كاتب الموضوع :
منى لطفي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جوازة.. نت!!... رواية بقلمي/ منى لطفي...
الحلقة العاشرة:
لم تعلم منة كم مرّ من الوقت وهي على حالها أمام جهاز الحاسوب الشخصي الخاص بسيف ، كانت كالتمثال في مكانها، لا تنظر الى أيٍّ من بنتيها اللتان ركضا اليها مطالبينها باللعب معهما، كانت نظراتها شاخصة على الكلام الظاهر أمامها في الشاشة، وكأنها استحالت الى صنم، لا شيئ يُظهر أنها كائن حي سوى دمعة وحيدة يتيمة نزلت من عينها لتلمع على وجنتها القشدية...
انتبه البنتان إلى صوت قفل الباب ثم خطوات أبيهما وهو ينادي بلهفة كعادته دائما:
- هَنايا، فرحي، مُنايا، انتو فين يا أغلى حاجه عندي....
دائما ما كان ينادي بناته بذلك، فقد أسرّ لمنة أن سبب تسميته لهما بـهَنا وفرح أنهما.. هنائه وفرحه، أما هي فـ... مُناه!!
دخل سيف الى غرفة الجلوس ليشاهد طفلتيه مفترشتين أرض غرفة الجلوس يلعبان بدُماهما، اقترب منهما ولم يكن قد انتبه بعد الى تلك القابعه خلف حاسوبه الشخصي وكأنها تمثال من الشّمع!!...
مال فوق طفلتيه وقال بابتسامة:
- حبايب بابا بيعملوا ايه؟، نظرتا اليه وقد ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهيهما الملائكي واندفعا الى احضانه بقوة طرحته أرضا على ظهره بينما تعالت صدى ضحكاته وهو يسمعهما يقولان بلهجتهما الطفولية المحببة:
- بابااااا، وحثتنا اوي اوي يا بابا ، ليحتويهما بين ذراعيه ويفترشا صدره بينما يقول بحب طاغ:
- وانتو وحشتوني اوي اوي يا حياة بابا، اومال فين ماما؟، وقبل أن تجيب أيّ منهما ، لاحظ جلوس منة امام الطاولة المنزوية في ركن غرفة الجلوس، اعتدل في جلسته ليقف وهو يحمل كلا من ابنيته على ذراع وقال بابتسامة حائرة وهو يتجه ناحية منة:
- اللاه.. منة انتِ هنا؟، انا ما اخدتش بالي منك اول ما دخلت؟، لم تجبه، بل لم يطرف لها رمش، قطب جبينه في حيرة وتساؤل:
- منة حبيبتي... فيه حاجه؟، مالك حبيبي؟،......مالت فرح على أذنه وهمست كمن يسرّ له أمرا:
- ماما ثحلانه مننا، بث أنا ليشي دحوه، هَنا هي اللي قالت لي نلعب كيمس ( جِيمز )، واحنا قلنا لها كتيييْ اننا آثفين بث هي لثه ثحلانه!!..
ازداد عبوس سيف ولكنه ابتسم لأبنتيه وقال وهو يضعهما أرضا:
- طيب حبايبي روحوا العبوا في أودتكم دلوقتي ..، وقبّلهما ليركضا الى غرفتهما بينما تطلع هو الى منة القابعة في مكانها بجمود تام وكأنها ليست معهم...
اقترب سيف منها قائلا حيث كانت خلفية الحاسوب في مواجهته بينما استدار ليقف بجوارها مواجها لشاشة الحاسوب والتي لم يكن قد انتبه اليها بعد:
- ايه يا منون، انت زعلانه من البنات فعلا؟، يا شيخه دول أطفال سيبيهم يلعبوا انتـ.....، ليبتر عبارته عندما فوجيء بصفحة الرسائل الخاصة به في حسابه الشخصي على موقع الفيس بوك، وتحديدا الرسائل الخاصة بـ "قلبي دليلي"، أحد الاصدقاء لديه!!....
ترنح سيف في وقفته وانحسر اللون من وجهه ونقل نظراته بين وجه منة الشاحب والذي يحاكي شحوب الموتى وبين العبارات المصفوفة أمامه بكل بساطة، نسي الكلام لوهلة، فتح فمه كثيرا ليتكلم فكان كالسمكة التي علق بفمها صنارة الصيّاد، وكـأن صوته قد غادره، حتى أذا ما وجده تكلم بصوت مهزوز وهو ينظر الى منة بعينين مذعورتين مملوءتين بالتوسل والرجاء الحار:
- منة...، منة حبيبتي، منة الموضوع مش زي ما انت فاهمه!، منة أنا هفهمك،...، ولكن .. لا حياة لمن ينادي، رفع يده ليضعها على كتفها وهو يلحّ عليها بينما بدأت عيناه تمتلئان بدموع حارة أبت أن تنسكب:
- منة أنا هشرح....، وكأن مسّا كهربائيا قد لمسها، اذ انتفضت في جلستها لتطالعه بنظرات شرسة وهى تنفض يده من على كتفها هاتفة بغضب قوي:
- ابعد عني، اوعى تلمسني!!...، ..هبّت واقفة تنظر اليه بمنتهى الغضب والحقد و.....الأسى!!، وقف سيف على بعد خطوات منها وقال بصوت مترجٍ مستعطف:
- منة، منة ارجوك اديني فرصة أتكلم...، نظرت اليه وعينيها تسبحان بدموع عتاب ولوم وتكلّمت بلوعة من بين شفتين مرتجفتين:
- ليه؟، .... لم تعطِه الفرصة للاجابة وتابعت وسط دموعها التي انهمرت تغسل وجنتيها الشاحبتين وعينيها تقتلانه بنظرات لوم وعتاب:
- ليه يا سيف؟، ليه؟،.. أنت يا سيف؟، ... انت يا سيف تخونني؟، خـ... خيانة....خيانة يا سيف؟، .......وغطت وجهها براحتيها منخرطة في بكاء عال وهى تتردد من بين شهقات بكائها الحار:
- أنا.. مش مصدقة، مش مصدقة!! ، اندفع سيف اليها راجيا وهو يحاول ازاحة يديها جانبا :
- منة الموضوع مش زي ما انت فاهمه، مافيش خيانه ولا أنا اقدر اخونك..، انت عارفة أنا بموت فيكي أد ايه وبعشق بناتي، لا يمكن أخونك يا منة!! ، نفضت يديه الممسكتين براحتيها بقوة وقالت بينما انتفض شعرها ثائرا حول وجهها وهى تواجهه بغضب الأنثى المطعونة بيد حبيبها:
- أومال اللي انا شوفته وقريته و..... وسمعته يا سيف... دا يبقى ايه؟!!...
هتف سيف بيأس:
- مش خيانة!، أنا مش ممكن أخونك أبدا...دا....،
لتقاطعه منة بتحد:
- دا ايه يا سيف؟،
أجاب بلهفة حارقة لجعلها تتفهم ما يقوله:
- دا..دا..... نِـتْ!!....
عبست منة وسكتت لثوان وكأنها لم تسمع جيدا، ثم نظرت اليه عاقدة حاجبيها مكررة عبارته الاخيرة بحيرة وتساؤل:
- دا ... إيه؟، نـِتْ!...، ليوميء برأسه ايجابا وهو يهتف برجاء:
- أيوة حبيبتي، دا.. نت!!، لتخرج عن طورها وهي تصرخ عاليا بقلب مجروح يرفرف كالطير المذبوح الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بين جنبات صدرها:
- إيه؟، انت بتقول ايه؟، يعني ايه دا...نـِتْ؟!،...
اقترب منها سيف عاقدا أصابعه وهو يقول محاولا تهدئتها:
- اهدي بس يا منة واسمعيني، انا عمري ما لمست واحده غيرك،ولا...ولا قابلت حد من وراكي، انا عمري ما خنتك!..
لتهتف به بغضب صارخ:
- والهانم اللي انت متجوزها دي ان شاء الله كنت بتعمل معاها ايه؟، ايه بتتكلم معاها أخوّة؟، و.....، - سكتت لا تعرف كيف تنطقها ولكنها لفظتها كمن يبصق شيء بذيء من بين شفتيه – والـ... المناظر المقززة اللي انا شوفتها دي معناها ايه؟، لا تكون بئيت دكتور نسا وانا معرفش!!....
صرخ سيف بانفعال فاقدا لتماسكه فهو يرى حبيبته في أقصى درجات الانهيار بسببه هو!، بسبب نزوة طيْش أصابته في لحظة وسوس له فيها شيطانه مزيًّنا له الخطيئة في لحظة ضعف كان يعاني فيها من ابتعاد حبيبته عنه وانشغالها بأمر التوأمين!...كانت علاقته بتلك الأخرى قد بدأت كأي إثنان يتعرفان عن طريق الانترنت عبارة عن محادثات فقط ولكن ليتطور الأمر بعد ذلك الى ما لا يحمد عقباه!!، صرخ سيف هاتفا:
- افهمي، كل اللي انت بتقولي انك قريتيه وشوفتيه دا نزوة، انا غلطت بعترف بـكدا، لكن دي مش خيانه، بلاش الصورة البشعة اللي انت بتصوريها بيها دي، انا الست دي ما شوفتهاش ولا قابلتها خالص، كله نت في نت!!....
نظرت اليه منة قاطبة بصمت قليلا قبل ان تنفجر في ضحك هستيري بينما دموعها تلطخ وجهها وهو يطالعها بنظرات ذاهلة، وقلبه يتخبط بين جنبات صدره خوفا على حبيبته التي تكاد تفقد صوابها، هدأت بعد قليل وقالت من بين ضحكاتها الصغيرة:
- دا ... نِـت!،... بجد؟، يعني الموضوع عادي!، ... وتابعت باستخفاف وسخرية:
- ما هو طالما ما تقابلتوش في الحقيقة يبقى خلاص، انت ما خُنتش!، واللي حصل دا مش مشكلة، ما هو أصلك لازم تمسكها بين ايديك علشان يبقى اسمك خنتني، لكن القرف اللي انا شوفته دا عادي كأني بتفرج على فيلم سيكس!، هو فيه سؤال معلهش يعني... هو ايه اللي خلاك تتجوزها بورقة ع النت؟، ايه عاوز علاقتكم تبقى شرعي؟!!...
زفر سيف بيأس وأجاب:
- منة... أرجوك، افهميني ، بقولك دي نزوة، طيش، لكن مش خيانة، وبعدين انت قلتيها.. دي جوازة عن طريق النت!... وهو فيه حاجه اسمها جواز..نت؟!، لعبة سمِّيها، أي حاجه ، لكن خيانه ...لأ!!..
صمتت منة لبرهة ثم تحدثت وهى لا تكاد تصدق ما تسمعه منه محركة رأسها مرارا من اليسار الى اليمين:
- لا...لا لا لا، انت مش ممكن تكون سيف، انت...انت بتبرر الغلط؟، .. ثم واجهته بقوة قائلة وهى تنظر اليه في عينيه بتحد صارخ:
- يعني لو كنت لاقيتني بتكلم مجرد كلام بس على النت كنت هتتقبل الموضوع عادي؟، ما هو خلاص بقه.... دا.. نِتْ!!...
اقترب منها سيف بخطوتين وقبض على ذراعيها بقوة وهو يتكلم من بين أسنانه في غيظ شديد:
- اوعي أسمعك تقولي كدا تاني، فاهمه؟، واوعي ... اوعي تفكري ترديهالي يا منة...لأنك بجد عمرك ما هتتصوري عقابي هيكون شكله ازاي؟!...، جذبت ذراعيها بقوة آلمتها من بين قبضتي يديه التي غدت كالكماشة وهتفت بحدة قوية:
- لكن أنا بقه عارفة عقابي أنا ليك شكله إزاي!!،،،،،ثم ابتعدت عنه متجهة الى باب الغرفة والذي كان قد أغلقه خلف بناته في وقت سابق وفتحته بقوة حتى ارتطم الباب بالحائط خلفه بينما هو واقف يحدق فيها بحيرة وذهول فيما وقفت امامه تقول بعنفوان بالغ قبل ان تخرج:
- من اللحظة دي يا باش مهندس... عقابي ابتدا!!...
ليقطب سيف بتساؤل ودهشة في حين اتجهت الى غرفة بناتها منادية بصوت عال:
- هـنا... فرح...، لتسمع صوتهما فاتجهت الى غرفتهما لتراهما جالستان الى فراشهما يلعبان بدميتهما ، اتجهت اليهما وركعت بجوار الفراش على ركبتيها ومدت ذراعيها محتضنة إياهما بينما دموعها تترقرق في عينيها، وكأنهما شعرا بحزن أمهما، نظرت اليها هَنا قائلة بصوت يكاد يبكي بينما راحة يدها الصغيرة تمتد لتربت على وجنة أمهما فتمسح حزنها الواضح:
- احنا آثفين يا ماما... مث هنعمل كدا تاني... بث ما تذعليش...
احتوتهما بين ذراعيها بقوة وفرح تردد عبارات توأمها، بعد أن هدأت قليلا أبعدتهما عنها وقالت بابتسامة حاولت رسمها :
- ايه رأيكم... نروح نزور تيته وجدو، وتلعبوا مع مرام بنت خالو احمد، فرصة تقضوا معاها يومين قبل ما تسافر تاني مع باباها ومامتها، ليقفز الاثنتان بين احضانها فرحا مهللتيْن:
- هيييييه، هييييييييييه،.....، وقفت منة ونظرت اليهما قائلة:
- طيب حبايبي، نقعد ساكتين لغاية ما احضر الشنط.....
جلبت حقيبة جلدية من فوق خزانة الثياب الخاصة ببناتها وقامت بوضع ثيابهما وأشيائهما الضرورية كيفما اتفق، كانا يضعان معها العابهما ليلعبا بها مع مرام إبنة خالهما أحمد....
ما ان انتهت من وضع أشيائهما، أقفلت الحقيبة وحملتها متجهة الى باب الغرفة لتضعها هناك، ثم التفتت اليهما راسمة ابتسامة على وجهها وقالت:
- هروح أحضر شنطتي انا كمان، مش عاوزة شقاوة..
واتجهت الى غرفة النوم لتحضير لوازمها، فيما كان سيف جالسا في غرفة الجلوس ساندا مرفقيه الى ركبتيه دافنا وجهه بين راحتيه، وهو لا يصدق ما حدث، فهو في حالة ذهول صارخ، لا بد أنه يحلم!، لا أنه ليس بحلم.. بل هو كابوس فظيع!، يدعو الله أن يستيقظ منه عاجلا.....
تطلع الى الباب حيث اختفت منة، ثم قام متجها الى غرفة بناته ليغيّر طريقه في آخر لحظة متجها الى غرفة نومهما، فتح الباب ليقف مصعوقا وهو يراها تتحرك بهستيرية بين الخزانة والفراش حيث الحقيبة المفتوحة والتي ترمي بها ثيابها بعشوائية شديدة، وقف يتطلع اليها مبهوتا للحظات قبل ان يتقدم الى داخل الغرفة بعد أن اغلق الباب خلفه، لترفع عينيها اليه حيث كانت تضع اشيائها في الحقيبة، طالعته بتحد وقوة، ثم اعادت انتباهها ثانية الى ما تفعله، في حين تقدم سيف حتى وصل الى مقربة منها وتحدث بعد ثوان من الصمت فقد شعر أن صوته خانه مما يراه أمامه، ولكنه نجح في التحدث بالأخير وأن كان بحشرجة عالية ونبرة مشروخة وهو يتساءل في ذهول:
- إنتِ.... إنت بتعملي ايه؟، وقفت تطالعه قليلا ثم تابعت عمل ما بيدها وهي تجيب ببرود شديد:
- زي ما انت شايف!....
اتجه ناحيتها حيث أولته ظهرها واقفة أمام الخزانة تتابع إخراج ثيابها وقال بعدم تصديق:
- انت... انت بتلمي هدومك؟، هتسيبي البيت؟... التفتت اليه باندفاع وقالت بغيظ وسخرية:
- لا وانت الصادق... هنسيب البيت!!...
عقد سيف جبينه مرددا في دهشة وحيرة:
- ايه؟، هتسيبوا؟!....
تركته منة واقفا على حالته التي أصابها الذهول الحاد واتجهت لتضع ثيابها في الحقيبة وهى تجيب بسخرية:
- تمام، هنسيب البيت، علشان تبقى براحتك، عاوز.. نِت، عاوز بحق وحقيقي.. انت حُر، دي حياتك وانت حرّ فيها!!...
اتجهت الى الحمام الملحق بغرفتهما لتأتي بلوازمها الخاصة في حين وقف يطالعها مقطبا غير قادر على فهم ما صرحت به...
سار اليها حتى وقف على مقربة منها فيما هي منحنية على الحقيبة لتغلقها، ازدرد ريقه بصعوبة وسحب نفسا عميقا قبل ان يقول:
- منة، ممكن تفهميني ايه بالظبط اللي انت فاكره نفسك بتعمليه؟..
رفعت رأسها تطالعه بحدة واجابت بسخرية شديدة:
- فاكرة نفسي؟!، ثم اعتدلت واقفة ما ان انتهت من اغلاق الحقيبة وتابعت وهي تسحب نفسا عميقا:
- أظن سبق وقلت لك، انا وبناتي هنسيب البيت....
ليتقدم سيف بخطوات بطيئة مكررا عبارتها بتساؤل عاقدا جبينه بشدة فيما عرق ينتفض بقوة في صدغه دليل على غضبه الناري الذي بدأ يفور داخله:
- ومين اللي هيسمح لك ان شاء الله انك تعملي الجنان اللي بتقوليه دا؟...
صمتت منة قليلا قبل ان تتحدث ببرود ثلجي:
- انا مش بستأذن ولا بطلب السماح من حد أني أمشي!،...انا حرة نفسي ... والقرار اللي انا اخدته مافيش رجعة فيه!!...
وصل اليها ليطالعها بشرارات تتقافز من بين فحم عينيه المشتعل معيدا عبارتها:
- اللي قررتيه؟، اللي هو؟.....
نظرت اليه قليلا بنظرات مظلمة قبل ان تشدّ من نفسها متحدثة بجمود:
- حياتنا مع بعض مش ممكن تستمر...، ابتعلت ريقها لتحاول المتابعة بذات البرود والذي بدأ بالتصدع ولكن لا يزال ما قرأته وشاهدته ماثلا أمام عينيها، رفعت كتفيها ونظرت اليه متابعة بصوت خاوٍ:
- ط... طلقـ....، ليسارع بوضع يده فوق فمها مكمما اياه وهو يهتف بلوعة وغضب بينما بدأت العبارات بالتجمع في مقلتيها مهددة بالسقوط في أية لحظة:
- إوعي تنطقيها!، أبدا... أبدا يا منة، طول ما في صدري نفس، وطول ما أنا عايش.. عمري.. عمري ما هسمح انك تفارقيني لا إنت ولا بناتنا!!....
أغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما ناظرة الى عينيه السابحتين في غيمة من الدموع ، مدت يدا ترتجف مزيحة يده من على فمها وقالت بصوت أبحّ محاولة التماسك:
- مش هينفع يا سيف، للأسف.. أي حاجه ممكن أسامح فيها...إلّا.... الخيانة!!....
صرخ سيف بلوعة:
- انا ما خونتكيش افهمي!!..
لتصرخ عاليا وقد هطلت دموعها مغرقة وجهها الحزين الدامي:
- لا.. خنتني يا سيف!، ومع أحط انواع البشر، وبأقذر الطرق، انت مش بس خنتني إنت أغضبت ربك كمان!!، احنا خلاص يا سيف انتهينا...، سمعت... انتهينا !!، وأولته ظهرها منخرطة في نحيب عال وهى تحاول عدم اظهار صوت واضعة يدها على فمها....
اقترب منها سيف ورفع يدا مترددة ليمسك كتفيها بين يديه وهو يقول بترجي:
- منة، منة سامحيني، انا... انا غلطت...، بس هي جات لي في وقت انت كنت بعيدة عني فيه، البنات خدوكي مني، انت عارفة انت ايه بالنسبة لي، انا كنت بحس انى مش جوزك وبس لا وابنك كمان، انت كنت بتعمليلي كل حاجه، حتى هدومي انت اللي بتشتريهالي، ومرة واحده مالاقتكيش، هي دخلت لي في وقت كنت ضعيف فيه، لحظة ضعف يا منة سامحيني فيها وارحميني!!،..
التفتت اليه منة تطالعه مقطبة وأجابت:
- نعم؟، عاوز تقول ان أنا السبب!!..
هتف بها وهو يمسك بكتفيها جيدا بين يديه:
- لا ... انا بس بشرح لك السبب اللي خلاني أعمل كدا، انت عارفة ومتأكده انى مقدرش ابعد عنكم يوم واحد، انتو حياتي يا منة ، فاهمه يعني ايه حياتي ؟!...
تحدثت منة بصوت ميّت:
- وانت بإيدك نهيت حياتك دي!!.
ليصرخ سيف عاليا بينما قبضته تشتد على كتفيها:
- افهميني...، الموضوع أتفه مما تتصوري، الحكاية كلها هزار ولعب و....، لتقاطعه هي بسخرية ومرارة تقطر من بين أحرف كلماتها:
- وايه؟، نِت!!...
صمت فيما تابعت وهي ترتجف حزنا و...غضبا:
- قولي يا سيف، الموضوع دا من امتى؟، من امتى وانا نايمة على وداني يا سيف؟....
هرب سيف من عينيها وأجاب بتحشرج:
- من.... من سنتين!!..
|