كاتب الموضوع :
منى لطفي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جوازة.. نت!!... رواية بقلمي/ منى لطفي...
وقف احمد أمام منزلهما، التفت الى سيف الشارد بنظره بعيدا ولكن من يدقق يعلم انه شاخصاً ببصره....خلفه! قال احمد بابتسامة:
- حمدلله على السلامة يا بوس، ثم التفت الى الخلف حيث منة والتى افاقت ما ان وقفت العربة قائلا:
- حمدلله على السلامة يا منون..
فركت منة عينيها فكانت أشبه بالاطفال مما رسم ابتسامة حانية على شفاه سيف ونظر اليها من المرآة نظرة شغف لم ينتبه اليها أحد، وسمعها وهى تقول بصوت ناعس بتلقائية:
- الله يسلمك يا أبوحميد...
عبس سيف وتمتم بحنق:
- أبو حميد ومنون، وانا يا باش مهندس!!...، لا لا لا الموضوع كدا مش نافع!...
كانت منة قد نزلت من السيارة يتبعها احمد عندما انتبه سيف من شروده ونزل هو الآخر، ثم نادى احمد عاليا:
- احمد!، التفت احمد اليه وكان على بُعد خطوتين من بوابة العمارة، تقدم سيف اليه وانتحى به جانبا وهو يقول بصوت خفيض:
- انا عاوز أقابل والدك!..
كان احمد عاقدا جبينه أول الامر متسائلا عن سبب مناداة سيف له، وما ان سمع منه رغبته في مقابلة والده حتى انفرطت العقدة وارتفع حاجبيه الى اعلى وهو يقول:
- تقابل الوالد؟، ليه فيه حاجه؟..، ثم استدرك قائلا:
- آسف طبعا ما أقصدش، دا بيتك يا سيف، بس اصلي استغربت...
سيف بنزق:
- وايه وجه الاستغراب؟!، انا عاوز افاتح والدك في موضوع ارتباطي بمنة..
قال احمد بتردد:
- ايوة يا سيف، بس مش كنا اتفقنا اننا هنفاتحها في الموضوع الاول قبل ما تتقدم رسمي؟، ثم تابع محاولا اقناعه بينما الاخر كان يهز برأسه نفيا :
- يا بني افهمني وبلاش نشوفية الدماغ دي، اذا كانت لما بتكلمك كأنها عسكري في الوحدة بتكلم القائد بتاعها، عاوزنا مرة واحده كدا نقولها اتقدم لك وعاوز يخطبك؟، تيجي ازاي؟، هيبقى الرفض هو الجواب المنطقي الوحيد، اختى وانا عارفها، رافضة كلمة جواز ، ويوم ما نقولها عريس ونحاول نقنعها يبقى انت!!....
قال سيف بثقة مطلقة:
- مالكش دعوه، خليني بس اقابل والدك وانا كفيل باقناعها...
حرك احمد كتفيه بقلة حيلة واشار اليه ليتقدمه قائلا:
- انت حر، اتفضل...
كانت منة قد سبقتهما الى المنزل، وكانت تتبادل القبلات مع امها وابيها وكأنها كانت غائبة لمدة شهر وليس لسويعات قليلة برفقة أخيها، عندما سمعت صوت احمد يدعو سيف للدخول، قطبت منة بحيرة متمتمة:
- ودا وقته يا احمد؟، والتاني دا مش تعبان يروح يرتاح؟!..
افاقت من شرودها على صوت والدها وهو يرحب بضيف ابنه في حين انسحبت هي الى غرفتها تاركة والدتها تنادي أم محمود لتأتي بواجب الضيافة....
كانت منة تريد الاغتسال لازاحة تعب السفر ولكنها لم تستطع لوجود سيف، فآثرت الانتظار الى ان يرحل، وبدلا من ذلك خلعت حجابها وأطلقت شعرها ليستريح منسدلا حتى خصرها، كانت ترقد فوق فراشها الوردي، عندما سمعت صوت طرقات على الباب تبعه دخول والدتها وهي مبتسمة، اعتدلت منة جالسة ونظرت بابتسامة الى وجه والدتها السعيد وقالت:
- ايه الخطوة السعيدة دي يا توفي!، الاودة نورت...
اتجهت والدتها اليها واقفة أمام الفراش وقالت بحنان امومي:
- عقبال ما أزورك في بيتك يا حبيبتي..
قطبت منة وقامت من مكانها متجهة الى والدتها وقالت وهى تحيط كتفيها بذراعها البضّ:
- ليه بس يا توفي؟!، انا مهما كان بنتك حبيبتك بردو، ليه عاوزة ترميني في النار بإيديكي بس؟!...
شهقت امها عاليا والتفتت اليها ناظرة اليها باستنكار تام وهو تهتف زاجرة اياها:
- ايه اللي انت بتقوليه دا يا بنتي؟، النار؟!، اعوذ بالله، دي سُنّة الحياة حبيبتي...
قلبت منة عينيها الى اعلى ثم حاولت رسم ابتسامة على شفتيها الورديتين وقالت بمزاح خفيف:
- خلاص ولا تزعل يا جميل،مش نار.....مايّة!!، بس بردو مشكلة!، انا في العوم مش أوي، يعني هغرق في شبر مايّة!!، شوفتي المصير واحد في الآخر...سواء نار او مايّة!!...
قالت امها وهى تضربها بخفة على يدها المحيطة بكتفيها:
- انا عاوزة اعرف انت بتجيبي الردود دي منين؟، ربنا يكون في عونه.. دا هو اللي هيكون وقع ولا حد سمى عليه..
ابتعدت منة عن امها قليلا واجابت:
- طيب كويس علشان ياخد باله وما يقعش!، عموما الكلام دا سابق لأوانه، يعني شايفه العريس واقف على الباب؟!...
شهقت امها قائلة:
- شوفتي الكلام خدنا ونسيت!، اتفضلي روحي لباباكي في الصالون...عاوزك..
قالت منة مقطبة بحيرة:
- عاوزني؟، وبابا عاوزني في الصالون ليه؟، وبعدين مش فيه ضيف معاه هو واحمد؟
زفرت الام بضيق قائلة:
- جرى ايه يا منة، هو محضر؟، روحي شوفي بابا عاوز ايه، ياللا اتفضلي...
رفعت منة يدها الصغيرة وقالت:
- طيب طيب طيب، قلبك ابيض يا أم احمد، رايحه أهو....
ووضعت وشاحها الذي سبقت وأن خلعته لتستر به خصلات شعرها الحريري، وغادرت مرافقة والدتها والتي حاولت معها لتبدل ثيابها بأخرى نظيفة، ولكنها عاندت وأصرت على الذهاب لرؤية والدها بنفس ثيابها فما الداعي للتبديل وارتداء ثيابا جميلة؟، فهي قد انصاعت لرغبة والدها لموافاته الى غرفة استقبال الضيوف بصعوبة، نظرا لوجود سيف هناك، انها لا تعلم لما لا تستطيع التصرف بطبيعية معه، بل وكأنها تخشى شيئا فما ان يتواجد بالقرب منها حتى تسارع باختلاق الأعذار لتتسلل هاربة من امامه، ولكم حمدت ربها لمرافقة شقيقها اليوم في رحلتهما، تلك الرحلة التى تعتقد اعتقادا كبيرا أنها لم ترُق لـ...سيف!..
انتبهت من شرودها على صوت والدتها يحثها للاسراع للحاق بوالدها..
طرقت منة الباب فسمعت صوت والدها الحاني يدعوها للدخول، دخلت تاركة الباب خلفها مفتوحا....
اتجهت منة الى والدها الذي أشار الى كرسي مذهب بجواره كباقي طقم الجلوس ، جلست منة وهى تنظر الى اخيها الجالس على الاريكة الفخمة بجوار سيف بتساؤل فرفع حاجبيه الى اعلى بمزاح، بينما لم تفوتها نظرات سيف المتلهفة!!...
وجه الأب حديثه الى ابنته بلهجة حانية:
- بصي يا منة يا حبيبتي الباش مهندس سيف هيتكلم معاكى شوية، يا ريت تسمعي منه كويس الأول قبل ما تقولي رأيك!..
ثم وقف الوالد يتبعه احمد ووقف كلا من سيف ومنة احتراما بينما منة عاقدة جبينها في حيرة وتساؤل، واثناء مرور احمد من امامها للانصراف قرصها في وجنتها بمزاح قائلا بمشاغبة بينما عيناه تلمعان من فرحته لرؤية صغيرته وقد أضحت عروس يخطب ودها الآخرون:
- والله وكبرت يا منونتي...، ما ان هم بالابتعاد تاركا منة غارقة في حيرتها حتى وصل الى اسماعه صوت سيف يقول بخفوت كي لا يسمعه الباقيين بلهجه عادية في ظاهرها ولكنها تحمل رنة تحذير مبطن:
- مد ايدك عليها تانى وانت تشوف شغلك!!، ومنونتي دي هعرفك ازاي انها تبقى منونة واحد بس!...
احمد بمرح واضعا يده بجانب فمه:
- خلي بالك انت لسه ع البر، وانا بكلمة مني ممكن اخليك ما تطولش اللي انت هتتجنن عليه دا!، روّق كدا وما تزعلنيش..
سيف بمزاح زائف:
- لالالا كله الا زعلك، احنا طالبين الرضا...
قال احمد بجدية مصطنعه وهو يقف معتدا بنفسه:
- ايوة كدا، ناس تخاف ماتختشيش بصحيح!،
قاطع جدالهما المرح صوت الوالد مناديا لأحمد الذي سرعان ما لحق به تاركيْن منة وسيف بمفردهما، والتي شعرت وكأنها كالطفلة التي تركها والدها في اول يوم لها بالمدرسة منصرفا، فكانت على وشك النداء عليه، علما بأن الباب مشرعا على مصراعيه وان عائلها تقبع على بعد خطوات منهما...
أشار سيف لمنة بالجلوس فجلست حيث الكرسي خلفها، جلس سيف وانتظرت منة سماع ما يريد قوله، بينما كان سيف يراقبها وابتسامة حنان صاف ترتسم على شفتيه فتقلل من حدة فمه الحازم، يطالعها بنظرة توْق وشغف تلمع في مقلتيه لتشعل فحم عينيه..
هزت منة بقدمها بحركة لا ارادية، وهي تقول في نفسها:
- ايه يا عمّنا، هو الموضوع عويص أوي كدا؟!، وبعدين موضوع ايه اللي عاوز يكلمني فيه؟، لا وبابا وأحمد موافقين!..
تكلم سيف بصوته الرخيم قائلا:
- عجبتك الرحلة انهرده؟..
نظرت منة اليه واجابت بهدوء:
- آه، كانت ظريفة، واحلى حاجه ان الشغل عجبهم، ثم سكتت قليلا لتتابع بعدها وقد انفرجت اساريرها وقد توصلت اخيرا في رأيها لسبب انفراده بالحديث معها:
- هو دا الموضوع اللي عاوز تكلمني فيه؟
قطب سيف وقال مستفهما:
- موضوع ايه؟
اجابت منة بحماس:
- المشروع اللي احنا الاتنين شغالين عليه سوا!، لم تنتظر سماع اجابته واندفعت موضحة:
- عموما ما تقلقش، عن نفسي الجزء الخاص بيا من المشروع هخلصه بسرعة، وأي شيء هحتاج أعرفه هسأل غادة، هي طلبت مني دا...
قطب سيف قائلا:
- غادة؟.. ثم ابتسم متابعا بسخرية طفيفة:
- انا شايف انكم بئيتوا اصحاب بسرعه يعني؟
اجابت منة بتلقائية:
- هي بصراحه شخصية حبوبة وظريفة وانا ارتحت لها، وهى اللي طلبت منى نشيل الرسميات، بيني وبينك انا مش بحب التكلف في الكلام!...
عاجلها سيف هاتفا:
- ايش معنى انا اللي مصرة على التكلف معاه في الكلام؟!..
اندهشت منة وقالت بارتباك خفيف:
- أفندم؟...
مال سيف بجذعه باتجاهها وقال بجدية ناظرا الى عمق عينيها اللوزتين:
- بقول ليه انا اللي مصرة تحطي حاجز بيننا؟، ليه مش عاوزة تشيلي الرسميات؟، مع العلم انك بتتصرفي عكس كدا مع الكل؟
ضحكت منة ضحكة خفيفة مضطربة وقالت وهى تحاول الهروب من حصار عينيه اللتان تثيران فيها مشاعر تختبرها لأول مرة:
- وانا أظن سبق وقلت لك سبب انى بكلمك بالاسلوب الرسمي دا!، انا مش شايفه فيها حاجه بصراحه تخليك بالحدة دي!، انت مديري، واكبر مني بـ 8 سنين ، وبعدين عادي يعني، فين المشكلة؟
أجاب سيف بحزم وهو يطالعها بنظرات قوية جعلت عيناها اسيرة شعاع عينيه الذي جعل خافقها يضرب بين جنبات صدرها بقوة حتى غدا كالعصفور الحبيس:
- المشكلة انه مينفعش واحده تقول يا باش مهندس وتتكلم رسمي اوي كدا مع الشخص اللي هيكون...جوزها!!..
فغرت منة فاها دهشة وفتحت عينيها على وسعهما وهى تكرر كالبلهاء:
- ايه؟،.......جوزها!!...، ثم عبست متسائلة:
- جوز مين؟!،،
ابتسم سيف ابتسامة صغيرة مجيبا:
- هو فيه حد غيرنا هنا؟..
نظرت اليه منة مصعوقة من اجابته، بينما كان يلوم نفسه فهو لم يكن من ضمن خططه مفاتحتها بأمر ارتباطهما بهذا الشكل ولكنها هي مَن تُثير أسوأ ما فيه، زفر بعمق واغلق عينيه لثوان ثم فتحهما ناظرا اليها بقوة وقد قرر طرق الحديد وهو ساخن فدائما كان مبدأه الوصول الى هدفه بأقصر الطرق وفي رأيه الاسلوب المباشر هو الحل الأمثل فهو لا يستسيغ المحاورة والمداورة في الكلام، وجه اليها الكلام متحدثا بجدية بينما تطالعه هي بذهول بالغ وكأنها أمام كائن خرافيّ:
- بصي يا منة، المعروف ان أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم...،... صمت قليلا ليتابع ناظرا بعمق الى بحر عينيها الذي يموج بانفعالات شتى الآن:
- منة انا عاوز أتجوزك....، رأيك ايه؟، نظرت اليه منة وكأنها لا تفقه ما يقول وسرعان ما ترجم عقلها العبارات التى سمعتها أذنيها ووجدت نفسها تردد كالبغبغاء:
نعم؟...تتـ.....ايه؟،تتجوزني؟؟. ، أومأ برأسه ايجابا وقد برقت عيناه بعزم لا ينضب وقال بنبرة لا تحتمل المزاح:
- أيوة، وأحب أعرفك انى مش هقبل كلمة.. لأ!....،
نظرت اليه بسكون تام وعلامات الذهول وعدم التصديق ترتسم على وجهها بوضوح، بينما يعمل عقلها بكامل طاقته مفتشا عن اجابة لسؤال يراودها:
- تُرى هل هذه المزهرية المصنوعة من مادة البورسلين جيدة الصنع حقا أم أنها وعند أبسط احتكاك ستتكسر الى قطع صغيرة؟!، فهناك هاجس يلح عليها باختبار اناء الورود هذا على أمِّ رأسه!..، أو ربما شيء آخر!، كأن تصرخ الآن متهمة اياه بمحاولة التعدي عليها!،قطبت متسائلة في صمت:
- تُرى أيّهما الوسيلة المثلى للرد على هذا المجنون؟!، ولكن... مهلا... أليس كلامه في حد ذاته بل وتهديده الصريح برفضه لسماع أي رأيٍّ آخر خلاف موافقتها يعدُّ ضربا من الجنون؟!، إذن... فلن يلومها أحد أن اختبرت أيًّا من الحلّيْن؟، فالأمر كله جنون في جنون!!......
- يتبع -
وخلصت الحلقة هههه ايه رأيكم بمفاجأة سيف اللي راح كان ينجلط بسببها؟؟.. ومفاجأة منة بآخر الحلقة؟؟؟... يا ترى هتنفذ فيه فعلا الحل الاجرامي اللي فكرت فيه؟؟ ههههههه بنعرف شو بيصير بالحلقة الجاية في انتظار ردودكم وتوقعاتكم يا قمرات اموووواه...
|