كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
صمت قليلا ثم قال
- عندما كنت في الرابعة من عمرك ، كنا ما نزال نعيش في إيطاليا ، في ذلك اليوم أخذتُكِ و والدتك إلى الملاهي ، و لسبب ما أرادت أمك الدخول إلى خيمة العرافة لتقرأ لها حظها. لم تكن أمك بالطبع من ذلك النوع أو هذا ما كنت أعتقده في ذلك الوقت ،
أحيانا لا نعرف حتى الأشخاص الذين يعيشون معنا، المهم لا أدري ما الذي أخبرتها به تلك الغجرية.
مط شفتيه في اشمئزاز كأنه يلفظ الكلمة من فمه ثم واصل يقول :
- لكن منذ ذلك الوقت تغيرت أمك تماما ، أصبحت تلازمك كظلك و بعد فترة قصيرة أصرت أن تغادر إيطاليا إلى الأبد و ألا تعود إليها مرة أخرى لا هي و لا أنت.
كانت تنوي أن تخبرك في يوم ما أنها لا تريد منك الذهاب إلى هنالك أبدا ، بالطبع هذا في رأيي منتهى السخف لكن هذه كانت رغبتها على كل حال.
صمت كأنما ليقلب بعض صفحات من الماضي ثم بدأ يتكلم من جديد بشيء من الشجن :
- و هكذا كان الأمر ، بسبب كلمات مسمومة من امرأة جاهلة قررت أمك أن إيطاليا كلها شؤم في شؤم رغم أننا قضينا أجمل أوقات عمرنا هناك.
في تلك اللحظة و هو يقول هذه الجملة الأخيرة شعرت جدا بأبي ، شعرت به كما لم أشعر به أبدا من قبل و انطلقت أقول دون مراقبة كلماتي :
- لا شك أنك كرهتني جدا يا أبي لأني كنت السبب في تركك لإيطاليا و عودتك إلى هنا في عز نجاحك هناك
- أنا لم أكرهك أبدا يا كاميليا ثم إني كنت لأنجح في أي مكان ، قالها بثقة و بشيء من التهكم لأني شككت و لو للحظة بإمكانية أن يفشل.
و قد كان على حق ، كان لينجح في أي مكان بالفعل، رجل يستيقظ مع العصافير و لا تهمد طاقته و لا يرتاح عقله ، طوال الوقت يفكر وينفذ ، يفعل قبل أن يقول ، رجل مواعيده في دقة الساعة و وعوده في سرعة تدفق كلماته ، رجل لا يعتمد على أحد إلا على نفسه ، رجل يعطي أكثر بكثير مما يجب عليه و لكنه يحاسب بقسوة قاطعة ، رجل مثل هذا كان لينجح في أي مكان و في أي زمان.
لا أدري كيف وجدت الشجاعة حينها و مددت يدي أضعها بلطف فوق أصابعه النائمة على سطح مكتبه. للحظة شعرت بيده تتوتر تحت تأثير لمستي. لكنه سرعان ما استرخى و استسلم ، و لمدة ظللنا هكذا ، يغلفنا الصمت مرة أخرى، صمت مختلف عن كل مرة ، صمت فيه نوع من الحداد :
على الذكرى التي لن تعود ،
على المرأة التي افتقدناها دون أن نفقدها ،
علينا جميعا كيف كنا و كيف صرنا
و الآن و أنا أتذكر جلستنا سوية في ذلك اليوم ، أتمنى لو يعود بي الزمن إلى الوراء و يترك لي و لو دقيقة و لو حتى ثانية واحدة ، ثانية واحدة أخرى و أخيرة أقضيها مع أبي
حتى لا أكتفي بمجرد ملامسة يده ،
حتى أضمه إلي و يضمني إليه ،
ثانية واحدة أخرى و أخيرة أقول له فيها : بابا
ربما حينها يزول هذا الفراغ من قلبي ، ربما حينها قد تشعر روحي ببعض الشبع ،
بدل كل هذا الخواء. " ………………………………..……………………………………………..
............................................................ .............
.................................
|