كاتب الموضوع :
سامراء النيل
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: اهدتني ...قلبا
البارت الخامس
وقف عاصم على الفور وهو يلتقط بعض من المناديل لينظف المكتب قبل ان تبتل الاوراق التى عليه ويلقى المناديل فى السله
قام من خلف مكتبه مبتسما ًوقال وهو يتجه للحمام الملحق بغرفة المكتب:معلش لحظه اغسل ايدى
استغل على الفرصه ليعود ويواجه نظرات الفتاه بتحدى هذه المرة ولكنها ظلت تنظر اليه وقد ركزت نظرتها فى عينيه تماماً
شعرت بهدوء يسود المكان فعرفت ان العميل الذى كان مع والدها قد انصرف
ابعدت السماعات عن اذنيها وقالت وهى تنظر تجاهه مباشرة :انا جعانه ...ايه رايك نتغدى سوا
اتسعت عينيه من الدهشه والاستنكار وقال..... وقبل ان ينطق بكلمة استوقفته نظرتها الحزينه تلك.. النظره التى تسللت الى داخله وقلبت مشاعر الغضب والاستنكار الى فضول غريب فضول وتساؤل ماسبب ذلك الحزن لم يرى فى حياته مثل ذلك الحزن المحتل حدقتها وتلك الحدقه التى تدور فى كل مكان بحيرة وخوف ..وهذا الصوت الدافئ الذى انسال من بين شفتيها يشعر انه سمعه من قبل ودغدغ حواسه من قبل ..شعر برعشة الم غريبه فى قلبه كادت ان تتسلل الى جميع جسده فأخذ نفس عميق وأشاح بعينيه بعيدا عن عيناها يريد لذلك السحر ان يختفى
صوت خطوات خلفه جعله يتنهد بارتياح لوصول السيد عاصم ولم ينسى ان يحدجها بنظره ناريه كأنه يعاقبها على ما تسببت به من فوضى داخله ثم اشاح بعينيه بعيدا عنها والتفت ينظر لعاصم الذى جلس خلف مكتبه وامسك الملف الذى اعطاه اياه على وبدأ يتناقش معه حوله
عضت ليلى على شفتها بحزن ظناً منها انها كانت تحادث نفسها وان الضيف قد عاد الى حجرة المكتب مع ابيها كانت تعض شفتها ببراءة ولم تكن تعلم مالذى سببه منظرها فى هذه اللحظة من مشاعر قلبت كيانه والتى جعلته يفقد تركيزه بوجودها
..........................
فى المساء
ضحك فخر وقال :عايزاك تعزمها على الغدا ...ومالو كنت عزمتها يا أخى
على وهو ينظر لمباراة الملاكمه التى امامه على الشاشه :كنت عايز أهزئها
فخر بتساؤل وهو يغمز له بعينه :وايه اللى منعك ؟؟
اجاب باقتضاب وهو يخفى تلك الحيرة والاضطراب اللذين احتلاه ما ان نظر فى عينيها فرد كاذباً :وجود الاستاذ عاصم
صمت قليلا وقال مفكرا...وهو ينظر لصبى الذى يحمل شيشه ويتجه لطاوله قريبه منهم ويضعها امام شاب :حاسس انى شفتها قبل كده ...فين ...امتى ..مش عارف
رفع فخر عينيه وهو ينظر لحمزه الذى دخل المقهى الشعبى الذى اعتادوا على الجلوس فيه و يتلفت ليبحث عنهم رفع يده واشار له :احتمال شفتها فى المطعم
زوى على بين حاجبيه وهو يحاول التذكر ورد بشرود :احتمال
اقترب حمزه وحياهم وسحب كرسى وجلس واضعا على الطاوله امامهم اكياسا مما يبدو من الاسم الموجود عليها انها تحتوى على شطائر من محل شهير اشار حمزة لصبى القهوه :منصور كوباية شاى مزبوط وخلى السكر من بره
على وهو يتناول شطيره ويبدا بالتهامها :اتاخرت ليه؟؟؟ جعنا واحنا مستنيين سيادتك
قال وهو يخرج من الاكياس لفات الشطائر التى امامه ويعطى فخر منها:اتاخرت عند محل الكبده كان زحمه
التقط فخر شطيره وبدأ يلتهمها بتلذذ
حمزه بدون تفكير :سندوتشاته ملهاش حل ...فاكر زمان كنت دايما اشوفك بتجيب لاميره منه
صمت فخر وتغيرت تعبيرات وجه وشعر بغصه تعترى قلبه ذلك الالم ...الم الخساره دائما يتوهم انه قد برء منه ولكن مع اول لمسه يرجع يتألم وينزف كأنه يخبره انه لم يبرأ الى الان رغم مرور تلك السنوات
عض علي شفتيه بضيق وحدج حمزة بنظرة حاده ثم رسم على وجهه ابتسامه وغمز لحمزه ليفهم :حمزه انت قلت لفخر شفنا مين فى المطعم امبارح بيتعشى
التقط حمزه الحديث ورد بسرعه ليصلح ما افسده:فخر عارف مين اتعشى فى مطعم علي امبارح الواد الغتيت رامز واتخانق مع البنت اللى كانت معاه
اعتدل فخر ونظر له وقال :اتخانق ازاى ؟
ضحك علي وقال :دى كانت حتة خناقه حتى سعيد الفضولى حاول يحجز ما بينهم وقعد يقولها امسحيها فيا المره دى
ضحك حمزه وقال :لا يا فخر كله كوم ولما مسكت كوباية الميه ورمتها فى وشه والله حسيت انى قدام فيلم عربى
فخر باهتمام :ما عرفتش سبب المشكله ؟
علي وهو ينظر لفخر :طبعا عرفت ....اقولكم سبب المشكله
كان يحكى وعيناه على صديقه وهو يتسأل "الا زال يحبها بعد ما حدث بينهم اى حب هذا الذى ينمو مع الفراق
.........................
انهت اميره الصلاة وقامت تطوى سجادة الصلاة وتضعها فى مكانها المخصص اقتربت من الفراش وابتسمت بحنان وهى ترى ابنتها تتقلب وتزيح الغطاء عنها اقتربت منها تدثرها مرة اخرى وتزيح شعرها المتساقط على وجهها وتتأمل ملامحها الجميله التى تعشقها والتى تشبهه كثيراً شردت لثوان ثم نفضت رأسها لتزيل هذه الذكرى وقبلتها وهمست لها بصوت خافت :حبيبة مامى لازم يعنى عادة كشف الغطا دى
.ابتسمت مرة اخرى وتأملتها بحب وخرجت من الغرفة واتجهت الى المطبخ واخرجت عصير من الثلاجه كانت قد اعدته من قبل وسكبته فى كاسين واتجهت الى غرفة المكتب وطرقت الباب ودخلت وقالت وهى تنظر لذلك الجالس خلف مكتبه :انا عملت عصير تشرب معايا
قام من خلف مكتبه واتجه اليها وجلس بجوارها يحتسى العصير :تسلم ايدك ياحبيبتى كنت محتاجه
واردف وهو ينظر لها :انا حجزت لكم معايا على نهايه الاسبوع
اتسعت ابتسامتها :صحيح هنسافر مع بعض يا مازن كنت فاكره انك هتسافر لوحدك
ضحك :لا طبعا انا اقدر اسافر بدونكم انتى وحبيبة قلبى لولو
قالت بحب :ربنا يخليك ليا يامازن ولا يحرمنى منك ابدا
...............................
بعد مرور اسبوع
مستلقٍ على فراشه ومغمضاً عينيه بتعب كان يمر بدور أنفلونزا قوى أعجزه حتى عن القيام من سريره
شعر بيد تحتضن يده فتح عينيه بتعب وابتسم بشحوب :تومه
فاطمه باهتمام :على قوم نروح المستشفى انت تعبان اوى
اغمض عينيه وقال وهو يمرر لسانه على شفتاه الجافه :انا .......كح بشده وهو يضع يده على صدره... انا كويس
سمع والدته تقول بغضب :كويس ازاى انت جسمك مولع والكحه تعباك بطل عناد وقوم
واردفت بحنان وخوف :والله لو ماقمت ياعلى لاخاصمك قوم ...انا كلمت شريف ومستنيك فى المستشفى
قال بعتب وضعف:ليه ياماما تقلقى بابا دور برد عادى هياخد وقته وينتهى
فاطمه بصوت هامس:على شوف ماما خايفه ازاى قوم عشان خاطرى
تنهد بتعب قائلا باستسلام :انا قايم بس عشان خاطرك
قام من فراشه بمساعدة فاطمه
هنا وهى تغادر الغرفه :انا انزل اشوف فخر
على متسائلا:هو فخر هنا ؟
فاطمه وهى تخرج له ثياب ليرتديها :فخر هنا من بدرى قلق عليك لما كلمك الصبح وجه عشان ياخدك للمستشفى
ارتدى قميصه بتعب وهو يشعر ان كل عظمه من عظامه تئن من الالم:انا مش عارف ليه مكبرين الموضوع
فاطمه وهى تساعده فى ارتداء ملابسه
:انا ما شفتش واحد مهمل فى صحته زيك يعنى هترتاح لما يغمى عليك.... لك يومين ملازم السرير وشغلك مش بتروحه حتى الصلاه بتصلى انت وقاعد عايز ايه اكثر من كده عشان تحس انك تعبان ومحتاج علاج
وضع سبابته على شفتيه قائلا :هششش انتى بتتكلمى كثير النهارده
وقالت وهى تضحك :خلاص هاسكت
غادرت غرفته وتركته يكمل ارتداء ملابسه
دقائق وخرج من الغرفه متجهاً الى حيث تجلس والدته مع صديقه
ما ان رآه حتى وضع كوب العصير واسرع اليه
على وهو يجلس بجوار صديقه :جيت ليه مش وراك شغل؟
فخر وهويرفع حاجبيه متعجباً:الناس تقول سلام عليكم ......اهلا ..اى حاجه مش انت جيت ليه ...جاى اشحت انا
هنا وهى ترمق ابنها بحده:ما تزعلش منه يافخر
ابتسم فخر لوالدة صديقه :ازعل ايه انا صعبانه عليا المسكينه اللى اهلها داعيين عليها وهتتجوزه
على وهو يضع يده على عينيه من الصداع الشديد الملازم له منذ بدأ تعبه وقال بغرور:دى تبوس ايدها وش وظهر انى اتجوزها
فخر بسخريه :ماهى شحاته عشان تبوس ايدها وش وظهر
هناء مدافعه عن ابنها :هى هتلاقى زى على فين ده يا بختها والله
فخر وهو يضحك :والله كلامك ده ياطنط اللى مخليه شايف نفسه ورافض يتجوز
هنا وهى تنظر لفخر بتوعد:تعال هنا ما انت زيه مطلع عين مامتك ومش راضى تفرح قلبها
على بهمس :استلم بقى انت اللى جبته لنفسك
فخر وهو ينظر لساعته قائلاً بسرعه حتى يتهرب من حديثها
:شكلنا اتاخرنا على عمو شريف
نظر لهنا :سلام يا طنط
شكرته هنا بامتنان وقالت وهى تؤكد عليه :انا كلمت مامتك ان الغدا عندى النهارده يعنى تطلع من المستشفى على هنا
هز فخر راسه وهو يتجه لباب البيت :اوكيه اعدى عليها فى الرجعه
.................................
كانت يدها ترتعش من الالم ورغم ذلك لم تنبس بحرف كانت تخبر نفسها انها تحملت اكثر من ذلك لقد مر عليها كل انواع الالم النفسى والجسدى واكثرهم كان الم الفقد ....اه من الم الفقد دائما اسمع ان مع الايام تبرا الجروح وينسى الفاقد المفقود ...ولكن مع تلك الظلمه الشديد التى تذكرنى باعز مافقدت اين ذلك النسيان الذى يتحدثون عنه لماذا لم ياتى حتى الان ...كل يوم استيقظ على امل ان ياتى ولكن لا اجد غير تلك الظلمه ....لقد صارت كل امنياتى عود ثقاب ...عود ثقاب يضىء تلك الظلمه
سمعت صوت والدها وهو يهتف بعصبيه : ممكن اعرف ايه دخلك المطبخ... ثريا موجوده اطلبى منها اللى انتى عايزاه حرام عليكى ياليلى قلبى وقع لما سمعت صرختك
التفت الى شقيقتها وقال بغضب شديد وهويركن سيارته امام المستشفى
:وانتى سايبه اختك تدخل المطبخ ليه مش قلت لك خلى بالك منها اهى حرقت ايدها حسابى معاكى بعدين يازينه يلا انزلى من العربيه وخرج من السيارة ولم يعطها فرصه لتجيب اغلق الباب خلفه واسرع الخطى حول السياره وامسك ذراع ليلى
واعطاها العصى البيضاء امسكت عصاها بالم بيدها اليسرى ودخل ثلاثتهم الى المستشفى
............................
نظر لابنه وهو مستلقى على فراش الكشف يظهر التعب والشحوب على وجهه بعدما انهى الطبيب الكشف عليه تم تركيب محلول له مع حقنه بمضاد حيوي قوى وموسعات للشعب الهوائيه
قال وهو يلاحظ ملامحه المتعبه :عامل ايه ياعلى دلوقتى احسن
هز راسه :بخير الحمد لله احسن
اقتربت الممرضه لتزيل من ذراعه ابرة المحلول بعد ان انهاه
ساعده صديقه على الاعتدال من الفراش
وخرجا من غرفه الكشف وهو يشعر بدوار هائل ويستند على صديقه
التفت شريف لصديق ابنه قائلاً :تعبناك معانا يافخر
واردف وهو يشير على ابنه :لكن اعمل ايه مع ابنى عنيد لا راضى ياخد دوا ولا راضى يكشف
وقبل ان يكمل جملته اتجهت عيناه على نقطه خلفهم فقطب حاجبيه وقال باهتمام :ده عاصم .......تركهم شريف واتجه حيث كان ينظر
التفتا الى حيث اتجه والده فنظر على الي عاصم الذى كان بصحبته فتاتين تسمر على عند رؤيتها شاعراً بصخب فى اعماقه وفوضى عارمه فى مشاعره لم يجد لها تفسيراً قال فى نفسه "مالك يا على اتهزيت كده ليه ؟ اكيد المضاد الحيوى هو السبب"
حاول ان يبعد عيناه عنها ولكن ما لفت نظره انها يظهر على وجهها الالم الشديد
اتسعت عيناه وقال بهمس :هى ...ايه ال جابها هنا
وبدون ادنى تفكير لحق بوالده
امسك فخربذراعه وقال بتسائل :ايه يا علي انت رايح فين ؟
نظر اليه بخواء وقبل ان يجيبه لحق بوالده
سمع والده يتحدث مع عاصم ويقول :سلام عليكم ...ازيك يا عاصم خير فى حاجه
عاصم بقلق :ازيك ياشريف ...دى ليلى ايدها اتحرقت
شريف وهو ينظرليدها :سلامتك يابنتى ..ازاى اتحرقتى
اجابت بصوت متالم متعب :الله يسلمك يادكتور .... فنجان النسكافيه اتدلق على ايدى
وصل الى حيث يقف والده و سمع ردها على ابيه......."يا الهى هذا الصوت ..... اتسعت عيناه وقد تعرف الان اليها وتذكر اين رآها لاول مرة لقد ربط بين صوتها الذى سمعه فى الهاتف وعرف الان ان هذه الفتاه هى ابنة عاصم التى رآها فى مكتبه هى نفسها من ردت علي مكالمته.........وهى نفسها التى محاها من ذاكرته بعد ان اثارت اعجابه عند رؤيتها فى مطعمه منذ فتره طويله جدا
هذا الصوت اجل ذلك الصوت الرقيق الحالم الذى اقتحم عقله وسيطر عليه ..ذلك الصوت الذى نقش له مكان فى عقله
اقترب اكثر بلا وعى ونظر لها مفتونا وفجاءه تذكر مافعلته فى مكتب والدها فظل يحدجها بنظراته الناريه بعدما اصيب بخيبه لايعرف سببها لكى تلتقى اعينهم ...ولكن عيناها كانت تدور فى كل مكان غير مستقره على شى شعر بضيق اراد ان يذكرها بما فعلته معه ولكن صوتها الهادىء وهى تتحدث الى والدها
جعله ينسى غضبه وينظر لتلك العينين الآسرتين لقد اسرته من قبل وها هى تعاود الكره ولكن بشكل اقوى هذه المره مع صوتها وهو يستمع الى ماتقول وينظر لشفتها وهى تتحدث فيشعر بمشاعر غريبه اقتحمته بقوة
تحدثت ليلى بصوت هادىء تحاول ان تخفى المها وهى تقول لوالدها وتشير على يدها التى احمرت بشده وبدأ تظهر عليها انتفاخات مائيه مشيرة لشدة الحرق :ده مجرد حرق بسيط يا بابا ما تقلقش
نظر على مذهولاً ليدها المحروقه وقال بلا تفكير مخالفا لطباعه الرزينه : بسيط. ازاى...ده الحرق كبير جداً ...انتى ما بتشوفيش
............................
عاقداً ذراعيه امام صدره بقوة ومقطباً حاجبيه بشده وهو يخفى عينيه خلف نظاره سوداء ينظر من خلف زجاج السياره بضيق
تنهد بضيق شديد وهو يتذكر ما حدث
بعدما القى جملته بانفعال غير مبرر من وجهة نظر من حوله
ارتفعت الاعين تنظر له بحده شديده واستنكار ونظر لهم بدهشه شديده متسائلا لما ينظرون اليه بهذا الشكل؟ حتى والده
مالذى قاله لكى يحدجوه بتلك النظرات الغاضبه؟
قطع تفكيره صوتها الهادئ وهى تجيب عليه بنفاذ صبر :لا مش شايفه ...لانى ما بشوفش
التفت ينظر اليها بدهشه محدثاً نفسه "ازاى مابتشوفش ...دى بتهرج وقبل ان يفتح فمه ليزيد الكارثه ....لكن استوقفته تلك العصا البيضاء..... العصا التى لايمسكها غير الاشخاص الكفوفين وحدقتها غير الثابته التى تدور فى كل اتجاه
عض على شفتيه بقهر وحرج بالغ......قال بأسف شديد وهو ينظر لها :انا اسف ...انا ..انا ما اقصدش ما كنتش اعرف انا.....
قاطعته ليلى بنفاذ صبر وعصبيه من الالم الذى لا يحتمل :بابا يلا بينا
كان اول من تحرك بعد هذا الموقف هو شريف الذى تقدمهم بعمليه شديده وهو يسير امامهم قائلاً:عاصم تعال معايا لقسم الحروق
نظر لابنه الذى كان يراقب ليلى اثناء تحركه قائلا:دكتور شهاب منتظرك فى مكتبى ما تتأخرش عليه
نظرت له اختها والشرر يتطاير من عينها وهمست قائله :قله ذوق
تنهد بضيق وقال بشرود :انا ازاى مااخدتش بالى من العصايه اللى فى ايدها
فخر وهو يلتفت له اثناء قيادته للسيارة : ما اخدتش بالك ....من ايه؟
وقبل ان يجيب رن هاتف فخر
عقد حاجبيه وتذكر عندما كان فى مكتب عاصم ووجودها هناك ونظراتها له التى فسرها تفسير خاطى
وقال محدثا نفسه "ازاى مجاش على بالى انها عميه ...نظرتها الحيرانه حتى لما جه الساعى حط قدامها الحاجه ما بصتش عليه ولا على ابوها لما اتحرك وانا بغبائى بفتكرها بتعاكسنى وكنت ناوى امسح بكرامتها الارض الحمد لله انى ما عكيتش الدنيا
قاطع تفكيره فخر :انت لسه بتفكر ؟
اجابه بجفاف وهو لازال ينظر خلف الزجاج :بفكر فى ايه؟
فخر وهو يلتفت اليه :بتفكرفى اللى حصل فى المستشفى
التفت له وقال بخشونه :وافكر ليه؟هو انا فاضى موقف وانتهى اقعد افكر فيه؟ خلصت امورى كلها وفضيت عشان اقعد افكر فى اى حاجة
ضحك فخر قائلاً:انا قلت مش علي صاحبي اللى يقعد ويفكر ويحس بالذنب ...المواضيع دى نسيبها لحد تانى
قال مغيرا للحديث :كلمت مامتك
اجاب :كلمتها وهنعدى عليها دلوقتى ناخدها فى طريقنا
ساد الصمت بينهما وعاد على الى تفكيره وشعوره الغامر بالذنب
...........................................
سمعت صوت الباب التفتت رات كل من زينه وعاصم يدخلان البيت ورات عاصم ظاهرا على ملامحه الضيق وهو يضع مفاتيحه فى الطبق الفضى الموجود على طاوله بجوار الباب
نظرت لابنتها التى يظهر العبوس على وجهها :فى حاجه يا زينه؟
زينه بضيق: عماد جالنا المستشفى واخد ليلى معاه
اردفت وهى تنظر لوالدها بعتب :ازاى يا بابا ترضى انه ياخدها
جلس على الاريكه وهو يتنهد :انتى شفتى بنفسك اول ماسمع انها فى المستشفى جه جرى وصمم انه ياخدها وهى نفسها رضيت ما اعترضتش
واكمل :خليها تخرج من البيت وتغير جو
زينه بتصميم :انا اروح اجيبها بكره
نجوى وهى بداخلها تتنهد براحه على ذهابها "سبيها تروح وياريت تعجبها القعده هناك وتقعد.... واحنا نعيش حياتنا بدال الضغط اللى عملاه علينا واقعد مع بنتى على راحتى ...فرصه بكره اكلم ناديه واروح ازورها لانها ما دخلتش بيتى من بعد الحادث وبعد الحكم على ادهم "
قاطع افكارها صوت عاصم
عاصم وهو ويشير لزينه ان تاتى وتجلس بجواره :حبيبتى حتى لو رحتى ليها عماد مش هيسيبها تمشى انتى عارفه عمك عماد
اسندت راسها على صدره وقالت :بابا يومين ونروح نجيبها انا ما قدرش اقعد من غيرها
ابتسم متفهما وهز راسه بالايجاب فى حين كانت الام تغلى من داخلها ولكن لم تظهر شيئا من مشاعرها امام زوجها
....................................
فى المساء
جالسه بجوار جدتها تضحك ومعهم عماد
دخلت تاليا وفى يدها طبق فيه فيشار اقتربت من ليلى وجلست بجوارها وقالت شوفى ياقلبى عملتلك الفيشار اللى بتحبيه
ليلى :حبيبتى تاتى تسلمى
مدت يدها وبدات تاكل وتقول :ممممممممممم طعمه رهيب ....تسلم ايدك يا حبيبتى يا تاتى
عماد وهو يمد يده وياخذ منه:حاسه بالم فى ايدك ياليلى
ضحكت وقالت بدهشه :تصدق نسيت الحرق اللى فى ايدى اول مادخلت البيت رغم انه كان وجعنى اوى
ضحكت واكملت :منظرى كل ماتوجعنى حاجه اجى هنا عشان محسش بيها
عماد بهدوء:وليه تمشى اصلا انتى هتفضلى معانا هنا مع مامتك
قالت الجده بتاكيد :ايوه ياليلى خليكى هنا ده بيتك وبيت مامتك
اقعدى معايا
صمتت وقالت وهى تهزراسها :ما اقدرش ابعد عن بابا وزينه
عماد وهو يقترب ويجلس بجوارها :ومين قالك هتبعدى ده عاصم وزينه كل يوم هتلاقيهم هنا غير زينه اللى هتلاقيها فرصه وتلم حاجاتها وتيجى تقعد معاكى
ابتسمت عندما تخيلت زينه وهى تجمع اشيائها باهمال كعادتها وتلقى أشيائها فى كل اتجاه
عماد وهو يرى ابتسامتها قال :اوكيه يعنى موافقه
قالت باستنكار :انا مقلتش انى موافقه
قال بذكاء :سكوتك وابتسامتك يعنى انك موافقه
واكمل وهو يغمز لوالدته :اوكيه ياماما ليلى رضيت تقعد معانا
رفعت قبضتها وضربته على كتفه فتاوه :بطل تقرر بدون ما تاخد رايى فاهم
الجده بعتب:يعنى انتى مش عايزتقعدى معايا ؟
ليلى وهى تهز راسها :لا ياماما اناعايزه لكن ابنك ده مش بيخلى حد ياخد قرار من نفسه ديكتاتور
ابتسمت تاليا على كلمه ليلى ...تلك الكلمه دائما تخبره بها انه ديكتاتور متسلط عليها وعلى قلبها ونظرت لزوجها فغمز لها وهو يبتسم...تلك الابتسامه التى تذيب قلبها
نظرت لعماد وهو يضحك مع ليلى وكيف اقنعها بالمكوث معهم كانت تعلم وراء اصراره ببقاء ليلى سبب واول تلك الاسباب هو حمايتها
...................
بعد عدة ايام
يركض على المشايه الكهربائيه وخلفه جلس فخر على بنش حامل الاثقال
قال فخر بصوت لاهث :اخبار عمك فؤاد لسه زعلان منك؟
اجابه وهى ينظر للساعه الرقميه الموجوده اعلى المشايه :زرته امبارح وصالحته
التفت حمزه وهو يجلس ليجفف عرقه متسائلا :على انت زعلت خالو فؤاد عملت ايه يا منيل عارفك عمايلك سوده
التفت لفخر وقال بفضول :عمل ايه ؟
فخر وهو يضع الثقل الذى يحمله :ابدا حاجه بسيطه خالك فؤاد عنده صاحب على ضايق بنته
حمزه باندفاع :اوعى تقول عمو عاصم
التفت له على وقال بدهشه :انت تعرفه يا حمزه
حمزه بتاكيد:اعرفه واعرف ان عمو عاصم من كثر ماهو وخالى فؤاد اصحاب كان عايز يجوز عمر ابنه لبنته ليلى لكن هى رفضت
ترك المشايه واقترب منه قائلاً باستنكار :ليلى بنته العميه!!!!
حمزه :ما كانتش عميه وقتها
على بفضول :هى مش مولوده وهى عميه ؟
حمزه وهو يقترب من المشايه ويقف عليها ويبدأ بالسير عليها بخطوات هادئه بدات تسرع فى لحظات:لا حصلت لها حادثه كان حادث صعب حتى خالو فؤاد ما كانش بيسيب المستشفى والتفت الى على قائلاً: فاكر يا على لما خالو فؤاد سافر فرنسا من كام شهر؟
هز على راسه ايجاباً دون رد
اكمل حمزه قائلا : كان عمو عاصم سافر بيها للعلاج وقعد معاهم اسبوع ورجع
فخر وهو يقف على المشايه التى بجانبه:واضح انهم اصحاب اوى ...لكن انت عرفت كل ده من فين
حمزه وهو يلهث من الركض:من عمر طبعا انت ناسى ان عمر مش بيخبى عنى حاجة
واكمل يسأل فخر :هو عمل ايه مع عمو عاصم
فخر وهو يضحك :ابدا قال لبنته انتى ما بتشوفيش
اتسعت عينى حمزه ونظر لعلى الجالس على حامل الاثقال :انت مجنون ازاى قلت كده
على وهو يتجه لحقيبته الرياضيه مخرجا منها زجاجه مياه ويقول متهربا من هذا الحديث:دى قصه طويله بعدين احكيها التمارين دى جوعتنى
فخر بذهول :جوعتك ازاى
حمزه وهو يترك المشايه :وانا كمان
فخر وهو ينظر لحمزه بدهشه :انت كمان ايه؟ انت المفروض تخس انت ناسى ان فرحك الاسبوع الجاى
واشار الى بطنه وقال :يعنى كرشك ده لازم يخس شويه البنطلون مش هيدخل
حمزه بضيق وهو يشير لعلى :اشمعنا انا ما تقول له هو كمان
فخر وهو يشير لعلى :يا بنى ده مافهوش بطن ما شاء الله جسمه رياضى ومشدود
على باعتراض:فخر ماتسيب الواد على راحته تعال يا حمزه فى مطعم سمك سمعت عنه رهيب
حمزه وهو يبتلع ريقه :سمك الواحد نفسه فيه اه ورز صياديه واستاكوزا آآآآآآآآآآه مش قادر امسك نفسى
اقترب منه على ووضع يده على كتفه وقال وهو يصف له:ده عندهم جمبرى ما اقولكش من الاخر ولا السلطات والله حاجه تفتح النفس
فخر وهو يصرخ فيهما ويبعد يد على من على كتف حمزه ويرفع سبابته ويشير فى وجه على:على سيب حمزه مالكش دعوه بيه انت عارف ان نقطه ضعفه الاكل حرام عليك بدلة الفرح مش هتدخل فيه
على بخبث:وانا قلت ايه يعنى...... ثم السمك مفيد وكله فسفور
قال وهو ينظر لفخر :انا نسيت ما اقولك ان عندهم طاجن الجمبرى بالكرفس اللى انت بتحبه وده ايه وحرك يده فى الهواء :حكاااااايه
فخر وهو يقترب منه :انت متاكد انهم بيعملوا طاجن الجمبرى بالكرفس
على وهو يحمل حقيبته الرياضيه :لو مش مصدق تعال معانا وشوف
فخر بلهفه :طبعا جاى
لحظه اخد دش واجى معاكم
ابتسم على واسرع للحمام لياخذ حمام دافئ وينطلق بعد ذلك مع اصدقائه
........................
فى المساء
جالسه على الدرجات الخلفيه للمطبخ التى تطل على حديقه الفيلا من الخلف مرتديه بيجامة رقيقه باللون الموف الفاتح متدثره بجاكت وتحتضن بين يديها فنجان شيكولاته ساخنه اعدته لها جدتها شعرت ان الحراره تنتقل من اناملها لكل جزء فيها
اخذت نفس عميق وزفرته بهدوء تريد ذلك الهدوء ان يتخلل ويحتل كل جزء فيها
احست بخطوات تقترب منها وصوته الخشن :ليلى فى حد يقعد فى البرد ده ادخلى بسرعه
ابتسمت وهى تربت على السلم وتزيح له مكانا بجوارها:مش برد اوى تعال اقعد
اقترب منها وجلس بجوارها وقال بتنبيه :لو تعبتى بكره يا ويلك منى
قالت بهدوء :ان شاء الله مش اتعب
نظر ليدها الملفوفه بشاش رقيق وسالها بهدوء:ايدك بتوجعك
هزت راسها :لا الحمد لله بس وقت لما بأغير عليها بتوجعنى
سالها وهو ينظر ليدها:اتحرقتى ازاى
انمحت الراحه المرسومه على وجهها وقالت بقتضاب :فنجان النسكافيه اتدلق على ايدى بدون ما اخد بالى
قال بترقب وهو يرى ملامح وجهها التى تغيرت
:ازاى ما اخدتيش بالك انا اعرف ان لك فتره بتدخلى المطبخ بدون ماحد يعرف
تسائلت بدهشه شديده :مين قالك ...مش ممكن تكون ثريا
عضت على شفتيها انها افصحت عن سرها ولم تنكر
احتضن يدها السليمه واجاب :مش ثريا ...انتى
اشارت على نفسها بااستنكار :انا مش ممكن
عماد وهو ينظر لعينيها وحدقتيها التى تدور فى المكان بحيره جعلت قلبه يتالم ويضغط على يدها بحنان شديد
:مره كنت عندك وطلبتى من ثريا تجبلى كيك وبدون ماتخدى بالك قولتلها الكيكه اللى عملتها مش التانيه بتاعت طنط نجوى
اشاحت بوجهها وعضت شفتيها بضيق
التفتت له بحده وقالت :عماد اوعى تكون قلت لبابا انت عارفه هيزعل ازاى
قال بتاكيد :لا طبعا ما قلتش ومش اقول ماتقلقيش
واردف قائلا :ايه اللى خلى ايدك تترعش ويدلق النسكافيه عليها
قالت وهى ترسم ابتسامه على وجهها لم تفلح باخفاء التوتر الذى ظهر عليه :ابتدينا شغل المباحث عماد عادى واللى بيشتغل فى المطبخ بيحصل معاه كده ويعنى متنساش انى مش بشوف
قاطعها :الكلام ده تقوليه لعاصم او جدتك انا لا ....ليلى بلاش لف ودوران وقولى
اخفضت راسها وصمتت
قال بحنان :ليلى
تحدثت بصوت حاولت الايظهر فيه الخوف :سمعت طنط نجوى بتكلم اختها ناديه
كان يسمع باهتمام شديد
اخذت نفس واكملت وسمعتها بتسالها عن ....عنه عن ابنها
و نجوى ردت عليها :هانت كلها شهرين ويرجعلك بالسلامه
شعر برجفتها وخوفها احتضن كتفيها وقال بصرامه :اسمعينى كويس الكلب ده مش ممكن يستجرى يقرب منك لما يخرج من السجن ايوة هو اخد سنه حبس بس يا ويله لما يخرج لو حتى فكر يمر فى الشارع بتاع بيتكم
هزت رأسها وقالت وهى تنتفض :ده مجنون يا عماد انت ما شفتش عمل فيا ايه ده ....
قاطعها بثقه :اسمعينى ياليلى ما يقدرش يقرب منك قسم بالله لو فكر هيكون اخر يوم فى عمره
تساقطت دموعها وزاد ارتعاشها :لا ياعماد ...ده مجنون ... انا ....خايفه ...ده مجنون ...مجنون....مجنون ....ظل جسد ليلى ينتفض بعنف شديد ولم تستطع السيطرة على نفسها وانهارت فى بكاء مرير وكل ذرة من جسمها تنتفض بقوة
شعر عماد بالقلق عليها ....لاول مرة يراها فى هذه الحاله من الهلع
احتضنها بشده ليبثها الامان والطمأنينه كما اعتاد معها وقال :هششش خلاص يا ليلى انسى ....والله مايقدر يلمس شعره منك وخليه كده يفكر هيكون اخر يوم فى عمره
شعر بارتخاء جسدها بين يديه فوضع يدها اسفل ذقنها ورفع وجهها اليه ففزع لما رآها قد فقدت وعيها وجلس يضرب على وجهها بجزع :ليلى ...ليلى ...ردى عليا
اسرع يحملها ودخل بها الى الداخل وارتقى الدرجات بسرعه وجد امامه تاليا التى شهقت عندما رات منظر ليلى
وهتفت بقلق :عماد ليلى مالها ؟
اسرع الى غرفته ووضعها على الفراش والتفت لزوجته التى اسرعت خلفه وصاح بلهجة آمرة
:هاتى برفان ياتاليا
تاليا بخوف وهى تسرع تلتقط زجاجة عطر من عطورها واعطتها لزوجها
عماد بقلق بدأ يتزايد وهو يربت على خدها ويناديها بقلق :ليلى فوقى يا ليلى
نظر لزوجته بتوتر:مش راضيه تفوق ليه
تاليا وهى تنظر لليلى بقلق :عماد وديها المستشفى بسرعه
تناول مفاتيحه والبستها تاليا حجابها واسرع يحملها وقال
:ما تقوليش لماما حاجه ولو سالت قوليلها انى خرجت امشيها شويه
وقبل ان تجيب كان قد ذهب
......................................
دى اخرة الطفاسه غسيل معده لكن الغلط مش علينا على الاستاذ اللى احنا ماشيين وراه قال ايه محل سمك ده محل تلوث
فتح على عينيه وقال بملل: ممكن تقفل بقك الكبير ده اللى شغال كلام اسكت صدعتنى
حمزه وهو يضحك بشده وهو مستلقى على الفراش الثانى فى قسم الطوارئ بالمستشفى :آآآآآآآآآآآه مش ناسى شكل فخر وهو خارج من المحل وماسك معدته وفجاءة بدأ يرجع
زمجر فخر معترضاً: ده على اساس انك ما مسكتش بطنك وقعدت تصوت فى وسط الشارع وتقول الحقونى ودونى على اقرب حمام
على وهو يمد قدميه على طرف فراش حمزه
فخر بنرفزه :انا مفيش حاجه غيظانى غير ان احنا اكلنا وهو ما أكلش غير سمك مشوى ومجراش له حاجه
رد على باستفزار :اوف على عينك
والتفت يقول لحمزه :المحل ده اكله فل لكن عين فخر جابته الارض
ازاحه فخر وركله بقدمه ليقوم من السرير الممدد عليه فخر ضحك على وهو يقوم بسرعه قبل ان يعاجله بركله اخرى سحب الستاره الفاصله لكل سرير واغلقها عليه وهو لا يزال يسمع سباب فخر له
وقف فى قسم الطوارى يبحث عن ممرضه لكى تسحب المحلول من يد كل من صديقيه
حانت به التفاته واتسعت عيناه وهو يرى شاباً يحمل فتاه ويقترب منه طبيب وممرضة ويضعاها على احد اسرة قسم الطوارئ
اقترب منهم دون ان يشعر وهو يسمع الطبيب يسال الشاب :عماد هو حصل ايه
اجاب الشاب وعينيه لاتفارق وجه الفتاه:مش عارف كانت بتبكى وفجاءه اغمى عليها حاولت افوقها يا يوسف مش راضيه
الطبيب :ما تقلقش خير ان شاء الله
قبل ان تقوم الممرضه بسحب الستاره لكى يتم الكشف عليها وقعت عينى على على وجه الفتاة التى تعرف عليها على الفور فتسمر مكانه وشعر بنغزة فى قلبه من اجلها....سمع الطبيب من خلف الستار يوجه تعليماته للممرضه لافاقتها
وهو واقفاً ينظر الي الستارة الفاصله كالتمثال
بدأ على يحدث نفسه" مالها ايه ال جرى لها هى ناقصه وبعدين مين ال معاها ده "
تذكر على الفور رؤيته له كانت ايضاً فى اليوم الذى رآها فى المستشفى عندما وجدها تخرج من الغرفه ومعها والدها واختها ولكن ما لفت نظره ذلك الشاب الذى اقترب منها واحتضنها وجلس يهمس فى اذنها وهى تبكى على صدره .
توقف على فجاءة عن التفكير ونظر حوله وسال نفسه باستنكار:انا ايه اللى جبنى وراهم ؟ وبفكر ليه ...انا جاى انادى الممرضه مش جاى امشى ورا وحده معرفهاش وافكر مين اللى معاها ده
سمع صوتاً من خلفه:على انت واقف هنا واحنا بندور عليك
التفت لفخر وهو شارد يفكر فيها ونظر له ولم يجب
فخر وهو يقطب حاجبيه ويتسائل بقلق :على فى حاجه ؟
حرك على راسه نفياً ورد بشرود :يلا بينا نمشى من هنا ...حمزه فين
فخر وهو يتحرك خلفه ومتعجب من امر صديقه :اهو قدامك
اسرع للخروج من المستشفى وكأنه يهرب من شئ وخلفه اصدقائه يتابعونه بقلق
.................................
.. جالس بجوار فراشها ينتظر ان تقوم لقد طمأنه صديقه يوسف ولكن اشار عليه ان يعرضها على طبيب نفسى
كيف نسى هذا..... ان ليلى كانت تحتاج لطبيب نفسى بعد الحادثه كان لابد ان يفهم من اصرارها على عدم الخروج وعدم مقابلة اى شخص وابتعادها عن زوجه ابيها كل هذا بسبب الخوف الشديد
وتلك المكالمه التى اثارت رعبها وارجعت لها ذكرى الحادث وليس فقط ذكرى الحادث بل المتسبب بها
وضع يده على فكه بعصبيه وضيق وقال فى نفسه "ليلى ملهاش رجعه للبيت وانا لازم احطها تحت نظرى وابعدها عن اى ضغط
هو ده الحل
قاطع تفكيره صوتها :انا فين ؟
اسرع اليها ورسم ابتسامه مطمئنه على وجهه كأنها تراه :ليلى انت كويسه ؟
رفعت راسها تجاهه وقالت بصوت ناعس:عماد انا فين ؟ وايه الريحة ال خانقانى دى؟
اجاب وهو يجلس بجوارها :احنا فى المستشفى
اعتدلت بسرعه واحست بدوار فى راسها من الحركه وقالت بعصبيه:عماد طلعنى من هنا
ربت على كتفها وقال :اهدى دلوقتى هنطلع بس
قاطعته وهى تمسك يده بتوتر شديد :عماد انا بكره المكان ده الريحه دى بتخنقنى
عماد بصوت هادئ :حاضر دلوقتى هنطلع بس مش عايز عصبيه وتوتر اوكيه
هزت راسها بالايجاب وقد علا صوت تنفسها من التوتر
.......................................
فى صباح اليوم التالى
جلس عاصم فى مكتبه مع صديق عمره فؤاد:وامتى الفرح ؟
اجاب وهو يخرج كرتين دعوه من جيب معطفه ويعطيها لعاصم :الخميس الجاى شوف انت مش محتاج عزومه يعنى انت تعزم معايا ياعاصم وانت عارف غلاوة حمزه ابن اختى عندى من غلاوة عاصم وعمر
عاصم وهو ياخذ منه دعوه الزفاف :ربنا يتمم له على خير عقبال عمر
فؤاد :انا كلمت عماد وعزمته واردف قائلا وكمان كلمت ليلى النهارده وعزمتها على الفرح والافتتاح هى رجعت من عند جدتها؟
عاصم وهو يبتسم :عماد رافض انها ترجع
ضحك فؤاد:وزينه عامله ايه من غير ليلى
عاصم بحنان:متضايقه جدااا وكل يومين خناق مع عماد
واردف قائلا :فكرتنى عايزك فى موضوع مهم
فؤاد باهتمام :قول ياعاصم انا تحت امرك
عاصم :اسمع ياسيدى
.....................................
يوم الخميس فى القاعه الافراح
واضعاً يديه فى جيب بنطاله وهو يبتسم وهو يراقب حمزه وهو يراقص عروسه على موسيقى هادئه بهيام ووله شديد والسعاده تظهر على وجهيهما
واخذ ينقل عينيه بين الحاضرين ويراقب النظرات الولهانه من كثير من الفتيات وهن يراقبن فخر ووسامته الشديده واناقته فى حلة السهرة السوداء التى تزيد من جمال طلته نظر بتسليه الى فخر وهو يقترب من حمزة وهمس فى اذنه بشيء ما فنظر له بحده وازاحه واكمل الرقص ولكن كان فخر مصمماً على مضايقته
اقترب على منهم بلباقة وامسك ذراع صديقه :يا اخى خلى عندك دم وسيبه مع عروسته
حمزه وهو يضغط على اسنانه :ابعده عنى احسن اخنقه مش طالبه غتاته
فخر وهو يمسك ذراع حمزه لكى يغيظه:بقول له تعال ارقص معايا مش راضى هى عروسته اهم منى يعنى!!!
حمزه بحده :ايوه اهم منك ارتحت يالا غور من هنا احسن لك
على وهو يضحك ساحبا ذراع فخر :خف شويه وتعال معايا
وقال وهو يشير الى مجموعه من الشباب :فخر اصحابك اللى معاك فى البنك وصلوا
فخر بعناد وهو يخفى ضحكته :مش اسلم على اى حد غير لما حمزه يرقص معايا انا دماغى قفلت خلاص
حمزه بعناد اكثر :وانا مش ارقص معاك ارتحت يلا بقى
على وهو يضحك :تعال يا فخر حرام عليك عشان خاطرى
وهمس فى اذنه :سيبه المسكين مش مصدق انه اتجوز خلاص
فخر وهو يعدل من سترته الانيقه ويتحرك مع على قائلا :اروح افتح البوفيه وامرى لله
على وهو يضحك :استنى المفروض العرسان يفتحوا البوفيه
فخر وهو يضع يديه فى جيبه :مين قال كده ...ما تعرفش الموضه الجديده ان صاحب العريس هو اللى يفتح البوفيه
ضحك على وضرب كفاً بكف :ما سمعتش عنها الموضه دى قبل كده اخذا يتضاحكان حتى سمع على اباه يناديه
نظر فخر لعلى الذى تركه واتجه الى حيث يقف عمه فؤاد ورآه يصافح صديق عمه الاستاذ عاصم
ولكن مالفت نظره تلك الواقفه خلف الرجل الذى يصافحه على
جمالها...ذكره بها عندما رآها لأول مره كانت تشبهها ولكن هى كانت بها سحر خاص...سحر اجتمعت به كل صفات الجمال مدعوم بطول ورشاقه ورقه عض شفتيه وهز راسه ليطردها من افكاره ولكى يزيح تلك الغصه التى تعتريه عندما يتذكرها
سمع صوت صديقه يناديه ابتسم وذهب اليه
..................................
صافح على عاصم وهو ينظر خلفه على امل ان يراها ولكنه فوجئ ان معه زوجته وابنته الاخرى التى تبدو انها الاصغر .....ولكن اين هى لما تخلفت عن الحضور ؟
عاصم وهو يبتسم:ازيك يا على مبروك عقبالك ان شاء الله
فؤاد وهو يبتسم :ان شاء الله دى هتكون الفرحه الكبيره ياعاصم ده مضرب عن الجواز
عاصم وهو يضحك :ياخى سيبه يعيش حياته اللى اتجوز عمل ايه
فؤاد وهو ينظر لعلى :اوعى تسمع كلامه ده خطب بنت خالته وهو فى الكليه واول ماخلص اتجوز على طول
على باندهاش شديد :خطبت وانت فى الكليه وهى كانت زميلتك
ابتسم عاصم بحزن :لا كانت وقتها فى الثانوى وبحبها ومش عايز حد يسبقنى وياخدها
على بفضول:وهى ما اعترضتش وقالت اكمل تعليم واتجوز؟
عاصم وهو يتنهد :لا ما اعترضتش لانى وعدتها انها تكمل بعد الجواز
تنهد وقال لعلى :فكرتنى بالذى مضى
واردف وهو يضحك :وعمك غار وعمل زيى واتجوز بس هو سبقنى وخلف عاصم وعمر
عاصم وهو يسال فؤاد:هو فين عاصم صحيح؟
فؤاد وهو يشير له الى مكانه وهو ويقف مع اصدقاء لهم ناداه والده فالتفت لوالده وابتسم ما ان راى عاصم استاذن منهم واقترب منهما وصافحه :ازيك ياعمى اخبارك ايه؟
عاصم وهو مبتسم بود :الحمد لله بخير انت عامل ايه يا عاصم يابنى واخبار حبيبة قلبى ايه هى فين ؟
ابتسم واجاب الحمد لله بخير لحظه اجيبها لك اكيد مع ماما
دارت عينه فى المكان يبحث عنها ولكن استوقفته تلك الواقفه تتحدث مع اخته لميس وتحمل ابنته وتقبلها بحب وقف مشدوهاً يراقبها وهى تضحك مع ابنته وتحتضنها بحنان شديد
كانها شعرت ان هناك من يراقبها رفعت عيناها والتقت عينها بعينيه اخفضت عيناها بخجل وزاد من احتضانها لابنته
اشار عاصم لشقيقته لميس ان تحضر له كنزى
.........................
تقدمت من ابنها وقالت وهى تمسك ذراعه وهى تشير له على طاوله :شايف البنت دى اللى قعده مع مرات عمك فؤاد
اجاب وهو ينظر لحيث اشارت ابتسم وقال بهدوء :ايوه
اجابت بحماس:عارف دى ابوها صاحب عمك فؤاد وكمان عرفت انها اخر سنه فى الجامعه الامريكيه وصحبة لميس
اتسعت عيناه بدهشه متسائلا:عرفتى المعلومات دى ازاى
قالت وهى مبتسمه وتشير على زوجه عمه :من نهاد هى اللى قالتلى عنها
سألها:انتى اتعرفتى عليهم ولا لسه ؟
ابتسمت عندما سمعت سؤاله :لسه
امسك يدها وهمس فى اذنها :اتعرفى عليهم مجرد تعارف بدون ما تتكلمى عنى وتقولى ابنى عايزه اجوزه
وقبل ان تساله انسحب بهدوء وهو يتنهد كل زفاف تناديه وتشير على فتاه وتساله رايه فيها وهو لايستطيع ان يطلب منها ان تكف عن تلك الحركه التى تضايقه جدااااا يخاف ان يحزنها منه ....قلبه لا يطاوعه على فعل ذلك
سمع صوت ابيه يناديه تحرك متجها اليه
فى نهايه السهره
وقف يتحدث مع صديق له قبل ان يستقل سيارته
كان يراقب حمزه وعروسه التى تحتضن والدتها مودعه .... ولكن ما لفت نظره تلك التى اثارت فضوله وظل يراقبها
تخرج برفقه والدها الذى همس لها بشىء فى اذنها جعلها تتعلق بذراعه بفرح شديد وتسرع الخطى بثوبها الاسود الرائع الذى يظهر تناسق جسدها الذى يبدو كانه صمم خصيصا من اجلها كانت تتحرك كانها فراشه اقدامها تلامس الارض ابتسم واحتضن ابنته النائمه دثرها جيدا بمعطفها الفرو الابيض
سمع صوت والدته :عاصم ..كنزى نامت
اجاب وهو يخرج مفاتيحه من جيبه ويقترب من سيارته :ايوه
وفتح باب السياره وجلس
لفت حول السياره وفتحت الباب الامامى وجلست بجواره واخذت حفيدتها واحتضنتها
سمع صوت الباب الخلفى يفتح وتجلس اخته فى الخلف : السلام عليكم ..شفتى يا ماما فستان العروسه روعه اظن يا ماما انها جبته من برا لان تصميمه جديد
ابتسم عاصم وهو يحرك سيارته :ابتدينا حوار كل فرح
واثناء تحريك السيارة لم ينسى ان يسترق النظر اليها مرة اخيرة
..............
اتجه فخر الى سيارته التى سوف تقل العروسين وتحرك بها فى اتجاههما ركب العروسين السياره
ما ان استقلا السياره حتى قال وهو ينظر من خلال المرآة لصديقه وزوجته وهو مبتسم :العربيه نورت والله نورت
حمزه وعروسه :شكرا
واكمل وهو مبتسم ابتسامه واسعه :تحبوا امشيكم على الكورنيش ولا تتعشوا انا اعرف مطعم اكلات بحريه من الاخر ...فسفووووور
وغمز لحمزه الذى نظر له بحده وقال :لا شكرا شبعانين ...انت وصلنا وبس
غمز له وقال : والله شكلك مستعجل
حمزه وهو يصر على اسنانه :فخر خلص
فخر ببراءة :وانا قلت ايه انا قصدى مستعجل تنام بدرى عشان تلحق صلاه الفجرهو فى احسن من النوم والراحه والعسل
والتفت بجسمه صحيح ياحمزه شفت فيلم النوم فى العسل
اشاحت نور بوجهها بخجل شديد
حمزه وهو ينفخ بغضب ...اخرج هاتفه ليرن على على ليأتى لنجدته
سمع فخر طرقات على زجاج نافذته ففتح النافذه ليسمع على يهمس:انت لسه ما اتحركتش ؟؟ خف عليهم البنت وشها جاب الوان عيب عليك اتحرك وانت ساكت
فخر ببراءه :وانا قلت ايه كنت بسالهم عن فيلم
قاطعه على بقله صبر :فخر خلص
نظر على للخلف وقال وهو يبتسم برزانه:مبروك يا حمزه انت ونور ربنا يسعدكم
ابتسم له حمزه وتحرك فخر بسيارته وهو يكتم ضحكاته من منظر صديقه الذى يكاد ينفجر من الغيظ
.......................
دخل المنزل ووجد البيت هادىء تذكر ان والدته ذهبت لجدته لتبيت لديها اليوم
اتجه الى المطبخ وفتح البراد وتناول منه زجاجه مياه وبدأ يشرب منها وبيده الاخره يفك ربطة عنقه اتجه الى غرفته وانهى خلع ثيابه
ودخل ياخد حمام يشعر بصداع وارهاق ويتمنى النوم بهدوء كان يخفى بمرحه طوال الليله ما يعتمل بقلبه الخافق الذى يأبى النسيان وقد اثارت فيه هذه الليله مشاعر حاول ان يقهرها ويكبتها لوقت طويل مما اصابه بصداع عنيف استمر حمامه لفترة طويله لعل انهمار المياه على رأسه وجسمه تخفف مما يشعر به
انهى حمامه بعد وقت طويل وارتدى ملابسه واتجه الى سريره لكى يلقى عيه جسده المتعب ولكنه غير اتجاهه الى التسريحه التى رص عليها عطوره الفاخرة اتجه الى عطوره يبحث عنه بهدوء اخرج من بين عطوره عطر نسائى فرش منه على يده واخذ نفس عميق واغمض عينيه لتنسال الذكرى
"اميره انتى بتحطى من برفانى دى عطر رجالى
ضحكت وقالت بصوتها العذب:عارفه .
احتضنها من الخلف وقال وهو ينظر لصورة انعكاسهما فى المرآه :اعترفى بسرعه حطيتيه ليه ؟
اجابت وهى تنظر لعينيه :لما بحطه بحس انك حواليا مش بتبعد عنى ثانيه واحده..... لفها لتواجهه ونظر فى عمق عينيها وانحنى عليها و....
فتح عينيه والذكرى تعصف به وقال بغصة الم :اهو انا حطيت عطرك لكن انتى مش معايا ...خلاص مابقاش فاضل لى غير عطرك ....
لم يشعر فخر بدمعة ترقرقت فى مقلتيه..... فاخذ يردد هاذين البيتين اللذان لم يفارقا مخيلته لحظه
راعَ الفراقُ فؤاداً كنتَ تؤنسهُ
وذَرّ بين الجفون الدمع والسُهدا
لا يبعد الله شخصا لا ارى انسا
ولاتطيب لى الدنيا اذا بَعُدا
........................
انتظرونى البارت القادم
|