لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-12-16, 11:02 PM   المشاركة رقم: 181
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2011
العضوية: 216585
المشاركات: 468
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1595

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى لطفي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى لطفي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: كبـير العيلة

 

كبير العيلة
الحلقة (29)
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
استيقظ الجميع منذ بدء شروق الشمس استعدادا لليوم الكبير، زفاف أبناء عائلة الخولي، كان المنزل الكبير يعج بالناس الذي قدموا للمساعدة بكل حب لهذه العائلة وكبيرها الشيخ عبد الحميد فأياديه البيضاء تمتد لكل بيت من بيوت هذه البلدة الصغيرة في صعيد مصر، كان المنزل كخلية نحل كبيرة، الكل يريد أن يكون هذا اليوم في أجمل صورة، وهناك في غرفة العرائس حيث كانت تنام إحداهما منبطحة على بطنها فيما يتناثر حولها خصلات شعرها الأسود غارقة في نوم عميق كالأطفال تماما، بينما الأخرى تقف ممسكة بقدح قهوتها الصباحية تراقب شروق الشمس من خلف النافذة الزجاجية حيث لم تكد تنام سوى بضعة سويعات قليلة وذلك منذ أن فارقها عريسها المجنون، وبين كل فينة وأخرى تتلمس شفتيها بأناملها البيضاء الرقيقة بينما تتراوح تعابيرها بين ابتسامة ترتعش حينا ورجفة خوف تلمع بين زيتونتيها أحيانا!...
انتبهت على صوت الباب وهو يفتح لتلج أمها وهي تبتسم قائلة في سعادة:
- صباح الخير يا عروسة..
ردت سلمى التحية بينما تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل قائلة:
- صباح النور يا ماما...
ألفت وهي تتجه إليها لتفتح النافذة على مصراعيها كي تدع أشعة الشمس تنير الغرفة:
- كويس انكم صحيتو بدري، ورانا حاجات كتير أوي انهرده...
واستدارت وهي تتحدث الى سلمى لتفاجأ بصغيرتها الشقية وهي تنام قريرة العين وكأن اليوم ليس يوما فاصلا بالنسبة لها!..
اتجهت اليها ألفت سريعا وهي تهتف:
- سلافة.. انتي لسه نامية؟... قومي يا بنتي عشان نلحق نخلص اللي ورانا..
ولكن لا حياة لمن تنادي، هزتها برفق في كتفها لتتململ سلافة في نومها وتصدر أصوات اعتراض ثم لم تلبث وأن حركت يدها يسارا ويمينا كمن يفتش عن شيء وهي مقطبة لتبتسم بعد ذلك وقد وجدت يدها ضالتها حيث تجذب الغطاء فوقها حتى وجهها!!..
حدقت والدتها فيها باندهاش لتدير وجهها الى سلمى التي تقف تطالع شقيقتها الصغرى التي لن تتغير مهما كبرت، هتفت ألفت بذهول وهي تشير الى سلافة التي لا تعي شيئا مما يدور حولها:
- بقه حد يقول أن دي فرحها انهرده؟.. ربنا يكون في عونك يا غيث يا بني..
ثم مالت على سلافة تسحب الغطاء من فوقها وهي تردف برجاء:
- قومي يا بنتي بقه ما تغلبنيش، هي دي مدرسة ولا كلية كمان بتغلبيني وأنا بصحيكي!..
فتحت سلافة عينيها ونظرت الى امها وهي لا تزال في خدر النعاس ثم أشارت بسبابتها وابهامها سوية وهي تفتحهما فنظرت أمها اليها بصرامة وهي تقول:
- لا.....، ضيقت سلافة المسافة بين إصبعيها ليكون جواب أمها الرفض أيضا، ولا زالت تضيق المسافة بين إصبعيها و
أمها ترفض حتى هتفت سلافة بتوسل:
- طيب مش عجبك شوية صوغنين أد كدا، سلفيني خمس دقايق بس وبعدين هقوم، صدقيني يا فوفو!...
هتفت ألفت في يأس في حين علت ضحكة سلمى:
- يا بنتي حرام عليكي قومي بقه، هنتأخر يا سلافة..
لتعتدل سلافة جالسة وهي تتأفف بصوت عال:
- أهوه قمت خلاص...، بينما حكت رأسها بيدها وهي تكتم تثاؤبها بيدها الأخرى، جلست ألفت أمامها فوق الفراش وقالت بحنان وهي تربت على وجنتها الحمراء من أثر النوم:
- صباح الخير يا عروسة، قومي حبيبتي اتنشطي كدا على ما أحضر لكم الفطار، ومش أي فطار.. فطار عرايس بجد، عشان تفتكروني بيه، انتم بعد كدا اللي هتحضروه في بيوتكم لأجوازكم و.....، وتحشرج صوتها ودمعت عيناها ولم تستطع تمالك نفسها لتنخرط في بكاء شديد، هرولت اليها سلمى وهي تهتف بجزع تناديها في حين اقتربت منها سلافة وهي تزحف على ركبتيها وقد طار النوم من عينيها هاتفة مع أختها:
- ماما....، لترتميا بين ذراعي والدتهما فتربت ألفت على رأسيهما وهي تقول مبتسمة من بين دموعها المغرقة وجهها:
- ما تتخضوش يا حبايبي، دي دموع الفرح، أنا مش مصدقة ان بناتي الاتنين كبروا وبقوا عرايس يفرحوا القلب وفرحهم هما الاتنين سوا انهرده، لا وايه... هيتجوزوا أخين، يعني ضمنت انكم تفضلوا مع بعض على طول ان شاء الله...
قبلت سلمى يد والدتها في حين ارتفعت سلافة لتقبل رأسها ثم قالت بمرحها المعهود لتبدد جو الحزن:
- بقه دا يوم تعيّطي فيه بردو يا فوفو؟.. وبعدين احنا ما روحناش بعيد ما احنا ناسبنا نفس العيلة اللي انتي نفسك متجوزه منها، يعني مش هنروح في حتة، على قلبك أنتي وقيس وليلى!..
ليصدح صوت يهتف بجدية زائفة مصطبغة بمرح مستتر:
- بنت!.. انت مش هتبطلي كلامك دا؟.. كبرت خلاص وهتتجوزي وبردو لسانك لسه زي ما هو؟...
التفتت سلافة الى روؤف الواقف أمام الباب وأجابت بمرح وهي تنهض واقفة مشيرة الى والدتها:
- أعمل إيه بس؟.. ليلى قلبها رهيّف قوي يا قيس، هلمّ إلى ليلاك يا قيساه!..
اقترب رؤوف منها وهو يقول بابتسامة:
- ليلاك وقيساه!!... طيب اتفضلي حضرتك روحي اجهزي عشان فرحك انهرده يا سُلفاه!...
قطبت سلافة وهتفت حانقة:
- سُلفاه!!! ... لالالالا يا دكتور سلافة أهون، وخلي بالك حضرتك انهرده يوم جوازي هنبتديها بسلف؟!..
سلمى مقطبة:
- سَلَفْ؟!...، نظرت اليها سلافة مجيبة بجدية مصطنعة:
- مش سُلفاه؟!... هنستلف من أولها؟!!...
لتعلو ضحكات الجميع ويمد رؤوف يده الى سلافة فتتجه اليه ليدعو سلمى هي الاخرى حيث يحتويها بذراعه الآخر وهو يقبل رأسيهما تباعا داعيا الله أن يهبهما السعادة والرضا فيما تطالعهم ألفت وابتسامة سعيدة تفترش وجهها بينما لسانها يلهج بالدعاء لله بألا يحرمها من أسرتها الصغيرة أبدا..
**********************************************
انتهت المزينة والتي كان قد تم الاتفاق معها على الحضور من القاهرة لتزيين العروستين حيث أرسل عثمان السائق لجلبها ومن ثم إرجاعها الى القاهرة ثانية بعد أن علم برغبة بنات أخيه بإحضار مصففة شعر متخصصة في تزيين العرائس من مصر، فعرض على روؤف أرسال السائق اليها وبذلك أعفاه من دفع أجرة السفر زيادة على تكاليف المزينة، والتي اشترطت أن تأخذ الأجر مضاعفا فالمكان في بلد يحتاج الى سفر طويل، وقد أضافت تكلفة السفر والتي ما أن علم بها عثمان حتى صمم على إرسال السائق فالمبلغ الذي حددته يكفي لابتياع تذكرة طيران وليس أجرة سفر عادية عن طريق الحافلة!...
تلألأت الحديقة بالأنوار الكثيرة، كما تزينت الأشجار بصفوف من اللمبات الملونة، والتي أكسبت الحديقة ألوانا مبهرجة، كان الاحتفال الخاص بالحريم بالداخل بينما الرجال بالحديقة، جلست كلا من سلافة وسلمى على الجلسة الخاصة بالعروسين، كلا منهما على كرسي مكسو بقماش فاخر بينما خشبه مطلي بالذهب الأصفر، كانتا تتلقيان التهاني والمباركات من الجميع، في حين وقفت بجانبهما ألفت من ناحية وسلسبيل من ناحية أخرى، وكزت سلافة سلسبيل في خصرها فمالت تلك الأخيرة عليها، همست سلافة تسألها:
- إيه الأخبار؟... ، ابتسمت سلسبيل وأجابت:
- زين يا بت عمي، الفستان طلع كانُّه متفصل عشاني مخصوص، المجاس بالمظبوط يا مرَت أخويْ..
ابتسمت سلافة وقالت:
- طيب الحمد لله، بقولك يا سلسبيل.. ما تنسيش انهرده تلبسي القميص اللي جبتهولك، أوعي تلبسي حاجة تانية.. أنا أمّنتك أهو..
قطبت سلسبيل وأجابت بريبة:
- انتِه بس لو تجوليلي ليه الجميص ديه بالذات؟.. ديه أنت حتى خليتني أحلف أني معشوفوشي جبل ما ألبسه، شيلْتَهْ ابكيسَه من غير ما أفْتَحَهْ بين خلجاتي ابعيد عن يد ليث كيف ما جولتيلي.
غمزتها سلافة وقالت:
- عتعرفي الليلاديْ يا شابة.. المهم تبجي تدعيلي، أللي أني متوكّدة منيه انه جوزك عيدعي للي جابهولك لمن يشوفه عليكي، اوعاكي تجوليلو مين، انتي عارفاني باتْكِسف!..
كانت راوية تقف مبتسمة أمام الناس ابتسامة لم تصل على عينيها، خدعت الجميع بها فتوهمهم بسعادتها بزواج ولديها مع انها أبعد ما تكون من الشعور بأي مقدار ولو بسيط بهذه السعادة، وحدها الجدة فاطمة من كانت تفرأ تعابير وجهها وبسهولة شديدة، وكيف لا وراوية كانت بمثابة ابنتها فقد تربت مع ابنتها عايدة الى أن كبرت لتتزوج عايدة من عدنان شقيقها وتتزوج راوية من عثمان شقيق عايدة، فزادت محبتها لها الى أن عاد رؤوف وأسرته الى كنف عائلته مرة أخرى ووقتها رأت وجه راوية الحقيقي، انسانة حقود قلبها مليء بالحقد والغيرة، ظنت في البداية أن الأمر عائد لترك رؤوف لشقيقتها ولكن زينب نفسها لم تحمل بقلبها أي ضغينة تجاه ألفت، بل أن علاقتها بألفت تتسم بالاحترام والود المتبادل، وبعد تفكير عميق وومضات أضاءت لها من الماضي علمت أن راوية غيور من ألفت، فرؤوف لم يكن بالنسبة اليها ابن عم وعريس أختها المرتقب، كما أنه لم يفضل ألفت على زينب بل أنه فضّلها على راوية نفسها!، تمتمت بينها وبين نفسها وهي ترى النظرات المسمومة التي ترميها راوية باتجاه حفيدتيها ظنّا منها ألا أحد يراها:
- أني واعيالك زين يا مرت ابني، هصبر عليكي يمكنك ترجعي لعجلك، لكن صدجيني لو جلِّيتي عجلك ولا وزّك شيطانك تعمِلي حاجة إكده ولا إكده ما عيجوفلاكيش غيري أناه....
ومن ثم اتجهت الى العروستين لتقبلهما وتحتفي معهما بالضيوف....
كانت النظرات تنصب فوق سلمى وسلافة اللتان أسبغت عليهما فستاني الزفاف جمالا يفوق الوصف، بينما تجلّت سلسبيل بعباءة خمرية موشية أطرافها بنقوش كبيرة على شكل وردات مذهبة، فيما تركت شعرها يسافر خلفها وكانت قد اهتمت المصففة به فكانت المفاجأة أنها قد صبغته بلون البندق فيما لونت عدة خصلات باللون العسلي، وقصّت أطرافه من الجانبية لتتهدل غرّتها مدرجة على جانبي وجهها، فأكسبتها التسريحة الجديدة ولون الشعر فتنة طاغية مظهرة بياضها الملحوظ حتى أن بعض الحاضرات لم يعرفنها واتجهن يتساءلن عنها، حيث لم يتركن سيدة في الفرح لم يسألنها حتى ان عايدة حماتها لم تسلم من أسئلتهن وحينما استفسرت منهن عن سبب الاهتمام بسلسبيل ردت احداهن انها تفتش عن عروس لابنها الذي يرفض الاقتران بأي من بنات عائلته فهو قد درس بالخارج، ولكنها اكيدة أنه ما أن يرى هذه الفاتنة فأنه سيوافق لا محالة!... فأجابت عايدة وهي تضحك أنه لا بد من موافقة من ولي أمرها... لتفاجئهن أن هذه الفاتنة ما هي الا سلسبيل زوجة ابنها وشقيقة العريسين!...
صدح صوت المزمار عاليا وتعالى صوت ضرب النار إيذانا ببدء الزفة، تم زف شهاب وغيث فوق صهوة الخيل وقد ارتدى كلا منهما الزي الصعيدي التقليدي متقلدين عمامة الرأس الشهيرة، وبدأ الحفل برقصهما فوق الخيل، ثم التحطيب حيث أمسك كلا منهما بعصا غليظة وعلى نغمات الربابة والناي بدآ بالمقارعة بالعصيان، لينضم اليهما باقي الشباب، وصدح صوت المنشد بأغاني الفرح المعروفة في الصعيد وهكذا الى أن انتهى الاحتفال بعد منتصف الليل، لينصرف الحضور كلا الى داره، ويتجه العريسين الى الداخل لرؤية عروسيهما للمرة الأولى هذه الليلة، فقد كان المنزل يعج من الداخل بالنساء فلم يستطيعا الدخول إليهما سوى الآن بعد أن رحل الجميع...
وقفت كلا من سلافة وسلمى تتجاذبن أطراف الحديث مع ألفت، وبعض الهمهمات حولهما من سلسبيل والجدة ليسود السكون فجأة فتشحب سلمى بينما تبتلع سلافة ريقها بصعوبة، فقد علمن أن عريسيهما قد دخلا!!!...
مالت سلافة على أذن سلمى تهمس بوجل:
- هي الدنيا برّدت كدا ليه؟...
نهرتها سلمى بهمس:
- هشششش ، مش وقتك دلوقتي!...
اقترب شهاب من سلمى ليقف أمامها يطالعها مسحورا، لم يستطع أن يبعد عينيه بعيدا عنها منذ أن دلف الى المنزل وشاهدها تقف بمثل هذا الجمال والفتنة، أحنى رأسه قليلا مقبلا جبهتها وهو يهمس لها بحب وشى به جميع خلجات وجهه:
- مبروك يا سلمى...
تمتمت بصوت ضعيف ففهم أنها ترد عليه تهنئته، لتتسع ابتسامته ويتأبط ذراعها لتتعالى زغاريد الفرح من سلسبيل والخادمات في حين نظرت فاطمة الى راوية التي قالت بتمثيل متقن ولكنه لم ينجح في خداع فاطمة:
- ماعارفش.. صوتي رايح إكده زي ما ايكون داخلني برد..
أشاحت فاطمة عينيها بعيدا عنها ولم تعلق ليسقط نظرها على حفيدتها الصغرى وهي تسدل رأسها ألى الأسفل في خجل، بينما تقدم منها غيث حيث رفع ذقنها الصغير بطرف سبابته لينظر في عينيها متمتما قبل أن يميل عليها مقبلا جبهتها متأبطا ذراعها بدوره....
اتجه كل زوجين الى طابقهما في حين لحقهم صوت الجدة يقول بفرحة طاغية:
- صينية العشا حداكو فوج، لو عاوزين حاجة ابجوا شيعوا لنا..
فقد رفض كلا من شهاب وغيث أن يصعد معهم أي من أهلهم فاكتفى رؤوف بتهنئة ابنتيه وزوجيهما هو وألفت قبل أن تتجه كلا منهما برفقة عريسها الى منزلها الجديد....
------------------------------------------------
تأفف ليث بغيظ وهو ينظر الى باب غرفة النوم حيث يجلس في الصالة الصغيرة الملحقة بجناحه، يشعر بالضيق من تهرب سلسبيل منه منذ عودتهما من قنا، هو ليس بغر ساذج فسلسبيل تتعمد الابتعاد عنه، أسبوع الآن وهي لا تنام في غرفتهما ملازمة غرفة ولديها متعللة كل ليلة بسبب مختلف، فمرة ابنها يشعر بالمرض فلا بد لها من ملازمته، وأخرى تنام قبل عودته وإذا ما حاول ايقاظها تتعلل بشعورها بالتعب، وآخرها الليلة السابقة حيث كان يعد الدقائق والثوان كي يحتويها بين أحضانه يبثها أشواقه بعد أن شاهدها قبيل ذهابها للاحتفال بالحنة، وقد ذهبت بعقله من شدة جمالها، وما أن عادا حتى قبلته قبلة سريعة على وجنته وهي تهمس له بأنها تشعر بالاجهاد الشديد وأنه لا بد لها من نيل أكبر قسط من الراحة فهي منذ الصباح الباكر ستكون برفقة ابنتي عمها لتحرمه من رؤيتها في زينتها الخاصة بحضور الزفاف، وما زاد ناره تلك الكلمات التي ألقتها أمه على مسامعه بالأسفل قبل صعوده إليها من أن زوجته قد سرقت العيون حتى أن بعض النسوة قد تقدمن يخطبنها بل أن واحدة منهن ذكرت أن ولدها يأبى الزواج ولكنها تقسم أنه أن رآها فهو سيوافق في التو واللحظة!..
ضرب قبضة يده اليمنى براحته اليسرى وهو يغدو ويروح نافخا بضيق، تبًّا.. كيف تنظر أخرى الى زوجته هو بعين خاطبة لها لغيره؟.. بل كيف يتجمع اسم سلسبيل مع ذكر رجل آخر وان كان عرضا وبدون علم هذه السيدة الجاهلة بمن تكون سلسبيله؟.. نار تزداد في جوفه، رمق الباب حيث تختفي سلسبيل وراءه بحنق حين قرر الدخول اليها وليكن ما يكون وعندها رأى الباب وهو يفتح لتخرج منه عروس ملفوفة في طيات كثيرة من قماش أبيض هفهاف فتسمر واقفا يطالعها بينما تقترب هي ببطء حتى وقفت مكانها!..
شعر ليث بأنفاسه وقد سُرقت منه، ليقف فاتحا فاه مبهوتا مما يراه أمامه!... فلم تكن تلك الحورية التي تقف أمامه تطالعه بنظرات خجل وحياء في حين يرسم وجهها آية كبيرة من آيات الفتنة والجمال.. لم تكن هي سلسبيل زوجته، بل كانت عروس قادمة من كتاب ألف ليلة وليلة!...
لاحظت سلسبيل تصنمه في مكانه، فشدت أزرها واقتربت منه بضعة خطوات بطيئة ولكنها واثقة لتقف على بعد خطوات منه وترفع رأسها لتنظر إليه بكل الحب الذي تكنه له وهي تهمس بصوت ناعم:
- مبروك يا عريس!..
وكأن لقدميه إرادة خاصة بهما إذ تقدم إليها ليقف أمامها ثم مد أصابعه لترسم ملامح وجهها على الهواء وهو يرد بذهول فيما اختلجت تفاحة آدم البارزة في عنقه:
- معجول!... عرُوووسة!... انتيْ... انتي عروستي الليلادي يا سلسبيلي.
رفعت وجهها اليه لتطالعه بالشوكولاته الذائبة في عينيها المكحلتين باللون الاسود بينما تحركت شفتيها المخضبتين باللون الأحمر القان لتسلب أنفاسه بينما تهمس له:
- سامحني يا واد عمي، حرمتك من فرحتك بعروستك، ماحدش يستحج يفرح بعروسته جدِّيك، الليث هو اللي يستج عروسة تليج بيه ابصحيح، مش إكده يا ولد عمي؟..
رفع يديه ببطء لتحط على كتفيها وأجابها بينما كان يتجول بعينيه عليها يلتهم كافة تفاصيلها في هذا الفستان الذي سرق أنفاسه بدءا من كتفيها المكشوفتين حيث كان الفستان عار الأكتاف، نزولا الى خصرها حيث يضيق الفستان ثم ينسدل على اتساع حتى الأرض بينما غطت شعرها بطرحة بيضاء انسدلت خلفها فلم يظهر سوى غرتها التي انسدلت حول وجهها، تكلم ليث بصوت مبحوح قائلا:
- أسامحك؟.. أسامحك على حلم عمري اللي حججتيه!.. أسامحك أنك وافجتي تتجوزيني؟.. أسامحك إني أخيرا بجه من حجي أني أنضرك من غير حاجة تمنعني؟.. أني بجه من حجي اني أخدك بين دراعاتي وأحس بنفسك على وشِّيْ!.. أسامحك؟.. سلسبيلي.. الليث عمريه ما كان يتوجع انه عروسته هتكون جطعة من الجومر إكده، أني مش امصدج اللي اني شايفه، أني متوكد دلوك ان ربنا راضي عني عشان رزجني بيكي، انت هادية من ربنا يا سلسبيلي، أني مش جادر...
كان أثناء حديثه يقربها منه شيئا فشيئا فيشعر بطراوة جسدها بين يديه ليبتر عبارته ملتهما شفتيها في قبلة عميقة حملت كل شوقه ولهفته وعشقه الأبدي لسلسبيله...
--------------------------------------------------
جلست سلمى بفستانها فوق الأريكة الموضوعة في غرفتهما، كانت تعقد يديها في حجرها ناظرة اليهما حين سمعت شهاب وهو يناديها ثم دخوله اليها، وقف على مقربة منها وهو يتحدث بصوت أجش:
- انتي لسه مغيرتيش هدومك؟..
لتنهض واقفة وهي ترمقه بنظرات خاطفة وتجيبه:
- أصلي خفت لا تكون عاوز حاجة من الاودة قبل ما أغيّر.
تقدم منها حتى وقف أمامها تماما ورفع يده لينثر أطراف طرحتها البيضاء الى الوراء فتظهر فتحت عنق فستانها الواسعة على هيئة مربع حيث ظهرت عظمتي الترقوة اللتان سحرتاه، ابتلع ريقه بصعوبة بينما يجول بعينيه عليها من قمة رأسها حيث تجمع شعرها في شنيون رقيق أعلاه بينما تهدلت بعض خصلاته الكستنائية حول وجهها، مرورا بذراعيها المكشوفتين حيث كان الفستان بكم قصير الى المرفقين، ويضيق من الأعلى ثم يتسع الى الاسفل بطبقاته المتعددة من الشيفون حتى قديمها الصغيرتين في حذائها الساتاني المرتفع....
مرر أصابعه بطول ذراعيها المكشوفتين لتشعر بقشعريرة تمر بجسدها، فارتدت الى الخلف بسرعة لتدوس على ذيل فستانها فكادت تقع لتتلقفها ذراعيه مانعا سقوطها ضاما خصرها الدقيق اليه، شهقت سلمى في دهشة وخجل وتخضب وجهها حياءا وهربت بنظراتها بعيدا وهي تقول بخفوت واضطراب محاولة دفعه بعيدا عنها:
- طيب لو.. لو مش عاوز حاجة من هنا.. أنا عاوزة أغير هدومي....
ليجيبها الصمت التام، رفعت عينيها اليه لتهالها النظرة التي توسدت عيناه، نظرة جعلت دمها يسيل ساخنا في أوردتها، وتكاد الدماء تطفر من وجهها، بينما اشتد ضغط ذراعيه عليها، فهمست في شبه رجاء وهو يضغطها أقرب اليه بينما افترشت راحتيها صدره العريض محاولة ابعاده:
- شـ... شهاب أرجوك....
لهتف مقاطعا لها في شبه توسل:
- أرجوكِ إنتي....
ويهبط على ثغرها مقتنصا شفتيها في قبلة ملتهبة فيما رفع احدى يديه ليجذب دبابيس شعرها فينطلق الى الاسفل فيدفن أصابعها بين طياته متلمسا نعومته مستنشقا عبيره الذي طالما حلم به، تائها في عالمها هي غير واع لتلك الغزالة التي ترفرف بين ذراعيه محاولة الفكاك منه، ولكن الشوق كان قد استبد بشهاب فلم يعي سوى أن حبيبته هنا أخيرا.. في المكان الصائب تماما.. في أحضانه وبين ذراعيه، يلمسها بيديه ويستنشق عبير أنفاسها!!.....
ابتعد عنها بعد مدة طويلة ليطالع وجهها الذي غدا كثمرة الفراولة الناضجة بينما تحمل شفتيها المنتفختين علامة اجتياحه لها همس بأنفاس لاهثة وهو يسند جبهته الى جبينها الأبيض فيما كانت هي تحاول التقاط أنفاسها الهاربة:
- غيري هدومك واتوضي عشان نصلي ركعتين السنة..
وانصرف سريعا قبل أن يكمل ما بدأه بينما ابتسمت ابتاسمة ترتعش وهي ترفع أصابعها تتلمس موضع قبلته هذا أن أمكن تسمية هذا الإعصار الذي اجتاحها بـ...قبلة!!...
استبدلت سلمى فستانها بثوب النوم الأبيض، عبارة عن قميص طويل من الشيفون يزينه طبقة من الدانتيل من ناحية الصدر ذو حمالات رفيعة للغاية وفوقه روب من نفس قماش القميص، وارتدت فوق ثيابها اسدال الصلاة واتجهت للحاق بشهاب..


كان شهاب في انتظارها بالخارج وما ان رآها حتى اتجه من فوره اليها وسحبها وهو يتجه الى غرفة صغيرة أخرى بها أريكة وسرير صغير فردي والتي هي غرفة الأطفال فيما بعد...
وقفا لتأدية ركعتي السنة يؤمها شهاب وبعد أن انتهى وضع يده فوق جبهتها وقرأ دعاء الزواج" اللهم أني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما جبلت عليه".. وختم بالصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام..
نظر اليها لتفتنه في هيئتها باسدال الصلاة حيث اختفت شعراتها وحده وجهها الظاهر كالبدر في ليلة تمامه، وضع راحته على وجنتها وهمس:
- سبحان الله...، أسدلت سلمى عينيها في حياء وهي تقضم شفتها السفلى، لينزل بابهامه فيبعد شفتها عن براثن أسنانها اللؤلؤية الصغيرة وهو يميل عليها كالمغيب بينما يقول بهمس خشن:
- أخيرا يا سلمى، من أول مرة شوفتك فيها وأنا بحلم باللحظة اللي هتكوني فيها ملكي وبين إيديا... أنا مش مصدق، قوليلي اني مش بحلم!..
لا تعلم أي شيطان تلبسها ففي الغالب هو شيطان سلافة لتقرصه بقوة بغتة فيصيح متعجبا بينما تجيبه بضحكة مكتومة:
- عشان تصدق انه مش حلم!...
ليطالعها في خبث ثم ينهض فجأة واقفا على قدميه مشرفا عليها من أعلى فترفع رأسها اليه في دهشة وتساؤل لم يطول حينما انحنى عليها ليرفعها اليه وهو يحملها بين ذراعيه قائلا بخبث وهو يراقص حاجبيه في مكر:
- لا أنا عندي طريقة أحسن من دي بكتيير تخليني أصدق أنه مش حلم!...
لتحدق فيه بوجل وريبة ولم تلبث أن شهقت في خوف ودهشة وهي تراه يلقي بها فوق الفراش الصغير ويرمي بنفسه فوقها مردفا:
- بيتهيألي الأودة هنا أحسن، صغيرة وملمومة، وسريرها على قدنا مش هتعرفي تفلتي لا هنا ولا هنا..
همت بالكلام ولكنه قاطعها مبتلعا كلماتها مغيبا اياها في عناق طويل بينما امتدت يده لتطفأ ضوء المصباح المجاور لهما...
------------------------------------------------------
طرق غيث باب غرفة النوم عدة مرات وهو ينادي سلافة هاتفا:
- كل ديه يا سلافة ولسّاكي بتغيري اتيابك؟.. بجالك جُرب الساعة دلوك ابتعملي ايه كل ديِه؟.. انتيْ لو كونتي بتتسبحي كان زمانْكي خلَّصتيْ من زمان!..
لتجيبه بحنق من خلف الباب:
- جرى ايه يا غيث انت هتعد عليا الوقت ولا إيه؟.. براحتي، هطلع وقت ما أخلص، اسكت بقه عشان ما اتأخرش!..
ليحدق في ذهول محدثا نفسه بعدم تصديق:
- باه... كل ديه ومعتتأخرش؟.. أومال لو رايدة تتأخر هتخلص ميتة على إكده؟...
ليبتعد ويجلس على الأريكة المواجهة للباب وهو يعض على أنامله غيظا وقهرا من هذا الشيطانة الصغيرة، لن ينسى أبدا ما أصابه حين أغلق باب المنزل خلفهما، وقف يطالعها في حين انزوت هي بعيدا عنه تسترق اليه النظرات في ريبة ووجل بينما يبادلها النظرات بأخرى غير مصدقة أن ذلك الملاك الذي فتح له الباب حيث صعد للسلام على عمه عند قدومه للبلد أول مرة والذي أسره منذ اللحظة الأولى، هذا الملاك هو ملكا له الآن، يقف أمامه على بعد خطوات منه، يكفي أن يمد يده ليلمسه ليتأكد أن حبيبته التي خطفت أنفاسه حقيقة تتجسد أمامه، لم يصدق عيناه، أخيرا هي وهو بمفردهما ويجمعهما سقف واحد!.. هل هذه هي عروسه التي كاد أن يجن لأجلها!..
نعم.. ها هي تقف أمامه محاطة بطبقات من القماش الأبيض الذي يكسوها بدءا من جذعها العلوي حيث يلتصق بحناياها الأنثوية، ويتسع في الأسفل مشكلا حلقة كبيرة حولها، بينما ذراعيها البضتين يخطفان عيناه فكميّ الفستان قصيرين للغاية لا يكادان يتعديا الكتفين، بينما طرحتها البيضاء تنسدل بطولها وتفترش الأرض بعيدا عنها بعدة أمتار!!..
تقدم منها وهي لا تزال واقفة في مكانها تطالع تقربه منها بريبة، بينما يتساءل بينه وبين نفسه.. هل هذه هي التي ناغشت قلبه بشيطنتها حتى أصبح عبدا في محراب عشقها لا يتنفس الا هواها؟.. مالها تنتفض هكذا كالريشة في مهب الريح؟..
ليواصل تقدمه منها بخطوات بطيئة بينما وقفت هي في أقصى الغرفة تحيط جسدها بذراعيها، تسترق النظر اليه بخوف ووجل، أين ذهب لسانها الآن؟.. لقد تحدّته أنه لن يستطيع إتمام الزواج كما أراد وقبل تحدّيها مؤكدا لها أن زفافهما سيتم لحظة نجاة ليث شرط أن الفائز يكن له ما أراد.. وهو أرادها هي!!.. تقف متطلعة إليه في ريبة، في حين يقف مواجها لها الآن، تكاد تراها في عينيه، تستشعرها في الشرارات التي تصدر منه وهو يطالعها في سكون بينما تخرج أنفاسه الساخنة تلهب وجنتيها!!..
مد إصبعه ليزيح جانبا خصلة طويلة من شعرها أحاطت بوجهها، فحاولت إبعاد وجهها عن ملمس يده الخشنة، فما كان منه إلا أن ثبت عنقها من الخلف بيده بينما رفع ذقنها بيده الأخرى ثم نظر في عينيها ليتيه في ليلهما السرمدي ليتحدث بصوت خفيض هامس متحشرج ينبأ بعاصفة هوجاء لا تبق ولا تذر ستجرفها في إعصار عشقه لا محالة، همس قائلا:
- مبروك يا عروسة!!..
هربت بعينيها بعيدا بينما سلّط نظراته على شفتيها اللتين تلمعان بلون ثمرة الفراولة الطازجة.. تستفزاه ليسارع بقطفهما، لعقت شفتيها بلسانها لترطب حلقها الجاف وتحدثت بصوت مضطرب خافت قائلة:
- الله.. الله يبارك فيك...
كان قد عقد العزم على أن يمهلها الى أن تعتاد عليه وعلى عشقه اللا متناهي لها، ولكنه لم يستطع الصمود!!.. تلك الجنية الصغيرة قد ذهبت بعقله، فوجد نفسه لا يستطع الانتظار ولو لدقيقة واحدة، يقسم أنه سيموت إن لم يتذوق رحيق شفتيها والآن!.. هو لا يستطيع الصبر أكثر من ذلك، فما هو إلا عاااااشق حتى النخاع.. يشعر بدمائه تجري حاااارة.. سااااخنة في عروقه، تلهب سائر جسده، وسيكون ملعونا إن لم يطفئ هذه النيران بعذْب حبها، فإما أن تنجح هي في إطفاء نيرانه أو ينجح هو في إشعال نيرانها!!...
لينال أخيرا ما كاد يموت شوقا إليها، محتويا خصرها الضامر بين جوانحه، معتصرا جسدها بين ذراعيه، متذوقا لرحيق شفتيها، كان غائبا في لذة عناقها العذب غير واعي لرفرفتها كالعصفور بين يديه، حتى إذا انتبه وابتعد عنها تاركا لها حرية التنفس أخيرا، شهقت عاليا طلبا للهواء، ثم ناظرته بليل عينيها الذي خطف أنفاسه، حاول تهدئتها وهو يرى شحوبها الواضح، فهو لا يريجها خائفة، بل يريدها راغبة.. مشتاقة... لتتذوق حلاوة اللحظة التي تجمعهما الى الأبد...
أجبر نفسه على الابتعاد عنها وهو يطلب منها بصوت خشن أن تذهب لاستبدال ثيابها وهو سينتظرها، ومن وقتها وهي تحبس نفسها في الداخل تاكرة له وشوقه إليها يكاد يرديه قتيلا في الخارج!!...
صوت تكة بسيطة في قفل الباب جذبت انتابهه ليراها تخرج وهي تتغطى من أعلاها ألى أسفلها باسدال صلاة وردي، وقبل أن تتكمل سبقها قائلا بلهفة:
- ثواني... هبدل اتيابي وأجي عشان نصلي ركعتين...
أنهى صلاته التي تلاها بصوت كله خشوع ثم قرأ دعاء الزواج وقبل أن ينهض من مكانه كانت هي قد سبقته ودخلت الى الغرفة حيث صلّى بها في غرفة الجلوس، وما أن لحقها حتى كانت تغلق الباب خلفها وتوصده بالمفتاح، وضع يده على مقبض الباب وهمس:
- سلافة.. افتحي الباب..., ولكنها رفضت قائلة بجدية مصطنعة:
- معلهش يا غيث، تعبانة وعاوزة أنام، تصبح على خير..
ليحدق ببلاهة في الباب الخشبي أمامه وهو يردد بخفوت:
- تصبح على خير!!!..
ليحرك مقبض الباب عدة مرات وهو يهتف بصوت أعلى قليلا:
- بجولك إيه يا بت عمي، أني كومان عاوز أنام، افتحي الباب بجاه!..
كانت سلافة قد خلعت اسدال الصلاة ليظهر قميصه نومها الأبيض الشيفون قصير للغاية فوق الركبة، بحمالة رفيعة وفوقه روبه من نفس القماش ومطرز بالدانتيل وحبات اللؤلؤ عند منطقة الصدروعلى الأكمام بينما ياقته مزدانة بكشكشات من الشيفون....


لم ترد عليه واكتفت بتمشيط شعرها ووضع بضع قطرات من عطرها الجذاب وهي تقول في نفسها أنها عروس ويجب أن تدلل نفسها، اتجهت للنوم فوق فراشها الوثير حين سمعته يسألها من وراء الباب أين تنتظر منه أن ينام فأجابته بكل ثقة:
- عندك أودة الضيوف يا غيث، معجبتكش انزل الجنينة تحت، هواها يرد الروح، تصبح على خير يا ابن عمي...
ضيق عينيه هامسا بوعيد:
- إكده يا سلافة، ماشي... انتي اللي جبتيه لروحكي!..
لم يكد يمر بعض الوقت حيث بدأت سلافة في الاستسلام للنوم حين شعرت بشيء قوي يلتف حولها ففتحت عيناها بقوة في رعب من ماهية هذا الشيء لتفاجأ بعينين تشتعلان تطالعانها بتوق شديد، حاولت التحدث أكثر من مرة وكأن صوتها قد هرب منها، وما أن استطاعت النطق حتى قالت بصوت خرج مهزوزا مرعوبا:
- غيث أنا....، ليقاطعها بأنفاس ساخنة تلهب بشرة وجهها فيما يشرف عليها مائلا فوقها:
- ولا كلمة.. اتحدتي كاتير يا سلافة، دلوك بجاه، وجتك انك تسمعي مني وبس!..
همت بالكلام حينما مال عليها ملتقطا كلماتها بقبلة نارية ليرحل معها في عالم جديد عليها لم تكن تتوقع وجوده أبدا!!!!!!!!..
------------------------------------------------------
كادت سلسبيل أن تبكي وهي تقف تشاهد تلك القطعة الصغيرة التي بين يديها وتنقل نظراتها بينها وبين باب الحمام حيث ينتظرها ليث خلفه وكانت قد طلبت منها أن ينتظرها قليلا فلا تزال مفاجأتها له لم تنتهي لتدلف الى الحمام لاستبدال فستانها حاملة الحقيبة البلاستيكية التي تحتوي ثوب النوم الذي أهدتها إياه سلافة وجعلتها تعدها أن ترتديه الليلة، ولم تكن قد رأته قبلا، كيف ترتدي هذا الشيء الذي يطلق عليه خطأ اسم ثوب!.. رباه هي لا تعلم ما الغرض منه فهو لا يكاد يخفي شيئا؟!!.. إذن فلتخرج عارية فسيان سواء لبسته ام خلعته؟!... وبالفعل فلو لم تلبسه فإن البديل أن ترخج عارية فلم تُحضر معها الى الحمام سوى هذا الثوب وليس من المعقول أن تطلب من ليث أن يناولها ثوبا لها، وهو ينتظرها على أحر من الجمر خارج هذا الباب...
استغفرت في سرها وهي تشتم سلافة هامسة:
- أِوفك فيكي يوم يا سلافة روحيْ، بجاه ديه عاملة تعمليها فيّا؟.. لكن ان شاء الله خويْ يطلعهم منِّكي!..
ثم أردفت وهي تمسك القطعة الصغيرة بيديها تكاد تنوح:
- ودي علبسه كيف ديه؟..
صوت طرقات نبهتها تبعها صوت ليث يقول بمرح:
- ايه يا سلسبيلي انتي نمتي ولا إيه؟..
لتجيبه:
- لاه لاه.. طالعه أهاه!...
وأسقط في يدها فلبسته وهي تتحسبن على سلافة في سرها!!...
تطلعت الى مرآة الحمام غير مصدقة لما تراه، تلمست بيدها قماش القميص الذي لا يكاد يغطي جسدها ولكنه يبرزه في صورة مثيرة، من قماشه المصنوع من الشيفون والذي يشف ما تحته بسهولة ولكن بغموض فغدا كالسهل الممتنع، بلون الوردي الباهت الذي يصل الى أعلى فخذيها، يغطي منطقة الخصر طبقة من الدانتيل فوقها شريطة باللون الوردي الغامق، وإلى هنا ينتهي الثوب!!!...


أسدلت شعرها بلونه الجديد ورشت بضعة قطرات من العطر الذي أهدته لها سلمى، قبل أن تسمي بالله وتفتح الباب، لتقف متوارية خلفه وهي تنادي ليث هاتفة:
- ليث.. غمِّض عينيك!..
ابتسم ليث وشعرت بصوته أقرب وهو يقول:
- باه، احنا هنلعبو ولا ايه؟...
تكاد تبكي وهي ترجوه:
- عشان خاطري يا ليث غمّض!..
أدار ظهره اليها وأغمض عينيه وهو يقول:
- أها يا ست البنات، غمضت وعطيتك ضهري كومان..
اطمأنت وخطت خارجا وهي تتنفس براحة واقتربت منه عدة خطوات لتفاجأ به يستدير بغتة ودفعة واحدة وهو يهتف بجزل:
- أهاه.. شو..فـ... تـ.. ك!!!!
كادت أنفاسه أن تختنق وهو يراها على مثل هذه الصورة، حتى أنه لفظ كلمته بتقطيع شديد...
شهقت في خجل لتضم ذراعيها الى صدره وهي تنهره بينما يتقدم منها كالمسحور:
- أني مش جولتلك اتغمض عينيك؟.. إكده برضك يا ليث؟..
تحدث بصوت مذهول وهو يرفع يديه يمررها على أنحاء جسدها بنعومة شديدة وكأنه لا يصدق ما تراه عيناه، يخشى أن تطرف عينه فيضيع الحلم الذي يتجسد أمامه!.. قال بذهول:
- أغمض إيه؟.. أنتي ناوية عليّ الليلاديْ يا سلسبيلي؟..
هتفت سلسبيل وهي تكاد تبكي بينما اصطبغ وجهها بلون أحمر زادها فتنة:
- بعّد يا ليث، أني عروح أجيب لي حاجة تانية أغير الخلجات ديْ!..
وما أن همت بالمرور من جانبه حتى سارع بالقبض على ذراعها يقربها اليه بينما ذراعيها تضمان جسدها لتخفي مفاتنها البارزة له فيما قال بصوت أجش:
- تغيري إيه؟.. يمين بالله ما انتي جالعاه، واذا عاوزة تغيريه ماحدش عغيرهولك غيري!!..
شهقت عاليا في حين امتدت يده يبعثر خصلات شعرها حولها وهو يتابع بذهول:
- انتي اعملت كل ديه وجت ايه؟...، أسدلت عينيها لتجيبه بهمس:
- انهاردِه.. المزيّنة اللي جات عشان اتزوج العرايس هي اللي عِملت لي اكده...
اقترب منها حتى اختلطت أنفاسهما وقال ويداه تمتدان لتطوقان خصرها بينما يمس بشفتيه صدغها لتغمض عينيها حيث بدأت تتوه في عالم ليثها:
- الجمال ديه كلاته ملكي وبس...
لينحني فجأة يضع ذراعا أسفل ركبتيها والآخر خلف كتفها يرفعها عاليا وهو يردف:
- الليلة فرحك يا أحلى عروسة في عيلة الخولي...
اتجه بها الى الفراش حيث وضعها بنعومة وسط أغطيته الناعمة ثم مال عليها ليهمس أمام شفتيها:
- جوليها يا سلسبيل.. رايد أسمعها من خشمك اللي كيف خاتم سليمان ديه...
ابتسمت بنعومة وهمست وهي تحيط عنقه بذراعيها تاركة مفاتنها تظهر أمامه بوضوح وقد علمت ما الذي يريد منها قوله:
- بحبك.. بحبك يا ليثي!...
ليزمجر بخشونة زمجرة ليث قد قتله العشق وأضناه الشوق إلى أنثاه ويهبط اليها ليحملها معه إلى العالم الذي لم يسبق لها وأن اختبرته قبلا مع غيره... عالم ليثها وحده!!...
- يتبع -

 
 

 

عرض البوم صور منى لطفي   رد مع اقتباس
قديم 21-12-16, 11:51 PM   المشاركة رقم: 182
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قاريء مميز


البيانات
التسجيل: Dec 2014
العضوية: 285617
المشاركات: 759
الجنس أنثى
معدل التقييم: مملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1593

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مملكة الغيوم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى لطفي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: كبـير العيلة

 

السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك منمن ادام الله الافراح:djparty :

 
 

 

عرض البوم صور مملكة الغيوم   رد مع اقتباس
قديم 24-12-16, 01:04 PM   المشاركة رقم: 183
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2011
العضوية: 216585
المشاركات: 468
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1595

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى لطفي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى لطفي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: كبـير العيلة

 

كبير العيلة
الحلقة (30)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
رفرفة ناعمة فوق جفونها جعلتها تشيح بيدها أمام وجهها دون أن تفتح عينيها، لتشعر بها فوق أرنبة أنفها، فتحرك يدها لإزاحة هذا الشيء السخيف المصر على إيقاظها وهي تتأفف وتتقلب لترقد على بطنها نومتها المفضلة، صوت خشن وصل مسامعها جعلها تقطب بشدة في نومها ولكنها لا تزال متمسكة بأهداب النعاس، لتشعر بشيء خشن يمر فوق جبهتها ويتلاعب في شعرها فتنفخ في ضيق متمتمة بسخط طفولي وعيناها لا تزالان مغمضتان:
- أووف، وبعدين يا سلمى، هقوم لك انتي حرّة..
ليطرق سمعها الصوت الخشن بوضوح هذه المرة وهو يقول بتلاعب:
- وأناه هاعوز إيه أكتر من أكده... جومي لي يا بت عمي!..
لتفتح عينيها على وسعهما وقد فر النوم فجأة ملتزمة السكون لثوان وكأنها تتأكد مما سمعته، قبل أن تردد بذهول وهي مقطبة:
- بت عمي؟!... الصوت دا مش غريب عليّا!!..
وتشهق بعدها عاليا وقد استعادت وعيها لتتذكر أنها لا تنام في غرفتها هي وسلمى بل في غرفتها الجديدة بمنزل الزوجية وتحديدا على فراشها هي و... غيث!!!!....
وما أن طرأ اسمه على بالها حتى انقلبت على ظهرها لترى عينان سوداوين تطالعنها بشوق فيما ابتسامة ماكرة تتراقص على فمه المظلل بلحية خفيفة، احمر وجهها بشدة، وهي تهمس بتلعثم:
- غـ.. غيث!...، مال عليها غيث وهو يقول أمام وجهها المتخضب بحمرة الخجل:
- صباح الانوار عليكي يا جلب غيث، صباحية مباركة يا عروسة!...
هربت بعينيها وهي تجيبه بخفوت:
- صباح الخير....
وحانت منها نظرة الى نفسها لتفاجأ وأنها ترقد أمامه لا يسترها الا غطاءا خفيفا قد انحسر من عليها، لتشهق مجددا ولكن بذهول وهي تحاول جذب الغطاء الى أعلى بلهفة مخنوقة ليضحك غيث وهو مستمتع بخجلها الأنثوي الرقيق ويقول:
- إيه بتخجلي منِّي؟.. وبعدين مالوش عازة انتي ناسية اني راجد جارك تحت ذات نفس الغطا؟!!!..
حدقت به برعب وكأنه كائن خرافي قبل أن تستوعب عبارته جيدا، ليفقد وجهها لونه وهي تهتف بحنق محاولة الابتعاد عنه بلا طائل فهو يميل عليها مثبتا الغطاء حولها:
- ايه؟!... وازاي أساسا تسمح لنفسك بحاجة زي كدا؟..
ليحين دوره هو في النظر إليها بذهول صرف قبل أن تطلق ضحكة رجولية عميقة منه دغدغت أوصالها رغما عنها فأشاحت بوجهها جانبا بينما أجاب:
- اسمح النفسي؟.. أنتي ناسية اننا متزوجين؟.. والبارحة كان فرحنا؟.. ، ثم تابع غامزا بخبث:
- واللي حوصل بعد الفرح؟.. لالا اوعاكي تنسي، اخصوصي اللي حوصل بعد الفرح!!...
ليتخذ وجهها لوحة من اللون الأحمر بتدريجاته المختلفة بدءا من الأحمر الشاحب وحتى الغامق شديد الوضوح!... أجابت بحنق وهي تحاول دفعه بيدها واضعة راحتها الصغيرة فوق كتفه العار:
- طيب.. طيب.. ممكن تبعد شوية عشان عاوزة أقوم.
ولكن ما أن لمست يدها بشرته العارية حتى سارعت بسحبها بعيدا فقد شعرت وكأنها لمست سلكا كهربائيا عار، نظر اليها بمكر يلاعب حاجبيه الكثيفين وهو يقول ببراءة مزيفة:
- لاه.. الاول لازمن تصبحي عليّ..
قطبت قائلة:
- أصبح عليك؟... احنا هنصبح كم مرة؟.. انا لسه قايلالك صباح الخير حالا!!..
مال بوجهه حتى لفحتها أنفاسه الساخنة وهو يجيبها فيما تغيرت وتيرة أنفاسه التي تسارعت فقطبت في ريبة خاصة وقد تسلطت عيناه على ثغرها الوردي:
- لاه... العرايس معيصبحوش ع الناشف إكده!..
وقبل أن تهم بالكلام كان قد التقط شفتيها في قبلة عميقة سحبت أنفاسها وجعلت يدها التي تتشبث بحافة الغطاء تتهاوى قبضتها ليحكم ذراعيه حولها مغيبا لها في عناق قوي، وما أن أفلتها ليستطيعا التقاط أنفاسهما الهاربة حتى نظر اليها يقول بأنفاس ثائرة:
- إكده صباح العرايس، بوسة الصبح، صباح الخير يا عروسة.
أجابته بصوت صغير وأنفاس متعثرة فيما شفتيها المنتفختين تحملان أثر هجومه الكاسح:
- دي... بوسة!!!!!!!....، أحاط وجهها براحتيه الخشنتين وهو يهمس أمام شفتيها:
- ودلوك بجاه... لازمن أفَكِّرِكْ باللي حوصل ليلة فرحنا، شكلك إكده نسيتي وديه مش حلو في حجي!..
لتتسع عيناها ذعرا وهي تهتف برجاء:
- لالالالا... مين قا........, ولكنها لم تتم عبارتها إذ بدأ غيث في إعادة أحداث الليلة السابقة وبالتفصيل الممل والشرح الوافي، ففي الإعادة.. إفادة!!! (فيس بيغمز)..
--------------------------------------------------------
تمطى في نومه ثم مد يده يتحسس الفراش بجانبه ليفاجأ بالمكان خال، ليصحو تماما ويعتدل جالسا ينظر في أرجاء الغرفة حوله ليقابله الفراغ، ينادي بصوته:
- سلمى.., ولكن الصمت كان هو الجواب، قطب ليقفز ناهضا ويرتدي سروال منامته ثم يتجه الى خارج الغرفة للتفتيش عنها!.
وقف يستند بكتفه الى جدار باب المطبخ في حين لم تنتبه اليه، ابتسم ابتسامة حانية وهو يراقبها وهي تقف مولية إياه ظهرها تمسك بقدح قهوتها الصباحي عشقها الأبدي، تستنشق رائحته وهي مغمضة عينيها قبل أن ترتشف منه رشفة طويلة وكأنها تمنح قدحها قبلة الصباح!.. رفعت قدحها لترتشف رشفة أخرى عندما لاحظت أن هناك ما يمنعها من اعادته الى شفتيها، قطبت وفتحت عينيها لتطالعها عينان رماديتان يمسك صاحبهما بالقدح مانعا وصوله الى ثغرها الوردي، مال عليها وهو يهمس أمام وجهها:
- اللي يشوفك وانتي بتشربي قهوتك يفتكرك بتهمسي للفنجان وبتصبحي عليه!..
فتحت عينيها دهشة فيما تناول القدح من يدها ووضعه جانبا قبل أن يحيط وجهها بيديه مردفا أمام شفتيها العنبريتين:
- اعرفي أنه أول حد تصبحي عليه بعد كدا.. يبقى جوزك.. أنا!..
همّت بالكلام عندما عاجلها بابتسامة زادته وسامة:
- لكن سماح المرة دي، وخلي بالك أنا بغير، أوعي أشوفك تاني بتشربي القهوة بالطريقة دي، هحلف يمين ما عدتي شرباها تاني!!..
سلمى بابتسامة مذهولة:
- انت بتتكلم جد؟.. بتغير من ماج قهوة؟..
نظر اليها رافعا حاجبه وهو يرد بسخرية:
- ماج قهوة؟.. ولو كوابية مايّه كمان!!...
سكتت رافعة كتفيها وهي تطالعه باستغراب ليميل عليها وهو يردف بصوت أجش:
- انتي لسه بردو ما صبحتيش عليا، لكن مش مهم.. أصبّح أنا على أحلى عروسة!
لم يمهلها الفرصة للكلام ومال عليها مقتطفا ثغرها في قبلة عاصفة ولكن بحنان، قوية ولكن برقة، حتى أن الدموع كادت تطفر من عينيها لروعة الأحاسيس التي حملتها إليها، فما كان منها إلا أن طوقت عنقه بذراعيها العاريتين ليعتصر جسمها الرقيق إليه فتلامس عضلات جذعه العلوي القوية، لتندلع الشرارة، فيحملها شهاب من بين قبلاته النارية ويضعها فوق طاولة المطبخ حتى إذا ما لمست بشرتها العارية السطح الرخامي البارد إذ بها تُبعد فمها عن اكتساحه القوي لها وتشهق هاتفة بصوت متقطع:
- لا.. اسـ.. استنى بس، شها..., ليلتهم آخر حرف في اسمه من فوق شفتيها غير سامحا لها بإكمال عبارتها، فحاولت دفعه وهي تبعد وجهها عنه في قوة وهي تهتف:
- يا شهاب مش كدا؟... رفع رأسه وعيناه تطالعانها بجمرتين مشتعلتين وهو يقول بأنفاس لاهثة وصوت خشن بينما يداه تتلمسان مفاتنها البارزة:
- استنى إيه؟.. ، ليميل عليها ثانية فتدفعه براحتيها الصغيرتين في كتفيه هاتفة:
- يعني أنا مش مكتوب لي أدخل في أودتي زي باقية العرايس اللي خلقهم ربنا؟.. امبارح في أودة الضيوف ودلوقتي في المطبخ!!... وبعدين.. الرخامة سائعة أوي، أخس عليك يا شهاب!..
نطقت آخر عبارتها بدلال أنثوي أطار البقية الباقية من تماسك شهاب الذي سارع بحملها بين ذراعيه قائلا بلهفة:
- يا سلام، بس كدا؟... ليكي عليا الـ تلاتين يوم شهر عسل ما نخرجش فيهم من الأودة!!..
دفنت وجهها في عنقه الضخم خحلا من كلامه لتعلو ضحكته التي خفتت ما أن دلفا الى غرفة النوم مغلقا الباب بقدمه بدوي عال!!...
------------------------------------------------------
تجلس بجواره تقوم بإطعامه بيدها كالطفل الصغير، حاول مرارا جعلها تتناول هي افطارها وهو سيتابع تناول طعامه ولكنها رفضت وبشدة، نظر اليها بحب بدءا من شعرها المتناثر حولها بلونه الجديد وخصلاته الندية، مرورا بثوب نومها الجديد الحريري بلونه الأحمر، عار الذراعين بفتحة عنق واسعة شبه دائرية مزمومة مزينة بربطة على هيئة فراشة في منتصف الصدر، كانت تضع قطعة من الخبز المغمس بالجبن الأبيض الحادق حينما هم ليث بقضم أصابعها فشهقت وأبعدت يدها بعد أن دفعت باللقمة الى فمه وهي تضحك، ما أن ابتلع لقمته حتى أمسك بيدها مقبلا أناملها الطرية لتشر بخشونة ذقنه النامية بينما يحكّها شاربه الكث الخشن على نعومة بشرتها، ضحكت بخجل فيما همس وهو يطالعها غارقا في سحر عينيها:
- ربنا ما يحرمني منيّكي يا سلسبيلي...
أفلتت يدها بصعوبة وتمتمت وعينيها ترسلان إليه نظرات حب صادقة:
- ولا منيِّكي يا ليثي....، ثم أسبلت عينيها خجلا من جرأة عيناه التي لم تعتادها بعد على الرغم من أنها ليست عروس جديدة ولكن عيناه كفيلة بجعل العجوز تشعر وكأنها صبية ابنة ستة عشر ربيعا!.. قالت بخفوت:
- صحيح يا ولد عمي، انّهاردِه صباحية أخواني، رايدة أروح لهم مع أمي عايدة حبة إكده.. بعد الضحى إن شاء الله، تسمح لي؟..
ابتسم ليث وأجاب وهو يميل بوجه إليها فيما يقترب منها أكثر إذ تجلس بجواره على الأريكة أمام الطاولة الصغيرة التي تحمل طعام الإفطار:
- ممكن يا بت عمي، لكن... إبشرط!..
قطبت وقالت بشبح ابتسامة صغيرة:
- شرط؟!!.. شرط إيه يا ترى؟..
أجابها بهدوء مغلف بحزم:
- شعرك ديه تلمِّيه وما عتكشفهوش واصل، حتى لو جودام الحريم، ومن هنا ورايح اخروجك برات البيت بتوبك الاسمر حتى لو عتروحي افراح، توبك الأسمر وترحتك السمرا!..
قطبت سلسبيل وهتفت باستنكار:
- كيف ديه؟.. عاوزني أروح فرح بتوبي الاسمر؟.. بالملس يا يلث؟..
حرك رأسه ايجابا وقال بثقة:
- إيوة، بالملس يا سلسبيل!.. يا إكده يا مالكيشي اخروج من اهنه، لا ومش بس إكده.. من غير أحمر ولا أخضر ولا زواج من أصله!..
حاولت سلسبيل فهم سبب هذا القرار التعسفي فقالت وهي تبتسم باستعطاف:
- طب أفهم الاول، ايه اللي حوصل لكدِهْ؟..
ليث بجدية:
- ديه أمر يا سلسبيل، عتكسري أوامري؟..
سلسبيل وقد شعرت بالغبن:
- لاه يا ولد عمي، لا عشت ولا كونت يوم ما أكسِّر كلمتك، لكن رايدة أفهم ليه دا كله؟..
ليث بنصف عين وقد داهمه الغضب لدى تذكره لكلمات أمه ليلة أمس:
- تنكري انه فيه حريم كانوا رايدين يخطبوك وكلموا أمي؟..
طالعته بغير تصديق بينما لم تستطع منع ابتسامة ناعمة من الظهور على ثغرها الوردي:
- ليث.. ديه حاجة عادية، بتحوصل في الافراح كلاتها، وبعدين الحرمة لمن عرفت اني أبجى مراتك اتأسفت لعمتي الحاجة، مافيش حاجة حوصلت لزعلك جوي إكده، ولا.. ديه غيرة ديه ولا إيه؟..
زمجر ليث وأحاط وجهها الصغير براحتيه يتلمس بابهامه الخشن وجنتيها الناعمتين:
- إيوة بغير، ايه رايك بجاه؟.. سلسبيل هي كلمى ورد غطاها.. خروج من اهنه بتوبك الاسمر وشعرك ديه اتغطيه ما في حد ينضره غيري ولا تجوليلي امي ولا اخويا ولا حتى ستّي، ولا أي حريم واصل، مفهوم!..
مسكت يديه براحتيها ونظرت في عينيه ليغرف في بندقي عينيها قبل أن تقبل باطن راحتيه بشفتيها الطريتين قبل أن تطالعه بنظرات عشق خالص هامسة بحب:
- كلمتك سيف على رجبتي يا ولد عمي، لو رايد ما خاطيش برجلي برات البيت واصل اني من يدك ديْ ليدك ديْ..
همس ليث بقوة:
- بحبك يا بت عمي....، همت بالرد عليه حينما ابتلع كلماتها في قبلة طويلة ملتهبة، وكان على ذهاب سلسبيل لتهنئة أخويها الانتظار لوقت آخر!...
---------------------------------------------------
اغتسلت سلافة وأبدلت ثيابها لترتدي فستان من القطن بحمالات عريضة فوق الركبة أبيض بنقوش وردية على هيئة أزهار صغيرة وأسفله بلوزة قطنية وردية اللون، وبنطالا أبيض كتاني يلتصق بساقيها، وحذاء أبيض بكعب رفيع عال مفتوح، وزينت خصلات شعرها الأسود الرطب بشريط ستان باللون الوردي، واكتفت من الزينة بماسكارا سوداء وحمرة خدود خفيفة وأحمر للشفاه باللون الوردي، وشرت بضعة قطرات من عطرها الخاص برائحة الورود، حالما انتهت ورضيت عن صورتها في المرآة لحقت بغيث الذي تركها لتبدل ثيابها لتكون جاهزة لاستقبال المهنئين، لحقته الى غرفة الجلوس حيث كان جالسا يقلب في قنوات التلفاز، وما أن وقعت عينا غيث عليها حتى حدق بها بانشداه ونهض واقفا وهو يهمس:
- بسم الله ما شاء الله، سبحان من صورك..
ابتسمت سلافة في حين اتجه اليه وقبض على يدها يجذبها الى الداخل، ثم نظر اليها مفصّلا إياها من أعلى رأسها الى أخمص قدميها، ليقول بعد ذلك بصوت أجش:
- انتي.. عتجابلي الناس إكده؟..
ضحكت سلافة ضحكة صغيرة وحركت كتفيها وهي تجيب:
- اكيد يا غيث، مش عروسة بقه؟!!...
حرك رأسه بنفي قاطع قائلا:
- لاه... بدلي تيابك!..
قطبت سلافة وقالت بنص ابتسامة مرتابة:
- أبدل اتيابي؟.. انت بتهزر صح؟..
نفى بحركة من رأسه مؤكدا بثقة:
- لاه.. غلط!.. اني بتكلم جاد وجاد الجاد كومان، انتي ما شايفاشي نفسك؟..
عقدت ذراعيها وفي ثوان كان طبعها الحاد قد بدأ بالظهور وهي تهتف من بين أسنانها:
- ومالها نفسي بقه يا غيث؟.. وحشة؟.. ولا يمكن هكسفك قودام الناس؟!!..
هتف بها:
- انتي مجنونة؟!... تكسفي مين!.. لو عليا أني.. ما رايدشي حد ينضرك واصل!..
قطبت قائلة:
- مش فاهمه يعني دا مدح ولا ذم؟..
مال غيث على وجهها حتى لفحته رائحة عطرها المنعش بينما رأت انعكاس صورتها بين فحم عينيه المشتعل وما أن ضربته رائحة عطرها حتى أغمض عينيه وهو يهمس:
- صبرني يا رب...
ثم فتح عينيه وطالعها هاتفا من بين أسنانه:
- سلافة.. لو رايدة تكوني جاهزة عشان تجابلي الناس اللي جايين يباركوا، أحسن لك اتبدلي تيابك ديْ، لأني ما اضمنشي لو استنيتي جودامي كومان دجيجتين وانتي بالمنظر ديه ايه اللي ممكن يوحصل، بس اللي اجدر أجولهولك انك ما عتكونيش جاهزالهم واصل!!..
سكتت قليلا تطالعه بعدم فهم لثوان حتى إذا فهمت ما يرمي إليه تخضب وجهها بحمرة قانية وهتفت بحنق:
- غيث، عيب كدا!..
نظر اليها كمن يطالع كائن خرافي قبل أن ينفجر في ضحكة عميقة ويقول:
- عيب؟!.. وايه العيب في اللي بجوله؟. مرَتيْ وماحدش ليه عندينا حاجة!...
حاولت الابتعاد من أمامه وهي تزمجر في حنق حينما اعترض طريقها، ليمنعها من المرور فكلما اتجهت يمين أو يسار وجدته أمامها أو يسار، لترفع رأسها اليه وهي تقول:
- مش وقته يا غيث، ابعد من وشِّي بدل ما أدخل الاودة وأقفل عليّا وخليك قاعد لوحدك لغاية ما الناس تيجي!..
أحاط بخصرها براحتيه اللتن شعرت بسخونتهما تعبر القماش لتنشر الحرارة في سائر جسدها، همس أمام شفتيها غامزا بخبث:
- ما أنتي شوفتي بعنيكيْ اني مايعصاشي علي باب مجفول ولا جفل مصوجر كومان!..
سلافة بحنق طفولي:
- لا طبعا هنسى أزاي؟.. وانا أقدر انسى الخضّة اللي خضتيهالي امبارح!..
أطلق غيث ضحكة مرحة وأجاب:
- أعملك إيه انتي اللي فاكرة نفسيك اللي بتعرَفي اتفكري وبس، وناسيتي انه كل مفتاح منيه تلات نسخ، وحظي كان حلو لمن لاجيتك شايلة المفتاح من الباب، بجيت سهلة وبسيطة، وعشان تبجي مطمنة، أني شيلت المفاتيح كلاتها، ايه رايك بجاه؟!!...
حدقت فيه بذهول وهي تكرر وقد أوشكت على البكاء:
- شيلت المفاتيح كلاتها؟...، هز برأسه موافقا وهو يكتم ضحكته بصعوبة، فتابعت في تساؤل:
- ليه طيب يا غيث؟...، همس فيما عيناه تنصبان على شفتيها الممتلئتين بلونهما الشهي:
- عشان أني ما أضمنكيشي يا بت عمي، عارفك وعارف إجنانك...
لتطير ريبتها وقلقها أدراج الرياح وتقطب هاتفة بنزق:
- نعم؟.. قصدك تقول أني مجنونـ....
ولم تكمل إذ أسكتها بأقصر الطرق وأحبها إلى قلبه!!..
صوت رنين بعيد طرق سمعها فكانت هي أول من انتبه فحاولت ابعاد شفتيها عن فمه الثائر، وهي تهمس:
- غيث.. الباب، الباب يا غيث!!..
انتبه لطرقات الباب فرفع رأسه ليرى وجهها وقد تخضب بحمر الخجل القانية، فهمس:
- روحي وضبي حالك وانا هفتح لهم...
ركضت سريعا الى غرفتها لتعيد ترتيب زينتها في حين وقف هو أمام المرآة الموضوعه على الحائط بجوار باب المنزل، أرجع خصلات شعره بيديه الى الخلف، ورتب بلوزته القطنية قبل أن يفتح الباب ليطالعه وجه جدته الصبوح التي أطلقت زغرودة طويلة، ودلفت تقبله وتهنئه وبعدها راوية ثم ألفت،في حين دخلت وردة الخادمة تحمل صينية كبيرة محملة بصنوف الطعام المختلفة، خرجت اليهم سلافة التي ما أن رأت والدتها حتى ارتمت بين أحضانها وكأنها لم ترها منذ دهور، قبلت يد جدتها وصافحت راوية راسمة ابتسامة صفراء تماثل التي ارتسمت على وجه راوية، بعد تبادلهم الاحاديث الخفيفة استأذن غيث للنزول الى جده فأخبرته الجدة بابتسامة:
- خليك موطرحك يا عريس، جدك وبوك وعمك عايجولك، همّن حدا شهاب وعيحصلونا، جولنا نجسموا نفسينا، جيناك احنا الاول وراحوا لشهاب وبعدين عيجوك هما واحنا عنروحوا للعرسان التانيين...
نهضت سلافة واتجهت الى المطبخ لإحضار أكواب العصير فلحقتها أمها والتي أرادت الاطمئنان على ابنتها، سألتها ان كانت سعيدة وبخير فأجابتها بخجل أنها بخير وأن غيث يحمل قلبا رقيقا بين جوانحه فدعت لها أمها بدوام السعادة...
اتجهن بعد ذلك الى سلمى ترافقهن سلافة بعد أن أذن لها غيث، اجتمع الرجال لدى غيث والحريم لدى سلمى، وانصرف شهاب برفقة الرجال لترك النساء بمفردهن، ولحقت بهن سلسبيل هي وحماتها والتي ما أن انفردت بها سلافة في مطبخ سلمى حتى سألتها بلهفة:
- ها قوليلي ايه الاخبار طمنيني؟!!..
نظرت اليها سسبيل بنصف عين وأجابت من بين أسنانها:
- أطَمْنِك؟ ديه عاملة يا سلافة؟.. لكن اني المحجوجة، كان حاجِّتي شوفت اللي انتي جبتيه جبل ما ألبسه!
غمزتها سلافة بخبث وأجابت بثقة:
- انما ما تنكريش... شكلها كانت ليلة من الآخر، وأبسط دليل تأخيرك يا عروسة، جدتي قالت انك المفروض كنت تيجي معهم ومتعرفش ايه اللي أخرك؟.. أنا ما رديتش أقزل، شوفتي، عشان تعرفي أني مؤدبة؟!..
أجابت سلسبيل ساخرة:
- آه.. مؤدبة! جوي جوي...، ثم مالت عليها مردفة:
- انما صحيح.. ايه أخبار الأدب انبارحة يا.. عروسة؟!..
حدجتها سلافة بنظرة سوداء قبل أن تحمل صينية العصير الذي انتهت سلمى من اعداده وهي تجيب من بين أسنانها:
- ياللا يا سلمى، اتأخرنا على الناس اللي بره، سبقتها سلمى فمالت على سلسبيل وأردفت بهمس:
- أنا دلوقتي بس عرفت انتى طالعه مؤدبة لمين؟...، أجابت سؤال سلسبيل الصامت:
- أخوكي أكيد غيث، وأقطع دراعي اما كان شهاب نفس الفصيلة، مش توائم، ولو ان سلمى أختي دي مش بتبل الريق!!
------------------------------------------------------
تقرر سفر العرسان الى الساحل الشمالي لقضاء أسبوعين، في حين سافر ليث وسلسبيل الى الأسكندرية لقضاء أسبوع بمفردهما تاركين الأطفال في عهدة أبوه وأمه...
كانت راوية طيلة هذه الفترة تكاد تجن، فألفت تعيش أسعد أيام حياتها هي وابنتيها، بعد أن فرضتهما عليها زوجتين لولديها هي رغما عنها، كان الحاج قد أهدى تذكرتي سفر لرؤوف كي يسافر لأداء مناسك العمرة هو وزوجته، وتقرر السفر بعد عودة الأبناء بيوم....
عاد أحفاد الخولي، وامتلأ المنزل الكبير بالضحك وكان وجودهم يضفي السعادة على من حولهم باستثناء واحدة... كانت تتمنى الموت لابنتي ألفت، وقد ضمرت لهما من الشر ما يشيب له الوجدان!..
طرقات ضعيفة تعالت على باب غرفة الجدة، فتبعها صوت من الداخل يأذن للطارق بالدخول، دلف الطارق الذي لم يكن سوى وردة الخادمة، دخلت بخطوات بطيئة، طالعتها الجدة التي كانت تجلس الى سجادة الصلاة تسبح على كرات الكهرمان في مسبحتها الخاصة، نظرت اليها قائلة:
- تعالي يا وردة...
اقتربت وردة وهي تنظر الى الأسفل، ووقفت أمامها ساكنة تماما، قالت الجدة:
- فيه حاجة يا وردة؟..., رفعت وردة رأسها لتفاجأ الجدة بشحوب وجهها فقامت من مكانها وجلست فوق أريكتها وأشارت اليها بالتقدم فأطاعت وردة من فورها، قالت الجدة:
- فيه ايه يا بتِّيْ.. ما تتكلميْ!..، لعقت وردة شفتيها وأجابت بصوت خائف مرتعش:
- ستي الحاجة أني... أني...، زفرت الجدة وهتفت في حزم:
- انتي إيه يا بتي ما تجولي؟..
أجابت وردة بتردد:
- أني لوما العيش والملح اللي كالته في داركم ولحم اكتافي أني وامي وأهلي كلاتهم من خيركم أني ما كونت اتحدتت واصل، لاكن ما جدراشي أعرِف وأسكت يا ستي الحاجة!..
استغفرت الحاجةبصوت منخفض ثم نظرت اليها قائلة بجدية:
- يا بت اتحدتي من غير كلام كتير، فيه إيه؟.. ما انتيش على بعضيكي ليه؟..
اقتربت وردة حتى أصبحت على بعد سنتيمترات قليلة من الجدة ومالت هامسة:
- وعليّا الأمان يا حاجة؟...، لتنفخ الجدة بضيق فأردفت وردة وهي تكاد تبكي:
- ما تواخزنيشي يا حاجة، لكن أني وأهلي غلابة، ومش جد الحاجة أم غيث!..
قطبت فاطمة وقالت:
- أم غيث!... بت.. حالا دلوك تجوليلي ايه الحكاية بالظبط!
أجابت وردة:
- حضرتِك عارفة ان موزة بت خالي ابتشتغل حدا الست زينب أخت الست راوية، ومن يامين كنت حداها لمن شوفت الست راوية اهناك مع...
وسكتت فنهرتها فاطمة بغضب:
- مع مين يا مجصوفة الرجبة ما تتحدتي؟!..
لتلقيها وردة دفعة واحدة:
- مع أم ستيت!!..
لتنهض فاطمة وهي تهتف بذهول:
- باه!.. أم ستيت الدّجَّالَه!! ...
حركت وردة رأسها بالايجاب وهي تقول:
- أيوة يا ستي الحاجة، البت موزة جالت لي ان الست راوية يوماتي بتاجي عنديهم وبتجعد مع أم ستيت ، وانه الست زينب في آخر مرة اتشاكلت مع الست راوية وجالت لها ما عادتشي عتدخل اللي اسميها أم ستيت ديه حداها، وانها صدجتها لمن جالت لها أنها رايدة أم ستيت تعمِل لولادها احجاب يحفظهم وانها صدجتها ولو انها كانت شاكة لان ام ستيت المعروف عنيها انها ما بتعملشي الا العمالات الشينة كلها، ووجتها الست راوية رديت عليها وجالت لها مالهاشي صالح باللي بتعمله، فالست زينب جالت لها طالما في دارها يبجى ليها حج انها تدخل، وبعدين ست راوية مشِتْ وهي حمجانة، وبتجسم انها ما عادتشي طابّة برجليها البيت حدا الست زينب، وخرجت هي وأم ستيت، ستي الحاجة.. سايجة عليكي سيدي الطرنوبيْ أني ما جولتش لجنابِك حاجة، البت موزة غلبانه ولو دَريت الست زينب انها حاكاتلي واني جولت لحضْرِتِك ينكن تتأذي..
شحب وجه فاطمة وهي لا تستطيع مدى الشر الذي بقلب راوية، أتصل بها الكراهية الى حد فعل ما يغضب الله ويلعنه؟.. أتستعين بتلك الشيطانة أم ستيت في سبيل إيذاء أبنائها هي؟!.. فطبيعي أي أذى يلحق بزوجة أي منهما سيؤذيه هو الآخر بالمقابل، نظرت الى وردة قائلة بصرامة:
- ما عتخافيشي يا بت، لكن حسّك عينك الحديت اللي جولتيه حدايا اهنه يطلع من خشمك لحد تاني، حتى لو الشيخ بذات نفسيه، ودلوك اسمعي اللي عجوله وحطيه في بالك زين.. لو لمحتي المَرَهْ اللي اسميها أم ستيت ديْ ولا حدا من طرفها تاجي وتعرفيني في لحظتها، مفهوم؟..
أومأت وردة عدة مرات بنعم وهي تهتف بذعر:
- مفـ.. مفهوم.. مفهوم يا ستي الحاجة...
قالت الجدة بصرامة:
- روحي دلوك لشغلك، وحسيكي عينكي مخلوج يعرف بحرف من اللي اتجال اهنه، وجتها تجولي على نفسيكي انتى وموزة جريبتك يا رحمن يا رحيم!..
ولولت وردة:
- يا مُرِّك يا وردة.. يا مُرِّكْ....
نهرتها الجدة هاتفة بحدة:
- باه... اجفلي خاشمك يا بت، اتجنيتي إياكْ.. ياللا غوري وحطي الكلام اللي جولتهولك دلوك حلجة في دينيكي!..
خرجت وردة تركض وهي تتعثر في طريقها في حين هتفت فاطمة بذهول غاضب:
- أم ستيت؟.. حصّلِت لأم ستيت يا ناسية ربّك... ماشي يا راوية.. لمّن نشوف.. أني ولا أنتيْ، وابجي وريني عتجدري تعمِلي إيه انتي ومرضعة إبليس ديْ.. أني مهما كان الحاجة فاطمة... وان كنتي ناسيتي مين هي الحاجة فاطمة عفكِّرك!..
تجلس أمام عجوز ترتدي الأسود من أعلاها إلى أسفلها، يكاد من تحط عيناه على وجهها أن يصاب بالرعب من ملامحها التي تحمل تعابير شيطانية، وكأن عملها الأسود ولعنة الله لها قد خُطت فوق وجهها بسطور من نار، كانت تحاول تمالك نفسها، بينما تجلس بجوارها رفيقتها في مشوار البؤس هذا، أم علي، تلك السيدة التي تعمل لدى الجد عبد الحميد من زمن طويل، منذ أن كانت صبية في الثالثة عشر من عمرها وهي الآن قد تخطت الستين من عمرها، لتأمر الجدة بأن تركن الى الراحة وأن يقتصر عملها في القصر على الانتباه لشغل باقي الخادمات، وكانت هي من أشارت على راوية باللجوء الى أم ستيت ظنّا منها أنها بهذا تكسب محبة سيدتها فتقربها منها، ناسية أنها تؤذي بذلك أصحاب المنزل الذي أواها منذ أن كانت صغيرة، ولكنها كانت قد تعاطفت مع راوية حيث كانت موضع سرها وكانت كثيرا ما تشكي أمامها من ألفت الظالمة تلك التي سرقت ابنيها رغما عنها، فتتعاطف معها بكل غباء وتنصحها بالاستعانة بأم ستيت!...، جلست تلك العجوز المرعبة وأمامها موقد بخور كبير، كانت تذر عليه بعض الأشياء فيزداد تصاعد الدخان في حين كانت تقرأ بعض الكلمات الغير مفهومة، وهي تصدر أصواتا مرعبة تقشعر لها الأجسام، نظرت أم ستيت الى راوية وقالت:
- جبتي اللي جولتلك عليه؟...
أسرعت راوية بإخراج وشاح ملفوف وناولتها له وهي تقول بارتعاش:
- أها.. جبـ.. جبتَهْ!... ثم ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تكمل:
- معالهش يا أم ستيت.. أني يمكن الفترى اللي جاية معجدرشي أشوفك، اختي حداها ظروف تمنعنا نتجابل اهناك، فهبجى أشيّع لك أم علي بطلباتك كلاتها!..
رمقتها أم ستيت بنظرة سوداء وهي تحدق فيها بقوة في حين ازدادت تغضنات بشرتها السمراء وهتفت بحدة:
- الاسياد عاوزين حاجتهم تكون حاضرة وجت ما يطلبوها، واني اللي اجول إذا كنت رايدة أشوفك ولا لاه.. ولا أنتي عاوزة الاسياد تغضب منيكي؟..
هتفت راوية بصوت أشبه بالبكاء:
- لاه.. لاه.. أني تحت أمر الاسياد..
تناولت أم ستيت الوشاح الصوفي وقالت:
- امنيح، خلي ديه حدايا وبكرة عشيّة.. تاجي يا أم علي، اسمعي زين اللي عجولك عليه، الشيلَه ديْ.. فيها عرج المحروس، لازمن يلبسها أول ما يعاد بالسلامة وينام فيها، وبعدها مهما عِملت له مَرَته عتتخيّل له جِرد.. وما عيجدرشي يجرّب لها، حتى لو اعملت له بت ليل، ولدك ما عيجرب لها، وعيكرهها كره العمى، بس لازمن يبيت في الشيلاه ديْ وتاخد عرج النوم.. بعديها.. تاجي اهنه وتجيبي لي البشارة!..
أشرقت أسارير راوية وهي تهتف:
- ليكي منّي حلاوة حلوة جوي جوي يا أم ستيت لو اللي ببالي حوصل، وجتيها طلباتك وطلبات الاسياد كلاتها عتكون مجابة!..
وانصرفت هي وأم علي تحلم باللحظة التي يكره فيه ولدها زوجته ولا يطيق حتى ذكر اسمها أمامه.... تلك الفتاة التي تطالعها دائما بتحد وكأنها تخبرها بأنها تعلم بما تضمره لها هي وأختها وأمها من كره... ولكن.. صبرا.. فقد اقتربت ساعتك.. وسيكرهك ابني.. ولن يطيق حتى سماع أحرف اسمك... سلافة!!!!!..
- يتبع -

 
 

 

عرض البوم صور منى لطفي   رد مع اقتباس
قديم 24-12-16, 01:05 PM   المشاركة رقم: 184
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2011
العضوية: 216585
المشاركات: 468
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1595

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى لطفي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى لطفي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: كبـير العيلة

 

كبير العيلة
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
الحلقة (31)
دلفت الى غرفة النوم، رأته يقف يرتدي عمامته البيضاء، فابتسمت واقتربت منه، طالع صورتها المنعكسة في المرآة خلفه، ولكنه لم يهتم بمبادلتها الابتسامة وأكمل لف عمامته، اقتربت منه ومسحت ذرات غبار وهمي من على كتف جلبابه الكتاني الأبيض، ثم قالت محاولة إسباغ الرقة على صوتها:
- عتتأخر انهَااردِه؟...، أجابها وهو يستدير نافضا يدها من فوق كتفه وببرود:
- ما عارفشي... انما غريبة يعني... من ميته وانتي عتسأليني عتأخر ولا لاه؟..، هزت كتفيها واجابته بخفوت:
- لاه .. بس بطمّن.. أني عارفة انك متكدر منّي وأني ما عاوزاكشي تغضب عليّا يا ولد عمي أني....
لتبتر عبارتها فجأة وقد توسعت عينيها ذهولا ورعبا وهي تراه يرتدي وشاحه لافاًّ اياه حول رقبته وهو يستمع اليها بغير اهتمام، فهتفت وهي تشير الى وشاحه:
- ديه... ديه شاملة غيث مش إكده؟....، أجابها عثمان وقد أنهى استعداده للخروج:
- غيث عطاها لي .. عندك مانع؟..، ولم ينتظر اجابتها واستدار منصرفا ليوقفه هتافها العالي باسمه فالتفت اليها ناهرا لها بتقطيبة حادة فوق جبينه:
- باه.. جرالك إيه يا وَلِيِّه؟.. اتجنيت إياك؟.. عم بتزعِّجي ليه إكده؟....
هرولت اليه وهي تجيب وقد شارفت على البكاء:
- ماعالهشي يا ولد عمي، ما تواخزنيشي، لكن الشاملة ديْ غيث كان لابسها جبل ما يتزوج ولسّه ما غسلنهاشي, غيِّرْها وهاتها لمّن أغسلها...
عثمان بحدة:
- باه.. اتخبطتي في نافوخك يا راوية؟؟.. غيث ما اتلفعشي بيها واصل، من وجت ما عطيتهاله هَديّة وهو عطاهالي لمّن شافها عاجبتني، وديه يدوبك تاني مرة أتلفع بيها.. وخّري من جودامي خليني أروح ِأشوف مصالحي...
كادت راوية تنوح وهي ترجوه:
- يعني انت اللي لابستها من الاول يا عتمان؟...، أجابها ساخرا مقلدا صوتها الباكي:
- إيوة أني اللي لابستها من الاول يا عتمان!!.. بعدي عني يا إماتَنْ الله في سماه لا أخلِّص منِّيكي الجديد والجديم يا راوية... بعِّدي!!...
ليزيحها عن طريقه ويخرج صافقا الباب خلفه بعنف فتطلع الى الباب حيث اختفى وراؤه وهي تهمس في شبه هستيرية:
- هو اللي لابسها من الاول!!!!.. على إكده لمن جبتها من المجعد اللي كان في الجنينة ما كانشي غيث اللي ناسيها كيف ما كنت فاهمه.. كان هو!!!!.. يعني عمل أم ستيت معيصيبشي بنت ألفت....
لتقطع عبارتها وتصمت فجأة وهي تشهق برعب هاتفة وحدقتاها قد توسعتا فزعا:
- عيصيبني أني!!!!!!!!!، وفتحت الباب تهرع مسرعة خلف عثمان وهي تناديه عاليا قبل أن يعرق في الوشاح أو تغمض عينيه وهو يرتديه فيسري مفعول السحر الأسود فيصيبها هي!!!!!!!!...
وقف عثمان فجأة حتى كادت تضرب به وهو يزفر بضيق ونظر اليها من فوق كتفه وهو يصيح بها عاليا:
- أنتي وبعدهالك أنّهاردِهْ؟؟.. اتجنيتي ولّا إيه؟..
حاولت راوية التقاط انفاسها المتعثرة وأجابته بتلعثم واضح وهي تقف تواجهه في ردهة المنزل أمام الباب الداخلي:
- ما.. ماجراشي يا.. يا ولد عمي، لكن التلفيعة دي مش امناسباك فأني بجول انك... انك.. اتغيّرها أحسن!...
ضيق عثمان عينيه ومال عليها وهو يقول باستنكار حاد:
- بتجولي إيه يا أم الوِلْدْ؟... أغيِّر إيه؟.. ومن ميتة انتي بتتدخّلي في اللي عالبسه واللي معلبسوشي؟...
راوية وقد هرب الدم من وجهها فزعا من لهجة الوعيد الواضحة في صوته:
- لاه ماجصداشي حاجة لا سمح الله، غاية ما هناك إني رايداك تيابك كلاتها اتكون ريحتها زينة، وديه ما تواخزنيشي يعني يا ولد عمي، ريحتها عِفشة.. لازمن أغسلها وأطيّبها لك بالعود والبخور كيف ما بعمل في خلجاتك كلاتها، أني لو كُتْ أعرِف أنها تلفيعتك كُتْ بخرتهالك كيف ما بتحب اتيابك كلاتها..
زفر في اختناق وهتف بها:
- راوية بجولك إيه.. اطلعي من نافوخي.. ايه الحديت الماسخ ديه؟؟... وبعدين ريحتها عفشة!!... جصدك ريحتي أني بجاه ما هو أني الوحيد اللي لابستها!!!
شهقت راوية وهي تهز رأسها مرارا وتكرار نفيا وهي تهتف بلهفة:
- لاه.. لاه ينجص إلساني لو جولت إكده.. أني بس...
ليقاطعها هاتفا:
- اسكتي ساكت خلاص... جبر يلم العفش.....
ليقاطعه دخول شهاب وسلمى وهما مشبكان أيديهما سويا وما أن لمح شهاب والده حتى ترك يد سلمى احتراما له، اتجها إلى عثمان وراوية حيث ألقيا تحية الصباح فرد عثمان وهو يحاول الابتسام في وجهيهما في حين ردت راوية وهي تشعر بالحنق والغيظ من منظر ولدها مع ابنة ألفت، لتلقي التحية ببرود ولكنها سرعان ما ابتسمت لشهاب وهي تحتضنه وهو يقبل رأسها ويدها داعية له بصلاح الحال وأن يكفيه الله شر أولاد الحرام وبنات الحرام وهي تحدج سلمى بطرف عينها والتي لاحظت نظرتها فقطبت في حيرة!!!...
قال شهاب بابتسامة:
- ايه مالك يا حاج ع الصبح مين اللي معصّبك بس؟؟..
عثمان وهو يحاول تمالك أعصابه:
- لاه مافيشي يا باشي مهندز.. ما تشغلشي روحك أنته...
ثم وجه حديثه الى سلمى مردفا بابتسامة أبوية:
- كيفك يا عروسة.. شهاب عامل امعاكي إيه؟.. لو زعَّلِك ولّا عِمِل لك أي حاجة جوليلي وأني هعرِّفه شغله صوح..
ضحكت سلمى وأجابت بابتسامة:
- ربنا يخليكي ليا يا بابا الحاج.. شهاب مش ممكن يزعلني...
ليبتسم لها شهاب ابتسامة عشق صافي بادلته اياها في حين كانت راوية ترغي وتزبد وهي ترى نظرات الحب المتبادلة بينهما وما زادها كرها وبغضا حديث زوجها لسلمى من أنه سينصفها هي على ابنه!!!..
لمحت بطرف عينها وردة وهي تسير بالقرب منهما تحمل كوب ماء فنادتها لتقبل الأخيرة عليها فسألتها بأمر:
- هاتي الكوباية ديْ، لَمين واخداها؟..
أجابتها وردة بينما تناولت راوية كوب الماء من يدها:
- ديه ستِّي الحاجة كانت رايدة تشرب...
رفعت راوية الكوب على فمها وهي تميل ناحية عثمان، وما أن سمعت جواب وردة حتى أسرعت بإزاحة الكوب متظاهرة بالاضطراب ليقع نصف محتويات الكوب فوق ثياب عثمان وتحديدا... على الوشاح الملموس!!!!!
هتف عثمان وهو يبتعد عنها:
- باه.. جبر يلم العِفش!.. خبر إيه يا راوية انّهارْدِه؟...
راوية وهي تصطنع الأسف:
- ماعالهشي يا ولد عمي، لمن اسمعت ان المايّة ديْ لمرات عمي إزوِرْتْ!!!
تأفف عثمان وهو يقول:
- أعمل إيه دلوك؟.. ناجص عطلة أني؟.. أمري لله عروح أبدّل اتيابي...
لينصرف من فوره تتبعه راوية وهي تخفي ابتسامة نصر صغيرة في حين تبادل شهاب وسلمى نظرات التساؤل والجهل!!..
--------------------------------------------------
تقدمت أم علي من سيدتها وهي تتساءل في سرها عن سبب تلك التكشيرة الكبيرة التي تزين وجهها؟!!....، تحدثت أم علي بلهفة:
- مالك يا ست الحاجة كفالنا الشرّ؟.. شكلك إكده تعبان ومتضايج..
تنهدت راوية بعمق ثم أجابتها بينما تجلس أم علي على السجادة الأعجمية أسفل قدمي سيدتها في غرفة نوم الأخيرة:
- عجولك إيه بس يا أم علي، العمل اللي عاملاته أم ستيت مابجاش نافع!..
خبطت أم علي على صدرها براحتها وهي تهتف في دهشة وتساؤل:
- كيف ديه؟.. أم ستيت سرّها باتع وعملاتها ما عتخورّش المايّه..
قالت راوية بضيق:
- أهو اللي حوصل... أتصرف كيف أني دلوك؟..
قالت أم علي بابتسامة مترددة:
- ما يمكن يا ستي الحاجة ربْنا يخلف الظنّ ويطلعوا بنات حلال مش كيف ما انتي خايفه!..
نهرتها راوية والتي شعرت بأنها على وشك خسارة حليفها الوحيد في هذا المنزل حتى وإن كانت خادمتها المطيعة:
- باه... عتخرّفي تجولي إيه يا وليّه إنتي؟!... يطلعوم زينيين كيف وأمهم ألفت؟!.. وبعدين ماواعياشي لطريجتهم في الحديت ولا ضحكهم، وكله كوم ولبسهم الماسخ ديه كوم تانيْ!.. أني كنت رايدة لولادي ابنتّه من حدانا اهنه عارفاهم زين وخابره تربايتهم كيف شكلها، لكن بنات البندر دولم هعرِف منين أني ان كانوا زينين ولا شينين؟.. دولات ولاديْ وأني أمهم يعني أني الوحيدة المفروض تجول آه ولا لاه على الرايدين يتزوجوهم، مش كيف ما عملوا وأنغصب أني أجبلهم، بذمِّتِكْ يا أم علي ما شايفاشي لبسهم كيف؟.. أني مستغْرِبَه كيف شهاب وغيث سايبينهوم إكده من غير ما يجبروهم أنهم يتغطُّوا؟.. واتجوليلي عيطلعوا زينين؟.. الجواب بيبان من عنوانه يا أم علي..
أم علي وقد اقتنعت بوجهة نظر سيدتها:
- تصدجي يا ستي الحاجة عنديكي حاج، صحيح.. لبسهوم أني ذات نفسي اللي اسمي مَرَهْ كبيرة لمن بشوفهم بانكسف لهم، لاه.. عنديكي حاج يا ستي الحاجة..
وسكتت أم علي لتتابع بعد ذلك بسذاجة جاهلة بأن حديثها سيكون بمثابة صب الزيت على النار وسيفتح بابا لن يُسد بسهولة:
- أني لساتني حتى جبل شوية لمن شوفت ست الدَّكتووورة وهي راكبة الترموبيل مع جدع إكده ربّك والحاج.. استعجابت!..
قطبت راوية وقاطعتها وهي تسأل بريبة:
- انتي عتجولي إيه يا ولّيَّه؟...، هزت أم علي رأسها بالايجاب وهتفت:
- إيوه يا ستي الحاجة... ست سلمى نَضَرْتها وهي راكبة الترومبيل مع جدع أني شوفته جبل إكده... بس مافاكراشي فين؟..
ثم قطبت وهي تحدث نفسها وتخبط بسبابتها على صدغها:
- فين يا أم علي فين؟..
كانت راوية تتابعها بتساؤل ولهفة حتى هتفت أم علي بظفر:
- إيوه.. افتكرت.. الجدع الدَّكتووور اللي جِه حدانا إهنه وكانوا بيجولوا انهم يّعرِفوه من زمان..
راوية بتقطيبة:
- جصدك الدّكتوور كريم؟...، هتفت أم علي:
- إيوه.. هوّ ديه.. الدّكتووور كريم!!..
لمعت عينا راوية بلمعة ذئب قد وقعت فريسته في الشّرك، وابتسامة شيطانية ارتسمت على وجهها الأسمر ليصبح وجها بشعا مخيفا للكراهية مجسّدة!!!..
- ماما وحشتني أوي يا سلمى....
هتفت سلافة بهذه العبارة لسلمى شقيقتها وهي تحادثها في الهاتف، لتجيبها الأخيرة:
- وأنا كمان، بابا وماما وحشوني جدا، ان شاء الله يخلّصوا العمرة ويرجعوا لنا بالسلامة..
سلافة بتنهيدة عميقة:
- ان شاء الله، تصدقي ما فاتش الا اربع ايام بس من يوم ما سافروا وبيتهيألي انهم اربع اسابيع!.. المهم عامله ايه انتي مع الحيزبون؟..
سلمى تنهرها:
- يا بنتي عيب كدا، مهما كان دي اسمها أم جوزي وجوزك ومرات عمك بردو...
شخرت سلافة باستهانة وقالت:
- بس، بس.. هتفضلي عبيطة كدا طول عمرك، دي مش بس حيزبون لا والعجوز أم منقار كمان، أنا بحمد ربنا أني سافرت اسكندرية مع غيث وهو بيخلص شغل ليهم، اترحمت من سحنتها شوية..
سلمى بعتاب:
- بردو يا سلافة، مش عاوزة تبطلي؟.. عموما يا ستي الحمد لله أنا في حالي وهي في..
قاطعتها سلافة بجدية:
- في حالك بردو!!!!...، قطبت سلمى وتساءلت:
- إيه؟... يعني إيه هي في حالي بردو دي؟..
سلافة بصبر:
- يعني هي مش هتسيبك في حالك يا سلمى، وخلي بالك منها كويس أوي، مش معنى أنك مقتصراها خالص انها هتبعد عنك، انتي مش فاكرة وماما بتسلم عليها وهي مسافرة انها سلمت عليها ببرود من طراطيف صوابعها وقالت لها معلهش أصلي عندي برد!!... برد!!!.. الهي وانت جاهي يجيلها برد وحر سوا يعملوا عندها قافلة ما تقوم منها!!!!.
زجرتها سلمى عاليا:
- بقولك ايه يا سلافة لو مش هتبطلي طريقتك دي أنا هقفل، انا مش مستعدة أني أخد ذنوب من وراها، 100 قولتلك مالكيش دعوة باللي بين الكبار، هي لغاية دلوقتي ما أذتناش في حاجة، ولا حتى أذيت ماما، كونها بقه بتسلم ببرود ولا بتتكلم من تحت الضرس دي حاجة منقدرش نقول فيها حاجة، طالما ما واجّهتش إهانة لينا او لماما يبقى خلاص..
سلافة بجدية:
- خليكي كدا يا سلمى لما تتقرصي منها، أنا قلبي دليلي وسبحان الله اللي بحس بيه بيطلع صح على طول، ومن أول يوم شوفتها فيه وانا مش مرتاحالها، انتي نسيتي انها كانت معارضة جوازنا من ولادها؟.. سلمى نصيحة من أختك الصغيرة.. أنتي يمكن الكبيرة لكن طول عمرك وسط كتبك ومراجعك ومن المستشفى للبيت، أنا ليا خبرة بالناس واحتكيت بيهم أكتر منك، خلي بالك منها، اوعي تأمني لها، ودايما صارحي شهاب بأي حاجة، اوعي يا سلمى تخبي عليه حاجة لانها لو عرفتها بالصدفة صدقيني هتعملك حفلة عليها وجوزك معلهش مندفع، ما تزعليش مني أنا عارفة شخصية شهاب، لانه للأسف نفس التسرّع اللي عندي والاندفاع، خلي بالك يا سلمى..
سلمى وقد بدأت تشعر بالقلق من حديث شقيقتها الصغرى:
- حاجة إيه اللي أصارح بيها شهاب يا سلافة؟.. أنا عمري ما خبيت عليه حاجة..
سلافة بجدية مطلقة:
- شهاب عرف بموضوع كريم انهرده؟..
سلمى بتقطيبة:
- لا.. أنا لسه مروّحتش، وأكيد كنت هقوله أول ما أشوفه، المفروض أنه هيفوت عليا هنا في العيادة لكن اتأخر، عموما أنا لما أروح هقوله..
سلافة بإصرار:
- لا.. تكلميه حالا دلوقتي في الموبايل وتقولي له، اقفلي مني وكلميه يا سلمى، أرجوك.. انتي مش ضامنه الحيّة اللي انتي عايشة معاها دي ممكن تعمل إيه؟..
تأففت سلمى وهتفت:
- يوووه.. تاني يا سلافة؟!.. بصي أنا فعلا هقفل لأنك قلبتي دماغي.
وأنهت المحادثة الهاتفية، وشردت قليلا وسرعان ما استعادت هدوءها وهي تتمتم:
- ربنا يسامحك يا سلافة، قلقتيني على الفاضي، أنا متأكدة انه الموضوع بسيط وأول ما أروح أن شاء الله هقول لشهاب، وشهاب بيثق فيا مهما حد قاله عمره ما هيصدق حاجة إلا لما يسمعني الأول!..
ولكنها كانت كمن يطمئن نفسها بينما داخلها وخز ينبئها بأن أختها أبدا لم تضّخم الأمور... وأن قلقها في محله!...
************************************
- انتي بتقولي ايه يا أمي؟....، هتف شهاب بذهول في حين اقتربت منه راوية بخطوات واثقة ووقفت أمامه مكررة قولها بجدية:
- عجولك الجدع اللي اسميه كريم ديه جه اهنه ومراتك خرجت امعاه!...
ذهل شهاب ولم يجد جوابا للسؤال الواضح في عيني والدته ليزدرد ريقه بصعوبة ثم تحدث بصوت أجش:
- اكيد عاوزها في حاجة مهمة..
راوية وهي تنظر اليه بتركيز فيما تنفث السم في أذنيه وابتسامة سخرية صغيرة تشكّلت على طرف فمها الذي يقطر سُمًّا:
- هي جالتلك؟.. استسمحتك انها تُخرج امعاه؟... ، نظر اليها بحدة وريبة فعلمت أنها لا بد وأن تغير من طريقتها معه كي لا يشك في نواياها، فشهاب ليس كغيث، فهو سريع الانفعال وحاد، لذا ارتأت المداهنة فخفضت صوتها مسبغة عليه رنة خوف زائفة وقلق وهي تردف:
- يا ولديْ أني عارفة ان مراتاك لساتها ما اتعاوّدت على طبْعِنا وعاوايدنا، لكن برضيكي أني ما يرضينيشي ان حد من اهل البلد يشوفوها وهي ماشية امعاه.. عيجولوا إيه وجتها؟...، ليهب صارخا:
- يعني ايه ماشية معاه دي؟.. جرى ايه يا أمي؟....
ترقرقت دموع التماسيح في عينيها وهي تقول بأسف زائف وحزن:
- بتزعّج لي يا ولدي واني رايدة موصلحتك انت ومراتَك؟... زفر شهاب بضيق ومال عليها مقبلا رأسها وهو يعتذر قائلا:
- معلهش يا أمي ما تزعليش، حقك عليا، بس أكيد فيه سبب يخلي سلمى تعمل كدا!..
كادت تنفخ بضيق فهذه الـ سلمى تبدو قد تمكّنت من ولدها تماما، فهذا ليس شهاب ابنها الذي كان دائما فعله يسبق تفكيره، فهو انفعالي بالدرجة الاولى، ولكنها لن تكون راوية ان لم تجعله يهب كالاعصار عليها!!.
تظاهرت بالاقتناع وهي تقول:
- عنديك حج يا ولديْ، لازمن فيه سبب ايخليها اتروح امعاه المركز، اني بس كُت خايفة لمّن الناس ايشوفوها وهي راكبة امعاه عيجولوا ايه؟...
ليحدق فيها شهاب بشدة في ذهول أول الامر قبل ان يهدر صائحا:
- ايه؟.. راكبة معاه؟.. سلمى ركبت مع كريم العربية؟..
راوية وهي تتظاهر بالدهشة من انفعاله:
- إيوة يا ولديْ، وبصراحة إكده.. أني سمعتها وهي بتحدته في التَّلفون وكات بتجوله انه المشوار مش عياخد كاتير، بس ما كوتش خابره انهم عيتكلموا على خروجتهم سوا!!..
فمن سوء حظ سلمى ان راوية كانت قد سمعت طرفا من حديثها في هاتفها المحمول وطرق اسمه سمعها وما ان علمت من ام علي ان سلمى قد خرجت برفقة كريم حتى نسجت لعبتها الماكرة وأحكمت خطتها للايقاع بين ابنها وابنة ألفت!!..
احمرّت عينا شهاب لتصبح بلون الدم، وما ان همّ بالكلام حتى قاطعه صوت سلمى المرح وهي تدلف الى الداخل، والتي ما ان رأته حتى تقدمت ناحيته وهي تهتف بفرح لرؤيته:
- شهاب حبيبي.. حمد الله على السلامة..
ثم تعلقت بعنقه ورفعت رأسها لتقبله على وجنته كما اعتادت ليبتعد بوجهه عن مرمى قبلاتها فقطبت ثم لاحظت وقوف راوية جانبا وكانت قد ابتعدت لدى رؤيتها لسلمى وهي تدخل، فاعتقدت سلمى ان برود شهاب راجع الى وجود والدته فاحترامها واجب، فابتسمت وهي توجه تحيتها لوالدته قائلة:
- ازي حضرتك يا طنط؟..، ابتسمت راوية ابتسامة صفراء وهي تجيبها:
- الحمد الله زينة.. انتي كيفك يا بتِّي؟..
قاطعهما صوت شهاب الذي هدر بعنف:
- كنتي فين يا سلمى؟... ، نظرت اليه سلمى مقطبة وقالت:
- يعني ايه كنت فين؟.. كنت في المركز...
نظر اليها بحدة مردفا:
- ليه؟.. ويا ترى كنتي لوحدك؟...
سلمى بريبة:
- انا مش فاهمه ليه الأسئلة دي كلها؟.. هو تحقيق؟.. عموما كنت في المركز بقضي مصلحة، ارتحت ؟.. عن إذنك...
وتركته واستدارت منصرفة حين انطلق صوته آمرا من خلفها:
- سلمى!!!!... ، لتتيبّس في وقفتها فيما تراقبهما راوية وابتسامة جذل تتراقص بين مقلتيها، تقدم شهاب منها واستدار ليقف أمامها وهو يهتف بشراسة من بين أسنانه:
- الست المتربية ما تسيبش جوزها وهو بيتكلم وتمشي يا هانم!... هو سؤال واحد.. كريم كان هنا بيعمل ايه؟....
لتظهر الصدمة جلية على ملامحها ثم تنقل نظراتها بينه وبين حماتها تلك العقربة التي حذرتها منها أختها قبل قليل وكانت هي من الغباء والسذاجة أن نهرتها بعنف، لتتحقق مخاوف أختها من أن راوية تقف لها بالمرصاد ولا بد أن لها يد في حدة شهاب واتهامه الصارخ في طريقة كلامه معها، والتي ترفضها شكلا وموضوعا، تنفست بعمق ثم تحدثت ببرود وصوت ميت:
- سؤالك كنت ممكن أجاوبك عليه لو كان استفسار عادي، لكن صوتك فيه تلميح واتهام انا مقبلوش، وعشان كدا.. أنا آسفة.. أنا أرفض طريقة كلامك معايا بالاسلوب دا، وغير كدا دي حاجة خاصة بكريم مش بيّا فمش من حقي أني أقولها!..
فتتدخل راوية هاتفة بخبث لتصب الزيت فوق النار:
- خاصّة بيناتك انتي وكريم دِه؟...
سلمى بجمود:
- تمام .. بيني وبينه!....
حدق فيها شهاب بغضب مخيف بينما أسود وجهه وهو يصرخ بها:
- ايه؟.... انت اتجننتي؟!!!!!!!!!! ..
سلمى وقد بدأت تشعر بالاختناق:
- ولا كلمة زيادة بعد كدا يا شهاب، انت مش في وعيك دلوقتي..
ليعاجلها بجنون:
- قصدك ايه؟.. إني مجنون؟...
لتتقدم إليه وقد تصدعت قشرة برودها بسبب اتهاماته المجحفة بحقها ونظرة التشفِّي الواضحة التي تراها في عيني أمه في حين قد عميت عيناه هو عن ملاحظتها، وقفت أمامه وهي تهتف بانفعال خارج عن ارادتها:
- والله اللي تحسبه بقه.. أنت أدرى بنفسك!!.. مجنون ولّا.....
ليقاطعها بصفعة مؤلمة جعلتها تصرخ ألما وهي تطالعه بأسى وذهول وما لبثت أن هتفت صائحة:
- مش ممكن هستنى معاك دقيقة واحده بعد كدا، انت مجنون فعلا، طلقني يا شهاب.. طلقني!!!!!!..
ما ان سمعتها راوية حتى كادت تزغرد فرحا فها هي أولى بنات ألفت قد نطقتها والبقية تأتي يا بنات ألفت!!..
ولكن صوت قوي رغم عمر صاحبته التي تخطت الستين صدح عاليا وبقوة:
- إيه اللي بسمعو ديه؟...
نظرت سلمى تجاه الصوت لتبصر جدتها فركضت إليها وارتمت بين ذراعيها وهي تجهش ببكاء حار وتهتف برجاء وحزن يقطع نياط القلوب:
- الحقيني يا ستّوُ، أنا مش ممكن أستنى ولا دقيقة واحده كمان هنا..
احاطتها جدتها بحنان وقالت بهدوء في حين رمت شهاب بنظرة غاضبة وراوية بأخرى سوداء غامضة:
- باه... ايه الحديت ديه يا بتّي؟..
رفعت سلمى وجهها اليها وقالت وهي تشهق بعنف بينما دموعها تغرق وجهها:
- أنا اتضربت واتهنت يا ستُّو، عمر ما حد مد إيده عليّا لا بابا ولا ماما، وزعيق وطريقة كلام وتلميحات أنا مقبلهاش، أنا مش ممكن هستنى هنا، أرجوكي يا ستو خلّيني أمشي من هنا...
ليهدر شهاب بغضب ينافي الخوف الذي احتل قلبه ما ان سمعها وهي تصرخ طالبة الطلاق:
- انتي اتجننتي؟.. مش هتتحركي خطوة واحدة من هنا يا سلمى، وانسي الكلمة المجنونة اللي انتي قولتيها دي، ولو زودتي في الكلام رجلك مش هتخطي عتبة البيت ولا اضطريت أني أحبسك.. هحبسك!!!.. ايه رأيك بقه؟...
هتفت الجدة بحدة:
- شهاااب!!!.. اتجنيت إياك!!.. ليه ان شاء لله.. معنديهاشي عيلة وعزوة يوجفولك؟.. انت اتخبطت في نافوخك ولا ايه؟.. ديه بدل ما تحب على راسها وتستسمحها تجوم اتجول إكده؟...
تأفف شهاب وقال:
- يا جدتي انتي مش عارفة اللي حصل..
قاطعته هاتفة:
- مهمن كان... متوصلشي بيك المواصيل انك اتمد يدك على مراتك، ودلوك اتفضل جودامي على داري لمن أشوف آخرتها مع اجنانك اللي انتي مش ناوي اتودّرُه ديه إيه...
هتفت سلمى برجاء:
- أرجوكي يا ستّو.. أنا مش قادرة أستنى دقيقة واحده بعد كدا أنا...
ليهتف شهاب بحدة بينما يتقطع داخله ما أن لمح علامات أصابعه فوق وجنتها الناعمة حيث كاد يجذبها بين أحضانه ليقبل وجنتها ويرجوها أن تسامحه:
- ما تعصبنيش يا سلمى، انتي مش هتتنقلي من هنا...
الجدة بصرامة:
- أني جولت ايه يا شهاب؟.. مش جولت ما رايداشي أسمع صوتك دلوك؟!...
ثم أشارت لسلمى قائلة بابتسامة خفيفة:
- تعالي يا بتي الله يرضى عنيكي، واطمّني.. اللي عيرضيكي أني هعمله....
هتف شهاب بهلع:
- جدتي...
لتنهره بنظرة زاجرة، فتقدمها كلا من شهاب وسلمى وسارت هي خلفهما حتى إذا ما أصبحت بمحاذاة راوية التي تابعت الحوار الذي دار بين ثلاثتهم فيما ينتفض داخلها خوفا من الجدة، اذ بفاطمة تميل ناحيتها وهي تقول بخفوت ولهجة تحذير واضحة تلون صوتها:
- إياكي تتحركي من اهنه، هخلص امعاهم وبعدها ليا جاعده امعاكي يا... مرات ولديْ!...
-------------------------------------------------
جلست الجدة تقلب نظراتها بينهما، كانت سلمى تشيح بعينيها بعيدا عن شهاب الذي كان وكأنه يجلس فوق مقعد من شوك!
خرقت الجدة الصمت السائد بقولها:
- يعني حسب اللي سامعتو منيكو انتو التنيين ان المشكلة أنه سلمى خرجت مع كريم من غير ما تجولك صوح يا شهاب؟..
ليرد الاثنين في نفس واحد:
- سلمى: لا...
شهاب: آه..
هتفت الجدة بصرامة:
- بكفاياكو عاد!!!... ، ثم تنهدت عميقا قبل أن تردف موجهة حديثها الى سلمى بحنان أمومي:
- سلمى يا بتّي جوزك من حجّه يّعرِف انتي روحتي فين وجيتي منين..
هتف شهاب بظفر:
- شوفتي!.. عندي حق أهو..
نهرته الجدة:
- باه.. بكفاياك جولت!..
سلمى بعتاب للجدة:
- انا ما اعترضتش انه من حقه انه يعرف يا ستّو، لكن مش من حقه انه يزعق لي بالشكل دا ومش من حقه يكلمني بتلميح انا ما اقبلوش وانا شايفه نظرات شك واتهام في عينيه، ولا من حقه أنه... يضربني يا ستُّو!!!...
لتنهار في البكاء الذي حاولت صدّه كثيرا، كاد شهاب أن يقفز من مكانه ليحتويها بين ذراعيه حينما منعته نظرة قوية من الجدة التي قالت بحنان بينما تحتوي سلمى الجالسة بجوارها على الاريكة القماشية الفاخرة:
- بكفاياكي بُكا يا بتّي.. عينيكي الحلوين دولا عيدبلوا يا نضري..
أجابت سلمى من وسط شهقات بكائها الحار:
- مش قادرة يا ستّو، أول... أول مرة حد يمد إيده عليّا، ومش أي حد.. دا.. جوزي، الانسان اللي بابا أأتمنه على بنته، ومش بس كدا دا بيشك....
هدر شهاب مقاطعا لها وهو ينتفض واقفا من مقعده بجوار الجدة:
- إياكي تكمليها يا سلمى، أنا مش ممكن أشك فيكي، ولا للحظة واحدة حتى...
رفعت سلمى رأسها بعيدا عن كتف الجدة ونظرت اليها بعينيها الذابلتين وهي تجيب باكية:
- أومال طريقتك معايا دي اسمها ايه يا ابن عمي؟.. نظراتك ليا والشك اللي في صوتك وآخرتها تمد ايدك عليا، كل دا تسميه إيه؟..
اقترب منها شهاب بينما الجدة تطالعه بقوة فيما سلمى تراقب تقدمه نحوها بتقطيبة غضب عميقة، قال شهاب وهو يميل ناحيتها:
- أسميه لحظة غضب مجنون، أسميه اني انفعلت لما عرفت بخروجك مع راجل غريب من ورايا، أسميه أي حاجه إلا أني أشك فيكي!...
ابتسمت سلمى بسخرية وهي تقول:
- راجل غريب!.. انت عارف كويس أوي انه كريم...
هتف مقاطعا:
- عارف، والله عارف، لكن الناس مش عارفة، الناس اللي شافوكي وقالوا لمـ....
وسكت باترا عبارته، لا يريد إقحام والدته في الأمر، ولكن التقطت الجدة الاسم من فوق طرف لسانه، لتضمر أمرا في سرها، والتفتت الى سلمى تقول بجدية زائفة:
- باه... وبعدهالك يا بت رؤوف، ما جولنا انه غلطان، لكن انتي كومان غلطانه انك ما جولتليلوشي جبل ما تروحي مشوارك ديه، وانت يا باشي مهندز.. حسّك عينك يدّك تنمد عليها مرة تانية.. ولا جسما عظما لا اكون جايله لكَبيركم.. وانت خابر جدك عبد الحميد زين، ما عيحبش الحال المايل..
هتف شهاب وابتسامة ترتسم على وجهه:
- توبة يا حاجة لو مديت ايدي تاني..
ابتسمت الجدة وقالت لسلمى:
- خلاص.. جلبك أبيض، سامحيه النوبة ديْ..
سلمى برفض تام:
- لا... مش ممكن...
هتف شهاب وهو يشير اليها:
- شايفه يا حاجة...، مش كفاية اني لسه معرفتش هي خرجت معاه ليه؟..
أجابت سلمى بحدة:
- مع أنه شيء خاص بكريم لكن هقولك، كريم كان رايح يقابل عمي عثمان بخصوص حتة الارض بتاعتكم اللي في أول البلد..
شهاب بتقطيبة حائرة:
- ايه؟.. يقابل بابا!!..
سلمى بمرارة:
- آه.. أول مرة كريم جه هنا وشاف الارض عجبه المكان أوي وعرض على جدي وعمي عثمان فكرة مستشفى شامل كل التخصصات لعلاج الناس في البلد هنا والبلاد اللي حوالينا، وفي فرحنا عمو نبيل والد كريم فتح الموضوع مع جدي بعد ما عمي عثمان قاله لازم ناخد رأيه، وجدي اتحمس أوي للمشروع..
شهاب بتساؤل:
- ودا في ايه خاص مش عاوزة تقوليه؟..
سلمى بسخرية:
- عشان عمو نبيل وكريم داخلين شركا مع عمي عثمان وجدي، والمشروع دا خيري أكتر منه تجاري، يعني حاجة لله، يعني المفروض صاحبها بس هو اللي يقول لو حب، وبما أني عارفة انه ممكن جدا عمي نبيل يرفض حد يعرف عشان ياخد الثواب كامل ما كونتش عاوزة أقول، واللي حصل انه كريم جه انهرده حسب معاده مع عمي عثمان، ولأنه ميعرفش مكان الديوان فين اتفق مع عمي عثمان أني أنا اللي هوديه وأنا رايحه العيادة بتاعتي..
شهاب بتلكؤ بسيط:
- يعني بابا...\
أكملت ساخرة:
- أيوة!.. يعني عمي عثمان عارف أنا كنت فين ومع مين وركبت مع كريم ليه!..
شهاب باعتراض واه:
- كان ممكن يقول لي انا أو حد من الغفر أحسن ولا أنك تتعرضي انه حد يشوفك!..
سلمى بحدة وقد غاظها عناده الاحمق:
- لانه كريم كان جه فعلا، ولأني أنا سلمى الخولي بنت عيلة الخولي اللي محدش يقدر يجيب سيرتها بربع كلمة، ولأن الناس شافوني وأنا مع كريم ومع عمي عثمان في الديوان، وأنا اللي قلت لعمي ما فيش داعي لأي قلق أنا هوديه الديوان وأنا رايحه العيادة كدا كدا دا طريقي.. بس لأسف ما عملتش حساب انه جوزي هو اللي هيتكلم عليا ويشك فيا!!..
هتف شهاب بحنق:
- بردوه تقول بيشك فيا!!... افهمي.. أنا...
قاطعته الجدة بجدية:
- شهاب.. خلاص.. أديكي افهمت الحجيجة عشان ماتوبجاشي تتسرّع بعد إكده.. ممكن بجاه تهمّلنا دلوك؟..
أراد الاعتراض ولكن نظرة واحدة من الجدة اليه جعلته يتراجع ويتمتم معتذرا ثم انصرف من فوره مغلقا الباب خلفه...
التفتت الجدة الى سلمى بعد انصراف شهاب وقالت:
- شوفي يا بتي... الكلام اللي عجولوه دلوك مش عشان أني في صف شهاب، أبدا... يعلم ربنا غلاوتك انتي واختك في جلبي لو اجولك أغلى منيه هو غيث يمكن معتصدجنيش...
سكتت قليلا لتضمن إنصات سلمى لها ثم أردفت:
- اسمعيني زين يا بتي.. جوزك جلبه أبيض، عصبي حبتين وحِمَجي تلات حبّات لكن من جواته أبيض كيف الجوطن تومام، لو راجل غيره كان زماناته لف ودار عليكي لكن شهاب اللي في جلبه على لسانَه، عرف حاجة ضايجته منيكي جام باخِخْها في وِشِّك في وجْتها.. جوزك بيحبك وبيخاف عليكي، ما تضيعيشي حبه من يدّك...
سلمى وبقايا بكاء لوّنت صوتها:
- أيوة يا ستّو بس...
الجدة بحزم:
- انتي بتحبيه ولا لاه يا بتي؟...
سلمى وهي تهرب بعينيها:
- دا جرحني يا ستو أوي...
كررت الجد بصرامة أقوى:
- بتحبيه ولا لاه؟....
سلمى وهي تتنهد بعمق وتنظر اليها معترفة بضيق:
- أيوة يا ستو، بس مش عاوزة حبي له يخيليني أتحمل اهانة وبهدلة أكتر من كده..
الجدة بقوة:
- ما عاش مين يبهدلك ولا يّجل بيكي، سلمى يا بتّي جوزك هو عزوتك وسندك، هو كرامتك، مش أي واحدة جوزها يُضربها تجوم جايلاله طلجني!!!.. كلمة الطلاج ديْ كلمة وعرة جوي، ما اتعوديشي لسانك عاليها... انتو لساتكو في الاول ويا ما هيمر بيكو حاجات.. لو كل مرة جولتيلو الكلمة الشينة ديْ هياجي في مرة منيهوم ويحججهالك فعلا.. وجتيها يبجى ازي الحال؟...
سلمى بضيق وقد بدأ كلام الجدة يلقى صدى في نفسها:
- يعني أسامحه على طول كدا يا ستو ولا كأنه عمل حاجة؟..
الجدة وهي تبتسم رافعة حاجبها:
- مين اللي جال إكده؟... غلطته امعاك من حجك انك تاخدي بحجك منيه تالت ومتلّت وكيف ما انتي عاوزه ... بس وانتي في دارك، وبابك مجفول عليكي انتي وهو، مافيش مخلوج يعرف بيناتكوم إيه، عرِّفيه غلطه بطريجتك وخلّيه يجول ان الله حاج... بذكاء يا دكتوورة...
ابتسمت سلمى ومسحت دموعها وهي تطالع ابتسامة الجدة الماكرة وقد فهمت ما ترمي اليه فتوعّدته في سرها انها ستجعله يعضّ أصابع الندم على ما اقترفه في حقها وأنها لن تكون سلمى الخولي إن لم تجعله يكفّ عن حدته وتهوره الأرعن ذاك!!!...
راقب شهاب سلمى وهي تخرج من غرفة الجدة وتتجه للصعود الى الأعلى فراقبها ليلحق بها فيما نظرت راوية باتجاهه ليقطع تفكيرها صوت الجدة وهي تقف أمام باب غرفتها تطالعها بنظرات صارمة قائلة بأمر لا يقبل النقاش:
- راوية... عاوزاكي اشويْ...
ودلفت الى غرفتها تتبعها راوية وهي تقدم قدم وتؤخر الأخرى...
أغلقت راوية الباب خلفها، وتقدمت تقف أمام الجدة التي جلست على مقعدها المفضل أمام النافذة، تململت راوية في وقفتها وهي تسترق النظرات الى الجدة التي تطالعها بغموض، همّت راوية بالحديث حينما قاطعتها فاطمة بجدية صارمة:
- ليه؟.. عتستفيدي إيه من اللي بتعمليه ديه يا راوية؟..
تصنعت راوية عدم الفهم وأجابت:
- جصدك إيه يا عمة الحاجّة؟...
الجحدة بصرامة:
- انتي فاهمه زين أني بتحدت عن إيه..
راوية بعدم فهم زائف:
- لاه يا عمّة... ما عارفاشي..
نهضت الجدة واقفة وتقدمت اليها لتقف أمامها تطالعها قليلا بنظرات حادة قبل أن تهمس لها بشرّ:
- شوفي يا راوية... أني خابراكي زين، وعارفة اللي في جلبك من ناحية ولدي رؤوف ومرتو وبناته التنيين، لكن توصل بيكيّ انك تخربي بيت ابنك ابيدك يبجى وجتها ما عسكوتلكيشي واصل... هي كلمة ومش هتنِّيها... اجصري شرّك عن ولادك انتي جبل نساوينهم يا راوية.. انتى مش عتخربي بيت بنات ألفت لاه.. انتي عتخربي بيت اولادك.. واني ما عجفش أتفرج عليكي... لو حوصل منيكي حاجة تانية وجتيها مش أنا اللي عجف لك، ولا جوزك.. لاه.... كبيرنا هو اللي عيجف لك... كبير العيلة... الحاج عبد الحميد الخولي، وأظن انك تعرفي الحاج عبد الحميد غضبه بيكون عامل كيف...
همست راوية:
- عارفة يا حاجة لكن...
قاطعتها الجدة رافعة يدها بصرامة:
- خلاص يا راوية.. ما عاوزاشي كوتر حديت، روحي دلوك، وعجلك إفـ راسك تعرفي خلاصك..
انصرفت راوية تاركة الجدة وهي تزفر وتدعو الله في سرها ان يبعد عن كنّتها شيطانها بينما وقفت راوية خلف الباب بعد أن أوصدته وراءها وقد كسا اللون الأسود وجهها وهي تتمتم ببغض عميق:
- بجه أجف كيف العيّل الصغيّر جودام عمتي الحاجة من ورا راسك انتي يا ألفت انتي وبناتك! ( ناسية أو متناسية أن حديث الجدة الصارم لها من جراء أفعالها السوداء ولكنها الكراهية التي ملأت قلبها من ناحية ألفت وابنتيها) ... لكن لاه.. ما ابجاش راوية أما خليتكو تعاودو مكان ما جيتو.. انتي وبناتك وجوزك... وبكرة تشوفي راوية تجدر تعمِل إيه...
وبرقت عيناها بشر مستطير!!، بينما هناك.. في الأعلى.. كان شهاب يواجه عاقبة ما صنعته يداه وهو يقف متطلعا الى باب غرفة النوم الموصد في وجهه بعد أن أصدرت سلمى حكمها بأن ينام في غرفة الأطفال.... إلى إشعار آخر!!!!!!!!
- يتبع -

 
 

 

عرض البوم صور منى لطفي   رد مع اقتباس
قديم 28-12-16, 05:52 PM   المشاركة رقم: 185
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2011
العضوية: 216585
المشاركات: 468
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييممنى لطفي عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1595

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى لطفي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى لطفي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: كبـير العيلة

 

كبير العيلة
الحلقة (32)
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلست سلافة أمام سلمى فاغرة فاها مما سردته الأخيره على مسامعها، لتقفز واقفة وهي تهتف بحنق شديد:
- وانتي ازاي تسكتي على اللي عملته؟.. انتي عارفة حجم الكارثة اللي اتسببت لك فيها؟.. دي شككت فيكي، خليت جوزك يشك فيكي، يا ريتها حطي تلك ملح في الاكل اللي انتي طبختيه مثلا.. لا!!!... دا عرض وشرف خاضت فيه، الست دي لازم يتوضع لها حد!..
نهضت سلمى وهي تحاول أن تهدأ سلافة قائلة بهدوء حزين:
- هدِّي نفسك يا سلافة، أنا طبعا عارفة ومتأكد هان اللي عملته مش شوية ، لكن لو كان الانسان اللي قودامها عاقل ومتزن ما كانش فيه حاجة حصلت، الغلط شهاب يتحمل له وأكتر منها كمان، طيب هي ومن أول لحظة لينا في البلد وهي بتكرهنا هو بقه عذره ايه انه يصدقها؟.. وخلي بالك يا سلافة دي مش أول مرة شهاب يعملها، فاكرة أيام الحادثة والمستشفى؟.. مش سبق وشك فيا ووقتها كلكم قلتوا لي انه معذور الفيديو اللي راح له وحالتي النفسية السيئة أيامها، وللأسف اقتنعت بعذره وبكلامكم لكن اللي عمله دلوقتي مالوش لا عذر ولا مبرر عندي...
نظرت اليها سلافة بتساؤل مقطبة:
- يعني ايه يا سلمى؟..
هزت سلمى برأسها وأجابت بغموض:
- أنا ما اتعودتش آخد قرار من غير تفكير، لازم أوزن النتايج كلها، وفي وسط دا كله أنا بردو مش قادرة أشوفه قودامي، احنا من يومها مش بنكلم بعض كلمتين على بعض، اكتر من خمس ايام وكل اللي بيننا كلمات بسيطة لما بيصادف ونكون معهم تحت، وحتى دي بقيت بتهرب منها، مش قادرة أشوف أمه يا سلافة، أد كدا كرهها لينا مالي قلبها؟.. ازاي قدرت تخطط وترسم وتقول كدا عليّا؟.. دا قذف محصنات، وهي عندها بنت، ما خافتش اللي بتعمله معانا ربنا يترد في بنتها؟.. سلسبيل طيبة وربنا يعلم أنا بحبها أد إيه وما اتمنى لهاش حاجة وحشة لكن داين تدان... شيطانها شاطر أوي كدا لدرجة انها عامية عن كل حاجة إلا أذيتنا وخراب بيوتنا اللي هو في الاساس بيت ولادها؟..
زفرت سلافة بحنق وهي ترى عيني أختها تمتلآن بالدموع وقالت بغيظ من بين أسنانها وهي تحتضن كتفيها مربتة عليها:
- أقولك إيه بس، أصل فيه ناس كدا بينسوا ربهم والكره والحقد اللي جواهم بيخلوهم مش شايفين ولا سامعين غير شيطانهم وبس، لكن على أد ما انا زعلانه من اللي عمله شهاب فبردو عاوزاكي تحطي في دماغك حاجة واحده بس، حماتك استغلت اندفاع شهاب الاعمى وحبه ليكي وغيرته المجنونة عليكي، لكن ما أعتقدش انه شهاب شك فيكي لسبب بسيط جدا لو فعلا كان شك ما كان أي كلام هيخلي الشك اللي جواه دا يروح، شهاب اتصرف وكالعادة من غير ما يدي فرصه لنفسه انه يفكر الاول، وخصوصا انه الكلام وصل له من أمه، يعني عمره ما هييجي في باله مهما كانت أمه مش بتحبك انها توصل انها تتبلى عليكي بالشكل دا، وخصوصا أنه الحرباية على كلامك بعد اللي حصل بكت بدموع التماسيح وقالت لشهاب انها مش قصدها لدرجة انها اعتذرت لك قودامه، شوفتي أكتر من كجا خبث؟... عشان تبقي تصدقيني لما أقولك انها عقربة وحيّة مع بعض، بس على مين أنا بقه اللي هكسر سمّها!!.. المهم دلوقتي اوعي تفكري تسيبي بيتك وجوزك، حتى لو انتي لسه متضايقة منه خليكي قاعده في بيتك، كفاية انها طول ما هي شايفاكي رايحة وجاية قودامها وجوزك شكله على آخره من خصامك ليه دمها هيتحرق بزيادة، بيني وبينك ومن قبل ما تحكي لي انا حاسيت انه فيه حاجة، شهاب مش طبيعي، مش دا شهاب اللي قعدته كلها ضحك وفرفشة دايما ساكت، حتى واحنا مع بعض تحت ع السفرة انا اخدت بالي انه عينيه ما اتشالت من عليكي حاسيت اني قودام واحد مراهق بيحب على روحه!!!..
وضحكت ساخرة فرمقتها سلمى بغل وضربتها بخفة على كافها وقالت آمرة:
- اتلمي، ما تتريقيش على جوزي لو سمحتي..
نظرت اليها سلافة بمكر ورفعت حاجبها الأيمن وهي تقول بإغاظة:
- يا سلام دلوقتي بقه جوزي؟.. ما انتي ما كونتيش طايقاه منش وية وبتفكري في قرارات مصيرية وكلام من المجعلص الكبير دا اللي ماليش فيه!!!!
هزت سلمى كتفيها وأجابت بغرور:
- جوزي أنا بس اللي مسموح لي أعمل فيه وأقول عليه ما بدا لي لكن حد تاني لأ، انتي ما سمعتيش المثل أدعي على جوزي وأكره اللي يقول آمين؟..
أجابتها سلافة بجدية زائفة وهي تبتعد عنها مربتة على كتف أختها:
- لا وانتي الصادقة المثل أدعي على ابني مش جوزي، لكن سمعت المثل اللي بيقول عيني فيه وأقول.. إخِّيييه!!!!!!
ليكون نصيبها قرصة من سلمى في خصرها تأوهت على أثرها عاليا قبل أن تسمعان صوت زوجيهما بالخارج حيث كانتا في شقة سلمى بغرفة نوم الأخيرة....
طرقات على الباب أسرعت سلمى بالفتح لتجد شهاب ينظر ايها بعينين مظلمتين سرعان ما انتعشا لرؤيتها وقال بهمس مبحوح فيما كانت عيناه لا تكفان على ارسال نظرات الرجاء والتوسل:
- غيث بره، ياللا عشان تحضري لنا عشا حلو كدا من ايديكي الاتنين...
قاطعت سلافة سيل النظرات بينهما أحدهما مترجية والأخرى عاتبة، لتقول وهي تبتسم تهم بالخروج:
- لالا ما تتعبيش نفسك يا سولي، احنا الغد ابتاع ماما ستو لسه ما اتهضمش...
ليسارع شهاب بالقول فهو يعلم أنه ما أن تذهب سلافة وغيث فستسرع سلمى بالحتماء في غرفتها وتركه ليقضي ليلة أخرى مسهدة كاليالي التي سبقتها:
- لالا أبدا، معقول!!.. احنا وقت عشا، ياللا يا سلمى..
ومنحها نظرة جدية لترفع سلمى حاجبها في ريبة ثم هزت برأسها قائلة:
- ربع ساعة بالكتير والعشا يكون جاهز...
قالت سلافة بابتسامة:
- وأنا هساعدك..
وبهذا قطعت سلافة على شهاب عرض المساعدة الذي كان ينتويه حيث كان عازما أيضا على استغلال هذا الوقت أسوأ استغلال ولكن لتحبط سلافة خططه كلها وتجعله يكاد يعض أصابعه غيظا!!!!!..
--------------------------------------------------
وقفت خلفه وهو يرتدي عمامته البيضاء تطالعه بعينين تشيان بعشقها لفارسها الأسمر، ابتسم لصورتها المنعكسة أمامه في المرآة والتفت اليها يقول بابتسامة:
- ايه؟.. كانِّك بتشوفيني لاول مرة!..
اقتربت سلسبيل من ليثها ووقفت أمامه لتشب على أطراف أصابعها وهي تتعلق بذراعيها في قربته هامسة بصوتها ذو النغمة المميزة:
- دايما كل بشوفك كانِّي بنضُرك لاول مرة!.. معصدجش نفسي إني مَرَتك، انك اخترتني أني عشان تعيِّشها في الجنّة ديْ..
أحاط ليث خصرها الناعم الملتف بقميص حريري أحمر اللون عار الاكتاف يبرز بياض بشرتها الواضح، همس أمام وجهها لتفلحها رائحته المسكيّة مختلطة بعطره الرجولي الخاص:
- صوح يا سلسبيلي؟.. فرحانه أنك اتجوزتيني؟..
فتحت عينيها واسعا غير مصدقة لهذه اللمحة التي رأتها!.. ففي أقل من ثانية لمحت طفلا مهزوزا يقبع خلف نظرات ليثها القوية!.. أحست برتددا ولو بسيطا يكمن في نبرات صوته القوي، فابتسمت ابتسامة صغيرة وفهمته... وعذرته!.. ، أصبح ليث بالنسبة لها كتابا مفتوحا لا تحتاج لشرح منه أو توضيح، من المؤكد أنه يمر عليه بعض لحظات التساؤل إن كانت تشعر بالسعادة الحقيقية معه، كما أنها متأكدة أن هناك سؤالا يراوده دائما يخشى من الافصاح عنه ليس خشية على احراجها ولكنه خوفا من جوابها!!!... ، هي على يقين أنه يتساءل عما إذا كانت تقارن بين حياتها معه وحياتها السابقة مع... راضي.. أخيه!!!... ، تعلم أنه بيدها وحدها بث الطمأنينة في نفس هذا الليث القاسي الذي يرعب أقوى الرجال وتهتز لذكر إسمه فقط أعتى الشوارب ولكن ما إن يغلق عليهما بابا واحدا يستحيل هذا الليث لقط أليف يخرخر سعيدا راضيا عندما تداعبه بأناملها الناعمة، أقسمت بداخلها أنها ستقضي كل يوم في حياتها معه وهي تثبت له أنه لا مقارنة بينها اليوم وبين ما كانت بالامس، فسلسبيل الامس قد ذهبت ما أن دق قلبها له هو، حيث ولدت على يديه سلسبيلا جديدة... سلسبيله هو!!...
رفعت عينان تنضحان بعشق سرمدي وأجابت وقد وضعت كل حبها في صوتها لتظهر نبرة الصدق واضحة لا ريب فيها:
- أني مش فرحانه إو بس، لاه!!... أني بشكر ربي كل ليلة وفي كل وجت على انه هداك ليا، انت هدية ربنا ليا يا ليثي، يا سبعي، ربنا ما يحرمني منيك ويجعل يومي جبل يومك..
ليسارع ليث بكتم فمها وهو ينهرها بقوة ان تصمت فيما قلبه قد تسارعت دقاته فرحا بما يراه من عشق خالص صاف موجه له وحده وجزعا من عبارتها التي تتمنى فيها له هو أن يعيش أطول من عمرها!!.. هل تعتقد أنه سيستطيع الحياة بعدها ولو لدقيقة واحدة؟.. طوال السنوات التي عاش فيها محروما منها بل ومن لحظة تفكير فيها كان أشبه بالنيت الحي وحده طيفها الذي كان يلمحه خطفا واحساسه بأنها معه في نفس المكان يتشاركان الهواء ذاته كان كفيلا بأن يتشبث بالحياة، ولكن إذا حدث وخلت حياته منها فلأي سبب يحيا بعدها!!... وأن حصل وكتب له الحياة فهو على يقين من أنها ستكون حيارة باردة لا طعم لها ولا لون عبارة عن أيام يقضيها حتى يلحق بها هناك... حيث يدعو الله ليلا ونهارا وفي كل صلاة أن يجمعه بها في جنته، وأن تكون هي... حوريته هناك، أو لا يقولون أن الرجل سيخير في الحور العين وإن كانت إمرأته في الدنيا صالحة ستكون من ضمنهن؟.. إذن فسيختارها هي.. إمرأته.. حبيبته.. طفلته.. حوريته في الدنيا والآخرة!...
أبعد ليث يده الضخمة عن فمها حيث ابتلعت راحته نصف وجهها الصغير وقال بغلظة:
- إياكي أسمعك اتجوليها تاني مرة يا سلسبيل مفهوم؟..
ابتسمت ورفعت وجهها اليه تقول ببراءة:
- مفهوم يا جلب سلسبيل...
تنحنح ثم قال:
- هروح أني دلوك لأني عوّجت، رايدة حاجة جبل ما أمشي؟..
سلسبيل وهي تنظر اليه بحب:
- رايداك سالم يا ولد عمي، أني بعد أذنك عروح أسلم على سلافة وسلمى وأجعد امعاهم اشوي..
ليث بجدية:
- متعوجيش، خدي الواد صابر ايوديكي ويجيبك، و حاجة تانية.. يا ريت ما تدخليش روحك في أي حديت حوصل اهناك، مالكيش صالح باللي بيوحصل بيناتهم وبين أمك من الآخر..
قطبت سلسبيل وتساءلت:
- ليه؟.. هو حوصل حاجة؟..
قطب ليث مجيبا:
- ماعارفشي بالظبِط، لكن شكله انه فيه حكاية واعرة جوي حوصلت بين شهاب ومرته غيث لمح لي بحاجة زي إكده لمن سألته عن شهاب وكيف انه متغيِّر اليامين دول، واللي فهمته انه مرت عمي ليها يد باللي حوصل، جوصر الكلام امك وغالية عنديكي ما جولتش حاجة لكن بعِّدي عن حواديتها مع بنات عمك، واضح يا سلسبيل؟. أني ما عاوزشي تكون طرف بحكاويها من الاخر...
أومأت سلسبيل وقلبها يقرع خوفا مما فعلته أمها فهي تعلم تماما مدى كره أمها لبنات عمها ورفضها لزواج شقيقيها منهما ولكنها لم تستطع الوقوف أمام إرادة الحاج عبد الحميد كبير العيلة, قالت سلسبيل بتفهم:
- حاضر يا ولد عمي..
قبلها ليث قبلة عميقة على جبهتها وابتسم قائلا:
- ربنا يخليكي ليا وما يحرمني منيكي يا جلب ليث، أفوتك بعافية..
تركها متجها للباب حين شعرت سلسبيل فجأة بتقلصات بطنها التي تشعر بها منذ أن استيقظت صباحا وقد زادت لدرجة جعلتها تطلق تأوها مباغتا حاولت كتمه كي لا يصل لمسامع ليث ولكنه كان قد سمعها وانتهى الأمر!!..
تقدم اليها بخطوات سريعه وسارع لاسنادها وقد رآها تترنح في وقفتها وهتف بخوف يقبض قلبه لأول مرة:
- باه.. سلسبيل، فيكي إيه؟..
حاولت الابتسامة من وسط ألمها وأجابت بصوت ضعيف واهن:
- ما تجلجشي إكده يا ولد عمي، تلاجيه شوية برد، أني هشرب كوباية لايسون دافية وان شاء الله هبجى زينه..
لم يقتنع ليث بكلمتها وقال:
- لاه.. اني لازمن آخدك المركز عشان الدَّكتوور ايشوفك..
سلسبيل برفض ناعم:
- لاه.. مامنوش لازمه، أني دلوك هشرب اللايسون كيف ما جولت لك وهبجى زينه إن شاء الله...
قبل ليث جوابها على مضض وقال بأمر:
- ما عتروحيشي موكان انّهاردِه، خليكي اهنه في السَّري، وأني هجول لأم ليث تاخد بالها منيك زين وتبعّد العيال عنيكي عشان تعرفي اتنامي صوح، وتجّلي في تيابك يا سلسبيل، عشان البرد ديه يخرج منيكي..
ابتسمت سلسبيل وقالت بينما كان يعاونها على الرقاد فوق الفراش:
- حاضر يا ولد عمي، بس ياللا انت بجاه عشان ما تتعوجش على مصالحك أكتر من أكده..
جلس بجانبها فوق الفراش بعد أن أحكم من وضع الغطاء حولها وقال وهو يحيط جانب وجهها الأيمن براحته الكبيرة الخشنة بينما ابهامه يتلمس حدود شفتيها:
- انتي مصالحي وحالي ومالي، هو أني عِنْدي أغلى منيكي أخاف عليه يا جلب ليث..
قبلت راحة يده بشفتيها الدافئتين لتقول بصدق شعّ من عينيها:
- ربنا يخليك ليّا يا حياة سلسبيل إنتِه...
نهض من جوارها بصعوبة وانطلق ينادي والدته بينما ترك قلبه بجوراها يحرسها داعيا الله أن يحفظها له، وفاتته تلك البسمة التي زينت ثغر سلسبيل وهي تمسد بطنها بنعومة من فوق قماش ثوب نومها الناعم وهي تدعو الله أن تكون ظنونها صحيحة، فلو صح حدسها فهي الآن تحمل ثمرة حبها هي و... الليث!!...
******************************************
طرقات خفيفة تعالت لتسمح للطارق بالدخول وهي منشغلة بقراءة أوراق في يدها واقفة بجوار مكتبها، حتى إذا رفعت رأسها فوجئت بشهاب وهو يقف أمامها بينما الباب موصد خلفه!...
وضعت الأوراق فوق سطح المكتب، ونظر الى شهاب قاطبة وهي تقول:
- خير يا شهاب؟.. فيه حاجة؟.. مش بعادة تيجي لي العيادة يعني؟...
اقترب شهاب حتى وقف على بعد خطوات منها وقال ويديه داخل جيبي سرواله الجينز الغامق:
- مضطر أجي لك هنا، مش عارف أقعد معاكي خالص، طول ما انتي في البيت يا مع جدتي يا في الاودة يا مع اختك، قلت أحاول أشوفك في العيادة يمكن أعرف أقعد معاكي براحتنا!..
سلمى ببرود وهي تستدير لتتناول الاوراق التي كانت بيدها:
- للٍأف يا شهاب انا مش فاضية دلوقتي، أنت أكيد شوفت العيادة مليانه برّه ازاي، نتكلم بعدين...
وتظاهرت بالانشغال في الأوراق بينما كان قلبها يختض بقوة ما أن وقعت عيناها عليه، تحدث شهاب ببرود مشابه لبرودها:
- مافيش حد بره، أنا مشيتهم، وقلت لمغاوري التمرجي يمشي هو كمان!!..
تركت الأوراق لتسقط منها واتجهت اليه وقد حصل على رد الفعل الذي يريده، أرادها منفعلة ثائرة وليست لوح رخام بارد كما كانت منذ شجارهما، لترتسم ابتسامة صغيرة سرعان ما أخفاها متصنعا التجهم!... هتفت به بحدة:
- انت بأي حق تمشّي العيانين بتوعي؟.. ومغاوري التمرجي كمان؟.. طب اتفضل أنت بقه حضرتك من غير مطرود، انا مش عاوزة أتكلم معاك لا دلوقتي ولا بعدين!...
وأسرعت بالاتجاه الى الباب لتفتحه لتفاجئ بأنه... موصد!!...
رفعت عينيها اليه بذهول وهي تشير الى الباب:
- انت ايه اللي عملته دا؟..
هز شهاب كتفيه ببرود وأجاب وهو يقلب شفتيه بلا مبالاة:
- عادي، عاوز أقعد مع مراتي براحتي، أظن حقي؟!..
أجابت سلمى بمرارة ساخرة:
- حقك!!.. آه فعلا كله حقك، وانت أكتر واحد بتاخد حقك أول بأول، بس يا ترى بتعرف حق الناس بقه زي ما انت عارف حقك؟...
زفر بضيق واقترب ليقف على بعد خطوات قليلة منها ووقف يطالعها وهو يقول بجدية:
- شكلك مش عاوزة تسامحيني ومش مدياني فرصة أني أشرح لك...
هتفت سلمى وقد بدأت واجهة البرود التي اعتمدتها في التصدع:
- تشرح لي إيه بالظبط يا باش مهندس؟.. تشرح لي إزاي شكيت فيا؟.. ولا إزاي حاكمتني وأدنتني وأصدرت حكمك من غير حتى ما تدي لتفسك فرصة انك تسألني الأول؟.. ولّا إزاي... ضربتني؟!!....
لتترقرق الدموع في عينيها مع كلمتها الأخيرة وتواصل بحزن شديد:
- إيدك اتمدت عليّا يا شهاب، فاكر الحادثة إياها واللي حصل أيامها؟.. وقتها وعدتني أنك عمرك ما هتزعلني وأنك مش ممكن تشك فيّا، لكن انت خالفت وعدك يا شهاب، انت شكيت فيا وأدنتني و....وضربتني يا شهاب!!!..
لينهمر السد عند آخر حرف من أحرف كلماتها فتهطل دموعها تغرق وجهها، لتستدير وتوليه ظهرها وقد بدأ صوت بكائها في الظهور فأطلق شهاب لعنة من بين شفتيه قبل أن يطوي المسافة التي تفرقهما ويمد يده ليديرها ناحيته على الرغم من ممانعتها ويحتويها بين ذراعيه في حين كالت له القبضات وهي تهتف به من بين صيحات بكائها أن يتركها، ولكنه أحكم قبضته حولها وأسند رأسها الى كتفه وهو يربت على شعرها، حتى بدأت نوبة البكاء التي داهمتها بالانحسار، فتحدث فيما يشعر بالطعنات تصيب قلبه لدى كل شهقة بكاء تصدر عنها:
- لو قلت لك أني آسف بعدد شعر راسي مش هتصدقيني صح؟...
انتظر فلم يسمع منها أي رد فواصل وهو يستند بذقنه على قمة رأسها:
- اسمعيني كويس يا سلمى وحطي الكلام دا في دماغك كويس أوي، أنا عمري ما هشك ولا شكيت للحظة واحده فيكي، لأني من الآخر لو شكيت فيكي يبقى بشكّ في نفسي، عارفة يا سلمى لو فيه ذرة شك جات في قلبي من ناحيتك عمري ما كنت هكتفي بزعيق ولا خناق ولا حتى قلم ولا قلمين!!!.. لا لا لا الراجل لما بيشك في مراته بيحول حياتها لجحيم وما في أي حاجة في الدنيا ممكن تخرّج الشك دا من جوّاه غير دليل قوي جدا وغير قابل للتشكيك فيه، أنا ومن الآخر... بغيييييير!!.. افهميها بقه!.. بغير عليكي جداااا، اذا كنت أحيانا بغير عليكي من جدي لما يشكر فيكي ولا يقول لي مراتك مافيش زيّها، جدي ها فاهمه؟.. مش هغير عليكي من الأغراب؟...
أبعدها عنه قليلا وقبض على كتفيها وأردف وهو ينظر الى عينيها اللامعتين من أثر الدموع:
- أنا... بحبك.. بعشقك... تقدري تقولي عليّا مجنون سلمى، وأنا انفعالي جدا وعصبي جدا وللأسف بعمل العملة الأول وبعدين بفكّر فيها!!!.. بس بردو أنا... بحبك جدا جدا جدا، وصدقيني وأتحداكي تلاقي حد بيحب مراته زيي كدا...
مسحت وجهها بظهر يديها كالأطفال وأجابت بحزن وهي تشيح بعينيها بعيدا:
- آه.. وايدك طويلة جدا جدا جدا!!!.. ولسانك عاوز قصّه جدا جدا جدا.. و.....
قاطعها شهاب مبتسما:
- ومجنون سلمى جدا جدا جدا!!!...
قالت ببرود وهي تحاول الابتعاد عنه:
- وبعدين فين الحب دا؟.. عندك غيث وسلافة مثلا... شوف بيحبها ازاي وبيصبر عليها ازاي، ما هي أصلها هي التانية مطيورة زيّك كدا تمام، لكن غيث ما شاء الله عليه رزين وعاقل وهادي وبيحتويها وبيتفهم عصبيتها، تصدق انت ما كان لك غير واحده مجنونة زيّك كدا!!..
نظر اليها بنصف عين ورد من بين أسنانه:
- طيب قصري بقه في وصلة الشعر اللي بتقوليها في أخويا دي بدل ما أوريكي الجنان اللي على أصله شكله يبقى إزاي ووقتها بقه مش هيبقى قلم بس.. لا لا لا مقلمة بحالها وأنتي الصادقة!!!
حدقت فيه بدهشة وهتفت بذهول وهي تشير بيديها:
- تاني يا شهاب!!!.. انت مش ناوي تحرم طريقتك دي أبدا؟.. أنا عاوزة أفهم انته تبطل امتى غيرتك المجنونة دي؟.. هو انت مش المفروض بتصالحني ولا أنت بتزعلني من أول وجديد؟...
أحاط وجهها براحتيه الخشنتين وأجابها وهو يميل عليها لينظر بعمق في غابات الزيتون خاصتها:
- أنا عمري ما هبطل غيرتي المجنونة دي، لأني لو بطلتها اعرفي اني بطّلت أحبك، وأنا مش ممكن أبطّل أحبك، بالعكس بقه حبك كل يوم بيزيد مش بيقل، وبعدين أعمل لك ايه بقولك بغييير تقوليلي أخوك!!!!.. أنتي اللي غاوية تجنينني!!..
أشاحت سلمى بعينيها بعيدا فهمس وهو يميل عليها أقرب لتلفحها أنفاسه الخشنة:
- سلمى أرجوكي.. خمس أيام من وقت ما زعلنا وأنا مش حاسس بطعم أي حاجة، بتعامليني بمنتهى البرود وكأن اللي بيننا عقد عمل مش جواز، أنا مش قادر يا سلمى، أرجوكِ بجد سامحيني، واغفري لي.. سامحي واحد مجنون وغيرته دي اللي مجنناه، لكن بردو أنتِ عنده أغلى من أي حاجة ومن أي حد، أنا.. مش عاوز عمي رؤوف ومرات عمي يرجعوا من العمرة ويلاقونا متخاصمين، أرجوكِ يا سلمى، أنا سمتعد للترضية اللي تطلبيها بس ارحميني من النوم في أودة الأطفال تعبت... بئالي خمس ايام ما دوقتش فيهم طعم النوم!!!...
نظرت اليه وقالت بهدوء:
- يعني أنت راضي بأي حكم أحكم بيه عليك؟...
افترشت وجهه ابتسامة واسعة وقد بدأ قلبه يرقص فرحا فها هي حبيبته أوشكت على مسامحته:
- أي ترضية عاوزاها حبيبتي أنا تحت أمرك...
نظرت اليه بلؤم لتلمع عينيها بمكر وهي تقول بينما تمسك براحتيه لتبعدهما عن وجهها:
- خليهم سبع ايام!!!...، قطب وتساءل:
- نعم!!.. هما ايه دول اللي أخليهم 7 أيام؟...
هزت كتفيها وأجابت ببرود وهي تبتعد عنه خطوتين الى الوراء:
- نومك في أودة الأطفال!!.. كمل الاسبوع يا باش مهندس!..
ليعتلي وجهه تعبيرا حانقا ويهتف باستنكار تام:
- نعم!!!!!!... بقولك بئالي خمس ايام ما نمتش تقومي تقوليلي خليهم سبعة!!!!!!!!1 انتي اتجننتي؟!!!!
أدارت ظهرها إليه وهي تقول بإغاظة:
- والله دا حكمي وأنت قلت انك هترضى باللي أقوله....
لينظر اليها شهاب وقد طرأت على باله فكرة مجنونة فقال بخبث وهو يتقدم ناحيتها بخطوات مدروسة:
- امممم... يعني أقضي الليلتين الجايين في أودة الاطفال صح؟...
قطبت سلمى ووقفت وقد استشعرت الخطر في نبرته الناعمة لتجيبه وقد التفتت اليه:
- آه.....، ليسارع اليها يحملها بين ذراعيه وهو يهتف بجذل:
- بس احنا دلوقتي بالنهار مش بالليل، وفي العيادة مش البيت، يعني العقاب ساري من بالليل بس، يبقى دلوقتي بقه أنا اللي أقول...
هتفت سلمى وهي ترفس بقديمها الهواء لينزلها:
- تقول ايه بس؟.. شهاب ما تتجننش!!!!!
وضعها على الاريكة الجلدية واتجه سريعا ليسدل ستائر النافذة ليحجب الغرفة عن الخارج ثم استدار سريعا اليها متجها نحوها وهو يفتح أزرار قميصه هاتفا:
- دا أحلى جنان....
رفعت سلمى سبابتها اليه بتحذير هاتفة وهي ترى نظرات المكر ونيته المبيتة تتراقص في رمادي عينيه:
- شهاب بقولك إيه بلاش...
لتضيع باقي أحرف كلماتها بين شفتيه ويسحبها معه في عالمهما الوردي حيث تعالت الألعاب النارية وتلونت السماء بألوان قوس قزح!!!!!!!!!!!...
--------------------------------------------------
كانت تجلس في غرفة الجلوس تنتظر غيث لموافاتها وهي ترغي وتزبد فقد تأخر عليها ويه تريد السفر الى القاهرة لملاقاة والديها بعد رجوعها من أداء مناسك العمرة، وكان شهاب وسلمى قد سافرا منذ يوم أمس لرغبة سلمى بالذهاب الى أستاذها المشرف على رسالتها، ولم يكن من المنطقي أن تسافر معهما ووعدها غيث بأن يسافرا في الصباح الباكر قبل موعد الرحلة بوقت كافي، ولكن ها هو قد هافتها منذ ساعة ليخبرها بأن هناك مشتر لمحصول الأرض وهو مجبر على انتظاره فوالده مشغول بأشياء أخرى ولم يستطيع مقابلة الشاري، وحينما طلبت منه أن يدعها تسافر هي سواءا بالقطار أو أن يوصلها غفير من غفرائهم رفض بشكل قاطع!!!...
نهضت واقفة وأخذت تروح وتجيء في المكان وهي تطلع الى ساعة يدها من وقت لآخر، يبدو أن جدّيْها في جناحهما فلا تسمع لهما أي صوت، حركة شدت انتباهها لتلتفت حيث مصر الصوت فتفاجأ براوية وهي تقف تطالعها بسخرية وشماتة، دلفت راوية في حين أشاحت سلافة بوجهها عنها فهي ليست بمزاج رائق لسماجة حماتها الآن!!...
اقتربت راوية منها وهي تسلط نظراتها على تلك الفتاة التي لا تخفي كراهيتها لها، فهي تشعر أن سلافة تبادلها كرها بكره وبوضوح، لم تكن كسلمى أختها الكبرى، تلك الأخرى التي أصبحت تتجنبها منذ شجارها وشهاب، ولكنها لن يهدأ لها بال قبل أن تنفذ ما ببالها، ولكن الأهم الآن هو أن تتخلص من تلك الصغيرة فهي تشعر أنها قادرة على قراءة أفكارها، أما سلمى فإن التخلص منها ليس هناك أسهل منه، فهي ساذجة وابنها شهاب عصبي متهور وليس هناك أفضل من هكذا صفتين تستطيع معهما تنفيذ ما تريده بسهولة ويسر، ولكن من يقف حقيقة كالشوكة في بلعومها هي... سلافة!!!.. خاصة وأن غيث ابنها من النوع الهادئ المتريث الذي لا يتهور في أي فعل كشهاب!!!!..
تحدثت بسخرية:
- أيه يا مرات ولدي شكلك مش على بعضيكي ليه؟...
زفرت سلافة بضيق وأجابت وهي تنظر الى راوية بضيق واضح:
- لو سمحت يا طنط أنا فعلا مش حمل كلام دلوقتي...
راوية باستهجان:
- ما تجاوبيني عِدِل يا بت انتيْ!!!.. وأني جول تلك إيه يعني؟.. أني بسعلك ليه شايله سيدك عبد الجادر فوج راسك وزاعجه، يبجى تجاوبي بأدب!...
هتفت سلافة:
- وأنا جاوبت بمنتهى الأدب، أنا قلت إيه لمحاضرة الاخلاق دي؟.. سألتيني مالي جاوبت وقلت أنا في مود مش كويس، ما قلتش حاجة يعني لدا كله، وبعدين أنا مش بت، أنا اسمي سلافة!!!
راوية بهتاف حاد عال:
- واه، واه واه.. ما تاجي تاخديلك جلمين أحسن!!!... إيه الفُجر اللي انتي فيه ديه يا بت ألفت!!!
وكأن آخر كلمات راوية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، اذ ضيقت سلافة عينيها واقتربت من حماتها حتى وقفت أمامها وقالت بلهجة تحذير واضحة:
- نعم؟.. سمعيني تاني كده؟.. بنت مين؟... أنا اسمي سلافة رؤوف، وبعدين ومالها بنت ألفت؟.. شرف ليا أني أكون بنت ألفت، ولا ليكي رأي تاني؟...
أشاحت راوية بيدها باستهتار لسلافة وأجابت وهي تشخر لا مبالية:
- راي إيه بجه بعد حديتك الماسخ ديه؟... انتي جليلة الرباية وعاوزة اللي يربيكي زين، أنما هجول إيه ما انتي تربايتها، على راي المثل.. إكفي الجدرة على فومّها تطلع البت لأمها...
صاحت سلافة بحدة قوية:
- أنا ما اسمحلكيش انك تجيبي سيرة أمي، أمي أحسن أم وقلبها أنضف قلب، الدور والباقي على اللي قلبه أسود من كتر الكره اللي ماليه لغاية ما الدود هياكله من حسده وغيظه وغلّه!!!!
حدقت راوية فيها واسعا وصرخت بغضب وحشي حتى أن معالم وجهها غدت في غاية القبح والبشاعة:
- انتي بتجولي إيه يا بت إنتي؟.. انتي فعلا عاوزة تتربي من أول وجاديد وما اكونش راوية اما أكونِش أربيكي من تانيْ...
هتفت سلافة:
- أنا متربية أحسن منك...
لتعاجلها راوية وهي ترفع يدها عاليا:
- اخرسي جطع لسانك....
وهوت بيدها على وجه سلافة لتسارع سلافة بالامساك بيدها قبل أن تحط على وجهها، وهي تصرخ فيها هاتفة:
- قطع ايدك ولسانك ورقبتك كمان!!!!!...
ودفعتها بقوة ولكنها لم تكن بالقوة التي جعلتها تترنح وتشحب وتهتف بما جعل سلافة تعرف لما أوشكت حماتها العتيدة على الاغماء اذ هتفت الأخيرة بتعب زائف ووهن مصطنع:
- الحجني يا غيث، الحجني يا ولدي!!!...
لتشهق سلافة وتلتفت الى غيث الذي تكاد النار تخرج من عينيه وهو يهرع الى والدته فيما تحرقها هي نيران غضبه:
- أمي...
أسندها غيث وأجلسها الى الأريكة، اقتربت منه سلافة وقالت وهي تشير الى حماتها التي تمادت في تمثيل دور الضحية:
- غيث... هي اللي كانت عاوزة تضربني.. صدقني يا غيث أنا مش....
ليهدر بها صارخا:
- اخرسي!!!... أني شوفتك يا سلافة، نضرتك كيف زجِّيتيها لمن كانت هتنكفي على وشّها...
راوية بوهن مصطنع:
- بجه أني برضيكي عضربك يا مرات ولدي؟.. أني يا بني كل اللي جولتهولها ليه شكلك جلجان إكده؟... عديك ع اللي حوصل لي بعدها، ما خولصتش يا بني!!..
سلافة بهتاف منفعل:
- كدابة!!!!!!!!!...
ليصرخ غيث وهو يرفع يده عاليا:
- سلااااااااافة!!!!!!!!!...
شهقتها كانت هي من أوقفت يده في الهواء قبل أن تحط على وجهها، طالعته سلافة وهي تضع يديها الاثنتين على فمها وتهز برأسها مرارا من اليسار الى اليمين في عدم تصديق لما كان غيث على وشك فعله قبل أن تهتف من وسط ذهولها:
- مش ممكن.. حصلت انك ترفع ايدك عليا يا غيث؟!!
غيث بضراوة:
- وأضربك بالمركوب كومان لمن ألاجيكي بتمدي يدّك على أمي!!!!
ليتعالى صوت من أمام باب الغرفة المشرع يقول بجدية وحزم:
- مش بنت رؤوف الخولي اللي تتضرب يا ابن أخويا!!.. وان كنت أنت معرفتش قيمتها فجه الوقت اللي تعرفها فيه!!!!....
لتهتف سلافة عاليا وهي تهرع مجتازة غيث الذي نظر الى عمه الواقف وقد تلقف ابنته الباكية بين أحضانه فيما هرب الدم من وجه غيث ولكنه أبى الانكسار ووقف بشموخ يطالع عمه بثقة ويقول:
- حمد لله على السلامة يا عمي، ماعالهشي، ما كونيش أحب أنه استجبالكم يكون إكده....
أجاب رؤوف في حين ارتمت سلافة بين ذراعي ألفت فيما ربتت سلمى على ظهرها بينما اتجه شهاب بخطوات سريعة ليقف بجوار شقيقه مقطبا:
- وأهو استقبالكم حصل يا ابن اخويا....
صوت الجد قاطعهم وهو يهتف بسعادة ترافقه الجدة:
- حمد الله على السلامة يا رؤوف يا ولدي....
بعد أن عانقه رؤوف مقبلا يديه ورأسه هو وأمه وحذت حذوه ألفت، انتبه الجد للوجوم الذي يعتلي الأوجه ليقف متسائلا بجدية:
- فيه إيه يا ولاد؟.. ايه اللي حوصل؟.. سلافة... انتي وشّك أحمر إكده ليه؟.. انتي باكية؟..
لتنخرط سلافة في بكاء حار آخر وترتمي بين ذراعيه بينما كان رؤوف هو من أجاب وهو يحدج غيث بصرامة:
- بعد إذنك يا حاج.. أنا هاخد مراتي وبناتي ونرجع مصر، زيارتنا ليكم خلصت لغاية كدا!!!!!!!
لتتعالى شهقات الاستنكار والاستهجان من الجميع عدا واحدة فقط ارتسمت على وجهها ابتسامة تشف خالصة، أخفتها ببراعة كي لا ينتبه إليها... وكيف لا وهي الحية الرقطاء... راوية!!!

- يتبع –

 
 

 

عرض البوم صور منى لطفي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغيآب, كبـير
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:49 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية