام من أجل وعده لها ينتظر أمرا

قد لا يحدث أبدا فيفني عمره وحيدا حتى يموت يعيش على أطياف

ذكرها فهل كان حقا سيفعلها ويعيدها لقبائلها وهل يفعلها بالفعل

إن وصلت إليه ؟

اتكأت على مسند الكرسي متنهدة بعمق تشعر بالضياع بسبب تعقد

حياة المحيطين بها جميعهم .. كم تمنت سابقا أن تراهم أن تقترب

منهم وأن تكون جزء من عالمهم ولم تكن تتخيل بأنه مليء

بالتعقيدات وبالحزن والمرارة والفقد الذي يعاني منه كل واحد

منهم ، حتى والداها ومن تأملت بأن يشفي القرب جراحهما

لا ترى وضعهما يزداد إلا سوءا .


" الطريق طويل وأعلم بأنه مع رجل مثلي ممل جدا "

نظرت سريعا لصاحب تلك العبارة والنبرة المبحوحة الهادئة

وابتسمت بحزن تنظر لجانب وجهه وملامحه المسترخية وقد

قالت فورا

" أبدا ليس كذلك فأنا أعلم جيدا أي رجل تكون بالنسبة لهذه البلاد

وما تمر به من تعقيدات كبيرة ولن أتوقع أن تغلق هاتفك فقط

لتتحدث معي كي لا أشعر بالملل ، ثم أنا منذ عرفتك أعرفك

وهاتفك لا تفترقان أبدا "

نظر جهتها وابتسم لها ومد يده لوجهها ومسح بكفه جانب

وجهها قبل أن يعود لقيادته لكن نظراتها الحزينة لم تفارق جانب

وجهه وقد همست بما لم يعد يمكنها كتمانه أكثر

" ليتني فقط سمعت يوما اتصال لك مع امرأة غير عمتي غيسانة

لكنت استطعت استيعاب ما قلته "

وما أن نظر ناحيتها حتى انزلقت أول دمعة من رموشها فمد يده

لوجهها مجددا ولامس خدها ومسح ابهامه تلك الدمعة وقال

ما أن عاد بنظره للطريق وبيده للمقود مجددا

" ابقي هكذا يا تيما تنظرين لوالدك بعقلك ليس بعواطفك

وستجدين الأجوبة دائما "

خنقت صوتها عبرتها وهي تهمس ونظراتها الدامعة معلقة

بنصف وجهه

" عقلي وقلبي كليهما يرفضان تصديق غير ما عرفته لأعوام

لكن لما قلت ذلك أبي أجبني أرجوك ؟ "

اشتدت أصابعه على المقود وشعرت بها تعتصر قلبها معه

حين اختار الصمت جوابا وما أن أبعدت شفتيها ببطء لتتحدث

سبقها صوته الجاد قائلا

" ما الذي تريدينه في علاقتنا تحديدا يا تيما ؟ "

نظرت له بصدمة وما أن نظر ناحيتها قالت هامسة ودموعها

عادت لملئ مقلتيها الواسعة

" أن تعيشا معا وللأبد "

عاد بنظره للطريق وقال بذات جديته

" إذا عليك أن تعلمي بأن ما فعلته وسأفعله ليس سوى ليتحقق

ذلك فلست وحدك من يسعى له "

ابتسمت من بين حزنها ويأسها ودموعها هامسة

" حقا ستكونان معنا ؟ "

قال من فوره

" أجل وأخبرتك مرارا يا تيما أن تتوقفي عن تعذيب نفسك

بسببنا فأنتي لست لكلينا أنتي امرأة ستكون لها حياة مستقلة

بعيدا عنا مهما طال الوقت "

انفرجت شفتاها وتصلبتا مكانهما .. كانت تريد سؤاله عن ذلك

تحديدا عن مسألة تزويجها وبحثه عن زوج لها لكنها لم تستطع

فإن سألها عن هوية الشخص الذي أخبرها فلن تستطيع أن تكذب

ولا يمكنها قول الحقيقة ففضلت الحديث عما عليها اخباره به

أيضا فليست تضمن اجتماعها به قريبا هكذا ، رطبت شفتيها

بطرف لسانها وقالت

" أبي لكنك قسوت عليها في مكالمتك تلك .. "

ملأت الدموع عينيها وتابعت بأسى

" لما قلت بأنها لا تستحق الأبناء ؟ أنت جرحت أمومتها "

نظر لها نظرة تعلم مايتبعها جيدا وهو حديث غاضب قد يؤلمها

هي أيضا فأمسكت بذراعه وسبقته قائلة بعبرة مكتومة

" اللوم لا يقع على عاتقها وحدها أبي بل أنا أيضا "

تبدلت نظرته للإستهجان سريعا وقد توقفت سيارتهم حينها

ولم تهتم أين ولا لما فنظراتها كانت معلقة بعينيه السوداء

المحدقة بها وقالت بحزن

" كنت أتوق دائما لأن أراها وإن من بعيد أن أسمع صوتها وإن

عبر الهاتف .. كنت أحتاجها وأشتاق لها في كل حين ووقت وساعة

وحين اجتمعت بها وأصبحت قربها اكتشفت أن الأمر أصعب من

أن أفهمه أو أن أتوقعه وأن ذاك الفراغ سيكون ملئه صعبا للغاية ... "

تكدست الدموع في مقلتيها الزرقاء وهي تتابع

" أحببتها أجل نمت في حضنتها عشقت قبلاتها لجبيني كل ليلة

وهي تتفقدني قبل أن تنام وتغطي جسدي جيدا وكأني طفلة ..

كانت تراقب حتى طبقي بعد كل وجبة طعام إن أكلت جيدا أم لا ..

اشترت لي كل ما طلبته وما لم أطلبه ورغم كل ذلك كانت

علاقتها بالكاسر مختلفة عني ، كانت تفهمه وإن لم يتحدث

تعلم حتى إن كان يكذب في حديثه أم لا وتنسجم معه في الأحاديث

أكثر مني لأنه تربى على يديها وعاشت مراحل حياته جميعها

تعلم حتى ما يحب ويكره في الشخص الجالس أمامه ، ولست

ألومها فأنا مثلها تماما كنت اغوص في عالم الكاسر أكثر من

عالمها هي .. حتى رماح ورعد أتحدث معهما عن أمور

لا أستطيع التحدث معها فيها ، وحتى عمتي جويرية كنت أنسجم

معها بسهولة أكبر لأنها في عمر مربيتي السابقة ، فاكتشفت

أنه ثمة مسافة طويلة بيننا لم تستطع أي طائرة أن تقطعها

لتوصلني لها ، حتى طلب كل واحد منكما أن لا أتحدث فيما

يخصكما جعل تلك الفجوة تتسع أكثر .. لقد أبعدتماني عن

عالمكما أبي وكأني شخص غريب عنكما تماما ثم كل واحد

منكما أصبح يلقي باللوم على الآخر وبسببي طبعا ..

أنا أشعر حقا بأني عقبة بينكما "


أنهت حديثها تمسح دمعتها بظهر سبابتها المثنية فأغمض

عينيه وتنفس بعمق قبل أن ينظر لها مجددا وأمسك وجهها

بيديه وقال محدقا بعينيها تزين شفتيه ابتسامة خفيفة

" تكبرين قبل أوانك يا تيما بالفعل ولن أستغرب ذلك من ابنة

من صلبي ووالدتها تكون ابنة دجى الحالك تلك ورغم ذلك

لن تفهمي تلك المرأة مثلي ولا أي شخص ممن عاشوا معها

هناك لأعوام فثمة شخص واحد فقط في الحياة يفهم المرأة

وهو من شاركها أمورا لا يعرفها الغير وستفهمين ما أعني

يوما ما "

وتابع بجدية وقد أبعد يديه

" سبق ونبهت والدتك بأنك خارج ما يحدث بيننا ومهما كان

لكنها ترفض تطبيق ذلك وليس فهمه فهي تفهمه جيدا فما أن

تغضب بسببي تنفس عن ذاك الغضب بك ليس بأي أحد

من أبناء شراع ولا عمتها رغم أنك مثلهم تماما لا علاقة لك بشيء

لأنها لم تستطع أن تجتاز حتى الآن مسألة أخذي إياك منها

وحياتك معي بعيدا عنها ورضاك أنتي بذلك فلومها لي توجه

نحوك فورا فأول ما صوره لها عقلها حين التقتك أول مرة

بأنك تختارينني عليها لأنك عشت معي وإن كان العكس

لاخترتها هي بينما أنا أكثر من يعلم وهي مثلي أيضا بأنك

لم تشعري يوما بالسعادة ونحن في انجلترا ولم أستطع

منحك إياها أبدا لأنك تبحثين عنها في اجتماعنا معا فحتى

إن تركتك معها وابتعدت كنت ستعيشين تعيسة يا تيما وحالك

كما هو الآن وكما كان سابقا .. والدتك تفهم كل هذا لكنها

ترفض فقط الاعتراف به بل وترفض أفكارك تلك وأنك لا تري

سعادتك معها فقط فعليها أن تقتنع بأن أفكارك ملك لك وحدك

ليس يحق لأحد أن يتحكم فيها فلا يبني شخصيتك أحد غير

نفسك .. تفهمين هذا يا تيما ؟"

بلعت غصتها مع ريقها وكانت ستتحدث فقاطعها صوت رنين

هاتفه فأغمضت عينيها متنهدة باستسلام تستغرب أساسا كيف

تركوه لها قليلا ، بينما أجاب هو من فوره وما أن رأى اسم

المتصل قائلا بضيق

" جيد تذكرت أن تنتبه أنه لديك هاتف ... أين أنت يا رعد ؟ "

نظرت له بتوجس وقد قال بحدة

" رعد لا تجبرني على اتخاد اجراءات ضدك لن تعجبك أبدا

فدخولك تلك المدن ليس حلا "

أمسكت قلبها لا شعوريا حين قال بحدة أكبر

" أعلم أنها ستكون هناك لكنك لن تستطيع إخراجها بدخولك

ولنأمل فقط بأنها لم تسقط في أيدي أولئك الشرذمة ، لقد حركنا

جهاز المخابرات والقوات الخاصة وسنجدها فابتعد أنت عن تلك

الجهة من البلاد "

وما لبث قليلا حتى صرخ فيه غاضبا

" قسما يا رعد إن لم ترجع للعمران ولمنزل شقيقتك الآن أنا

من سيرسل من يلقي القبض عليك وأسجنك حتى ننتهي من تلك

المشكلة ولا تجرب أن تختبر صدق يميني "

قال بعد صمت لحظة وبحزم

" لن اسلمها لشقيقها حال وجدناها كن مطمئنا وارجع أنت لتكون

تحت الحراسة وسأتصرف أنا في الأمر "

تنهدت المحدقة به بارتياح ما أن قال ذلك فعلى الأقل هو لم

يخن توقعاتها ولا ينوي أن يعيدها لأهلها ما أن يجدوها وظهر

أنه فعلا يقدم عاطفته نحوها على كل شيء وستكون مطمئنة

بأنه بخير ولن يصله أولئك الثنانيين حتى يجد والدها حلا للأمر .

فتحت بابها ونزلت ما أن قال الجالس بجانبها وهو ينزل قبلها

" هيا انزلي يا تيما فعمتك تنتظرنا منذ وقت "

نزلت ونظرت بصدمة للمنزل أمامها ليس بسبب جماله الخارجي

الذي فاق جمال منزل والدتها بل من دخولهم حتى وصلوا له

وهي لم تنتبه لكل هذا ! تعلم بأن زوج عمتها رجل أعمال كبير

ومعروف في البلاد بل وعائلته جميعهم لكن هذا الثراء الفاحش

لم يكن باديا أبدا على سلوك وحديث عمتها التي التقتها سابقا ،

كانت ثيابها وابنها من أجمل ما رأت خاصة ابنها ذاك الذي تراه

أخذ من ملامحها وسمات الحالك الكثير لكنهما كانا من البساطة

وبطيبتها تلك وكأنهم من بسطاء الناس مما بث فيها الفضول لأن

تتعرف ببقية عائلتها وكم تمنت ذلك لكن في ظروف أفضل من هذه

فمنذ صباح أمس وذاك الحفل وهي تفضل الجلوس في أحد الكواكب

وحيدة ولعام كامل ففوق ما حدث بالأمس كان عليها اليوم مواجهة

متقلب المزاج ذاك الذي يرفض أن ينسى أمرا هو من اقترح بأن

ينسياه فتارة يشعرها باهتمامه بها وتارة بأنه يكرهها ويتضايق

من كل ما تقوله أو تفكر به !! .

ما أن دخلوا المنزل الذي لم تعرف أرضيته من سقفه بسبب الأرضية

الرخامية التي تشبه الزجاج تعكس كل تلك الأضواء المتدلية من ثريا

السقف العملاقة كانت عمتها ورجل يبدوا زوجها وطفلة صغيرة في

استقبالهما ومن استقباله الحار له علمت فورا بأنه سيكون زوجها

ومن تتوقع مثلا ! فهو ليس بعمر ابن لها كما أن شخصيته تدل على

ذلك فهو ليس أي رجل بالتأكيد ، كان دورها بعد والدها فصافحته

بحياء فقرص خدها بيده الأخرى قائلا بضحكة صغيرة

" ها قد أصبحت عجوزا يا مطر "

ضحكوا جميعهم ومسحت هي خدها مبتسمة وابتسم مطر قائلا

" ابنك البكر أكبر منها بثلاثة عشر عاما فمن منا العجوز ؟ "

ضحكت جوزاء قائلة

" كما أنه قد يصبح جدا قبلك يا أيوب وأنت تنتظر أبنائك أن

يتزوجوا "

ضحكوا جميعهم عدا التي تنقلت بنظراتها بينهم بصدمة ..

إذا حقيقة ما قاله وها هي عمتها تعلم كما قال .. لكن لما سيقول

ذلك ويفعله !! هي تثق في والدها وتعلم بأنه لا يفعل أو يقول

شيئا عبثا ولا ليضرها به لكن لما !!

تقدمت عمتها منها وسلمت عليهما وأهدتها حضنا لا يختلف عن

لقائهما الأول فكم تشعر بدفء وحنان هذه المرأة .. تشعر به

ما أن تراها وكأنها خلقت لتحب الجميع .. شيء التمسته فيها

رغم الحزم في نظرتها ولن تستغرب هذا أيضا وهي شقيقة مطر

شاهين .


رفع الواقف بجانبها الطفلة الواقفة قربه وقبل خدها وسألها عن

اسمها فقالت من فورها مبتسمة

" صبح "

ضحك والداها وقالت جوزاء

" اسمها صباح لكنها تصر على اختصاره "


نظرت لها تلك العينان السوداء الواسعة وقالت صاحبتها بعبوس

" صبح "

ضحك وأنزلها للأرض وقال

" غيهم في المطار بالتأكيد فأين أبان أم لا يعلم بقدومنا ؟ "


قال أيوب مبتسما

" لأن غيهم هذه رحلته الأولى خارجيا أصر أبان على أن يكون

معه حتى تقلع الطائرة "

قالت جوزاء ناظرة له بامتنان

" شكرا لك يا مطر أنت لا تعلم أي هدية هذه التي قدمتها لي

فغيهم ستتغير نظرته للأمر ما أن يقود الطائرة اليوم في رحلة

دولية فقد خشيت أن يحبط من كثرة القوانين الإلزامية فخمسة

ألآف ساعة طيران فقط ليكون مساعد طيار ستحتاج منه عاما آخر

من التدريب "


قال الواقف بجانبها ضاحكا

" هذا وسيكون مساعد طيار فقط فما ستفعلينه حين سيقود

الطائرة بنفسه ؟ "

كانت ستتحدث لولا قاطعتها التي نزلت السلم البعيد راكضة ومنادية

" هيييه لا أحد ذكر اسمي هنا "


فانتقلت الأنظار جميعها جهة النازلة من هناك مسرعة تقفز

العتبات تلبس تنورة قصيرة واسعة يصل طولها لتحت الركبتين

بقليل وقميص حريري أنيق وجميل ، ملابسها تظهر سنها فعلا

وأناقتها وثرائها .

وصلت عندهم وقفزت فورا لحضن الذي تعلقت به قائلة

" خالي مطر ... كم كنت متشوقة لرؤيتك من سنوات "

ابتعدت بعدها عنه ونظرت له وقالت مبتسمة بحماس ترفع قبضتيها

" أنت أجمل من التلفاز بكثير "

نظر لها بصدمة بينما تابعت هي بضحكة

" حمدا لله أن غسق شراع ليست أجمل منك "

ضحكوا جميعهم حتى الواقف أمامها وقد لعبت أصابعه بغرتها

المقصوصة عدى الواقفة بجانبه تنظر لها بصدمة فهي أصغر

منها بعام كما أخبرتها عمتها سابقا بل هي من تبدوا أكبر منها

بثلاث أو أربعة أعوام كما أنها أجرأ منها بكثير فما استطاعت

يوما أن تمزح مع والدها هكذا ولا أن تتحدث عن شكله !

بل إنه حتى التنورات القصيرة كان يكره أن تلبسها وإن كانت

هكذا طولها حتى ما تحت ركبتيها ولا حتى لنصف الساق !

كان دورها بعد والدها حين التفتت ناحيتها فنظرت لها مبتسمة

بينما أمسكت هي خصرها بيديها ونظرت لوالدتها قائلة بضيق

" لما ليست عيناي زرقاء مثلها ؟ أليست ابنة شقيقك ؟ "

ضحكت جوزاء وقالت

" انتظري النسل القادم "

ضحكت وحضنت الواقفة أمامها قائلة بضحكة

" يا إلهي كم أنتي جميلة ورقيقة أيضا ولن أكون في مكان أنتي فيه "

نظرت جوزاء لمطر ما أن رن هاتفه وقد أخرجه من جيب

سترته وأوقف الاتصال وقالت مبتسمة

" عليك إبعاده اليوم لأنك لنا فما صدقنا أن أتيتما أخيرا "

قال وهو يدسه في جيبه مجددا

" فرصة أخرى يا جوزاء فلن أستطيع غير تناول الغداء معكم "

وتابع وقد وضع يده على كتف الواقفة بجانبه

" تيما ستأخذ مكاني هذه المرة ثم سيأخذها عمي صقر بالطائرة
لحوران صباح الغد فالرحلة من هنا حتى هناك طويلة وأنا

طريق رحلتي مختلف "


*
*
*


تنقلت نظراتها المذعورة التائهة بينهم وكأنها لا تفهم حقا

ما يقولون ! صنوان !! كيف وصلت من الحالك هنا !

آه أجل كيف نسيت بأنهم في غرب الحالك وثمة حدود مشتركة

بين القطرين فهل ركض بها ذاك الجواد شمالا حتى كانت هنا ؟

هذه المسافة تقطعها السيارة المسرعة في أكثر من خمس ساعات !

يبدوا أنه ركض بها لوقت أطول من ذلك بكثير ؟

صنوان .... ! هل وصلت لرعد فعلا يا ترى ؟

لم تكن تعي تماما فيما يتناقشون ويختلفون في مصيرها لكن

ما هي موقنة منه أن رأي كل واحد منهم أسوء من الآخر

ويبدوا أن أسوأهم سيطبق عليها وهو أخذها لما سموه بسجن

المقر وسرا أيضا ، أي أنه ....

ما أن امتدت يد أحدهم لذراعها وسحبها موقفا لها قالت تحاول

إبعاد يده

" اتركوني أنا هنا من أجل رعد شراع "

نظروا لبعضهم قبل أن تتعالى ضحكاتهم الصاخبة ولكل واحد

منهم تعليق مختلف

" حقا يا جميلة ؟ "

" رعد شراع دفعة واحدة ! "

) هههه حقا أخفتنا(

نقلت نظراتها الضائعة الدامعة بينهم وهمست برجاء

" اقسم أنها الحقيقة فقط أخبروه أني آستريا شقيقة الزعيم

سنمار وإن رفض رؤيتي وقتها افعلوا بي ما شئتم فلا شيء

سيعنيني بعدها "

راقبت وجلة النظرات التي تبادلوها واستقر نظرها على الشخص

الوحيد الذي لم يشاركهم لا الضحك ولا السخرية منها ولا حتى رأيه

في تحديد مصيرها وشعرت بأنه بالفعل مختلف عنهم ووجهت جميع
آمالها عليه ، ارتجف جسدها بقوة حين صرخ الممسك بذراعها

ضاحكا وكأنهم تحصلوا على غنيمة لكن نظراتها الراجية لم تفارق

تلك العينان المحدقة بها وأغمضتهم فور أن رفع سلاحه الرشاش

في وجهها راضية بحكمه وإن قرر قتلها فذاك أسلم لها مما ينوون

فعله بها ، كانت تنتظر وتتوقع كل شيء وأولهم الموت فضمت

نفسها بيديها لا شعوريا وانسابت دمعتها على وجنتها المغطاة

بالدماء والأتربة في أكبر جزء منها حين صرخ ذاك بهم

" توقفوا لن تأخذوها لأي مكان "

فتحت عينيها فجأة وفي غمرة انصدام الواقفين حولها بإشهاره

السلاح في وجوههم ابتسمت هي له من بين دموعها وذعرها

تهمس شاكرة له ليس يعنيها يسمعها ويفهمها أم لا ، صرخ الذي

أصابعه تشتد على ذراعها أكثر حتى لم يعد يمكنها تحمل الألم بسببها

" ما الذي أصاب عقلك يا رجل ؟ "

صوب رشاشه جهته تحديدا وقال بحزم

" سنسلمها لابن الزعيم شراع ... "

ابتسمت من فورها تشعر بالأمل يتسرب في داخلها دفعات متتالية

قبل أن تموت تلك لابتسامة ناحرة ذاك الأمل معها وقد تابع

" جبران هو من سيقرر مصيرها "

قال أحد الواقفين معهم وبضيق

" أنت تعلم بأن رعد في صف ابن شاهين وتعلم جيدا ما سيكون

قرار ورأي شقيقه جبران "

شعرت بجسدها يتقلص من ألم لم تعرفه ولا بسبب تلك الرضوض

والجروح وهي تدرك حقيقة المكان الذي وصلت له ... مدن أقصى

غرب صنوان المتمردة ! أجل سمعت عن هذا وسط قبائلها وأنه ثمة

قبائل رفضت الإنصياع لحكم ابن شاهين بل واتهمت الحالك في موت

الزعيم شراع والجميع يستغرب صمت مطر شاهين عنهم حتى الآن

خاصة بعدما أعاد منهم مقر ومعسكر اليرموك وفقدوا الجناح

العسكري لهم وعزا الجميع ذلك بأنه فعلها حقنا للدماء وتجنبا

لزرع الفرقة والأحقاد بين أبناء شعبه من جديد فلم يصمت عنهم

حتى الآن متحليا بالصبر والحكمة إلا تجنبا لما قد يجر البلاد

لحرب أهلية جديدة .

قال الواقف أمامهم

" اقتلوني إذا قبل أن تأخذوها لأي مكان غيره وليكن واضحا

لديكم بأني قاتلكم أيضا حينها "

شهقت بصمت وصدمة تنظر لجميع تلك الوجوه فهل سيتقاتلون

فعلا وأمامها ! هي لا تثق بأنهم لن يفعلوها به كما أنها تثق بأنه

لم يقرر تسليمها لابن شراع الأكبر إلا وهو موقن تماما من أنه

لن يمسها بأذى مهما بلغ تفكيره من سواد ، أغمضت عينيها بقوة

حين صوب سلاحه لوجهها وهو يتابع

" وسأقتلها معي عند أول رصاصة توجه لصدري "

انسابت دموعها مجددا ودون توقف هذه المرة فلم تستسلم للموت

كتلك اللحظة ولم تسلم مصيرها لشخص يضع موتها خيارا أقوى

من غيره إلا ذاك الوقت فلم تتخيل يوما أن يكون الموت أيسر

خياراتها ! بلى هو كان كذلك منذ قرروا تزويجها لذاك الرجل ...

أجل منذ صباح أمس حين اكتشفت ما يخططون له خفية عنها

من أسابيع ، صرخ الذي هزها من ذراعها بقوة

" ترفع السلاح في وجوهنا من أجل ثنانية ؟ "

وقال آخر بنبرة أقل حدة منه

" صحيح أنك كنت صديقا مقربا من الكاسر شراع في الماضي

لكن رعد باع قبائله ودم والده مقابلا لطمعه في السلطة "

قال ذاك من فوره

" تعلمون جيدا أن رعد لا يفكر في ذلك وما انضم للبرلمان الحاكم

إلا بعد ضغط كبير من قبائل صنوان وهو على اتصال حاليا بجميع

قبائلها وشارك في الصلح بين الكثير منها مع الحالك فهو رجل

شريف كوالده تماما ، ثم الفتاة أخبرتكم بأنها شقيقة زعيم ثنان

واختفائها سيكشف سريعا ومكانها سيحدد بسهولة ولن اخبركم

أي عقاب ذاك الذي ستتلقونه حال علمهم بما ستفعلون وذاك

ما سيحدث بالفعل "

أخرست كلماته الجميع كما حولتهم لتماثيل جامدة محدقة به عدا

تلك الأحداق العسلية الواسعة التي كانت تتنقل بينهم بتوجس قبل

أن تستقر عليه وقد مد يده لأحدهم قائلا

" أعطني الهاتف "

نقل ذاك نظره بينهم قبل أن يخرج من جيب سترته العسكرية

هاتفا خلويا يعمل بالأقمار الإصطناعية ومده له فأخذه منه فورا

وضغط عدة أرقام قبل أن يضعه على اذنه قائلا

" صلني بالمقر أريد التحدث مع ابن الزعيم شراع "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 01-01-18, 08:07 PM   المشاركة رقم: 710
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




وقفت أمام باب غرفة الضيوف وتنفست بعمق تشعر بتردد

وتوتر كبيرين .. لا بل برهبة شديدة من مقابلة ذاك الرجل الذي

لم تراه يوما ولم تسمع سوى عبارات تيم الحاقدة والكارهة له

صغيرا ونهي والدته له عن قول ذلك والنتيجة كانت دائما أن

يخرج غاضبا وكل ما كانت تقوله لها والدته بعدها وحين تنظر

لها بحزن طفولي لأنه خرج

( سيرجع قريبا بنيتي فتيم لا يعرف الغضب أبدا )


تنهدت بحزن ومسحت تحت جفنيها بقوة وكأنها تمنع دموعا لم

تفكر أساسا في النزول ثم مدت أصابعها التي تظهر وحدها من

كم قميصها القطني الطويل وأمسكت مقبض الباب وأدارته ببطء

وفتح ليكشف عن الواقف عند الواجهة الزجاجية للغرفة والمطلة

على الجزء الخلفي للحديقة والبركة الإصطناعية الجميلة تتلألأ

مياهها تحت أضواء الحديقة وضوء القمر ، كان موليا ظهره لها

لكن قلبها انفعل لا شعوريا لطوله وأكتافه ووقفته فإن كان ابنه ذاك

لا يشبهه في الملامح التي لم تراها بعد فهو يشبهه في هذا وبشكل

واضح جداً غير أن تيم يبدوا لها أطول أو أنه أنحف قليلا أو لا تعلم

قد يكون فارق السن فقط ! .


التفت لها الواقف هناك ما أن خطت للداخل بضع خطوات فوقفت

مكانها تنظر له وكما توقعت فهذه الملامح لا تتشابه وتلك أبدا فتيم

بالفعل أخذ من والدته الكثير .. تذكر كم كانت جميلة رغم المرض

والإعياء ، لن تنكر جاذبية هذا الرجل ووسامته رغم الشيب الخفيف

في شعر صدغيه وبعض الشعيرات من لحيته الخفيفة جدا والمحددة

بعناية وبعض الخطوط البارزة جهة فكيه لكن تلك المرأة كانت أجمل

نساء عائلتها ولا تراها بخلت بذاك الحسن أبدا على ابنها فتراه جمع

محاسنهما فأخذ جسد وثقة وطول الواقف أمامها الآن يديه في جيبي

بنطلون بدلته السوداء الأنيقة وجمال والدته الحاد المميز .


شعرت بالإحراج من طول وقوفها هناك وتحديقها به وإن كان هو

نفسه مثلها تماما فقد التزم الصمت أيضا محدقا بتلك الملامح

الجميلة الحزينة البريئة وكأنها ملاك بجناحين صغيرين يسعى لنشر

السلام بين البشرية تشعرك من أول وهلة تراها فيها بأنها فراشة

تلون عالم من يحتويها فعلا بالألوان الجميلة فبمجرد النظر لقسمات

وجهها تشعر فورا بأن ما تحمله في داخلك من هموم ومهما عظم

يتلاشى بسهولة فهي تملك هالة من السكينة والسلام والهدوء تضخ

الناظر لها بدفعات هائلة من الإيجابية ، تلك العينان الذهبيتان المشعتان

والغرة البنية المدرجة والوجه الدائري تشعرك بالراحة ما أن تنظر

إليها .


بادر هو واقترب منها فهو يقدر ترددها لرؤيته لأول مرة في حياتها ،

وصل عندها بخطوات واسعة أنيقة وما أن رفعت يدها لتصافحه

فاجأها بأن شدها لحضنه وطوق جسدها الغض بذراعيه فهذه زوجة

ابنه وإن نبذه .. إنها الماضي .. أجل شيء من رائحة الماضي البعيد ..

من تلك البلدة التي احتضنته حين نبذته قبائله ومن رائحة تلك المرأة

التي عاش معها سنينا قليلة تساوي حياته بأكملها منذ ولد فهذه الفتاة

جزء من عائلة تلك المرأة ومن حياتها فابنه لم يمنحه أي فرصة ليشعر

بأنه الشيء الذي تركته له بعد رحيلها .

بينما كانت هي متصلبة في حضنه تماما وليست تفهم هل لأنها لم

تعتد هذا النوع من العواطف من المحيطين بها ! لكن شعورها لم

يكن هكذا حين حضنها عم والدها في المطار ولا حتى تيم ! ليست

تعلم لما تشعر بأنه ليس من النوع العاطفي جدا من الرجال وهذا

الأمر تلحظه فيه ما أن تراه .. هو ليس بتعقيد وصلابة وبرود

شخصية ابنه بالتأكيد لكنها تجزم بأنه يشبهه في الكثير من ذلك

وتستغرب هذا الموقف منه رغم أنه لم يراها يوما ! أبعدها عنه

وأمسك كتفيها وقال ناظرا لعينيها المحدقتان به

" كيف أنتي ماريه ؟ "

همست بعد برهة

" بخير ... شكرا لك "


أبعد نظره عن عينيها لبرهة قبل أن ينظر لهما مجددا وقال بحزن

" أتمنى أن لا يكون موقفك مني سلبيا كزوجك "

لم تستطع أبدا التحكم في الدموع التي ملأت عيناها الواسعة ولا

إخفاء المرارة في صوتها وهي تهمس بحزن

" إن ألقيت باللوم عليكم مثله فلن يكون لي مكان سوى الشارع "

نظر لها باستغراب بادئ الأمر ثم قال وهو يبعد يديه عن ذراعيها

" هل أوضاعك معه سيئة هكذا ؟ "

أبعدت نظرها عنه وقالت بسخرية

" تيم ظروفه وعمله وحتى حياته لا مكان لزوجة فيها حاليا "

وتابعت ببعض التردد وقد رفعت نظرها به مجددا

" وأكذب عليك إن قلت أني لست أعذره في موقفه منك "

حرك رأسه برفض قائلا

" أنا لم أتعمد أن أتخلى عنهما صدقيني "


أخفضت رأسها ونظرت ليديها اللتان كانت تشبك أصابعهما ببعض

وقالت بأسى

" تيم لا يمكنه تفهم ذلك أنت لم ترى ما قاساه ووالدته وكنت أنا

شاهده عليه "


أمسك ذراعيها مجددا وقال

" والدته من رفضت أن آخذهما حين استقرت أموري هنا وأن

أفعل لهما أي أمر يكشف أني لازلت على قيد الحياة وقالت بأنها

تريد أن يبقى له أحدنا فاختارت أن تموت هي لأعيش أنا ، كنت

حينها بدأت في عملي الجديد هنا وأصررت على مطر شاهين أن

أدفع أنا لهما المال وليس هو فكان يرسل راتبها مضاعفا بمرتين

ولم يكن أحد منا يعلم بأنه لا يصلهما وبأنهما يعانيان ما يعانيانه

خلف جدران ذاك المنزل "

رفعت نظراتها الدامعة به وقالت بغصة

" من سيعلم إذا ؟ من سيعلم بأنه كان يسرق الرمان من الحقول
ويطعمها البذور بينما يأكل هو قشوره كي تضن بأنه يأكل وكل

اعتقادها بأن عائلة عمي قيس من يعطونهم إياه ؟ وكنت أعلم

بذلك وأخفي الأمر عنه لأنه لا يعلم بأني راقبتهم من خلف الباب "

تدحرجت دمعة من رموشها وهمست ببحة

" حتى أنه عمل في مستشفى مقر الحدود كي يوفر لها الدواء

رافضا أن يتصدق به ذاك الطبيب عليه ، كان يتلقى الضرب

والسب والإهانات من عمي والتهميش والسخرية من الجميع

ولا يتحدث أو يشتكي .. كل ذلك من أجلها فقط "

أخفضت رأسها حياءا مما ستقوله وتابعت دموعها تتقاطر على

الأرض

" حتى أنه اتهم في شرفه ونزاهته وهو فتى صغير واعترف

بذلك فقط ليحميني منهم ، يوم توفيت والدته أرسلته للطبيب

كي لا يحضرها وقت وفاتها وكان سيبات تلك الليلة في الشارع

وفي البرد لأنه يرى أنه لا حق له في ذاك المنزل وأجبرته على

الدخول مكرها وبات ليلته تلك في غرفتهما مع ذكراها ومكانها

الفارغ وحيدا بدونها لأول ليلة في حياته ، ماذا تتوقعون منه إذا ...

ماذا ؟ "

أنهت عبارتها تلك تمسح دموعها المتقاطرة من عينيها تباعا

فبالرغم من جرحها منه وغضبها عليه إلا أنها لا تستحمل التفكير

أو الحديث عن ماضيه وعن ألمه الذي يرفض هو الاعتراف به

منذ كان طفلا فكيف بالآن ؟ رفعت رأسها ونظرها للذي لاحظت

صمته المبهم بعد حديثها فصعقت به يمسك عيناه بأصابعه بقوة

منزلا رأسه للأسفل و ... يبكي !! وسرعان ما أولاها ظهره وسار

جهة الواجهة الزجاجية تمسح أصابعه تلك الدموع التي يرفض

أن تفضحه أكثر وكأنها لم تنزل سابقا ولا أمام نفسه ، مسحت

دموعها التي عادت للنزول مجددا وساد الصمت طويلا بينهما

وكأن كل واحد منهما يرفض إشراك الآخر فيه قبل أن تكسره

قائلة بصوت منخفض ونظرها على قفاه

" تيم ليس غاضبا من أجل نفسه .. أنا متأكدة من ذلك رغم أنه

لم يتحدث أمامي عن الأمر "


التفت لها وقال

" هل يأتي لزيارتك ؟ "


نظرت للأسفل فورا وقالت

" أحيانا "


وصلها صوته فورا

" لا أعلم لما أشعر بأنك لا تقولين الحقيقة ماريه فأنتي من النوع

الذي لا يعرف الكذب وما في قلبك تظهره ملامحك ، أنتي وحدك من
قبلها تيم من ماضيه لم يحملها إثم ما حدث مع والدته ولم يتخلص

منك في حاضره ولم ينبذك فظننت أنك تستطيعين مساعدتي لأنك

ستكونين الأقرب له من بين جميع المقربين منه لكن يبدوا أن

أموركما أيضا ليست على ما يرام "

لم تستطع رفع نظرها به ولا التعليق على ما قال وهي تسمع

خطواته مجتازا لها ثم فتح باب الغرفة وقال

" إن احتجت أي شيء أخبريني فقط ماريه وإن انزعجت يوما من

البقاء هنا فمنزلي مفتوح لك في أي وقت تريدين "


استدارت منادية ما أن غادر

" عمي "

وعضت طرف شفتها منزلة رأسها ما أن التفت لها ، تريد أن تعلم

أن تفهم على الأقل ، لن تفضح سره أبدا لشخص آخر غير ساندرين

التي لولا أنها أخبرتها قبل أن تعلم منه لما فعلتها أبدا لكنه ذكر اسم

مطر شاهين قبل قليل وصلته به وعليها أن تتحقق من شكوكها ،

رطبت شفتيها بطرف لسانها ورفعت نظرها له وقالت بتردد

" هل يعمل تيم في مكان آخر غير تلك المنظمة ؟

أ .... أنا أعني عملا سريا آخر ؟ "

نظر لها عاقدا حاجبيه باستغراب لبرهة قبل أن يقول

" لما تسألين ماريه ؟ "

شعرت بضربات قلبها تتصاعد بسرعة فها هو لم ينكر وإن علمه

بذلك بل سألها لما سألته أي أنه .... قالت برجاء حزين

" أرجوك عمي جوابك سيشكل أهمية كبيرة بالنسبة لي ، أريد

فقط جوابا وإن بكلمة واحدة "


كانت تنظر له بأمل كسير ضعيف استشفه ذكائه بسهولة فقلبها

العاشق كأي أنثى كان يتأمل في أن يكون ثمة تبرير ... ثمة سبب

وإن كان يصعب عليها استيعابه والتعايش معه المهم أن يكون

صادقا حقا فيما قال ولم يكن يكذب ، راقبت حركة شفتاه بأمل

يحتضر وهو يحركهما ببطء وقد قال

" نعم "

ثم استدار وغادرا تاركا إياها واقفة مكانها تتنفس الهواء وكأنه

ينعدم من المكان حولها وقد مررت أصابع كلتا يديها في شعرها

للخلف تشعر بضربات قلبها وصلت أقصاها ... إذاً ما قاله صحيح

والمهمة موجودة بالفعل ، لكن ... نزلت دموعها رغما عنها فليس

يمكنها تصور ذلك أبدا وتحت أي مسمى كان وامرأة انجليزية ... !

أي لا ضوابط في حياتها ولا في علاقتهما .


مسحت دموعها بقوة وخرجت من هناك وعادت جهة غرفتها

وتوجهت لسريرها مباشرة جلست عليه ورفعت هاتفها واتصلت

به فورا قبل أن يتغلب عليها ترددها فعليها أن تفهم منه وأن يشرح

لها أكثر عن طبيعة عمله ذاك وحدود صلته بتلك الفتاة ، مسحت
دموعها التي انسابت فقط لمجرد التفكير في الأمر وعاودت الاتصال

مجددا حين لم يجب وضربات قلبها تتصاعد مع رنينه .. تعلم بأنه

غاضب منها أيضا وقد لا يجيب عليها لكنها لن تتوقف عن المحاولة

فما كان ليوضح لها بالقدر الذي سيقنعها هي لكنها الآن تعلم

وستحاصره بمعرفتها لطبيعة عمله الآخر ، مررت أصابعها في

غرتها الناعمة ورطبت شفتيها الجافتان ما أن انفتح الخط تشعر

بضربات قلبها ترتفع حد الجنون حين انفتح الخط ولم يتحدث

فقالت فورا

" تيم أ..... "

" من أنتي ؟ "

تصلبت يدها كما لسانها وجميع أطرافها بل وتجمد كل شيء حولها

وانسابت دموعها دون استئذان وهي تسمع ذاك الصوت الأنثوي

الغاضب والذي قالت صاحبته مجددا

" من أنتي أجيبي "


*
*
*

أطلقت شتيمة بذيئة حين انغلق الخط في وجهها وأبعدت الهاتف

ونظرت له هامسة بغيظ " الوقحة سترى حسابها مني "

التفتت لباب الحمام الذي فتح فجأة ونظرت للواقف أمامه ببنطلون

جينز فقط يمسك منشفة يجفف بها بشعره وقد توقف تماما عما

كان يفعل ينظر لها بصدمة سرعان ما تبدلت للاستهجان فأمسكت

خصرها بيديها وهاتفه لازال في إحداها قائلة بضيق

" من هذه ماري ديفسينت تيموثي والتي تتصل بك مقربة

منتصف الليل ؟ "


رمى المنشفة من يده بعنف وتوجه جهة قميصه القطني المرمي

على السرير ولبسه في حركة غاضبة عنيفة ثم توجه نحوها سحب

الهاتف من يدها وقال بضيق " ما الذي أدخلك هنا لوسي ؟ ومن

أين تحصلين على نسخ مفاتيح منزلي ؟ ... سحقا للحثالة "


ثم لوح بيده بغضب والهاتف فيها متابعا ومن قبل أن تتحدث

" بل وتفتشين هاتفي دون استئذان أيضا ؟ كم مرة نبهتك عن

التصرفات الصبيانية هذه ؟ ثم ما تفعلين أنتي أيضا في منزلي

مقربة منتصف الليل ؟ "

قالت باستياء وصوت باكي وقد ضربت الأرض بحذائها العالي

" والدي في انتظارك فلم يحصل على وقت فراغ غير هذا الوقت

ثم أنا من حقي أن أعلم من تكون هذه التي تتصل بك الآن وأنت

بنفسك قلت لا حبيبة ولا صديقة لديك "

" لم أقل ذلك .... سحقا "

صرخته تلك لم تزد الأمر إلا سوءا فقد صرخت فيه بالمثل

" أجل فأنت سبق وأخبرتني أنه ثمة امرأة وأنا لم اصدق ذلك لأنك

لم تخرج مع إحداهن سابقا وها قد علمت من تكون "

وما أن أنهت عبارتها تلك خرجت من الغرفة ضاربة الباب خلفها

فشتم بحنق وانتظر قليلا وكما توقع لم يسمع صوت باب الشقة فنظر

لهاتفه في يده واتصل بماريه أولا فتلك المدللة الخرقاء لم تفسد

هذا الأمر فقط بل إن ضلت على شكها بأنها حبيبته فستفعل أي

شيء للتخلص منها ، توجه جهة باب الشرفة الزجاجي أصابع

تشد شعره للخلف بقوة وأصابع اليد الأخرى تثبت الهاتف على

أذنه وكلما قطعت عليه الاتصال حاول مجددا حتى وجده مغلقا

فرماه على السرير بطول يده شاتما بغضب وسحب سترته بعنف

وغادر الغرفة فوقع نظره فورا على الجالسة على الكرسي تحرك

قدمها بغضب مشيحة بنظرها عنه فقال ببرود مستندا بالجدار

خلفه ومكتفا ذراعيه لصدره

" لو ركزت على اسم عائلتها لاكتشفت أنها قريبة لي من جهة

الأم ومؤكد تعرفين اسم عائلة والدتي وهي فتاة يتيمة الأبوين

أنا المسئول الوحيد عنها وقد قمت بنقلها من إيطاليا من مدة

قصيرة من أجل الدراسة وتعيش مع قريبة لنا كلينا ، هل يكفي

هذا أم أشرح أكثر ؟ "

لم تتحدث ولازالت على حالتها تلك فشد على فكيه بقوة وغضب

وكره تلك اللحظة مهمته ومطر شاهين بل والنساء اللواتي لا

يفهمن معنى التبرير أبدا ، فك ذراعيه وقال بنفاذ صبر

" تعلمين جيدا بأنه لا علاقة بيني وبينها فتحركي لنغادر لوالدك

أو سأنام "

وقفت على طولها واستدارت بجسدها ناحيته وقالت بسخط

" لن تخجلني مع والدي مجددا تيموثي أتفهم ؟ ثم ما هذه الطريقة

التي تراضي بها امرأة غاضبة ؟ "


كاد يضحك في وجهها ولا رغبة له أساسا في الضحك ، يراضي

امرأة غاضبة ! قد أثبت عجزه عن ذلك من قبل أن يراها الآن ،

بل تهذي هذه المرأة بالتأكيد فسيقطع يده قبل أن تلمس طوعا

جسد امرأة غير تلك وهذا ما يراه حقا لها وحدها ، قال بذات بروده

" لا طرق أخرى لدي وأنا لم اغضبك "

سارت جهة باب الشقة قائلة بتذمر

" يالك من بارد وأحمق لكن لا بأس سنهدم حاجزك هذا قريبا "

وغادرت تاركة الباب مفتوحا خلفها فتأفف بنفاذ صبر وتبعها

فسيقتلها بالتأكيد إن لم تنتهي تلك المهمة قريبا .


*
*
*

مسح وجهه بكفيه مستغفرا الله بهمس وأبعد تلك الأوراق عنه

مجددا ، هو يؤمن بشيء واحد فقط أن زيزفون لم تفعلها ...

من وكيف ولما هذا ما عليه اكتشافه أو اعتزل المحاماة

لباقي حياته .

سحبها نحوه مجددا ككل مرة أبعدها فيها وعاد لدراسة كل بند

وكل سطر كتب في تلك الأوراق لا يغفل عقل المحامي في رأسه

عن كل صغيرة وكبيرة رغم تشابك وتعقد الأحداث فالأدلة جميعها

ضدها .. كانت في العاشرة ! عمر لا يصلح للقتل إلا إن كان الدافع

قويا فهذا يحدث أحيانا ويدفع من في عمرها لارتكاب جرائم

مشابهة ، لكن لما كانت هيئة المحلفين من دافعت عنها ! لما

لم يستلم قضيتها أي محام ليظهر الحقيقة ؟ أين الشخص الذي

كان يحميها وأخرجها من البلاد وأنقدها من القضية وقتها لم

يسعى لإظهار الحقيقة ؟ ما السر الذي يخشون أن ينفضح

بظهور مجريات الأحداث الفعلي ؟ وهذا الموقف كان مشابها

لموقفها تماما وهو ما جاء في ملف القضية .. الصمت التام

من جانبها رغم جميع التهم الموجهة لها ! فلما لم تدافع عن

نفسها ولا حتى بعد إرسال مبعوث المحكمة لها في المصحة

قبل ثلاث سنوات وحين كانت في الخامسة عشرة حينها ؟

إن لم تكن هي من فعل كل ذلك فلما الصمت عن قول الحقيقة ؟

هي خرجت من القضية بحكم حالتها المرضية والنفسية وقتها

فلم يستطيعوا ولا استجوابها بشكل جيد وقانوني لأنها كانت شبه

فاقدة للعقل بسبب ما حدث تلك الليلة لكن القضية لازالت معلقة

في بلادها كما أنها لازالت مسجلة كنزيلة في ذاك المصح وهذا

جدار حماية جديد لها فلا تصلهم أي معلومات بأنها شفيت فعائلة

المقتول لم يسقطوا حقهم بعد وهي تجاوزت الآن السن القانوني

والسجن سيكون مصيرها حال فتحت القضية من جديد ، تقرير

طبيبها الخاص عن حالتها مشابه تماما لما شهده هو نفسه تلك

الليلة فهي في حالة ألا وعي تذكر حادث احتراق والدتها فقط

حين كانت تقول صارخة

( إنها تحترق تعالوا أرجوكم ... أوقفوه بسرعة فسيحرق كل شيء (

إذا هذه هي الجريمة الأولى وهذا دليل براءتها منها وإن كان

القضاء لا يعترف بمثل هذه الأدلة لكنها بالنسبة لمحام هو دليل

قاطع لكن ماذا عن الجريمة الأخرى ! هل قتلته فعلا لأنه أحرقها ؟

أم ثمة من قتلهما كليهما ؟ لكن لما ستصمت عنه إن كان قاتلا !

هل ستحمي قاتل والدتها ؟

ضم رأسه بين يديه ونظره على تلك الأوراق المبعثرة أمامه

فلا جديد فيها رغم السنوات الخمس التي كانت تفتح فيها القضية

في كل مرة قبل أن تغلق منذ ثلاث سنوات ، إن كان زوج
والدتها هو من قتلها ثم هي قتلته فمن هو الذئب في رسوماتها ؟

أهو زوج والدتها أم أنه القاتل الحقيقي ؟ إن كان زوج والدتها

فكيف ظهر الآن ذاك الأسد بينما كان طوال الوقت فريسته أرنب

ضعيف ! إن كان ميتا فكيف سينقض عليه ذاك الأسد !!

إلا إن كان الأمر نفسيا .. أي حرب داخلها فقط !

فتش مجددا وأخرج ورقة معينة اشتدت أصابعه عليها لا شعوريا

وهو يقرأ أسطرها وشعر بقلبه ينقبض وكأنه توقف عن ضخ

الدماء لجسده وعن استقبالها منه فلما طلبت لجنة المحلفين هنا

تقريرا طبيا بتعرضها للاغتصاب ؟ لماذا وأين التقرير الطبي

ولما لم يتم ذكر هذه النقطة في القضية لاحقا ؟ اتكأ بجبينه

على راحة يده وشد صدغيه بأصابعها بقوة لا يريد أن يفكر في

هذا أبدا فحينها لن يسامح ولا نفسه فيما مرت به ولن يلومها

أبدا إن لم تسامحه هو أيضا وليس جده فقط بل وجميع من يمت

لعائلة ضرار سلطان بصلة .

عاد للبحث مجددا بين شهادات الشهود فبحكم أن الجريمتان

حدثتا في مزرعة فشهادة الجيران كانت ضعيفة وشحيحة أيضا

والجميع أقروا بحالتها المرضية سابقا بسبب الأكياس المائية

في دماغها وانطوائها عن الجميع فبالكاد كانوا يرونها بينما

شهد الجميع بعلاقتها العميقة بوالدتها وبأنها كانت تخشى

عليها حتى من احتكاكها بالأطفال كي لا تتعرض للسخرية

بسبب تأخرها في إدراك ونطق الكلمات أما زوجها فكان

الحاضر الغائب في شهاداتهم فلم يكن لديه أي احتكاك بهم

وليس له أي أصدقاء منهم وكان يقضي أغلب وقته في

المنزل لم يكن لديه عمل محدد يستقر فيه ولا يملك شهادة

أو مؤهلات وحتى في عائلته لم يتم ذكر أصدقاء أو أعداء له .

ثمة شخص واحد كان له احتكاك مباشر بتلك العائلة الصغيرة

وهو ( بشير ) شقيق الزوجة من الأم أي خال زيزفون لكنه

لم يدلي بأي شهادة وقد أثبتت المحكمة أنه كان بعيدا عن ساحة

الجريمة تلك الليلة بطولها لكن ثمة أمر مريب ذكر عنه وهو بأنه

( الشخص الوحيد المقرب من تلك العائلة والوحيد الذي شك

في قدراتها العقلية وفي ذات الوقت استبعد أن تكون مؤذية)

ثمة أمر مريب في أقواله لكنه لم يكن في مكان الجريمة

وبشهادة أكثر من شخص ! جمع الأوراق معا وأعادها لذاك

المغلف ورفع دفترها من الأرض وفتح على تلك الرسمة تحديدا

محدقا بذاك الأسد المنقض على فريسته بقوة وثقة وبدأت

التساؤلات تدور في رأسه فهل تيقن عقلها الباطن من أنه ثمة

من سيقتص من الجاني حيا كان أو ميتا ؟ وإن عنت بذاك الأسد

العدالة وبالذئب قضيتها ليس إلا لكن ماذا إن كانت ترمز

لأشخاص حقيقيين ! حينها سيكون ثمة مذنب حي طليق وثمة

من باتت تثق بأنه سيهزم تخفيه خلف جرائمه طوال تلك الأعوام .

وقف وترك الدفتر من يده وتوجه لباب الشرفة الزجاجي ووقف

أمامه يراقب الليل والسكون وتذكر فورا حديثهما الأخير

وعبارتها تلك

( لكنك لن تجد حل لغز الجريمة فيها وستعتمد على ذكائك

هذه المرة يا وقاص )

وهذا أكبر دليل على براءتها .. دليل واضح جدا على أنها تنتظر

شخصا يستطيع فك خيوطها بذكائه وحده دون أن يعتمد على أي

شهادة منها ، لكن عبارتها الأخرى !!

( وهذه قد تلعب فيها العلاقات الشخصية دورا مشابها ... فهي

إذا ليست من اختصاصاتك )


فلما قالت أن العلاقات الشخصية ستلعب فيها دورا إن كانت هي بريئة !

من هذا المذنب الذي قد يقف عاجزا أمام تقديمه للعدالة ؟

شد قبضته على زجاج باب الشرفة وقد ظهرت أمامه صورتها

وذاك البريق في عينيها الواسعة حين قالت بحزن

( ذاك لن يأخذ له أحد بحقه ومهما حاول )

ضرب بقبضته على الزجاج أمامه هامسا من بين أسنانه

" أنا من سيأخذ بحقك ... قسما يا زيزفون أن أفعلها "


*
*
*

شدت الحبل جهتها بقوة بينما كان يشد طرفه الآخر الواقف في

الجهة المقابلة لها من البئر الواسع العميق حتى ظهر لهما الدلو

الكبير المليء بالماء فهذا هو حالهم كلما أصاب مضخة المياه

الكهربائية عطل ما فسيحتاجون لوقت لإصلاحه وعليهم حينها

إخراج الماء بالطريقة البدائية الشاقة ، فعلى تلك الآبار كان

يعتمد أهالي تلك القرى فشبكات المياه الحكومية قديمة وبسبب

المشاريع الزراعية والري الجائر لم يعد يصلهم من تلك المياه

شيء فأصبح اعتمادهم على أبار المياه الجوفية وسحبها

بمضخات المياه بشكل مستمر مما يؤدي لتعطلها شبه شهريا

فحتى مياه الأمطار التي تنزل على مدنهم طوال موسم الشتاء

لا يتم الاستفادة منها بشكل منظم وسليم فتتضرر بعض الأراضي

بينما يستفاد البعض الآخر وجميع الحلول التي كانت تسعى

الحكومة لتوفيرها سابقا كانت تنتهي بالفشل إما بسبب عدم

تعاون أهالي تلك الأرياف أو بسبب شجارهم المستمر على

سبل الاستفادة منها فيتحول الحل لمشكلة معقدة ، وحتى الشركات

الزراعية التي تتبنى المشاريع في هذه الأراضي الخصبة تجني

الفائدة دون أن تفيدهم ومشاكلهم بشيء .

ابتسمت للذي تلقى هو الدلو وسكب المياه منه في الحوض

الحديدي ثم عادا لإنزاله مجددا تراقبه مبتسمة بحزن فكم تشفق

على حال هذا الفتى فعمره نصف عمرها تقريبا ويقوم بخدمتهم

جميعا وحتى أشقائها من هم في عمر والده فلا تسمع في ذاك

المنزل سوى

( إسحاق تعال هنا ... إسحاق خذ هذه هناك ... إسحاق إرفع

هذا للأعلى )

وأيسرها كان دائما

( إسحاق ساعدني في ذلك )

فعلى الأقل يتشاطر معه العمل .

تحار أحيانا في قصته المدفونة خلف الماضي والغموض وسر

إحضار أشقائها له رضيعا وقد قالوا بأنهم وجدوه مرميا على

طريق حدود الهازان مع الحالك وتشعر دائما أنه ثمة ما يخفونه !

صحيح أن لون عيناه الزرقاء وبشرته لا يشابه قبائل الحالك

وخاصة الجنوب أبدا لكنها لا تصدق أن يكون الأمر مجرد

مصادفة ورقة قلب منهم ليحضروا طفلا لقيطا لمنزلهم !

ثم ذاك الرجل الذي أخذه قبل أعوام وقال بأنه ابنهم ثم عودته

بعد عامين في حال مزرية وتغيره بعدها وكأنه ليس من كانوا

يعرفونه سابقا حتى أنه فقد صوته نهائيا بل وتراه منذ ذاك

الوقت منطوي أكثر على نفسه شارد الذهن وثمة حزن عميق

يسكن تلك العينان الجميلتان بل ورأته عدة مرات يجلس عند

احدى الأشجار ويبكي بالخفية .. تشعر بأنه ثمة سر عظيم

ورائه وليست تعلم ما يكون ! كم مرة انتابها الشك في أن

يكون من سلالة دجى الحالك فوالدة ذاك الرجل خماصية من

الهازان طلقها والده تحت ضغط كبير من جدهم شاهين بعد

ولادتها لدجى مباشرة ثم لم يعد يعلم أحد عن مصيرها !!

لكن إن كان كذلك فمن الذين احتالوا عليهم وأخذوه منهم

سابقا وأين ولما ! بل وكيف أعادوه منهم وبأي صفة !!

هل يكون ابن آخر لتلك الإيرلندية زوجة شقيقهم يحيى أيضا

ومن أحد إخوتها ؟

استغفرت الله بهمس وأخذت منه الدلو وسكبت هي ما فيه

هذه المرة قبل أن ترفع نظرها بالتي كانت متوجهة نحوهما

مسرعة تمسك جريدة في يدها يتلاعب الهواء بفستانها الطويل

المطرز تتحرك ضفائرها الطويلة المثنية ضاربة لخصرها وذراعيها ،

تشبهها في كل شيء تقريبا حتى في سنوات عمرها وملامحها

وسواد ذاك الشعر الطويل المضفور غير أنها تحب ثني ضفائرها

الطويلة تلك عكسها كما تختلفان في طباعهما فبقدر هدوء هذه

وطبعها المسالم فتلك تحاول دائما ابداء أراء عقيمة في عائلة

لا تعير لرأي المرأة بالا وتدافع عن حق لن تحصل عليه منهم

أبدا ، ما أن وصلت عندهما قالت بضيق تلوح بالجريدة في يدها

" حوراء تعالي وانظري ما يوجد هنا "

قالت وهي تضع الدلو جانبا

" أنتي التي تعالي لننقل حوض المياه للمنزل واتركي عنك ما لا

ينفعك في شيء "

تأففت واقتربت منها قائلة

" قلت انظري لهذه "

ووقفت بجانبها وأرتها إياها قائلة بسخرية

" انظري لهذه الحسناء في الصورة هل تتوقعين من تكون

هذه بدر البدور ؟ "

ضحكت حوراء رغما عنها على ابتسامة الواقف أمامهما على

مسافة قليلة فقالت جيداء بحنق

" وما قلته يضحك ؟ هي بدر بالفعل فكيف إن وضعتها بجانب

شقيقك شعيب ؟ "

أرتها عنوان المقال وقالت تتبع حروفه بإصبعها

" غسق شراع صنوان "

ضربت بعدها بيدها على الصورة قائلة

" هل علمت الآن لما يبحث شقيقك المصون عن نسبها بجميع

الطرق زائغ العينين ذاك ؟ "

استلت منها الجريدة قائلة

" دعيني أرى هذا ! "

نظرت عاقدة حاجباها الرقيقان الطويلان للمقال تحتها ثم أشارت

لصورة الواقف فوق المنصة قائلة تمسك ضحكتها

" وهذا مطر شاهين ؟ يا حسرة قلبي عليك يا شعيب "


ضحكت جيداء من فورها وقالت

" هو وتلك المرأة وجهان لعملة واحدة ، قسما لا رجل أغبى

منه في التاريخ يبحث عن شيء في امرأة غيرها "

طوت حوراء الجريدة ومدتها لها قائلة

" حسنا شكرا لإيصال الخبر بسرعة وهيا ساعدينا في حمل هذا "

رمت الجريدة من يدها دون اهتمام أين سيستقر بها الأمر في

تلك لأرض الواسعة بأشجارها المصفوفة على مد النظر

وقالت بضيق

" أيعجبك أن يسعى أشقائك لإيجاد زوجات لهن من نسل ذاك

الرجل الذي قد يكون تحلل تحت التراب من أعوام طويلة

ويتركوننا نحن نظفر الشيب في حبائل طويلة ؟ "

تنهدت الواقفة أمامها بضيق وقالت

" لا نفع مما تقولينه يا جيداء وإن سمعتك والدتك لقطعت لسانك "

ضربت يديها في وسطها فرنت أساورها الذهبية في نغم خفيف

وقالت بضيق

" هذا ما يوقف حالنا هكذا عبارات الاستسلام هذه ، قارب عمرك

للسابعة والثلاثين إن لم تكوني تعلمين ذلك ولولا جذور قبيلتك لخط

الشيب في جدائلك يندب حظك معك فلما يطبقون حدادهم علينا بينما

يتزوجون هم من نسل دجى الحالك ؟ "


ثم أشارت بإصبعها للجريدة التي يتلاعب الهواء بأوراقها تحتها قائلة

" هذه ... ! هذه يتزوجها شعيب ! قسما إن نام معها في غرفة

واحدة ما خرج لنا بعدها أبدا "

لم تستطع حوراء إمساك الضحكة التي شاركها فيها الواقف صامتا
كعادته وإن كان يحاول كتمها بجهد فنظرت لهما بحنق قائلة

" وما الذي قلت يضحك ؟ هذا بدل أن تبكيا على مستقبلكما الرائع "

قالت حوراء ما أن توقفت عن الضحك

" سمعت أيضا أن ابنتها من ابن شاهين تنافسها في الحسن أي

أننا لن نتخلص من شعيب فقط بل ونوح معه أيضا "

زمت شفتيها بحنق قبل أن تقول

" يا سعادتك يا ابنة غيلوان ، ستبقي وحدك دون زواج ولا أولاد

وشقيقتك معك أيضا "

قالت مبتسمة

" بلى هناك مايرين وأويس أيضا "

لوت شفتيها بسخرية قائلة

" مايرين ستتزوج كما تزوج شقيقها فهم انشقوا عن العائلة من

أعوام طويلة حين أراحهم هازار منا .. ليته شقيقي فقط ، أما

أويس إن قرر أن يتزوج فلن يقف في طريقه أحد وهم يعلمون

ذلك جيدا ، ثم هو أحق من غيره فعلى الأقل يجد من تخدم والدته

الضريرة "


انحنت حوراء جهة الحوض قائلة

" ويحي كيف نسيت ؟ عليا الذهاب لرؤية ما تحتاجه فأويس لن يرجع

قبل الغد وأنا لم أذهب لها اليوم ، بسرعة ساعداني لحمل هذا "


*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 07:37 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية