كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: آنسة الشاي الأبيض
…………………………………………………………………..
…………………………………………..
……………………………….
لا يدري كم ظل واقفا يراقبها تكاد تطير إلى الباب الخارجي. ما إن اختفت حتى امتدت يده تظغط على الزر الذي فوق مكتبه بعنف.
حين أطلت عليه مدبرة منزله بعد لحظات قال لها بتوتر و هو يمرر أصابعه بين خصلات شعره :
- من فضلك أريد قهوة و بسرعة
- أمرك سيد ماهر
و حين استدارت لتنصرف أوقفها قائلا :
- و لا أريدها كالعادة ، أريدها سوداء و مُرّة
رفعت حاجبيها قليلا ثم بلمح البصر استعادت ملامحها جمودها السابق و هي تقول ثانية قبل أن تنصرف :
- أمرك سيد ماهر
لم الاستغراب يا سيدة سناء ، نعم أريدها سوداء و مُرّة مثل مزاجي.
مزاجه الذي ازداد تعكرا بعد مقابلته لتلك الفتاة ، كلامها كله كان محض هراء و أكاذيب.
ما عدا جملتها الأخيرة لأنه فعلا يبحث عن أجوبة.
أو بالأحرى هذا ما أصبح ما يبحث عنه منذ أن سمع اسم ذلك الرجل "أكرم" ، منذ أن بدأ يتساءل عما كانت كاميليا تسعى إليه ،
منذ أن بدأ يشك.
هناك أيام يصحو فيها و هو يكاد يضحك من سخفه ، من قلة عقله و يخاطب نفسه قائلا " تشك في كاميليا ، في كاميليا يا رجل ؟" و ينسى كل شيء عن الموضوع .
و أيام أخرى ، و هذا اليوم من بينها ، يفيق بعد ليلة مسهدة أو مليئة بالكوابيس و هو يكاد يغلي و هو يشعر أنه ضحية مؤامرة ما ، أنه تم خداعه ، أن الكل كان و مازال يخفي عنه شيئا ما.
سامحك الله يا كاميليا حتى لو تمخض الموضوع عن لا شيء.
سامحك الله لأنك أنزلتني من مقامي.
سامحك الله لأنك جعلتني أحتاج إجابات من فتاة كمساعدتك ،
فتاة نكرة ، فتاة يكاد يقسم أنها لولا وقوف كاميليا بجانبها لكانت بالكاد تفك الخط كما يقال.
و الآن ها هي تتذاكى عليه ، عليه هو !
و تتظاهر بالتكبر ، بالترفع و تنهي النقاش و تغادر قبل أن يأذن لها ، هو ماهر الذي ينفض عشرات من مثيلاتها مع غبار كمه كل يوم.
و مرة أخرى و في حركة أصبحت شبه آلية امتدت يده إلى هاتفه تضغط على رقم ما ليجيبه صاحب الرقم فقط بعد بضع رنات مقتضبة ، هكذا هو و هكذا كيف يجب على الناس التي تحترم نفسها التصرف معه :
- ماهر كيف حالك يا رجل ، ما هي أخبارك ، لماذا لم تصبح وزيرا حتى الآن ؟
رغما عنه وجد نفسه يبتسم ، ابتسامة ضاعت في بعد المسافات ، و لم يصل منها إلى صديقه سوى بعض الكسل في صوته و هو يقول :
- أنت تعرف تماما أني لو كنت أريد أن أصبح وزيرا لكنت تخاطبني الآن بكلمة "معاليك" و لكنه شرف لا أسعى إليه.
- ماذا عساي أقول ؟ أخجلني تواضع معاليك.
و هذه المرة سمح لنفسه بأن يضحك ، ضحكة مقتضبة مسروقة لكنها حقيقية على الأقل.
- هل اتصلت بي لتضحك ، أنا أيضا رجل مشغول معاليك ، أي نعم أنا مجرد ضابط جوازات صغير ، أي نعم لست مثلك أسافر أكثر مما أظل في بيتي ، أي نعم لست مرشحا لأكون وزيرا حتى بعد مليون سنة و لكن هذا لا يعني أن تتصل بي كلما أردت مُهرّجا مجانيا.
للمرة الثانية تتردد ضحكة ماهر الهادئة بين جدران الغرفة :
- سيد مشغول اسمح لي أن أشغلك أكثر و أن أستعير بعضا من وقتك الثمين
- خيرا
- خيرا إن شاء الله ، أخبرني هل تذكر ذلك الرجل الذي سألتك عن اسمه المرة الماضية
- أذكر بالطبع ، خيرا ، سأله بقلق
- أريد منك خدمة صغيرة أخرى
- خدمة صغيرة مع خدمة صغيرة يجعل الدين كبيرا عليك
- و انا رجل اجيد تسديد ديوني
- و انا رجل اجيد استغلال الوضع، أأمر معاليك
- أريد منك أن تتصل بي فور أن تطأ قدمه أرض الوطن
سمع تصفير الرجل الآخر ثم سمعه يقول :
- يبدو أنك تحمل له مودة كبيرة و تريد أن تستقبله بنفسك عندما يصل ، يا له من رجل محظوظ ، حسنا اطمإن سأجعل على لائحة اهتماماتي
- جيد
- جيد هذا ما يتوقعه المرء منك ، لا كلمات شكر حارة و لا كلمات تقدير ، لا أدري ما الذي يجعلني أنفذ أوامرك لا بد أنها العِشرة التي لا تهون علي.
- أصيل يا فاروق طوال حياتك
- ام، ام إلى اللقاء معاليك
|